قال: مِن أفناء الناس قال: ليس عن هذا سألتُك قال: فعمّ سألتَني قال: من أيّ البُلدان أنت قالت: من أهل اليمن قال له الحجّاج: فكيف خَلّفت محمدَ بن يوسف يعني أخاه وكان عاملَه على اليمَن. قال: خَلَّفته جَسيماً خرّاجاً ولاّجا قال: ليس عن هذا سألتُك. قالت: فعمّ سألتني قال: كيف خلًفت سيرتَه في الناس قال: خلفتُه ظَلُوماً غَشُوماً عاصياً للخالق مُطيعاً للمَخْلوق. فازْورَّ من ذلك الحجاج وقال: لما أقدمك على هذا وقد تعلم مكانه مني فقال له الأعرابي: أفتراه بمكانه منك أعز مني بمكاني من الله تبارك وتعالى وأنا وافدٌ بَيْته وقاضٍ دَيْنه ومُصدّق نبيّه قال: فوجَم لها الحجّاج! ولم يدر له جواباً حتى خَرج الرجل بلَا إذن. قال: طاووس: فتبعتُه حتى أتي المُلتزَم فتعلق بأستار الكعبة فقال: بك أعوذ وإليك ألُوذ فاجعل لي في اللهف إلى جوارك الرِّضا بضمانك مندوحةً عن مَنْع الباخليين وغنى عما في أيدي المُستأثرين. اللهم عُد بِفَرجك القريب ومَعْروفك القديم وعادَتك الحَسَنة.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
قال طاووس: ثم اختفى في الناس فألفيتُه بعَرفات قائماً على قَدَميه وهو يقول: اللهِم إن كنتَ لم تَقْبل حَجِّي ونَصَبي وتَعبي فلا تَحْرِمنيِ أجر المُصاب على مُصيبته فلا اعلم مصيبةً أَعْظَمَ ممّن وَرَد حَوْضك وانصرف مَحْروماً من سَعة رَحمتك الأصمعي قال: رأيتُ أعرابياً يَطُوف بالكَعبة وهو يقول: إلهي عَجّت إليك الأصواتُ بضروب من اللُّغات يَسْألونك الحاجات وحاجَتي إليك إلهي أنْ تَذْكرني على طُول البلاء إذ نَسِيَني أهلُ الدنيا. اللهم هَب لي حَقّك وأَرْض عنّي خَلْقك. للهم لا تُعْيني بطَلب ما لم تقُدّره لي وما قَدَرْته لي فَيَسِّرِه لي. قال: وَدَعَتْ أعرابية لابن وَجّهته إلى حاجة فقالت: كان الله صاحبَك في أمرك وخَلِيفَتك في أهلك ووليَّ نُجْح طَلِبتك امْض مُصاحَباً مَكْلًوءاً لا أشْمت اللهّ بك عَدوّا ولا أرى مُحبّيك فيك سُوءاً قال: ومات ابنٌ لأعرابي فقال: اللهم إني وهبتُ له ما قَصّر فيه مِن بِرّى فَهب له ما قَمرّ فيه من طاعتك فإنك أجْود وأكرم. قولهم في الرقائق العُتْبيّ قال: ذَكر أعرابيّ مُصيبةً فقال: مُصيبةٌ والله تركتْ سُود الرؤوس بيضاً بيضَ الوجوه سُوداً وهَوَّنت المصائبَ بعدها أخذ هذا المعنى بعضً الشعراء فقال يرْثي آلَ أبي سًفيان: رَمَى الحِدْثانُ نِسْوةَ آل حَرْب بِمقْدار سَمَدْنَ له سُمُودا فَرَدّ شُعورهن السُّود بيضاً ورَدَّ وُجوههن البيضَ سُودا بكيت بكاء مُوجَعة بحُزْن أصاب الدَّهْرُ واحدَها الفريدا قال: وقِيل لأعرابيّة أُصيبت بابنها: ما أحسن عَزاءَك قالت: إن فقدي إياه أمنني كل فقد