صفحة 7 من 13 الأولىالأولى ... 56789 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 25 إلى 28 من 51

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)


  1. #25
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر من قال ذلك
    حدثني جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا عمرو بن حماد وعلي، قالا: حدثنا حسن، عن أبيه، عن المجالد بن سعيد الهمداني، عن عامر الشعبي، أنه قال: حصر عثمان بن عفان رضي الله عنه في الدار اثنتين وعشرين ليلة، وقتل صبحة ثماني عشر ليلة مضت من ذي الحجّة سنة خمس وعشرين من وفاة رسول الله .
    وحدثني أحمد بن ثابت الرازي، عمّن حدثه، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر، قال: قتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلّا اثني عشر يومًا.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان، قالوا: قتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرًا واثنين وعشرين يومًا من مقتل عمر رضي الله عنه.
    وحدثّت عن زكرياء بن عدي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن ابن عقيل، قال: قتل عثمان رضي الله عنه سنة خمس وثلاثين.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وأبي عثمان ومحمد وطلحة، قالوا: قتل عثمان رضي الله عنه لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة يوم الجمعة في آخر ساعة.
    وقال آخرون: قتل يوم الجمعة ضحوة.
    ذكر من قال ذلك
    ذكر عن هشام بن الكلبي، أنه قال: قتل عثمان رضي الله عنه صبيحة الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا ثمانية أيام.
    حدثنا الحارث، عن ابن سعد، عن محمد بن عمر، قال: حدثني الضحاك بن عثمان؛ عن مخرمة بن سلمان الوالبي، قال: قتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة ضحوة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين.
    وقال آخرون: قتل في أيام التشريق.
    ذكر من قال ذلك
    حدثني أحمد بن زهير، قال: حدثنا أبي أبو خيثمة، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: سمعت أبي قال: سمعت يونس بن زيد الأيلي، عن الزُّهري، قال: قتل عثمان رضي الله عنه، فزعم بعض الناس أنه قتل في أيام التشريق.
    وقال بعضهم: قتل يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة.
    ذكر الخبر عن قدر مدة حياته

    اختلف السلف قبلنا في ذلك، فقال بعضهم كانت مدّة ذلك اثنتين وثمانين سنة.
    ذكر من قال ذلك
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر؛ أنّ عثمان رضي الله عنه قتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة.
    قال محمد بن عمر: وحدثني الضحاك بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان الوالبي، قال: قتل عثمان رضي الله عنه وهو ابن اثنتين وثمانين سنة.
    قال محمد: وحدثني سعد بن راشد عن صالح بن كيسان، قال: قتل عثمان رضي الله عنه وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وأشهر.
    وقال آخرون: قتل وهو ابن تسعين أو ثمان وثماني.
    ذكر من قال ذلك
    حدثت عن الحسن بن موسى الأشيب، قال: حدثنا أبو هلال؛ عن قتادة: أنّ عثمان رضي الله عنه قتل وهو ابن تسعين أو ثمان وثمانين سنة.
    وقال آخرون: قتل وهو ابن خمس وسبعين سنة؛ وذلك قول ذكر عن هشام بن محمد.
    وقال بعضهم: قتل وهو ابن ثلاث وستين، وهذا قول نسبه سيف بن عمر إلى جماعة. كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، أن أبا حارثة وأبا عثمان ومحمدًا وطلحة، مقالوا: قتل عثمان رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين سنة.
    وقال آخرون: قتل وهو ابن ستّ وثمانين.
    ذكر من قال ذلك
    حدثني محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، قال: قتل عثمان رضي الله عنه وهو ابن ستّ وثمانين.
    ذكر الخبر عن صفة عثمان

    حدثني زياد بن أيُّوب، قال: حدثنا هشيم، قال: زعم أبو المقدام، عن الحسن بن أبي الحسن، قال: دخلت المسجد؛ فإذا أنا بعثمان رضي الله عنه متكئًا على ردائه، فنظرت إليه؛ فإذا رجل حسن الوجه؛ وإذا بوجهه نكتات من جدري؛ وإذا شعره قد كسا ذراعيه.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: سألت عمرو بن عبد الله بن عنبسة وعروة بن خالد بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان وعبد الرحمن بن أبي الزناد عن صفة عثمان، فلم أر بينهم اختلافًا، قالوا: كان رجلًا ليس بالقصير ولا بالطويل، حسن الوجه، رقيق البشرة، كثّ اللحية عظيمها؛ أسمر اللون، عظيم الكراديس؛ عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفّر لحيته.
    وحدثني أحمد بن زهير، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: سمعت أبي يقول: سمعت يونس بن يزيد الأيلي، عن الزُّهري، قال: كان عثمان رجلًا مربوعًا، حسن الشعر، حسن الوجه، أصلع أروح الرجلين.
    ذكر الخبر عن وقت إسلامه وهجرته

    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: كان إسلام عثمان قديمًا قبل دخول رسول الله دار الأرقم. قال: وكان ممن هاجر من مكة إلى أرض الحبشة الهجرة الأولى والهجرة الثانية، ومعه فيهما جميعًا امرأته رقيّة بنت رسول الله .
    ذكر الخبر عما كان يكنى به عثمان بن عفان رضي الله عنه

    حدثني الحارث بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد ابن عمر أنّ عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما كان في الإسلام ولد له من رقيّة بنت رسول الله غلام فسّماه عبد الله، واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله؛ فبلغ عبد الله ستة سنين، فنقره ديك على عينه، فمرض فمات في جمادى الأولى سنة أربع من الهجرة، فصلّى عليه رسول الله ، ونزل في حفرته عثمان رضي الله عنه.
    وقال هشام بن محمد: كان يكنى أبا عمرو.
    ذكر نسبه

