الفَرْع وإنما أنتم غصْن من أغصاننا فقُولوا بعد هذا ما شِئْتم وادّعوا ولم تَزل للأمم كلها من الأعاجم في كل شَقّ من الأرض ملُوك تَجْمعها ومدائن تَضمّها وأحكام تَدِين بها وفَلْسفة تُنْتجها وبَدائع تَفْتقها في الأدوات والصّناعات مثل صَنْعة الدّيباج وهي أبْدع صَنعة ولَعب الشَطرنج وهي أشْرف لِعْبة ورُمّانة القَبْان التي يوزن بها رِطْل واحد ومائة رِطْل ومثلُ فَلْسفة الرُّوم في ذات الخالق والقَانون والأْسْطرلاب الذي يُعدّل به النّجوم ويُدْرك به عِلْم الأبْعاد ودوَران الأفْلاك وعلم الكُسوف. ولم يكن للعرب مَلِك يَجْمع سَوادَها ويَضُم قواصِيَها ويقْمع ظالمَها وينْهي سَفِيهها ولا كان لها قَطُّ نَتِيجة في صِناعة ولا أثر في فَلْسفة إلا ما كان من الشّعر وقد شاركَتْها فيه العَجم وذلك أن للرّوم أشْعاراً عجيبة قائمة الوَزْن والعَرُوض. فما الذي تَفْخر به العَرب على العجم وإنما هي كالذّئاب العادية والوُحوش النَّافرة يَأْكل بعضُها بعضاً ويُغير بعضها على بَعْض فرجالُها مَوْثوقون في حَلَق الأسْر ونساؤها سَبايا مُرْدَفات على حَقائب الإبلِ فإذا أدركهنَّ الصَّريخ فاستُنْقِذن بالعشيّ وقد وُطِئْن كما تُوطأ الطَّريقُ المَهيْع فَخر بذلك الشاعر فقال: وأَلْحق رَكْب المُرْدفات عَشِيّة فقيل له: وَيْحك وأي فَخْر لك في أن تَلْحقهن بالعشى وقد نُكِحْن وامْتُهِنَ. وبَرحْرحان غَداة كُبِّل مَعْبدُ نُكِحت نِساؤُكم بغير مُهُورِ وقال عَنترة لامرأته: إنَّ الرِّجال لهم إليكِ وَسيلةٌ إِنْ يَأخذُوك تَكحًلي وتَخضَّبِي وأنا امرؤ إن يَأخذُوني عَنْوَةً اَقْرَنْ إلى سَيْر الرِّكاب وأجْنَب ويكونُ مَرْكبَك القَعود ورحلُه وابن النَّعامة عند ذلك مَرْكبي أراد بابن النعامة: باطنَ القَدم. وسَبى ابن هَبُولة الغَسَّاني آمرأةَ الحارث بن عَمْرو الكِنْديّ فَلحِقه الحارث فَقَتله وارتَجع المرأة وقد كان نالَ منها فقال لها: هل كان أصابَك قالت: نعم والله فما اشتملت النِّساء على مِثْله فأوْثقَها بين فَرَسين ثم استَحْضَرَهما حيث قَطّعاها وقال في ذلك: كل أنْثى وإنْ بدَالك مِنها آيةُ الوُدِّ عَهدُها خَيْتَعورُ إنَّ مَن غَره النساءُ بوُد بعد هِنْد لجاهلٌ مَغْرور وسَبَت بنو سًليم رَيحانة أختَ عمرو بن مَعْدِ يكرب فارس العَرب فقال فيها عمرو: أمن رَيْحانة الدَاعِي السَّمِيعُ يُؤرِّقني وأصْحابي هُجُوعُ وفيها يقول: وأغار الحَوْفزان على بَنِي سَعْد بن زَيْد مَناة فاحتمل الزرْقاءَ من بَني ربيع بن الحارث فأعْجبته وأعجبها فوَقع بها ثم لَحقه قَيْس بن عاصم فاستَنْقَذها ورَدّها إلى أهلها بعد أن وُقِع بها. فهذا كان شأنُ العَرَب والعَجم في جَاهليتها فلما أتى الّله بالإسلام كان للعجم شَطْر الإسلام وذلك أن النبي بُعث إلى الأحْمر والأسْود من بني آدم وكان أوَل من تَبعه حُرّ وعَبْد واختلف الناس فيهما فقال: قَوم: أبو بَكْر وبلال وقال قوم: عليّ وصُهَيب. ولما طُعِن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَدّم صُهَيبَاً على المهاجرين والأنصار فصلّى