صفحة 12 من 22 الأولىالأولى ... 21011121314 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 45 إلى 48 من 88

الموضوع: تجارب أمم المجلد الثاني


  1. #45
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    « اختر ما شئت من عمل خراسان. » قال:
    « طخارستان. » قال:
    « هي لك. » قال: فتجهّز بكير، وأنفق مالا كثيرا، فقال بحير لأميّة:
    « إن أتى بكير طخارستان خلعك. » فلم يزل يحذّره حتى حذره، وأمره بالمقام.
    ذكر تولية عبد الملك الحجاج بن يوسف العراق وسيرة الحجاج

    ولمّا توفّى بشر بن مروان، كاتب عبد الملك الحجّاج بن يوسف وهو بالمدينة وولّاه العراق. فأقبل في اثنى عشر راكبا على النجائب، حتى دخل الكوفة حين انتشر النهار. فجاءه، وكان بشر بعث المهلّب إلى الحروريّة، وانصرف كثير من الناس عنه بعد وفاته. وقد كتبنا أمره في ما تقدّم. فبدأ الحجّاج بالمسجد، فدخله، ثم صعد المنبر وهو متلثّم بعمامة حمراء خزّ، فقال:
    « عليّ بالناس. » فحسبوه وأصحابه خارجة. فهمّوا به، حتى إذا اجتمع إليه الناس قام فكشف عن وجهه، ثم قال:
    « أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا ** متى أضع العمامة تعرفوني
    أما والله، إني لأحمل الشرّ محمله، وأخذوه بنعله وأجزيه بمثله، وإني لأرى رؤوسا قد أينعت، وحان قطافها، وإني لأنظر إلى الدماء ترقرق بين العمائم واللّحى. قد شمّرت عن ساقها تشميرا.
    هذا أوان الشدّ، فاشتدّى زيم ** قد لفّها الليل بسوّاق حطم
    ليس براعي إبل ولا غنم ** ولا بجرّار على ظهر وضم
    قد لفّها الليل بعصلبيّ ** مهاجر ليس بأعرابيّ
    إني والله، يا أهل العراق ما أغمز تغماز التين، ولا يقعقع لي بالشّنان، ولقد فررت عن ذكاء وفتّشت عن تجربة، وجريت من الغاية. إنّ أمير المؤمنين نثل كنانته، ثم عجم عيدانها، فوجدني أمرّها عودا [ وأصلبها مكسرا ] فرماكم بي. فإنّكم طال ما أوضعتم في الفتن وسننتم سنن الغيّ. والله لألحونّكم لحو العود، ولأعصبنّكم عصب السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل. إني والله لا أعد إلّا وفيت، ولا أخلق إلّا فريت، فإيّاى وهذه الجماعات وقيلا وقالا وما يقول وفيم أنتم وذاك، والله لتستقيمنّ على سبل الحقّ، أو لأدعنّ لكلّ رجل منكم شغلا في جسده. من وجدناه بعد ثالثة من بعث المهلّب سفكت دمه وأنهبت ماله. » ثم دخل منزله ولم يزد على ذلك.
    ويقال: إنّه لمّا طال سكوته تناول محمد بن عمير حصى ليحصبه بها، وقال:
    « قاتله الله، ما أعياه وآدمه! » فلما تكلّم الحجّاج جعل الحصى ينتشر من يده ولا يعقل به.
    ثم دعا الحجّاج بالعرفاء، وقال:
    « الحقوا بالمهلّب وائتوني بالبراءات بموافاتهم، ولا تغلقنّ أبواب الجسر ليلا ونهارا، فقد بلغني رفضكم للمهلّب وإقبالكم إلى مصركم عصاة مخالفين.
    وإني لأقسم لكم بالله ما أجد أحدا بعد ثلاثة إلّا ضربت عنقه. » فلما كان اليوم الثالث سمع تكبيرا في السوق، فخرج حتى جلس على المنبر، فقال:
    « يا أهل العراق وأهل الشقاق ومساوئ الأخلاق، إني سمعت تكبيرا لا يراد به الله في الترغيب، ولكنّه تكبير يراد به الترهيب. وقد عرفت أنها عجاجة تحتها قصف. يا بنى اللكيعة وعبيد العصا وأبناء الأيامى، إن لا تربع رجل على ظلعه ولا يحسن حقن دمه ويبصر موضع قدمه، فأقسم باللَّه لأوشك أن أوقع بكم وقعة تكون نكالا لما قبلها وأدبا لما بعدها. » فقام إليه عمير بن ضابئ التميمي ليتكلم بعذره فقال:
    « أسمعت كلامنا بالأمس؟ » قال:
    « نعم، » قال:
    « ألست الذي غزا أمير المؤمنين عثمان؟ » قال:
    « بلى. » قال:
    « فما حملك على ذلك؟ » قال:
    « حبس أبي وكان شيخا كبيرا. » قال:
    « أوليس الذي يقول:
    هممت ولم أفعل وكدت وليتني ** تركت على عثمان تبكى حلائله
    إني لأحسب في قتلك صلاح المصرين. قم إليه يا حرسيّ فاضرب عنقه. » فقام إليه الحرسيّ، فأخرجه وضرب عنقه، وأنهب ماله، وأمر مناديا فنادى:
    « ألا إنّ عميرا أتى بعد ثالثة وقد كان سمع النداء، فأمرنا بقتله. ألا إنّ ذمّة الله بريئة ممن بات الليلة من جند المهلّب. » فخرج الناس، فازدحموا على الجسر، فعبر في تلك الليلة أربعة آلاف مذحج.
    وخرج العرفاء إلى المهلّب، وهو برامهرمز، فأخذوا كتبه بالموافاة.
    وقال المهلّب لأصحابه:
    « قدم العراق أمير ذكر، اليوم قوتل العدوّ. »
    قال عمرو بن سعيد: فو الله إني لأسير بين الكوفة والحيرة إذ سمعت زجرا مضريا، فعدلت إليه وقلت:
    « ما الخبر؟ » قالوا:
    « قدم علينا رجل من شرّ أحياء العرب، من هذا الحيّ، من ثمود، أسقف الساقين، أشرح الجاعرتين، أخفش العينين. فقدّم سيد الحيّ عمير بن ضابئ فضرب عنقه. » ولقي ابن الزبير إبراهيم بن عامر، فسأله عن الخبر، فقال وذلك في السوق:
    أقول لإبراهيم لمّا لقيته ** أرى الأمر أضحى منصبا متشعّبا
    تجهّز وأسرع فالحق الجيش، لا أرى ** سوى الجيش، إلّا في المهالك مذهبا
    تخيّر فإمّا أن تزور ابن ضابئ ** عميرا وإمّا أن تزور المهلّبا
    هما خطّتا حتف نجاؤك منهما ** ركوبك حوليّا من الثلج أشهبا
    فأمسى ولو كانت خراسان دونه ** رءاها مكان السوق، أو هي أقربا
    ثم أسرع الحجاج إلى البصرة