    هو عثمان بن عفان بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. وأمه أروى ابنة كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، وأمّها أم حكيم بنت عبد المطلب.
    ذكر أولاده وأزواجه

    رقيّة وأم كلثوم ابنتا رسول الله ؛ ولدت له رقيّة عبد الله.
    وفاختة ابنة غزوان بن جابر بن نسيب بن وهيب بن زيد بن مالك ابن عبد بن عوف بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر. ولدت له ابنًا فسماه عبد الله؛ وهو عبد الله الأصغر، هلك.
    وأمّ عمرو بنت جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رفاعة بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غنم بن دهمان بن منهب بن دوس، من الأزد؛ ولدت له عمرًا وخالدًا وأبانًا وعمر ومريم.
    وفاطمة ابنة الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ولدت له الوليد وسعيدًا وأمَّ سعيد، بني عثمان.
    وأمّ البنين بنتعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري؛ ولدت له عبد الملك بن عثمان، هلك.
    ورملة ابنة شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي؛ ولدت له عائشة وأمّ أبان وأمّ عمرو، بنات عثمان.
    ونائلة ابنة الفرافصة بن الأحوص بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن كلب؛ ولدت له مريم ابنة عثمان.
    وقال هشام بن الكلبي: ولدت أمّ البنين بنت عيينة بن حصن لعثمان عبد الملك وعتبة. وقال أيضًا: ولدت نائلة عنبسة.
    وزعم الواقدي أن لعثمان ابنة تدعى أمّ البنين بنت عثمان من نائلة، قال: وهي التي كانت عند عبد الله بن يزيد بن أبي سفيان.
    وقتل عثمان رضي الله عنه وعنده رملة ابنة شيبة ونائلة وأمّ البنين بنت عيينة وفاختة ابنة غزوان؛ غير أنه - فيما زعم علي بن محمد - طلَق أمّ البنين وهو محصور.
    فهؤلاء أزواجه اللواتي كنّ له في الجاهليّة والإسلام وأولاده: رجالهم ونساؤهم.
    ذكر أسماء عمال عثمان رضي الله عنه في هذه السنة على البلدان

    قال محمد بن عمر: قتل عثمان رضي الله عنه وعمّاله على الأمصار - فيما حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد - على مكة عبد الله بن الحضرمي، وعلى الطائف القاسم بن ربيعة الثَّقفي، وعلى صنعاء يعلي بن منية، وعلى
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #26
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الجند عبد الله بن أبي ربيعة، وعلى البصرة عبد الله بن عامر بن كريز - خرج منها فلم يولِّ عليها عثمان أحدًا - وعلى الكوفة سعيد بن العاص - أخرج منها فلم يترك يدخلها - وعلى مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح - قدم على عثمان، وغلب محمد بنأبي حذيفة عليها. وكان عبد الله بن سعد استخلف على مصر السائب ابن هشام بن عمرو العامري، فأخرجه محمد بن أبي حذيفة - وعلى الشأم معاوية ابن أبي سفيان. وفيما كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وأبي عثمان، قالا: مات عثمان رضي الله عنه وعلى الشأم معاوية، وعامل معاوية على حمص عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعلى قنَّسرين حبيب بن مسلمة، وعلى الأردنّ أبو الأعور بن سفيان، وعلى فلسطين علقمة بن حكيم الكناني، وعلى البحر عبد الله بن قيس الفزاري. وعلى القضاء أبو الدرداء.
    وتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عطيّة، قال: مات عثمان رضي الله عنه وعلى الكوفة رضي الله عنه وعلى الكوفة، على صلاتها أبو موسى، وعلى خراج السَّواد جابر بن عمرو المزني - وهو صاحب المسنَاة إلى جانب الكوفة - وسماك الأنصاري.
    وعلى حربها القعقاع بن عمرو، وعلى قرقيسياء جرير بن عبد الله، وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى حلوان عتيبة بن النَّهَاس، وعلى ماه مالك بن حبيب، وعلى همذان النُّسير، وعلى الري سعيد بن قيس، وعلى إصبهان السائب بن الأقرع، وعلى ما سبذان حبيش، وعلى بيت المال عقبة ابن عمرو. وكان على قضاء عثمان يومئذ زيد بن ثابت.
    ذكر بعض خطب عثمان رضي الله عنه

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن القاسم بن محمد، عن عون بن عبد الله بن عتبة، قال: خطب عثمان الناس بعدما بويع، فقال:
    أمَّا مبعد؛ فإني قد حمِّلت وقد قبلت؛ ألا وإني متّبع ولست بمتبتدع؛ ألا وإنّ لكم علي بعد كتاب الله عز وجل وسنَّة نبيه ثلاثًا: اتّباع من كان قبلي فيما اجتمعتم عليه وسننتم، وسنُّ سنة أهل الخير فيما لم تسنُّوا عن ملإ، والكفّ عنكم إلّا فيما استوجبتم. ألا وإن الدنيا خضرة قد شهّيت إلى الناس، ومال إليها كثير منهم، فلا تركنوا إلى الدنيا ولا تثقوا بها، فإنها ليست بثقة، واعلموا أنها غير تاركة إلا من تركها.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن بدر بن عثمان، عن عمّه، قال: آخر خطبة خطبها عثمان رضي الله عنه في جماعة: إن الله عز وجل إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكموها لتركنوا إليها؛ إن الدنيا تفنى والآخرة تبقى، فلا تبطرنَّكم الفانية، ولا تشغلنَّكم عن الباقية، فآثروا ما يبقى على ما يفنى؛ فإنّ الدنيا منقطعة؛ وإنّ المصير إلى الله. اتّقوا الله جلّ وعزّ؛ فإن تقواه جنّة من بأسه، ووسيلة عنده؛ واحذروا من الله الغير، والزموا جماعتكم لا تصيروا أحزابا، " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا ".
    إلى آخر القصّة.
    ذكر الخبر عمن كان يصلي بالناس في مسجد رسول الله حين حصر عثمان

