الحرام وشَرَع فيه الدِّين إعذاراً وإنذاراً لئلا يكونَ للناس على الله حُجَّة بعد الرُّسل ويكونَ بلاغاً لقوم عابدين‏.‏ أوصيكم عبادَ الله بتقوى الله العظيم الذي ابتدأ الأمور بِعِلْمه وإليه يَصير مَعادُها وانقطاع مُدًتها وتَصرُّم دارها‏.‏ ثم إني أحَذِّرَكم الدُنْيا فإنها حُلْوَة خَضِرَة حُفّت بالشَّهوات ورَاقتْ بالقليل وأينعت بالفاني وتحبَّبت بالعاجل لا يَدومُ نَعيمُها ولا يؤْمَن فجيعُها أكَّالة غَوَّالة غرَّارة لا تُبْقي على حال ولا يَبقى لها حال ولن تَعْدُو الدنيا إذا تناهت إلى أمْنية أهل الرغبة فيها والرِّضا بها أن تكون كما قال الله عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏"‏ واضْرب لهم مَثَل الحَيَاة الدُّنيا كماءٍ أنْزَلناه من السمِاء ‏"‏ إلى قوله ومُقْتَدِراً نسأل الله ربنَّا وإلهنا وخالِقنا ومولانا أنْ يجعلنا وإياكم من فزَع يومئذ آمنين‏.‏ إنَّ أحسَن الحديثِ وأبلغَ الموعظة كتابُ الله يقول الله‏:‏ ما له ‏"‏ وإذا قُرِئ القُرآن فاسْتَمِعُوا لهُ وأنْصِتُوا لعلكم ترحَمُون ‏"‏‏.‏ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم لَقَدْ جَاءَكم رَسُولٌ من أنْفِسِكم إلى آخرً السورة‏.‏ خطب بني مروان خطبة عبد الملك بن مروان وكان عبد الملك بن مروان يقول في آخرً خطبته‏:‏ اللهم إنَ ذُنوبي قد عَظُمَت وجلَّت عن أن تُحْمى وهي صَغِيرَة في جَنْب عَفْوك فاعْفُ عني‏.‏ وخطب بمكة شَرَّفها الله تعالى فقال في خُطبته‏:‏ إنّي الله ما أنا بالخليفة المُسْتَضْعف يعني عثمان ولا بالخليفة المُدَاهن يعني معاوية ولا بالخليفة المأفون يعني يزيد‏.‏ قال أبَو إسحق النظام‏:‏ أما والله لولا نَسبَك من هذا المُسْتَضعف وسَبَبك من هذا المُذَاهن لكُنتَ منها أبعد من العِيوق‏.‏ والله ما أخذتها بوراثة ولا سابقة ولا قَرابة ولا بدعوى شورى ولا بوصيّة‏.‏ خطبة الوليد بن عبد الملك لما مات عبد الملك بن مروان ورجع الوليد من دَفنه لم يدخل منزله حتى دخل المسجدَ ونُودي في الناس‏:‏ الصلاةُ جامعة‏.‏ فَصَعِد المِنْبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أيها الناس إنه لا مُؤَخِّر لما قَدّمَ الله ولا مُقَدِّم لما آخرً الله وقد كان من قضاء الله وسابق عِلْمه وما كَتب على أنبيائه وحَمَلَة عرْشِه من الموت مَوْتُ وليّ هذه الأمَّة ونحن نرجو أنْ يصيرَ إلى منازل الأبرار للذي كان عليه من الشدّة على المُريب واللِّين على أهل الفَضْل والدِّين مع ما أقام من مَنار الإسلام وأعلاَمِه وحَجَ هذا البيت وغَزْو هذه الثغور وشَنّ الغارات على أعداء الله فلم يكن فيها عاجزاً ولا وانياً ولا مُفَرِّطاً‏.‏ فعليكم أيها الناس بالطاعة ولزوم الجماعة فإنّ الشيطان مع الفَذّ وهو من الجماعة أبعد‏.‏ واعلموا أنه من أبْدَى لنا ذاتَ نَفسه ضَرَبْنا الذي فيه عيناه ومَن سكت مات بدائه‏.‏ ثم نزل‏.‏ خطب سليمان بن عبد الملك فقال‏:‏ الحمد لله ألا إن الدُّنيا دار غُرور ومنزل باطل تُضْحِك باكياً وتُبْكي ضاحكاً وتُخِيف أمِناً وتُؤمِّن خائفاً وتُفقِر مثرْياً وتثري مُقْتِراً مَيَّالة غرَّارة لعَّابة بأهلها‏.‏ عبادَ الله فاتّحذوا كِتاب الله إماَماً وارَتضُوا به حَكماً واجعلوه لكم قائداً فإنه ناسخٌ لما كان قبلَه ولم يَنْسخه كتاب بعده‏.‏ واعلموا عبادَ الله أن هذا القران يَجْلو كيْدَ الشِّيطان كما يجلو ضوءُ الصُّبح إذا تنفّس ظلام الليل إذا عَسْعَس‏.‏ خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه‏:‏ قالت العُتبي‏:‏ أول خُطبة خَطبها عمرُ بن عبد العزيز رحمه الله قوله‏:‏ أيها الناس أصْلحوا سرائركم تَصْلُح لكم عِلانِيَتُكم وأصْلِحُوا أخرتكم تَصْلح دُنْياكم وإنَ امرئ ليس بينه وبين آدمَ أبٌ حيٌّ لَمُعْرِقٌ في المَوْت‏.‏ وخطبة له رحمه الله إن لكل سَفْر زاداً لا محالة فتزوَّدُوا مِن دُنياكم لأخرتكم التَقْوى وكُونوا كمن عايَن ما أعدَّ الله له من ثَوابه وعقابه فتَرهبوا وتَرْغَبوا ولا يَطولَنَّ عليكم الأمد فَتَقْسُو قلوبُكم وتَنْقادوا لعدوّكُم فإنه والله ما بُسِط أملُ مَن لا يدري لعلّه لا يُصبح بعد إمسائه أو يمسي بعد إصباحه وربما كانت بين ذلك خَطرات المَنايا وإنما