    ولما قتل الحجّاج عمير بن ضابئ، خرج من فوره حتى قدم البصرة، فقام فيهم بخطبة، مثل التي قام بها في أهل الكوفة، وتوعّدهم مثل وعيده إيّاهم. فأتى برجل من بنى يشكر، وقيل له:
    « هذا عاص. » فقال:
    « إنّ لي فتقا، وقد رءاه بشر فعذرنى، وهذا عطائي مردود في بيت المال. » فلم يقبل منه، وقدّمه فضرب عنقه. ففزع أهل البصرة، فخرجوا حتى تداكّوا على العارض برامهرمز، فقال المهلّب:
    « جاء الناس أمر ذكر. »
    ذكر وثوب الناس بالحجاج

    خرج الحجّاج بالناس حتى نزل رستقباذ، ومعه وجوه أهل البصرة، وكان بينه وبين المهلّب ثمانية عشر فرسخا. فقام في الناس، فقال:
    « إنّ ابن الزبير زادكم في أعطياتكم زيادة فاسق منافق ولست أجيزها. » فقام إليه عبد الله بن الجارود العبدى، فقال:
    « ولكنّها زيادة أمير المؤمنين عبد الملك، وقد أثبتها لنا. » فكذّبه وتوعّده، فخرج ابن الجارود على الحجّاج، وبايعه وجوه الناس.
    فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل عبد الله بن الجارود وجماعة ممن ثار معه، وبعث الحجّاج برأسه ورؤوس عدّة من أصحابه إلى المهلّب، ونصب برامهرمز ثمانية عشر رأسا من وجوه الناس. فساء ذلك الخوارج، وكانوا رجوا أن يكون من الناس فرقة واختلاف. وانصرف الحجّاج إلى البصرة، وكتب إلى المهلّب وإلى عبد الرحمن بن مخنف:
    « أما بعد، إذا أتاكم كتابي هذا، فناهضوا الخوارج. والسلام. » فناهض المهلّب وعبد الرحمن الأزارقة، فأجلوهم عن رامهرمز من غير قتال شديد، ولكنّهم زحفوا إليهم حتى أزالوهم، وخرج القوم كأنهم على حامية، حتى نزلوا بكازرون.
    ذكر توان لعبد الرحمن حتى قتل وقتل معه خلق

