صفحة 11 من 13 الأولىالأولى ... 910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 44 من 51

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    نحن بني ضبّة أضحاب الجمل ** ننازل الموت إذا الموت نزل
    والموت أشهى عندنا من العسل ** ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل
    ردّوا علينا شيخنا ثمّ بجل
    حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، عن الهذلي، قال: كان عمرو بن يثربي يحضّض قومه يوم الجمل، وقد تعاوروا الخطام يرتجزون:
    نحن بني ضبّة لا نفرّ ** حتى نرى جماجمًا تخرّ
    يخرّ منها العلق المحمرّ
    يا أمّنا يا عيش لن تراعى ** كلّ بنيك بطل شجاع
    يا أمّنا يا زوجة النبي ** يا زوجة المبارك المهديّ
    حتى قتل على الخطام أربعون رجلًا، وقالت عائشة رضي الله عنها: ما زال جملي معتدلا حتى فقدت أصوات بني ضبّة. وقتل يومئذ عمرو بن يثربي علياء بن الهيثم السدوسي، وهند بن عمرو الجملي، وزيد بن صوحان وهو يرتجز ويقول:
    أضربهم ولا أرى أبا حسن ** كفى بهذا حزنًا من الحزن
    إنا نمرّ الأمر إمرار الرسن
    فزعم الهذلي أنّ هذا الشعر تمثّل به يوم صفّين. وعرض عمار لعمرو بن يثربي - وعمار يومئذ ابن تسعين سنة، عليه فرو قد شدّ وسطه بحبل من ليف - فبدره عمرو بن يثربي فنحّى له درقته فنشب سيفه فيها، ورماه الناس حتى صرع وهو يقول:
    إن تقتلوني فأنا ابن يثربي ** قاتل علباء وهند الجملي
    ثمّ ابن صوحان على دين علي
    وأخذ أسيرًا حتى انتهي به إلى علي، فقال: استبقني. فقال: أبعد ثلاثة تقبل عليهم بسيفك تضرب به وجوههم! فأمر به فتقل.
    وحدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا أبو مخنف، عن إسحاق بن راشد، عن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: مشيت يوم الجمل وبي سبع وثلاثون جراحة من ضربة وطعنة، وما رأيت مثل يوم الجمل قط، ما ينهزم منا أحد، وما نحن إلّا كالجبل الأسود، وما يأخذ بخطام الجمل أحد إلّا قتل، فأخذه عبد الرحمن بن عتاب فقتل، فأخذه الأسود بن أبي البختري فصرع، وجئت فأخذت بالخطام، فقالت عائشة: من أنت؟ قلت: عبد الله بن الزبير. قالت: واثكل أسماء! ومرّ بي الأشتر، فعرفته فعانقته، فسقطنا جميعًا، وناديت: " اقتلوني ومالكًا "؛ فجاء ناس منا ومنهم، فقاتلوا عنا حتى تحاجزنا، وضاع الخطام، ونادى علي: اعقروا الجمل، فإنه إن عقر تفرّقوا؛ فضربه رجلٌ فسقط، فما سمعت صوتًا قطّ أشدّ من عجيج الجمل.
    وأمر علي محمد بن أبي بكر فضرب عليها قبّة، وقال: انظر، هل وصل إليها شيء؟ فأدخل رأسه، فقالت: من أنت؟ ويلك! فقال: أبغض أهلك إليك، قالت: ابن الخثعميّة؟ قال: نعم؛ قالت: يأبي أنت وأمي! الحمد لله الذي عافاك.
    حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: سمعت أبا بكر بن عيّاش يقول: قال علقمة: قلت للأشتر: قد كنت كارهًا لقتل عثمان رضي الله عنه. فما أخرجك بالبصرة؟ قال: إنّ هؤلاء بايعوه، ثم نكثوا - وكان ابن الزبير هو الذي أكره عائشة على الخروج - فكنت أدعو الله عز وجل أن يلقّينيه، فلقيني كفّةً لكفّة، فما رضيت بشدّة ساعدي أن قمت في الركاب فضربته على رأسه فصرعته. قلنا فهو القائل: " اقتلوني ومالكًا "؟ قال: لا، ما تركته وفي نفسي منه شيء، ذاك عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد، لقيني فاختلفنا ضربتين، فصرعتني وصرعته، فجعل يقول: " اقتلوني ومالكًا "، ولا يعلمون من مالك، فلو يعلمون لقتلوني.
    ثم قال أبو بكر بن عياش: هذا كتابك شاهده.
    حدثني به المغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قلت للأشتر: حدثني عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان، قال: حدثني عبد الله، عن طلحة بن النضر، عن عثمان بن سليمان، عن عبد الله بن الزبير، قال: وقف علينا شابّ، فقال: احذروا هذين الرجلين؛ فذكره - وعلامة الأشتر أنّ إحدى قدميه بادية من شيء يجد بها - قال: لما التقينا قال الأشتر: لما قصد لي سوّى رمحه لرجلي، قلت: هذا أحمق، وما عسى أن يدرك منى لو قطعها! ألست قاتله! فلما دنا مني جمع يديه في الرمح، ثم التمس به وجهي، قلت: أحد الأقران.
    حدثني عمر بن شبّة، قال: حدثنا أبو الحسن، عن أبي مخنف، عن ابن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، عن جدّه، قال: كان عمرو ابن الأشرف أخذ بخطام الجمل، لا يدنو منه أحدٌ إلا خبطه بسيفه، إذ أقبل الحارث بن زهير الأزدي وهو يقول:
    يا أمّنا يا خير أم نعلم ** أما ترين كم شجاع يكلم!
    وتختلي هامته والمعصم!
    فاختلفا ضربتين، فرأيتهما يفحصان الأرض بأرجلهما حتى ماتا فدخلت على عائشة رضي الله عنها بالمدينة، فقالت: من أنت؟ قلت: رجل من الأزد، أسكن الكوفة؛ قالت: أشهدتنا يوم الجمل؟ قلت: نعم؛ قالت: ألنا أم علينا؟ قلت: عليكم؛ قالت: أفتعرف الذي يقول:
    يا أمّنا يا خير أم نعلم
    قلت: نعم، ذاك ابن عمّي، فبكت حتى ظننت أنها لا تسكت.
    حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، عن أبي ليلى، عن دينار بن العيزار، قال: سمعت الأشتر يقول: لقيت عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد، فلقيت أشدّ الناس وأروغه، فعانقته، فسقطنا إلى الأرض جميعًا، فنادى: " اقتلوني ومالكًا ".
