وقال : لا تَقْتدوا بمن ليست له عُقْدة. قال: وما خَلق الله خَلقاً أحبَّ إليه من العقل. وكان يقال: العقل ضربان: عَقْل الطبيعة وعقل التَّجْربة وكلاهما يُحتاج إليه ويؤدَي إلى المنفعة. وكَان يُقال: لا يكون أحدٌ أحب إليك من وَزِيرٍ صالح وافِر العقل كامِل الأدب حَنيك السن بَصير بالأمور فإذا ظَفِرْتَ به فلا تُباعِدْه فإنَّ العاقلَ ليس يمانِعك نَصِيحَته وإن جَفَتْ. وكان يقال: غَرِيزة عقل لا يَضِيعِ معها عَمَل. وكان يقال: أجَل الأشياء أصلاَ وأحْلاها ثمرةً صالحُ الأعمال وحُسن الأدب وعقل مُسْتَعمل. وكان يقال: التجاربُ ليس لها غاية والعاقلُ منها في الزَيادة. ومما يُؤكَد هذا قولُ الشاعر: ومكتوب في الْحِكمة: إنَّ العاقلَ لا يغترَّْ بمودَّة الكَذوب ولا يثِق بنَصيحته ويُقال: مَن فاته العقلُ والفُتوَّة فرَأْسُ مالِه الجَهْلُ. ويُقال: من عَير الناسَ الشيءَ ورَضِيه لنفْسه فذاك الأحْمق نفسُه. وكان يقال: العاقلٍ دائمُ المودَة والأحمق سَريع القطِيعة. وكان يقال: صَديق كل امرئ عقله وعدوُه جَهْله. وكان يقال: المعْجبِ لَحُوح والعاقلُ منه في مَؤُونهَ. وأمَا العُجْب فإنه الجَهْل والكِبر. وقيل: أعلى الناس بالعَفْو أقدرُهم على العُقوبة وأنْقص الناس عقلاً مَن ظَلم من هو دونه. ويقال: ما شيء بأحسنَ من عَقْل زانه حِلْم وحِلْم زانه عِلم وعِلم زانه صِدْق وصِدْق زانه عَمَل وعَمَل زانه رِفْق. وكان عمر بن الخطّاب رضىِ الله عنه يقول: ليس العاقلُ من عَرف الخير من الشر بل العاقلُ مَن عرف " خَير " الشرّين ويقال: عدوٌ عاقل أحب إلي من صديقٍ جاهل. وكان يقال: الزم ذا العقل وذا الكرم واسترسل إليه وإياك وفراقه إذا كان كريماً ولا عليك أن تصحب العاقل وإن كان غير محمود الكرم لكن احترس من شين أخلاقه وانتفع بعقله ولا تدع وكان يقال: قطيعة الأحمق مثل صلة العاقل. وقال الحسن: ما أودع الله تعالى أمرأ عقلاً إلا استنقذه به يوماً ما. وأتى رجلٌ من بني مجاشع إلى النبي فقال: يا رسول الله ألست أفضل قومي قال النبي : إن كان لك عقل فلك فضل وإن كان لك تقي فلك دينٌ وإن كان لك مالٌ فلك حسب وإن كان لك خلق فلك مروءة. قال: تفاخر صفوان بن أمية مع رجل فقال صفوان: أنا صفوان بن أمية بخٍ بخٍ فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ويلك! إن كان لك دين فإن لك حسباً وإن كان لك عقل فإن لك أصلاً وإن كان لك خلق فلك مروءة وإلا فأنت شرٌ من حمار. وقال النبي : كرم الرجل دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه. وقال: وكل الله عز وجل الحرمان بالعقل ووكل الرزق بالجهل ليعتبر العاقل فيعلم أن ليس له في الرزق حيلة. وقال بزرجمهر: لا ينبغي للعاقل أن ينزل بلداً ليس فيه خمسة: سلطان قاهر وقاضٍ عدل وسق قائمة ونهرٍ جارٍ وطبيب عالم. وقال أيضاً: العاقل لا يرجو ما يعنف برجائه ولا يسأل ما يخاف منعه ولا يمتهن ما لا يستعين سئل أعرابي: أي الأسباب أعون على تذكية العقل وأيها أعون على صلاح السيرة فقال: أعونها