فصل
إذَا جُعِلَ الْمِفْعَلُ مَكَانًا فَتَحْتَ الْمِيمَ فَالْمَقْطَعُ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْطَعُ فِيهِ وَالْمَقَصُّ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَصُّ فِيهِ وَالْمَفْتَحُ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يُفْتَحُ فِيهِ وَإِنْ جَعَلْتَهُ أَدَاةً كَسَرْتَ الْمِيمَ فَالْمِقْطَعُ مَا يُقْطَعُ بِهِ وَالْمِقَصُّ مَا يُقَصُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ اسْمِ آلَةٍ فَهُوَ مَكْسُورُ الْأَوَّلِ نَحْوُ الْمِخَدَّةِ وَالْمِلْحَفَةِ وَالْمِقْلَمِ وَالْمِرْوَحَةِ وَالْمِيثَرَةِ وَالْمِكْنَسَةِ وَالْمِقْوَدِ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ أَحْرُفٌ جَاءَتْ بِالضَّمِّ نَحْوُ الْمُسْعُطِ وَالْمُنْخُلِ وَالْمُشْطِ وَالْمُدُقِّ وَالْمُدْهُنِ وَالْمُكْحُلَةِ وَالْمُحْرُضَةِ وَالْمُنْصُلِ وَالْمُلَاءَةِ وَالْمُغْزُلِ فِي لُغَةٍ وَشَذَّ بِالْفَتْحِ الْمَنَارَةُ وَالْمَنْقَلُ لِلْخُفِّ وَمَحْمَلُ الْحَاجِّ فِي لُغَةٍ.
فصل
وَجَاءَ فُعَّالٌ وَفُعَّالَةٌ بِالضَّمِّ كَثِيرًا فِيمَا هُوَ فَضْلَةٌ وَفِيمَا يُرْفَضُ وَيُلْقَى نَحْوُ الْفُتَاتِ وَالنُّحَاتَةِ وَالنُّخَاعَةِ وَالنُّخَامَةِ وَالْبُصَاقِ وَالنُّخَالَةِ وَالْقُوَارَةِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا وَقَعَ عِنْدَ التَّقْوِيرِ وَخُثَارَةُ الشَّيْءِ وَهُوَ مَا يَبْقَى مِنْهُ وَالْخُمَارِ وَهُوَ بَقِيَّةُ السُّكْرِ وَالرُّفَاتِ وَالْحُطَامِ وَالرُّذَالِ وَقُلَامَةَ الظُّفْرِ وَالْكُسَاحَةِ وَالْكُنَاسَةِ وَالسُّبَاطَةِ وَالْقُمَامَةِ وَالزُّبَالَةِ وَالنُّفَايَةِ وَهُوَ مَا نُفِيَ بَعْدَ الِاخْتِبَارِ وَأَمَّا النُّقَاوَةُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنَّمَا بُنِيَ عَلَى الضَّمِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْبَابِ حَمْلًا عَلَى ضِدِّهِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَحْمِلُونَ الشَّيْءَ عَلَى ضِدِّهِ كَمَا يَحْمِلُونَهُ عَلَى نَظِيرِهِ وَأَحْسَنُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ وَفُعَالٌ بِالضَّمِّ فِي الْأَصْوَاتِ كَالصُّرَاخِ وَشَذَّ بِالْفَتْحِ الْغَوَاثُ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَغَاثَ وَشَذَّ بِالْكَسْرِ الْغِنَاءُ.
فصل
الْجَمْعُ قِسْمَانِ جَمْعُ قِلَّةٍ وَجَمْعُ كَثْرَةٍ فَجَمْعُ الْقِلَّةِ قِيلَ خَمْسَةُ أَبْنِيَةٍ جُمِعَتْ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فِي قَوْلِهِمْ بِأَفْعَلَ وَبِأَفْعَالٍ وَأُفْعُلَةٍ وَفِعْلَةٍ يُعْرَفُ الْأَدْنَى مِنَ الْعَدَدِ وَالْخَامِسُ جَمْعُ السَّلَامَةِ مُذَكَّرُهُ وَمُؤَنَّثُهُ وَيُقَالُ إنَّهُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ السَّرَّاجِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ مِنْ بَعْدُ وَعَلَيْهِ قَوْلُ حَسَّانَ لَنَا الْجَفَنَاتُ الْغُرُّ يَلْمَعْنَ فِي الضُّحَى وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمًا وَيُحْكَى أَنَّ النَّابِغَةَ لَمَّا سَمِعَ الْبَيْتَ قَالَ لِحَسَّانَ قَلَّلْتَ جِفَانَكَ وَسُيُوفَكَ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ جَمْعَيِ السَّلَامَةِ كَثْرَةٌ قَالُوا وَلَمْ يَثْبُتِ النَّقْلُ عَنِ النَّابِغَةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَالشَّاعِرُ وَضَعَ أَحَدَ الْجَمْعَيْنِ مَوْضِعَ الْآخَرِ لِلضَّرُورَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّقْلِيلَ وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَيْثُ السَّمَاعُ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ كُلُّ اسْمٍ مُؤَنَّثٍ يُجْمَعُ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ فَهُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ نَحْوُ الْهِنْدَاتِ وَالزَّيْنَبَاتِ وَرُبَّمَا كَانَ لِلْكَثِيرِ وَأَنْشَدَ بَيْتَ حَسَّانَ.
وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ جَمْعَا السَّلَامَةِ مُشْتَرِكَانِ بَيْنِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ قَوْله تَعَالَى { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } الْمُرَادُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَهِيَ قَلِيلٌ. وَقَالَ { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ } وَهَذِهِ كَثِيرَةٌ وَقِيلَ اسْمُ الْجِنْسِ وَهُوَ مَا بَيْنَ وَاحِدِهِ وَجَمْعِهِ الْهَاءُ، وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَمْعِ نَحْوُ قَوْمٍ وَرَهْطٍ مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ وَبَعْضُهُمْ يُسْقِطُ فِعْلَةً مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَاسُ وَلَا تُوجَدُ إلَّا فِي أَلْفَاظٍ قَلِيلَةٍ نَحْوُ غِلْمَةٍ وَصِبْيَةٍ وَفِتْيَةٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الِاسْمُ ثُلَاثِيًّا وَلَهُ صِيغَةُ الْجَمْعَيْنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الثَّلَاثَةِ نَحْوُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ أَوْ ثُلَاثِيًّا وَلَيْسَ لَهُ إلَّا جَمْعٌ وَاحِدٌ نَحْوُ أَسْبَابٍ وَكُتُبٍ فَجَمْعُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِأَنَّ صِيغَتَهُ قَدِ اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْجَمْعَيْنِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا وَلَا نَصَّ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا مَجَازٌ فِي الْآخَرِ وَلَا وَجْهَ لِتَرْجِيحِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِالِاشْتِرَاكِ وَلِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا أُطْلِقَ فِيمَا لَهُ جَمْعٌ وَاحِدٌ نَحْوُ دَرَاهِمَ وَأَثْوَابٍ تَوَقَّفَ الذِّهْنُ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حَتَّى يَحْسُنَ السُّؤَالُ عَنِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَهَذَا مِنْ عَلَامَاتِ الْحَقِيقَةِ وَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا مَجَازًا فِي الْآخَرِ لَتَبَادَرَ الذِّهْنُ إلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ فَقَالُوا وَيُجْمَعُ فِعْلٌ عَلَى أَفْعُلٍ نَحْوُ رِجْلٍ تُجْمَعُ عَلَى أَرْجُلٍ وَيَكُونُ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: وَقَدْ يَجِيءُ أَفْعَالٌ فِي الْكَثْرَةِ قَالُوا قَتَبٌ وَأَقْتَابٌ وَرَسَنٌ وَأَرْسَانٌ وَالْمُرَادُ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَثْرَةِ كَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْقِلَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ جَمْعَانِ نَحْوُ أَفْلُسٍ وَفُلُوسٍ فَهَهُنَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ وُضِعَ أَحَدُ الْجَمْعَيْنِ مَوْضِعَ الْآخَرِ وَأَمَّا مَالَهُ جَمْعٌ وَاحِدٌ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ لَهُ جَمْعَانِ وُضِعَ أَحَدُهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ بَلْ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ هُنَا جَمْعُ قِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ ثُمَّ جَمْعُ الْقِلَّةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إلَى مَا فَوْقَهُ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ مِنْ أَبْنِيَةِ الْجُمُوعِ مَا بُنِيَ لِلْأَقَلِّ مِنَ الْعَدَدِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ فَمَا دُونَهَا وَمِنْهَا مَا بُنِيَ لِلْكَثْرَةِ وَهُوَ مَا جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَمِنْهَا مَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ بَابِهِ وَمِنْهَا مَا يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى بِنَاءِ الْقَلِيلِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَمِنْهَا مَا يُسْتَغْنَى فِيهِ بِالْكَثِيرِ عَنِ الْقَلِيلِ فَاَلَّذِي يُسْتَغْنَى فِيهِ بِبِنَاءِ الْأَقَلِّ عَنِ الْأَكْثَرِ نَجِدُهُ كَثِيرًا وَالِاسْتِغْنَاءُ بِالْكَثِيرِ عَنِ الْقَلِيلِ نَحْوُ ثَلَاثَةِ شُسُوعٍ وَثَلَاثَةِ قُرُوءٍ قَالَ وَفَعْلٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ إذَا جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَإِنَّهُ يَجِيءُ عَلَى فُعُولٍ نَحْوُ نَسْرٍ وَنُسُورٍ وَالْمُضَاعَفُ مِثْلُهُ قَالُوا صَكٌّ وَصُكُوكٌ وَبَنَاتُ الْوَاوِ وَالْيَاءِ كَذَلِكَ قَالُوا دُلِيٌّ وَثُدِيٌّ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْكَثْرَةِ إذَا وَقَعَ تَمْيِيزًا لِلْعَدَدِ نَحْوُ خَمْسَةِ فُلُوسٍ وَثَلَاثَةِ قُرُوءٍ عَلَى بَابِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَضْعِ أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ مَوْضِعَ الْآخَرِ بَلْ التَّقْدِيرُ خَمْسَةٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ قُرُوءٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَا يُجْمَعُ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا تُجْمَعُ أَصْنَافُهُ وَالْجَمْعُ يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ كَالزَّيْدِينَ وَفِي أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ إذَا اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا كَالْأَرْطَابِ وَالْأَعْنَابِ وَالْأَلْبَانِ وَاللُّحُومِ وَفِي الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ كَالْعُلُومِ وَالظُّنُونِ.
فصل
إذَا جُمِعَتْ فُعْلَةٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ فَإِنْ كَانَتْ صِفَةً فَالْعَيْنُ سَاكِنَةٌ فِي الْجَمْعِ أَيْضًا نَحْوُ حُلْوَاتٍ وَمُرَّاتٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ شَبِيهَةٌ بِالْفِعْلِ فِي الثِّقَلِ لِتَحَمُّلِهَا الضَّمِيرَ فَيُنَاسِبُ التَّخْفِيفَ.
وَإِنْ كَانَتِ اسْمًا فَتُضَمُّ الْعَيْنُ لِلْإِتْبَاعِ وَتَبْقَى سَاكِنَةً عَلَى لَفْظِ الْمُفْرَدِ نَحْوُ غُرُفَاتٍ وَحُجُرَاتٍ وَأَمَّا فَتْحُ الْعَيْنِ فِي نَحْوِ غُرُفَاتٍ وَحُجُرَاتٍ فَقِيلَ جَمْعُ غُرَفٍ وَحُجَرٍ عَلَى لَفْظِهَا فَيَكُونُ جَمْعَ الْجَمْعِ، وَقِيلَ جُمِعَ الْمُفْرَدُ وَالْفَتْحُ تَخْفِيفٌ وَعَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ السَّرَّاجِ وَيُجْمَعُ فُعْلَةٌ بِالضَّمِّ عَلَى فُعُلَاتٍ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ نَحْوُ رُكْبَةٍ وَرُكُبَاتٍ وَغُرْفَةٍ وَغُرُفَاتٍ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَفْتَحُ الْعَيْنَ فَيَقُولُ رُكَبَاتٌ وَغُرَفَاتٌ وَجَمْعُ الْكَثْرَةِ غُرَفٌ وَرُكَبٌ قَالَ وَبَنَاتُ الْوَاوِ كَذَلِكَ مِثْلُ خُطْوَةٍ وَخُطُوَاتٍ وَجَاءَ خُطًى وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَكِّنُ فَيَقُولُ خُطْوَاتٌ وَغُرْفَاتٌ جَرْيًا عَلَى لَفْظِ الْمُفْرَدِ وَإِنْ جَمَعْتَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَتَاءٍ فَبَابُهَا فُعَلٌ نَحْوُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَسُنَّةٍ وَسُنَنٍ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ وَنِسَاءٌ حَرَائِرُ وَشَجَرَةٌ مُرَّةٌ وَشَجَرٌ مَرَائِرُ فَجَاءَ الْجَمْعُ عَلَى فَعَائِلَ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُرَّةَ هِيَ الْكَرِيمَةُ وَالْعَقِيلَةُ عِنْدَهُمْ فَحُمِلَتْ فِي الْجَمْعِ عَلَى مُرَادِفِهَا وَالْمُرَّةُ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى خَبِيثَةٍ فَحُمِلَتْ فِي الْجَمْعِ عَلَى مُرَادِفِهَا أَيْضًا وَشَذَّ أَيْضًا مَجِيئُهَا عَلَى فِعَالٍ نَحْوُ ظُلَّةٍ وَظِلَالٍ وَقُلَّةٍ وَقِلَالٍ وَرُفْقَةٍ وَرِفَاقٍ.
وَأَمَّا فَعْلَةٌ بِالْفَتْحِ فَتُسَكَّنُ فِي الصِّفَةِ أَيْضًا نَحْوُ ضَخْمَاتٍ وَصَعْبَاتٍ وَتُفْتَحُ فِي الِاسْمِ نَحْوُ سَجَدَاتٍ وَرَكَعَاتٍ، هَذَا إذَا كَانَتْ سَالِمَةً فَإِنَّ اعْتَلَّتْ عَيْنُهَا بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ نَحْوُ عَوْرَاتٍ وَبَيْضَاتٍ فَالسُّكُونُ عَلَى الْأَشْهَرِ وَبِهِ قَرَأَ السَّبْعَةُ لِثِقَلِ الْحَرَكَةِ عَلَى حَرْفِ الْعِلَّةِ وَلِأَنَّ تَحْرِيكَهُ وَانْفِتَاحَ مَا قَبْلَهُ سَبَبٌ لِقَلْبِهِ أَلِفًا وَبَنُو هُذَيْلٍ تَفْتَحُ عَلَى قِيَاسِ الْبَابِ وَلَا يُعَلُّ لِأَنَّ الْجَمْعَ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَارِضِ وَإِنِ اعْتَلَّ لَامُهَا كَالشَّهَوَاتِ فَالْفَتْحُ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ الْبَابِ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ قَالَ { أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ }.