    حدثني عمر قال: حدثنا أبو الحسن، عن أبي ليلى، عن دينار بن العيزار، قال: سمعت الأشتر يقول: رأيت عبد الله بن حكيم بن حزام معه راية قريش؛ وعدّي بن حاتم الطائي وهما يتصاولان كالفحلين، فتعاورناه فقتلناه - يعني عبد الله - فطعن عبد الله عديًّا ففقأ عينه.
    حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، عن أبي مخنف، عن عمّه محمّد بن مخنف، قال: حدثني عدّة من أشياخ الحي كلّهم شهد الجمل، قالوا: كانت راية الأزد من أهل الكوفة مع مخنف بن سليم، فقتل يومئذ، فتناول الراية من أهل بيته الصقعب وأخوه عبد الله بن سليم، فقتلوه، فأخذها العلاء بن عروة، فكان الفتح، وهي في يده، وكانت راية عبد القيس من أهل الكوفة مع القاسم بن مسلم، فقتل وقتل معه زيد بن صوحان وسيحان ابن صوحان؛ وأخذ الراية عدّة منهم فقتلوا؛ منهم عبد الله بن رقية، وراشد. ثم أخذها منقذ بن النعمان، فدفعها إلى ابنه مرّة بن منقذ، فانقضى الأمر وهي في يده، وكانت راية بكر بن وائل من أهل الكوفة في بني ذهل، كانت مع الحارث بن حسّان بن خوط الذهلي، فقال أبو العرفاء الرقاشي: أبق على نفسك وقومك، فأقدم وقال: يا معشر بكر بن وائل، إنّه لم يكن أحدٌ له من رسول الله مثل منزلة صاحبكم، فانصروه، فأقدم، فقتل وقتل ابنه وقتل خمسة إخوة له، فقال له يومئذ بشر بن خوط وهو يقاتل:
    أنا ابن حسّان بن خوط وأبي ** رسول بكر كلها إلى النبي
    وقال ابنه:
    أنعى الرئيس الحارث بن حسّان ** لآل ذهل ولآل شيبان
    وقال رجل من ذهل:
    تنعى لنا خير امرىء من عدنان ** عند الطعان ونزال الأقران
    وقتل رجال من بني محدوج، وكانت الرياسة لهم من أهل الكوفة، وقتل من بني ذهل خمسة وثلاثون رجلًا، فقال رجل لأخيه وهو يقاتل: يا أخي، ما أحسن قتالنا إن كنّا على حقّ! قال: فإنا على الحقّ، إن الناس أخذوا يمينًا وشمالًا، وإنما تمسّكنا بأهل بيت نبيّنا؛ فقاتلا حتى قتلا. وكانت رياسة عبد القيس من أهل البصر - وكانوا مع علي - لعمرو بن مرحوم، ورياسة بكر بن وائل لشقيق بن ثور، والرّاية مع رشراشة مولاه، ورياسة الأزد من أهل البصرة - وكانوا مع عائششة - لعبد الرحمن بن جشم بن أبي حنين الحمّامي - فيما حدثني عامر بن حفص، ويقال لصبرة بن شيمان الحدّاني - والراية مع عمرو بن الأشرف العتكي، فقتل وقتل معه ثلاثة عشر رجلًامن أهل بيته.
    حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا أبو ليلى، عن أبي عكّاشة الهمداني، عن رفاعة البجلي، عن أبي البختري الطائي، قال: أطافت ضبّة والأزد بعائشة يوم الجمل، وإذا رجال من الأزد بعائشة يوم الجمل، وإذا رجال من الأزد يأخذون بعر الجمل فيفتّونه ويشمّونه، ويقولون: بعر جمل أمّنا ريحه ريح المسك؛ ورجل من أصحاب علي يقاتل ويقول:
    جرّدت سيفي في رجال الأزد ** أضرب في كهولهم والمرد
    كلّ طويل الساعدين نهده
    وماج الناس بعضهم في بعض، فصرخ صارخ: اعقروا الجمل؛ فضربه بجير بن دلجة الضبي من أهل الكوفة، فقيل له: لم عقرته؟ فقال: رأيت قومي يقتلون، فخفت أن يفنوا، ورجوت إن عقرته أن يبقي لهم بقيّة.
    حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا الصلت بن دينار، قال: انتهى رجل من بني عقيل إلى كعب بن سور - رحمه الله - وهو مقتول، فوضع زجّ رمحه في عينه، ثم خضخضه، وقال: ما رأيت مالًا قطّ أحكم نقدًا منك.
    حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا عوانة، قال: اقتتلوا يوم الجمل يومًا إلى الليل، فقال بعضهم:
    شفى السيف من زيد وهند نفوسنا ** شفاء ومن عيني عدي بن حاتم
    صبرنا لهم يومًا إلى الليل كلّه ** بصمّ القنا والمرهفات الصوارم
    وقال ابن صامت:
    يا ضبّ سيرى فإنّ الأرض واسعة ** على شمالك إن الموت بالقاع
    كتيبة كشعاع الشمس إذ طلعت ** لها أتي إذا ما سال دفّاع
    إذًا نقيم لكم في كلّ معترك ** بالمشرفيّة ضربًا غير إبداع
    حدثنا العباس بن محمد، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا روح، عن أبي رجاء، قال: رأيت رجلًا قد اصطلمت أذنه، قلت: أخلقة، أم شيء أصابك؟ قال: أحدثك؛ بينا أنا أمشي بين القتلى يوم الجمل، فإذا رجل يفحص برجله، وهو يقول:
    لقد أوردتنا حومة الموت أمّنا ** فلم ننصرف إلّا ونحن رواء
    أطعنا قريشًا ضلّة من حلومنا ** ونصرننا أهل الحجاز عناء
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    قلت: يا عبد الله، قل لا إله إلّا الله، قال: ادن مني، ولقّنّي فإنّ في أذني وقرًا، فدنوت منه، فقال لي: ممن أنت؟ قلت: رجل من الكوفة؛ فوثب علي، فاصطلم أذني كما ترى، ثمّ قال: إذا لقيت أمك فأخبرها أن عمير بن الأهلب الضبّي فعل بك هذا.
    حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا المفضّل الراوية وعامر بن حفص وعبد المجيد الأسدي، قالوا: جرح يوم الجمل عمير بن الأهلب الضبي، فمرّ به رجلٌ من أصحاب علي وهو في الجرحى، فقال له عمير: ادن منى، فدنا منه، فقطع أذنه، وقال عمير بن الأهلب:
    لقد أوردتنا حومة الموت أمّنا ** فلم ننصرف إلا ونحن رواء
    لقد كان عن نصر ابن ضبّة أمّه ** وشيعتها مندوحة وغناء
    أطعنا بني تيم بن مرّة شقوة ** وهل تيم إلّا أعبد وإماء!
