صفحة 10 من 12 الأولىالأولى ... 89101112 الأخيرةالأخيرة
النتائج 37 إلى 40 من 45

الموضوع: تجارب أمم المجلد السادس

العرض المتطور

عاشق الوطنية تجارب أمم المجلد السادس 06-15-2010, 10:05 AM
عاشق الوطنية فعرّفه أنّ الصواب في اجابته... 06-15-2010, 10:07 AM
عاشق الوطنية إلّا أنّ مدّته لم تطل. فقتل... 06-15-2010, 10:08 AM
عاشق الوطنية كر الخبر عن إصعادهم وما آلت... 06-15-2010, 10:09 AM
عاشق الوطنية وفيها دخل ابن رائق بغداد... 06-15-2010, 10:09 AM
عاشق الوطنية ذكر إمارة أبي محمد الحسن بن... 06-15-2010, 10:13 AM
عاشق الوطنية موافاة ابن شيرزاد بغداد ... 06-15-2010, 10:14 AM
عاشق الوطنية « إنّ الأمير قد ثار المرار به... 06-15-2010, 10:16 AM
عاشق الوطنية وأطالت الكلام في هذا المعنى... 06-15-2010, 10:16 AM
عاشق الوطنية ورد الخبر بدخول ينال كوسه في... 06-15-2010, 10:17 AM
عاشق الوطنية وتعذّر على الناس العبور من... 06-15-2010, 10:17 AM
عاشق الوطنية نوح بن نصر يقبض على إخوة ابن... 06-15-2010, 10:18 AM
عاشق الوطنية ثم إنّ نوحا سار إلى ثغور... 06-15-2010, 10:18 AM
عاشق الوطنية « أى شيء ترى؟. » فقلت: «... 06-15-2010, 10:19 AM
عاشق الوطنية ثم قرر أمرهم على أن يردّوا... 06-15-2010, 10:20 AM
عاشق الوطنية ودخلت سنة أربعين وثلاثمائة ... 06-15-2010, 10:21 AM
عاشق الوطنية صلح بين صاحب خراسان وبين... 06-15-2010, 10:22 AM
عاشق الوطنية وسار يطلب ابن محتاج وانفلّ عن... 06-15-2010, 10:22 AM
عاشق الوطنية قال فيها: « أنت ذاكر ما جرى... 06-15-2010, 10:23 AM
عاشق الوطنية وكان جستان بن شرمزن تحصّن... 06-15-2010, 10:23 AM
عاشق الوطنية فقال معزّ الدولة للوزير أبي... 06-15-2010, 10:24 AM
عاشق الوطنية وكان بذل لأهل البلد قبل أن... 06-15-2010, 10:25 AM
عاشق الوطنية وورد الخبر بأنّ الأتراك نزلوا... 06-15-2010, 10:25 AM
عاشق الوطنية ورد الخبر على ركن الدولة... 06-15-2010, 10:26 AM
عاشق الوطنية لما اعتلّ أبو عليّ [ محمّد ]... 06-15-2010, 10:26 AM
عاشق الوطنية وشخص إلى الكوفة لتقرير أمور... 06-15-2010, 10:27 AM
عاشق الوطنية ترمش، ليكون الأمر غير خارج عن... 06-15-2010, 10:28 AM
عاشق الوطنية وكان يشقّ على سهلان بن مسافر... 06-15-2010, 10:30 AM
عاشق الوطنية وتوفى معزّ الدولة فنفق على... 06-15-2010, 10:31 AM
عاشق الوطنية ذكر سوء تدبير بختيار لأمر... 06-15-2010, 10:31 AM
عاشق الوطنية بختيار يصالح عمران ويعود إلى... 06-15-2010, 10:32 AM
عاشق الوطنية ذكر تدبير دبره الترك وأكابر... 06-15-2010, 10:32 AM
عاشق الوطنية كان بين بختيار وبين والدته... 06-15-2010, 10:33 AM
عاشق الوطنية كان حمدان بن ناصر الدولة... 06-15-2010, 10:34 AM
عاشق الوطنية فأمّا الخليفة الطائع لله... 06-15-2010, 10:35 AM
عاشق الوطنية كر ما جرى عليه أمر ابن بقية... 06-15-2010, 10:36 AM
عاشق الوطنية قد ذكرنا مرض ركن الدولة وسبب... 06-15-2010, 10:37 AM
عاشق الوطنية من عجائب ما اتفق على بختيار... 06-15-2010, 10:38 AM
عاشق الوطنية كان حمدان بن ناصر الدولة خرج... 06-15-2010, 10:39 AM
عاشق الوطنية وجد أبو الوفاء لأبي الحسين... 06-15-2010, 10:39 AM
عاشق الوطنية فدخل بغداد يوم الخميس لثمان... 06-15-2010, 10:40 AM
عاشق الوطنية لما توفّى عمران بن شاهين وفرغ... 06-15-2010, 10:40 AM
عاشق الوطنية واخيرا نهاية المجلد السادس... 06-15-2010, 10:41 AM
عاشق الوطنية سيرتهم وكيف ضبطوا ممالكهم... 06-15-2010, 10:13 AM
عاشق الوطنية فلم يلبث محمد بن العبّاس أبو... 06-15-2010, 10:29 AM

  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    قد ذكرنا مرض ركن الدولة وسبب ذلك وحكينا انصراف عضد الدولة من بغداد على الحال التي وصفناها واستيحاشه من أبيه لما كان منه في مكاشفته ونصرة بنى أخيه ورأى تجاسر الأعداء عليه واختلال هيبته في صدور أوليائه ولم يأمن أن يموت ركن الدولة على تلك الحال فينتشر ملكه ولا يجتمع له ما يحب.
    فراسل أبا الفتح ابن العميد وكان قطع مكاتبة أبيه استيحاشا منه وتجنّيا عليه وسأله أن يتوسط بينه وبين أبيه حتى يعود له كما كان وتلطف مع ذلك في أن يجتمعا ويعهد إليه ويشهر ذلك في ممالكه وبين وجوه الديلم والجند.
    وكان أبو الفتح ابن العميد متمكنا من ركن الدولة ومن الجند أيضا فكان يحبّ أن يتلافى قلب عضد الدولة لما كان منه إليه وهو مع ذلك لا يأمنه ويخشى بادرته ومكايده، فخاطب ركن الدولة وأعلمه ما يخشى من اضطراب الحبل وفساد ما بين أهل بيته باستيحاش عضد الدولة وحذّره من ترك هذه الصورة حتى تستمر وتتمكن من النيات والقلوب ولم يزل به حتى رقّ ولان وعرف صلاح حال أولاده وممالكه وممالك بنى أخيه فيما دعاه إليه.
    ثم أشار عليه بأن يأذن له في الورود عليه حتى يجتمع معه ويراه فقد كان فارقه صبيا ويشاهده الجند بحضرته ويزول ما خامر قلبه وقلوب الناس من اعتراض الوحشة ويجعله وليّ عهده إذ كان أكبر أولاده وأنجبهم وأوسعهم مملكة وأكثرهم مالا وعدة ورجالا.
    فأجابه ركن الدولة: بأنّ هذا رأي صواب ولكن ليس في خزائنه ما يتسع لعضد الدولة ومن يرد معه من الخيل والقواد والغلمان وإن لم يلاطف الجماعة بإقامة الأنزال واتخاذ الدعوات وإفاضة الخلع والحملانات والهدايا على الجماعة افتضح وتهجّن. فقال له أبو الفتح:
    « فتسير أنت إليه لتجدد النظر في تلك الممالك التي طال عهدك بها وتشاهد أولئك العسكر الذين رتّبتهم قديما وحديثا فيها ويلتزم عضد الدولة لك ولجندك وجميع حاشيتك ما أشفقت من التزامه لهم وتقيم السياسة التي لا بدّ لك من إقامتها بين أولادك وممالك. » فقال له:
    « هذا يقبح في الأحدوثة وعند ملوك الأطراف وفيمن يأتى بعدنا من الأمم أن يتحدث الناس أنّ فلانا أوحش ابنه في أمر رأى إيحاشه وتأديبه فيه ثم قصده يترضّاه. » فكوتب عضد الدولة بجميع هذه الفصول فكتب:
    « إنّ هاهنا خلّة أخرى يسلم فيها من جميع هذه الأشياء التي ينكرها وهو أن يقصد أصبهان فإنّها من أعماله وأنهض أنا من فارس فأقصده لخدمته وعيادته من مرضه ويلزمني حينئذ تفقد أسبابه وحاشيته ولا يلزمه لي ولا لأحد ممن يصحبنى شيء ولا يتحدث بأنّه قصدني أو زارني. » فتقرر الرأي على ذلك وتشمّر أبو الفتح ابن العميد له حتى تمّت العزيمة ونهض ركن الدولة مع ضعفه ومرضه وحضر أصبهان واستدعى الأمير فخر الدولة وهو ابنه عليّ وكان مؤيد الدولة في ولايته مقيما بأصبهان وهو ابنه بويه وحضر عضد الدولة وخرج ركن الدولة في تلقّيه.
    فلمّا قرب من البلد وقف على نشز من الأرض حتى ترجّل له عضد الدولة ابنه وقبّل الأرض مرات ثم تقدم إليه فقبل يده ثم تتابع القواد والأمراء وكبار الحاشية بتقبيل الأرض والخضوع له. فرأي لنفسه منظرا يسر مثله الآباء في أولادهم. ثم سار حتى نزل ونزل كل واحد حيث رسم له ونزل عضد الدولة معه في دار الامارة في الابنية التي كان استحدثها مؤيد الدولة.
    ثم دعا أبو الفتح ابن العميد دعوة جمع فيها ركن الدولة وجميع أولاده ووجوه الأمراء والقواد والحاشية وخاطبهم ركن الدولة بأن عضد الدولة وليّ عهده وخليفته على ممالكه وأنّ مؤيد الدولة وفخر الدولة خلفاؤه في الأعمال التي رتبهم فيها.
    ولزمت أبا الفتح مؤونة عظيمة وحمل إلى كل واحد من ركن الدولة والأمراء من أولاده وقوّاده وحاشيته ما يليق به وكان في جملة ما خلع على الخواص من الديلم ومن يجرى مجراهم ألف قباء وألف كساء.
    تقرر الرئاسة على عضد الدولة

