يقن
الْيَقِينُ الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ وَلِهَذَا لَا يُسَمَّى عِلْمُ اللَّهِ يَقِينًا وَيَقِنَ الْأَمْرُ يَيْقَنُ يَقَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا ثَبَتَ وَوَضَحَ فَهُوَ يَقِينٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَيُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيًا أَيْضًا بِنَفْسِهِ وَبِالْبَاءِ فَيُقَالُ يَقِنْتُهُ وَيَقْنُتُ بِهِ وَأَيْقَنْتُ بِهِ وَتَيَقَّنْتُهُ وَاسْتَيْقَنْتُهُ أَيْ عَلِمْتُهُ.
يمم
الْيَمَامُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُوَ الْحَمَامُ الْوَحْشِيُّ الْوَاحِدَةُ يَمَامَةٌ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ الْيَمَامُ هُوَ الَّذِي يَأْلَفُ الْبُيُوتَ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَمَامِ.
وَالْيَمَامَةُ بَلْدَةٌ مِنْ بِلَادِ الْعَوَالِي وَهِيَ بِلَادُ بَنِي حَنِيفَةَ قِيلَ مِنْ عَرُوضِ الْيَمَنِ وَقِيلَ مِنْ بَادِيَةِ الْحِجَازِ.
وَالْيَمُّ الْبَحْرُ وَيَمَّمْتُهُ قَصَدْتُهُ وَتَيَمَّمْتُهُ تَقَصَّدْتُهُ.
وَتَيَمَّمْتُ الصَّعِيدَ تَيَمُّمًا وَتَأَمَّمْتُ أَيْضًا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ قَوْله تَعَالَى { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } أَيِ اقْصِدُوا الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ حَتَّى صَارَ التَّيَمُّمُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ عِبَارَةً عَنِ اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَيَمَّمْتُ الْمَرِيضَ فَتَيَمَّمَ وَالْأَصْلُ يَمَّمْتُهُ بِالتُّرَابِ.
يمن
الْيَمِينُ الْجِهَةُ وَالْجَارِحَةُ وَتَقَدَّمَ فِي الْيَسَارِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَخَذْتُ بِيَمِينِهِ وَيُمْنَاهُ وَقَالُوا لِلْيَمِينِ الْيُمْنَى وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَجَمْعُهَا أَيْمُنٌ وَأَيْمَانٌ.
وَيَمِينُ الْحَلِفِ أُنْثَى وَتُجْمَعُ عَلَى أَيْمُنٍ وَأَيْمَانٍ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ قِيلَ سُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينَهُ عَلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا مَجَازًا وَالْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ وَالْيُمْنُ الْبَرَكَةُ يُقَالُ يُمِنَ الرَّجُلُ عَلَى قَوْمِهِ وَلِقَوْمِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهُوَ مَيْمُونٌ وَيَمَنَهُ اللَّهُ يَيْمُنُهُ يَمْنًا مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا جَعَلَهُ مُبَارَكًا وَتَيَمَّنْتُ بِهِ مِثْلُ تَبَرَّكْتُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَيَامَنَ فُلَانٌ وَيَاسَرَ أَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَمْرُ مِنْهُ يَامِنْ بِأَصْحَابِكَ وِزَانُ قَاتِلْ أَيْ خُذْ بِهِمْ يَمْنَةً قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَلَا يُقَالُ تَيَامَنْ بِهِمْ.
وَقَالَ الْفَارَابِيُّ: تَيَاسَرَ بِمَعْنَى يَاسَرَ وَتَيَامَنَ بِمَعْنَى يَامَنَ وَبَعْضُهُمْ يَرُدُّ هَذَيْنِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ الْعَامَّةُ تَغْلَطُ فِي مَعْنَى تَيَامَنَ فَتَظُنُّ أَنَّهُ أَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَنِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا تَيَامَنَ عِنْدَهُمْ إذَا أَخَذَ نَاحِيَةَ الْيَمَنِ وَأَمَّا يَامَنَ فَمَعْنَاهُ أَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ.
وَالْيَمَنُ إقْلِيمٌ مَعْرُوفٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِ الشَّمْسِ عِنْدَ طُلُوعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ يَمَنِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ وَيَمَانٍ بِالْأَلِفِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَعَلَى هَذَا فَفِي الْيَاءِ مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ تَخْفِيفُهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَثِيرُونَ وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُ التَّثْقِيلَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَلِفَ دَخَلَتْ قَبْلَ الْيَاءِ لِتَكُونَ عِوَضًا عَنِ التَّثْقِيلِ فَلَا يُثَقَّلُ لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْن الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ عَنْهُ وَالثَّانِي التَّثْقِيلُ لِأَنَّ الْأَلِفَ زِيدَتْ بَعْدَ النِّسْبَةِ فَيَبْقَى التَّثْقِيلُ الدَّالُّ عَلَى النِّسْبَةِ تَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِ حَذْفِهَا وَالْأَيْمَنُ خِلَافُ الْأَيْسَرِ وَهُوَ جَانِبُ الْيَمِينِ أَوْ مَنْ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ وَبِهِ سُمِّيَ وَمِنْهُ أُمُّ أَيْمَنَ وَأَيْمُنٌ اسْمٌ اُسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ وَالْتُزِمَ رَفْعُهُ كَمَا اُلْتُزِمَ رَفْعُ لَعَمْرُ اللَّهِ وَهَمْزَتُهُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَصْلٌ وَاشْتِقَاقُهُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْيُمْنِ وَهُوَ الْبَرَكَةُ وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ قَطْعٌ لِأَنَّهُ جَمْعُ يَمِينٍ عِنْدَهُمْ وَقَدْ يُخْتَصَرُ مِنْهُ فَيُقَالُ وَاَيْمُ اللَّهِ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ ثُمَّ اُخْتُصِرَ ثَانِيًا فَقِيلَ ( مُ اللَّهِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا.
ينع
يَنَعَتِ الثِّمَارُ يَنْعًا مِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَضَرَبَ أَدْرَكَتْ وَالِاسْمُ الْيُنْعُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا وَبِالْفَتْحِ قَرَأَ السَّبْعَةُ وَيَنْعِهِ فَهِيَ يَانِعَةٌ وَأَيْنَعَتْ بِالْأَلِفِ مِثْلُهُ وَهُوَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا مِنَ الثُّلَاثِيِّ.
يوم
الْيَوْمُ أَوَّلُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلِهَذَا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا بِالنَّهَارِ وَأَخْبَرَ بِهِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَقُولُ فَعَلْتُهُ أَمْسِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ فِي النَّهَارِ الْمَاضِي وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ أَمْسِ الْأَقْرَبَ أَوْ الْأَحْدَثَ وَالْيَوْمُ مُذَكَّرٌ وَجَمْعُهُ أَيَّامٌ وَأَصْلُهُ أَيْوَامٌ وَتَأْنِيثُ الْجَمْعِ أَكْثَرُ فَيُقَالُ أَيَّامٌ مُبَارَكَةٌ وَشَرِيفَةٌ وَالتَّذْكِيرُ عَلَى مَعْنَى الْحِينِ وَالزَّمَانِ وَالْعَرَبُ قَدْ تُطْلِقُ الْيَوْمَ وَتُرِيدُ الْوَقْتَ وَالْحِينَ نَهَارًا كَانَ أَوْ لَيْلًا فَتَقُولُ ذَخَرْتُكَ لِهَذَا الْيَوْمِ أَيْ لِهَذَا الْوَقْتِ الَّذِي افْتَقَرْتُ فِيهِ إلَيْكَ وَلَا يَكَادُونَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ يَوْمَئِذٍ وَحِينَئِذٍ وَسَاعَتَئِذٍ.
