فقال عمر لصاحبه‏:‏ يا أخا بني شَيْبان ما تقول أنت قال‏:‏ ما أَحسَنَ ما قُلْتَ ووصفتَ غير أني لا أفتات على الناس بأمْر حتى أَلقاهم بما ذكرتَ وأنظر ما حُجّتهم قال‏:‏ أنت وذاك‏.‏

فأقام الحَبشيّ مع عمر وأمر له بالعَطاء فلم يَلْبث أن مات ولَحِق الشَّيباني بأصحابه فقُتل معهم بعد وفاة عُمر ‏"‏ رضي الله عنه ‏"‏‏.‏

وذُكر رجلٌ عند النبي فَذَكروا فضلَه وشِدَة اجتهاده في العِبادة‏.‏

فبينما هم في ذِكْره حتى طَلَع عليهم الرجلُ فقالوا‏:‏ يا رسولَ الله هو هذا فقال رسول الله ‏:‏ أما إني أرى بين عَيْنيه سَفْعة من الشَّيطان فأقبل الرجلُ حتى وقف فسلّم عليهم فقال‏:‏ هل حَدَّثتك نفسُك إذ طلعتَ علينا أنه ليس في القوم أحسن منك قال نعم ثم ذهب إلى المسجد فصفّ بين قَدَميه يصلِّي‏.‏

فقال النبي ‏:‏ أيكم يقومُ إليه فيقتله فقال أبو بكر‏:‏ أنا يا رسول اللهّ‏.‏

فقام إليه فَوَجده يًصلَي فهابه فانصرف فقال‏:‏ ما صنعتَ قال وجدتُه يصلِّي يا رسول الله فهِبتُه‏.‏

فقال النبي ‏:‏ أيكم يَقُوم إليه فيقتله قال عمر‏:‏ أنا يا رسولَ الله‏.‏

فقام إليه فوجده يصلِّي فهابه فانصرف فقال‏:‏ يا رسولَ الله وجدتُه يصلِّي فهِبتُه‏.‏

فقال رسول الله ‏:‏ أيكم يقوم إليه فيقْتُلَه فقال عليٌّ‏:‏ أنا يا رسول الله قال‏:‏ أنت له إن أدركته‏.‏

فقام إليه فوجده قد انصرف‏.‏

فقال النبي عليه الصلاة والسلام‏:‏ هذا أول قَرْنٍ يَطلًعُ في أُمتي لو قتلتموه ما اختلف بعده اثنان إنّ بني إسرائيل افترقت على اثنتين وسبعين فرقة وإنّ هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقةً واحدة وهي الجماعة‏.‏

إنما قيل لهم رافضة لأنهم رفضوا أبا بكر وعمر ولم يَرْفُضهما أحد من أهل الأهواء غيرهم والشيعة دونهم وهم الذين يُفضِّلون عليًّا على عثمان ويَتَوَلَّون أبا بكر وعمر‏.‏

فأما الرافضة فلها غُلوّ شديد في عليّ ذهب بعضُهم مَذهب النَّصارى في المسيح وهم السَّبئية أصحاب عبد الله بن سبأ عليهم لعنةُ اللهّ وفيهم يقول السَّيد الحميري‏:‏ قَوْمٌ غَلوْا في علّيِ لا أبالهمُ وأُجْشَمُوا أنفُساً في حُبِّه تَعَبَا قالوا هو اللهّ جَلِّ الله خالقُنا من أن يكون ابن شيء أو يكون أَبا وقد أَحْرقهم عليّ رضي الله عنه بالنَّار‏.‏

ومن الروافض‏:‏ المُغيرة بن سعد مولى بَجِيلة‏.‏

قال الأعمش‏:‏ دخلتُ على المُغيرة بن سعد فسألته عن فَضائل عليّ فقال‏:‏ إنك لا تَحْتملها قلتُ‏:‏ بلى‏.‏

فَذَكر آدم صلواتُ الله عليه فقال‏:‏ عليٌّ خير منه ثم ذكر مَن دونه من الأنبياء فقال عليٌّ خير منهم حتى انتهى إلى محمد فقال‏:‏ عليّ مثلُه فقلت‏:‏ كذبت عليك لعنة الله قال‏:‏ قد أَعلمتُك أَنك لا تحتملها‏.‏

ومن الروافض‏:‏ مَن يزعُم أنّ علياً رضي الله عنه في السَّحاب فإذا أطلَّت عليهم سحابة قالوا‏:‏ السلامُ عليك يا أبا الحَسن‏.‏

وقد ذكرهم الشاعر فقال‏:‏ بَرِئتُ من الخوارجِ لستُ منهم مِن الغَزّال منهم وابن باب ولكنّي أُحِبُّ بكلّ قَلْبي وأعْلم أنَّ ذاك من الصواب رسولَ الله والصِّدِّيقَ حَقًّا به أرجو غداً حُسن الثَّواب وهؤلاء من الرافضة يقال لهم‏:‏ المَنصورية‏.‏