بالناس وقيل له: استخلف فقال: ما أجد من أَسْتخلف فذُكر له السّتة من أهل حِراء فكُلّهم طَعن عليه ثم قال: لو أَدركت سالماً مولى أبي حُذيفة حيّاً لما شَكَكْت فيه فقال في ذلك شاعر العرب: هذا صُهَيب أمّ كُلَ مُهاجر وعَلاَ جَميعَ قبائل الأنْصار لم يَرْضَ مِنهم واحداً لصَلاتنا وهمٍ الهُداة وَقادةُ الأخْبار هذا ولو كان المُثَرّم سالمٌ حيّا لنَال خِلافة الأمْصار ما بال هذي العُجْم تَحْيا دوننا إن الغَوِيّ لَفي عَمًى وخَسَار وقال بُجير يُعيِّر العرب باختلافها في النَّسب واستلْحاقها للأدْعياء: زَعمتم بأنِّ الهِنْد اولاد خِنْدفٍ وبينكم قُرْبى وبين البرابرِ فقد صَار كلُّ الناس أولادَ واحد وصاروا سواءً في أصول العنَاصر بنو الأصْفر الامْلاك أكرمُ مِنكمٍ وأولى بقُرْبانا مُلوك الأكاسِر أتُطْمِع بي صِهْراً دَعيّاً مُجاهراً ولم تَر سِتْراً من دَعيّ مُجاهر وَتَشتم لُؤما رَفطَه وقَبيله وتَمْدَح جهلاً طاهِراً وابن طاهر وقد ذكرتُ هذا الشعر تامّاً في كِتاب النِّساء والأدْعياء والنُّجباء. وقال الحسن بن هانيء على مَذهب الشعوبية: وجاورت قوماً ليس بَيْني وبَيْنهم أَوَاصرُ إلا دَعْوةٌ وظُنونُ إذا ما دَعا باسمي العريفُ أجبتُه إلى دَعْوة ممّا عليَّ تَهُون لأزْد عُمَان بالمُهلّب نَزْوةٌ إذا افتخر الأقوامُ ثُمَّ تَلِين وبَكْرٌ تَرى أن النُبوة أنْزِلت على مِسْمَع في البَطْن وهو جَنِين وقالت تَمِيم لا نَرى أن واحداً كأحْنَفِنا حتى المماتِ يَكُون فلا لًمْتُ قَيْساً بعدها في قُتيبة إذا افتخروا إنّ الفَخار فُنون رد ابن قتيبة على الشعوبية قال ابن قتيبة في كتاب تَفْضِيل العرب: وأما أهلُ
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
التّسْوية فإنَّ منهم قوّماً أخذوا ظاهر بَعْض الكِتاب والحديث فَقَضَوا به ولم يُفتشوا عن مَعناه فَذَهبوا إلى قَوله عزّ وجلّ: " إنَّ أكْرَمَكم عِنْد الله أتقاكم " وقوله: " إنّمَا المُؤمِنُونَ إخْوَةٌ فأصْلِحُوا بَين أخَويكم " وإلى قول النبي عليه الصلاةُ والسلامُ في خُطبته في حِجّة الوَداع: أيها الناس إنَّ الله قد أذهب عنكم نَخْوة الجاهليّة وتَفَاخرها بالآباء ليس لِعرَبيّ على عَجميّ فَخْر إلا بالتَّقوى كُلّكم لآدمَ وآدمُ من تُراب. وقوله: المُؤمنون تَتَكافأ دِماؤُهم ويَسْعى بذِمّتهم أدناهم وهم يدٌ على من سِوَاهم وإنما المَعنى في هذا أنَ الناس كلَّهم مِن المؤمنين سَواء في طريقِ الأحكام والمنزلةِ عند الله عزّ وجلّ والدَّار الآخرة ولَو كان النِّاس كلهم سواء في أمور الدنيا ليس لأحد فَضْل إلا بأمر الآخرة لم يكن في الدُنيا شر يف ولا مَشْروف ولا فاضِل ولا مَفْضول. فما مَعْنَى قوله : إذا أتاكم كريمُ قَوْم فأكْرِموه وقوله : أقيلوا ذَوِي الهيئات عَثَراتهم وقوله في قَيْس بن عاصم: هذا سيّد الوَبَر
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