وِيَامٌ قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ يَامِيٌّ عَلَى لَفْظِهِ.
يأيأ
الْيُؤْيُوءُ بِهَمْزَتَيْنِ وِزَانُ عُصْفُورٍ جَارِحٌ يُشْبِهُ الْبَاشَقَ.
يأس
يَئِسَ مِنَ الشَّيْءِ يَيْأَسُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ يَائِسٌ وَالشَّيْءُ مَيْئُوسٌ مِنْهُ عَلَى فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَمَصْدَرُهُ الْيَأْسُ مِثْلُ فَلْسٍ وَبِهِ سُمِّيَ وَيَجُوزُ قَلْبُ الْفِعْلِ دُونَ الْمَصْدَرِ فَيُقَالُ أَيِسَ مِنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَكَسْرُ الْمُضَارِعِ لُغَةٌ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْكَسْرُ فِي ذَلِكَ وَشِبْهِهِ لُغَةُ عُلْيَا مُضَرَ وَالْفَتْحُ لُغَةُ سُفْلَاهَا وَيُقَالُ يَئِسَتِ الْمَرْأَةُ إذَا عَقِمَتْ فَهِيَ يَائِسٌ كَمَا يُقَالُ حَائِضٌ وَطَامِثٌ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ الْمَوْصُوفُ قُلْتَ يَائِسَةٌ وَأَيْئَسَهَا اللَّهُ إيَاسًا وِزَانُ كِتَابٍ وَبِهِ سُمِّيَ وَأَصْلُهُ بِسُكُونِ الْيَاءِ وَمَدِّ الْهَمْزَةِ وِزَانُ إيمَانٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الْإِيَاسُ مَصْدَرًا لِلثُّلَاثِيِّ لِتَقَارُبِ الْمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الرُّبَاعِيَّ يَتَضَمَّنُ الثُّلَاثِيَّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَاَللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا } وَيَأْتِي يَئِسَ بِمَعْنَى عَلِمَ فِي لُغَةِ النَّخَعِ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { أَفَلَمْ يَيْئَسْ الَّذِينَ آمَنُوا }.
الخاتمة من الكتاب في مسائل مهمة
إذَا كَانَ الْفِعْلُ الثُّلَاثِيُّ عَلَى فَعَلَ بِالْفَتْحِ مَهْمُوزَ الْآخِرِ مِثْلَ قَرَأَ وَنَشَأَ وَبَدَأَ فَعَامَّةُ الْعَرَبِ عَلَى تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ فَتَقُولُ قَرَأْتُ وَنَشَأْتُ وَبَدَأْتُ وَحَكَى سِيبَوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ يَقُولُ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُخَفِّفُ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُ قَرَيْتُ وَنَشَيْتُ وَبَدَيْتُ وَمَلَيْتُ الْإِنَاءَ وَخَبَيْتُ الْمَتَاعَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ فِي الْمُضَارِعِ قَالَ أَقْرَا وَأَخْبَا بِالْأَلِفِ قَالَ قُلْتُ الْقِيَاسُ أَقْرِي مِثْلُ رَمَى يَرْمِي وَجَوَابُهُ مَعَ التَّعْوِيلِ عَلَى السَّمَاعِ أَنَّهُمْ إنِ الْتَزَمُوا الْحَذْفَ جَرَى عَلَى الْقِيَاسِ مِثْلُ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَقْرِيهِ وَإِلَّا أَبْقَوْا الْفَتْحَةَ فِي الْمُضَارِعِ تَنْبِيهًا عَلَى انْتِظَارِ الْهَمْزَةِ فَلَوْ قِيلَ أَقْرِي زَالَتِ الْحَرَكَةُ الَّتِي تُنْتَظَرُ مَعَهَا الْهَمْزَةُ فَلِهَذَا حَافَظُوا عَلَيْهَا وَتُخَفَّفُ وَمَأْتُ أَوْمَأُ فَيُقَالُ وَمَيْتُ أَمِي وَتَسْقُطُ الْوَاوُ مِثْلَ سُقُوطِهَا فِي وَجَى يَجِي وَمِنْهُ الصَّابُونَ مِثْلُ الْقَاضُونَ وَقَرَأَ بِهِ بَعْضُ السَّبْعَةِ بِنَاءً عَلَى صَبَا مُخَفَّفًا وَيُقَالُ تَنَا بِالْبَلَدِ إذَا أَقَامَ وَتَنَا إذَا اسْتَغْنَى فَهُوَ تَانٍ وَالْجَمْعُ تُنَاةٌ مِثْلُ قَاضٍ وَقُضَاةٍ قَالَ الشَّاعِرُ شَيْخٌ يَظَلُّ الْحِجَجَ الثَّمَانِيَا ضَيْفًا وَلَا تَرَاهُ إلَّا تَانِيَا، وَقَالُوا فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ عَلَى التَّخْفِيفِ فَهُوَ مَخْبِيٌّ وَمَكْلِيٌّ وَقِسْ عَلَى هَذَا.
وَإِنْ كَانَ الثُّلَاثِيُّ مُجَرَّدًا وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ عَلَى فَعَلْتُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَهُوَ وَاقِعٌ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرُ وَاقِعٍ وَهُوَ اللَّازِمُ فَإِنْ كَانَ لَازِمًا فَقِيَاسُ الْمُضَارِعِ الْكَسْرُ نَحْوُ خَفَّ يَخِفُّ وَقَلَّ يَقِلُّ وَشَذَّ مِنْهُ بِالضَّمِّ هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ يَهُبُّ وَأَلَّ الشَّيْءُ يَؤُلُّ إذَا بَرَقَ وَأَلَّ يَؤُلُّ أَلِيلًا رَفَعَ صَوْتَهُ ضَارِعًا وَطَلَّ الدَّمُ يَطُلُّ إذَا بَطَلَ.
