صفحة 10 من 22 الأولىالأولى ... 8910111220 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 37 إلى 40 من 88

الموضوع: تجارب الأمم


  1. #37
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وكتب إلى جميع المرتدّة كتبا بليغة بالإعذار والإنذار والترغيب والترهيب، ونفذت الرسل أمام الجنود بالكتب ونفذ خالد إلى طليحة، فهزمه وفضّ خيله.
    وكان طليحة ارتدّ في حياة رسول الله وادعى النبوّة. فوجه النبي ضرار بن الأزور عاملا على بنى أسد وأمرهم بالقيام في ذلك على كلّ من ارتدّ فأشجوا طليحة وأخافوا ونقص أمره، حتى لم يبق إلّا أخذه سلما. سوى أنّه كان ضرب ضربة بالجراز، فنبا عنه. فشاعت في الناس وأتى المسلمين - وهم على ذلك - موت نبيهم. وقال ناس: « إنّ السلاح لا يعمل في طليحة. » فقوي أمره ونقص أمر المسلمين لذلك، حتى إنّهم قالوا عرفنا ذلك في أنفسنا يوم ورد علينا الخبر بوفاة رسول الله .
    وقام عيينة بن حصين بنصره، وقام في غطفان فقال: « ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بنى أسد، وإني مجدّد الحلف الذي كان بيننا في الجاهلية، ومتابع طليحة، والله لأن نتبع نبيا من الحليفين أحبّ إلينا من أن نتبع نبيا من قريش. » وقد مات رسول الله وبقي طليحة، فطابقوه على رأيه. فلمّا قوى أمر طليحة واستفحل، هرب ضرار وأصحاب النبي وطاروا كلّ مطار.
    قال ضرار بن الأزور: « فما رأيت أحدا - ليس رسول الله - أملأ لحرب شعواء من أبي بكر، لجعلنا نخبره ولكأنّما نخبره بما له، لا عليه. »
    صرامة عمر وحصافته في هذا الوقت

    ومما ظهر من عمر - رضي الله عنه - في هذا الوقت صرامة وحصافة: أنّ عمرو بن العاص كان بعمان. فلمّا مات رسول الله أقبل حتى انتهى إلى البحرين، وسار في بنى تميم، وفي بنى عامر، حتى قدم المدينة، فأطافت به قريش وسألوه. فأخبرهم أنّ العساكر معسكرة من دبا إلى حيث انتهيت إليكم. وأخبرهم من اضطراب الإسلام وقوّة الأعداء ما كسرهم. فتفرّقوا وتحلّقوا حلقا. وأقبل عمر بن الخطاب يريد التسليم على عمرو. فمرّ بحلقة وهم في شيء مما سمعوا من عمرو، وفي تلك الحلقة عثمان وعليّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد. فلمّا دنا عمر منهم سكتوا.
    فقال عمر: « فيم أنتم؟ » فلم يخبروه، فقال: « ما أعلمني بالذي خلوتم له. » فغضب طلحة وقال: « يا ابن الخطاب أتخبرنا بالغيب؟ » فقال: « لا يعلم الغيب إلّا الله، ولكن أظنّ أنكم قلتم: ما أخوفنا على قريش، من العرب وأخلقهم ألّا يقرّوا بهذا الأمر. » قالوا: « صدقت. » قال: « فلا تخافوا هذه المنزلة. أنا والله منكم على العرب أخوف مني عليكم من العرب، والله لو تدخلون معاشر قريش جحرا لدخلته العرب في آثاركم. فاتقوا الله فيهم. » ثم مضى عمر إلى أبي بكر واجتمع مع عمرو.
    إسلام طليحة بعد ارتداده وادعائه النبوة

    فأمّا طليحة، فإنّه لما هزم أصحابه، هرب حتى نزل على كعب على النقع.
    فأسلم، ولم يزل مقيما في كلب حتى مات أبو بكر. وإنّما أسلم هنالك حتى بلغه أنّ أسدا وغطفان وعامرا قد أسلموا. فلمّا مات أبو بكر، أتى عمر للبيعة، فقال له عمر: « أنت قاتل عكاشة وثابت، والله لا أحبّك أبدا. » فقال يا أمير المؤمنين، ما تنقم عليّ من رجلين أكرمهما الله بيدي ولم يهنّى بأيديهما. » فبايعه عمر. ثم قال له خريم: « ما بقي من كهانتك؟ » قال: « نفخة أو نفختان بالكير. » ثم رجع إلى دار قومه، وأقام بها حتى خرج إلى العراق.