على تذكية العقل التعلم وأعونها على صلاح السيرة القناعة. وسُئل عن أجود المواطن أن يُخْتبر فيه العقل فقال: عند التّدْبير. وسُئِل: هل يَعمل العاقلُ بغير الصَّواب فقال: ما كلّ ما عُمِل بإذن العقل فهو صواب. وسُئل: أيُّ الأشياء أدلُّ على عَقل العاقل قال: حُسن التَّدْبير. وسُئل: أي مَنافع العقل أعظم قال: اجتنابُ الذّنوب. وقال بُزُرْجَمهِر: أفْره ما يكونُ من الدّوابّ لا غِنى بها عن السَّوْط وأَعفُّ مَن تكون منِ النساء لا غِنى بها عن الزًوْج وأَعْقل من يكون من الرِّجال لا غِنى به عن مَشورة ذوِي الأَلباب. سُئل أعرابيّ عن العقل متى يُعرف قال: إذا نَهاك عقلُك عمّا لا يَنْبغي فأنت عاقل. وقال النبي : العَقْل نُور في القْلب نُفرِّق به بين الحقّ والباطل وبالعَقْل عُرِف الْحَلال والْحَرام وعُرِفَت شَرائع الإسلام ومَواقع الأحكام وجَعَله الله نُوراً في قُلوب عِبَاده يَهْديهم إلى هُدًى ويَصُدُّهم عن رَدى. " ومِن جَلالة قَدْر العَقْل أنَّ اللهّ تعالى لم يُخاطب إلا ذَوي العُقول فقال عزَّ وجلّ: " إنما يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَاب ". وقال: " لِتُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ". أي عاقلا وقال: " إِنّ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لمَنْ كَانَ لهُ وقال النبي : العاقل يَحْلُم عمّن ظَلَم ويَتواضع لمن هو دُونه ويُسابق إلى البِرّ مَن فَوْقه. وإذا رأى بابَ بِرٍّ أنتهزه وإذا عَرَضت له فِتْنة اعتَصم بالله وتَنَكَّبَها. وقال : قِوَام المَرْء
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
عَقْلُه ولا دينَ لمن لا عَقْل له. وإذا كان العَقْل أشرَفَ أَعلاق النَّفس وكان بقَدْر تمكُّنه فيها يكونُ سُمُوُّها لطَلَب الفضائل وعلوُّها لابتغاء المَنازل كانت قِيمةُ كلّ امرىء عقلَه وحِلْيَتُه التي يَحْسُن بها في أَعُين الناظرين فَضْلَه. ولعَبْد اللهّ بن محمَّد: تأَمَّل بعَيْنَيْكَ هذا الأنام وكُنْ بعضَ مَن صانه نُبْلُهُ فحِليةُ كلَّ فتىً فَضْلُه وقِيمة كلَّ آمرىءٍ عقْله ولا تتكل في طِلاب العُلا على نَسَب ثابتٍ أَصلُه فما من فتىً زانَه أهلُه بشيءٍ وخاًلَفه فِعْلُه ويُقال: العَقْلُ إدْراك الأشياء على حَقائقها فَمَن أدرَك شيئاً على حقيقته فقد كَمُل عَقْله. وقيل: العقْل مِرآه الرَّجُل. أَخذه بعضُ الشعراء فقال: فإذا كانَ عليها صَدَأ فَهْوَ جَهالَه وإذا أَخْلَصه الل ه صِقالاً وصَفَا له فَهْي تُعْطِي كُلَّ حيٍّ ناظرٍ فيها مِثَاله ولآخر: لا تَراني أَبداً أُك رِمُ ذَا المالَ لمالهِ لا ولا تزْرِي بمَنْ يع قل عِنْدِي سُوءُ حالهِ إنما أَقضي عَلَى ذَا كَ وهذا بِفِعَاله أنا كاْلمِرآةِ أَلْقَى كل وجهٍ بِمثاله كيفما قَلَّبني الَدهرُ يَجدْني مِنْ رِجَاله ولبعضهم: إذا لم يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ فإنَّه وإن كان ذا نُبْلٍ على النَّاس هَين وإن كان ذا عقْل أُجِلَّ لعَقْله وأَفضلُ عَقْل