وَجَاءَتْ أَيْضًا أَفْعَالٌ بِالْكَسْرِ عَلَى الْأَصْلِ وَبِالضَّمِّ شُذُوذًا وَهِيَ جَدَّ فِي أَمْرِهِ يَجِدُّ وَيَجُدُّ وَشَبَّ الْفَرَسُ يَشِبُّ وَيَشُبُّ رَفَعَ يَدَيْهِ مَعًا وَحَرَّ الْعَبْدُ يَحِرَّ وَيَحُرُّ إذَا عَتَقَ وَشَذَّ الشَّيْءُ يَشِذُّ وَيَشُذُّ إذَا انْفَرَدَ وَخَرَّ الْمَاءُ يَخِرُّ وَيَخُرُّ خَرِيرًا إذَا صَوَّتَ وَنَسَّ الشَّيْءُ يَنِسُّ وَيَنُسُّ إذَا يَبِسَ وَدَمَّ الرَّجُلُ يَدِمُّ وَيَدُمُّ إذَا قَبُحَ مَنْظَرُهُ وَدَرَّ اللَّبَنُ وَالْمَطَرُ يَدِرُّ وَيَدُرُّ وَشَحَّ يَشِحُّ وَيَشُحُّ وَشَطَّتِ الدَّارُ تَشِطُّ وَتَشُطُّ بَعُدَتْ وَفَحَّتِ الْأَفْعَى تَفِحُّ وَتَفُحُّ صَوَّتَتْ.
وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَعَدِّي فَقِيَاسُ الْمُضَارِعِ الضَّمُّ نَحْوُ يَرُدُّهُ وَيَمُدُّهُ وَيَذُبُّ عَنْ قَوْمِهِ وَيَسُدُّ الْخَرْقَ وَذَرَّتِ الشَّمْسُ تَذُرُّ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَنَارَتْ غَيْرَهَا وَهَبَّتِ الرِّيحُ تَهُبُّ وَمَدَّ النَّهْرُ إذَا زَادَ يَمُدُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ ارْتَفَعَ فَغَطَّى مَكَانًا مُرْتَفِعًا عَنْهُ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ حَبَّهُ يَحِبُّهُ وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ { قُلْ إنْ كُنْتُمْ تَحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يَحْبِبْكُمْ اللَّهُ } عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ وَشَذَّ أَفْعَالٌ بِالْوَجْهَيْنِ شَدَّهُ يَشِدُّهُ وَيَشُدُّهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهَرَّهُ يَهُرُّهُ وَيَهُرُّهُ إذَا كَرِهَهُ وَشَطَّ فِي حُكْمِهِ يَشِطُّ وَيَشُطُّ إذَا جَارَ وَعَلَّهُ يَعِلُّهُ وَيَعُلُّهُ إذَا سَقَاهُ ثَانِيًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْكِي اللُّغَتَيْنِ فِي اللَّامِ أَيْضًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ وَنَمَّ الْحَدِيثَ يَنِمُّهُ وَيَنُمُّهُ وَبَتَّهُ يَبِتُّهُ وَيَبُتُّهُ بِالْمُثَنَّاةِ إذَا قَطَعَهُ وَشَجَّهُ يَشُجُّهُ وَيَشُجُّهُ وَرَمَّهُ يَرِمُّهُ وَيَرُمُّهُ أَصْلَحَهُ وَحَدَّتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحِدُّ وَتَحُدُّ وَحَلَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ يَحِلُّ وَيَحُلُّ.
وَإِذَا أَسْنَدْتَ هَذَا الْبَابَ إلَى ضَمِيرٍ مَرْفُوعٍ فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَكْثَرُهَا فَكُّ الْإِدْغَامِ نَحْوُ شَدَدْتُ أَنَا وَشَدَدْتَ أَنْتَ وَكَذَلِكَ ظَلِلْتُ قَائِمًا.
وَالثَّانِيَةُ حَذْفُ الْعَيْنِ تَخْفِيفًا مَعَ فَتْحِ الْأَوَّلِ نَحْوُ " ظَلْت قَائِمًا " وَ { ظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } وَهَذِهِ لُغَةُ بَنِي عَامِرٍ. وَفِي الْحِجَازِ بِكَسْرِ الْأَوَّلِ تَحْرِيكًا لَهُ بِحَرَكَةِ الْعَيْنِ نَحْوُ ظَلْت قَائِمًا.
وَالثَّالِثَةُ وَهِيَ أَقَلُّهَا اسْتِعْمَالًا إبْقَاءُ الْإِدْغَامِ كَمَا لَوْ أُسْنِدَ إلَى ظَاهِرٍ فَيُقَالُ شَدَّتْ وَنَحْوُهُ وَإِذَا أَمَرْتَ الْوَاحِدَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَفِيهِ لُغَاتٌ إحْدَاهَا لُغَةُ الْحِجَازِ وَهِيَ الْأَصْلُ فَكُّ الْإِدْغَامِ وَاجْتِلَابُ هَمْزَةِ الْوَصْلِ نَحْوُ اُمْنُنْ وَارْدُدْ { وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ } وَبَاقِي الْعَرَبِ عَلَى الْإِدْغَامِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْرِيكِ الْآخِرِ فَلُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ وَهِيَ اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ الْفَتْحُ لِلتَّخْفِيفِ تَشْبِيهًا بِأَيْنَ وَكَيْفَ وَالثَّالِثَةُ لُغَةُ بَنِي أَسَدٍ الْفَتْحُ أَيْضًا إلَّا إذَا لَقِيَهُ سَاكِنٌ بَعْدَهُ فَيَكْسِرُونَ، نَحْوُ رَدِّ الْجَوَابَ.
وَالرَّابِعَةُ لُغَةُ كَعْبٍ الْكَسْرُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ كَمَا يُكْسَرُ آخِرُ السَّالِمِ نَحْوُ اضْرِبْ الْقَوْمَ.
وَالْخَامِسَةُ تَحْرِيكُهُ بِحَرَكَةِ الْأَوَّلِ أَيَّةَ حَرَكَةٍ كَانَتْ نَحْوُ رَدِّ وَخِفِّ إلَّا مَعَ سَاكِنٍ بَعْدَهُ فَالْكَسْرُ، أَوْ مَعَ هَاءٍ الْمُؤَنَّثِ فَالْفَتْحُ نَحْوُ رُدَّهَا وَإِذَا أَمَرْتَ مِنْ بَابِ مَلَّ يَمَلُّ تَعَيَّنَتْ لُغَةُ الْحِجَازِ فَيُقَالُ امْلَلْهُ، قَالُوا وَلَا يَجُوزُ الْإِدْغَامُ عَلَى لُغَةِ نَجْدٍ فَلَا يُقَالُ مَلَّهُ لِالْتِبَاسِ الْأَمْرِ بِالْمَاضِي وَحُمِلَ النَّهْيُ عَلَى الْأَمْرِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَرُبَّمَا جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى صُورَةِ الْمَاضِي لِأَنَّ الْأَلِفَ إنَّمَا تُجْتَلَبُ لِأَجْلِ السَّاكِنِ وَلَا سَاكِنَ فَإِنَّ الْفَاءَ مُحَرَّكَةٌ فِي الْمُضَارِعِ وَالْأَمْرُ مُقْتَطَعٌ مِنْهُ فَلَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ إلَى الْأَلِفِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْإِظْهَارَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْإِدْغَامُ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَارِضِ فَعِنْدَ اللُّبْسِ يُرْجَعُ إلَى الْأَصْلِ وَإِذَا أَمَرْتَ مِنْ مَزِيدٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَالْأَكْثَرُ الْإِدْغَامُ وَالْفَتْحُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَيَجُوزُ فَكُّ الْإِدْغَامِ وَالْإِسْكَانُ نَحْوُ أَسِرَّ الْحَدِيثَ وَأَسْرِرْ الْحَدِيثَ وَالنَّهْيُ كَالْأَمْرِ.
فصل
الثُّلَاثِيُّ اللَّازِمُ قَدْ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ أَوْ التَّضْعِيفِ أَوْ حَرْفِ الْجَرِّ بِحَسَبِ السَّمَاعِ وَقَدْ يَجُوزُ دُخُولُ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ نَحْوُ نَزَلَ وَنَزَلْتُ بِهِ وَأَنْزَلْتُهُ وَنَزَّلْتُهُ وَمِنْهُ مَا يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ وَجِئْتُهُ وَنَقَصَ الْمَاءُ وَنَقَصْتُهُ وَوَقَفَ وَوَقَفْتُهُ وَزَادَ وَزِدْتُهُ وَعِبَارَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ بَابُ فَعَلَ الشَّيْءُ وَفَعَلْتُهُ وَعِبَارَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَقَدْ جَاءَ قِسْمٌ تَعَدَّى ثُلَاثِيُّهُ وَقَصُرَ رُبَاعِيُّهُ عَكْسُ الْمُتَعَارَفِ نَحْوُ أَجْفَلَ الطَّائِرُ وَجَفَلْتُهُ وَأَقْشَعَ الْغَيْمُ وَقَشَعَتْهُ الرِّيحُ وَأَنْسَلَ رِيشُ الطَّائِرِ أَيْ سَقَطَ وَنَسَلْتُهُ وَأَمْرَتِ النَّاقَةُ دَرَّ لَبَنُهَا وَمَرَيْتُهَا وَأَظْأَرَتِ النَّاقَةُ إذَا عَطَفَتْ عَلَى بَوِّهَا وَظَأَرْتُهَا ظَأْرًا عَطَفْتُهَا وَأَعْرَضَ الشَّيْءُ إذَا ظَهَر وَعَرَضْتُهُ أَظْهَرْتُهُ وَأَنْقَعَ الْعَطَشُ سَكَنَ وَنَقَعَهُ الْمَاءُ سَكَّنَهُ وَأَخَاضَ النَّهْرُ وَخُضْتُهُ وَأَحْجَمَ زَيْدٌ عَنِ الْأَمْرِ وَقَفَ عَنْهُ وَحَجَمْتُهُ وَأَكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَبَبْتُهُ وَأَصْرَمَ النَّخْلُ وَالزَّرْعُ وَصَرَمْتُهُ أَيْ قَطَعْتُهُ وَأَمْخَضَ اللَّبَنُ وَمَخَضْتُهُ وَأَثْلَثُوا إذَا صَارُوا بِأَنْفُسِهِمْ ثَلَاثَةً وَثَلَثْتُهُمْ صِرْتُ ثَالِثَهُمْ وَكَذَلِكَ إلَى الْعَشَرَةِ وَأَبْشَرَ الرَّجُلُ بِمَوْلُودٍ سُرَّ بِهِ وَبَشَّرْتُهُ.
وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَالرُّبَاعِيِّ عَلَى قِيَاسِ الْبَابَيْنِ وَرِيشٌ مَنْسُولٌ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَمُنْسِلٌ اسْمٌ فَاعِلٍ مِنَ الرُّبَاعِيِّ أَيْ مُنْقَلِعٌ وَأَفْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَقَوْلُهُمْ أَنْسَلَ الرِّيشُ وَأَخَاضَ النَّهْرُ وَنَحْوُهُ مَعْنَاهُ حَانَ لَهُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مِثْلَ قَامَ زَيْدٌ وَأَقَمْتُهُ وَقَدْ نَصُّوا فِي مَوَاضِعَ عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ وَمِثَالُ التَّعْدِيَةِ بِالتَّضْعِيفِ وَالْهَمْزَةِ وَالْحَرْفِ مَشَى وَمَشَيْتُ بِهِ وَسَمِنَ وَسَمَّنْتُهُ وَقَعَدَ وَأَقْعَدْتُهُ وَحَقِيقَةُ التَّعْدِيَةِ أَنَّكَ تُصَيِّرُ الْمَفْعُولَ الَّذِي كَانَ فَاعِلًا قَابِلًا لَأَنْ يَفْعَلَ وَقَدْ يَفْعَلُ وَقَدْ لَا يَفْعَلُ فَإِنْ فَعَلَ فَالْفِعْلُ لَهُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ رَعَتِ الْإِبِلُ لَا فِعْلَ لَكَ فِي هَذَا وَأَطْعَمْتُهَا لَا فِعْلَ لَهَا فِي هَذَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُسْنِدَ إلَى فَاعِلِهِ الَّذِي أَحْدَثَهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ فَاعِلِهِ فِيهِ إيجَادٌ فَلِهَذَا قَالَ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ لَا فِعْلَ لَكَ فِي هَذَا وَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ مُتَعَدِّيًا فَهُوَ حَدَثُ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ فَلِهَذَا قَالَ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي لَا فِعْلَ لَهَا فِي هَذَا لِأَنَّ الْفِعْلَ وَاقِعٌ بِهَا لَا مِنْهَا لِأَنَّهَا مَفْعُولَةٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ السَّرَّاجِ وَإِذَا قُلْتَ ضَرَبْتُ زَيْدًا فَالْفِعْلُ لَكَ دُونَ زَيْدٍ وَإِنَّمَا أَحْلَلْتَ الضَّرْبَ وَهُوَ الْمَصْدَرُ بِهِ وَأَمَّا نَحْوُ خَرَجْتُ بِزَيْدٍ إذَا جَعَلْتَ الْبَاءَ لِلْمُصَاحَبَةِ فَلَيْسَ مِنَ الْبَابِ وَالْفِعْلُ لَكُمَا.