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن المقدام الحارثي، قال: كان منّا رجل يدعي هانىء بن خطّاب، وكان ممن غزا عثمان، ولم يشهد الجمل، فلمّا سمع بهذا الرج. - يعني رجز القائل:
    نحن بني ضبّة أصحاب الجمل
    في حديث الناس، نقض عليه وهو بالكوفة:
    أبت شيوخ مذجح وهمدان ** ألا يردّوا نعثلًا كما كان
    خلقًا جديدًا بعد خلق الرحمن
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطيّة، عن أبيه، قال: جعل أبو الجرباء يومئذ يرتجز ويقول:
    أسامع أنت مطيع لعلي ** من قبل أن تذوق حدّ المشرفي
    وخاذل في الحقّ أزواج النبي ** أعرف قومًا لست فيه بعنى
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: كانت أمّ المؤمنين في حلقة من أهل النجدات والبصائر من أفناء مضر، فكان لا يأخذ أحد بالزمام إلّا كان يحمل الراية واللواء لا يحسّن تركها، وكان لا يأخذه إلّا معروف عند المطيفين بالجمل فينتسب لها: أنا فلان بن فلان، فوالله إن كانوا ليقاتلون عليه؛ وإنه للموت لا يوصل إليه إلا بطلبة وعنت، وما رامه أحد من أصحاب علي إلّا قتل أو أفلت، ثم لم يعد. ولما اختلط الناس بالقلب جاء عدي بن حاتم فحمل عليه، ففقئت عينه ونكل، فجاء الأشتر فحامله عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد وإنه لأقطع منزوف، فاعتنقه، ثم جلد به الأرض عن دابّته، فاضطرب تحته، فأفلت وهو جريض.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان لا يجىء رجل فيأخذ بالزّمام حتى يقول: أنا فلان بن فلان يا أمّ المؤمنين، فجاء عبد الله بن الزبير، فقالت حين لم يتكلم: من أنت؟ فقال: أنا عبد الله، أنا ابن أختك، قالت: واثكل أسماء! - تعنى أختها - وانتهى إلى الجمل الأشتر وعدي بن حاتم، فخرج عبد الله ابن حكيم بن حزام إلى الأشتر، فمشى إليه الأشتر، فاختلفا ضربتين، فقتله الأشتر، ومشى إليه عبد الله بن الزبير، فضربه الأشتر على رأسه، فجرحه جرحًا شديدًا، وضرب عبد الله الأشتر ضربة خفيفة، واعتنق كلّ واحد منهما صاحبه، وخرّا إلى الأرض يعتركان، فقال عبد الله بن الزبير: " اقتلوني ومالكًا ".
    وكان مالك يقول: ما أحبّ أن يكون قال: " والأشتر " وأنّ لي حمر النعم. وشدّ أناس من أصحاب علي وأصحاب عائشة فافترقا، وتنقّذ كلّ واحد من الفريقين صاحبه.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطيّة، عن أبيه، قال: وجاء محمد بن طلحة فأخذ بزمام الجمل، فقال: يا أمّتاه، مريني بأمرك. قالت: آمرك أن تكون كخير بني آدم إن تركت. قال: فحمل فجعل لا يحمل عليه أحد إلّا حمل عليه ويقول: " حم لا ينصرون "، واجتمع عليه نفر، فكلّهم ادّعى قتله: المكعبر الأسدي، والمكعبر الضبي، ومعاوية بن شدّاد العبسي، وعفّان بن الأشقر النصري، فأنفذه بعضهم بالرّمح، ففي ذلك يقول قاتله منهم:
    وأشعث قوّام بآيات ربّه ** قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
    هتكت له بالرمح جيب قميصه ** فخرّ صريعًا لليدين وللفم
    يذكّرني حم والرمح شاجر ** فهلا تلا حم قبل التقدّم!
    على غير شيء غير أن ليس تابعًا ** عليًا ومن لا يتبع الحقّ يندم
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطيّة، عن أبيه، قال: قال القعقاع بن عمرو للأشتر يؤلّبه يومئذ: هل لك في العود؟ فلم يجبه. فقال: يا أشتر، بعضنا أعلم بقتال بعض منك. فحمل القعقاع، وإنّ الزمام مع زفر بن الحارث، وكان آخر من أعقب في الزمام، فلا والله ما بقي من بني عامر يومئذ شيخ إلّا أصيب قدّام الجمل، فقتل فيمن قتل يومئذ ربيعة جدّ إسحاق بن مسلم، وزفر يرتجز ويقول:
    يا أمّنا يا عيش لن تراعي ** كلّ بنيك بطل شجاع
    ليس بوهّام ولا براعي
    وقام القعقاع يرتجز ويقول:
    إذا وردنا آجنًا جهرناه ** ولا يطاق ورد ما منعناه
    تمثّلها تمثّلًا.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: كان من آخر من قاتل ذلك اليوم زفر بن الحارث، فزحف إليه القعقاع، فلم يبق حول الجمل عامري مكتهل إلّا أصيب، يتسرّعون إلى الموت، وقال القعقاع: يا بحير بن دلجة، صح بقومك فليعقروا الجمل قبل أن يصابوا وتصاب أمّ المؤمنين؛ فقال: يال ضبة، يا عمرو بن دلجة، ادع بي إليك؛ فدعا به، فقال: أنا آمن حتى أرجع؟ قال: نعم. قال: فاجتثّ ساق البعير، فرمى بنفسه على شقّه وجرجر البعير. وقال القعقاع لمن يليه: أنتم آمنون. واجتمع هو وزفر على قطع بطان البعير، وحملا الهودج فوضعاه، ثم أطافا به، وتفارّ من وراء ذلك من الناس.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطيّة، عن أبيه، قال: لما أمسى الناس وتقدّم علي وأحيط بالجمل ومن حوله، وعقره بجير بن دلجة، وقال: إنكم آمنون؛ كفّ بعض الناس عن بعض. وقال علي في ذلك حين أمسى وانخنس عنهم القتال:
    إليك أشكو عجري وبجري ** ومعشرًا غشّوا علي بصري
    قتلت منهم مضرًا بمضري ** شفيت نفسي وقتلت معشري
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر، قال: قال طلحة يومئذ: اللهمّ أعط عثمان منّي حتى يرضى؛ فجاء سهم غرب وهو واقف، فخلّ ركبته بالسرج، وثبت حتى امتلأ موزجه دمًا، فلما ثقل قال لمولاه: اردفني وابغني مكانًا لا أعرف فيه، فلم أر كاليوم شيخًا أشيع دمًا مني. فركب مولاه وأمسكه وجعل يقول: قد لحقنا القوم، حتى انتهى به إلى دار من دور البصرة خربة، وأنزله في فيئها، فمات في تلك الخربة، ودفن رضي الله عنه في بني سعد.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن البختري العبدي، عن أبيه، قال: كانت ربيعة مع علي يوم الجمل ثلث أهل الكوفة، ونصف الناس يوم الوقعة، وكانت تعبيتهم مضر ومضر، وربيعة وربيعة، واليمن واليمن؛ فقال بنو صوحان: يا أمير المؤمنين، ائذن لنا نقف عن مضر؛ ففعل، فأتى زيد فقيل له: ما يوقفك حيال الجمل وبحيال مضر! الموت معك وبإزائك، فاعتزل إلينا؛ فقال: الموت نريد. فأصيبوا يومئذ، وأفلت صعصعة من بينهم.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطية، قال: كان رجل منا يدعى الحارث، فقال يومئذ: يال مضر؛ علام يقتل بعضكم بعضًا! تبادرون لا ندري إلّا أنّا إلى قضاء، وما تكفون في ذلك.