    ولما أعطى أهل بزاخة من أسد وغطفان وطيئ بأيديهم على الإسلام، لم يقبل خالد من أحد منهم ولا من هوازن وسليم، إلّا على أن يأتوا بالذين حرقوا ومثّلوا وعدوا على أهل الإسلام في حال ردّتهم. فأتوه بهم، فقتل منهم إلّا قرّة بن هبيرة ونفرا معه أو ثقتهم، ومثّل بالذين مثّلوا بالمسلمين، وأحرقهم بالنيران، ورضخهم بالحجارة، ورمى بهم من الجبال، ونكّسهم في الآبار، وخرق بعضهم بالنبال، وكتب بخبرهم وما صنع، إلى أبي بكر.
    فكتب إليه أبو بكر:
    « ليزدك الله ما أنعم به عليك خيرا، فاتق الله، ولا تظفرنّ بأحد قتل المسلمين إلّا قتلته ونكلت به غيره، وإن كنت أحييت ممّن حادّ الله وضادّه فاقتله. » فأقام خالد شهرا على بزاخة يصعّد ويصوّب ويرجع في طلب القوم، فمنهم من يحرق، ومنهم من يرضخه، ومنهم من يرمى به من الجبل.
    مكيدة للفجاءة تمت عليه

    وقدم الفجاءة بن إياس بن عبد ياليل على أبي بكر، فقال:
    « أعنّى بسلاح، ومرني بما شئت، ومن شئت من أهل البادية. » فأعطاه سلاحا، وأمَره أمْره، فخالفه، وخرج، ونزل الجواء، وبعث نجبة بن أبي الميثاء، وأمره بالمسلمين، فشنّها غارة على كلّ مسلم في سليم وهوازن، وبلغ ذلك أبا بكر، فأرسل إليه من حاربه بالجواء حربا شديدا، فقتل نجبة، وهرب الفجاءة، فلحقه من أسره وبعث به إلى أبي بكر، فأوقد له في مصلّى المدينة حطب كثير، ثم رمى به في النار مقموطا.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #38
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    قتل مسيلمة في حديقة الموت ومكيدة لمجاعة على خالد

    ومن وجوه المكائد في الحرب أنّ خالدا لما مضى نحو اليمامة قاصدا مسيلمة، فضرب [ بها ] عسكره، خرج أهل اليمامة مع المسيلمة. ثم التقى الناس، ولم تلقهم حرب قطّ مثلها من حرب العرب. فاقتتل الناس قتالا شديدا حتى انهزم المسلمون، وخاضوا إلى فسطاط خالد، فزال خالد عنه، وأسلم امرأته أمّ تميم، فرعبلوا الفسطاط بالسيوف.
    ثم إنّ المسلمين تداعوا وتبرّأوا إلى الله ممن انهزم، وجالدوا حتى قتل زيد بن الخطّاب وعدّة من خيار الناس، وخلصوا إلى محكّم اليمامة، وكان سيّدا فيهم، فقاتل قتالا شديدا حتى قتل، وزحف المسلمون، واشتدّ القتال. فكانت يومئذ سجالا إنّما يكون مرّة على المسلمين، ومرّة على الكافرين. واستحرّ القتال في المهاجرين والأنصار، وثبت مسيلمة، ودارت رحاهم عليه.
    فعرف خالد بن الوليد أنّها لا تركد إلّا بقتل مسيلمة، ولم تحفل بنو حنيفة بقتل من قتل منهم. فبرز خالد حتى إذا كان أمام الصفّ دعا إلى البراز، وانتمى وقال: « أنا ابن الوليد العود، أنا ابن عامر وزيد. » فجعل لا يبرز له أحد إلّا حطّمه وقتله. ودارت عليه رحى المسلمين فطحنت.
    ثم دنا خالد من مسيلمة، فدعاه مناديا بأعلى صوته ليطلب غرّته، وذلك لما علم أنّ الحرب لا تزول إلّا بزواله، فأجابه مسيلمة. فعرض عليه أشياء مما يشتهى مسيلمة، ثم قال له: « إن قبلنا النصف، فأيّ الأنصاف تعطينا؟ » فكان إذا همّ بجوابه، أعرض عنه مستشيرا شيطانه، فكان شيطانه ينهاه أن يقبل، فأعرض بوجهه مرّة من ذلك، فركبه خالد فأرهقه، فأدبر، وزالوا، فذمر خالد الناس، وقال: « دونكم لا تقيلوهم. »
    فاقتحموا حديقة الموت، فاقتحم الناس عليهم، فقتلوا منهم عشرة آلاف، وقتل مسيلمة. قتله وحشيّ بحربته، وأعانه رجل من الأنصار.