    قال محمد بن عمر: حدثني ربيعة بن عثمان: جاء المؤذن، سعد القرظ إلى علي بن أبي طالب في ذلك اليوم، فقال: من يصلّي بالناس؟ فقال علي: ناد خالد بن زيد، فنادى خالد بن زيد، فصلّى بالناس - فإنه لأوّل يوم عرف أن أبا أيُّوب خالد بن زيد - فكان يصلّي بهم أيامًا، ثم صلى علي بعد ذلك بالناس.
    قال محمد: وحدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، قال: جاء المؤذّن إلى عثمان فآذنه بالصّلاة، فقال: لا أنزل أصلّي؛ اذهب إلى من يصلي. فجاء المؤذن إلى علي، فأمر سهل بن حنيف، فصلّى اليوم الذي حصر فيه عثمان الحصر الآخر؛ وهو ليلة رثى هلال ذي الحجّة، فصلى بهم؛ حتى إذا كان يوم العيد صلى علي العيد، ثم صلى بهم حتى قتل رضي الله عنه.
    قال: وحدثني عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: لما حصر عثمان صلى بالناس أبو أيُّوب أيامًا، ثم صلى بهم علي الجمعة والعيد، حتى قتل رضي الله عنه.
    ذكر ما رثي به من الأشعار

    وتقاول الشعراء بعد مقتله فيه؛ فمن مادح وهاج، فمن مادح وهاج، ومن نائح باك، ومن سار فرح؛ فكان ممّن يمدحه حسّان بن ثابت وكعب بن مالك الأنصاريّان وتميم بن أبي بن مقبل في آخرين غيرهم. مما مدحه به وبكاه حسان وهجا به قاتله:
    أتركتم غزو الدُّروب وراءكم ** وغزوتمونا عند قبر محمَّد!
    فلبئس هدى المسلمين هديتم ** ولبئس أمر الفاجر المتعمِّد!
    إن تقدموا نجعل قرى سرواتكم ** حول المدينة كلَّ لين مذود
    أو تدبروا فلبئس مما سافرتم ** ولمثل أمر أميركم لم يرشد
    وكأن أصحاب النبِّي عشيَّة ** بدن تذبَّح عند باب المسجد
    أبكى أبا عمرو لحسن بلائه ** أمسى مقيمًا في بقيع الغرقد
    وقال أيضًا:
    إن تمس دار ابن أروى منه خاوية ** باب صريع وباب محرق خرب
    فقد يصادف باغي الخير حاجته ** فيها ويهوى إليها الذِّكر والحسب
    يأيُّها الناس أبدوا ذات أنفسكم ** لا يستوي الصدق عند الله والكذب
    قوموا بحقِّ مليك الناس تعترفوا ** بغارة عصب من خلفها عصب
    فيهم حبيب شهاب الموت يقدمهم ** مستلئمًا قال بدا في وجهه الغضب
    وله فيه أشعار كثيرة. وقال كعب بن مالك الأنصاري:
    يا للرِّجال للبِّك المخطوف ** ولدمعك المترقرق المنزوف
    ويح لأمر قد أتاني رائع ** هدَّ الجبال فانقضت برجوف
    قتل الخليفة كان أمرًا مفظعًا ** قامت لذاك بليَّة التخويف
    قتل الإمام له النجوم خواضع ** والشمس بازغة له بكسوف
    يا لهف نفسي إذ تولَّوا غدوة ** بالنعش فوق عواتق وكتوف!
    ولَّوا ودلَّوا في الضَّريح أخاهم ** ماذا أجنَّ ضريحه المسقوف!
    من نائل أو سودد وحمالة ** سبقت له في الناس أو معروف
    كم من يتيم كان جبر عظمه ** أمسى بمنزله الضَّياع يطوف
    مازال يقبلهم ويرأب ظلمهم ** حتى سمعت برنَّة التَّلهيف
    أمسى مقيمًا بالبقيع وأصبحوا ** متفرِّقين قد أجمعوا بخفوف
    النار موعدهم بقتل إمامهم ** عثمان ظهرا في البلاد عفيف
    النار موعدهم بقتل إمامهم ** عثمان ظهرًا في البلاد، عفيف
    جمع الحمالة بعد حلم راجح ** والخير فيه مبيَّن معروف
    يا كعب لا تنفك تبكي مالكًا ** ما دمت حيًّا في البلاد تطوف
    فأبكى أبا عمرو عتيقًا واصلًا ** ولواءهم إذ كان غير سخيف
    وليبكه عند الحفاظ لمعظم ** والخيل بين مقانب وصفوف
    قتلوك يا عثمان غير مدنَّس ** قتلًا لعمرك واقفًا بسقيف
    وقال حسَّان:
    من سرَّه الموت صرفًا لا مزاج له ** فليأت مأسدة في دار عثمانا
    مستشعري حلق الماذي قد شفعت ** قبل المخاطيم بيض زان أبدانا
    صبرًا فدىً لكم أمي وما ولدت ** قد ينفع الصَّبر في المكروه أحيانًا
    فقد رضينا أهل الشأم نافرة ** وبالأمير وبالإخوان إخوانا
    إنِّي لمنهم وإن غابوا وإن شهدوا ** ما دمت حيًّا وما مّيت حسَّانا
    لتسمعنَّ وشيكًا في ديارهم ** الله أكبر يا ثارات عثمانا
    يا ليت شعري وليت الطير تخبرني ** ما كان شأن علي وابن عفانا!
    وقال الوليد بن عقبة بن أبي معيط يحرّض عمارة بن عقبة:
    ألا إنَّ خير الناس بعد ثلاثة ** قتيل التُّجيبي الذي جاء من مصر
    فإن يك ظنِّي بابن أمِّي صادقًا ** عمارة لا يطلب بذحل ولا وتر
    يبيت وأوتار ابن عفان عنده ** مخيمة بين الخورنق والقصر