    حدثني عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان، قال: حدثني عبد الله بن المبارك، عن جرير، قال: حدثني الزبير بن الخرّيت، قال: حدثني شيخ من الحرامين يقال له أبو جبير، قال: مررت بكعب بن سور وهو آخذ بخطام جمل عائشة رضي الله عنها يوم الجمل، فقال: يا أبا جبير، أنا والله كما قالت القائلة:
    بني لا تبن ولا تقاتل
    فحدثني الزبير بن الخرّيت، قال: مرّ به علي وهو قتيل، فقام عليه فقال: والله إنك - ما علمت - كنت لصليبًا في الحقّ، قاضيًا بالعدل، وكيت وكيت؛ فأثنى عليه.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن ابن صعصعة المزني - أو عن صعصعة - عن عمرو بن جأوان، عن جرير بن أشرس، قال: كان القتال يومئذ في صدر النهار مع طلحة والزبير، فانهزم الناس وعائشة توقّع الصلح، فم يفجأها إلّا الناس، فأحاطت بها مضر، ووقف الناس للقتال، فكان القتال نصف النهار مع عائشة. وعلي.. كعب بن سور أخذ مصحف عائشة وعلي فبدر بين الصفين يناشدهم الله عز وجل في دمائهم، وأعطى درعه فرمى بها تحته، وأتى بترسه فتنكبّه، فرشقوه رشقًا واحدًا، فقتلوه رضي الله عنه، ولم يمهلوهم أن شدّوا عليهم، والتحم القتال، فكان أول مقتول بين يدي عائشة من أهل الكوفة.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مخلد بن كثير، عن أبيه، قال: أرسلنا مسلم بن عبد الله يدعو بنى أبينا، فرشقوه - كما صنع القلب بكعب - رشقًا واحدًا، فقتلوه، فكان أوّل من قتل بين يدي أمير المؤمنين وعائشة رضي الله عنها، فقالت أمّ مسلم ترثيه:
    لا همّ إنّ مسلمًا أتاهم ** مستسلمًا للموت إذ دعاهم
    إلى كتاب الله لا يخشاهم ** فرمّلوه من دم إذ جاهم
    وأمّهم قائمة تراهم ** يأتمرون الغي لا تنهاهم
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن حكيم ابن شريك، عن أبيه، عن جدّه، قال: لما انهزمت مجنّبتا الكوفة عشيّة الجمل، صاروا إلى القلب - وكان ابن يثربي قاضي البصرة قبل كعب بن سور، فشهدهم هو وأخوه يوم الجمل، وهما عبد الله وعمرو، فكان واقفًا أمام الجمل على فرس - فقال علي: من رجل يحمل على الجمل؟ فانتدب له هند بن عمرو المرادي، فاعترضه ابن يثربي، فاختلفا ضربتين، فقتله ابن يثربي، ثم حمل سيحان بن صوحان، فاعترضه ابن يثربي، فاختلفا ضربتين فقتله ابن يثربي، ثم حمل علباء بن الهيثم، فاعترضه ابن يثربي، فقتله، ثم حمل صعصعة فضربه، فقتل ثلاثة أجهز عليهم في المعركة: علباء، وهند، وسيحان، وارتثّ صعصعة وزيد، فمات أحدهما، وبقى الآخر.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عمرو بن محمد، عن الشعبي، قال: أخذ الخطام يوم الجمل سبعون رجلًا من قريش، كلّهم يقتل وهو آخذ بالخطام، وحمل الأشتر فاعترضه عبد الله بن الزبير، فاختلفا ضربتين، ضربه الأشتر فأمّه، وواثبه عبد الله، فاعتنقه فخرّ به، وجعل يقول: اقتلوني ومالكًا - وكان الناس لا يعرفونه بمالك، ولو قال: والأشتر، وكانت له ألف نفس ما نجا منها شئ - وما زال يضطرب في يدي عبد الله حتى أفلت، وكان الرجل إذا حمل على الجمل ثم نجا لم يعد. وجرح يومئذ مروان وعبد الله بن الزبير.
    حدثني عبد الله بن أحمد، قال: حدثني عمّي، قال: حدثني سليمان، قال: حدثني عبد الله، عن جرير بن حازم، قال: حدثني محمد بن أبي يعقوب وابن عون، عن أبي رجاء، قال: قال يومئذ عمرو بن يثربي الضبي؛ وهو أخو عميرة القاضي:
    نحن بني ضبّة أصحاب الجمل ** ننزل بالموت إذا الموت نزل
    وزاد ابن عون - وليس في حديث ابن أبي يعقوب:
    القتل أحلى عندنا من العسل ** ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل
    ردّوا علينا شيخنا ثمّ بجل
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن داود بن أبي هند، عن شيخ من بني ضبة، قال: ارتجز يومئذ ابن يثربي:
    أنا لمن أنكرني ابن يثربي ** قاتل علباء وهند الجملي
    وابن لصوحان على دين علي
    وقال: من يبارز؟ فبرز له رجل، فقتله، ثم برز له آخر فقتله، وارتجز وقال:
    اقتلهم وقد أرى عليًّا ** ولو أشا أوجرته عمريًّا
    فبرز له عمّار بن ياسر؛ وإنه لأضعف من بارزه، وإنّ الناس ليسترجعون حين قام عمار، وأنا أقول لعمار من ضعفه: هذا والله لاحق بأصحابه، وكان قضيفًا، حمش الساقين، وعليه سيف حمائله تشفّ عنه قريب من إبطه، فيضربه ابن يثربي بسيفه، فنشب في حجفته، وضربه عمار وأوهطه، ورمى أصحاب علي ابن يثربي بالحجارة حتى أثخنوه وارتثّوه.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن حمّاد البرجمي، عن خارجة بن الصلت، قال: لما قال الضبّي يوم الجمل:
    نحن بني ضبّة أصحاب الجمل ** ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل
    ردّوا علينا شيخنا ثمّ بجل
    قال عمير بن أبي الحارث:
    كيف نردّ شيخكم وقد قحل ** نحن ضربنا صدره حتّى انجفل!
