وقال‏:‏ أحيُوا الحياء بمُجالسة من يُسْتحيا منه‏.‏
وذكر أعرابيٌ رجلاً حيا فقال‏:‏ لا ترَاه الدهرَ إلا وكأنّه لا غِنى به عنك وإن كنتَ إليه أحوجَ وإن أذْنبتَ غَفر وكأنّه المُذنب وإن أسأت إليه أحسن وكأنه المُسيء‏.‏
لليلى الأخيلية‏:‏ فتًى هو أحْيا منِ فَتاة حَيِيَّة وأشجعً من لَيْثٍ بخِفَّان خادِر ولابن قيس أيضاَ‏:‏ تخَالهم للحلم صُما عن الخَنَا وخُرْساً عن الفَحشَاءِ عند التَهاجُر ومَرْضى إذا لوقُوا حَياءً وعَفّة وعند الحِفاظ كالليوث الخوادر وقال الشعبي‏:‏ تَعاشر الناس فيما بينهم زماناً بالدِّين والتَقوى ثم رُفِع ذلك فتعاشروا بالحَياء والتذمُّم ثم رُفع ذلك فما يَتعاشر الناس إلا بالرغبة والرَّهبة وسيجىء ما هو شرمن ذلك‏.‏
وقيل‏:‏ الحياء يزيد في النُّبل‏.‏
ولبعضهم‏:‏ فلا وأبيكَ ما في العَيْش خيرٌ ولا الدُّنيا إذا ذَهب الحياءُ وقال آخر‏:‏ إذا رُزِق الفتى وجهاً وَقاحاً تَقلَّب في الأمور كما يشاءُ ورُث قَبيحةٍ ما حالَ بيني وبين رُكُوبها إلا الحَياء وقال عليّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهَه‏:‏ قُرنت الهيبةُ بالخَيْبة والحياءُ بالحِرْمان‏.‏
وقد قيل‏:‏ ارفع حياءَكَ فيما جئتَ طالبَه إنّ لحياءَ مع الحِرمان مَقرونُ وفي المثل‏:‏ كثرة الحياء من التخنث‏.‏
قال الحسن‏:‏ من استتر بالحياء لبس الجهل سرباله فقطّعوا سرابيل الحياء فإنه مَن رَقّ وجهه رق عِلْمه‏.‏
وَصَف رجل الحياء عند الأحنف فقال‏:‏ إن الحياء ‏"‏ لَيَتّتُم ‏"‏ لمقدار من المقادير فما زاد على ذلك فسمِّه بما أحببت‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ إن الحياء مع الحرمان مُقْترن كذاك قال أميرُ المؤمنين عَلي واعلم بأن من التخنيث أكثره فارفعه في طلب الحاجات والأمَلَ وللشماخ‏:‏ أجاملُ أقواماً حياءً وقد أرى صدورهم بادٍ عَلَيَّ مِراضُها ولابن أبي حازم‏:‏ حياءٌ وإسلام وتقْوى وأنَّني كريم ومِثْلي قد يَضرُ ويَنفع وقال آخر‏:‏ إذا حُرم المرء الحياءَ فإنهُ بكلّ قبيح كان منه جديرُ له قِحة في كل أمر وسِره مُباح وجدواه جفاً وغرور يَرى الشَّتْم مَدْحاً والدناءة رِفْعة وللسَّمْع منه في العِظات نُفور فرجِّ الفتى ما دام حيَّا فإنّهُ إلى خيِر حالات اْلمُنِيب يَصِير ‏"‏