  • #27
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فأجابه الفضل بن عباس:
    أتطلب ثأرًا لست منه ولا له ** وأين ابن ذكوان الصَّفوري من عمرو!
    كما اتَّصلت بنت الحمار بأمِّها ** وتنسى أباها إذ تسامى أولى الفخر
    ألا إنَّ خير الناس بعد محمَّد ** وصلىّ النَّبي المصطفى عند ذي الذِّكر
    وأوَّل من صلّى وصنو نبيّه ** وأوَّل من أردى الغواة لدى بدر
    فلو رأت الأنصار ظلم ابن عمِّكم ** لكانوا له من ظلمه حاضري النَّصر
    كفى ذاك عيبًا أن يشيروا بقتله ** وأن يسلموه للأحابيش من مصر
    وقال الحباب بن يزيد المجاشعي، عمّ الفرزدق:
    لعمر أبيك فلا تجز عن ** لقد ذهب الخير إلّا قليلًا
    لقد سفه الناس في دينهم ** وخلى ابن عفان شرًّا طويلًا
    أعاذل كلُّ امرىء هالك ** فسيرى إلى الله سيرًا جميلًا
    خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

    وفي هذه السنة بويع لعلي بن أبي طالب بالمدينة بالخلافة
    ذكر الخبر عن بيعة من بايعه والوقت الذي بويع فيه