عقْلُ مَنْ يتَدَيَّن وقال آخر: ويُقال: إنّ العَقْل عينْ القَلْب فإذا لم يَكُن للمرء عقْل كان قَلْبه أكمه. وقال صالح بنُ جَنَاح: ألاَ إنَّ عقْل المرء عَيْنَا فُؤادِه وإنْ لم يكن عقْل فلا يُبْصِر القَلبُ وقال بعضُ الفلاسفة: الهَوَى مصاد العَقْل. ولعبد الله بن ميحمد: ثلاث مَنْ كنَّ فيه حَوَى الفضلَ وإن كان راغباً عن سِواها: صِحَّة العَقْل والتَّمسُّك بالعَدْل وتَنزيه نَفسه عن هَوَاها. ولمحمد بن الْحَسن بن دُريد: وآفةُ العقل الهَوَى فمنْ عَلا على هَوَاهُ عقلُه فَقد نَجَا وقال بعضُ الحُكماء: ما عبد الله بشيء أحبَّ إليه من العقل وما عُصي بشيءِ أحبَّ إليه من السَّتْر. وقال مَسْلمة بن عبد الملك: ما قرأتُ كتاباً قطُّ لأحد إلا عرفتُ عقله منه. وقال يحيى بن خالد: ثلاثةُ أشياء تدلُّ على عُقول أرْبابها: الكتاب يدُل على عقل كاتبه والرسولُ يَدُل على عقل مُرْسِله والهديَّةُ تدل على عقل مُهديها. واستعمل عمرُ بن عبدِ العزيز رجلاً فقيل له: إنه حَدِيث السنّ ولا نراه يَضْبط عملَك فأخذ العهدَ منه وقال: ما أُراك تَضبِط عملَك لحداثتك فقال الفَتى: وليس يَزيد المرءَ جهلاً ولا عَمىً إذا كان ذا عَقْل حداثةُ سِنَهِ فقال عمرُ: صدق ورَدَّ عليه عهدَه. وقال جَثّامة بن قَيْس يَصِف عاقلاً: بَصِيرٌ بأَعْقاب الأمور كأئما تُخاطِبه من كلّ أمرٍ عواقبُهُ ولغيره في المعنى: بَصِير بأَعقاب الأمُور كأنّما يَرَى بصَواب الرأْي ما هو واقعُ وقال شَبِيبُ بن شَيْبة لخالد بنِ صَفْوان: إني لأَعْرف أمراً لا يتلاقى فيه اثنان إلا وَجب النُّجح بينهما قال له خالد: ما هو قال العقل فإن العاقل لا يسأل إلا ما يجوز ولا يردّ عما يُمكن. فقال له خالد: نعَيتَ إليَّ نفسي إنّا أهل بَيْت لا يموتُ منّا أحدٌ حتى يرى خَلفه. وقال عبدُ اللهّ بن الحُسن لابنه محمد يا بني احذَر الجاهل وإن كان لك ناصحاً كما تَحْذر العاقلَ إذا كان لك عدوًا ويُوشِك الجاهلُ أن توَرطَك مَشورته في بعض اغترارك فيَسْبِقَ إليك مكْر العاقل وإِيَّاكَ ومُعاداة الرّجال فإنك لا تَعْلَمَنّ منها مَكْرَ حَلِيم عاقل أو مُعاندة جاهل. وقال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلواتُ الله عليه: لا مالَ أعودُ من عقل ولا فَقر أضرُّ من جَهل. ويُقال: لا مرُوءة لمن لا عَقلَ له. وقال بعضُ الحًكماء: لو استغنى أحدٌ عن الأدب لاستَغْنى عنه العاقل ولا يَنتَفع بالأدب مَن لا عَقل له كما لا ينتَفع بالرّياضة إلا النِّجيب. وكان يُقال: بالعقل تُنَال لذَّة الدنيا لأنّ العاقل لا يَسْعَى إلا في ثلاث: مَزِية لمَعاش أو مَنْفعة لمَعاد أو لذة في غير مُحرم. ولبعضهم: إذا أحببتَ أقواماً فلاصِقْ بأهْل العَقل منهم والحَيَاء فإنّ العقلَ ليس له إذا ما تفاضلت الفضائل من كفاء لمحمّد بن يزيد: وأفضَل قَسْم الله للمَرْء عقلًه وليس منَ الخَيراتِ شيءٌ يُقارِبهُ إذا أكمل الرحْمن للمرء عقلَه فقد كَمُلت أخلاقُه ومآربُه يَعِيش الفتَى بالعقلِ في النَاس إنّه على العقل