    وكان خالد ظفر قبل هذه الوقعة بمجّاعة مع نفر معه كانوا خرجوا في سريّة لهم، وكان ظنّ أنّهم استقبلوه. فلمّا سألهم صدقوه. ولو عرفوا خبره لقالوا: إنّما استقبلناك، فسلموا. فعرضهم على السيف، فقتلهم عن آخرهم إلّا مجّاعة، فإنّه استحياه طمعا في الانتفاع به. فلمّا فرغ من قتل مسيلمة وأخبر به أخرج مجّاعة يرسف في الحديد ليدلّه على مسيلمة، فجعل يكشف له القتلى حتى مرّ بمحكّم اليمامة، وكان وسيما حسنا. فلما رآه خالد قال: « هذا صاحبكم؟ » قال: « لا، هذا والله خير منه وأكرم، هذا محكّم اليمامة. » ثم مضى خالد يكشف له القتلى. فإذا رويجل أصفر أخينس، فقال مجّاعة: « هذا صاحبكم، قد فرغتم منه. » فقال خالد لمجّاعة: « هذا فعل بكم ما فعل. » قال: « قد كان ذلك يا خالد، وإنّه والله ما جاءك إلّا سرعان الخيل، وإن الحصون لمملوءة رجالا، فهلّم أصالحك على قومي. » يقول ذلك لرجل قد نهكته الحرب، وأصيب معه من أشراف الناس من أصيب، فقد رقّ، وأحبّ الدعة والصلح.
    فقال: « هلمّ أصالحك. » فصالحه على الصفراء والبيضاء والحلقة ونصف السبي.
    ثم قال: « فآتى القوم فأعرض عليهم ما قد صنعت. »
    قال: « انطلق إليهم. » فذهب وقال للنساء - وليس في الحصون إلّا النساء والصبيان ومن ليس به طرق من الشيوخ: « البسن الحديد، ثم أشرفن على الحصون، وانشرن شعوركنّ. » ثم كرّ نحو خالد وقال: « أبوا ما صالحتك عليه، ولكن صالحني على ربع السبي لأعزم على القوم. » قال خالد: « قد فعلت. » فسرّحه وقال: « أنتم بالخيار ثلاثا، والله لئن لم تتمّوا ولم تقبلوا، لأنهدنّ إليكم، ثم لا أقبل منكم خصلة أبدا إلّا القتل. » فكان خالد إذا نظر إلى الحصون رآها مملوءة الحيطان بالسلاح والسواد، فيراها رجالا وإنّما هي النساء.
    فلمّا رجع مجّاعة إليهم قال: « فأمّا الآن فاقبلوا. » ورجع إلى خالد، وقال: « بعد شرّ ما، قبلوا، اكتب كتابك. » فكتب:
    « هذا ما قاضى عليه خالد بن الوليد مجّاعة من مرارة وفلانا وفلانا، قاضاهم على الصفراء، والبيضاء، وربع السبي، والحلقة، والكراع، وحائط من كل قرية ومزرعة، على أن تسلموا، ثم أنتم آمنون بأمان الله ولكم ذمّة خالد بن الوليد، وذمّة أبي بكر خليفة رسول الله وذمم المسلمين على الوفاء. »
    فلمّا فرغ خالد بن الوليد من هذه الوقعة والصلح، فتحت الحصون، فإذا ليس فيها إلّا النساء والصبيان! فقال خالد لمجّاعة: « ويحك، خدعتني! » قال: « قومي، ولم أستطع إلّا ما صنعت. » ولمّا فرغ خالد من هذه الوقعة أمره أبو بكر بالمسير إلى العراق، وكان ما كان من أمره مع الفرس، ولم أجد في تلك الحروب والوقعات مع عظمها وشدتها موضع حيلة، ولا موقع تدبير تستفاد منه تجربة إلّا اليسير مما سنذكره، وباقيه كلّه جهاد من القوم ونصر من الله واجتهاد من المسلمين، وخذلان للفرس، وانصرام لمدّتهم، وانقضاء لملكهم.
