تصدر‏.‏ فسر على بركة الله أصحبك الله من عونه وتوفيقه دليلاً يهدي إلى الصواب قلبك وهادياً ينطق بالحق لسانك‏.‏ وكتب في شهر ربيع الآخرة سنة سبعين ومائة ببغداد‏.‏ صفة جياد الخيل كان رسول الله (ص) يستحب من الخيل الشقر‏.‏ وقال‏:‏ لو جمعت خيل العرب في صعيد واحد ما سبقها إلا أشقر‏.‏ وسأله رجل‏:‏ أي المال خير قال‏:‏ سكة مأبورة ومهرة مأمورة‏.‏ وكان عليه الصلاة والسلام يكره الشكال في الخيل‏.‏ ووصف أعرابي فرساً فقال‏:‏ إذا تركته نعس وإذا حركته طار‏.‏ وأرسل مسلم بن عمرو لابن عم له بالشام يشتري له خيلاً‏.‏ فقال له‏:‏ لا علم لي بالخيل‏.‏ فقال‏:‏ ألست صاحب قنص قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ انظر كل شيء تستحسنه في الكلب في الفرس‏.‏ فأتى بخيل لم يكن في العرب مثلها‏.‏ وقال بعض الضبيين في وصف فرس‏:‏ متقاذف عبل الشوى شنج النسا سباق أندية الجياد عميثل وإذا تعلل بالسياط جيادها أعطاك نائله ولم يتعلل سأل المهدي مطر بن دراج عن أي الخيل أفضل قال‏:‏ الذي إذا استقبلته قلت نافر وإذا استدبرته قلت زاخر وإذا استعرضته قلت زافر‏.‏ قال‏:‏ فأي هذه أفضل قال‏:‏ الذي طرفه إمامه وسوطه عنانه‏.‏ وقال آخر‏:‏ الذي إذا مشى ردى وإذا عدا دحا وإذا استقبل أقعى وإذا استدبر جبى وإذا استعر استوى‏.‏ وسأل معاوية بن أبي سفيان صعصعة بن صوحان‏:‏ أي الخيل أفضل‏!‏ قال‏:‏ الطويل الثلاث القصير الثلاث العريض الثلاث الصافي الثلاث‏.‏ قال‏:‏ فسر لنا‏.‏ قال‏:‏ أما الطويل الثلاث فالأذن والعنق والحزام‏.‏ وأما القصر الثلاث فالصلب والعسيب والقضيب‏.‏ وأما العريض الثلاث فالجبهة والمنخر والورك وأما الصافي الثلاث فالأديم والعين والحافر‏.‏ وقال عمر بن الخطاب لعمرو بن معد يكرب‏:‏ كيف معرفتك بعراب الخيل قال‏:‏ معرفة الإنسان بنفسه وأهله وولده‏.‏ فأمر بأفراس فعرضت عليه‏.‏ فقال‏:‏ قدموا إليها الماء في التراس فما شرب ولم يكتف فهو من العراب وما ثنى سنبكه فليس منها‏.‏ قلت‏:‏ إنما المحفوظ أن عمر شك في العتاق والهجن فدعا سلمان بن ربيعة الباهلي فأخبره‏.‏ فأمر سلمان بطست من ماء فوضع بالأرض ثم قدم إليه الخيل فرساً فرساً فما ثنى سنبكه وشرب هجنه وما شرب ولم يثن سنبكه عربه‏.‏ وقال حسان بن ثابت يصف طول عنق الفرس‏:‏ بكل كميت جوزه نصف خلقه أقب طوال مشرف في الحوارك وقال زهير‏:‏ وملجمنا ما أن ينال قذاله ولا قدماه الأرض إلا أنامله وقال آخر‏:‏ له ساقا ظليم خا ضب فوجئ بالرعب وقال آخر‏:‏ هريت قصير عذاب اللجام أسيل طويل عذار الرسن لم يرد بقوله‏.‏ قصير عذار اللجام قصر خده وإنما أراد طول شق الفم‏.‏ وأراد بطول عذار الرسن‏:‏ طول الخد‏.‏ وقال آخر‏:‏ بكل هريت نقي الأديم طويل الحزام قصير اللبب وقال أبو عبيدة يستدل على عنق الفرس برقة جحافله وأرنبته وسعة منخريه وعري نواهقه ودقة حقويه وما ظهر من أعالي أذنيه ورقة سالفتيه وأديمه ولين شعره‏.‏ وأبين من ذلك كله لين شكير ناصيته وعرفه‏.‏ وكانوا يقولون‏.‏ إذا اشتد نفه ورحب متنفسه وطال عنقه واشتد حقوه وانهرت شدقه وعظمت فخذاه وانشبخت أنساؤه وعظمت فصوصه وصلبت حوافره ووقحت ألحق بجياد الخيل‏.‏ قيل لرجل من بني أسد‏:‏ أتعرف الفرس الكريم من المقرف قال‏:‏ نعم أما الكريم فالجواد الجيد الذي نهز نهز العير وأنف تأنيف السير الذي إذا عدا اسلهب وإذا أقبل أجلعب وإذا انتصب اتلأب‏.‏ وأما المقرف‏:‏ فإنه الذلول الحجبة الضخم الأرنبة الغليظ الرقبة الكثير الجلبة الذي إذا أرسلته قال‏:‏ أمسكني وإذا أمسكته قال‏:‏ أرسلني‏.‏ وكان محمد بن السائب الكلبي يحدث‏:‏ أن الصافنات الجياد المعروضة على سليمان بن داود عليهما السلام كانت ألف فرس ورثها عن أبيه فلما عرضت ألهته عن صلاة العصر حتى توارت الشمس بالحجاب فعرقبها إلا أفراساً لم تعرض عليه‏.‏ فوفد عليه أقوام من الأزد وكانوا أصهاره فلما فرغوا من حوائجهم قالوا‏:‏ يا نبي الله إن أرضنا شاسعة فزودنا زاداً يبلغنا‏.‏ فأعطاهم فرساً من تلك الخيل وقال‏:‏ إذا نزلتم منزلاً فاحملوا عليه غلاماً واحتطبوا فإنكم لا تورون ناركم حتى يأتيكم بطعامكم فساروا بالفرس فكانوا لا ينزلون منزلاً إلا ركبه أحدهم للقنص فلا يفلته شيء وقعت عينه عليه من ظبي أو بقر أو حمار إلى أن قدموا إلى بلادهم فقالوا‏.‏ ما لفرسنا هذا اسم إلا زاد الراكب‏.‏ فسموه زاد الراكب‏.‏ فأصل فحول العرب من نتاجه‏.‏ ويقال إن أعوج كان منها وكان فحلاً لهلال بن عامر أنتجته أمه ببعض بيوت الحي فنظروا إلى طرف يضع جحفلته على كاذتها على الفخذ مما يلي الحياء فقالوا‏:‏ أدركوا ذلك الفرس لا ينزو على فرسكم لعظم