    وانصرف القوم وقد تقررت الرئاسة من بين أولاد ركن الدولة على عضد الدولة، واعترف له مؤيد الدولة وفخر الدولة به وخدماه بالريحان على الرسم المعروف لهم، وخدمه بعدهما كل أمير وقائد ممن حضر، وكتب بذلك عهد قرئ وكتب فيه القوم خطوطهم.
    وكان بختيار سيىء الظن شديد الحذر مما تقدم له ولجنده من مكاشفة عضد الدولة فهو يحب أن يصلح أمره معه فتتابع كتبه إلى ركن الدولة ويسأله أن يعصمه من الحال التي خافها وأنفذ إليه عيسى بن الفضل صاحب دواته ووافق ذلك هذا الوقت الذي كنا في ذكره من اجتماع الجماعة بأصبهان فتكلم ركن الدولة في ذلك وأظهر عضد الدولة في الحال الإغضاء عنه وشرط عليه أن يقلع عما يوحشه من بعد ولا يعاود شيئا مما ذمّه منه فعلا وقولا.
    وكان بختيار سكن قليلا إلى ذلك إلّا انّ محمد بن بقية مقيم على خوفه وحذره ويحمل بختيار على مكاتبة سهلان بن مسافر وكان وجه عسكر فخر الدولة وحسنويه بن الحسين البرزيكانى وكان مجاورا لأعماله ومصاهرا له ويحمله أيضا على استمالة فخر الدولة حتى يدخل في منابذة أخيه عضد الدولة. فترددت الرسل بينهم فتأكدت العهود بينهم واستعدوا جميعا للمعاونة واتفقوا على التعاضد والتوازر إن نابت أحدا منهم نائبة.
    وحضر كتّاب لهم وجرت موافقة في أمور مشهورة ظهر منها تقليد كل واحد من فخر الدولة وسهلان بن مسافر ما في أيديهما من الأعمال رئاسة من قبل السلطان وكتب لهما العهد ولقب سهلان: عصمة الدولة وكنّى وأنفذت الخلع الى الجهتين ووعد حسنويه بمثل ذلك إذا سار. فلمّا وردت عليهم هذه الخلع أحجموا عن لبسها وتوقفوا عن إظهار المنابذة لعضد الدولة فمكثت الخلع على الرسل مطّرحا لا يلبس ولا يتلقّب سهلان ولا يتكّنى وجرى الأمر على غاية الأخلوقة والفضيحة.
    وواصل بختيار وابن بقية عدّة الدولة أبا تغلب ابن حمدان ومعين الدولة عمران بن شاهين وقطعت الخطبة ببغداد وجميع منابر العراق عن اسم عضد الدولة وزعم بختيار أنّ الرئاسة له بعد ركن الدولة.
    وشرع ابن بقية في تلقيب ثان مضاف إلى لقبه الأول وأن ينشأ كتاب عن الخليفة بالزيادة في المقاطعة والمكاشفة وأشيع ذلك على المنابر وأطلق للناس الكلام القبيح وعظم بختيار وأنزل منزل ركن الدولة بالعراق والممالك المجاورة له وزعم أنّه يلتمس تلك المنزلة من عضد الدولة ومن دونه وتلاه ابن بقية في هذه المراتب ووجد من جهال الجند مساعدة له ورغبة في حطام يتناولونه منه ويأكلون عنده واسرارا للبراءة منه وإسلامه.
    وكان يظن أنّه، عنده إن بلغ ما يحبّ بالتدبير الذي دبّره، فقد فاز وإن انعكس عليه كان بختيار الهالك وهو الناجي فيظن ظنّا خطأ لأنّ من سلك مسلكه لم ينج ولم يخل من ورطة يقع فيها تكون سبب هلاكه.
    ودخلت سنة ست وستين وثلاثمائة

    تحرك عضد الدولة نحو العراق من فارس

    وفي هذه السنة تحرك عضد الدولة نحو العراق ورحل من فارس فجد محمد بن بقية وبختيار في مكاتبة الجماعة المذكورة.
    وكان حسنويه بن الحسين الكردي خاصة يغرّ بختيار من نفسه ويطمعه في أنّه سائر إليه لمعاونته بنفسه وأهل بيته ومن يطيعه من الأكراد وكان يحب أن يشتت الألفة ويفرق الكلمة، لأنّ نظام أمره كان في انتشار أمر هؤلاء الملوك.
    وكان بروز بختيار وابن بقية يوم الاثنين لليلة بقيت من جمادى الأولى يريدان الزيارة والتصيد ثم الانقلاب إلى واسط قاصدين الأهواز على نية المحاربة. فانتهيا إلى واسط في انسلاخ جمادى الآخرة ووقعت بينهما وبين عمران بن شاهين مصاهرات وتزوج بختيار بابنة عمران بن شاهين وتزوج الحسن بن عمران بابنة بختيار.
    وفي هذا الوقت أهلك ابن الراعي بأمر ابن بقية خلقا ممن كان يتهمهم فيهم المعروف بابن عروة وهو ابن أخت أبي قرّة وكان من وجوه العمال وفيهم عليّ بن محمد الزُّطّى وكان إليه شرطة بغداد ومنهم المعروف بابن العروقى وكان أيضا إليه الشرطة بواسط وجماعة يجرون مجراهم وهمّ بقتل صاعد بن ثابت وكان قبض عليه ونكبه ولكنه سلم من القتل.
    وراسل بختيار من واسط الطائع لله وراسله ابن بقية يسئلانه الانحدار إليهما والمسير معهما فامتنع من ذلك وترددت المكاتبات في ذلك إلى أن قرر عنده أنّه إنّما يسأل تجشم العناء للصلح والألفة فحينئذ انحدر إلى واسط وسارت الجماعة عنها إلى الأهواز والمكاتبات تتردد في خلال ذلك بين القوم وبين حسنويه بن الحسين وهو يعد بالمسير. فبينا هم كذلك إذ ورد خبر عضد الدولة في نزوله أرجان في جميع عساكره فاضطربت القلوب وكتب عن الخليفة كتاب في معنى الدعاء إلى السلم والكفّ عن الحرب وأنفذ الكتاب مع خادم من خدم بختيار على أنّه من خدم الخليفة. وكان الطمع في الصلح في هذا الوقت محالا.
    فاستقرّ الرأي بعد مناظرات بين بختيار وأصحابه على أن تكون الوقعة بالأهواز [ شاطئ شوراب ] والتحصن بالنهر المعروف بسوراب والقتال من ورائه فبرزوا وضربوا مضاربهم على شاطئ سوراب ونفذ أبو إسحاق ابن معزّ الدولة في طائفة من الجيش إلى عسكر مكرم لضبطها وحفظت المعابر على المسرقان وجردت العساكر من الأعراب والأكراد وغيرهم إلى رامهرمز وذلك أن المقيم كان بها والضامن لها وهو الحسن بن يوسف استأمن إلى عضد الدولة.
    إفضاء الحال إلى الحرب بين عضد الدولة وبختيار