فصل
فصل
الثُّلَاثِيُّ إنْ كَانَ عَلَى فَعَلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَالْمُضَارِعُ إنْ سُمِعَ فِيهِ الضَّمُّ أَوْ الْكَسْرُ فَذَاكَ نَحْوُ يَقْعُدُ وَيَقْتُلُ وَيَرْجِعُ وَيَضْرِبُ وَقَدْ فَتَحُوا كَثِيرًا مِمَّا هُوَ حَلْقِيُّ الْعَيْنِ أَوْ اللَّامِ نَحْوُ يَسْعَى وَيَمْنَعُ وَفَتَحُوا مِمَّا هُوَ حَلْقِيُّ الْفَاءِ يَأْبَى وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ فِي بَابِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ فِي الْمُضَارِعِ بِنَاءٌ فَإِنْ شِئْتَ ضَمَمْتَ وَإِنْ شِئْتَ كَسَرْتَ إلَّا الْحَلْقِيَّ الْعَيْنِ أَوْ اللَّامِ فَالْفَتْحُ لِلتَّخْفِيفِ وَإِلْحَاقًا بِالْأَغْلَبِ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى فَعِلَ بِالْكَسْرِ فَالْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ نَحْوُ يَعْلَمُ وَيَشْرَبُ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ أَفْعَالٌ فَجَاءَتْ بِالْفَتْحِ عَلَى الْقِيَاسِ وَبِالْكَسْرِ شُذُوذًا وَهِيَ يَحْسِبُ وَيَيْبِس وَيَيْئِسُ وَيَنْعِمُ وَشَذَّ أَيْضًا أَفْعَالٌ مُعْتَلَّةٌ سَلِمَتْ مِنَ الْحَذْفِ فَجَاءَتْ بِالْوَجْهَيْنِ الْفَتْحُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْكَسْرُ فِي لُغَةِ عُقَيْلٍ وَهِيَ يُوغِرُ صَدْرُهُ إذَا امْتَلَأَ غَيْظًا وَوَلِهَ يَوْلَهُ وَيُولِهُ وَوَلِغَ يُولَغُ وَيُولِغُ وَوَجِلَ يَوْجَلُ وَيُوجِلُ وَوَهِلَ يَوْهَلُ وَيُوهِلُ وَشَذَّ مِنَ الْمُعْتَلِّ أَيْضًا أَفْعَالٌ حُذِفَتْ فَاءَاتُهَا فَجَاءَتْ بِالْكَسْرِ وَهِيَ وَمِقَ يَمِقُ وَوَفِقَ أَمْرُهُ يَفِقُ وَوَهِنَ يَهِنُ أَيْ ضَعُفَ فِي لُغَةٍ وَوَثِقَ يَثِقُ وَوَرِعَ يَرِعُ وَوَرِمَ يَرِمُ وَوَرِثَ يَرِثُ وَوَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي فِي لُغَةٍ وَوَلِيَ يَلِي وَوَعِمَ يَعِمُ بِمَعْنَى نَعِمَ وَوَرِيَ الْمُخُّ يَرِي إذَا اكْتَنَزَ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى فَعُلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ لَازِمٌ وَلَا يَكُونُ مُضَارِعُهُ إلَّا مَضْمُومًا وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْغَرَائِزِ مِثْلُ شَرُفَ يَشْرُفُ وَسَفُهَ يَسْفُهُ فَإِنْ ضُمِّنَ مَعْنَى التَّعَدِّي كُسِرَ وَقِيلَ سَفِهَ زَيْدٌ رَأْيَهُ وَالْأَصْلُ سَفِهَ رَأْيُ زَيْدٍ لَكِنْ لَمَّا أُسْنِدَ الْفِعْلُ إلَى الشَّخْصِ نَصَبَ مَا كَانَ فَاعِلًا وَمِثْلُهُ ضِقْتُ بِهِ ذَرْعًا وَرَشِدْتَ أَمْرَك وَالْأَصْلُ ضَاقَ بِهِ ذَرْعُهُ وَرَشِدَ أَمْرُهُ وَنَصْبُهُ قِيلَ عَلَى التَّمْيِيزِ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَقِيلَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ وَقِيلَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَالْأَصْلُ رَشِدْتَ فِي أَمَرَكَ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لَا يَكُونُ إلَّا نَكِرَةً مَحْضَةً وَشَذَّ مِنْ فَعُلَ بِالضَّمِّ مُتَعَدِّيًا رَحُبَتْكَ الدَّارُ وَكَفَلْتُ بِالْمَالِ وَسَخُوَ بِالْمَالِ فِيمَنْ ضَمَّ الثَّلَاثَةَ.
فصل
إذَا كَانَ الْمَاضِي عَلَى فَعَّلَ بِالتَّشْدِيدِ فَإِنْ كَانَ صَحِيحَ اللَّامِ فَمَصْدَرُهُ التَّفْعِيلُ نَحْوُ كَلَّمَ تَكْلِيمًا وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا وَإِنْ كَانَ مُعْتَلَّ اللَّامِ فَمَصْدَرُهُ التَّفْعِلَةُ نَحْوُ سَمَّى تَسْمِيَةً وَذَكَّى تَذْكِيَةً وَخَلَّى تَخْلِيَةً وَأَمَّا صَلَّى صَلَاةً وَزَكَّى زَكَاةً وَوَصَّى وَصَاةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا أَسْمَاءٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَ الْمَصَادِرِ وَاسْتَغْنَى بِهَا عَنْهَا وَيَشْهَدُ لِلْأَصْلِ قَوْله تَعَالَى { فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً }.
فصل
اعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ لَمَّا كَانَ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ بِلَفْظِهِ وَعَلَى الزَّمَانِ بِصِيغَتِهِ وَعَلَى الْمَكَانِ بِمَحَلِّهِ اُشْتُقَّ مِنْهُ لِهَذِهِ الْأَقْسَامِ أَسْمَاءٌ وَلَمَّا كَانَ يَدُلُّ عَلَى الْفَاعِلِ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ حَدَثٌ وَالْحَدَثُ لَا يَصْدُرُ إلَّا عَنْ فَاعِلٍ اُشْتُقَّ مِنْهُ اسْمُ فَاعِلٍ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ فِعْلٍ مِنْ فَاعِلٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ إمَّا ظَاهِرًا وَإِمَّا مُضْمَرًا ثُمَّ الثُّلَاثِيُّ مُجَرَّدٌ وَغَيْرُ مُجَرَّدٍ فَإِنْ كَانَ مُجَرَّدًا فَقِيَاسُ الْفَاعِلِ أَنْ يَكُونَ مُوَازِنَ فَاعِلٍ إنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا نَحْوُ ضَارِبٍ وَشَارِبٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَازِمًا مَفْتُوحَ الْعَيْنِ نَحْوُ قَاعِدٍ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا مَضْمُومَ الْعَيْنِ أَوْ مَكْسُورَ الْعَيْنِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَأَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ بِمَجِيئِهِ عَلَى فَاعِلٍ أَيْضًا وَتَبِعَهُ ابْنُ مَالِكٍ فَقَالَ وَيَأْتِي اسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ مُوَازِنَ فَاعِلٍ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ وَيَأْتِي اسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ مَجِيئًا وَاحِدًا مُسْتَمِرًّا إلَّا مِنْ فَعُلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَقَدْ جَاءَ مِنَ الْمَكْسُورِ عَلَى فَاعِلٍ نَحْوُ حَاذِرٍ وَفَارِحٍ وَنَادِمٍ وَجَارِحٍ وَقَيَّدَ ابْنُ عُصْفُورٍ وَجَمَاعَةٌ مَجِيئَهُ مِنَ الْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ عَلَى فَاعِلٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَدْ ذُهِبَ بِهِ مَذْهَبَ الزَّمَانِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ وَيَأْتِي مِنْ فَعُلَ بِالضَّمِّ عَلَى فَعِيلٍ وَمِنَ الْمَكْسُورِ عَلَى فَعِلٍ نَحْوُ حَذِرٍ وَقَدْ يَأْتِي عَلَى فَعِيلٍ نَحْوُ سَقِيمٍ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَتَدُلُّ الصِّفَةُ عَلَى مَعْنًى ثَابِتٍ فَإِنْ قَصَدْتَ الْحُدُوثَ قُلْتَ حَاسِنٌ الْآنَ أَوْ غَدًا وَكَارِمٌ وَطَائِلٌ فِي كَرِيمٍ وَطَوِيلٍ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ } قَالَ السَّخَاوِيُّ إنَّمَا عَدَلُوا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ عَنِ الْجَرَيَانِ عَلَى الْفِعْلِ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَصِفُوا بِالْمَعْنَى الثَّابِتِ فَإِذَا أَرَادُوا مَعْنَى الْفِعْلِ أَتَوْا بِالصِّفَةِ جَارِيَةً عَلَيْهِ فَقَالُوا طَائِلٌ غَدًا كَمَا يُقَالُ يَطُولُ غَدًا وَحَاسِنٌ الْآنَ كَمَا يُقَالُ يَحْسُنُ الْآنَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ { إنَّكَ مَيِّتٌ } لِأَنَّهُ أُرِيدَ الصِّفَةُ الثَّابِتَةُ أَيْ إنَّكَ مِنَ الْمَوْتَى وَإِنْ كُنْتَ حَيًّا كَمَا يُقَالُ إنَّكَ سَيِّدٌ فَإِذَا أُرِيدَ أَنَّكَ سَتَمُوتُ أَوْ سَتَسُودُ قِيلَ مَائِتٌ وَسَائِدٌ وَيُقَالُ فُلَانٌ جَوَادٌ فِيمَا اسْتَقَرَّ لَهُ وَثَبَتَ وَمَرِيضٌ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ وَمَارِضٌ غَدًا وَكَذَلِكَ غَضْبَانُ وَغَاضِبٌ وَقَبِيحٌ وَقَابِحٌ وَطَمِعٌ وَطَامِعٌ وَكَرِيمٌ فَإِذَا جَوَّزْتَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ كَرَمٌ قُلْتَ كَارِمٌ وَأَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَوْلَ بِمَجِيئِهِ مِنَ الْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ عَلَى فَاعِلٍ وَغَيْرِهِ بِحَسَبِ السَّمَاعِ فَيَكُونَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اسْمِ الْفَاعِلِ وَبَيْنَ الصِّفَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَابُ حَسَنٍ وَصَعْبٍ وَشَدِيدٍ صِفَةٌ وَمَا سِوَاهُ مُشْتَرَكٌ فَيَأْتِي فَعُلَ بِالضَّمِّ عَلَى فَعِيلٍ كَثِيرًا نَحْوُ شَرِيفٍ وَقَرِيبٍ وَبَعِيدٍ وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ رَاخِصٌ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِاطِّرَادِ فَاعِلٍ مِنْ كُلِّ ثُلَاثِيٍّ فَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَحَقُّهُ أَنْ تَقُولَ رَخِيصٌ وَجَاءَ خَشِنٌ وَشُجَاعٌ وَجَبَانٌ وَحَرَامٌ وَسُخْنٌ وَضَخْمٌ وَمَلُحَ الْمَاءُ فَهُوَ مَلِحٌ مِثَالُ خَشِنٍ هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ خُفِّفَ فَقِيلَ مِلْحٌ وَهُوَ أَسْمَرُ وَآدَمُ وَأَحْمَقُ وَأَخْرَقُ وَأَرْعَنُ وَأَعْجَمُ وَأَعْجَفُ وَأَسْحَمُ أَيْ شَدِيدُ السَّوَادِ وَأَكْمَتُ وَأَشْهَبُ وَأَصْهَبُ وَأَكْهَبُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُ مَجِيئَهُ مِنْ فَعُلَ بِالضَّمِّ عَلَى فَاعِلٍ أَلْبَتَّةَ وَيَقُولُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فِي الْأَصْلِ مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى فَيَكُونُ عَلَى تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ وَرُبَّمَا هُجِرَتْ تِلْكَ اللُّغَةُ وَاسْتُعْمِلَ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهَا عَلَى اللُّغَةِ الْأُخْرَى نَحْوُ طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ طَاهِرٌ وَفَرُهَ الدَّابَّةُ فَهِيَ فَارِهٌ وَاللُّغَةُ الْأُخْرَى طَهَرَتْ بِالْفَتْحِ وَفَرَهَ بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ وَيَأْتِي اسْمُ الْفَاعِلِ عَلَى فُعَلَةٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ نَحْوُ حُطَمَةٍ وَضُحَكَةٍ لِلَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ بِسُكُونِهَا وَهُوَ مِدْرَهٌ وَمِسْعَرُ حَرْبٍ وَحَكِيمٌ وَخَبِيرٌ وَعَجَزَتِ الْمَرْأَةُ إذَا أَسَنَّتْ فَهِيَ عَجُوزٌ وَعَقَرَتْ قَوْمَهَا آذَتْهُمْ فَهِيَ عَقْرَى وَعَادَ الْبَعِيرُ عَوْدًا هَرِمَ فَهُوَ عَوْدٌ وَسَقَطَ الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَهُوَ سِقْطٌ مُثَلَّثُ السِّينِ وَمَلَكَ عَلَى النَّاسِ فَهُوَ مَلِكٌ وَصَقَلَهُ فَهُوَ صَقِيلٌ وَجَاءَ طَاعُونٌ وَنَاظُورٌ وَسَلَفَ الشَّيْءُ إذَا مَضَى فَهُوَ سَلَفٌ وَبَعْلٌ إذَا تَزَوَّجَ وَهُوَ حُلْوٌ وَيَأْتِي مِنْ فَعِلَ بِالْكَسْرِ عَلَى فَعِلٍ بِالْكَسْرِ وَعَلَى فَعِيلٍ كَثِيرًا نَحْوُ تَعِبَ فَهُوَ تَعِبٌ وَحَمِقَ فَهُوَ حَمِقٌ وَفَرِحَ فَهُوَ فَرِحٌ وَمَرِضَ فَهُوَ مَرِيض وَغَنِيَ فَهُوَ غَنِيٌّ وَجَاءَ أَيْضًا أَوْجَلُ وَأَعْرَجُ وَأَعْمَى وَأَعْمَشُ وَأَخْفَشُ وَأَبْيَضُ وَأَحْمَرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَلْوَانِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَفْعَالِ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ وَجَاءَ أَيْضًا خَرَابٌ وَعُرْيَانُ وَسَكْرَانُ وَهُوَ مُرٌّ وَجَزُوعٌ وَضَوِيَ الْوَلَدُ فَهُوَ ضَاوِيٌّ وَيَقِظٌ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَقَدْ يَأْتِي مِنْ فَعَلَ بِالْفَتْحِ عَلَى أَفْعَلَ نَحْوُ شَابَ فَهُوَ أَشْيَبُ وَفَاحَ الْوَادِي إذَا اتَّسَعَ فَهُوَ أَفْيَحُ وَبَلَجَ الْحَقُّ فَهُوَ أَبْلَجُ وَعَزَبَ الرَّجُلُ فَهُوَ أَعْزَبُ وَحَيْثُ كَانَ الْفَاعِلُ عَلَى أَفْعَلَ لِلْمُذَكَّرِ فَهُوَ لِلْمُؤَنَّثِ عَلَى فَعْلَاءَ نَحْوُ أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ.
وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ ثُلَاثِيٍّ مُجَرَّدٍ فَيَكُونُ عَلَى أَفْعَلَ نَحْوُ أَكْرَمَ إكْرَامًا وَأَعْلَمَ إعْلَامًا وَعَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي فَيَأْتِي عَلَى مِنْهَاجٍ وَاحِدٍ وَقِيَاسٍ مُطَّرِدٍ نَحْوُ دَحْرَجَ فَهُوَ مُدَحْرِجٌ وَسُمِعَ فِي بَعْضِهَا فَعْلَالٌ بِالْفَتْحِ نَحْوُ ضَحْضَاحٍ وَبِالْكَسْرِ نَحْوُ هِمْلَاجٍ وَانْطَلَقَ فَهُوَ مُنْطَلِقٌ وَاسْتَخْرَجَ فَهُوَ مُسْتَخْرِجٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَفْعَلَ فَبَابُهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى مُفْعِلٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ مَا قَبْلَ الْآخِرِ وَالْمَفْعُولُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ مَا قَبْلَ الْآخِرِ نَحْوُ أَخْرَجْتُهُ فَأَنَا مُخْرِجٌ وَهُوَ مُخْرَجٌ وَأَعْتَقْتُهُ فَأَنَا مُعْتِقٌ وَهُوَ مُعْتَقٌ وَأَشَرْتُ إلَيْهِ فَأَنَا مُشِيرٌ وَهُوَ مُشَارٌ إلَيْهِ وَشَذَّ مِنْ أَسْمَاءِ الْفَاعِلَيْنِ أَلْفَاظٌ فَبَعْضُهَا جَاءَ عَلَى صِيغَةِ فَاعِلٍ إمَّا اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ نَحْوُ أَوْرَسَ الشَّجَرُ إذَا اخْضَرَّ وَرَقُهُ فَهُوَ وَارِسٌ وَجَاءَ مُورِسٌ قَلِيلًا وَأَمْحَلَ الْبَلَدُ فَهُوَ مَاحِلٌ وَأَمْلَحَ الْمَاءُ فَهُوَ مَالِحٌ وَأَغْضَى اللَّيْلُ فَهُوَ غَاضٍ وَمُغْضٍ عَلَى الْأَصْلِ أَيْضًا وَأَقْرَبَ الْقَوْمُ إذَا كَانَتْ إبِلُهُمْ قَوَارِبَ فَهُمْ قَارِبُونَ قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ وَلَا يُقَالُ مُقْرِبُونَ عَلَى الْأَصْلِ، وَإِمَّا لِمَجِيءِ لُغَةٍ أُخْرَى فِي فِعْلِهِ وَهِيَ فَعَلَ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الِاسْتِعْمَالِ فَيَكُونُ اسْتِعْمَالُ اسْمُ الْفَاعِلِ مَعَهَا مِنْ بَابِ تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ نَحْوُ أَيْفَعَ الْغُلَامُ فَهُوَ يَافِعٌ فَإِنَّهُ مِنْ يَفَعَ وَأَعْشَبَ الْمَكَانُ فَهُوَ عَاشِبٌ فَإِنَّهُ مِنْ عَشَبَ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاسْمِ فَاعِلٍ لِلْفِعْلِ الْمَذْكُورِ مَعَهُ بَلْ هُوَ نِسْبَةٌ إضَافِيَّةٌ بِمَعْنَى ذُو الشَّيْءِ فَقَوْلُهُمْ أَمْحَلَ الْبَلَدُ فَهُوَ مَاحِلٌ أَيْ ذُو مَحْلٍ وَأَعْشَبَ فَهُوَ عَاشِبٌ أَيْ ذُو عُشْبٍ كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ لَابِنٌ وَتَامِرٌ أَيْ ذُو لَبَنٍ وَذُو تَمْرٍ وَبَعْضُهَا جَاءَ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمَفْعُولِيَّةِ نَحْوُ أَحْصَنَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُحْصَنٌ إذَا تَزَوَّجَ وَجَاءَ الْكَسْرُ عَلَى الْأَصْلِ وَأَلْفَجَ بِمَعْنَى أَفْلَسَ فَهُوَ مُفْلَجٌ وَسُمِعَ أُلْفِجَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَعَلَى هَذَا فَلَا شُذُوذَ وَأَسْهَبَ إذَا أَكْثَرَ كَلَامَهُ فَهُوَ مُسْهَبٌ لِأَنَّهُ كَالْعَيْبِ فِيهِ، وَأَمَّا أَسْهَبَ إذَا كَانَ فَصِيحًا فَاسْمُ الْفَاعِلِ عَلَى الْأَصْلِ وَأَعَمَّ وَأَخْوَلَ أَذَا كَثُرَتْ أَعْمَامُهُ وَأَخْوَالُهُ فَهُوَ مُعَمٌّ وَمُخْوَلٌ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: أُعِمَّ وَأُخْوِلَ بِالْبِنَاءِ فِيهِمَا لِلْمَفْعُولِ فَعَلَى هَذَا لَيْسَا مِنَ الْبَابِ وَأَحْصَنَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ إذَا أَعَفَّهَا وَأَحْصَنَتْهُ إذَا أَعَفَّتْهُ وَاسْمُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ عَلَى الْأَصْلِ أَيْضًا وَأَوْقَرَتِ النَّخْلَةُ إذَا كَثُرَ حَمْلُهَا فَهِيَ مُوقَرَةٌ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَأَنْتَجَتِ الْفَرَسُ إذَا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَهِيَ نَتُوجٌ وَلَا يُقَالُ مُنْتِجٌ عَلَى الْأَصْلِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَأَجْنَبَ فَهُوَ جُنُبٌ وَأَرْمَلَ إذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ زَادٌ فَهُوَ أَرْمَلُ وَأَرْمَلَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَأَسْمَعَهُ فَهُوَ سَمِيعٌ وَشَذَّ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَفْعُولِينَ أَلْفَاظٌ نَحْوُ أَجَنَّهُ اللَّهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ وَأَحَمَّهُ فَهُوَ مَحْمُومٌ وَأَزْكَمَهُ فَهُوَ مَزْكُومٌ وَأَسَلَّهُ فَهُوَ مَسْلُولٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي هَذَا كُلِّهِ قَدْ فُعِلَ بِغَيْرِ أَلِفٍ ثُمَّ بُنِيَ مَفْعُولٌ عَلَى فُعِلَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَيْضًا مَجْنُونٌ وَمَزْكُومٌ وَمَحْزُونٌ وَمَكْرُوزٌ وَمَقْرُورٌ مِنَ الْقَرِّ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ زُكِمَ وَجُنَّ وَحَكَى السَّرَقُسْطِيّ أَبْرَزْتُهُ إذَا أَظْهَرْتُهُ فَهُوَ مَبْرُوزٌ قَالَ وَلَا يُقَالُ بَرَزْتُهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَأَعَلَّهُ اللَّه فَعُلَّ فَهُوَ عَلِيلٌ وَرُبَّمَا جَاءَ مَعْلُولٌ وَمَسْقُومٌ قَلِيلًا وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَضْعَفَهُ اللَّهُ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَكْثَرَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ فَهُوَ كَثِيرٌ وَأَغْنَاهُ اللَّهُ فَهُوَ غَنِيٌّ وَأَعْمَاهُ فَهُوَ أَعْمًى وَأَبْرَصَهُ فَهُوَ أَبْرَصُ وَالتَّقْدِيرُ أَضْعَفَهُ اللَّهُ فَضَعُفَ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَسَامَ الرَّاعِي الْمَاشِيَةَ فَهِيَ سَائِمَةٌ.
