وإياك والسيف فإنه ظل الموت واتق الرمح فإنه رشاء المنية ولا تقرب السهام فإنها رسل لا تؤامر مرسلها‏.‏ قال‏:‏ فبماذا أقاتل قال‏:‏ بما قال الشاعر‏:‏ جلاميد يملأن الأكف كأنها رءوس رجال حلقت في المواسم أقبلت الفحول تمشي مشي الوعول فلما تصافحوا بالسيوف فغرت المنايا أفواهها‏.‏ وقال آخر يذكر قوماً أسروا‏:‏ استنزلوهم عن الجياد بلينة الخرصان ونزعوهم نزع الدلاء بالاشطان‏.‏ وقال أعرابي في آخرين ابتغوا قوما أغاروا عليهم‏:‏ احتثوا كل جمالية عيرانة كيما يخصفون أخفاف المطي بحوافر الخيل‏.‏ حتى أدركوهم بعد ثالثة فجعلوا المران أرشية المنايا فاستقوا بها أرواحهم‏.‏ ومن أحسن ما قيل في السيف قول حبيب‏:‏ ونبهن مثل السيف لو لم تسله يدان لسلته ظباه من الغمد وقال في صفة الرماح‏:‏ مثقفات سلبن الروم زرقتها والعرب سمرتها والعاشق القضفا ومن الإفراط القبيح قول النابغة في وصف السيف‏:‏ يقد السلوقي المضاعف نسجه ويوقد في الصفاح نار الحباحب فذكر أنه يقد الدرع المضاعف نسجها والفارس والفرس ويقع بها في الأرض فيقدح النار من الحجارة‏.‏ تظل تحفر عنه إن ضرب به بعد الذراعين والساقين والهادي وقد جمع العلوي وصف الخيل والسلاح كله فأحسن وجود حيث يقول‏:‏ بحسبي من مالي من الخيل أعيط سليم الشطي عاري النواهق أمعط وأبيض من ماء الحديد مهند وأسمر عسال الكعوب عنطنط وبيضاء كالضحضاح زعف مفاضة يكفتها عني نجاد مخطط ومعطوفة الأطراف كبداء سمحة منفجة الأعضاد صفراء شوحط فيا ليت مالي غير ما قد جمعته على لجة تيارها يتغطغط ويا ليتني أمسي على الدهر ليلة وليس على نفسي أمير مسلط ومن قولنا في وصف الرمح والسيف‏:‏ بكل رديني كأن سنانه شهاب بدا في ظلمة الليل ساطع تقاصرت الآجال في طول متنه وعادت به الآمال وهي فجائع وساءت ظنون الحرب في حسن ظنه فهن ظبات للقلوب قوارع وذي شطب تقضي المنايا بحكمه وليس لما تقضي المنية دافع إذا ما التقت أمثاله في وقيعة هنالك ظن النفس بالنفس واقع ومن قولنا في وصف السيف‏:‏ بكل مأثور على متنه مثل مدب النمل بالقاع يرتد طرف العين من حده عن كوكب للموت لماع وقال إسحاق بن خلف البهراني في صفة السيف‏:‏ ألقى بجانب خصره أمضى من الأجل المتاح وكأنما ذر الهبا ء عليه أنفاس الرياح ومن جيد صفات السيف قول الغنوي‏:‏ حسام غداة الروع ماض كأنه من الله في قبض النفوس رسول كأن على إفرنده موج لجة تقاصر في ضحضاحه وتطول كأن جيوش الذركسرن فوقه قرون جراد بينهن ذحول النزع بالقوس إبراهيم الشيباني قال‏:‏ كان رجل من أهل الكوفة قد بلغه عن رجل من أهل السلطان أنه يعرض ضيعة له بواسط في مغرم لزمه للخليفة فحمل وكيلاً له على بغل وأترع له خرجاً بدنانير وقال له‏:‏ اذهب إلى واسط فاشتر هذه الضيعة المعروضة فإن كفاك ما في هذا الخرج وإلا فاكتب إلي أمدك بالمال‏.‏ فخرج فلما أصحر عن البيوت لحق به أعرابي راكب على حمار معه قوس وكنانة فقال له‏:‏ إلى أين تتوجه فقال‏:‏ إلى واسط‏.‏ قال‏:‏ فهل لك في الصحبة قال‏:‏ نعم‏.‏ فسارا حتى فوزا فعنت لهما ظباء فقال له الأعرابي‏:‏ أي هذه الظباء أحب إليك المتقدم منها أم المتأخر فأزكيه لك قال له‏:‏ المتقدم‏.‏ فرماه فخرمه بالسهم فاقتنصه فاشتويا وأكلا‏.‏ فاغتبط الرجل بصحبة الأعرابي‏.‏ ثم عنت لهما زفة قطا فقال‏:‏ أيها تريد فأصرعها لك فأشار إلى واحدة منها‏.‏ فرماها فأقصدها ثم اشتويا وأكلا‏.‏ فلما انقضى طعامهما فوق له الأعرابي سهماً ثم قال له‏:‏ أين تريد أن أصيبك فقال له‏:‏ اتق الله عز وجل واحفظ زمام الصحبة‏.‏ قال‏:‏ لا بد منه‏.‏ قال‏:‏ اتق الله ربك واستبقني ودونك البغل والخرج فإنه مترع مالاً‏.‏ قال‏:‏ فاخلع ثيابك‏.‏ فانسلخ من ثيابه ثوباً ثوباً حتى بقي مجرداً‏.‏ قال له‏:‏ اخلع أمواقك وكان لابساً خفين مطابقين‏.‏ فقال له‏:‏ اتق الله في ودع الخفين أتبلغ بهما من الحر فإن الرمضاء تحرق قدمي‏.‏ قال‏:‏ لا بد منه‏.‏ قال‏:‏ فدونك الخف فأخلعه‏.‏ فلما تناول الخف ذكر الرجل خنجراً كان معه في الخف فاستخرجه ثم ضرب به صدره فشقه إلى عانته وقال له‏:‏ الاستقصاء فرقة‏:‏ فذهبت مثلاً‏.‏ وكان هذا الأعرابي من رماة