    ولما رأى الطائع لله أنّ الحال أفضت إلى الحرب امتنع من المقام وبرز متوجها إلى بغداد. فاجتهد بختيار وابن بقية الجهد كله في أن يقيم فأبى ذلك وسار إلى دجلة البصرة وأصعد فيها إلى مدينة السلام مجتازا في أعمال البطيحة.
    ثم ورد خبر نزول عضد الدولة رامهرمز وهزيمة ذلك العسكر الذي نفذ إليها فزاد قلوب القوم ضعفا وانتقض عليهم رأيهم في لزوم شاطئ نهر سوراب فرجعوا منهزمين إلى أفنية سوق الأهواز وقطعوا قنطرة اربق وكوتب إبراهيم بن معزّ الدولة بالعود من عسكر مكرم فعاد واجتمع جيشهم.
    واتصل ببختيار أن سلار بن با عبد الله سرخ هو مع جماعة من وجوه قوّاده وجماعة أخرى عاملون على أن يستأمنوا ويفضّوا عسكره وأشير عليه بالقبض عليهم وتقيدهم وحمله إلى واسط فضعفت نفسه عن ذلك وخشي اضطراب باقى عسكره وضعف عن المحاربة بالأهواز وعمل على أن يرجع إلى واسط موفورا فيجعل الحرب فيها، فمنعه ابن بقية وجميع القوّاد عليه وألزموه المقام. وطالبه العسكر بالمال فظهرت خلته وفاقته وابتدأ ابن بقية بمصادرة أهل البلد وكسر بختيار أوانى الذهب والفضة من الحلي والمراكب وضربت عينا وورقا فضعفت آمال جنده. وعقد على دجيل جسرا ضيقا ضعيفا في أسفل البلد وعلى طريق لا يصلح للعساكر عدّة للهرب.
    ووردت أخبار عضد الدولة باستظهار شديد ومال كثير وكراع وسلاح وجمال موقرة بالأزواد والآلات وعدة فيول مقاتلة وكان على ثقة من استئمان جماعة من البختيارية إليه منهم سلار سرخ الذي ذكرناه وذلك أنّ كتبه وصلاته كانت متصلة إليهم.
    وقدم عضد الدولة أمامه أبا الوفاء طاهر بن محمد بن إبراهيم وضم إليه جماعة فيهم المعروف بالكاروى الأهواز مع جيش من رجاله القفص وغيرهم فوردوا الباسيان وجمعوا السفن وصاروا بها إلى الناحية المعروفة... فعقدوا جسرا.
    وورد عضد الدولة فعبر عليه وجميع عساكره والأخبار ترد مع ذلك على بختيار وابن بقية فلا يكون فيهما فضل للممانعة عن العبور ويثبتان ثبات التحيين وذلك أنّ من عجز عن ردّ بعض العساكر عن العبور والزحف في المواضع التي يمكن فيها الممانعة كيف يثبت لجميع العساكر في الفضاء! وتمسك عضد الدولة بالماء فنزل على شاطئ النهر لأنّ الوقت كان مدخل تموز فنزل من القوم على نحو الفرسخ وبكر يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ستّ وستّين وثلاثمائة على تعبئة ونظام وعدّة واستظهار واحتياط وصافّه بختيار مصافّة مضطربة وجعل الفرسان أمام الرجالة وهذا شيء ما فعله أحد قطّ ولا تجهله عوام الناس حتى لعّاب الشطرنج! فاستأمن سلار سرخ والحسن بن خرامذ ونيباك بن شيرك وهو من أشد الديلم وشجعانهم وعدد كثير من الخواص وكان دبيس بن عفيف رئيس بادية بنى أسد في ميسرة بختيار فاستأمن وانهزم جيش بختيار وتبعتهم الأعراب والأكراد بالنهب والسلب والقتل والأسر واستأمن تحت السيف خلق وانهزم الفلّ يطلبون الجسر الذي وصفناه فغرق أكثرهم بالمضايقة والمزاحمة.
    إفلات بختيار وأخيه

    وأفلت بختيار وأخوه أبو إسحاق ووزيره ابن بقية وعبروا دجيلا واختلفت بهم المذاهب فلم يعرف بعضهم خبر بعض حتى التقوا بمطارا وكان بختيار ألقى سلاحه عن نفسه وتلثم وفيه عدة طعنات بالزوبينات فأمّا أخوه وابن بقية وجماعة من كبار قوّاده فإنّهم وردوا الحويزة نصف الليل في نحو خمسمائة رجل وباتوا فلحق بهم تمام الألف على صورة قبيحة من الاختلاف ولما أمسوا ساروا نحو نهر الأمير ومن هناك إلى مطارا واجتمعوا مع بختيار.
    وقد كان ابن بقية عبر بصاحبه ابن الراعي مع خزانته وخزانة بختيار وعدّة كانت معه إلى المأمونية التي بإزاء سوق الأهواز وعوّل في حفظه على بعض بنى أسد فنهب جميعه.
    فأنفذ عمران بن شاهين ابنه الحسن وكاتبه وقوّاده في عدّة زواريق وآلات إلى بختيار وحمل إليه وإلى ابن بقية مالا وثيابا وحمل المرزبان بن بختيار إلى أبيه من الأبلّة وقد كان برز إليها مالا وثيابا وصارت الجماعة إلى الأبلّة في الماء بعد أن تأثثوا وتزوّدوا إلى واسط.
    وصادف بختيار وابن بقية البصرة مفتتنة بالحروب بين ربيعة ومضر فإنّ مضر كانت داخلة في طاعة عضد الدولة بتدبيرات دبرها وأصول قدمها وأما ربيعة فأقامت على طاعة بختيار ولا لرغبة فيها ولكن مضاغنة لخصومهم من مضر فاتصلت الفتن ودامت الثورة وأحرقت المحالّ وانتهبت البضائع ودخل ابن بقية إلى البصرة لتسكين هذه الفتنة فزادها اشتعالا وفسادا وأحرق بعض خطط المضريين وانصرف والشرّ باق.
    وأشفقت الجماعة من أن يسير عضد الدولة إلى واسط فيحصل بها فيفوتهم الهرب إن أرادوه فأصعدوا في الماء واخترقوا البطائح فتلقاهم عمران بن شاهين في عسكره وآلاته وقبّل يد بختيار وتطاول بختيار له وعطف به إلى دار ابنه الأكبر وهو أبو محمد الحسن فأنزله فيها للوصلة بينهما ولأنّها كانت أحسن دار بالبطيحة وأنزل محمد بن بقية عليه فأقاموا عنده أضيافا ثلاثة أيام فعجب الناس من موافقة ذلك ما كان عمران سبق إليه بالحكم كما حكيناه فيما تقدم. ثم رحلوا ورحل الحسن بن عمران معهم إلى واسط.
    هرب المرزبان بن بختيار

    وفي هذه الحال هرب المرزبان بن بختيار من البصرة إلى واسط لاحقا بأبيه في الشذاآت والزبازب والسفن بكليته وحرمه وأسبابه.
    ذكر السبب في ذلك
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    من عجائب ما اتفق على بختيار في تلك الحال أنّه كان أسر له في الوقعة بالأهواز غلام تركي يعرف ببايتكين لم يكن من قبل يميل إليه ولا تظهر منه محبة له فجنّ عليه جنونا وتسلى عن كل شيء خرج عن يده إلّا عنه وحدث له من الحزن عليه ما لم يسمع بمثله فامتنع من الطعام والشراب والقرار والسكون وانقطع إلى النحيب والشهيق والعويل واحتجب عن الناس إخلادا إلى البكاء وتضجّر بالجيش وتبرّم بحضورهم واطّرح التدبير وزعم أنّ فجيعته بهذا الغلام فوق فجيعته بالمملكة والانسلاخ منها ومن النعمة. ثم إذا كان وصل إليه وزيره وكتّابه وقوّاده وخواصه في المهمّ قطعهم عن ذلك بالشكوى بما حلّ به والبوح بما في نفسه ونقصت أوقاته ومجالسه بهذا الخطب الجليل عنده دون ما سواه وامتنع من الجلوس في الدست ومن استعمال التمهد بالمخادّ وما أشبه ذلك فخفّ ميزانه عند الناس وسقط من عيونهم فلم يبال بذلك. وصار القوّاد يجتمعون إلى ابن بقية ويقولون:
    « دبّر أنت أمورنا فإنّا معك ومطيعون. » فاستهان به ابن بقيّة واستعجزه وجاهر بذلك بعد أن كان يستره وعدل إلى الأخذ بالحزم لنفسه.
    وأمّا بختيار فإنّه أسقط التجمل في أمر هذا الغلام عند كل أحد حتى كتب إلى عضد الدولة والحرب قائمة بينهما وهو يطلب ملكه ونفسه يسأله ردّ هذا الغلام عليه وكتب إلى جماعة خواصه المطيفين به وبخدمته يسألهم معاونته فيما رغب فيه إليه.
    فاستزاد بذلك فضيحة في العساكر والأمصار وعاتبه الأقارب والأباعد فما ارعوى، بل تمادى. وأنفذ أبا أحمد الحسين بن موسى الموسوي رسولا إليه في هذا الباب وبذل له على يده في فدية الغلام جاريتين عوّادتين محسنتين كانتا عنده ولم يكن لهما نظير في الحذق والبراعة وقد كان أبو تغلب ابن حمدان بذل بإحديهما مائة ألف درهم فأبى أن يبيعها. وقال له:
    « إن وقف عليه الأمر في هذا الفداء فزد أبدا ولا تفكر في شيء مما بيني وبينه فقد رضيت أن آخذه وأمضى إلى أقصى الأرض وأسلّم إليه ما في يدي. » فشخص وأدّى الرسالة وقد وجد ذلك الغلام قد اختلط مع غيره من رفقائه المأسورين يوم الوقعة ولم ير له فضل ولا ميّز من بينهم. وأنفذوا إلى شيرزاد هدية للأمير أبي الفوارس ابن عضد الدولة. فلمّا أديت الرسالة وعرف الملك ما عند بختيار من الفجيعة به عجب كل العجب وأمر بردّ الغلام إلى حضرته فردّ. ثم أعاد أبا أحمد الموسوي بجواب الرسالة وضم إليه أبا سعد بهرام بن أردشير الكاتب رسولا وأعلمه أنّه مجيب له إلى ما سأل وأرشده مع ذلك إلى بعثه على الطاعة وحمّله رسائل أخر أمرهما أن يؤديها إلى بختيار سرّا عن ابن بقية وعلى غير مشهد منه ولا من أحد.
    فلمّا وردا امتثلا الأمر وطويا عنه ما حضرا فيه وأدّياه إلى بختيار وحده على انفراد به فاستوحش ابن بقية استيحاشا شديدا واتهم أنّه التمس القبض عليه وتسليمه إليه عوضا عن الغلام وأنّ بختيار يفعل ذلك لشغفه به فهمّ بالقبض على الرسولين جميعا ومكاشفة بختيار وأن يظهر العصيان.
    وكان نازلا من واسط في الجانب الغربي ومعه المال والسلاح والثياب والآمال متعلقة به وبختيار في الجانب الشرقي خال من ذلك كلّه وإنّما كان ابن بقية يجرى عليه قوته ويعوله كما يعال من لا أمر له وعمل على أن يراسله باعتزال التدبير وأن يصعد إلى بغداد ويخلّى بينه وبين الحرب فإن فعل وإلّا جاهر وطرده وكان ذلك ممكنا منه لو أمضاه. فعدل بختيار إلى تلافيه والرفق به وأظهره على الرسالة المطوية عنه وسكّن نفسه وطيّب قلبه وأراه أنّه راجع إلى رأيه ومتدبر بتدبيره وغير خارج عن إرادته إلى أن تمّ له القبض عليه.
    ذكر السبب في قبض بختيار على ابن بقية