يَجْري عِلْمهُ وتجَاربهً فَزَينُ الفتَى في النًاس صِحَّةُ عقله وإن كان مَحْصوراً عليه مَكاسِبه وشَين الفَتى في النَّاس قِلّة عقله وإن كَرُمت أعراقهُ ومَناسِبهُ ولبَعْضهم: العقْلُ يأمر بالعَفاف وبالتُّقَى وإليه يَأْوِي الحِلْمُ حين يؤولُ فإن استطعتَ فخُذْ بفَضلك فَضْلَه إنَّ العُقول يُرى لها تَفضيل ولبعضهم: إذا جمُع الآفاتُ فالبُخْل شَرها وشرَ منَ البُخل المواعيدُ والمَطلُ ولا خَيرَ في عقل إذا لم يَكًن غنىً ولا خَيْر في غِمْدٍ إذا لم يكًن نَصْل وإن كان للإنسان عقل فعَقْلُه هُو النَصْل والإنسانُ مِن بعده فَضْل ولبَعضهم: يُمَثَل ذو العقل في نَفْسه مصائبَه قبْل أن تنْزِلا فإن نزلت بَغْتةً لم ترعه لِما كان في نفسه مَثَلا رأى الهمَّ يُفْضي إلى آخِرٍ فَصيَّرَ آخرَه أوَّلا الحكمة قال النبي : ما أخلصَ عبدٌ العملَ لله أربعين يوماً إلا ظهرت يَنابيعُ الحِكْمة من قَلْبه على لسانه. وقال عليه الصلاةُ والسلام: الحِكْمة ضالّة المُؤْمن يأخذها ممَن سَمِعها ولا يبالي من أيَ وعاء خَرجت. وقال عليه الصلاةُ والسلام: لا تَضَعوا
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الحِكْمة عِنْدَ غير أهلها فتَظلِمُوها ولا تَمْنعوها أهلَها فَتَظْلِمُوهم. وقال الحُكماء: لا يطلب الرجلُ حِكْمة إلا بحكمة عنده. وقالوا: إذا وَجَدتم الحِكْمة مَطْرُوحة على السكك فخُذوها. وفي الحديث: خُذوا الحِكْمة ولو من أَلْسِنة المُشْركين. وقال زياد: أيها الناس لا يَمْنعكم سوءُ ما تَعْلمون منَّا أن تنَنْتفعوا بأحْسَنِ ما تسمعون منّا فإِنَّ الشاعر يقول: اعْمل بعِلْمي وإن قَصَّرْت في عَمَلي يَنْفَعْك قولِي ولا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي قيل لقُس بن ساعدة: ما أفضلُ المَعْرِفة قال معْرفة الرجل نَفْسَه قِيل له: فما أَفضلُ العِلْم قال: وقوف المرء عند عِلْمه قِيل له: فما أفضلُ المروءة قال: استبقاءُ الرجل ماء وَجْهه. وقال الحسنُ: التّقْدِير نِصْف الكَسْب والتًّؤدة نِصف العقل وحُسْن طَلب الحاجة نِصْف العِلْم. وقالوا: لا عقلَ كالتَّدبير ولا وَرَع كالكفّ ولا حَسَب كحُسْن الخُلق ولا غِنى كرِضا عن الله وأَحقُّ ما صبر عليه ما ليس إلى تَغْييره سَبيل. وقالوا: أفضلُ البرِّ الرّحمة ورَأْس المودّة الاسترسالُ ورَأس العُقوق مُكاتمة الأَدْنين ورَأْس العَقْل الإصابة بالظنّ. وقالوا: التفكًر نور والغَفلة ظُلْمة والجهالة ضَلالة والعِلم حَياة والأوّل سابق والآخِر لاحِق والسعِيد من وُعِظ بغَيْره. حَدَّث أبو حاتم قالِ: حدّثني أبو عُبيدة قال: حدّثني غيرُ واحد من هَوازِنَ من أولي العِلم وبعضُهم قد أدرك أبوه الجاهلية " أو جدُّه " قالوا: اجتمع عامر بن الظرِب العَدْواني وحُممَة بن رافعِ الدَّوْسيّ - ويَزعمُ النُّساب أنّ ليلى بنت الظَّرب أُمُّ دوس وزينبَ بنت الظرب أُمُ ثقيف " وهو قَيْسي " - عند مَلك من مُلوك حِمْير فقال: تَساءَ لا حتى أَسْمع ما تقولان. فقال عامر لحُممة: أين تُحِب