معرفتك بعراب الخيل قال‏:‏ معرفة الإنسان بنفسه وأهله وولده‏.‏ فأمر بأفراس فعرضت عليه‏.‏ فقال‏:‏ قدموا إليها الماء في التراس فما شرب ولم يكتف فهو من العراب وما ثنى سنبكه فليس منها‏.‏ قلت‏:‏ إنما المحفوظ أن عمر شك في العتاق والهجن فدعا سلمان بن ربيعة الباهلي فأخبره‏.‏ فأمر سلمان بطست من ماء فوضع بالأرض ثم قدم إليه الخيل فرساً فرساً فما ثنى سنبكه وشرب هجنه وما شرب ولم يثن سنبكه عربه‏.‏ وقال حسان بن ثابت يصف طول عنق الفرس‏:‏ بكل كميت جوزه نصف خلقه أقب طوال مشرف في الحوارك وقال زهير‏:‏ وملجمنا ما أن ينال قذاله ولا قدماه الأرض إلا أنامله وقال آخر‏:‏ له ساقا ظليم خا ضب فوجئ بالرعب وقال آخر‏:‏ هريت قصير عذاب اللجام أسيل طويل عذار الرسن لم يرد بقوله‏.‏ قصير عذار اللجام قصر خده وإنما أراد طول شق الفم‏.‏ وأراد بطول عذار الرسن‏:‏ طول الخد‏.‏ وقال آخر‏:‏ بكل هريت نقي الأديم طويل الحزام قصير اللبب وقال أبو عبيدة يستدل على عنق الفرس برقة جحافله وأرنبته وسعة منخريه وعري نواهقه ودقة حقويه وما ظهر من أعالي أذنيه ورقة سالفتيه وأديمه ولين شعره‏.‏ وأبين من ذلك كله لين شكير ناصيته وعرفه‏.‏ وكانوا يقولون‏.‏ إذا اشتد نفه ورحب متنفسه وطال عنقه واشتد حقوه وانهرت شدقه وعظمت فخذاه وانشبخت أنساؤه وعظمت فصوصه وصلبت حوافره ووقحت ألحق بجياد الخيل‏.‏ قيل لرجل من بني أسد‏:‏ أتعرف الفرس الكريم من المقرف قال‏:‏ نعم أما الكريم فالجواد الجيد الذي نهز نهز العير وأنف تأنيف السير الذي إذا عدا اسلهب وإذا أقبل أجلعب وإذا انتصب اتلأب‏.‏ وأما المقرف‏:‏ فإنه الذلول الحجبة الضخم الأرنبة الغليظ الرقبة الكثير الجلبة الذي إذا أرسلته قال‏:‏ أمسكني وإذا أمسكته قال‏:‏ أرسلني‏.‏ وكان محمد بن السائب الكلبي يحدث‏:‏ أن الصافنات الجياد المعروضة على سليمان بن داود عليهما السلام كانت ألف فرس ورثها عن أبيه فلما عرضت ألهته عن صلاة العصر حتى توارت الشمس بالحجاب فعرقبها إلا أفراساً لم تعرض عليه‏.‏ فوفد عليه أقوام من الأزد وكانوا أصهاره فلما فرغوا من حوائجهم قالوا‏:‏ يا نبي الله إن أرضنا شاسعة فزودنا زاداً يبلغنا‏.‏ فأعطاهم فرساً من تلك الخيل وقال‏:‏ إذا نزلتم منزلاً فاحملوا عليه غلاماً واحتطبوا فإنكم لا تورون ناركم حتى يأتيكم بطعامكم فساروا بالفرس فكانوا لا ينزلون منزلاً إلا ركبه أحدهم للقنص فلا يفلته شيء وقعت عينه عليه من ظبي أو بقر أو حمار إلى أن قدموا إلى بلادهم فقالوا‏.‏ ما لفرسنا هذا اسم إلا زاد الراكب‏.‏ فسموه زاد الراكب‏.‏ فأصل فحول العرب من نتاجه‏.‏ ويقال إن أعوج كان منها وكان فحلاً لهلال بن عامر أنتجته أمه ببعض بيوت الحي فنظروا إلى طرف يضع جحفلته على كاذتها على الفخذ مما يلي الحياء فقالوا‏:‏ أدركوا ذلك الفرس لا ينزو على فرسكم لعظم أعوج وطول قوائمه‏.‏ فقاموا إليه فوجدوا المهر فسموه أعوج‏.‏ وأخبرنا فرج بن سلام عن أبي حاتم عن الأصمعي قال‏:‏ أغير على أهل النسار وأعوج موثق بثمامة فجال صاحبه في متنه ثم زجره فاقتلع الثمامة فخرجت تحف في متنه كالخذروف وراءه‏.‏ فغدا بياض يومه وأمسى يتعشى من جميم قباء‏.‏ وقال الشاعر في وصف فرس‏:‏ وأحمر كالديباج أما سماؤه فريا وأما أرضه فمحول قوله سماؤه‏:‏ أعلاه وأرضه‏:‏ أسفله‏.‏ يريد قوائمه‏.‏ وللطائي نظير هذا حيث يقول‏:‏ مبتل متن وصهوتين إلى حوافر صلبة له ملس فهو لدى الروع والحلائب ذو أعلى مندى وأسفل يبس أو أدهم فيه كمتة أمم كأنه قطعة من الغلس صهصلق في الصهيل تحسبه أشرج حلقومه على جرس وقال حبيب أيضاً يصف فرساً أهداه إليه الحسن بن وهب الكاتب‏:‏ ما مقرب يختال في أشطانه ملآن من صلف به وتلهوق بحوافر حفر وصلب صلب وأشاعر شعر وحلق أحلق ذو ألق تحت العجاج وإنما من صحة إفراط ذاك الأولق تغرى العيون به ويفلق شاعر في نعته عفواً وليس بمفلق بمصعد من حسنه ومصوب ومجمع في خلقه ومفرق قد سالت الأوضاح سيل قرارة فيه فمفترق عليه وملتقى صافي الأديم كأنما ألبسته من سندس ثوباً ومن إستبرق مسود شطر مثل ما اسود الدجى مبيض شطر كابيضاض المهرق