    كان إبراهيم بن إسماعيل صاحب بختيار تمكن منه ووثق به صاحبه وكان نقيبا خاملا فتقدم عنده إلى أن استحجبه وذلك بعد رحيل عضد الدولة إلى فارس. ولما اطّلع على الحال التي عليها ابن بقية من التنكر أعلم بختيار أنّه على خطر من وثبة يثبها عليه إشفاقا على نفسه وانتهازا لفرصته مع تمكنه من الجند والمال فقال له بختيار:
    « إني أخاف شغب الجند وأن يستنقذوه من يدي ويطالبونى بالأموال. » فتضمن له ألّا يجرى شيء من ذلك وإن جرى كان عليه أن يسكنهم ويرضيهم بما يوجد من أموال ابن بقية وأسبابه وأطمعه في كثرتها وفي أن تسفر الحال في القبض عليه فيما بينه وبين عضد الدولة ويصير ذاك طريقا إلى انعطافه وصلاح رأيه وأشار عليه ألّا يستوزر وزيرا بعده وأن يقرّ الكتّاب على أعمالهم ودواوينهم ويخرج أبا العلاء صاعد بن ثابت من محبسه فيردّ إليه استخراج الأموال والاستيفاء على العمال من غير وزارة.
    فقبل بختيار مشورته وأطلع بختكين آزاذرويه عليها فاستصوبها وكان في ضنك شديد حتى إنّه احتاج إلى الثلج فالتمس من ابن بقية ثلجا فحمل إليه ثلاثين رطلا ووجد في خزانة شرابه يوم القبض عليه ستة آلاف رطل كان أعدّها لسماط يتخذه للجند.
    فلمّا كان وقت العصر من ذي الحجة سنة ستّ وستّين وثلاثمائة عبر ابن بقية في زبزبه إلى بختيار فوجه في الوقت جماعة قبضوا على الحسن بن بشر [ المعروف ] بابن الراعي صاحبه فحين حصل في أيديهم أمر بالقبض على ابن بقية من غير أن يصل إليه وقبض على جميع ما وجد له من مال وكراع واستخلص أبا العلاء صاعد بن ثابت من محبسه وكان أمر ابن الراعي بقتله في الليلة المقبلة فكفاه الأجل والمقدار. ووجد في حبس ابن بقية صاحبه المعروف بالكراعى وكان صادره ولم يبق فيه بقية، فأطلقه بختيار وسلّم إليه ابن الراعي ليطالبه ثم أخذ من يده فاستوحش الكراعى وهرب إلى البطيحة.
    فتحرك الجند بعد أيام يسيرة من القبض على ابن بقية وطالبوا بأموالهم وعرّضوا بذكره والتأسف عليه فهمّ بختيار بقتله في الوقت فلمّا تفرق الجند عنه أنفذه في الليل مقيّدا إلى بغداد موكّلا به وأخرج معه أبا العلاء صاعد بن ثابت ليطالبه ولم يكن الاحتياط وقع على أقاربه لأنّ بختيار عاجله كما حكيت. ثم كتب على الأطيار إلى مدينة السلام بتحصيلهم فسبق أحد الأطيار وحمله صاحب البرج إلى أسباب ابن بقية على الرسم في خدمة الناس لهم فوقفوا عليه وأنذر بعضهم بعضا فهرب من هرب واستتر من استتر فالتجأ أخوه وابن أخيه المعروف بأبي الحمراء مع جماعة منهم إلى بنى شيبان ثم إلى بنى عقيل وأقاموا في البادية.
    تمام خبر بختيار وما عمله بواسط إلى أن صاعد إلى بغداد

    كان قبضه على ابن بقية قبل ردّه أبا أحمد النقيب وبهرام بن أردشير الرسولين إلى عضد الدولة فشهدا ذلك عيانا ثم أنفذهما وأنفذ الجاريتين ليفتدي بهما غلامه بايتكين ووافق أبا أحمد العلوي على أن يبذل جميع ملكه إن دعته إلى ذلك حاجة.
    فجرت خطوب استقرت على أن سلّم الجاريتين وتسلّم الغلام وتواترت البشائر بحصول الغلام بالبصرة فأظهر بختيار السرور العظيم بذلك وأنّه جرى عنده مجرى الظفر بجميع خيرات الدنيا والآخرة واستشعر أنّ نعمته قد عادت إليه وهمّ بالعود إلى بغداد على ما شرط عليه عضد الدولة.
    وجاء إبراهيم بن إسماعيل حاجبه وأشرف عليه في اللوم والتقريع وأشار عليه أن يقيم بواسط للمقارعة والمدافعة وجاءه عبد الرزاق ابن حسنويه ثم أخوه أبو النجم بدر بن حسنويه في نحو ألف فارس ووردت كتب حسنويه بأنّه سائر على أثرهما فأظهر المقام بواسط على مباينة عضد الدولة.
    فاتصل ذلك به وأنّه نقض الشرط فبادر برسله إلى أبي أحمد النقيب [ العلوي ] يرسم له أن يتوقف بالبصرة مع الغلام إلى أن يرحل بختيار عن واسط ويتمسك بالشرائط التي شرطت عليه فوردت كتب العلوي بذلك فاضطرب واجتهد وكاتب وراسل فلمّا لم ينفعه شيء من ذلك أمر بتقديم سواده وعمل على الإصعاد ليلا وأعلم عبد الرزاق وأبا النجم أنّه قد رأى أن تكون الحرب ببغداد لأنّ أبا تغلب ابن حمدان صائر إليه لمعاونته وسألهما الإصعاد معه ففعلا ذلك على استضعاف الرأي فيه وقد كانا اطّلعا على حديث هذا الغلام فكتبا إلى أبيهما حسنويه يصدقانه عن الصورة فلما حصل عبد الرزاق بجرجرايا رحل منصرفا وتوقف أبو النجم بدر على سبيل التذمّم والحياء. وتلوّم بختيار في طريقه حتى لحقه أبو أحمد العلوي وبهرام بن أردشير ومعهما بايتكين فسلماه إليه فتمم المسير إلى بغداد.
    وقد كان ابن بقية والمعروف بابن الراعي أظهرا التبلّح في المطالبة بعد مكاره عظيمة لحقتهما والتمس ابن بقية كتب الأمانات لأهله الهاربين فكتبت وحضروا.
    ابن بقية يطمع في الوزارة

    وتجدد لابن بقية طمع في أن يخطب الوزارة ويبذل لبختيار ثلاثمائة ألف دينار يصححها من جهات كتّابه وأسبابه وذويه ومن البقايا في النواحي وأن يردّ إلى مرتبته ليقوم بأمر الحرب ويدبر العسكر فبلغ ذلك أصحاب بختيار والقواد الذين أشاروا بالقبض عليه فاضطربوا واجتمعوا إلى بختيار وأعلموه أنّه إنّما يحتال لما يبذله للخلاص وأن يتمكن من الانسلال ثم يثير الفتن التي لا تتلافى.
    وفي هذه السنة قبض على أبي الفتح ابن العميد بالريّ
    ذكر السبب في ذلك

    ...
    ...
    ودخلت سنة سبع وستين وثلاثمائة

    ذكر السبب في المثلة بابن بقية وابن الراعي وسمل عيونهما

    كان بهرام رسول عضد الدولة يخاطب بختيار في تسليم ابن بقية إليه ليحمله إلى عضد الدولة ويعوضه عنه مالا من خزانته واتصل ذلك بهؤلاء القوم أعنى القواد فحضروا عند بختيار وأقاموا في نفسه أنّه إن سلّمه إليه صحيحا لم يؤمن أن يصطنعه ويبقى عليه فيكون قد حصل له بحضرته عدوّ من قبله وكثر المشيرون بقتله والراحة منه فتقرر الرأي على سملة وتسليمه مسمولا.
    فسمل ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع وستّين، وجدّ أبو إسحاق ابن معزّ الدولة في إلحاق صاحبه المعروف بابن الراعي به لشيء كان في نفسه عليه ولم يكن له شافع لما كان ارتكبه من مكاره الناس فسمل أيضا.
    بختيار يدخل في طاعة عضد الدولة

    وترجح الرأي ببختيار بين الدخول في طاعة عضد الدولة وبين المقام على معصيته ومحاربته وكان الرسولان مع جماعة من نصحائه يشيرون عليه بطريق السلامة ويعرّفونه عجزه عن مقاومته وقلة عدته من المال والرجال وكان جماعة أخرى من قواده وخواصه فيهم الحسن بن فيلسار يشيرون عليه بالثبات والمقارعة ثم تقرر الأمر واختار السلامة والطاعة من طريق الضرورة. فدخل في الطاعة وحلف عليها وأعطى صفقة يمينه بها ولبس خلع عضد الدولة وعبر إلى الجانب الغربي على أن يسير إلى الشام ويثبت على أعلامه وراياته اسم عضد الدولة ويقيم الخطبة له في أى بلد دخله ولما فعل ذلك انصرف عنه بدر بن حسنويه آيسا منه ولحق بأبيه.
    وبذل له عضد الدولة مالا جليلا على أن يقيم في كنفه ويلقاه ثم يسير إلى حيث يختار فلم يفعل ذلك ولم يسكن إليه فاشترط عليه شروطا كثيرة كان فيها ألّا ينابذ أبا تغلب ولا يعرض له إلّا بقدر الاجتياز في أعماله فقط لمراسلة كانت بينه وبين عضد الدولة ولمقامه على العهد القديم، وأطلق لبختيار مالا وقاد إليه جمالا ودوابّ معونة له على نهضته ووقع النداء بمدينة السلام برجوعه إلى طاعة عضد الدولة وأنّه سلم غير محارب وخرج نحو الموصل.
    بختيار ينقض الشرط