    وكان شرطنا في أول الكتاب ألّا نثبت من الأخبار إلّا ما فيه تدبير نافع للمستقبل، أو حيلة تمّت في حرب، أو غيرها، ليكون معتبرا وأدبا لمن يستأنف من الأمر مثله، فلذلك تركنا إثبات هذه الوقائع، وعلى أنّا سنذكر الجمل التي فيها أدنى تنبيه على موضع فائدة، ولأجل ذلك، تركنا ذكر أكثر مغازي رسول الله ووقعاته، لأنّها كلّها توفيق الله ونصره وخذلان أعدائه، ولا تجربة في هذا، ولا تستفاد منه حيلة، ولا تدبير بشريّ.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #39
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ومن الآراء السديدة ما كان من خالد بالشام يوم اليرموك
    وذلك أنّ خالدا افتتح السواد الذي بينه وبين دجلة، وحاز غربيّ دجلة كلّها بوقائع كثيرة وحروب عظيمة، وشغل الفرس عن أمر الملك. فإنّ أردشير بن شيرى مات وقد كان هلك العظماء وأهل بيت كسرى بما أفناهم شيرى، وبغزوات خالد للعظماء، وتفرّغ أبو بكر للشام، وكان أمر خالدا ألّا يقتحم على الفرس، لأنّ مسالح لهم كانت من وراء المسلمين. فخشي أن يؤتوا من ورائهم، وقد كان المسلمون أشرفوا على الهلاك بالشام لكثرة جنود الروم.
    فكتب أبو بكر إلى خالد يأمره أن يستخلف على جنده، ويسير في عدد وافر إلى إخوانه المسلمين بالشام. ولما اهتمّ بأمر الشام كتب إلى عمرو بن العاص، وإلى الوليد بن عقبة، وكانا على عمل من الصدقات. أمّا عمرو فكان على صدقات هذيم وعذرة ومن لفّ لفّها. وأمّا الوليد فكان على النصف من صدقات قضاعة. فكتب أبو بكر إليهما يرغّبهما في الجهاد ويخيّرهما بين أعمالهما وما ندبهما إليه، فكتبا بإيثار الجهاد، فكتب أبو بكر بأن يندبا من يليهما، ويستخلفا على أعمالهما.
    ثم ندب أبو بكر من كان اجتمع إليه، وقوّى بهم عمرا، وأمّره على فلسطين وأمره بطريق سمّاها له. وولّى الوليد الأردن، وأمدّه ببعض من كان اجتمع إليه.
    ودعا يزيد بن أبي سفيان فأمّره على جند عظيم هم جمهور من انتدب له، وفي جنده سهيل بن عمرو، وأشباهه. واستعمل أبا عبيدة وأمّره على حمص مع جند.
    وكان قد قدّم خالد سعيد بن العاص، وأمره أن يأتى تيماء، ويقيم بها، فلا تتجاوزها، وينتدب إليه من حوله ويتقوّى به، حتى تأتيه الجنود. وسمى ليزيد بن أبي سفيان دمشق، ولشرحبيل بن حسنة الأردن.
    فتوافى الجند أطراف الشام مع الأمراء الأربعة، وهم سبعة وعشرون ألفا. وأمّر أبو بكر معاوية وشرحبيل على ثلاثة آلاف، وكان عكرمة بن أبي جهل ردءا لهم في ستة آلاف. وكان في ثغر الروم أبو عبيدة، فشجى بالروم وكثروا عليه، فكتب إلى أبي بكر يستمدّ، وأمدّهم بخالد بن الوليد من العراق في عشرة آلاف، فكانوا ستة وأربعين ألفا، وكان قتالهم على تساند: كلّ جند وأميرهم، ولا يجمعهم أمير واحد حتى قدم عليهم خالد بن الوليد من العراق.
    تدبير حصيف من خالد

    فلمّا قدم خالد، وجد الروم في جمع عظيم وقد استمدوا المستعربة ونصارى العرب ومسالح الفرس، فكانوا في مائتي ألف مقاتل على حنق شديد، وهم يقاتلون بنشاط واجتماع. ورأى المسلمين متساندين يقاتل كل قوم مع أميرهم.
