والصرم حتى إذا نادمهم سيفه بكل كأس مرة الطعم ترى حمياها بهاماتهم تغور بين الجلد والعظم على أهازيج ظبا بينها ما شئت من حذف ومن خرم طاعوا له من بعد عصيانهم وطاعة الأعداء عن رغم وكم أعدوا واستعدوا له هيهات ليس الخضم كالقضم ومن قولنا في شبهه‏:‏ كم ألحم في أبناء ملحمة ما منهم فوق متن الأرض ديار وأورد النار من أرواح مارقة كادت تميز من غيظ لها النار كأنما صال في ثنيى مفاضته مستأسد حنق الأحشاء هدار لما رأى الفتنة العمياء قد رحبت منها على الناس آفاق وأقطار وأطبقت ظلم من فوقها ظلم ما يستضاء بها نور ولا نار تفوت بالثأر أقواماً وتدركه من آخرين إذ لم يدرك الثار فانساب ناصر دين الله يقدمهم وحوله من جنود الله أنصار كتائب تتبارى حول رايته وجحفل كسواد الليل جرار قوم لهم في مكر الليل غمغمة تحت العجاج وإقبال وإدبار يستقدمون كراديساً مكردسة كما تدفع بالتيار تيار من كل أروع لا يرعى لها جسة كأنه مخدر في الغيل هصار في قسطل من عجاج الحرب مد له بين السماء وبين الأرض أستار فكم بساحتهم من شلو مصرح كأنه فوق ظهر الأرض إجار كأنما رأسه أفلاق حنظلة وساعداه إلى الزندين جمار وكم على النهر أوصالاً مقسمة تقسمتها المنايا فهي أشطار قد فلقت بصفيح الهند هامهم فهن حوامى الخيل أعشار ومن قولنا في الحروب‏:‏ كأنما باضت نعام الفلا منهم بهام فوق أدراع تراهم عند احتماس الوغى كأنهم جن بأجراع بكل مأثور على متنه مثل مدب النمل في القاع يرتد طرف العين من حده عن عكوكب للموت لماع ومن قولنا في الحرب‏:‏ ورب ملتفة العوالي يلتمع الموت في ذراها إذا توطت حزون أرض طحطحت الشم من رباها يقودها منه ليث غاب إذا رأى فرصة قضاها تمضي بآرائه سيوف يستبق الموت في ظباها بيض تحل القلوب سوداً إذا انتضى عزمه انتضاها تتبعه الطير في الأعادي تجنى كلا العشب من كلاها أقدم إذ كاع كل ليث عن حومة الموت إذ رآها فرسان العرب في الجاهلية والإسلام كان فارس العرب في الجاهلية ربيعة بن مكدم من بني فراس بن غنم ابن مالك بن كنانة وكان يعقر على قبره في الجاهلية ولم يعقر على قبر أحد غيره‏.‏ وقال حسان بن ثابت وقد مر على قبره‏:‏ نفرت قلوصي من حجارة حرة بنيت على طلق اليدين وهوب لا تنفري يا ناق منه فإنه شريب خمر مسعر لحروب لولا السفار وطول قفر مهمه لتركتها تحبو على العرقوب وكان بنو فراس بن غنم بن كنانة أنجد العرب كان الرجل منهم يعدل بعشرة من غيرهم‏.‏ وفيهم يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأهل الكوفة‏:‏ من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب‏.‏ أبدلكم الله بي من هو شر لكم وأبدلني بكم من هو خير منكم‏.‏ وددت والله أن لي بجميعكم - وأنتم مائة ألف - ثلثمائة من بني فراس بن غنم‏.‏ ومن فرسان العرب في الجاهلية‏:‏ عنترة الفوارس وعتيبة بن الحارث ابن شهاب وأبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنة وزيد الخيل وبسطام بن قيس والأحيمر السعدي وعامر بن الطفيل وفي الإسلام‏:‏ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والزبير وطلحة ورجال الأنصار وعبد الله بن خازم السلمى وعباد بن الحصين وعمير بن الحباب وقطري بن الفجاءة والحريش بن هلال السعدي وشبيب الحروري‏.‏ وقالوا‏:‏ ما استحيا شجاع قط أن يفر من عبد الله بن حازم وقطري بن الفجاءة صاحب الأزارقة‏.‏ وقالوا‏:‏ ذهب حاتم بالسخاء والأحنف بن قيس بالحلم وخريم بالنعمة وعمير بن الحباب بالشدة‏.‏ وبينما عبد الله بن خازم عند عبيد الله بن زياد إذ دخل عليه بجرذ أبيض‏.‏ فعجب منه عبيد الله وقال‏:‏ هل رأيت يا أبا صالح أعجب من هذا ونظر إليه‏.‏ فإذا عبد الله قد تضاءل حتى صار كأنه فرخ واصفر كأنه جرادة ذكر‏.‏ فقال عبيد الله‏:‏ أبو صالح يعصى الرحمن ويتهاون بالسلطان ويقبض على الثعبان ويمشي على الليث الورد و يلقى الرماح بنحره وقد اعتراه من جرذ ما ترون أشهد أن الله على كل شيء قدير‏.‏ وكان شبيب الحروري يصيح في جنبات الجيش فلا يلوي أحد على أحد‏.‏ وفيه يقول الشاعر‏:‏ إن صاح يوماً حسبت الصخر منحدراً والريح عاصفة والموج يلتطم ولما قتل أمر الحجاج بشق صدره فإذا له فؤاد مثل فؤاد الجمل‏.‏ فكانوا إذا ضربوا به الأرض ينزو كما تنزو المثانة المنوخة‏.‏ ورجال الأنصار أشجع الناس‏.‏ قال عبد الله بن عباس‏:‏ ما استلت السيوف ولا زحفت الزحوف ولا أقيمت الصفوف حتى أسلم ابنا قيلة‏.‏ يعني الأوس والخزرج‏.‏ وهما الأنصار من بني عمرو بن عامر من الأزد‏.‏ العتبي قال‏:‏ لما أسن أبو براء عامر بن مالك وضعفه بنو أخيه وخرفوه ولم يكن له ولد يحميه أنشأ يقول‏:‏ دفعتكم عني وما دفع راحة بشيء إذا لم تستعن بالأنامل يضعفني حلمي وكثرة جهلكم علي وأني لا أصول بجاهل وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ رأى همدان وغناءها في الحرب يوم صفين‏:‏ ناديت همدان والأبواب مغلقة ومثل همدان سنى فتحة الباب كالهندواني لم تفلل مضاربه وجه جميل وقلب غير وجاب وقال ابن براقة الهمداني‏:‏ كذبتم وبيت الله لا تأخذونها مراغمة ما دام للسيف قائم وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم فهل أنا في ذا