    فأول ما نقض من شروط عضد الدولة أن اعترض على أبي تغلب ابن حمدان وعمل على لقائه ومحاربته ودفعه عن الديار.
    ذكر السبب في ذلك


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    كان حمدان بن ناصر الدولة خرج معه وسار بمسيره فلمّا صار إلى عكبرا ذكّره أمر نفسه ووعده بأموال ابني ناصر الدولة وما جمعه في القلاع وما خلّفه لهم ناصر الدولة وكان بالحقيقة كثيرا جدا وزعم أنّه لا يلابس مملكة هي أسهل شوكة من مملكة أبي تغلب وأنّه يتولى حربه ويثق بمصير خلق من رجاله إليه وكذلك من إخوته وأسبابه. فعاهد حمدان على أنّه يمنعه من جميع ما يمنع نفسه ذبّا وحماية وحلف له بأيمان البيعة وجرت بينهما شروط والتزماها ودخلا فيها.
    فلمّا صار بتكريت صار إليه عليّ بن عمرو كاتب أبي تغلب بهدايا يسيرة وأنزال من قضيم وطعام وسار معه إلى الحديثة وخلا به ودعاه إلى القبض على حمدان وتسليمه إلى أبي تغلب على أن يجتمع معه وينفق أمواله ويبذل سلاحه وآلاته وذخائره وعسكره ورجاله ويعود معه إلى بغداد ويستخلص له ملكه من يد عضد الدولة.
    فالتوى بختيار واضطرب وذكر أنّه لا يستجيز ذلك مع ما حصل لحمدان في عنقه من اليمين الغموس ومع ما عليه من عهد عضد الدولة فلم يزل يعاوده ويستعين عليه بوالدته وأخيه أبي إسحاق وحاجبه إبراهيم بن إسماعيل وبجماعة من استولى عليه من أسبابه.
    واستولى كاتب أبي تغلب هذا أعنى أبا الحسن عليّ بن عمرو على بختيار وتسمّى بالوزارة وجمع لنفسه كتابة بختيار مع كتابة أبي تغلب واستخلف عليه ابنه. واجتهد في أمر حمدان وإسلامه وذلك أنّ أبا تغلب وأخته المسماة جميلة كانا طالبين عنده بثأر أخيهما أبي البركات.
    وأقام بختيار على الامتناع إلى أن صار أبو إسحاق إلى الموصل واجتمع مع أبي تغلب وتقرر الأمر بينهما على القبض على حمدان من حيث لا يدخل بختيار في ذلك لئلا يحنث في يمينه فرجع إلى الحديثة.
    وعسف بختيار في المخاطبة وأعلمه أنّه متى لم يفعل ذلك قصده أبو تغلب وحاربه ولم يقاومه وأنّه إن ساعده صافاه وواخاه وأعاده إلى بغداد وأنفق أمواله وذخائره واستدعى الرجال إلى ذلك من كل وجه مع ما عنده من الاستقلال بعسكره ورجاله.
    فضعف بختيار في يده على رسمه في ضعف العزيمة ولين العريكة فقبض على حمدان وأسلم إلى خصومه وحبس في قلعة وهرب ابنه المكنى أبا السرايا إلى عضد الدولة.
    وجمع أبو تغلب الرجال وفتح قلاعه واجتهد وبالغ واجتمع مع بختيار على ظهور الدواب فتحالفا وتعاهدا. فلمّا فرغا من الاستعداد انحدرا من الموصل وكانت عدّة أصناف الرجال معهما خمسة وعشرين ألف رجل.
    وبلغ عضد الدولة أخبار الجماعة ولم يكن ممن تخفى عليه أمور أعدائه وأوليائه يوما بيوم، فبرز عن مدينة السلام في جيوشه المنصورة وقدّم مقدّمته مع أبي القاسم سعد بن محمد الحاجب إلى تكريت. وكان أولئك أنفذوا إليها جيشا مع إبراهيم بن إسماعيل حاجب بختيار فأوقع به أبو القاسم وقتل كثيرا من رجاله وكاد إبراهيم يؤخذ أسيرا إلّا أنّه نجا إلى تكريت واستتر عند بعض أهلها ثم هرب منها ولحق بأصحابه.
    وفي هذا الوقت قتل ابن بقية وصلب ببغداد
    ذكر الحال في ذلك

    كان حمل مسمولا على ما ذكرناه إلى عضد الدولة عند نزوله بالزعفرانية فتقدّم بأن يشهر في العسكر على جمل ثم طولب بالمال فلم يذعن بشيء منه فطرح بحضرة العسكر بباب حرب الى الفيلة وأضريت عليه فقتلته شر قتلة وصلب لوقته على شاطئ دجلة في رأس الجسر بالجانب الشرقي وذلك في يوم الجمعة لست خلون من شوال سنة سبع وستّين وثلاثمائة، ثم نقل إلى الجانب الغربي فصلب بإزاء ذلك الموضع من الشرقي وبقي فيه.
    وعاد الحديث إلى تمام خبر الوقعة بين بختيار ومن جمع وبين عضد الدولة بقصر الجص اتصل بعضد الدولة أنّ القوم أجمعوا على أنّ يتفرقوا بعد عبور النهر المعروف بالإسحاقى ويأخذوا في عدّة وجوه إلى بغداد فسار بجميع عساكره إلى قصر الجصّ حتى نزل فوق الغاية التي عزموا على أن يتفرقوا منها وذلك بعد أن استخلف وزيره أبا القاسم المطهر بن عبد الله في جيش كثيف ببغداد والتقى القوم غداة يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شوال واشتدّت الحرب وثبت القوم بعضهم لبعض وتصابر الفريقان من الديلم فحمل عضد الدولة حملة صادقة فانهزموا وتبعهم الجند يقتلون ويأسرون وقد كان بختيار عمل على الهزيمة فمنعه أصحابه وخاف من الحصول في الأسر أو القتل، فلمّا تحققت الهزيمة ظفر به بعض الأكراد من العسكر فأخذ سلبه وهو لا يعرفه ثم عرفه غلام تركي يقال له: ارسلان كورموش، فضربه بلتّ وأراد أن يثنّى عليه فتعرّف إليه باسمه واستأسر له وقال:
    « احملنى إلى حضرة ابن عمى وخذ جائزتك. » ولحقه في الحال تركي آخر فحملاه إلى القرب واستأذناه فتوقف، وكان أبو الوفاء طاهر بن إبراهيم حاضرا فأشار بالفراغ منه فلم تطب نفس عضد الدولة به ولحقته دهشة وأراد استبقاءه فألحّ عليه أبو الوفاء وقال:
    « ما تنتظر به أن يعود ثالثا وإلى متى يثير علينا هذه الفتن التي لعلنا نكون من صرعاه في بعضها افرغ منه! » وعلا صوته وأظهر من النصيحة في هذه الباب والمراجعة الشديدة ما لو قصّر فيه لجاز.
    فرفع عضد الدولة [ يده ] إلى عينه يمسحها من الدموع وقال:
    « أنتم أعلم. » وكان هناك أبو القاسم سعد الحاجب حاضرا فبادر إليه مع صاحب له واحتزّ رأسه وكان قد جهده العطش حتى كاد يأتى عليه الموت لو ترك لحظة.
    وقتل في هذه الوقعة خلق كثير من القواد والأمراء ومن واساه بنفسه وفيهم إبراهيم بن إسماعيل صاحبه وحاجبه وأسر خلق كثير سوى من قتل.
    ولحقت أبا تغلب ضربة في منهزمه ولم يكن باشر الحرب بل طلب تلعة بالقرب فوقف عليها وكان دبّر عسكره بأن يقفوا كراديس. فكلما حمل منها كردوس وأبلى وتعب، عاد وحمل كردوس آخر، وغرّه كثرة القوم وكان بختيار عبّى خيله تعبئة الديلم ليلقى بنفسه ويباشر الحرب وتلحقه المعونة من كل وجه فجرى الأمر على ما ذكرت.
    أمر عجيب

    ومن عجيب ما جرى قبل ذلك أنّ أحد الأمراء من عسكر بختيار يعرف بالحسن بن فيلسار أشار عليه وهو ببغداد ألّا يخرج عنها ولا يسلمها إلّا بحرب وإبلاء كثير، فأبى عليه بختيار فاعتزله وشخص الى جسر النهروان مع طائفة كانوا يرون رأيه. فلمّا اجتمعوا هناك عقدوا له الرئاسة على أنفسهم وحدّث نفسه بالمسير إلى جهة شعبانا أو طرف من الأطراف. فبلغ عضد الدولة خبره فلما بلغ إلى القرب من بغداد جرّد خلفه خيلا فلحقوه ووقف للحرب فانجلت عنه أسيرا وبه ضربات فلبث يسيرا ومات وأسر كثير من أصحابه وانفضّ ذلك الجمع.
    عضد الدولة يتمم المسير إلى الموصل