    وسار المهلّب وعبد الرحمن حتى نزلوا بهم، فخندق المهلّب ولم يخندق عبد الرحمن، فقال المهلّب لعبد الرحمن:
    « إن رأيت أن تخندق عليك فعلت. » فقال أصحاب عبد الرحمن:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #46
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    « خندقنا سيوفنا. » فلما كان الليل زحف الخوارج إلى المهلّب ليبيّتوه، فوجدوه قد أخذ حذره، فمالوا نحو عبد الرحمن، فوجدوه لم يخندق. فنهض عبد الرحمن وقاتلهم وانهزم عنه أصحابه، ونزل في جماعة من أهل الحفاظ والصبر، فقاتلوا حتى قتل عبد الرحمن وقتلوا كلّهم حوله.
    فلما أصبح المهلّب جاء حتى دفنه وصلّى عليه، وكتب بمصابه إلى الحجّاج، فكتب الحجّاج بذلك إلى عبد الملك ونعى عبد الرحمن وذمّ أهل الكوفة. وبعث الحجّاج على عسكر عبد الرحمن بن مخنف، عتّاب بن ورقاء، وأمره إذ ضمّتها الحرب أن يسمع للمهلّب ويطيع. فساءه ذلك ولم يجد بدّا من طاعة الحجّاج، ولم يقدر على مراجعته. فجاء حتى أقام في ذلك العسكر، وقاتل الخوارج، وأمره إلى المهلّب، وهو في ذلك يعنى أموره ولا يكاد يستشير المهلّب في شيء. فلما رأى المهلّب ذلك اصطنع رجالا من أهل الكوفة فيهم بسطام بن مصقلة، فأغراهم بعتّاب.
    فلما كان ذات يوم، أتى عتّاب المهلّب يسأله أن يرزق أصحابه. فأجلسه المهلّب معه على مجلسه، فسأله عتّاب سؤالا فيه تجهّم وغلظة وترادّا الكلام حتى قال له المهلّب:
    « يا بن اللخناء. » وذهب ليرفع القضيب عليه، فوثب إليه ابنه المغيرة، فقبض على القضيب وقال:
    « أصلح الله الأمير، شيخ من أشياخ العرب وشريف من أشرافهم. إن سمعت منه ما تكره فاحتمله. » فقبله وقام عتّاب، فاستقبله بسطام بن مصقلة يشتمه ويقع فيه. فلما رأى عتّاب ذلك كتب إلى الحجّاج يشكو إليه المهلّب ويخبره أنه أغرى به سفهاء أهل البصرة ويسأله أن يضمّه إليه، ووافق ذلك حاجة من الحجّاج إليه في ما لقي من شبيب، وما لقيه أيضا أشراف الكوفة منه. وسنذكر من خبره ما يليق بهذا الكتاب إن شاء الله. فبعث إليه الحجّاج أن:
    « اقدم واترك أمر ذلك الجيش إلى المهلّب. » فبعث المهلّب ابنه حبيبا، وأقام المهلّب يقاتلهم سنة.
    ذكر ما كان من شبيب بن يزيد وما لقي الحجاج وأشراف الكوفة منه