    اختلف السلف من أهل السِّير في ذلك، فقال بعضهم: سأل عليًّا أصحاب رسول الله أن يتقلّد لهم وللمسلمين، فأبى عليهم؛ فلما أبوا عليه، وطلبوا إليه، تقلد ذلك لهم.
    ذكر الرواية بذلك عمن رواه
    حدثني جعفر بن عبد الله ما لمحمّدي، قال: حدثنا عمرو بن حمّاد وعلي ابن حسين، قالا: حدثنا حسين عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي سليمان الفزاري، عن سالم بن أبي الجعد الأشجعي، عن محمّد الحنفيّة، قال: كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه، فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله ، فقالوا: إنّ هذا الرجل قد قتل، ولا بدّ الناس من إمام، ولا نجد اليوم أحدًا أحقَّ بهذا الأمر منك؛ لا أقدم سابقة، ولا أقرب من رسول الله . فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيرًا خير من أن أكون أميرًا؛ فقالوا: لا، والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك؛ قال: ففي المسجد، فإنّ بيعتي لا تكون حفيًّا، ولا تكون إلّا عن رضا المسلمين. قال سالم بن أبي الجعد: فقال عبد الله بن عباس: فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يشغب عليه؛ وأبى هو إلا المسجد، فلمّا دخل دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه، ثم بايعوه الناس.
    وحدثني جعفر، قال: حدثنا عمرو وعلي، قالا: حدثنا حسين، عن أبيه، عن أبي ميمونة، عن أبي بشير العابدي، قال: كنت بالمدينة حين قتل عثمان رضي الله عنه، واجتمع المهاجرون والأنصار، فيهم طلحة والزُّبير، فأتوا عليًّا فقالوا: يا أبا حسن؛ هلمّ نبايعك، فقال: لا حاجة لي في أمركم، أنا معكم فمن اخترتم فقد رضيت به، فاختاروا والله فقالوا: ما نختار غيرك؛ قال: فاختلفوا إليه بعد ما قتل عثمان رضي الله عنه مرارًا، ثمّ أتوه في آخر ذلك، فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلّا بإمرة، وقد طال الأمر، فقال لهم: إنكم قد اختلفتم إلي وأتيتم، وإنّي قائل لكم قولًا إن قبلتموه قبلت أمركم، وإلّا فلا حاجة لي فيه. قالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فجاء فصعد المنبر، فاجتمع الناس إليه، فقال: إني قد كنت كارهًا لأمركم، فأبيتم إلّا أن أكون عليكم؛ ألا وإنه ليس لي أمر دونكم، إلّا أن مفاتيح ما لكم معي، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهمًا دونكم، رضيتم؟ قالوا: نعم؛ قال: اللهمّ اشهد عليهم، ثمّ بايعهم على ذلك.
    قال أبو بشير: وأنا يومئذ عند منبر رسول الله قائم أسمع ما يقول.
    وحدثني عمر بن شبّة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر الهذلي، عن أبي المليح، قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه، خرج علي إلى السوق، وذلك يوم السبت لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، فاتّبعه الناس وبهشوا في وجهه، فدخل حائط بني عمرو بن مبذول، وقال لأبي عمرة بن عمرو بن محصن: أغلق الباب، فجاء الناس فقرعوا الباب، فدخلوا، فيهم طلحة والزّبير، فقالا: يا علي ابسط يدك. فبايعه طلحة والزّبير، فنظر حبيب بن ذؤيب إلى طلحة حين بايع، فقال: أوّل من بدأ بالبيعة يد شلّاء؛ لا يتمّ هذا الأمر! وخرج عليٌّ إلى المسجد فصعد المنبر وعليه إزار وطاق وعمامة خزّ، ونعلاه في يده، متوكئًا على قوس؛ فبايعه الناس. وجاءوا بسعد، فقال علي: بايع، قال: لا أبايع حتى يبايع الناس، والله ما عليك مني بأس؛ قال: خلّوا سبيله. وجاءوا بابن عمر، فقال: بايع، قال: لا أبايع حتى يبايع الناس، قال: ائتني بحميل، قال: لا أرى حميلًا، قال الأشتر: خلِّ عنّي أضرب عنقه، قال علي: دعوه، أنا حميله، إنك - ما علمت - لسيِّيء الخلق صغيرًا وكبيرًا.
    وحدثني محمد بن سنان القزّاز، قال: حدثنا إسحاق بن إدريس، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حميد، عن الحسن، قال: رأيت الزبير ابن العوّام بايع عليًا في حشّ من حشّان المدينة.
    وحدثني أحمد بن زهير، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا وهب ابن جرير، قال: سمعت أبي، قال: سمعت يونس بن يزيد الأيلي، عن الزُّهري، قال: بايع الناس علي بن أبي طالب، فأرسل إلى الزبير وطلحة فدعاهم إلى البيعة، فتلكّأ طلحة، فقام مالك الأشتر وسلّ سيفه وقال: والله لتبايعنّ أو لأربنّ به ما بين عينيك، فقال طلحة: وأين المهرب عنه! فبايعه، وبايعه الزبير والناس. وسأل طلحة والزّبير أن يؤمّرهما على الكوفة والبصرة، فقال: تكونان عندي فأتحمَّل بكما، فإني وحش لفراقكما. قال الزهري: وقد بلغنا أنه قال لهما: إن أحببتما أن تبايعا لي وإن أحببتما بايعتكما، فقالا: بل نبايعك؛ وقالا بعد ذلك: إنما صنعنا ذلك خشية على أنفسنا، وقد عرفنا أنه لم يكن ليبايعنا. فظهرا إلى مكة بعد قتل عثمان بأربعة أشهر.