أن تكون أياديك قال: عند ذي الرَّثْية العَدِيم وعند ذي الخلّة الكَريم والمُعْسِر الغَريم والمُسْتَضْعف الهضِيم. قال: مَن أحقُّ الناس بالمقْت قال: الفَقِير المُختال والضعيف الصوال والعَييّ القوّال قال: فمَن أَحق الناس بالمنّع قال: الحَرِيص الكاند والمُستميد الحاسد والمُلْحِف الواجِد. قال: فمن أجدرُ الناس بالصَنيعة قال: من إذا أُعطى شَكر وإذا مُنِع عَذر وإذا مُطِل صَبر وإذا قدُم العهدُ ذكَر قال: من أكرمُ الناس عِشْرة قال: من إذا قَرُب مَنَح " وإذا بَعُد مدح " وإذا ظُلم صَفَح وإذا ضُويق سَمح قال: مَن ألأم الناس قال: مَن إذَا سأل خَضع وإذا سُئل مَنع وإذا مَلك كَنَع ظاهِره جَشع وباطنه طَبع. قال: فمن أحْلم الناس قال: من عَفا إذا قَدَر وأجملَ إذا انتصر ولم تُطْغِه عِزَّة الظَّفر. قال: فمن أحزمُ الناس قال: مَن لا أَخذ رقابَ الأمور بيدَيه وجَعل العواقبَ نُصْب عَيْنَيه ونَبذ التهيب دَبْر أُذنيه. قال: فمن أَخرقُ الناس قال: مَن رَكِب الْخِطار واعتَسف العِثَار وأَسرعَ في البِدَار قبلَ الاقتِدار. قال: مَن أَجوَدُ الناس قال: مَن بذل المجهود ولم يأس على المعهود. قال: مَن أَبلغ الناس قال: مَن جَلَّى المعنى المزِيز بالّلفظ الوجيز وطَبَّق المفْصل قبل التَّحزيز. قال: من أنعم الناس عَيشاً قال: من تحلَّى بالعَفاف ورَضي بالكَفاف وتجاوز ما يَخاف إلى مالا يَخاف. قال: فمن أشقى الناس قال: من حسد على النِّعم وسَخِط على القِسَم واستَشعر النَّدَم على فوْت ما لم يُحتم. قال: من أغنى الناس قال: من آستَشعر الياس وأظْهر التَّجمُّل للناس واستكثر قليلَ النِّعم ولمِ يَسْخط على القِسَم. قال: فمن أحكم الناس قال: من صَمت فادًكر ونَظر فاعتبر وَوُعِظ فازْدَجر. قال: مَن أَجْهل الناس قال: من رأى الخُرْق مَغْنما والتَّجاوزَ مَغْرما. وقال أبو عُبيدة: الخَلة: الحاجة والخُلَّة: الصداقة. والكاند: الذي يَكفر النِّعمة والكنود: الكفور والمُسْتَمِيد: مثل المُسْتَمِير وهو المُسْتعطِي. ومنه اشتقاق المائدة. لأنها تًمادُ. وكَنع: تَقَبَّض يُقال منه: تَكَنًع جِلْدُه إذا تَقَبَّض. يريد أنه مُمْسك بخَيل. والجَشَع: أسوأ الحِرْص. والطَّبع " الدَنس. والاعتساف: رُكوب الطريق على غير هِداية وركوبُ الأمر على غير مَعرفة. والمَزيز: من قولهم: هذا أمزّ من هذا أي أفضل منه وأزيد. والمُطبِّق من السيوف: الذي يُصيب المفاصل لا يجاوزها. وقال عمرو بن العاص: ثلاثٌ لا أناة فيهنّ: المُبادرة بالعَمل الصالح ودَفْن الميِّت وتَزْويج الكُفْء. وقالوا: ثلاثة لا يُندم على ما سَلف إليهم: الله عزَ وجَلّ فيما عُمل له والمَوْلى الشَّكُور فيما أُسْدى إليه والأرضُ الكَريمة فيما بُذر فيها. وقالوا: ثلاثة لا بقاء لها: ظِلُّ الغَمام وصُحْبة الأشرْار والثًناء الكاذب. وقالوا: ثلاثة لا تكون إلاّ في ثلاثة: الغِنَى في النَّفس والشَّرف في التَّواضع والكرم في التَّقوى. وقالوا ثلاثة لا تًعرف إلا عند ثلاثة ذو البَأس لا يُعرف إلاّ عند