    فقال لهم: « هل لكم يا معشر الرؤساء في أمر يعزّ الله به الدين، ولا يدخلكم منه نقيصة ولا مكروه؟ » قالوا: « وما ذلك؟ » قال: « إنّ هذا يوم من أيّام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، فإنّ هذا يوم له ما بعده، ولا تقاتلوا قوما على نظام وتعبئة على تساند وانتشار فإنّ ذلك لا ينبغي ولا يحلّ، وإنّ من وراءكم لو يعلم علمكم، حال بينكم وبين هذا. فاعلموا في ما لم تؤمروا به، بالذي ترون أنه الرأي من واليكم ومحبّته. »
    قالوا: « هات ما الرأي؟ » قال: « إنّ أبا بكر لم يبعثنا إلّا وهو يرى أنّا سنتياسر، ولو علم بالذي كان ويكون لقد جمعكم. إنّ الذي أنتم فيه أشدّ على المسلمين ممّا غشيهم، وأنفع للمشركين من أمدادهم. ولقد علمت أنّ الدنيا فرّقت بينكم، فالله الله في دينكم، فقد أفرد كلّ رجل ببلد من البلدان لا ينتقصه منه أن دان لأحد من أمراء الجنود، ولا يزيده أن دانوا له.
    إنّ تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله، هلمّوا، فإنّ هؤلاء قد تهيّئوا، وهذا يوم له ما بعده، إن رددنا القوم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردّهم. وإن هزمونا لم نفلح بعدها. فهلمّوا، فلنتعاور الإمارة، فليكن عليها بعضنا اليوم، والآخر غدا، والآخر بعد غد حتى يتأمّر كلّنا. دعوني ألكم اليوم. » فأمّروه وهم يرون أنّها كخرجاتهم قبل قدوم خالد وأنّ الأمر طويل والإمارة تصل إلى كلّ واحد منهم.
    فخرجت الروم في تعبئة لا يكون أحسن منها، ولم ير المسلمون مثلها قطّ.
    وخرج خالد في تعبئة لم تعبّ مثلها العرب. وذلك أنّه لمّا رأى كثرة عدد الروم، قال:
    « إنّه ليس في التعبئة تعبئة أكثر في رأى العين من الكراديس. فجعل القلب كراديس كثيرة، وأقام فيها أبا عبيدة، وجعل الميمنة كراديس، وعليها عمرو بن العاص، وجعل الميسرة كراديس، وعليها يزيد بن أبي سفيان، وجميعها ستّة وثلاثون كردوسا. وفي الجماعة ألف رجل من أصحاب رسول الله فيهم نحو من مائة من أهل بدر. وكان أبو سفيان يدور ويحرّض الناس.
    فقال رجل لخالد: « ما أقلّ المسلمين وأكثر الروم! » فقال خالد: « ما أكثر المسلمين وأقلّ الروم، إنّما تكثر الجنود بالنصر، وتقلّ بالخذلان، لا بعدد الرجال. والله، لوددت أنّ الأشقر براء من توجّيه، وأنّهم أضعفوا في العدد. » وكان فرسه قد حفى في مسيره.
    ثم أنشب القتال والتحم الناس وتطارد الفرسان. فإنّهم على ذلك، إذ قدم البريد من المدينة. فأخذته الجنود، وسألوه الخبر. فلم يخبرهم إلّا بسلامة، وأخبرهم عن أمداد، وإنّما جاء بموت أبي بكر وتأمير أبي عبيدة، فأبلغوه خالدا، فأخبره الخبر، وأسرّه إليه، وأخبره بما قال للجند، فقال: « أحسنت، فقف. » وأخذ الكتاب، فجعله في كنانته وخاف - إن أظهر ذلك - أن ينتشر أمر الجند.
    وجدّ خالد في القتال، وصلى الناس الأولى والعصر إيماء، وتضعضع الروم، ونهد خالد بالقلب، حتى كان بين خيلهم ورجلهم.