وَقَالَ { لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ } وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَكِّنُ الْعَيْنَ لِلتَّخْفِيفِ وَكَثُرَ فِيهَا فِعَالٌ بِالْكَسْرِ نَحْوُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَبَغْلَةٍ وَبِغَالٍ وَظَبْيَةٍ وَظِبَاءٍ وَجَاءَ ضَحْوَةٌ وَضُحًى وَقَرْيَةٌ وَقُرًى وَنَوْبَةٌ وَنُوَبٌ وَجَذْوَةٌ وَجُذًى وَدَوْلَةٌ وَدُوَلٌ وَقَصْعَةٌ وَقِصَعٌ وَبَدْرَةٌ وَبُدَرٌ، وَأَمَّا الْمُضَاعَفُ فَعَلَى لَفْظِ وَاحِدِهِ نَحْوُ مَرَّةٍ وَمَرَّاتٍ وَعَمَّةٍ وَعَمَّاتٍ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ ضَرَّةٌ وَضَرَائِرُ كَأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ جَمْعُ ضَرِيرَةٍ وَجَاءَ جَنَّةٌ وَجِنَانٌ وَأَمَّا فِعْلَةٌ بِالْكَسْرِ فَبَابُهَا فِعَلٌ فِي الْكَثِيرِ نَحْوُ سِدَرٍ وَجِزًى، وَفِعْلَاتٌ بِالتَّاءِ فِي الْقَلِيلِ وَقَدِ اُسْتُعْمِلَ فِعَلٌ فِي الْقَلِيلِ لِقِلَّةِ التَّاءِ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِذَا جُمِعَ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ فُتِحَتِ الْعَيْنُ وَفِي لُغَةٍ تُكْسَرُ لِلْإِتْبَاعِ وَفِي لُغَةٍ تُسَكَّنُ لِلتَّخْفِيفِ نَحْوُ سِدْرَةٍ وَسِدْرَاتٍ وَجَاءَ جِذْوَةٌ وَجُذًى وَحِلْيَةٌ وَحِلًى وَنِعْمَةٌ وَنَعَمٌ وَرِبْقَةٌ وَرِبَاقٌ وَتِينَةٌ وَتِينٌ وَلَمْ يُجْمَع الْمُعْتَلُّ بِالتَّاءِ إلَّا عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ سِدْرَاتٌ بِالسُّكُونِ فَيَقُولُ جِزْيَاتٌ بِالسُّكُونِ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ وَلِحْيَاتٌ وَرِيبَاتٌ وَقِيمَاتٌ وَرِشْوَاتٌ.
فصل
كُلُّ اسْمٍ ثُلَاثِيٍّ عَلَى فُعْلٍ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ فَبَنُو أَسَدٍ يَضُمُّونَ الْعَيْنَ إتْبَاعًا لِلْأَوَّلِ نَحْوُ عُسُرٍ وَيُسُرٍ وَإِنْ كَانَ بِضَمَّتَيْنِ فَبَنُو تَمِيمٍ يُسَكِّنُونَ تَخْفِيفًا نَحْوُ عُنْقٍ وَطُنْبٍ وَرُسْلٍ وَكُتْبٍ إلَّا فِي نَحْوِ سُرُرٍ وَذُلُلٍ لِأَنَّ السُّكُونَ يُؤَدِّي إلَى الْإِدْغَامِ فَتَخْتَلُّ دَلَالَةُ الْجَمْعِ وَبَعْضُ بَنِي تَمِيمٍ يُخَفِّفُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَيَقُولُ سُرَرٌ وَذُلَلٌ وَطَرَدَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ ذَلِكَ فِي الصِّفَاتِ أَيْضًا فَيَقُولُ ثِيَابٌ جُدَدٌ وَالْأَصْلُ جُدُدٌ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ جَدِيدٍ وَمَنَعَهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ حَرَكَةٍ إلَى حَرَكَةٍ رُبَّمَا كَانَ أَثْقَلَ مِنَ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الصِّفَةَ قَلِيلَةٌ وَالشَّيْءُ إذَا قَلَّ قَلَّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِذَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ ثَقُلَ فَيُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ.
فصل
يَجِيءُ اسْمُ الْمَفْعُولِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ نَحْوُ الْمُشْتَرِي وَالْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ وَالْمُكْرَمِ بِمَعْنَى الشِّرَاءِ وَالْعَقْلِ وَالنَّقْلِ وَالْإِكْرَامِ وَيُقَالُ أَنْظِرْهُ مِنْ مَعْسُورِهِ إلَى مَيْسُورِهِ أَيْ مِنْ عُسْرِهِ إلَى يُسْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو حَيَّانَ أَبْقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَأْتِي اسْمُ الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ مِنَ الْفِعْلِ الْمَزِيدِ أَيْضًا كَاسْمِ مَفْعُولِهِ فَمُكْرَمٌ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وَظَرْفَ زَمَانٍ وَمَكَانٍ { وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } أَيْ كُلَّ تَمْزِيقٍ وَهُوَ مُطَّرِدٌ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمُ مَفْعُولٍ بِأَنْ كَانَ لَازِمًا جُعِلَ كَأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَبُنِيَ مِنْهُ اسْمُ الْمَفْعُولِ نَحْوُ اغْدَوْدَنَ الْبَعِيرُ مُغْدَوْدَنًا أَيِ اغْدِيدَانًا.
وَقَالَ ابْنُ بَابْشَاذْ كُلُّ فِعْلٍ أَشْكَلَ عَلَيْكَ مَصْدَرُهُ فَابْنِ الْمِفْعَلَ مِنْهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الثُّلَاثِيِّ وَضَمِّهَا فِي الرُّبَاعِيِّ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَحُكْمُ مَصْدَرِهِ حُكْمُ اسْمِ مَفْعُولِهِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي تَقْدِيرِهِ لَا فِي لَفْظِهِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } أَيْ: ازْدِجَارٌ { وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } أَيْ إدْخَالَ صِدْقٍ وَإِخْرَاجَ صِدْقٍ، وَقَالَ { بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ } أَيِ الْفِتْنَةُ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَلَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِي الْقَوَافِي أَيْ تَسْرِيحِي، وَقَالَ زُهَيْرٌ: وَذُبْيَانُ هَلْ أَقْسَمْتُمْ كُلَّ مَقْسَمِ أَيْ كُلَّ أَقْسَامٍ وَذَلِكَ كَثِيرُ الِاسْتِعْمَالِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ مَنَعَ مَجِيءَ الْمَصْدَرِ مُوَازِنَ مَفْعُولٍ وَأَنَّهُ تَأَوَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فَتَقْدِيرُ مَعْسُورِهِ وَمَيْسُورِهِ عِنْدَهُ مِنْ وَقْتٍ يُعْسِرُ فِيهِ إلَى وَقْتٍ يُوسِرُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْكُتُبِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْمَصَادِرِ وَعَلَى مِثَالِ مَفْعُولٍ حَلَفْتُ مَحْلُوفًا مَصْدَرٌ وَمَالُهُ مَعْقُولٌ أَيْ عَقْلٌ وَمِثْلُهُ الْمَعْسُورُ وَالْمَيْسُورُ وَالْمَجْلُودُ هَذَا لَفْظُهُ وَقَدْ يَأْتِي اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ سَمَاعًا نَحْوُ قُمْ قَائِمًا أَيْ قِيَامًا.
فصل
يَجِيءُ فَعِيلٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَهِيَ مُشَدَّدَةٌ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الصِّفَةِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَمَا كَانَ عَلَى مِثَالِ فِعِّيلٍ وَفِعْلِيلٍ فَهُوَ مَكْسُورُ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَأْتِ فِيهِ الْفَتْحُ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ دُرِّيءٌ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِالْكَسْرِ عَلَى الْبَابِ وَبِالضَّمِّ أَيْضًا وَقُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعَةِ فَمِثَالُ فِعِيلٌ زِهِّيدٌ لِكَثِيرِ الزُّهْدِ وَسِكِّيتٌ لِكَثِيرِ السُّكُوتِ وَالصِّدِّيقُ لِكَثِيرِ الصِّدْقِ وَخِمِّيرٌ لِمَنْ يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَمِثَالُ فِعْلِيلٍ حِلْتِيتٌ وَنَاقَةٌ شِمْلِيلٌ أَيْ سَرِيعَةٌ وَصِهْرِيجٌ.
فصل
الْفُعُولُ بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمَصَادِرِ لَا يَشْرَكُهَا فِيهَا اسْمٌ مُفْرَدٌ وَلَا يُوجَدُ مَصْدَرٌ عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ إلَّا مَا شَذَّ نَحْوُ الْهَوِيِّ مِنْ قَوْلِهِمْ هَوَى الْحَجَرُ هَوِيًّا وَالْقَبُولِ وَالْوَلُوعِ وَالْوَزُوعِ نَحْوُ قَبِلْتُهُ قَبُولًا.
وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَبِالضَّمِّ مَصْدَرٌ وَبِالْفَتْحِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَالسُّحُورُ بِالضَّمِّ مَصْدَرٌ وَبِالْفَتْحِ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ وَالْفُطُورُ بِالضَّمِّ مَصْدَرٌ وَبِالْفَتْحِ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ وَحَكَى الْأَخْفَشُ هَذَا أَيْضًا فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ وَزَعَمُوا أَنَّهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
فصل
يَجِيءُ الْمَصْدَرُ مِنْ فِعْلٍ ثُلَاثِيٍّ عَلَى تَفْعَالٍ بِفَتْحِ التَّاءِ نَحْوُ التَّضْرَابِ وَالتَّقْتَالُ قَالُوا وَلَمْ يَجِئْ بِالْكَسْرِ إلَّا تِبْيَانٌ وَتِلْقَاءٌ وَالتَّنْضَالُ مِنَ الْمُنَاضَلَةِ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ وَالْمَصْدَرُ تَنْضَالٌ عَلَى الْبَابِ وَيَجِيءُ الْمَصْدَرُ مِنْ فَاعَلَ مُفَاعَلَةً مُطَّرِدًا.
وَأَمَّا الِاسْمُ فَيَأْتِي عَلَى فِعَالٍ بِالْكَسْرِ كَثِيرًا نَحْوُ قَاتَلَ قِتَالًا وَنَازَلَ نِزَالًا وَلَا يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ فَلَا يُقَالُ سَالَمَهُ سِلَامًا وَلَا كَالَمَهُ كِلَامًا.
فصل
إذَا كَانَ الْفِعْلُ الثُّلَاثِيُّ عَلَى فَعَلَ يَفْعِلُ وِزَانُ ضَرَبَ يَضْرِبُ وَهُوَ سَالِمٌ فَالْمَفْعَلُ مِنْهُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ لِلتَّخْفِيفِ وَبِالْكَسْرِ اسْمُ زَمَانٍ وَمَكَانٍ نَحْوُ صَرَفَ مَصْرِفًا بِالْفَتْحِ أَيْ صَرْفًا وَهَذَا مَصْرِفُهُ أَيْ زَمَانُ صَرْفِهِ وَمَكَانُ صَرْفِهِ، وَالْكَسْرُ إمَّا لِلْفَرْقِ وَإِمَّا لِأَنَّ الْمُضَارِعَ مَكْسُورٌ فَأُجْرِيَ عَلَيْهِ الِاسْمُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ { وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } أَيْ مَوْضِعًا يَنْصَرِفُونَ إلَيْهِ وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِعُ فَجَاءَ الْمَصْدَرُ بِالْكَسْرِ كَالِاسْمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { إلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ } أَيْ رُجُوعُكُمْ، وَالْمَعْذِرَةُ وَالْمَغْفِرَةُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالْمَعْتِبَةُ فِيمَنْ كَسَرَ الْمُضَارِعَ، وَجَاءَ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ أَيْضًا الْمُعْجِزُ وَالْمُعْجِزَةُ وَالْمُرَادُ بِاسْمِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ الِاسْمُ الْمُشْتَقُّ لِزَمَانِ الْفِعْلِ وَمَكَانِهِ وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُؤْتَى بِلَفْظِ الْفِعْلِ وَلَفْظِ الزَّمَان وَالْمَكَانِ فَيُقَالَ هَذَا الزَّمَانُ أَوْ الْمَكَانُ الَّذِي كَانَ فِيهِ كَذَا لَكِنَّهُمْ عَدَلُوا عَنْ ذَلِكَ وَاشْتَقُّوا مِنَ الْفِعْلِ اسْمًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إيجَازًا وَاخْتِصَارًا.
وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ فَالْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مَعًا نَحْوُ فَرَّ مَفَرًّا وَمِفَرًّا وَبِالْفَتْحِ قَرَأَ السَّبْعَةُ فِي قَوْله تَعَالَى { أَيْنَ الْمَفَرُّ } أَيِ الْفِرَارُ وَإِنْ كَانَ مُعْتَلَّ الْفَاءِ بِالْوَاوِ فَالْمِفْعَلُ بِالْكَسْرِ لِلْمَصْدَرِ وَالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ لَازِمًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّيًا نَحْوُ وَعَدَ مَوْعِدًا أَيْ وَعْدًا وَهَذَا مَوْعِدُهُ وَوَصَلَهُ مَوْصِلًا وَهَذَا مَوْصِلُهُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ } أَيْ مِيعَادُكُمْ وَإِنْ كَانَ مُعْتَلَّ الْعَيْنِ بِالْيَاءِ فَالْمَصْدَرُ مَفْتُوحٌ وَالِاسْمُ مَكْسُورٌ كَالصَّحِيحِ نَحْوُ مَالَ مَمَالًا وَهَذَا مَمِيلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ وَقَدْ يُوضَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مَوْضِعَ الْآخَرِ نَحْوُ الْمَعَاشِ وَالْمَعِيشِ وَالْمَسَارِ وَالْمَسِيرِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَلَوْ فُتِحَا جَمِيعًا فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ أَوْ كُسِرَا مَعًا فِيهِمَا لَجَازَ لِقَوْلِ الْعَرَبِ الْمَعَاشُ وَالْمَعِيشُ يُرِيدُونَ بِكُلِّ وَاحِدٍ الْمَصْدَرَ وَالِاسْمَ، وَكَذَلِكَ الْمَعَابُ وَالْمَعِيبُ قَالَ الشَّاعِرُ أَنَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ عِبْتُمُونِي وَمَا فِيكُمْ لِعَيَّابٍ مَعَابٌ، وَقَالَ أَزْمَانَ قَوْمِي وَالْجَمَاعَةُ كَاَلَّذِي مَنَعَ الرِّحَالَةَ أَنْ تَمِيلَ مَمَالًا أَيْ أَنْ تَمِيلَ مَيْلًا وَالرِّحَالَةُ الرَّحْلُ وَالسَّرْجُ أَيْضًا.
وَقَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ أَيْضًا وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُجِيزُ الْفَتْحَ وَالْكَسْرَ فِيهِمَا مَصَادِرَكُنَّ أَوْ أَسْمَاءً نَحْوُ الْمَمَالِ وَالْمَمِيلِ وَالْمَبَاتِ وَالْمَبِيتِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَلَّ اللَّامِ بِالْيَاءِ فَالْمَفْعَلُ بِالْفَتْحِ لِلْمَصْدَرِ وَالِاسْمِ أَيْضًا نَحْوُ رَمَى مَرْمًى وَهَذَا مَرْمَاهُ وَشَذَّ بِالْكَسْرِ الْمَعْصِيَةُ وَالْمَحْمِيَةُ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَلَمْ يَأْتِ مَفْعِلٌ إلَّا مَعَ الْهَاءِ، وَأَمَّا مَأْوَى الْإِبِلِ فَبِالْكَسْرِ وَالْمَأْوَى لِغَيْرِ الْإِبِلِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَأْوَى الْإِبِلِ بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وَشَذَّ مَأْقِي الْعَيْنِ بِالْكَسْرِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ هَذَا مِمَّا غَلِطَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ حَيْثُ قَالُوا وَزْنُهُ مَفْعَلٌ وَإِنَّمَا وَزْنُهُ فَعْلِي فَالْيَاءُ لِلْإِلْحَاقِ بِمَفْعَلٍ عَلَى التَّشْبِيهِ وَلِهَذَا جُمِعَ عَلَى مَآقٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى فَعَلَ بِالْفَتْحِ وَالْمُضَارِعُ مَضْمُومٌ أَوْ مَفْتُوحٌ صَحِيحًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَالْمَفْعَلُ بِالْفَتْحِ مُطْلَقًا نَحْوُ قَلَعَ مَقْلَعًا أَيْ قَلْعًا وَهَذَا مَقْلَعُهُ أَيْ مَوْضِعُ قَلْعِهِ وَزَمَانُهُ وَقَعَدَ مَقْعَدًا أَيْ قُعُودًا وَهَذَا مَقْعَدُهُ وَغَزَا مَغْزًى وَهَذَا مَغْزَاهُ، وَقَالَ مَقَالًا وَهَذَا مَقَالُهُ وَقَامَ مَقَامًا وَهَذَا مَقَامُهُ وَرَامَ مَرَامًا وَهَذَا مَرَامُهُ، قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ لِأَنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْمُضَارِعِ وَكَانَ الْمَصْدَرُ يُفْتَحُ مَعَ الْمَكْسُورِ فَيُفْتَحُ مَعَ الْمَفْتُوحِ وَالْمَضْمُومِ أَوْلَى وَلَمْ يَقُولُوا مُفْعَلٌ بِالضَّمِّ فَفُتِحَ طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ لِأَنَّ الْفَتْحَ أَخَفُّ الْحَرَكَاتِ وَجَاءَ الْمَوْضِعُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ لِلتَّخْفِيفِ.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَسَمِعَ الْفَرَّاءُ " مَوْضِعٌ " بِالْفَتْحِ مِنْ قَوْلِكَ وَضَعْتُ الشَّيْءَ مَوْضِعًا وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ أَحْرُفٌ فَجَاءَتْ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ نَحْوُ الْمَسْجِدِ وَالْمَرْفِقِ وَالْمَنْبَتِ وَالْمَحْشَرِ وَالْمَنْسَكِ وَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَالْمَطْلَعِ وَالْمَسْقَطِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَظِنَّةِ وَمَجْمَعِ النَّاسِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَآثَرَتِ الْعَرَبُ الْفَتْحَ فِي هَذَا الْبَابِ تَخْفِيفًا إلَّا أَحْرُفًا جَعَلُوا الْكَسْرَ عَلَامَةَ الِاسْمِ وَالْفَتْحَ عَلَامَةَ الْمَصْدَرِ وَالْعَرَبُ تَضَعُ الْأَسْمَاءَ مَوْضِعَ الْمَصَادِرِ.
وَقَالَ الْفَارَابِيُّ: الْكَسْرُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مَسْمُوعٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ عَلَى لُغَتَيْنِ فَبُنِيَتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ عَلَى اللُّغَتَيْنِ ثُمَّ أُمِيتَتْ لُغَةٌ وَبَقِيَ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا كَهَيْئَتِهِ وَالْعَرَبُ قَدْ تُمِيتُ الشَّيْءَ حَتَّى يَكُونَ مُهْمَلًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْطَقَ بِهِ وَجَاءَتْ أَيْضًا أَسْمَاءٌ بِالْكَسْرِ مِمَّا قِيَاسُهُ الْفَتْحُ نَحْوُ الْمَخْزِنِ وَالْمَرْكِزِ وَالْمَرْسِنِ لِمَوْضِعِ الرَّسَنِ وَالْمَنْفِذِ لِمَوْضِعِ النُّفُوذِ، وَأَمَّا الْمَعْدِنُ وَمَفْرِقُ الرَّأْسِ فَبِالْكَسْرِ أَيْضًا عَلَى تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ لِأَنَّ فِي مُضَارِعِ كُلِّ وَاحِدٍ الضَّمَّ وَالْكَسْرَ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى فَعِلَ بِالْكَسْرِ سَالِمَ الْفَاءِ فَالْمَفْعَلُ لِلْمَصْدَرِ وَالِاسْمِ بِالْفَتْحِ نَحْوُ طَمِعَ مَطْمَعًا وَهَذَا مَطْمَعُهُ وَخَافَ مَخَافًا وَهَذَا مَخَافُهُ وَنَالَ مَنَالًا وَهَذَا مَنَالُهُ وَنَدِمَ مَنْدَمًا وَهَذَا مَنْدَمُهُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ " { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ } "، وَقَالَ { سَوَاءً مَحْيَاهُمْ } وَشَذَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَكْبِرُ بِمَعْنَى الْكِبَرَ وَالْمَحْمِدُ بِمَعْنَى الْحَمْدِ فَكُسِرَا.
وَإِنْ كَانَ مُعْتَلَّ الْفَاءِ بِالْوَاوِ فَإِنْ سَقَطَتْ فِي الْمُسْتَقْبِلِ نَحْوُ يَهَبُ وَيَقَعُ فَالْمِفْعَلُ مَكْسُورٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ ثَبَتَتْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ نَحْوُ يَوْجَلُ وَيَوْجَعُ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ جَرَى مَجْرَى الصَّحِيحِ فَيَفْتَحُ الْمَصْدَرَ وَيَكْسِرُ الْمَكَانَ وَالزَّمَانَ وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُ مُطْلَقًا فَيَقُولُ وَجِلَ مَوْجِلًا وَهَذَا مَوْجِلُهُ وَوَحِلَ مَوْحِلًا وَهَذَا مَوْحِلُهُ.
وَإِنْ كَانَ فَعُلَ بِالضَّمِّ فَالْمَفْعَلُ بِالْفَتْحِ لِلْمَصْدَرِ وَالِاسْمِ أَيْضًا تَقُولُ شَرُفَ مَشْرَفًا وَهَذَا مَشْرَفُهُ قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ وَيَنْقَاسُ الْمِفْعَلُ اسْمَ مَصْدَرٍ وَزَمَانٍ وَمَكَانٍ مِنْ كُلِّ ثُلَاثِيٍّ صَحِيحٍ مُضَارِعُهُ غَيْرُ مَكْسُورٍ فَشَمِلَ الْمَضْمُومَ وَالْمَفْتُوحَ.