سواه وإن مَصيبتي به هَونت علي المصائبَ بعده ثم أنشأت تَقول: مَن شاء بَعدك فَلْيمُت فَعَليك كنتُ أُحاذرُ أكُنْتَ السوادَ لمُقلتي فعليك يَبْكي الناظِر ليتَ المنازلَ والدِّيا رَ حَفائرٌ ومَقابر وقيل لأعرابيّ: كيف حُزنك على وَلدك قال: ما ترك هَمُّ الغَداة والعِشاء لي حُزْناً. وقيل لأعرابي: ما أذْهب شبابَك قال: مَن طال أمدًه وكثُر ولدُه وذَهب جَلَده ذَهَب شبابُه. وقيل لأعرابيّ: ما أنحل جِسْمَك قال: سُوء الغِذاء وجُدوبة المَرْعى واعتلاجُ الهُموم في صَدْري ثم أنشأ يقول: الهمُّ ما لم تُمْضه لسبيله داءٌ تَضَمَّنُه الضُّلوعُ عَظِيمُ ولربما استيأستُ ثم أقول لا إنّ الذي ضَمِن النجاحَ كريمُ وقيل لأعرابي قد أخذته السنُّ: كيف أصبحْتَ قال: أصبحتُ تُقيّدني الشِّعرة وأعثًر في البعرة قد أقام الدَّهرُ صَعَري بعد أن أقمتُ صَعَره. وقال أعرابيّ: لقد كنتُ أُنكر البَيضاء فصرتً أُنْكر السوداء فيا خيرَ مَبْدول ويا شَرَّ بَدل. وقال أعرابيّ: إذا الرجالُ ولدتْ أولادُها وَجعلت أسْقامُها تَعْتادَها واضطربت من كِبَرِ أعضادها فهي زُروع قد دَنا حَصادها وذَكر أعرابيّ قَطِيعة بعض إخوانه فقال: صَفِرت عِيَاب الوُدّ بعد امتلائها واكفهرّت وجوهٌ كانت بمائها فأدبر ما كان مُقْبلاً وأقْبل ما كان مُدْبراً. وذكرَ أعرابيّ منزلًا بادَ أهلَه فقال: منزل والله رَحلَتْ عنه رَبّات الخُدُور وأقامت فيه أثافيّ القُدر وقد اكْتَسى بالنَّبات كأنه أُلْبس الحُلَل. وكان أهْلُه يَعْفون فيه آثار الرِّياح فأصبحت الرِّيح تَعْفو أثارهم فالعَهد قريب والمُلتقى بَعِيد. وذَكر أعرابي قوماً تغيرت أحوالهم فقال أعينٌ والله كُحِلَت بالعَبْرَة بعد الحَبْرة وأنفُسٌ لَبِسَت الحُزْن بعد السرور. وذكر أعرابيّ قوماً تغيَّرت حالُهم فقال: كانوا والله في عَيْشِ رَقيق الحَوَاشي فطَوَاه الدَّهرُ بعد سَعَة حتى يَبِست أبدانُهم من القُرّ ولم أرَ صاحباً أغرَّ من الدنيا ولا ظالماً أغشمَ من المَوت ومَن عَصَف به الليلُ والنهارُ أرْدَياه ومن وُكِّل به الموتُ أفناه. وقَف إعرابيٌّ على دار قد بادَ أهلُها فقال: دارٌ والله مُعْتَصِرة للدّموع حَطَت بها السحابُ أثقالها وجرّت بها الرِّياح أذيالَها. وذكر أعرابيّ رجلاً تغيرت حالُه فقال: طُوِيت صحيفتُه وذهب رِزْقُه فالبَلاء مُسْرعٌ إليه والعَيش عنه قابضٌ كَفيه. وذكر أعرابيّ رجلاً ضاق عيشُه بعد سَعة فقال: كان والله في ظِلّ عيش مَمْدُود فَقَدحت عليه من الدَّهر يدٌ غير كابية الزَّند. الأصمعي قال: أَنشدَني العُقيْلي لأعرابيّة ترْثي ابنها: خَتلتْه المَنونُ بعد اختيال بين صَفّين مِن قناَ ونصَال في رداء من الصفيح صَقِيل