فصل
وَيُبْنَى مِنْ أُفْعِلَ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ مُفْعَلٌ لِلْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ يُقَالُ هَذَا مُعْلَمُهُ أَيْ إعْلَامُهُ وَمَوْضِعُ إعْلَامِهِ وَزَمَانُهُ وَهَذَا مُخْرَجُهُ أَيْ إخْرَاجُهُ وَمَوْضِعُ إخْرَاجِهِ وَزَمَانُهُ وَهَذَا مُهَلُّهُ أَيْ إهْلَالُهُ وَمَوْضِعُ إهْلَالِهِ وَزَمَانُهُ، وَكَذَلِكَ يُبْنَى مِنَ الْخُمَاسِيِّ وَالسُّدَاسِيِّ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ لِلْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ نَحْوُ هَذَا مُنْطَلَقُهُ وَمُسْتَخْرَجُهُ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَأْوَى مِنْ آوَيْتُ بِالْمَدِّ لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ الضَّمُّ وَالْمَصْبَحُ وَالْمَمْسَى لِمَوْضِعِ الْإِصْبَاحِ وَالْإِمْسَاءِ وَلِوَقْتِهِ وَالْمَخْدَعُ مِنْ أَخْدَعْتُهُ إذَا أَخْفَيْتَهُ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الضَّمُّ عَلَى الْأَصْلِ وَالْفَتْحُ بِنَاءً عَلَى الْفِعْلِ قَبْلَ زِيَادَتِهِ وَأَجْزَأْتُ عَنْكَ مَجْزَأَ فُلَانٍ بِالْوَجْهَيْنِ.
فصل
وَأَمَّا الْمَصَادِرُ مِنْ أَفْعَلَ فَتَأْتِي عَلَى إفْعَالٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فَرْقًا بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَالْجَمْعِ نَحْوُ أَكْرَمَ إكْرَامًا وَأَعْلَمَ إعْلَامًا وَإِذَا أَرَدْتَ الْوَاحِدَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَصَادِرِ أَدْخَلْتَ الْهَاءَ وَقُلْتَ إدْخَالَةً وَإِخْرَاجَةً وَإِكْرَامَةً وَكَذَلِكَ فِي الْخُمَاسِيِّ وَالسُّدَاسِيِّ كَمَا يُقَالُ فِي الثُّلَاثِيِّ قَعْدَةٌ وَضَرْبَةٌ وَأَمَّا الْمُعْتَلُّ الْعَيْنِ فَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْمَخْذُوفِ قَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ إذَا كَانَ الْفِعْلُ مُعْتَلَّ الْعَيْنِ فَمَصْدَرُهُ بِالْهَاءِ نَحْوُ الْإِقَامَةِ وَالْإِضَاعَةِ جَعَلُوهَا عِوَضًا مِمَّا سَقَطَ مِنْهَا وَهُوَ الْوَاوُ مِنْ قَامَ وَالْيَاءُ مِنْ ضَاعَ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ الْهَاءَ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { وَإِقَامِ الصَّلَاةِ } وَكُلٌّ حَسَنٌ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَا يُجِيزُ حَذْفَ الْهَاءِ إلَّا مَعَ الْإِضَافَةِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إنَّمَا حُذِفَتِ الْهَاءُ مِنْ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ لِلِازْدِوَاجِ كَمَا ثَبَتَتِ الْهَاءُ فِي الْمُذَكَّرِ لِلِازْدِوَاجِ نَحْوُ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ وَالْأَصْلُ لَاقِطٌ فَلَوْ أُفْرِدَ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ وقَوْله تَعَالَى { وَاَللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا } قِيلَ هُوَ مَصْدَرٌ لِمُطَاوِعٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَنَبَتُّمْ نَبَاتًا وَقِيلَ وُضِعَ مَوْضِعَ مَصْدَرِ الرُّبَاعِيِّ لِقُرْبِ الْمَعْنَى كَمَا يُقَالَ قَامَ انْتِصَابًا وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْأَزْهَرِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ كُلُّ مَصْدَرٍ يَكُونُ لِأَفْعَلَ فَاسْمُ الْمَصْدَرِ فَعَالٌ نَحْوُ أَفَاقَ فَوَاقًا وَأَصَابَ صَوَابًا وَأَجَابَ جَوَابًا أُقِيمَ الِاسْمُ مُقَامَ الْمَصْدَرِ وَأَمَّا الطَّاعَةُ وَالطَّاقَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَأَسْمَاءٌ لِلْمَصَادِرِ أَيْضًا فَإِنْ أَرَدْتَ الْمَصْدَرَ قُلْتَ إطَاعَةً بِالْأَلِفِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
فصل
الثُّلَاثِيُّ الْمُجَرَّدُ لَيْسَ لِمَصْدَرِهِ قِيَاسٌ يَنْتَهِي إلَيْهِ بَلْ أَبْنِيَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى السَّمَاعِ قَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ أَوْ الِاسْتِحْسَانِ وَحُكِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ كُلُّ مَا كَانَ مِنَ الثُّلَاثِيِّ مُتَعَدِّيًا فَالْفَعْلُ بِالْفَتْحِ وَالْفُعُولُ جَائِزَانِ فِي مَصْدَرِهِ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ.
وَقَالَ الْفَارَابِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ بَابُ فَعَلَ بِالْفَتْحِ يَفْعُلُ بِالضَّمِّ أَوْ الْكَسْرِ إذَا لَمْ يُسْمَعْ لَهُ مَصْدَرٌ فَاجْعَلْ مَصْدَرَهُ عَلَى الْفَعْلِ أَوْ الْفُعُولِ الْفَعْلُ لِأَهْلِ الْحِجَازِ وَالْفُعُولُ لِأَهْلِ نَجْدٍ وَيَكُونُ الْفَعْلُ لِلْمُتَعَدِّي وَالْفُعُولُ لِلَّازِمِ وَقَدْ يَشْتَرِكَانِ نَحْوُ عَبَرْتُ النَّهْرَ عَبْرًا وَعُبُورًا وَسَكَتَ سَكْتًا وَسُكُوتًا وَرُبَّمَا جَاءَ الْمَصْدَرُ عَلَى بِنَاءِ الِاسْمِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا نَحْوُ الْغُسْلِ وَالْعِلْمِ.
فصل
إذَا جُمِعَ الِاسْمُ الثُّلَاثِيُّ عَلَى أَفْعَالٍ فَهَمْزَتُهُ مَفْتُوحَةٌ نَحْوُ سِنٍّ وَأَسْنَانٍ وَنَهْرٍ وَأَنْهَارٍ وَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَرُطَبٍ وَأَرْطَابٍ وَعِنَبٍ وَأَعْنَابٍ وَكَبِدٍ وَأَكْبَادٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)