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، قال: عقر الجمل رجل من بني ضبّة يقال له: ابن دلجة - عمرو أو بجير - وقال في ذلك الحارث بن قيس - وكان من أصحاب عائشة:
    نحن ضربنا ساقه فانجلا ** من ضربة بالنّفر كانت فيصلا
    لو لم نكوّن للرّسول ثقلا ** وحرمة لاقتسمونا عجّلا
    وقد نحل ذلك المثنّى بن مخرمة من أصحاب علي.
    شدة القتال يوم الجمل وخبر أعين بن ضبيعة واطلاعه في الهودج

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن نويرة، عن أبي عثمان، قال: قال القعقاع: ما رأيت شيئًا أشبه بشيء من قتال القلب يوم الجمل بقتال صفّين، لقد رأيتنا ندافعهم بأسنّتنا ونتّكئ على أزجّتنا، وهم مثل ذلك حتى لو أنّ الرجال مشت عليها لاستقلّت بهم.
    حدثني عيسى بن عبد الرحمن المروزي، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدثنا يحيى بن يعلي الأسلمي، عن سليمان بن قرم، عن الأعمش، عن عبد الله بن سنان الكاهلي، قال: لما كان يوم الجمل ترامينا بالنّبل حتى فنيت، وتطاعنّا بالرّماح حتى تشبّكت في صدورنا وصدورهم، حتى لو سيّرت عليها الخيل لسارت، ثم قال علي: السيوف يا أبناء المهاجرين. قال الشيخ: فما دخلت دار الوليد إلا ذكرت ذلك اليوم.
    حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: حدثنا أبو فقيم، قال: حدثنا فطر، قال: سمعت أبا بشير قال: كنت مع مولاي زمن الجمل، فما مررت بدار الوليد قطّ، فسمعت أصوات القصّارين يضربون إلّا ذكرت قتالهم.
    حدثني عيسى بن عبد الرحمن المروزي، قال: حدثنا الحسن بن الحسين، قال: حدثنا يحيى بن يعلي، عن عبد الملك بن مسلم، عن عيسى ابن حطّان قال: حاص الناس حيصة، ثم رجعنا وعائشة على جمل أحمر، في هودج أحمر، ما شبّهته إلا بالقنفذ من النبل.
    حدثني عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي؛ قال: حدثني سليمان، قال: حدثني عبد الله، قال: حدثني ابن عون، عن أبي رجاء، قال: ذكروا يوم الجمل فقلت: كأنّي أنظر إلى خدر عائشة كأنه قنفذ مما رمى في من النبل، فقلت لأبي رجاء: أقاتلت يومئذ؟ قال: والله لقد رميت بأسهم فما أدري ما صنعن.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن راشد السلمي، عن ميسرة أبي جميلة، أنّ محمد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر أتيا عائشة وقد عقر الجمل، فقطعا غرضة الرحل، واحتملا الهودج، فنحّياه حتى أمرهما علي فيه أمره بعد؛ قال: أدخلاها البصرة، فأدخلاها دار عبد الله بن خلف الخزاعي.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: أمر علي نفرًا بحمل الهودج من بين القتلى، وقد كان القعقاع وزفر بن الحارث أنزلاه عن ظهر البعير، فوضعاه إلى جنب البعير، فأقبل محمد ابن أبي بكر إليه ومعه نفر، فأدخل يده فيه، فقالت: من هذا؟ قال: أخوك البرّ، قالت: عقوق. قال: عمّار بن ياسر: كيف رأيت ضرب بنيك اليوم يا أمّه؟ قالت: من أنت؟ قال: أنا ابنك البارّ عمّار؛ قالت: لست لك بأمّ؛ قال: بلى، وإن كرهت. قالت: فخرتم أن ظفرتم، وأتيتم مثل ما نقمتم، هيهات؛ والله لن يظفر من كان هذا دأبه. وأبرزوها بهودجها من القتلى، ووضعوها ليس قربها أحد، وكأنّ هودجها فرخ مقصّب مما فيه من النبل، وجاء أعين بن ضبيعة المجاشعي حتى اطّلع في الهودج، فقالت: إليك لعنك الله! فقال: والله ما أرى إلّا حميراء؛ قالت: هتك الله سترك، وقطع يدك، وأبدى عورتك! فقتل بالبصرة وسلب، وقطعت يده، ورمى به عريانّا في خربة من خربات الأزد، فانتهى إليها علي، فقال: أي أمّه، يغفر الله لنا ولكم؛ قالت: غفر الله لنا ولكم.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن حكيم ابن شريك، عن أبيه، عن جده، قال: انتهى محمد بن أبي بكر ومعه عمّار، فقطع الأنساع عن الهودج، واحتملاه، فلما وضعناه أدخل محمد يده وقال: أخوك محمد، فقالت: مذّمم، قال: يا أخيّة، هل أصابك شئ؟ قالت: ما أنت من ذاك؟ قال: كيف أنت يا أمّه؟ قالت: بخير، قال: يغفر الله لك. قالت: ولك.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: ولما كان من آخر الليل خرج الليل خرج محمد بعائشة حتى أدخلها البصرة، فأنزلها في دار عبد العزّي بن عثمان بن عبد الدار، وهي أمّ طلحة الطلحات بن عبد الله ابن خلف.
    وكانت الوقعة يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ستّ وثلاثين، في قول الواقدي.