وقميص من الحديد مُذَال كُنت أَخْبؤك لاعتداء يَد الدَّهر ولم تَخْطُر المَنون ببالي وقال أعرابيّ يَرِثي ابنه عند دَفْنه: دَفنت بكفِّي بعض نَفْسي فأَصْبحتْ وللنفس منها دَافِن وَدَفِينُ وقال أعرابيّ: إنّ الدُّنيا تَنطق بغير لسان فتُخبر عما يكون بما قد كان. خرج أعرابيّ هارباً من طافَ يَبْغِي نَجْوَةً من هلاكٍ فَهَلَكْ والمَنايا رَصَدٌ للفتى حيثُ سَلَك كُلّ شيء قاتلٌ حينَ تَلْقَى أجلَك وذَكَر أعرابي بلداً فقال: بلد كالتُّرس ما تمشي فيه الرِّياح إلّا عابراتِ سَبِيل ولا يمر فيها السَّفْر إلّا بأَدَلّ دليل. قولهم في الإستطعام قَدِمَ أعرابيّ من بني كِنانة على مَعْن بن زائدة وهو باليمن فقال: إني والله ما أعرف سبباً بعد الإسلام والرّحم أقْوى من رِحْلة مِثْلِى من أهل السِّنّ والحَسَب إليك مِن بلاده بلا سَبب ولا وَسِيلة إلّا دُعاءَك إِلى المكارم ورَغْبَتك في المَعْروف فإنْ رأَيْتَ أَنْ تَضَعَني مِن نَفْسِك بحيثُ وضعتُ نفْسي من رَجائك فافعل. فَوَصله
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
وأَحْسن إليه. الرَّبيع بن سُليمان قال: سمعتُ الشافعيّ رَضيَ الله تعالى عنه يقول: وَقف أعرابيٌّ على قَوْم فقال: إنّا - رَحِمَكم الله - أبناءُ سَبِيل وأَنْضاء طَريق وفُلال سَنَة رَحِم الله امرأً أعْطَى عَن سَعة ووَاسى من كفاف. فأَعْطاه رَجًلٌ دِرْهماً فقاٍل: آجَرَك الله من غير أن يَبْتْلِيك. ووَقف أعرابيّ بقوم فقال: يا قوم تَتابعت علينا سِنون جِماد شِدَاد لم يَكُنْ للسماء فيها رَجْع ولا للأرض فيها صَدْع فَنَصَبَ العِدّ ونَشِفَ الوَشَل وأمْحَل الخِصْب وَكَلَح الجَدْب وشَفّ المال وكَسَف البال وشَظِف المَعاش وذَهبت الرِّياش وطرَحَتْني الأيام إليكم غريبَ الدَّار نائيَ المحلّ ليس لي ما لم أَرْجع إليه ولا عَشيرة ألْحَق بها فَرَحِم الله امرأً رَحِم اغترابي وجعل المعروف جَوابي. خَرج المهديّ يَطُوف بعد هَدْأَة من اللّيل فَسَمِعِ أعْرَابيّة من جانب المسجد وهي تقول: قوم مًعوزون نَبَت عنهم العُيُون وفدَحَتْهم الدُّيون وعَضَّتهم السِّنون باد رجالُهم وذهبت أموالهم أبناء سَبيل وأَنْضاء طريق وصيّةَ الله ووصية رسوله فَهل من أمر بخَيْر كَلأه الله في سفره وخَلفه في أهله. فأمر نُصَيراً الخادم فدفع إليها خَمْسمائة درهم. الأصمعي قال: أُغير على إبل خُزَيمة فَرَكب بَحيرةً فقِيل له: أَتَركب حراماً قال: يَرْكب الحرامَ من لا حَلال له. وقال أعرابي: يا ليتَ لي نَعْلين من جِلْد الضَّبُع كل الحِذَاء يَحْتذي الحافي الوَقِعْ أبو الحسن قال: اعترض أعرابيّ لِعُتبة بن أَبي سُفْيان وهو على مكَة فقال: أيها الخَلِيفة قال: لستُ به ولم تَبْعُد قال: فيا أخاه قال: أسْمعتَ فقُل قال: شك من بني عامر يَتقرّب إِليك بالعُمومة ويَخْتص بالخُئولة ويَشْكو إليك كَثْرة العِيال ووَطأة الزّمان وشِدّة فقْر وتَرادفَ ضُرّ وعندك ما يَسعه ويَصرف عنه بُؤسَه. فقال عُتبة أسْتغفر الله مِنك وأَسْتَعينه عليك قد أمرنا لك بِغناك فليتَ إسرْاعَنا إليكَ يَقُوم بإبطائنا عنك. وسأل أعرابيّ فقال: رَحم اللهّ مُسلماً لم تَمُجَّ أُذناه كلامي وقَدّم لِنَفسه مَعاذاً من سُوء مَقامي فإن البِلاد مُجْدبة والدَّارَ مُضَيّعة والحيَاءَ زاجر يمنع مِنِ كلامكم والعُدْمَ عاذِر يَدْعو إلى إخْباركم والدعاء إحدى الصَّدَقتين فرَحم الله آمِراً بمَيْر وداعياً بخير. فقال له بعضُ القوم: ممّن الرجل فقال: ممن لا تَنْفعكم مَغرفته ولَا تَضركم جهالَته ذل الاكتساب يَمْنع من عِزّ الانتساب. العُتبيّ قال: قَدِم علينا أعرابيّ في فِشّاشٍ قد أَطْردت اللِّصَاصُ إبلَه فَجَمعتُ له شيئاً من أهل المسجد فلمّا دفعتُ إليه الدراهم أنشأ يقول: لا والَّذي أنا عَبْد في عِبادته لولا شَماتُه أعداء ذَوِي إحَنِ ما سرًّني أنّ إبلي في مَبارِكها وأنّ أمراً قضاه اللهّ لم يَكُن أخذ هذا المعنى بعض المُحْدَثين فقال: لولا شَمَاتَةُ أعداء ذَوِي حَسَدٍ وأنْ أنال بنَفْعِىِ مَنْ يُرَجِّينِي لما خَطَبْتُ إلى الدُّنيا مَطالَبها ولا بذلتُ لها عِرْضي ولا دِيني لكنْ مُنافسة الأكفاء تَحْمِلني على أُمور أرَاها سَوْف تُرْدِيني العُتبى قال: دخل أعرابيّ على خالد بن عبد الله القَسْرى فلمّا مَثل بين يديه أنشأ يقول: أَصْلَحَك الله قَلّ ما بيَدي فما أُطِيق العِيَالَ إذ كَثُروا أناخ دَهْرٌ ألْقى بِكَلْكِلِه فأَرْسَلُوني إليكَ وانتظروا قال: أرسَلوك وانتظرِوا! والله لا تَجْلِس حتى تعودَ إليهم بما يَسُرهم فأَمر له بأربعة َأَبْعِرة مَوْقُورة بُرَّاً وتَمْراَ وخَلع عليه. الشّيْباني قال: أقبل أعرِابيٌّ إلى مالِك بن طَوْق فأقام بالرَّحْبة حيناً وكان الأعرابيّ من بني أسد صُعْلوكاً في عَبَاءة صُوف وشَمْلة شَعَر فكلّما أراد الدُّخول منعه الحُجَّاب وشَتَمه العَبيد وضربه الأشْرَاط فلمّا كان في بَعض الأيام خَرج مالكُ بن طَوْق يُريد التنزّه حول الرِّحْبة فعارَضه الأعرابي فضربوه ومَنعوه فلم يَثْنِه ذلك حتى أخذ
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