    وكان موضعهم الذي اختاروه للقتال واسع المطّرد، وضيّق المهرب. فلمّا وجدت خيلهم مهربا ذهبوا وتركوا رجلهم في مصافّهم، وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء. ولما رأى المسلمون خيل الروم توجّهت للهرب، أفرجوا لها ولم يحرجوها. فذهبت متفرّقة في البلاد، وأقبل خالد والمسلمون على الرجل، ففضّوهم. فكأنّما هدم بهم حائط، فاقتحموا في خندقهم فاقتحم عليهم فعمدوا إلى الواقوصة حتى هوى فيها المقترنون وغيرهم، فمن صبر من المقترنين للقتال هوى به من جشعت نفسه، فيهوى الواحد بالعشرة لا يطيقونه، كلّما هوى اثنان كانت البقية أضعف. فتهافت في الواقوصة عشرون ومائة ألف إنسان منهم ثمانون ألف مقترن وأربعون ألف مطلق، سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل، وتجلّل أخو ملك الروم وأشراف من أشرافهم برانسهم وقالوا:
    « لا نحبّ أن نرى يوم السوء، إذ لم نستطع أن نرى يوم السرور، وإذ لم نستطع أن نمنع النصرانية. » فأصيبوا في تزمّلهم.
    وقد كان عكرمة بن أبي جهل في بعض جولات الروم نزل عن فرسه وقال: « قاتلت عن رسول الله في كلّ موطن وأفرّ اليوم! » ثم نادى: « من يبايع على الموت؟ » فبايعه ضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه الناس والفرسان، فقاتلوا قدّام فسطاط خالد، حتى أثبتوا جميعا جراحا، وقتلوا إلّا من برأ ومنهم ضرار.
    وقاتل النساء يومئذ وجرحت جويرية بنت أبي سفيان، وكانت مع زوجها، بعد قتال شديد، وكان الأشتر ممن شهد هذا اليوم - وهو اليرموك - فأبلى بلاءا حسنا.
    ولمّا فرغ خالد من حرب القوم نعى إلى الناس أبا بكر وقال: « الحمد لله الذي قضى على أبي بكر الموت، وكان أحبّ إليّ من عمر، والحمد لله الذي ولّى عمرو كان أبغض إليّ من أبي بكر، ثم ألزمني طاعته. » وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو دون حمص، وبلغه قتل أخيه مع الصناديد وعامّة الخيل والرجل، فارتحل وصار الأمر لأبي عبيدة.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #40
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    من عجيب ما ركبه خالد

    ومن عجيب ما ركبه خالد بن الوليد في سفرته هذه التي خرج فيها من العراق لمعاونة أبي عبيدة على الروم، أنّه: لمّا هزمت الروم خالد بن سعيد بن العاص، وقتلوا ابنه وقتلوا الجيش الذي معه، واجتمعت الروم باليرموك، قالوا:
    « والله لنشغلنّ أبا بكر والعرب في أنفسهم عن تورّد بلادنا. » ثم نزلوا الواقوصة مستعلين.
    فبلغ ذلك أبا بكر، فقال: « والله لأنسينّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد. » فكتب إليه أن: « سر حتى تأتى جموع المسلمين باليرموك، فانّهم قد شجوا بالروم، وإنّه لم يشج الجموع من الناس بعون الله شجاك، ولم ينزع الشجا من الناس نزعك، فلتهنئك - أبا سليمان - النية والحظوة، فأتمم - تمّم الله لك - ولا يدخلنّك عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدلّ بعمل، فإنّ الله له المنّ وهو وليّ الجزاء، فاستخلف المثنّى بن الحارثة بالعراق، فإذا فتح الله على المسلمين الشام فارجع إلى عملك بالعراق. » فقال خالد: « كيف لي بطريق أخرج فيه من وراء جموع الناس. » فجمع الأدلّاء وأهل الخيرة، فكلّهم قالوا: « لا نعرف إلّا طريقا لا يحمل جيشا، يأخذه الفذّ والراكب. » ونهوه أن يغرّر بالمسلمين. فعزم عليه، ولم يجبه أحد إلّا رافع بن عميرة على تهيّب شديد. فقام فيهم وقال: « يا قوم لا يخلفنّ هديكم، ولا يضعفنّ يقينكم، واعلموا أنّ المؤونة تأتى على قدر النيّة، والأجر على قدر الحسبة. » فأجابه نفر، وقالوا لخالد: « أنت رجل مصنوع لك، فشأنك. » فطابقوه ونووا، واحتسبوا.
    فقال لهم رافع: « تروّوا للشفة لخمس. » فظمّأ كلّ قائد من الإبل الشرف الجلال ما يكتفى به، ثم سقوها العلّ بعد النهل، ثم صرّوا آذان الإبل وكعّموها وخلّوا أدبارها.