فصل
الْأَعْضَاءُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ يُذَكَّرُ وَلَا يُؤَنَّثُ وَالثَّانِي يُؤَنَّثُ وَلَا يُذَكَّرُ وَالثَّالِثُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يُذَكَّرُ: الرُّوحُ وَالتَّذْكِيرُ أَشْهَرُ وَالْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْحَلْقُ وَالشَّعْرُ وَقُصَاصُهُ وَالْفَمُ وَالْحَاجِبُ وَالصُّدْغُ وَالصَّدْرُ وَالْيَافُوخُ وَالدِّمَاغُ وَالْخَدُّ وَالْأَنْفُ وَالْمَنْخِرُ وَالْفُؤَادُ وَحَكَى بَعْضُهُمْ تَأْنِيثَ الْفُؤَادِ فَيَقُولُ هِيَ الْفُؤَادُ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ شُيُوخِ اللُّغَةِ حَكَى تَأْنِيثَ الْفُؤَادِ وَاللَّحْيُ وَالذَّقَنُ وَالْبَطْنُ وَالْقَلْبُ وَالطِّحَالُ وَالْخَصْرُ وَالْحَشَى وَالظَّهْرُ وَالْمَرْفِقُ وَالزَّنْدُ وَالظُّفْرُ وَالثَّدْيُ وَالْعُصْعُصُ وَكُلُّ اسْمٍ لِلْفَرْجِ مِنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَالرَّكَبِ، وَالنَّحْرُ وَالْكُوعُ وَهُوَ طَرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ وَالْكُرْسُوعُ وَهُوَ طَرَفُهُ الَّذِي يَلِي الْخِنْصِرَ وَشُفْرُ الْعَيْنِ وَهُوَ حَرْفُهَا وَأُصُولُ مَنَابِتِ الشَّعْرِ وَالْجَفْنُ وَهُوَ غِطَاءُ الْعَيْنِ مِنْ أَسْفَلِهَا وَأَعْلَاهَا وَالْهُدْبُ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي الشُّفْرِ وَالْحَجَاجُ وَهُوَ الْعَظْمُ الْمُشْرِفُ عَلَى غَارِ الْعَيْنِ وَالْمَاقُ وَهُوَ طَرَفُ الْعَيْنِ وَالنُّخَاعُ وَهُوَ الْخَيْطُ يَأْخُذُ مِنَ الْهَامَةَ ثُمَّ يَنْقَادُ فِي فَقَارِ الصُّلْبِ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى عَجْبِ الذَّنَبِ وَالْمَصِيرُ وَالنَّابُ وَالضِّرْسُ وَالنَّاجِذُ وَالضَّاحِكُ وَهُوَ الْمُلَاصِقُ لِلنَّابِ وَالْعَارِضُ وَهُوَ الْمُلَاصِقُ لِلضَّاحِكِ وَاللِّسَانُ وَرُبَّمَا أُنِّثَ عَلَى مَعْنَى الرِّسَالَةِ وَالْقَصِيدَةِ مِنَ الشِّعْرِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ أَسْمَعِ اللِّسَانَ مِنَ الْعَرَبِ إلَّا مُذَكَّرًا، وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ اللِّسَانُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالسَّاعِدُ مِنَ الْإِنْسَانِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يُؤَنَّثُ: الْعَيْنُ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ وَالْعَيْنُ بِالْإِثْمِدِ الْحَارِي مَكْحُولٌ فَإِنَّمَا ذَكَّرَ مَكْحُولًا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى كَحِيلٍ، وَكَحِيلٌ فَعِيلٌ وَهِيَ إذَا كَانَتْ تَابِعَةً لِلْمَوْصُوفِ لَا يَلْحَقُهَا عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ فَكَذَلِكَ مَا هُوَ بِمَعْنَاهَا وَقِيلَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا عَلَامَةَ لِلتَّأْنِيثِ فِيهَا فَحَمَلَهَا عَلَى مَعْنَى الطَّرَفِ وَالْعَرَبُ تَجْتَرِئُ عَلَى تَذْكِيرِ الْمُؤَنَّثِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَلَامَةُ تَأْنِيثٍ وَقَامَ مَقَامَهُ لَفْظٌ مُذَكَّرٌ حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُمْ كَفٌّ مُخَضَّبٌ عَلَى مَعْنَى سَاعِدٍ مُخَضَّبٍ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ بَابُ ذَلِكَ الشِّعْرُ وَمِنْهُ الْأُذُنُ وَالْكَبِدُ وَكَبِدُ الْقَوْسِ وَالسَّمَاءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مُؤَنَّثٌ أَيْضًا وَالْإِصْبَعُ وَالْعَقِبُ لِمُؤَخَّرِ الْقَدَمِ وَالسَّاقُ وَالْفَخِذُ وَالْيَدُ وَالرِّجْلُ وَالْقَدَمُ وَالْكَفُّ وَنَقَلَ التَّذْكِيرَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ وَالضِّلَعُ.
وَفِي الْحَدِيثِ خُلِقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ ضِلَعٍ عَوْجَاءَ وَالذِّرَاعُ قَالَ الْفَرَّاءُ وَبَعْضُ عُكْلٍ يَذْكُرُ فَيَقُولُ هُوَ الذِّرَاعُ وَالسِّنُّ وَكَذَلِكَ السِّنُّ مِنَ الْكِبَرِ يُقَالُ كَبِرَتْ سِنِّي وَالْوَرِكُ وَالْأُنْمُلَةُ وَالْيَمِينُ وَالشِّمَالُ وَالْكَرِشُ.
الْقَسَم الثَّالِثُ مَا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ: الْعُنُقُ مُؤَنَّثَةٌ فِي الْحِجَازِ مُذَكَّرٌ فِي غَيْرِهِمْ وَلَمْ يَعْرِفْ الْأَصْمَعِيُّ التَّأْنِيثَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: التَّذْكِيرُ أَغْلَبُ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِلْعُنُقِ الْهَادِي وَالْعَاتِقُ، حَكَى التَّأْنِيثَ وَالتَّذْكِيرَ الْفَرَّاءُ وَالْأَحْمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَابْنُ السِّكِّيتِ، وَالْقَفَا وَالتَّذْكِيرُ أَغْلَبُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: لَا أَعْرِفُ إلَّا التَّأْنِيثَ وَالْمِعَى وَالتَّذْكِيرُ أَكْثَرُ وَالتَّأْنِيثُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَصَارَ كَأَنَّهُ جَمْعٌ وَمِنَ التَّذْكِيرِ الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ بِالتَّذْكِيرِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَايَةً وَلِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ بِالتَّذْكِيرِ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ وَاحِدَةٍ بِالتَّأْنِيثِ، وَالْإِبْهَامُ وَالتَّأْنِيثُ لُغَةُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَالْإِبْطُ فَيُقَالُ هُوَ الْإِبْطُ وَهِيَ الْإِبْطُ وَالْعَضُدُ فَيُقَالُ هُوَ الْعَضُدُ وَهِيَ الْعَضُدُ الْعَجُزُ مِنَ الْإِنْسَانِ وَأَمَّا النَّفْسُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الرُّوحُ فَمُؤَنَّثَةٌ لَا غَيْرُ قَالَ تَعَالَى { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْإِنْسَانُ نَفْسُهُ فَمُذَكَّرٌ وَجَمْعُهُ أَنْفُسٌ عَلَى مَعْنَى أَشْخَاصٍ تَقُولُ ثَلَاثُ أَنْفُسٍ وَثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ وَطِبَاعُ الْإِنْسَانِ بِالْوَجْهَيْنِ وَالتَّأْنِيثُ أَكْثَرُ فَيُقَالُ طِبَاعٌ كَرِيمَةٌ وَرَحِمُ الْمَرْأَةِ مُذَكَّرٌ عَلَى الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْعُضْوِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَالرَّحِمُ بَيْتُ مَنْبِتِ الْوَلَدِ وَوِعَاؤُهُ فِي الْبَطْنِ وَمِنْهُمْ مِنْ يَحْكِي التَّأْنِيثَ وَرَحِمُ الْقَرَابَةِ أُنْثَى لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْقُرْبَى وَهِيَ الْقَرَابَةُ وَقَدْ يُذَكَّرُ عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ.
فصل
تَقُولُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَثَانٍ وَثَالِثٌ إلَى عَاشِرٍ وَامْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ إلَى عَاشِرَةٍ فَتَأْتِي بِاسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى قِيَاسِ التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمَ فَاعِلٍ وَقَدْ مَيَّزْتَ الْعَدَدَ أَوْ وَصَفْتَ بِهِ أَتَيْتَ بِالْهَاءِ مَعَ الْمُذَكَّرِ وَحَذَفْتَهَا مَعَ الْمُؤَنَّثِ عَلَى الْعَكْسِ فَتَقُولُ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَرِجَالٌ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ وَنِسْوَةٌ ثَلَاثٌ إلَى الْعَشَرَةِ.
وَإِذَا كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا وَاللَّفْظُ مُؤَنَّثًا أَوْ بِالْعَكْسِ جَازَ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ وَثَلَاثِ أَنْفُسٍ فَإِنْ جَاوَزْتَ الْعَشَرَةَ سَقَطَتِ التَّاءُ مِنَ الْعَشَرَةِ فِي الْمُذَكَّرِ وَثَبَتَتْ فِي الْمُؤَنَّثِ، وَتَذْكِيرُ النَّيِّفِ وَتَأْنِيثُهُ كَتَذْكِيرِ الْمُمَيِّزِ وَتَأْنِيثِهِ فَتَقُولُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَثَلَاثَ عَشْرَةَ امْرَأَةً إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ وَتُحْذَفُ الْهَاءُ مِنَ الْمُرَكَّبَيْنِ فِي الْمُذَكَّرِ فِي أَحَدَ عَشَرَ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَتُحْذَفُ الْهَاءُ مِنَ الْمُرَكَّبَيْنِ فِي الْمُذَكَّرِ فِي أَحَدَ عَشَرَ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَتُؤَنِّثُهُمَا مَعًا فِي الْمُؤَنَّثِ نَحْوُ إحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ جَارِيَةً فَإِنْ بَنَيْتَ النَّيِّفَ عَلَى اسْمِ فَاعِلٍ ذَكَّرْتَ الِاسْمَيْنِ فِي الْمُذَكَّرِ وَأَنَّثْتَهُمَا فِي الْمُؤَنَّثِ أَيْضًا نَحْوُ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إلَى تَاسِعَ عَشَرَ لَكِنْ تُسَكَّنُ الشِّينُ فِي الْمُؤَنَّثِ.