بِعِنان فَرسه ثم قال: أيها الأمير إني عائذ بالله من أشراطك هؤلاء فقال مالك: دَعوا الأعرابي هل من حاجة يا أعرابيّ قال: نعم أصلح الله الأمير أنْ تَصْغِي إليَّ بَسَمْعك وَتَنظَر إليّ بطَرفك وتَقبَل إلي بوجهك قال: نعم فأنشأ الأعرابيّ يقول: ببابك دون الناس أنزلتُ حاجَتي وأقبلتُ أَسْعَى حولَه وأَطُوفُ وَيمْنعني الحُجِّابُ والسِّتر مُسْبَلٌ وأنتَ بَعِيد والشًّروط صُفوف يدُورون حَوْلي في الجُلوس كأنهم ذِئابٌ جيِاعٌ بَينهَنّ خَرُوف وما لي من الدنيا سِواك ولا لمن تركتُ ورائي مَرْبَعٌ ومَصِيف وقد عَلِم الحَيَّان قيسٌ وخِنْدِفٌ ومَنْ هو فيها نازل وحَلِيف تَخَطيَّ أَعْناقَ المُلوك ورٍحلتي إليك وقد أخنت عليَّ صرُوف فجِئْتُك أَبغي اليُسْرَ منك فمَر بي ببابك مَن ضَرْب العَبيد صُنوف فلا تجعَلنْ في نحو بابل عَوْدة فَقَلْبيِ مِن ضَرْب الشرًّوط مَحًوف فاستضحك مالك حتى كاد أن يَسْقَط عن فرَسه ثم قالت لمَن حوله: مَن يُعْطِيه دِرْهماً بِدِرْهَمين وثَوْباً بثَوْبين فوقعت عليه الثِّياب والدَراهم من كل جانب حتى تَحَيَّر الأعرابيّ ثم قال له: هل بَقيتْ لك حاجة يا أعرابي قال: أمّا إليك فلا قال: فإلى مَن قال: إلى الله أن يُبْقِيَك للعرب فإنها لا تزال بخير ما بَقِيتَ لها. دخل أعرابي على هِشام بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين أَتَتْ علينا ثلاثةُ أعوام: فعام أذاب الشَّحْم وعامٌ أكل اللَّحْم وعام انْتَقى العَظْم وعندكم أموال فإنْ تَكُنْ لله فَبُثُّوها في عباد اللهّ وإن تكُن للناس فلِمَ تُحْجَب عنهم وإن تكن لكم فَتَصَدَّقُوا إن الله يَجْزِي المُتَصدقين. قال هشام: هل من حاجة غير هذه يا أعرابيّ قال: ما ضربتُ إليك أكبادَ الإبل أَدَّرع الهَجير وأخُوض الدُّجا لخاصٍّ دون عام ولا خَير في خير لا يَعُم فأمر له هِشام بأموال فُرِّقت في الناس وأمرَ للأعرابيّ بمال فَرقه في قومه. طلب أعرابيّ من رجل حاجةً فوَعده قضاءها فقال الأعرابي: إنّ مَن وَعد قَضى الحاجةَ وإن كَثًرت والمَطْل من غير عُسر آفةُ الجود. وقال: أتي أعرابيّ رجلاً لم تَكُن بينهما حُرْمة في حاجة له فقال: إني امتطيت إليك الرَّجاء وسِرْت على الأمل وَوَفْدت بالشُّكر وتوصَّلت بحُسْن الظنّ فَحَقِّق الأمل وأَحْسنْ المَنْزلة وأَكْرِم القَصْد وأتِمّ الوُدَّ وعَجِّل المُراد. وقف أعرابيّ على حَلْقَة يُونس النحويّ فقال: الحمد لله وأعوذ بالله أن أُذَكِّر به وأنساه إنّا أناس قَدِمْنا هذه المدينة ثلاثون رجلاً لا نَدْفن ميتاً ولا نتحوّل من مَنزل وإن كَرِهْنا فرحم اللهّ عبداً تصدَّق على ابن سبيل ونضْو طريق وفَلّ سنة فإنه لا قليل من الأجر ولا غِنىِ عن اللهّ ولا عَمل بعد الموت. يقول الله عزّ وجلّ: مَن ذَا الَّذي يُقْرِضُ الله قَرْضاَ حسَنًا. إن الله لا يَسْتقْرض مِن عَوَز وِلكن لِيَبلو خِيَار عباده. وقف أعرابيّ في شهر رمضان على قَوْم فقال: يا قوم لقد ختمتْ هذه الفريضةُ على أفواهنا من صُبح