اللقاء وذو الأمانة لا يُعرف إلا عند الأخذ والعَطاء. والإخوان لا يُعرفون إلا عند النَّوائب. وقالوا: مَن طلب ثلاثة لم يَسْلم من ثلاثة: مَن طلب المالَ بالكيمياء لم يسلم من الإفلاس ومَن طلب الدِّين بالفَلْسفة لم يَسلم من الزًندقة ومَن طلب الفِقه بغرائب الحديث لم يَسلم من الكَذِب. وقالوا: عليكم بثلاث: جالِسوا الكبراء وخالطوا الحكماء وسائلوا العُلماء. وقال عمرُ بن الخطّاب رضوان الله عليه: أخوفُ ما أخاف عليكم شُحٌّ مُطاع وهَوًى مُتَّبع وإعجاب المرء بنفسه. واجتمعت عُلماء العَرب والعجم على أربع كلمات: لا تحمل على ظَنِّك ما لا تُطيق ولا تَعْمل عملاً لا يَنْفعك ولا تَغْترّ بامرأة ولا تَثِق بمال وإن كثر. وقال الرِّياحي فيِ خُطبته باْلمِرْبَد: يا بَني رِياح لا تَحْقِرُوا صغيراً تأخذون عنه فإني أخذتُ من الثعلب رَوَغانه ومن القِرْدَ حِكايته ومن السِّنَّوْر ضَرَعه ومن الكلب نُصرَته. ومن ابن آوَى حذَره ولقد تعلَمت من القَمر سَيْرَ اللَّيل ومن الشَّمس ظهور الحيِن بعد الحين. وقالوا: ابن آدم هو العالَم الكَبير الذي جَمع
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الله فيه العالَم كلّه فكان فيه بَسالة اللَّيث وصَبْر الْحِمار وحِرْص الخنزير وحَذَر الغُراب ورَوَغان الثّعلب وضَرَع السِّنَّور وحِكاية القِرْد ولما قَتَل كِسْري بُزُرْجمهرَ وجد في مِنْطقتِهِ مكْتوباً: إذا كان الغدرْ في الناس طِبَاعاً فالثقة بالناس عَجْز وإذا كان القَدَر حقَّاً فالْحِرْص باطل وإذا كان المَوْت راصداً فالطمأنينة حُمق. وقال أبو عمرو بن العلاء: خُذ الخَير من أَهْله ودَع الشرَّ لأهله. وقال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: لا تَنْهَكوا وَجْه الأرض فإن شَحْمتها في وَجْهها. وقال: بِع الحَيَوان أحسنَ ما يكون في عَيْنك. وقال: فَرِّقوا بين المَنايا واجعلوا من الرأس رأسين ولا تَلبثوا بِدَرا مَعْجزة. وقالوا: إذا قَدُمت المُصيبة تُرِكت التَّعزية وإذا قَدُم الإخاء سَمُجَ الثَّناء. وفي كتاب للهند: يَنْبغي للعاقل أن يَدَع التماسَ ما لا سَبِيل إليه لئلاّ يُعدّ جاهلاً كرَجُل أراد أن يُجري السفنَ في البرّ والعَجلَ في البَحْر وذلك ما لا سَبيلَ إليه. وقالوا: إحسان المُسيء أن يَكُفَّ عنك أذاه وإساءةُ المُحسن أن يَمْنعك جَدْواه. وقال الحسنُ البَصْريّ: اقدَعوا هذه النفوسَ فإنها طُلعة وحادِثوها بالذِّكر فإنها سريعة الدُّثور فإنكم إلاّ تَقْدعوها تَنزع بكم إلى شرِّ غاية. يقول: حادثوها بالحكمة كما يُحادث السَّيف بالصِّقال فإنها سَريعة الدُّثور يريد الصَّدأ الذي يَعْرض للسيف. واقدَعوها: من قدعتَ أنف الجمل إذا دفعتَه. فإنها طُلَعة يريد مُتَطلّعة إلى قال أرْدشير بن بابك: إن للآذان مَجَّة وللقلوب مَلَلا ففَرِّقوا بين الحكمتين يَكُنْ ذلك اسْتِجماماً.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 7 (0 من الأعضاء و 7 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)