فصل
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ كُلُّ جَمْعٍ لِغَيْرِ النَّاسِ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدُهُ مُذَكَّرًا أَوْ مُؤَنَّثًا كَالْإِبِلِ وَالْأَرْحُلِ وَالْبِغَالِ فَإِنَّهُ مُؤَنَّثٌ وَكُلُّ مَا جُمِعَ عَلَى التَّكْسِيرِ لِلنَّاسِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ يَجُوزُ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ مِثْلُ الرِّجَالِ وَالْمُلُوكِ وَالْقُضَاةِ وَالْمَلَائِكَةِ فَإِنْ جَمَعْتَهُ بِالْوَاوِ لَمْ يَجُزْ إلَّا التَّذْكِيرُ نَحْوُ الزَّيْدُونَ قَامُوا وَكُلُّ جَمْعٍ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ الْهَاءُ نَحْوُ بَقَرٍ وَبَقَرَةٍ فَإِنَّهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَكُلُّ جَمْعٍ فِي آخِرِهِ تَاءٌ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ نَحْوُ حَمَّامَاتٍ وَجَرَادَاتٍ وَتَمَرَاتٍ وَدُرَيْهِمَاتٍ وَدُنَيْنِيرَاتٍ هَذَا لَفْظُهُ، أَمَّا تَذْكِيرُ الزَّيْدُونَ قَامُوا فَلِأَنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ مَوْجُودٌ فِي الْجَمْعِ بِخِلَافِ الْمُكَسَّرِ نَحْوُ قَامَتِ الزُّيُودُ حَيْثُ يَجُوزُ التَّأْنِيثُ لِأَنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْجَمْعِ فَاجْتُرِئَ عَلَى الْجَمْعِ بِالتَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ وَأَجَازَ ابْنُ بَابْشَاذْ قَامَتِ الزَّيْدُونَ بِالتَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ وَقِيَاسًا عَلَى قَامَتِ الزُّيُودُ قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى { إلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ } فَأَنَّثَ مَعَ الْجَمْعِ السَّالِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ سَمَاعًا وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى قَامَتْ بَنُو فُلَانٍ فَالْوَاحِدُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْإِفْرَادِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْجَمْعِ فَأَشْبَهَ جَمْعَ التَّكْسِيرِ حَتَّى نُقِلَ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّ الْبَنِينَ جَمْعُ تَكْسِيرٍ وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ جَبْرًا لِمَا نَقَصَ كَالْأَرَضِينَ وَالسِّنِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ.
فصل
إذَا كَانَ الْفِعْلُ الثُّلَاثِيُّ مُعْتَلَّ الْعَيْنِ بِالْوَاوِ وَلَهُ مَفْعُولٌ جَاءَ بِالنَّقْصِ وَهُوَ حَذْفُ وَاوِ مَفْعُولٍ فَيَبْقَى عَيْنُ الْفِعْلِ وَهِيَ وَاوٌ مَضْمُومَةٌ فَتُسْتَثْقَلُ الضَّمَّةُ عَلَيْهَا فَتُنْقَلُ إلَى مَا قَبْلَهَا فَيَبْقَى وِزَانُ فَعُولٍ نَحْوُ مَقُولٍ وَمَخُونٍ فِيهِ وَلَمْ يَجِئْ مِنْهُ بِالتَّمَامِ مَعَ النَّقْصِ سِوَى حَرْفَيْنِ دُفْتُ الشَّيْءَ بِالْمَاءِ فَهُوَ مَدُوفٌ وَمَدْوُوفٌ وَصُنْتُهُ فَهُوَ مَصُونٌ وَمَصْوُونٌ وَإِنْ كَانَ مُعْتَلَّ الْعَيْنِ بِالْيَاءِ فَالنَّقْصُ فِيهِ مُطَّرِدٌ وَهُوَ حَذْفُ وَاوِ مَفْعُولٍ فَيَبْقَى قَبْلَهَا يَاءٌ مَضْمُومَةٌ فَتُحْذَفُ الضَّمَّةُ فَتَسْكُنُ الْيَاءُ ثُمَّ يُكْسَرُ مَا قَبْلَهَا لِمُجَانَسَتِهَا فَتَبْقَى وِزَانُ فَعِيلٍ وَجَاءَ التَّمَامُ فِيهِ أَيْضًا كَثِيرًا فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ لِخِفَّةِ الْيَاءِ نَحْوُ مَكِيلٍ وَمَكْيُولٍ وَمَبِيعٍ وَمَبْيُوعٍ وَمَخِيطٍ وَمَخْيُوطٍ وَمَصِيدٍ وَمَصْيُودٍ أَمَّا النُّقْصَانُ فَحَمْلًا عَلَى نُقْصَانِ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ يُقَالُ قُلْتُ وَبِعْتُ، وَأَمَّا التَّمَامُ فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
فصل
النِّسْبَةُ قَدْ يَكُونَ مَعْنَاهَا أَنَّهَا ذُو شَيْءٍ وَلَيْسَ بِصَنْعَةٍ لَهُ فَتَجِيءُ عَلَى فَاعِلٍ نَحْوُ دَارِعٍ وَنَابِلٍ وَنَاشِبٍ وَتَامِرٍ لِصَاحِبِ الدِّرْعِ وَالنَّبْلِ وَالنُّشَّابِ وَالتَّمْرِ وَمِنْهُ عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَيْ ذَاتُ رِضًا، قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَلَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الشَّعِيرِ وَالْبُرِّ وَالْفَاكِهَةِ شَعَّارٌ وَلَا بَرَّارٌ وَلَا فَكَّاهٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَنْعَةٍ بَلْ الْقِيَاسُ فِي الْجَمِيعِ النِّسْبَةُ عَلَى شَرَائِطِ النَّسَبِ.