وكانت العرِب تقول: لا يَزال الناسُ بخير ما تَباينوا فإذا تَساوَوْا هَلَكوا. وتقول: لا يَزالون بخيْر ما كان فيهم أشْراف وأخْيار فإذا جُمّلوا كلهم جملة واحدة هَلَكوا. وإذا ذَمَّت العربُ قوماً قالوا: سَواسية كأسْنان الحِمار. وكَيف يَستوي الناسُ في فَضَائلهم والرجلُ الواحد لا تَسْتوي في نَفسه أعضاؤه ولا تَتكافأ مَفاصِله ولكنْ لبعضها الفضلُ على بعض وللرأس الفضل على جميع البَدَن بالعَقْل والحواس الخمس. وقالوا: القلبُ أمير الجَسَد ومن الأعضاء خادمُه ومنها مَخْدومه. قال ابن قُتيبة: ومن أعظم ما ادّعت الشّعوبية فَخْرُهم على العَرب بآدم عليه السلام وبقول النبي عليه الصلاة والسلام: لا تفُضلوني عليه فإنما أنا حَسنة من حَسناته ثم فَخْرُهم بالأنبياء أجمعين وأنهم من العَجم غيرَ أربعة: هُود وصالح وإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام واحتجّوا بقول الله عزّ وجلّ: " إنَّ الله اصطفي آدم ونُوحاً وآل إبْراهيمَ وآلَ عِمْران على العَاَلمين. ذُرّيَةً بَعضُها مِنْ بَعْض والله سَمِيعٌ عَليم ". ثم فَخَروا بإسحاق بن إبراهيم وأنه لِسَارة وأن إسماعيل لأمَة تُسمَى هاجَر. وقال شاعرهم: في بَلدة لم تَصل عُكْلٌ بها طُنُباً ولا خِبَاء ولا عَكّ وهمْدانُ ولا لجَرِم ولا بَهراء من وَطَن لكنّها لِبَني الأحرار أوطان أرضٌ يُبني بها كِسْرى مسَاكِنَه فما بها من بَني اللَّخْناء إِنْسان فَبنو الأحرار عندهم العَجم وبنو اللخناء عندهم العَرب لأنهم من وَلد هاجَر وهي أمة. وقد غَلطوا في هذا التأويل وليس كل أمة يقال لها اللخناء إنما اللخناء من الإماء المُمْتَهنة في رَعْي الإبل وسَقْيها وجمع الحَطب. وإنما أخذ من اللَّخَن وهو نَتن الرِّيح يُقال: لَخنُ السقاء إذا تَغيّر ريحُه. فأما مِثْلُ التي طَهّرها الله من كل دَنس وارتضاها للخليل فِرَاشا وللطِّيبَينْ إسماعيل ومحمدٍ أمّاً وجَعلهما لها سُلالة فهل يجوز لِمُلحد فضلاً عن مُسلم أن يُسمِّيها لَخْناء. رد الشعوبية على ابن قتيبة قال بعضُ مَن يَرى رَأْيَ الشعوبية فيما يَرُد به على ابن قتيبة في تَبايُنِ الناس وتفاضلهم والسّيد منهم والمَسود: إننا نحن لا نُنكر تَباين الناس ولا تَفاضلهم ولا السيد منهم ولا المسود ولا الشَّريف ولا المَشرْوف ولكنا نزْعم أن تَفاضل الناس فيما بَينهم ليس بآبائهم ولا بأحْسابهم ولكنه بأفْعالهم وأخلاقهم وشرَف أنْفسهم وبُعْد هِمَمهم ألا تَرى أنّه من كان دنيء الهمَّة ساقِطَ المرُوءة لم يَشْرُف وإنْ كان مِن بني هاشم في ذُؤَابتها ومن أمية في أرُومتها ومن قَيْس في أشْرف بَطْن منها إنَّما الكَرِيم مَن كَرُمت أفعالُه والشَّريف مَن شَرُفت همَّته وهو مَعْنى حديثِ النبيّ عليه الصلاة والسلام: إذا أتاكم كَرِيمُ قَوْم فأكْرموه وقوله في قيس بن عاصم: هذا سيّد أهْل الوَبَر. إنما قال فيه هذا لسُؤدَده في قَوْمه بالذبّ عن حَرِيمهم وَبَذْلِه رِفْدهُ لهم ألا تَرى أن عامر بن الطُّفيل وكان في أشْرف بَطْن في قيس يقول: فما سَوَّدتني عامرٌ عن وراثةٍ أبىَ الله أنْ أسْمُو بأمِّ ولا أب ولكنّني أحمي حِمَاها وَأتَّقي أَذاها وأرمي مَن رَماها بِمنْكب وقال آخر: إِنّا وإنّ كرُمت أوائلنا لَسْنَا على الأحْسَاب