    وحدثني عمر بن شبّة، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا أبو مخنف، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سالم بن أبي الجعد، عن محمد بن الحنفيَّة، قال: كنت أمسي مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه حتى دخل بيته، فأتاه ناس من أصحاب رسول الله ، فقالوا: إنّ هذاالرجل قد قتل، ولا بدّ من إمام للناس، قال: أو تكون شورى؟ قالوا: أنت لنا رضًا، قال: فالمسجد إذًا يكون عن رضًا من الناس. فخرج إلى المسجد فبايعه من بايعه؛ وبايعت الأنصار عليًّا إلّا نفيرًا يسيرًا، فقال طلحة: ما لنا من هذا الأمر إلا كحسَّة أنف الكلب.
    وحدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: أخبرنا شيخ من بني هاشم، عن عبد الله بن الحسن، قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه بايعت الأنصار عليًّا إلّا نفيرًا يسيرًا، منهم حسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومسلمة بن مخلَّد، وأبو سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة، كانوا عثمانيّة. فقال رجل لعبد الله بن حسن: كيف أبي هؤلاء بيعة علي! وكانوا عثمانية. قال: أما حسّان فكان شاعرًا لا يبالي ما يصنع؛ وأما زيد ابن ثابت فولّاه عثمان الديوان وبيت المال، فلما حصر عثمان؛ قال: يا معشر الأنصار، كونوا أنصارًا لله.. مرّتين، فقال أبو أيُّوب: ما تنصره إلا أنه أكثر لك من العضدان. فأما كعب بن مالك فاستعمله على صدقة مزينة وترك ما أخذ منهم له.
    قال: وحدثني من سمع الزهري يقول: هرب قوم من المدينة إلى الشام ولم يبايعوا عليًّا، ولم يبايعه قدامة بن مظعون، وعبد الله بن سلام، والمغيرة بن شعبة. وقال آخرون: إنما بايع طلحة والزبير عليًّا كرهًا.
    وقال بعضهم: لم يبايعه الزبير.
    ذكر من قال ذلك
    حدثني عبد الله بن أحمد المروزي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان؛ قال: حدثني عبد ه، عن جرير بن حازم، قال: حدثني هشام ابن أبي هشام مولى عثمان بن عفان، عن شيخ من أهل الكوفة، يحدثه عن شيخ آخر، قال: حصر عثمان وعلي بخيبر، فلما قدم أرسل إليه عثمان يدعوه، فانطلق، فقلت: لأنطلقنّ معه ولأسمعنّ مقالتهما، فلما دخل عليه كلّمه عثمان، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّ لي عليك حقوقًا؛ محقّ الإسلام، وحقّ الإخاء - وقد علمت أن رسول الله حين آخى بين الصحابة آخى بيني وبينك - وحقّ القرابة والصِّهر، وما جعلت لي في عنقك من العهد والميثاق، فوالله لو لم يكن من هذا شيء ثم كنّا إنما نحن في جاهليّة، لكان مبطَّأ على بني عبد مناف أن يبتزّهم أخو بني تيم ملكهم.
    فتكلم عليٌّ، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فكلّ ما ذكرت من حقّك عليَّ على ما ذكرت، أمّا قولك: لو كنا في جاهليّة لكان مبطَّأ على بني عبد مناف أن يبتزّهم أخو بني تيم ملكهم فصدقت، وسيأتيك الخبر. ثمّ خرج فدخل المسجد فرأى أسامة جالسًا، فدعاه، فاعتمد على يده، فخرج يمشي إلى طلحة وتبعته، فدخلنا دار طلحة بن عبيد الله وهي دحاس من الناس، فقام إليه، فقال: يا طلحة، ما هذا الأمر الّذي وقعت فيه؟ فقال: يا أبا حسن، بعد ما مسّ الحزام الطبيين! فانصرف علي ولم يحر إليه شيئًا حتى أتى بيت المال، فقال: افتحوا هذا الباب، فلم يقدر على المفاتيح، فقال: اكسروه؛ فكسر باب بيت المال، فقال: أخرجوا المال، فجعل بعطي الناس فبلغ الذين في دار طلحة الذي صنع علي، فجعلوا يتسلّلون إليه حتى ترك طلحة وحده. وبلغ الخبر عثمان، فسرّ بذلك، ثمّ أقبل طلحة يمشي عائدًا إلى دار عثمان، فقلت: والله لأنظرنّ ما يقول هذا؛ فتبعته، فاستأذن على عثمان، فلمّا دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين، أستغفر الله وأتوب إليه، أردت أمرًا فحال الله بيني وبينه، فقال عثمان: إنك والله ما جئت تائبًا، ولكنك جئت مغلوبًا، الله حسيبك يا طلحة! وحدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا بن عمر، قال: حدثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، عن سعد، قال: قال طلحة: بايعت والسيف فوق رأسي - فقال سعد: لا أدري والسيف على رأسه أم لا، إلّا أني أعلم أنه بايع كارهًا - قال وبايع الناس عليًّا بالمدينة، وتربّص سبعة نفر فلم يبايعوه؛ منهم: سعد بن أبي وقّاص، ومنهم ابن عمر، وصهيب، وزيد بن ثابت، ومحمد ماب مسلمة، وسلمة بن وقش، وأسامة بن زيد، ولم يتخلَّف أحد من الأنصار إلّا بايع فيما نعلم.