    فأمّا عضد الدولة فإنّه لمّا فرغ من وقعة قصر الجص تمم المسير إلى الموصل فملكها وسائر ما يتصل بها من الأعمال والديار وظن أبو تغلب أنّه يلبث فيها يسيرا ثم يضطر إلى العود إلى بغداد على سيرة من كان قبله.
    وذلك أنّ رسم الحمدانية إذا ضعفوا عن مقاومة من يقصدهم أن ينقلوا الغلّات والميرة وسائر الأموال والذخائر إلى قلاعهم، وينقلون الكتّاب والدواوين أيضا إليها ويخرجون في أصحابهم إلى حول الموصل متفرقين في أعمالها فإذا حصل بالموصل عدوّهم المتغلب عليهم لم يجد بها شيئا غير ما عند الرعية فيضطرون إلى العلوفات والمير ويخرج من يخرج في طلبهم وينقضّون عليهم من أمكنة غريبة وطرق لا يعرفها الغرباء من العساكر فيأخذون بغالهم وجمالهم ويقتلون ويأسرون من يمانعهم، فإذا صبروا على ذلك أياما يسيرة وجهدوا ولم يجدوا حيلة ولا معينا من كاتب بلديّ ولا غيره طلبوا الصلح وقاربوهم للضرورة التي ذكرتها وانصرفوا عنه فيعودون إلى ممالكهم.
    ولم يكن عضد الدولة ممن يسلك هذه السبيل بل احتاط ونقل من الميرة والعلوفة والأزواد ما تمكن منه وحمل من رجال الموصل وكتّابها الموجودين ببغداد وبتكريت وسائر الأطراف من يرشد ويخدم وكذلك كتاب بغداد كان فيهم من أقام بالموصل وعرف وجوه الأعمال فصبر وأقام إلى أن صار أبو تغلب إلى الشام بعد نوائب نابته وقتل هناك كما سنشرح أمره إن شاء الله.
    خروج الطائع لله مع عضد الدولة لمشاهدة الحرب

    وفي هذه السنة خرج الطائع لله مع عضد الدولة لمشاهدة الحرب بينه وبين أولئك الذين قدّمنا ذكرهم أعنى بختيار وأبا تغلب وكان بروز عضد الدولة إلى معسكره بباب حرب من أعلى الجانب الغربي يوم الاثنين لليلتين خلتا من شوال سنة سبع وستّين، وبرز الطائع لله يوم الخميس لخمس خلون منه. فلمّا انهزم بختيار وأبو تغلب من الوقعة بحضرة قصر الجص عاد الطائع لله إلى منزله ببغداد وسار عضد الدولة كما ذكرنا فيما قبل إلى الموصل. فنزل بظاهرها يوم الأربعاء العاشر من ذي القعدة ودخل الدار يوم الجمعة الثاني عشر.
    أبو تغلب يلتمس الصلح

    وترددت الرسل من أبي تغلب إلى عضد الدولة في التماس الصلح وحمل مال فامتنع عضد الدولة وقال:
    « إنّا إذا ملكنا ناحية بالسيف وبعد الحرب والمقارعة لم نصالح عليها. » وتشدد في ذلك حتى صرح لرسله بأنّ الموصل وديار ربيعة أحبّ إليه من العراق وأنّه ليس يبيعها أبدا.
    وكانت الموصل وأكثر أعمالها ملكا لأبي محمد ناصر الدولة وكان رسمه أن يضايق أصحاب المعاملات من التّناء وأصحاب العقار من أهل البلد ويخاشنهم ويتأول عليهم حتى يلجئهم إلى البيع ويشترى أملاكهم بأوكس الأثمان وطالت حياته وامتدت أيامه حتى استولى على الناحية ملكا وملكا.
    فلما صار جميع ذلك في قبض عضد الدولة لم يفرج عنها وطلب أبو تغلب وأسريت إليه السرايا فلم يمكنه المطاولة ولا أن يسير بسيرته التي حكيناها فيما تقدم، فسار إلى نصيبين وسيّر عضد الدولة خلفه أبا الوفاء طاهر بن محمد على طريق سنجار.
    كان في جملة من انهزم معه المرزبان بن بختيار ووالدة بختيار وابناها أخوا بختيار ومن أفلت من وقعة قصر الجصّ. فلمّا لحقهم أبو الوفاء نهضوا منهزمين إلى ميافارقين ثم افترقوا.
    فأمّا والدة بختيار وأخواه وابنه ومن نهض معهم من أسبابهم وبقية الديلم والأتراك المرسومين بهم فإنّهم ساروا إلى دمشق لائذين بألفتكين المعزى وهو الذي حارب عضد الدولة بديالى وانهزم من بين يديه. فلمّا بلغه مسير أولاد مولاه وحرمه وأسبابه إليه تلقّاهم وقضى حقوقهم، وظنّ أنّه يتكثر بهم ويزيد في عدته بمكانهم ويتقوى بهم، فجرى الأمر بالضد وذاك أنّه لما انهزم من العراق إلى دمشق وتغلّب عليها تماسك فيها نحو أربع سنين ودفع جيش المغرب عنها وثبت لعساكر صاحب مصر التي جهّزها إليه واستولى استيلاء قويا وهابه العرب وطار اسمه هناك. فلمّا صار إليه هؤلاء المنهزمون قصدته عساكر مصر على الرسم متضاعفة على العدة التي تقدمت، فسار إليها إلى الرملة ومعه الجماعة للحرب والمقارعة فحين توافت الفرقتان استأمن المرزبان بن بختيار فظهرت المغاربة على ألفتكين وكثروه بعددهم فانهزم وقتل أبو طاهر ابن معزّ الدولة واستأمن أبو إسحاق بن معزّ الدولة في آخر الأمر. ووقع الطلب على ألفتكين فلحقه المفرج بن دغفل بن الجرّاح الطائي وجاء به أسيرا.
    وكان صاحب مصر عرف منه ومن الأتراك الذين معه على طول الممارسة بأسا وشدّة فأبقى عليهم وعليه وأحسن إليه وإليهم واتخذهم عدّة وصاحبه ثم اشترى منه ولاءه وصار كالعبد له وحصل أصحابه محصل الجند وأحسن إليهم.
    وأمّا أبو تغلب فإنّه أقام بميّافارقين ومعه أخته جميلة وكانت وحدها شريكة له في الأمر والنهى وسائر أخواته الباقيات وحرمه وعياله معه. فلمّا بلغه مسير أبي الوفاء إليه قدّم الحرم والعيال والأموال والسواد إلى حصن بدليس وتوجه بنفسه لاحقا بأسبابه ووصل أبو الوفاء إلى ميّافارقين وهي مغلقة دونه ولها سور وثيق من حجارة سود لا يعمل فيها الحديد وهي من حصون الروم وأبنيتهم القديمة فطواها أبو الوفاء طالبا أبا تغلب وانتهى أبو تغلب إلى أرزن ونزل على نهر يعرف بخويبور ثم عدل من هناك إلى ناحية الحسنية ووصل الى قلاعه واستنزل منها مالا على سبيل المخالسة، فعاد الشيخ أبو الوفاء الى ميافارقين لمنازلتها وافتتاحها.
    واتصل بعضد الدولة مخالفة أبي تغلب إلى قلاعه وأخذه ما أخذ منها فنهض من الموصل بنفسه وهرب أبو تغلب من بين يديه وفارقه جمهور عسكره وأعيان رجاله مستأمنين إلى عضد الدولة منهم بختكين آزاذرويه وبقايا الغلمان المعزيّة والغلمان السيفية فعاد إلى الموصل وقد ترك أبا تغلب مسلوب القوة والعدّة.
    وسلك أبو تغلب في هزيمته هذه طريق الجزيرة فجرّد عضد الدولة في أثره أبا حرب طغان الحاجب وأمره باتباعه ومناجزته فتنكب أبو تغلب الطريق وتعسف الرجوع إلى بدليس وظنّ أنّه لا يتتبّع فكوتب طغان باتباعه وجرّد أبو سعد بهرام بن أردشير في عسكر مددا له فسار خلفه فهرب من بدليس ودخل بلاد الروم قاصدا ملك الروم المعروف بورد الرومي وهذا رجل تملّك على الروم ثم اختلف الجيش عليه بقسطنطينية ونصبوا أخوين من أولاد ملوكهم وافترقت كلمة الروم وطالت الحرب والمنازعات بين الفريقين وكان ورد هذا قد صاهر أبا تغلب وواصله واعتضد به على خصومه فانعكست الحال بأن صار أبو تغلب هو اللاجئ إليه.
    واتفق لأبي تغلب أن كان مسيره في مضايق بين جبال ولحقه عسكر عضد الدولة هناك.
    ذكر غلط اتفق بجناية جناها أبو سعد بهرام على العسكر حتى كسر وهزم بعد التمكن من أسر أبي تغلب والظفر به وبمن معه