أمس ومَعي بِنْتان لي والله ما عَلِمْتهما تخلَّتا بِخلال فهل رجلٌ كريمٌ يَرْحَم اليوم ذلنا وَبرُد حُشاشتنا مَنعه اللهّ أن يقوم مَقامنا فإنه مَقام ذل وعار وصَغار. فافتَرق القومُ ولم يُعْطوه شيئاً فالتفت إليهم حتى تأمَّلهم جميعاً ثم قال: أَشدُّ والله عليَّ من سوء حالي وفاقتي توهُّمي فيكم المُواساة انتعلوا الطريقَ لا صَحِبكم الله. الأصمعي قال: وَقف أعرابيّ علينا فقال: يا قومُ تتابعت علينا سنون بتغيير وإنتقاص فما تركت لنا هُبَعاً ولا رُبَعاً ولا عافطة ولا نافطة ولا ثاغِيَة ولا راغية فأماتت الزَّرْع وقَتلت الضَّرْعَ وعندكم من مال الله فَضْلُ نِعْمة فأعينوني مِن عَطِية لله إياكم وأرحموا أبا أيتام ونضْوَ زمان فلقد خَلّفتُ أقواماً ما يمرضون مريضهم ولا يُكفِّنون مَيِّتهم ولا يَنْتقلون من منزل إلى منزل وإن كرهوه. ولقد مَشيت حتى انتعلتُ الدِّماء وجعْتُ حتى أكلتُ النَّوَى. الأصمعي قال: وقفتْ أعرابيّة من هَوَازن على عبد الرحمنِ بن أبي بَكر الصِّدِّيق رضي اللهّ تعالى عنهما فقالت: إني أتيتُ من أرض شاسعة تهبطني هابطة وتَرْفَعني رافعة في بواد بَرَيْنَ لَحْمي وهِضْن عَظمي وتْرَكْنَني والهة قد ضاق بي البَلد بعد الَأهْل والولد وكَثْرَة من العَدد لا قَرَابة تُؤْوِيني ولا عشيرةَ تَحْمين فسألتُ أحياء العرب: المُرْتَجى سَيْبه المأمون غَيْبه الكثير نائلُه المَكْفيّ سائلُه فَدُلِلْت عليك وأنا امرأة هَوَازن فَقَدْتُ الوَلد والوالد فاصنَع في أمري واحدةً من ثلاث: إمّا أنْ تُحْسِن صفدي وإمّا أن تُقِيمَ أوَدي وإمّا أن تَرُدِّني إلى بلدي قال: بل أَجْمَعُهن لك. ففعل ذلك بها أجمع وقال أعرابيّ: يا عمر الخَيْر رُزِقت الجنّة اكْسُ بُنَيّاتي وأُمَّهنَّه وكُن لنا من الَرمان جُنّة وارْدُد عَلينا إنّ إنِّ إنّه أَقْسمتُ بالله لتَفْعلنّه الأصمعي قال: وقفتْ أعرابيّة بقوم فقالت: يا قوم سَنَة جَرَدت وأَيْدٍ جَمدت وحال جَهَدَت فهل من فاعل خَيْر وآمر بِمَيْر رَحِم الله من رَحِم وأَقْرَض مَنْ يُقْرض. الأصمعي قال: أصابت الأعرابَ أعوام جَدْبة وشِدّة وجهد فدخلت طائفةٌ منهم البَصرة وبين أيديهم أعرابيّ وهو يقول: أيها الناس إخوانُكم في الدّين وشرُكاؤكم في الإسلام عابرُو سَبيل وفُلاّل بُؤْس وصَرْعى جَدْب تَتابعت علينا سنون ثلاث غَيّرت النِّعم وأَهكت النَّعم فأَكلنا ما بَقي من جُلودها فَوق عِظَامها فلم نَزل نُعلِّل بذلك أَنْفسنا ونُمنّي بالغَيْث قُلُوبنا حتى عاد ُمخّنا عِظاماً وعاد إشراقنا
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 7 (0 من الأعضاء و 7 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)