وَفِي الْبَارِعِ قَالَ الْخَلِيلُ الْبِزَارَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ حِرْفَةُ الْبَزَّارِ فَجَاءَ بِهِ عَلَى فَعَّالٍ كَالْجَمَّالِ وَالْحَمَّالِ وَالدَّلَّالِ وَالسَّقَّاءِ وَالرَّأْسِ لِبَائِعِ الرُّءُوسِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَدْ تَكُونُ إلَى مُفْرَدٍ وَقَدْ تَكُونُ إلَى جَمْعٍ فَإِنْ كَانَتْ إلَى مُفْرَدٍ صَحِيحِ فَبَابُهُ أَنْ لَا يُغَيَّرَ كَالْمَالِكِيِّ نِسْبَةً إلَى مَالِكٍ وَزَيْدِيٍّ نِسْبَةً إلَى زَيْدٍ وَالشَّافِعِيِّ نِسْبَةً إلَى شَافِعٍ، وَكَذَلِكَ إذَا نَسَبْتَ إلَى مَا فِيهِ يَاءُ النَّسَبِ فَتَحْذِفُ يَاءَ النِّسْبَةِ الْأُولَى ثُمَّ تُلْحِقُ النِّسْبَةَ الثَّانِيَةَ فَتَقُولُ رَجُلٌ شَافِعِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُ الْعَامَّةِ شَفْعَوِيٌّ خَطَأٌ إذْ لَا سَمَاع يُؤَيِّدُهُ وَلَا قِيَاسَ يُعَضِّدُهُ وَفِي النِّسْبَةِ إلَى الْإِبِلِ وَالْمَلِكِ وَالنَّمْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ إبِلِّيٌّ وَمَلَكِيٌّ بِفَتْحِ الْوَسَطِ اسْتِيحَاشًا لِتَوَالِي كَسَرَاتٍ مَعَ الْيَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي الِاسْمِ هَاءُ التَّأْنِيثِ حُذِفَتْ وَإِثْبَاتُهَا خَطَأٌ لِمُخَالَفَةِ السَّمَاعِ وَالْقِيَاسِ، فَقَوْلُ الْعَامَّةِ الْأَمْوَالُ الزَّكَاتِيَّةُ وَالْخَلِيفَتِيَّةُ بِإِثْبَاتِ التَّاءِ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا وَقَلْبُ حَرْفِ الْعِلَّةِ وَاوًا فَيُقَالُ الزَّكَوِيَّةُ وَإِذَا نُسِبَ إلَى مَا آخِرُهُ أَلِفٌ فَإِنْ كَانَتْ لَامَ الْكَلِمَةِ نَحْوُ الرِّبَا وَالزِّنَا وَمَعْلًى قُلِبَتْ وَاوًا مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ فَتَقُولُ رِبَوِيٌّ وَزِنَوِيٌّ بِالْكَسْرِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَفَتْحُ الْأَوَّلِ غَلَطٌ وَالرَّحَوِيُّ بِالْفَتْحِ عَلَى لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْأَلِفُ لِلتَّأْنِيثِ أَوْ مُقَدَّرَةً بِهِ نَحْوُ حُبْلَى وَدُنْيَا وَعِيسَى وَمُوسَى فَفِيهَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا حَذْفُ الْأَلِفِ مِنْ حُبْلَى وَعِيسَى وَالثَّانِي قَلْبُ الْأَلِفِ وَاوًا تَشْبِيهًا لَهَا بِالْأَصْلِيِّ فَيُقَالُ دُنْيَوِيٌّ وَعِيسَوِيٌّ وَحُبْلَوِيٌّ وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ زِيَادَةُ وَاوٍ بَعْدَ الْأَلِفِ دُنْيَاوِيٌّ وَعِيسَاوِيٌّ وَحَبْلَاوِيٌّ مُحَافَظَةً عَلَى أَلِفِ التَّأْنِيثِ وَفِي الْقَاضِي وَنَحْوِهِ يَجُوزُ حَذْفُ الْيَاءِ وَقَلْبُهَا وَاوًا فَيُقَالُ قَاضِيٌّ وَقَاضَوِيٌّ وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ مَمْدُودًا فَإِنْ كَانَتِ الْهَمْزَةُ لِلتَّأْنِيثِ قُلِّبَتْ وَاوًا نَحْوُ حَمْرَاوِيٍّ وَعَلْبَاوِيٍّ إلَّا فِي صَنْعَاءَ وَبَهْرَاءَ فَتُقْلَبُ نُونًا وَيُقَالُ صَنْعَانِيٌّ وَبَهْرَانِيٌّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّأْنِيثِ فَإِنْ كَانَتْ أَصْلِيَّةً فَالْأَكْثَرُ ثُبُوتُهَا نَحْوُ قُرَّائِي وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَلِبَةً فَوَجْهَانِ: ثُبُوتُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ النِّسْبَةَ عَارِضَةٌ وَالْأَصْلُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَارِضِ وَقَلْبُهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَصْلِهَا فَيُقَالُ سَمَائِيٌّ بِالْهَمْزِ وَكِسَائِيٌّ وَصُدَائِيٌّ وَسَمَاوِيٌّ وَكِسَاوِيٌّ وَصُدَاوِيٌّ وَرِدَاوِيٌّ وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ رُبَاعِيًّا نَحْوُ تَغْلِبَ وَالْمَشْرِقِ وَالْمُغْرِبِ جَازَ إبْقَاءُ الْكَسْرَةِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ عَارِضَةٌ وَجَاءَ الْفَتْحُ اسْتِيحَاشًا لِاجْتِمَاعِ كَسْرَتَيْنِ مَعَ الْيَاءِ وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ عَلَى فَعِيلَةٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَوْ فُعَيْلَةٍ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ أَوْ فُعَيْلٍ بِلَفْظِهِ أَيْضًا وَلَمْ يَكُنْ مُضَاعَفًا حُذِفَتِ الْيَاءُ وَفُتِحَتِ الْعَيْنُ كَحَنَفِيٍّ وَمَدَنِيٍّ فِي النِّسْبَةِ إلَى حَنِيفَةَ وَمَدِينَةٍ وَجُهَنِيٌّ وَعُرَنِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى جُهَيْنَةَ وَعُرَيْنَةَ وَمُزَنِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى مُزَيْنَةَ وَأُمَوِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى أُمَيَّةَ وَفَتْحُ الْهَمْزَةِ مَسْمُوعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقُرَشِيٍّ فِي النِّسْبَةِ إلَى قُرَيْشٍ وَرُبَّمَا قِيلَ فِي الشِّعْرِ قُرَيْشِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ وَكَذَا إنْ كَانَ فَعِيلٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ حُذِفَتِ الْيَاءُ وَفُتِحَتِ الْعَيْنُ فَيُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إلَى عَلِيٍّ وَعَدِيٍّ وَثَقِيفٍ عَلَوِيٌّ وَعَدَوِيٌّ وَثَقَفِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُضَاعَفًا فَلَا تَغْيِيرَ فَيُقَالُ جَدِيدِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى جَدِيدٍ.
وَإِنْ كَانَتِ النِّسْبَةُ إلَى جَمْعٍ فَإِنْ كَانَ مُسَمًّى بِهِ نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى لَفْظِهِ نَحْوُ كِلَابِيٍّ وَضَبَابِيٍّ وَأَنْمَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ لِأَنَّهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْمُفْرَدِ فَلَمْ يُغَيَّرْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى بِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ نَسَبْتَ إلَى ذَلِكَ الْوَاحِدِ فَرْقًا بَيْنَ الْجَمْعِ الْمُسَمَّى بِهِ وَغَيْرِ الْمُسَمَّى بِهِ وَقُلْتَ مَسْجِدِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْمَسَاجِدِ وَفَرْضِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْفَرَائِضِ وَصَحَفِيُّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الصُّحُفِ لِأَنَّكَ تَرُدُّهُ إلَى وَاحِدِهِ وَهُوَ فَرِيضَةٌ وَصَحِيفَةٌ وَقِيلَ إنَّمَا رُدَّ إلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْجِنْسِ وَفِي الْوَاحِدِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ فَأَغْنَى عَنِ الْجَمْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ نَسَبْتَ إلَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ يُرَدُّ إلَيْهِ فَيُقَالُ نَفَرِيٌّ وَأُنَاسِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى نَفَرٍ وَأُنَاسٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَمَعْتَ شَيْئًا مِنَ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا نَحْوُ نَبَطٍ تُجْمَعُ عَلَى أَنْبَاطٍ إذَا نَسَبْتَ إلَيْهِ رَدَدْتَهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَقُلْتَ نَبَطِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْأَنْبَاطِ وَنِسْوِيٌّ فِي النِّسْبَةِ إلَى النِّسَاءِ وَيُنْسَبُ فِي الْمُتَضَايِفَيْنِ إلَى الثَّانِي إنْ تَعَرَّفَ الْأَوَّلُ بِهِ أَوْ خِيفَ لَبْسٌ وَإِلَّا فَإِلَى الْأَوَّلِ فَيُقَالُ مَنَافِيٌّ وَزُبَيْرِيٌّ فِي عَبْدِ مَنَافٍ وَفِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِيٌّ فِي عَبْدِ زَيْدٍ وَيُقَالُ فِي عَبْدِ الْقَيْسِ وَعَبْدِ شَمْسٍ وَعَبْدِ الدَّارِ وَحَضْرَمَوْتَ عَبْقَسِيٌّ وَعَبْشَمِيٌّ وَعَبْدَرِيٌّ وَحَضْرَمِيٌّ وَفِي الْمُتَرَاكِبَيْنِ الْأَفْصَحُ إلَى الْأَوَّلِ فَيُقَالُ بَعْلِيٌّ فِي بَعْلَبَكَّ وَجَازَ إلَيْهِمَا.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مُتَّسِعٌ يُعْرَفُ مِنْ أَبْوَابِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ الْأَهَمَّ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفُقَهَاءُ.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)