نَتَّكِلُ نبْني كما كانت أوائلُنا تَبْني ونَفْعل مثلَ مافَعَلُوا وقال قَيْس بن ساعدة: لأقْضين بين العَرب بقضيَّة لم يَقْض بها أحدٌ قَبلي ولاَ يردّها أحدٌ بعدي أيُّما رجلٍ رَمَى رجلاً بِمَلأمة دُونها كَرم فلا لُؤم عليه وأيّما رجل أدّعي كَرماً دونه لُؤم فلا كرم له. ومثله قولُ عائشة أم المؤمنين: كُل كَرم دُونه لُؤم فاللُّؤم أولى به وكُل لُؤم دونه كرم فالكرمُ أوْلى به تَعني بقولها: أن أوْلى الأشياء بالإنسان طَبائعُ نَفْسه وخِصالُها فإذا كَرُمت فلا يَضُرُّه لؤم أوَّليته وإذا لَؤُمت فلا يَنْفعه كرم أوليَّته. وقال الشاعر: نَفس عِصَامٍ سوَّدت عِصَامَا وعَلَّمته الكرَّ والإقْدَامَا وصَيَّرتْه مَلِكاً هُمامَا وقال آخر: ما ليَ عَقْلي وهِمَّتي حَسَبي ما أنا مَوْلًى ولا أنا عرَبي وتكلَّم رجلٌ عندي عبد الملك بن مَرْوان بكلام ذَهب فيه كل مَذْهب فأعجب عبدَ الملك ما سمع منه فقال: ابن مَن أنت يا غلام قال: ابن نَفْسي يا أميرَ المؤمنين التي نِلت بها هذا المَقعد منك قال: صدقتَ. وقال النبي عليه الصلاةُ والسلام: حَسَب الرجل مالُه وكَرمُه دِينه. وقال عُمر بن الخطَّاب: إن كان لك مالٌ فلك حَسَب وإِن كان لك دِين فلك كَرَم. وما رأيتُ أعجبَ من ابن قُتيبة في كتاب تَفْضِيل العَرِب إنه ذَهب فيه كُلّ مَذهب من فَضائل العرب ثم ختم كتابه بمَذْهب الشُّعوبية فنقَض في آخره كل ما بَنى في أوًله فقال آخر كلامه: وأعدلُ القول عندي إنَّ الناس كلّهم لأب وأمّ خُلِقوا من تُراب وأعيدوا إلى التراب وجَرَوْا في مَجْرى البَوْل وطُوُوا على الأقْذاء فهذا نَسبهُم الأعلى الذي يُردْع به أهلُ العُقول عن التّعظم والكِبْرياء والفَخر بالآباء ثم إلى الله مَرْجعهم فَتَنْقطع الأنساب وتَبْطًل الأحْساب إلاّ من كان حَسبُه التَّقوى أو كانت ماتّتة طاعةَ الله قالت الشُعوبية: إنما
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
كانت العَرب في الجاهليَّة يَنْكح بعضُهم نِساء بعض في غاراتهم بلا عَقْدِ نكاح ولا اسْتِبراء من طَمْث فكيف يَدْري أحدُهم مَن أَبوه وقد فَخَر الفرزدقُ ببني ضبَّة وأنهم يَبتزُّون العِيال في حُروبهم في سَبيَّة سَبَوْها من بني عامر بن صَعْصعة: فَظَلّت وظلُّوا يَرْكبون هَبِيرَها وليس لهم إلاَّ عوالِيهم سِتْرُ والهَبِير: المُطمئن من الأرض وإنما أرادها هنا فَرْجها وهو القائل في بَعْض ما يَفْخر به: ===باب المتعصبين للعرب === قال أصحابُ العصبيَّة من العَرب: لو لم يكن منّا على الموْلَى عَتاقة ولا إحسان إلا استنقاذنا له من الكُفر وإخراجنا له من دار الشّرك إلى دار الإيمان كما في الأثر: إنَّ قَوْماً يُقادون إلى حُظوظهم بالسَّوَاجير. وكما قالوا: عَجِب ربُّنا مِن قَوم يقادون إلى الجنَة في السلاسل. يريد إخراجهم من أرض الشرك إلى أرض الإسلام لَكَفي. على أنَّا تَعَرَّضنا للقَتْل فيهم. فمن أعْظَم عليك نعمةً مِمَّن قَتل نفسَه لحياتك فالله أمرنا بقتالكم وفرض علينا جِهادَكم ورَغَّبنا في مُكاتبتكم. وقدَّم نافعُ بن جُبير بن مطْعِم