  • #28
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وحدثنا الزبير بن بكّار، قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله، قال: حدثني أبي عبد الله بن مصعب، عن موسى بن عقبة، عن أبي حبيبة مولى الزبير، قال: لما قتل الناس عثمان رضي الله عنه وبايعوا عليًّا، جاء عليٌّ إلى الزبير فاستأذن عليه، فأعلمته به، فسلّ السيف ووضعهتحت فراشه، ثم قال: ائذن له، فأذنت له، فدحل فسلّم على الزبير وهو واقف بنحره، ثمّ خرج. فقال الزبير، لقد دخل المرء ما أقصاه، قم في مقامه فانظر هل ترى من السيف شيئًا؟ فقمت في مقامه فرأيت ذباب السيف، فأخبرته فقال: ذاك أعجل الرجل. فلما خرج علي سأله الناس، فقال: وجدت أبرّ ابن أخت وأوصله. فظنّ الناس خيرًا، فقال علي: إنه بايعه.
    ومما كتب به إلي السري، عن شعيب، عن سيف بن عمر، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، وطلحة بن الأعلم، وأبو حارثة، وأبو عثمان، قالوا: بقيت المدينة بعد قتل عثمان رضي الله عنه خمسة أيام، وأميرها الغافقي بن حرب يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه، يأتي المصريّون عليًّا فيختبىء منهم ويلوذ بحيطان المدينة، فإذا لقوه باعدههم وتبرّأ منهم ومن مقالتهم مرّة بعد مرّة؛ ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه، فأرسلوا إليه حيث هو رسلًا، فباعدهم وتبرّأ من مقالتهم؛ ويطلب البصريّون طلحة فإذا لقيهم باعدهم وتبرّأ من مقالتهم؛ مرّة بعد مرّة؛ وكانوا مجتمعين على قتل عثمان مختلفين فيمن يهوون، فلما لم يجدوا ممالئًا ولا مجيبًا جمعهم الشرّ على أولّ من أجابهم، وقالوا: لا نولّى أحدًا من هؤلاء الثلاثة، فبعثوا إلى سعد بن أبي وقّاص وقالوا: إنك من أهل الشورى فرأينا فيك مجتمع، فاقدم نبايعك، فبعث إليهم: إني وابن عمر خرجنا منها فلا حاجة لي فيها على حال؛ وتمثّل:
    لا تخلطنَّ خبيثات بطيِّبة ** واخلع ثيابك منها وانج عريانا
    ثمّ إنهم أتوا ابن عمر عبد الله، فقالوا: أنت ابن عمر فقم بهذا الأمر، فقال: إنّ لهذا الأمر انتقامًا والله لا أتعرّض له، فالتمسوا غيري. فبقوا حيارى لا يدرون ما يصنعون والأمر أمرهم.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سهل بن يوسف، عن القاسم بن محمد، قال: كانوا إذا لقوا طلحة أبى وقال:
    ومن عجب الأيام والدّهر أنني ** بقيت وحيدًا لا أمرّ ولا أحلي
    فيقولون: إنّك لتوعدنا. فيقومون فيتركونه، فإذا لقوا الزبير وأرادوه أبى وقال:
    متى أنت عن دار بفيحان راحل ** وباحتها تخنو عليك الكتائب
    فيقولون: إنك لتوعدنا! فإذا لقوا عليًّا وأرادوه أبى، وقال:
    لو أنّ قومي طاوعتني سراتهم ** أمرتهم أمرًا يديخ الأعاديا
    فيقولون: إنك لتوعدنا! فيقومون ويتركونه.
    وحدثني عمر بن شبّة، قال: حدثنا أبو الحسن المدائني، قال: أخبرنا مسلمة بن محارب، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه أتى الناس عليًّا وهو في سوق المدينة، وقالوا له: ابسط يدك نبايعك، قال: لا تعجلوا فإنّ عمر كان رجلًا مباركًا، وقد أوصى بها شورى، فأمهلوا يجتمع الناس ويتشاورون. فارتدّ الناس عن علي؛ ثم قال بعضهم: إن رجع الناس إلى أمصارهم بقتل عثمان ولم يقم بعده قائم بهذا الأمر لم نأمن اختلاف الناس وفساد الأمة، فعادوا إلى علي، فأخذ الأشتر بيده فقبضها علي، فقال: أبعد ثلاثة! أما والله لئن تركتها لتقصرنّ عنيتك عليها حينًا، فبايعته العامّة. وأهل الكوفة يقولون: إنّ أوّل من بايعه الأشتر.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وأبي عثمان، قالا: لما كان يوم الخميس على رأس خمسة أيام من مقتل عثمان رضي الله عنه، جمعوا أهل المدينة فوجدوا سعدًا والزّبير خارجين، ووجدوا طلحة في حائط له، ووجدوا بني أميّة قد هربوا إلّا من لم يطق الهرب، وهرب الوليد وسعيد إلى مكة في أوّل من خرج، وتبعهم مروان، وتتابع على ذلك من تتابع، فلما اجتمع لهم أهل المدينة قال لهم أهل مصر: أنتم أهل الشورى، وأنتم تعقدون الإمامة، وأمركم عابر على الأمة، فانظروا رجلًا تنصّبونه، ونحن لكم تبع. فقال الجمهور: علي بن أبي طالب نحن به راضون.
    وأخبرنا علي بن مسلم، قال: حدثنا حبّان بن هلال، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عوف، قال: أما أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول: إنّ عليًّا جاء فقال لطلحة: ابسط يدك، قال: فبسط علي يده فبايعه.
    وكتب إلي السري عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: فقالوا لهم: دونكم يا أهل المدينة فقد أجّلناكم يومين، فوالله لئن لم تفرغوا لنقتلنّ غدًا عليًّا وطلحة والزّبير وأناسًا كثيرًا. فغشى الناس عليًّا فقالوا: نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام؛ وما ابتلينا به من ذوي القربى، فقال علي: دعوني والتمسوا غيري فإنّا مستقبلون أمرًا له وجوه وله ألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول. فقالوا: ننشدك الله ألا ترى ما نرى! ألا ترى الإسلام! ألا ترى الفتنة! ألا تخاف الله! فقال: قد أجبتكم لما أرى، واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني فإنما أنا كأحدكم، إلّا أني أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم. ثمّ افترقوا على ذلك واتّعدوا الغد. وتشاور الناس فيما بينهم وقالوا: إن دخل طلحة والزبير فقد استقامت. فبعث البصريّون إلى الزبير بصريًّا، وقالوا: احذر لاتحادّه - وكان رسولهم حكيم بن جبلة العبدي في نفر - فجاءوا به يحدّونه بالسيف. وإلى طلحة كوفيًا وقالوا له: احذر لاتحادّه، فبعثوا الأشتر في نفر فجاءوا به يحدّونه بالسيف. وأهل الكوفة وأهل البصرة شامتون بصاحبهم، وأهل مصر فرحون بما اجتمع عليه أهل المدينة، وقد خشّع أهل الكوفة وأهل البصرة أن صاروا أتباعًا لأهل مصر وحشوة فيهم، وازدادوا بذلك على طلحة والزّبير. غيظًا، فلما أصبحوا من يوم الجمعة حضر الناس المسجد، وجاء علي حتى صعد المنبر، فقال: يأيّها الناس - عن ملإ وإذن - إنّ هذا أمركم ليس لأحد فيه حقّ إلّا من أمرتم، وقد افترقنا بالأمس على أمر، فإن شئتم قعدت لكم، وإلّا فلا أجد على أحد. فقالوا: نحن على ما فارقناك عليه بالأمس. وجاء القوم بطلحة فقالوا: بايع، فقال: إني إنّما أبايع كرهًا، فبايع - وكان به شلل - أوّل الناس، وفي الناس رجل يعتاف، فنظر من بعيد، فلما رأى طلحة أوّل من بايع قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! أوّل يدٍ بايعت أمير المؤمنين يدٌ شلّاء، لا يتمّ هذا الأمر! ثم جىء بالزّبير فقال مثل ذلك وبايع - وفي الزبير اختلاف - ثمّ جىء بقوم كانوا قد تخلّفوا فقالوا: نبايع على إقامة كتاب الله في القريب والبعيد، والعزيز والذّليل، فبايعهم؛ ثمّ قام العامّة فبايعوا.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي زهير الأزدي، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه واجتمع الناس على علي، ذهب الأشتر فجاء بطلحة، فقال له: دعني أنظر ما يصنع الناس، فلم يدعه وجاء به يتلّه تلًّا عنيفًا، وصعد المنبر فبايع.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن قيس، عن الحارث الوالبي، قال: جاء حكيم بن جبلة بالزّبير حتى بايع؛ فكان الزبير يقول: جاءني لصّ من لصوص عبد القيس فبايعت واللّجّ على عنقي.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: وبايع الناس كلهم.
    قال أبو جعفر: وسمح بعد هؤلاء الذين اشترطوا الذين جىء بهم، وصار لأمر أمر أهل المدينة، وكانوا كما كانوا فيه، وتفرّقوا إلى منازلهم لولا مكان النزّاع والغوغاء فيهم.
    اتساق الأمر في البيعة لعلي بن أبي طالب عليه السلام