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    وجد أبو الوفاء لأبي الحسين أحمد بن عبيد الله خارج البلد غلاما كان مقيما في ضيعة له فراسله به ورفق بالغلام ووصله ثم جعله وليجة إلى صاحبه ولم يزل به حتى استجاب للطاعة فأخذ العهد والميثاق على أهل البلد سرّا، فنمى خبره إلى القاضي الذي ذكرناه فسعى في الفتك به وكاد يتم له ذلك لولا أنّ أهل البلد حاموا عليه ومنعوا منه ولم يزل أمره يقوى وأهل البلد يجتمعون إليه وقد ملّوا الحصار والضيق حتى استظهر بهم.
    فلمّا كان يوم الجمعة لليلتين خلتا من جمادى الأولى سنة ثمان وستّين وثلاثمائة ثاروا مشغبين على أصحاب أبي تغلب فالتجأ مونس ومن معه إلى منازلهم وقبض أحمد بن عبيد الله على القاضي ابن أبي إدريس وعلى جميع من كان في حصن ميّافارقين من أصحاب بختيار وحاشيته وفيهم غلام أهوج معروف بالتهور والجهل كان قد داخل بختيار على طريق المنادمة التي تليق بمثله يعرف بابن الطبري، فساعد القاضي على سيرته وجهله في ذكر الملوك وبسط اللسان فيهم ووجّه إلى مونس الحمداني يلتمس مفاتيح الباب منه ويتهدده متى أخرها وساعدته الجماعة على ذلك فأنفذها والتمس الأمان.
    فكتب أحمد بن عبيد الله إلى أبي الوفاء يعرفه ما عمله ويلتمس الأمان لمونس ومن معه من الحمدانية فآمنه واستثنى بهذا القاضي وبالمعروف بابن الطبري وأنفذ أبا الفتح المظفر بن محمد الحاجب في قطعة من الجيش فدخل إلى البلد وملكه وأحسن أبو الوفاء إلى أهله وفرّق فيهم أموالا وتصدق على ضعفائهم بأمر عضد الدولة إياه. وحمل إلى حضرته القاضي وابن الطبري فأمر بضرب رقابهما، وقلبهما وصلبهما من السور على البرج الذي كان يظهر منه ويسيء أدبه فيه.
    فتح آمد

    كان أبو الوفاء أنفذ إليها في أول الأمر أبا على التميمي الحاجب لافتتاحها فتعذرت عليه لحصانتها ووثاقة سورها الذي هو أشد من سور ميّافارقين، فرجع عنها ثم عاد إليها أبو تغلب من بلاد الروم على ما ذكرنا وظنّ أنّه يقيم فيها ويمتنع بها.
    فلمّا فتحت ميّافارقين علم أنّ الجيش سائر إليه وأنّه لا يثبت مع الحصار ومع ما استمر عليه من الجوائح فأنفذ أخواته سوى جميلة مستأمنات إلى أبي الوفاء وتبيّن أصحابه ضعفه فالتاثوا عليه فهرب إلى الرحبة ومعه أخته جميلة ومن يمسه أمره من حرمه.
    وقعد عنه المعروف بأنجوتكين وهو من نجباء الأتراك المعروفين بالشدة والثبات في المعارك وله قوة على حمل لتّ له ثقيل يعجز عنه غيره وإذا حمل به لم يثبت له أحد وقعد معه جماعة من الأتراك وقصدوا حضرة عضد الدولة مستأمنين إليه. ثم تتابع الناس الذين كانوا مع أبي تغلب من الغلمان والجند والكتاب والولاة والأتباع. وسلك حينئذ أهل آمد بعد انصراف أبي تغلب عنها سبيل أهل ميافارقين ففتحوها سلما وطوعا.
    واشتمل أبو الوفاء على ديار بكر بأسرها وعاد إلى الموصل ومعه الأسارى بعد أن رتّب في الحصون من يحفظها من ثقات عضد الدولة ورتّب في البلدان عمال الخراج والمعاون.
    ذكر ما عمله أبو تغلب بعد مسيره من آمد

    لما انصرف من آمد وقصد الرحبة أنفذ من طريقه أبا عبد الله الحسين ابن ناصر الدولة وسلامة البرقعيدى وهو من كبار الحمدانية إلى عضد الدولة برسالة تتضمن الاستعطاف ويسأله الصلح والاصطناع ووصل إلى الرحبة وأقام بها على انتظار الجواب.
    فورد أبو عبد الله وسلامة البرقعيدى الموصل وأدّى أبو عبد الله ما تحمله فتلقاه عضد الدولة بالجميل وقبل منه تنصّله وبذل له إقطاعا وفضلا على أن يطأ بساطه ويدخل في ذمامه. وتبيّن أبو عبد الله حزم عضد الدولة وذاك أنّه مع إحسانه إليه وتوسعته عليه منع [ الناس ] من الوصول إليه فلم يشاهد بعينه إلّا الموكلين به فقط وعرف من أخيه أنّه لا يستجيب لما دعاه إليه عضد الدولة فأخذ بالحزم لنفسه وتعلق بعصمة باطنة اختص بها واعتقد أن يفارق أخاه ويعود إلى حضرة عضد الدولة فمضى إليه فأعاد الجواب عليه.
    فكان الأمر على ما ظنّه من مخالفته أخيه لمرسوم عضد الدولة فتوجه إلى الشام لاجئا إلى صاحب المغرب وسار معه أخوه الحسين إلى بعض الطريق ثم فارقه قبيل تدمر على غير استئذان فأنفذ خلفه من يتتبعه فشعّث سواده ولم يلحقه في نفسه فنجا وحصل بحضرة عضد الدولة على حال جليلة.
    فتح ديار مضر

    كان الوالي عليها سلامة البرقعيدى فأنفذ إليه سعد الدولة وهو ابن سيف الدولة جيشا لينزله عنها فجرت بين الفريقين حرب. وكان سعد الدولة هذا قد كاتب عضد الدولة وعرض نفسه وتعلّق منه بعصمة، فأنفذ عضد الدولة أبا أحمد الموسوي النقيب إليها فسلّمها بعد حرب ودخل أهلها في الطاعة. ولما استولى عليها سلطان عضد الدولة استصفى منها الرقّة وأعمالها خاصة وفوّض باقيها إلى سعد الدولة وجرت مجرى سائر ما في يده من أطراف الشام.
    فتح الرحبة

    ثم فتح الرحبة فتفرّغ لفتح قلاع أبي تغلب. وهذه القلاع هي في جانب دجلة الشرقي وهي عدّة كثيرة:
    فمنها أردمشت، ومنها الشعبانى وقلعة أهرور وقلعة مليصى وقلعة برقى.
    وكانت أردمشت خاصة مملوءة بالأمتعة الفاخرة من أصناف الثياب والفرش والجواهر والصياغات والحلي وسائر أصناف العدد. وكان أبو تغلب رتب فيها رجلا من الأكراد بينه وبينه قربى من جهة والدته فاطمة بنت أحمد الكردية يعرف بابن بادويه وضمّ إليه مملوكا له كان من غلمان أبيه يثق به يقال له طاشتم، فأنفذ إليه عضد الدولة أبا العلاء عبيد الله بن الفضل بن نصر النصراني لمنازلة القلعة والاحتيال في فتحها. وأنفذ أبو القاسم سعد بن محمد الحاجب إلى الشعبانى وأنفذ صاحبا لأبي نصر خرشيد يزديار الخازن إلى أهرور، فعرف أبو العلاء حال أقارب لأبن بادويه الكردي خارج القلعة فدعاهم إلى خدمة عضد الدولة ورغّبهم فيها وعرّفهم اضمحلال أمر أبي تغلب ووقوع اليأس منه. وكاتبهم عضد الدولة بمشورة أبي العلاء فرغبوا في الخدمة وصاروا على ثقة مما وعدوا به ثم حملوا على مكاتبة صاحب القلعة وأشاروا عليه بالقبض على طاشتم وتسليم القلعة وذلك أنّ طاشتم كان شديد الطمع في عود صاحبه ويحب أن تظهر أمانته عنده ففعل ابن بادويه ذلك وبذل للحراس وسائر من يحفظ القلعة البذل الكثير وحكّموا فتم القبض على طاشتم والتقييد وحصلت القلعة بما فيها وظهرت نجابة أبي العلاء واجتهاده وحسن تلطفه وكان قيمة ما في القلعة على ما حررناه - وكنت فيمن أخرج إليها لنقل ما فيها مما يصلح للخزانة - ومع ما يباع وتبقية ما يبقى في القلعة نحو عشرين ألف ألف درهم.
    قال صاحب هذا الكتاب.
    كان عضد الدولة أمرنى أن أصير مع خواشاذه الى هذه القلعة وأحضر إحصاء ما فيها ثم أتسلّم طاشتم مقيدا وأحمله على بغل بإكاف مجردا لا وطاء عليه ومعه أصحابه الذين قيدوه وسلّموا القلعة بالخلع والدواب والمراكب التي حملوا عليها وبين أيديهم البدر والثياب التي حبوا بها ثم أطوف به تحت القلاع الممتنعة التي لم تفتح بعد لينظر من فيها إلى حال طاشتم فيحذروا مثلها ويروا أحوال الباقين فيطمعوا في مثلها ففعلت ذلك وتحملت رسائل إلى أصحاب تلك القلاع.
    وجرت أحوال يطول شرحها إلّا أنّ جملتها أنّ القوم لما نظروا إلى هيئة طاشتم وأصحابه دخلهم الرعب من جانب وتجددت لهم الرغبة من جانب، وكانوا قبل ذلك لا يصدقون الرسل بأنّ هذه القلعة التي كان فيها طاشتم فتحت. فلمّا رأوه عيانا وخاطبوه عرفوا وهاء أمر أبي تغلب وقوة عضد الدولة وسلّموا القلاع بعد مدة.
    ورأيت أنا من طاشتم هذا في طريقي حصافة وإقبالا على الصلوات ودعاء كثيرا وقد كان أومن على روحه فقط فسألنى في الطريق المعونة وحسن المحضر عند عضد الدولة. فلما عدنا إلى الموصل وفرغنا من استقراء القلاع على ما وصفت نبت عن طاشتم هذا بحضرة عضد الدولة وعرّفته سداده وأنّه يصلح لخدمته فقال: « هو كما تقول ولكن السياسة لا توجب اصطناعه. »
    فقلت: « وكيف؟ » قال: « لأنّه مانعنا ثم تقرب به إلينا غيره، فإن وقع إحسان إليه سوّينا بينه وبين من خدمنا بالقبض عليه فخبثت نيّات من يخدمنا في أعدائنا وظنّوا أنّا لا نميّز في الإحسان بين الوليّ والعدوّ وبين المجيب والممتنع، ومع ذلك فإنّ بين أيدينا قلاعا ما فتحت بعد وإن بلغ أصحابها الممتنعين فيها إحساننا إلى هذا زالت الرهبة عن قلوبهم وطمعوا في مثل عاقبة هذا بعد حصولهم في أيدينا إن حصلوا وسلامتهم في مواضعهم إن سلموا. » ثم قال:
    « ولأنّ لي فيه رأيا وهو أن أنفذه إلى صاحبه أبي تغلب فإنّه سيموّه على صاحب مصر به وبقلعته ويدّعى أنّها في يده وفيها ذخائره وثقاته وأنّ ماله في هذه القلاع يفي بمؤونته إن أمدّ بالرجال ولا تزال مخاريقه مشتبهة وجائزة هناك إلى أن يطلع عليه هذا وتتقدمه الأخبار بما جرى عليه فحينئذ تبطل تمويهاته وتظهر فاقته وأنّه طريد سيوفنا وإنّما أفلت بحشاشته وليس وراءه عدّة ولا ذخيرة ولا قلعة. » فلمّا سمعت هذا الجواب علمت أنّه صواب في سياسة الوقت وأنّ معارضته فيه خطأ فأمسكت.
    وبلغ طاشتم ما عزم عليه من تسييره إلى صاحبه مقيدا بحالته تلك فقلق جدّا وراسلني يسئلنى المصير إلى محبسه فصرت إليه تذمما فوجدته كثير البكاء لا يستقرّ على الأرض قلقا فقلت:
    « ما شأنك؟ » فقال: « إنّ الملك كان آمنني على نفسي وأراه الآن قد بذلنى لمن لا يبقى عليّ. » وأطال هذا المعنى وسألنى معاودة عضد الدولة ومخاطبته في الأمان الذي معه فحملت نفسي على معاودته فلم يرجع عن رأيه الأول وقال:
    « إنّما آمنته على نفسه منى وألّا أصيبه بمكروه وأنا له على ذلك ولست أضمن ألّا يصيبه صاحبه بمكروه. » وتبرّأ مما يجرى عليه من صاحبه وتقدم بالإسراع به. فلمّا بلغ أبا تغلب خبره من موضع يقرب منه تلقّاه بمن قتله. والله أعلم بصحة ذلك إلّا أنّ موته شاع بعد زمان قليل.
    ذكر ما دبره عضد الدولة من أمر هذه الممالك وعوده إلى بغداد