رجلاً من أهل الموالي يُصلِّي به فقالوا له في ذلك فقال: إنَّما أردتُ أن أتواضع لله بالصَّلاة خلفَه. وكان نافعُ بن جُبير هذا إذا مَرَّت به جِنازة قال: من هذا فإِذا قالوا: قُرشي قال: واقَوْماه! وإذا قالوا: عربيّ قال: وابلدَتاه! وإذا قالوا: مَوْلى قال: هو مالُ الله يَأخذ ما شاء ويَدَع ما شاء. قال: وكانوا يَقُولون: لا يَقْطع الصلاةَ إلا ثلاثة: حِمار أو كَلب أو مَوْلى. وكانوا لا يَكْنُونهم بالكُنَى ولا يَدْعُونهم إلا بالأسماء والألْقاب ولا يَمْشون في الصَّف معهم ولا يُقَدِّمونهم في المَوْكب وإن حَضَروا طَعاماً قاموا على رؤوسهم وإن أطْعموا المولَى لسنّه وفَضله وعِلْمه أَجْلسوه في طَرف الخِوَان لئلا يَخفي على الناظر أنه ليس من العَرب ولا يدعونهم يُصلّون على الجَنائز إذا حَضر أحد من العرب وإن كان الذي يَحُضر غَرِيراً. وكان الخاطب لا يَخطب المرأَةَ منهم إلى أَبيها ولا إلى أخيها وإنما يَخْطُبها إلى مَواليها فإن رَضيَ زُوِّج وإلا رُدَّ فإنْ زَوّج الأب والأخ بغير رَأي مَواليه فُسخ النِّكاح وإن كان قد دَخل بها وكان سِفاحاً غيرَ نِكاح. وقال زِياد: دعا مُعاوِية الأحْنف بن قَيْس وسَمُرة بن جُنْدب فقال: إنِّي رأيتُ هذه الحَمْراء قد كَثُرت وأَراها قد طعنت على السَّلف وكأني أنظر إلى وَثْبة منهم على العَرب والسُّلطان فقد رأيتُ أن أقتل شَطْراً وأدع شَطْراً لإقامة السُّوق وعِمَارة الطريق فما تَرَوْن فقال الأحنف: أَرى أنَّ نَفْسي لا تَطِيب يُقْتل أخِي لأمي وخالي وَمَوْلاي! وقد شارَكْناهم وشاركونا في النّسب فظننتُ أنِّي قد قُتلتُ عنهم وأطرق. فقال سَمُرة بن جُنْدب: أجعلها إلي أيها الأمير فأنا أتولّى ذلك منهم وأبْلُغ إلى ما تريد منه. فقال: قوموا حتى أنْظر في هذا الأمر. قال الأحْنف: فَقُمْنا عنه وأنا خائفٌ وأتيت أهْلي حَزِيناً. فلما كان بالغَداة أرسل إليَّ فعلمتُ أنه أخذ برَأيي وتَركَ رَأي سَمُرة. ورُوي أنَّ عامرَ بن عبد القَيْس في نُسْكه وزُهده وتَقشُّفه وإخباته وعبادته كَلَّمه حُمْران مولى عثمان بن عَفّان عند عبد الله بن عامر صاحب العِراق في تَشْنِيع عامر على عثمان وطَعْنه عليه فأَنكر ذلك فقال له حُمْران: لا كَثَّر الله فينا مِثلَك فقال له عامر: بل كَثَّر الله فينا مثلك فَقِيل له أَيدعو عليك وتَدعو له قال: نعم يَكْسَحون طُرَقنا ويَخْرِزون خِفافنا ويَحُوكون ثِيابنا. فاستوى ابن عامر جالساً وكان مُتّكئاً فقال: ما كنتُ أظنُّك تَعْرِف هذا البابَ لِفَضْلك وزَهادَتك فقال: ليس كلُّ ما ظننتَ أنّي لا أعرفُه لا أَعرفه. وقالوا: إنّ خالد بن عبد الله بن خالد بن أَسِيد لما وجّه أخاه عبدَ العزيز إلى قتال الأزارقة هَزموه وقَتلوا صاحَبه مُقاتِلَ بنَ مِسْمعٍ وسَبَوُا امرأته أُمِ حَفْص بنت المنذر بن الجارود العَبْدي فأقاموها في السّوق حاسرَةً بادية المحاسن غَالَوْا فيها وكانت من
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 14 (0 من الأعضاء و 14 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)