    مقتل الزبير بن العوام رضي الله عنه

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الوليد بن عبد الله، عن أبيه، قال: لما انهزم الناس يوم الجمل عن طلحة والزّبير، ومضى الزبير رضي الله عنه حتى مرّ بعسكر الأحنف، فلما رآه وأخبر به قال: والله ما هذا بخيار، وقال للناس: من يأتينا بخبره؟ فقال عمرو بن جرموز لأصحابه: أنا، فأتبعه، فلما لحقه نظر إليه الزبير - وكان شديد الغضب - قال: ما وراءك؟ قال: إنما أردت أن أسألك؛ فقال غلام للزّبير يدعى عطية كان معه: إنه معدّ؛ فقال: ما يهولك من رجل! وحضرت الصلاة، فقال ابن جرموز: الصلاة؛ فقال: الزبير: الصلاة، فنزلا، واستدبره ابن جرموز فطعنه من خلفه في جربّان درعه، فقتله، وأخذ فرسه وخاتمه وسلاحه، وخلّى عن الغلام، فدفنه بوادي السباع؛ ورجع إلى الناس بالخبر. فأما الأحنف فقال: والله ما أدري أحسنت أم أسأت! ثمّ انحدر إلى علي وابن جرموز معه، فدخل عليه، فأخبره، فدعا بالسيف، فقال: سيف طالما جلّى الكرب عن وجه رسول الله ! وبعث بذلك إلى عائشة، ثم أقبل على الأحنف فقال: تربّصت؛ فقال: ما كنت أراني إلّا قد أحسنت، وبأمرك كان ما كان يا أمير المؤمنين، فارفق فإنّ طريقك الذي سلكت بعيد، وأنت إلي غدًا أحوج منك أمس، فاعرف إحساني، واستصف مودّتي لغد، ولا تقولنّ مثل هذا، فإني لم أزل لك ناصحًا.
    من انهزم يوم الجمل فاختفى ومضى في البلاد

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: ومضى الزبير في صدر يوم الهزيمة راجلًا نحو المدينة، فقتله ابن جرموز، قالا: وخرج عتبة بن أبي سفيان وعبد الرحمن ويحيى ابنا الحكم يوم الهزيمة، قد شجّجوا في البلاد، فلقوا عصمة بن أبير التيمي، فقال: هل لكم في الجوار؟ قالوا: من أنت؟ قال: عصمة بن أبير. قالوا: نعم، قال: فأنتم في جواري إلى الحول؛ فمضى بهم، ثم حماهم وأقام عليهم حتى برءوا، ثم قال: اختاروا أحبّ بلد إليكم أبلغكموه، قالوا: الشأم، فخرج بهم في أربعمائة راكب من تيم الرباب، حتى إذا وغلوا في بلاد كلب بدومة قالوا: قد وفّيت ذمّتك وذممهم، وقضيت الذي عليك فارجع، فرجع.
    وفي ذلك يقول الشاعر:
    وفي ابن أبير والرّماح شوارع ** بآل أبي العاصي وفاء مذكّرا
    وأما ابن عامر فإنه خرج أيضًا مشجّجًا، فتلقاه رجل من بني حرقوص يدعى مريًّا، فدعاه للجوار، فقال: نعم، فأجاره وأقام عليه، وقال: أي البلدان أحبّ إليك؟ قال: دمشق، فخرج به في ركب من بي حرقوص حتى بلغوا به دمشق. وقال حارثة بن بدر - وكان مع عائشة، وأصيب في الوقعة ابنه أو أخوه زراع:
    أتاني من الأنباء أنّ ابن عامر ** أناخ وألقي في دمشق المرسيا
    وأوى مروان بن الحكم إلى أهل بيت من عنزة يوم الهزيمة، فقال لهم: أعلموا مالك بن مسمع بكاني، فأتوا مالكًا فأخبروه بمكانه، فقال لأخيه مقاتل: كيف نصنع بهذا الرجل الذي قد بعث إليها يعلمنا بمكانه؟ قال: ابعث ابن أخي فأجره، والتمسوا له الأمان من علي، فإن آمنه فذاك الذي نحبّ وإن لم يؤمنه خرجنا به وبأسيافنا؛ فإن عرض له جالدنا دونه بأسيافنا، فإمّا أن نسلم، وأمّا أن نهلك كرامًا. وقد استشار غيره من أهله من قبل في الذي استشار فيه مقاتلًا، فنهاه، فأخذ برأي أخيه، وترك رأيهم، فأرسل إليه فأنزله داره، وعزم على منعه إن اضطر إلى ذلك، وقال: الموت دون الجوار وفاء، وحفظ لهم بنو مروان ذلك بعد، وانتفعوا به عندهم، وشرّفوهم بذلك، وأوى عبد الله بن الزبير إلى دار رجل من الأزد يدعى وزيرًا؛ وقال: ائت أمّ المؤمنين فأعلمها بمكاني، وإيّاك أن يطّلع على هذا محمد بن أبي بكر، فأتى عائشة رضي الله عنها فأخبرها، فقالت: علي بمحمد، فقال: يا أمّ المؤمنين، إنه قد نهاني أن يعلم به محمد، فأرسلت إليه فقالت: اذهب مع هذا الرجل حتى تجيئني بان أختك؛ فانطلق معه فدخل بالأزدي على ابن الزبير، قال: جئتك والله بما كرهت، وأبت أمّ المؤمنين إلّا ذلك، فخرج عبد الله ومحمد وهما يتشاتمان، فذكر محمد عثمان فشتمه وشتم عبد الله محمدًا حتى انتهى إلى عائشة في دار عبد الله بن خلف - وكان عبد الله ابن خلف قبل يوم الجمل مع عائشة، وقتل عثمان أخوه علي - وأرسلت عائشة في طلب من كان جريحًا فضمّت منهم ناسًا، وضمّت مروان فيمن ضمّت، فكانوا في بيوت الدار.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: وغشى الوجوه عائشة وعلي في عسكره، ودخل القعقاع بن عمرو على عائشة في أوّل من دخل، فسلّم عليها، فقالت: إني رأيت رجلين بالأمس اجتلدا بين يدي واتجزا بكذا، فهل تعرف كوفيّك منهما؟ قال: نعم، ذاك الذي قال: أعقّ أمّ نعلم، وكذب والله، إنك لأبرّ أمّ نعلم، ولكن لم تطاعي. فقالت: والله لوددت أني متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة. وخرج فأتى عليًّا فأخبره أنّ عائشة سألته، فقال: ويحك! من الرجلان؟ قال: ذلك أبو هالة الذي يقول:
    كيما أرى صاحبه عليّا
    فقال: والله لوددت أني متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة، فكان قولهما واحدًا.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: وتسلّل الجرحى في جوف الليل، ودخل البصرة من كان يطيق الانبعاث منهم، وسألت عائشة يومئذ عن عدّة من الناس، منهم من كان معها، ومنهم من كان عليها، وقد غشيها الناس، وهي في دار عبد الله بن خلف، فكلما نعى لها منهم واحد قالت: يرحمه الله، فقال لها رجل من أصحابها: كيف ذلك؟ قالت: كذلك قال رسول الله : فلان في الجنة، وفلان في الجنة. وقال علي بن أبي طالب يومئذ: إني لأرجو ألّا يكون أحد من هؤلاء نقّي قلبه إلّا أدخله الله في الجنّة.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عطيّة، عن أبي أيّوب، عن علي، قال: ما نزّل على النبي آية أفرح له من قول الله عز وجل: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير "، فقال : " ما أصاب المسلم في الدنيا من مصيبة في نفسه فبذنب، وما يعفو الله عز وجل عنه أكثر، وما أصابه في الدنيا فهو كفّارة له وعفو منه لا يعتدّ عليه فيه عقوبة يوم القيامة، وما عفا الله عز وجل عنه في الدنيا فقد عفا عنه، والله أعظم من أن يعدو في عفوه ".