    وبويع علي يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجّة - والناس يحسبون من يوم قتل عثمان رضي الله عنه - فأوّل خطبة خطبها علي حين استخلف - فيما كتب به إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سليمان بن أبي المغيرة، عن علي بن الحسين - حمد الله وأثنى عليه، فقال: إنّ الله عز وجل أنزل كتابًا هاديًا بيّن فيه الخير والشرّ، فخذوا بالخير ودعوا الشرّ. الفرائض أدّوها إلى الله سبحانه يؤدكم إلى الجنّة. إنّ الله حرّم حرمًا غير مجهولة، وفضّل حرمة المسلم على الحرم كلّها، وشدّ بالإخلاص والتوحيد المسلمين. والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده إلا بالحقّ، لا يحلّ أذى المسلم إلّا بما يجب. بادروا أمر العامة، وخاصّة أحدكم الموت، فإنّ الناس أمامكم، وإنّ ما من خلفكم الساعة تحدوكم. تخفّفوا تلحقوا، فإنما ينتظر الناس أخراهم. اتّقوا الله عباده في عباده وبلاده، إنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم، أطيعوا الله عز وجل ولا تعصوه، وإذا رأيتم الخير فخذوا به وإذا رأيتم الشرّ فدعوه، " واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض ".
    ولما فرغ علي من خطبته وهو على المنبر قال المصريون:
    خذها.. واحذرًا أبا حسن ** إنّا نمرّ الأمر إمرار الرسن
    وإنما الشعر:
    خذها إليك واحذرًا أبا حسن
    فقال علي مجيبًا:
    إني عجزت عجزة ما أعتذر ** سوف أكيس بعدها وأستمر
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: ولما أراد علي الذهاب إلى بيته قالت السبئيّة:
    خذها إليك واحذرًا أبا حسن ** إنّا نمرّ الأمر إمرار الرسن
    صولة أقوام كأسداد السفن ** بمشرفيّات كغدران اللبن
    ونطعن الملك بلين كالشّطن ** حتى يمرّنّ على غير عنن
    فقال علي وذكر تركهم العسكر والكينونة على عدة ما منّوا حين غمزوهم ورجعوا إليهم، فلم يستطيعوا أن يمتنعوا حتى..
    إنّي عجزت عجزةً لا أعتذر ** سوف أكيس بعدها وأستمر
    أرفع من ذيلي ما كنت أجرّ ** وأجمع الأمر الشتيت المنتشر
    إن لم يشاغبني العجول المنتصر ** أو يتركوني والسّلاح يبتدر
    واجتمع إلى علي بعد ما دخل طلحة والزّبير في عدّة من الصحابة، فقالوا: يا علي، إنّا قد اشترطنا إقامة الحدود، وإنّ هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم هذا الرجل وأحلّوا بأنفسهم. فقال لهم: يا إخوتاه، إني لست أجهل ما تعلمون، ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم! ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، وثابت إليهم أعرابكم، وهم خلالكم يسومونكم ما شاءوا، فهل ترون موضعًا لقدرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا، قال: فلا والله لا أرى إلّا رأيًا ترونه إن شاء الله؛ إنّ هذا الأمر أمر جاهليّة، وإنّ لهؤلاء القوم مادّة؛ وذلك أن الشيطان لم يشرع شريعة قطّ فيبرح الأرض من أخذ بها أبدًا. إنّ الناس من هذا الأمر إن حرّك على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ الحقوق، فاهدءوا عني وانظروا ماذا يأتيكم، ثمّ عودوا.
    واشتدّ على قريش، وحال بينهم وبين الخروج على حال، وإنما هيّجه على ذلك هرب بني أميّة. وتفرّق القوم؛ وبعضهم يقول: والله لئن ازداد الأمر لا قدرنا على انتصار من هؤلاء الأشرار؛ لترك هذا إلى ما قال علي أمثل. وبعضهم يقول: نقضي الّذي علينا ولا نؤخّره، ووالله إنّ لعيّا لمستغنٍ برأيه وأمره عنا، ولا نراه إلّا سيكون على قريش أشدّ من غيره. فذكر ذلك لعلي فقام فحمد الله وأثنى عليه وذكر فضلهم وحاجته إليهم ونظره لهم وقيامه دونهم، وأنه ليس له من سلطانهم إلّا ذلك، والأجر من الله عز وجل عليه، ونادى: برئت الذمة من عبد لم يرجع إلى مواليه. فتذامرت السبئيّة والأعراب، وقالوا: لنا غدًا مثلها، ولا نستطيع نحتجّ فيهم بشيء.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: خرج علي في اليوم الثالث على الناس، فقال: يأيّها الناس، أخرجوا عنكم الأعراب. وقال: يا معشر الأعراب، الحقوا بمياهكم. فأبت السبئيّة وأطاعهم الأعراب. ودخل علي بيته ودخل عليه طلحة والزّبير وعدّة من أصحاب النبي ، فقال: دونكم ثأركم فاقتلوه؛ فقالوا: عشوا عن ذلك، قال: هم والله بعد اليوم أعشى وآبى. وقال:
    لو أنّ قومي طاوعتني سراتهم ** أمرتهم أمرًا يديخ الأعاديا

  • صفحة 7 من 13 الأولىالأولى ... 56789 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    2. ألف ليلة وليلة/الجزء الرابع
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 09:09 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    5. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1