    خلف أبا الوفاء بالموصل لتهذيب المعاملات وترتيب العمال في الأعمال وتقنين القوانين وتدوين الدواوين وعاد إلى مدينة السلام يوم السبت انسلاخ ذي القعدة سنة ثمان وستّين وثلاثمائة.
    وخرج الطائع لله في تلقّيه مع جماعة الجيش والمقيمين وسائر الخواصّ والعوامّ ودخل يوم الأحد لليلة خلت من ذي الحجة واجتاز في الجانب الغربي على تعبئة من الجيش وبعد أن ضربت له القباب متصلة منتظمة بين عسكره من باب حرب وبين الموضع الذي ينزله من آخر البلد وهو البستان المعروف بالنجمى وعبر في يوم الاثنين له إلى داره فاستقرّ فيها.
    ما أكرم به عضد الدولة من جهة الطائع لله

    خرج أمر الطائع لله إلى خلفائه على الصلاة في جوامع مدينة السلام بأن يقيموا لعضد الدولة الدعوة تالية لإقامتها له على منابرها ونفذت به الكتب إليهم ورسم أن يضرب على بابه بالدبادب في أوقات الصلوات.
    وهذان الأمران من الأمور التي بلغها عضد الدولة واختصّ بها دون من مضى من الملوك على قديم الأيام وحديثها.
    ودخلت سنة تسع وستين وثلاثمائة

    ومن مآثر عضد الدولة
    وفي هذه السنة ورد الحضرة أخ لسقلاروس الرومي المعروف بورد وقد ذكرنا خبر هزيمته عن جيوش قسطنطينية. وكان صار إلى ديار بكر وأنفذ أخاه هذا إلى عضد الدولة مستنصرا ومستنجدا وباذلا من نفسه الطاعة والمعاهدة ولما كان الملكان الأخوان اللذان بقسطنطينية عرفا ما فعله أنفذا رسولا وجيها إلى عضد الدولة لنقض ما شرع فيه ورد، واجتمع هذان الرسولان على بساطه خاضعين يتنافسان فيه ويتزايدان في التقرب إليه ويستبقان إلى التماس الذمام منه ولم ينصرفا إلى أن انسلخت سنة تسع وذلك ما لم يكن مثله قطّ وهو من مآثر عضد الدولة.
    موت عمران بن شاهين

    وفيها توفى عمران بن شاهين صاحب البطيحة فجأة يوم الخميس لثلث عشرة ليلة بقيت من المحرم وكان ركب في غداة هذا اليوم للتنزه على عادة كانت له فلما عاد إلى داره تشكّى دون ساعة وفاظت نفسه بعد أن نصبت له الأرصاد أربعين سنة وأنفقت على حروبه الحرائب وبعد أن أذلّ الجبابرة وأرباب الدول وطواهم أولا أولا وقدّمهم أمامه على غصص يتجرعونها وذحول يتحملونها وهو ممنوع الحريم محصّن الساحة محمى من غوائلهم ومكايدهم، فلمّا أطرقه الله لم يكن له مستقدم ولا مستأخر.
    عضد الدولة يجرد جيشا لطلب بنى شيبان

    وفيها جرّد عضد الدولة جيشا مع صاحبه وثقته أبي القاسم علي بن جعفر الواذارى وضم إليه أبا العلاء النصراني لطلب بنى شيبان.
    ذكر السبب في ذلك

    كانت هذه القبيلة أعنى بنى شيبان مستعصين قد تعوّدوا النهب والغارة والتلصص وأعيت الحيلة في طلبهم. وذاك أنّ لهم خيولا جيادا يعوّلون عليها في الهرب إذا طلبوا فكانت سراياهم تبلغ في الليلة الواحدة ثلاثين فرسخا وربما زادوا على ذلك فيمسون بموضع ويصبحون على هذه المسافة البعيدة وكذلك يصبحون في مكان ويمسون منه على مثل ذلك، ولا يصح للسلطان خبرهم ولا يتأتى له طلبهم.
    وكان لهم رئيس يعرف... وكانوا مع ذلك قد عقدوا بينهم وبين أكراد شهرزور المتغلبين عليها مصاهرات وأذمّة. وشهرزور هذه لم تزل ممتنعة على السلطان لا يذعن أهلها لحصانة المدينة ولأنّهم في أنفسهم عتاة ذوو بأس وجلد.
    فأراد عضد الدولة أن يبدأ بشهرزور ليقطع بين أعراب بنى شيبان وأكرادها. فاتفق شخوص أبي القاسم الواذارى وهو عقيب علّة طالت عليه ولحقته نكسة في طريقه فمات. وورد خبره على عضد الدولة وكاتب أبا العلاء وأقامه مقامه وأمره باستكمال الخدمة فيما توجّه له. ففعل ووفى وظهرت نجابته المعروفة منه ونهض نهوضا كفى المهم به وشفى الصدور. ولما وصل إلى شهرزور وعسكر على ظاهرها فتحت له فدخلها في عدة يسيرة على موادعة لأهلها وقبول الطاعة منهم ولم يكن القصد الأول إليهم ولا المراد بلدهم. فهرب بنو شيبان في البرّ مصعدين إلى نواحي الزوابي على رسمهم في الإجفال إذا طلبوا.
    ذكر ما دبره أبو العلاء من أمرهم حتى ظفر بهم

    سار أبو العلاء إلى دقوقا وأقام بها أربعة أشهر وكسرا يعمل ضروبا من الحيل والمكايد والمكاتبات المتصلة بضروب من الاستمالة والرفق والإطماع حتى سكنوا إليه وأنسوا به ولم يعجل مع ذلك حتى قربوا بأحيائهم منه فأسرى حينئذ إليهم وأوقع بهم وقعة عظيمة أتت على نفوسهم وأموالهم وذراريّهم وأعزتهم وغنم غنيمة عظيمة وقتل من مقاتلتهم خلقا كثيرا وانصرف بمائتي رأس من رؤوس القتلى وثمانمائة رجل من الأسرى فيهم جماعة من وجوههم ورؤسائهم.

  • صفحة 10 من 12 الأولىالأولى ... 89101112 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الخامس
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 53
      آخر مشاركة: 06-15-2010, 09:58 AM
    2. تجارب أمم المجلد الرابع
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 99
      آخر مشاركة: 06-15-2010, 01:21 AM
    3. تجارب أمم المجلد الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 79
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:44 PM
    4. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    5. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1