    توجع علي على قتلى الجمل ودفنهم وجمعه ما كان في العسكر والبعث به إلى البصرة

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: وأقام علي بن أبي طالب في عسكره ثلاثة أيام لا يدخل البصرة، وندب الناس إلى موتاهم، فخرجوا إليهم فدفنوهم، فطاف علي معهم في القتلى، فلما أتى بكعب بن سور قال: زعمتم أنما خرج معهم السفهاء، وهذا الحبر قد ترون. وأتى علي عبد الرحمن بن عتّاب فقال: هذا يعسوب القوم - يقول الذي كانوا يطيفون به - يعني أنهم قد كانوا اجتمعوا عليه، ورضوا به لصلاتهم. وجعل علي كلما مرّ برجل فيه خير قال: زعم من زعم أنه لم يخرج إلينا إلّا الغوغاء، هذا العابد المجتهد. وصلّى على قتلاهم من أهل البصرة، وعلا قتلاهم من أهل الكوفة؛ وصلى على قريش من هؤلاء وهؤلاء، فكانوا مدنيّين ومكيّين، ودفن علي الأطراف في قبر عظيم، وجمع ما كان في المعسكر من شئ، ثم بعث به إلى مسجد البصرة؛ أن من عرف شيئًا فليأخذه، إلّا سلاحًا كان في الخزائن عليه سمة السلطان، فإنه لمّا بقي لم يعرف، خذوا ما أجلبوا به عليكم من مال الله عز وجل، لا يحلّ لمسلم من مال المسلم المتوفىّ شئ، وإنما كان ذلك السلاح في أيديهم من غير تنفيل من السلطان.
    عدد قتلى الجمل

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: كان قتلى الجمل حول الجمل عشرة آلاف؛ نصفهم من أصحاب علي، ونصفهم من أصحاب عائشة؛ من الأزد ألفان، ومن سائر اليمن خمسمائة، ومن مضر ألفان، وخمسمائة من قيس، وخمسمائة من تميم، وألف من بني ضبّة، وخمسمائة من بكر بن وائل. وقيل: قتل من أهل البصرة في المعركة الأولى خمسة آلاف، وقتل من أهل البصرة في المعركة الثانية خمسة آلاف، فذلك عشرة آلاف قتيل من أهل البصرة، ومن أهل الكوفة خمسة آلاف. قالا: وقتل من بني عدي يومئذ سبعون شيخًا، كلهم قد قرأ القرآن، سوى الشباب ومن لم يقرأ القرآن.
    وقالت عائشة رضي الله عنها: ما زلت أرجو النصر حتى خفيت أصوات بني عدي.
    دخول علي على عائشة وما أمر به من العقوبة فيمن تناولها

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: ودخل علي البصرة يوم الاثنين، فانتهى إلى المسجد، فصلى فيه، ثم دخل البصرة، فأتاه الناس، ثم راح إلى عائشة على بغلته، فلما انتهى إلى دار عبد الله بن خلف وهي أعظم دار بالبصرة، وجد النساء يبكين على عبد الله وعثمان ابنى خلف مع عائشة، وصفيّة ابنة الحارث مختمرة تبكي، فلما رأته قالت: يا علي، يا قاتل الأحبّة، يا مفرّق الجمع، أيتم الله بنيك منك كما أيتمت ولد عبد الله منه! فلم يردّ عليها شيئًا، ولم يزل على حاله حتى دخل على عائشة، فسلّم عليها، وقعد عندها، وقال لها: جبهتنا صفيّة، أما إني لم أرها منذ كانت جارية حتى اليوم، فلما خرج علي أقبلت عليه فأعادت عليه الكلام، فكفّ بغلته وقال: أما لهممت - وأشار إلى الأبواب من الدار - أن أفتح هذا الباب واقتل من فيه، ثم هذا فأقتل من فيه، ثم هذا فأقتل من فيه - وكان أناس من الجرحى قد لجئوا إلى عائشة، فأخبر علي بمكانهم عندها، فتغافل عنهم - فسكتت. فخرج علي، فقال رجل من الأزد: والله لا تفلتنا هذه المرأة. فغضب وقال: صه! لا تهتكنّ سترًا، ولا تدخلنّ دارًا، ولا تهيّجنّ امرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسفّهن أمراءكم وصلحاءكم، فإنهنّ ضعاف؛ ولقد كنا نؤمر بالكفّ عنهنّ، وإنهنّ لمشركات، وإن الرجل ليكافئ المرأة ويتناولها بالضّرب فيعيّر بها عقبه من بعده، فلا يبلغنّي عن أحد عرض لامرأة فأنكّل به شرار الناس. ومضى علي، فلحق به رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، قام رجلان من لقيت على الباب، فتناولا من هو أمضّ لك شتيمة من صفيّة. قال: ويحك! لعلها عائشة. قال: نعم، قام رجلان منهم على باب الدار فقال أحدهما:
    جزيت عنّا أمّنا عقوقا
    وقال الآخر:
    يا أمّنا توبي فقد خطيت
    فبعث القعقاع بن عمرو إلى الباب، فأقبل بمن كان عليه، فأحالوا على رجلين، فقال: اضرب أعناقهما، ثم قال: لأنهكنّهما عقوبة. فضربهما مائة مائة، وأخرجهما من ثيابهما.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي الكنود، قال: هما رجلان من أزد الكوفة يقال لهما عجل وسعد ابنا عبد الله.