    ثم ركبوا من قراقر مفوّزين إلى سوى وهي إلى جانبها الآخر ممّا يلي الشام. فلما ساروا يوما افتظّوا لكل من الخيل كروش عشر من تلك الإبل فمزجوا ما في كروشها بما كان من الألبان. ثم سقوا الخيل وشربوا للشفة جرعا، فعلوا ذلك أربعة أيّام. فلمّا نزلوا بسوى وخشي أن يفضحهم حرّ الشمس نادى خالد رافعا: « ما عندك يا رافع؟ » قال: « خير، أدركتم الريّ وأنتم على الماء. » وكان يشجعهم وهو متحيّر به رمد.
    ثم قال: « أيها الناس، انظروا عليمين كأنّهما ثديان. » فأتوا عليهما وقالوا: « علمان. » فقام عليهما فقال: « اضربوا يمنة ويسرة لعوسجة كقعدة الرجل. » فقالوا: « لا نرى شيئا. » فقال: « إنّا لله، هلكتم وهلكت معكم، انظروا. » فنظروا فوجدوا جذمها، فقالوا: « جذم، ولا نرى شجرة. » فقال: « احتفروا حيث شئتم. » فاستثاروا أوشالا وأحساء رواء. فقال رافع: « أيها الأمير، ما وردت هذا الماء منذ ثلاثين سنة، وما وردته إلّا مرّة وأنا غلام مع أبي. » فانحاز خالد من سوى على مضيّح بهراء، وإنّهم لغارّون وناس منهم يشربون خمرا لهم في جفنة قد اجتمعوا عليها ومغنّيهم يقول:
    ألا علّلانى قبل جيش أبي بكر ** لعلّ منايانا قريب وما ندري
    أظنّ خيول المسلمين وخالدا ** سيطرقكم قبل الصّباح من البشر
    فهل لكم في السّير قبل قتالهم ** وقبل خروج المعصرات من الخدر
    فيزعمون أنّ مغنيهم قتل، وسال دمه في الجفنة عند الغارة. وقال شاعر المسلمين:
    لله عينا رافع أنّى اهتدى ** فوّز من قراقر إلى سوى
    خمسا إذا ما سارها الجيش بكى ** ما سارها قبلك إنسيّ أرى
    فلما انتهى خالد إلى سوى أغار على أهله وقد خلّف ثغور الروم وجنودها ممّا يلي العراق، فصار بينهم وبين اليرموك، ثم صمد لهم الطريق حتى صار إلى دمشق، ثم مرج الصفر. فلقى غسّان وعليهم الحارث بن الأيهم، فانتسف عسكرهم وعيالاتهم وبعث بالأخماس إلى أبي بكر، ثم خرج حتى نزل مياه بصرى، فكانت أوّل مدينة فتحها خالد من الشام بمن معه من جنود العراق، فخرج منها فوافى المسلمين بالواقوصة في عشرة آلاف.
    ولما تراءى العسكران بعث القيقلار أخو ملك الروم - وهو صاحب الجيش - رجلا عربيّا من قضاعة وقال له: « ادخل في هؤلاء القوم، فأقم فيهم يوما وليلة، ثم ائتني بخبرهم. » فدخل في الناس رجل عربيّ لا ينكر، فأقام فيهم، ثم أتاه.
    فقال: « مه، ما وراءك؟ » قال: « هم رهبان بالليل فرسان بالنهار، لو سرق ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجموه إقامة للحدّ. » فقال القيقلار: « لئن كنت صادقا لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها. »
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 10 من 22 الأولىالأولى ... 8910111220 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. اختفاء 4 بحارة بنغلادشيين في طرطوس منذ أيام
      بواسطة Syria News في المنتدى أخــبار ســــــوريا Syria news 24/24
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-05-2010, 07:50 PM
    2. تجارب على شريان دم صناعي
      بواسطة سارة في المنتدى ملتقى أخبار الانترنت والكمبيوتر والعلوم الحيوية Internet and Computer Forum
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 04-28-2010, 10:04 PM
    3. تجارب على مواد نانو مترية
      بواسطة سارة في المنتدى ملتقى أخبار الانترنت والكمبيوتر والعلوم الحيوية Internet and Computer Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 04-17-2010, 08:07 PM
    4. أطعمة خاصة بالمتزوجين تحارب العجز
      بواسطة Dr.Ibrahim في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 04-07-2010, 10:46 PM
    5. أشعة الشمس تحارب مرض السرطان!
      بواسطة Dr.Ibrahim في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-09-2010, 05:49 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1