    بيعة أهل البصرة عليا وقسمه ما في بيت المال عليهم

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: بايع الأحنف من العشي لأنه كان خارجًا هو وبنو سعد، ثم دخلوا جميعًا البصرة، فبايع أهل البصرة على راياتهم، وبايع علي أهل البصرة حتى الجرحى والمستأمنة، فلما رجع مروان لحق بمعاوية. وقال قائلون: لم يبرح المدينة حتى فرغ من صفين.
    قالا: ولما فرغ علي من بيعة أهل البصرة نظر في بيت المال فإذا فيه ستمائة ألف وزيادة، فقسمها على من شهد معه الوقعة، فأصاب كلّ رجل منهم خمسمائة خمسمائة، وقال: لكم إن أظفركم الله عز وجل بالشأم مثلها إلى أعطياتكم. وخاض في ذلك السبئيّة، وطعنوا على علي من وراء وراء.
    سيرة علي فيمن قاتل يوم الجمل

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن راشد، عن أبيه، قال: كان في سيرة علي ألّا يقتل مدبرًا ولا يذفّف على جريح، ولا يكشف سترًا، ولا يأخذ مالًا؛ فقام قوم يومئذ: ما يحلّ لنا دماءهم، ويحرم علينا أموالهم؟ فقال علي: القوم أمثالكم، من صفح عنّا فهو منّا، ونحن منه، ومن لجّ حتى يصاب فقاتله منّى على الصدر والنّحر، وإنّ لكم في خمسه لغنى، فيومئذ تكلّمت الخوارج.
    بعثة الأشتر إلى عائشة بجمل اشتراه لها وخروجها من البصرة إلى مكة

    حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عيّاش، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، قال: لما فرغوا يوم الجمل أمرني الأشتر فانطلقت فاشتريت له جملًا بسبعمائة درهم من رجل من مهرة، فقال: انطلق به إلى عائشة فقل لها: بعث به إليك الأشتر مالك ابن الحارث، وقال: فهذا عوض من بعيرك، فانطلقت به إليها، فقلت: مالك يقرئك السلام ويقول: إنّ هذا البعير مكان بعيرك؛ قالت: لا سلّم الله عليه؛ إذ قتل يعسوب العرب - تعني ابن طلحة - وصنع بابن أختي ما صنع! قال: فرددته إلى الأشتر، وأعلمته، قال: فأخرج ذراعين شعراوين؛ وقال: أرادوا قتلي فما أصنع!
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: قصدت عائشة مكة فكان وجهها من البصرة، وانصرف مروان والأسود بن أبي البختري إلى المدينة من الطريق، وأقامت عائشة بمكّة إلى الحجّ، ثم رجعت إلى المدينة.
    ما كتب به علي بن أبي طالب من الفتح إلى عامله بالكوفة كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: وكتب علي بالفتح إلى عامله بالكوفة حين كتب في أمرها وهو يومئذ بمكة: من عبد الله علي أمير المؤمنين. أمّا بعد، فإنا التقينا في النصف من جمادى الآخرة بالخريبة - فناء من أفنية البصرة - فأعطاهم الله عز وجل سنّة المسلمين، وقتل منّا ومنهم قتلى كثيرة، وأصيب ممّن أصيب منا ثمامة بن المثني، وهند بن عمرو، وعلباء بن الهيثم، وسيحان وزيد ابنا صوحان، ومحدوج.
    وكتب عبيد الله بن رافع. وكان الرسول زفر بن قيس إلى الكوفة بالبشارة في جمادى الآخرة.
    أخذ علي البيعة على الناس وخبر زياد بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن أبي بكرة

    وكان في البيعة: عليك عهد الله وميثاقه بالوفاء لتكوننّ لسلمنا سلما، ولحربنا حربًا، ولتكفّنّ عنّا لسانك ويدك. وكان زياد بن أبي سفيان من اعتزل ولم يشهد المعركة، قعد. وكان في بيت نافع بن الحارث، وجاء عبد الرحمن ابن أبي بكرة في المستأمنين مسلّمًا بعد ما فرغ علي من البيعة، فقال له علي: وعمّك المتربصّ المقاعد بي! فقال: والله يا أمير المؤمنين، إنه لك لوادّ، وإنه على مسرّتك لحريص، ولكنه بلغني أنه يشتكي، فأعلم لك علمه ثم آتيك. وكتم عليًّا مكانه حتى استأمره، فأمره أن يعلمه فأعلمه، فقال علي: امش أمامي فاهدني إليه، ففعل؛ فلما دخل عليه قال: تقاعدت عني، وتربّصت - ووضع يده على صدره، وقال: هذا وجع بيّن - فاعتذر إليه زياد، فقبل عذره واستشاره. وأراده علي على البصرة، فقال: رجل من أهل بيتك يسكن إليه الناس؛ فإنه أجدر أن يطمئنّوا أو ينقادوا، وسأكفيكه وأشير عليه. فافترقا على ابن عباس، ورجع علي إلى منزله.
    تأمير ابن عباس على البصرة وتولية زياد الخراج

    وأمّر ابن عبّاس على البصرة، وولّى زيادًا الخراج وبيت المال، وأمر ابن عباس أن يسمع منه، فكان ابن عباس يقول: استشرته عند هنة كانت من الناس، فقال: إن كنت تعلم أنك على الحقّ، وأنّ من خالفك على الباطل، أشرت عليك بما ينبغي، وإن كنت لا تدري، أشرت عليك بما ينبغي كذلك. فقلت: إنّي على الحقّ، وإنهم على الباطل، فقال: اضرب بمن أطاعك من عصاك ومن ترك أمرك، فإن كان أعزّ للإسلام وأصلح له أن يضرب عنقه فاضرب عنقه. فاستكتبته، فلما ولّى رأيت ما صنع، وعلمت أنه قد اجتهد لي رأيه، وأعجلت السبئيّة عليًّا عن المقام، وارتحلوا بغير إذنه، فارتحل في آثارهم ليقطع عليهم أمرًا إن كانوا أرادوه، وقد كان له فيها مقام.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: علم أهل المدينة بيوم الجمل يوم الخميس قبل أن تغرب الشمس من نسر مرّ بما حول المدينة، معه شئ متعلّقة، فتأمّله الناس فوقع، فإذا كفّ فيها خاتم، نقشه عبد الرحمن بن عتّاب، وجفل من بين مكة والمدينة من أهل البصرة، من قرب من البصرة أو بعد، وقد علموا بالوقعة مما ينقل إليهم النسور من الأيدي والأقدام.

  • صفحة 11 من 13 الأولىالأولى ... 910111213 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    2. ألف ليلة وليلة/الجزء الرابع
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 09:09 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    5. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1