    كان ابتداء أمر شبيب صحبته لرجل يعرف بصالح بن مسرّح، وكان صالح يرى رأى الصفريّة وكان ناسكا مصفرّ الوجه صاحب عباده، وله أصحاب يقريهم القرآن ويفقّههم ويقصّ عليهم، وقدم الكوفة فيقيم بها الشهر أو الشهرين، وكان بأرض الموصل والجزيرة، وله قصص محفوظ وكلام مستحسن، وكان إذا فرغ من التحميد والصلاة على محمد ذكر أبا بكر فأثنى عليه، وثنّى بعمر، وذكر عثمان وما كان من أحداثه، ثم عليّا وتحكيمه الرجال في أمر الله، ويتبرّأ من عثمان وعليّ، ثم يدعو إلى مجاهدة أئمّة الضلال ويقول:
    « تيسّروا يا إخوانى للخروج من دار الفناء، إلى دار البقاء، واللحاق بإخواننا المؤمنين الذين باعوا الدنيا بالآخرة، ولا تجزعوا من القتل في الله، فإنّ القتل أيسر من الموت، والموت نازل بكم عند ما ترجم الظنون، فيفرّق بينكم وبين آبائكم وأبنائكم وحلائلكم ودنياكم، وإن اشتدّ لذلك جزعكم. ألا، فبيعوا أنفسكم طائعين وأموالكم، تدخلوا الجنّة. » وأشباه ذلك من الكلام. وكان في من يحضره من أهل الكوفة سويد والبطين.
    فقال يوما لأصحابه:
    « ما تنتظرون؟ ما يزداد أئمّة الجور إلّا عتوّا وعلوّا وتباعدا من الحقّ، وجرأة على الربّ، فراسلوا إخوانكم حتى يأتوكم وننظر ما نحن صانعون وأيّ وقت إن خرجنا نحن خارجون. » فبينا هو كذلك، إذ أتاه المحلّل بن وائل بكتاب شبيب وقد كتب إلى صالح:
    « أما بعد، فقد كنت دعوتني إلى أمر استجبت له، فإن كان ذلك، فإنّك شيخ المسلمين، ولم نعدل بك منّا أحدا، وإن أردت تأخير ذلك، أعلمتنى، فإنّ الآجال غادية ورائحة، ولا آمن أن تخترمنى المنيّة ولمّا أجاهد الظالمين. جعلنا الله وإيّاك ممّن يريد الله بعمله، والسلام عليك. » فأجابه صالح بجواب جميل يقول فيه:
    « إنّه لم يمنعني من الخروج مع ما أنا فيه من الاستعداد إلّا انتظارك، فاقدم علينا ثم اخرج بنا، فإنّك ممن لا تقصّى الأمور دونه، والسلام. » فلما ورد كتابه على شبيب دعا نفرا من أصحابه فجمعهم إليه، منهم: أخوه مصاد بن يزيد والمحلّل بن وائل، والصفر بن حاتم، وإبراهيم بن حجر، وجماعة مثلهم. ثم خرج حتى قدم على صالح بن مسرّح، وهو بدارا من أرض الموصل.
    فبثّ صالح رسله، وواعدهم الخروج في هلال صفر ليلة الأربعاء سنة ست وسبعين. فاجتمع بعضهم إلى بعض، واجتمعوا عنده في تلك الليلة.
    فتحدّث فروة بن لقيط قال: إني لمعهم تلك الليلة وكان رأى استعراض الناس لما رأيت من المنكر والفساد في الأرض. فقمت إليه، فقلت:
    « يا أمير المؤمنين، كيف ترى السيرة في هؤلاء الظلمة؟ أنقتلهم قبل الدعاء، أم ندعوهم قبل القتال؟ فإني أخبرك برأيي فيهم قبل أن تخبرني برأيك فيهم. إنّا نخرج على قوم طاغين باغين، قد تركوا أمر الله، أو راضين بذلك، فأرى أن تضع فيهم السيف. » فقال:
    « لا، بل ندعوهم، فلعمري، لا يجيبك إلّا من يرى رأيك، وليقاتلنّك من يزرى عليك، والدعاء أقطع لحجّتهم، وأبلغ في الحجة لك عليهم. » قال: فقلت له:
    « فكيف ترى في من قاتلنا فظفرنا به، وما تقول في دمائهم وأموالهم؟ » فقال:
    « إن قاتلنا وغنمنا فلنا، وإن تجاوزنا وعفونا، فموسّع علينا ولنا. » فأحسن لنا القول.
    ثم قال صالح لأصحابه ليلته:
    « اتّقوا الله عباد الله، ولا تعجلوا إلى قتال أحد من الناس إلّا أن يكونوا يريدونكم، فإنّكم خرجتم غضبا لله حيث انتهكت محارمه، وعصى في الأرض، وسفكت الدماء بغير حقّها، وأخذت الأموال غصبا، فلا تعيبوا على قوم أعمالا ثم تعملوا بها. وهذه دوابّ لمحمد بن مروان في هذا الرستاق، فابدءوا بها، فاحملوا رجلكم وتقوّوا بها على عدوّكم. » ففعلوا ذلك وتحصّن منهم أهل دارا، وبلغ خبرهم محمد بن مروان، وهو يومئذ أمير الجزيرة، فاستخفّ بأمرهم، وبعث إليهم عديّ بن عميرة في خمسمائة، وكان صالح في مائة وعشرة، فقال عديّ:
    « أصلح الله الأمير، تبعثني إلى رأس الخوارج ومعه رجال سمّوا لي، وإنّ الرجل منهم خير من مائة فارس في خمسمائة. » فقال له:
    « فإني أزيدك خمسمائة، فسر إليهم في ألف فارس. » فسار من حرّان في ألف رجل وكأنما يساق إلى الموت. وكان عديّ رجلا يتنسّك. فلما نزل ذوغان نزل بالناس وأنفذ إلى صالح بن مسرّح رجلا دسّه إليه.
    فقال له:
    « إنّ عديّا بعثني إليك يسألك أن تخرج من هذا البلد وتأوى بلدا آخر وتقاتل أهله، فإنّ عديّا للقائك كاره. » فقال صالح:
    « ارجع إليه، فقل له: إن كنت ترى رأينا فأرنا من ذلك ما نعرف، ثم نحن مدلجون عنك، وإن كنت على رأى الجبابرة وأئمّة السوء، رأينا رأينا. فإمّا بدأنا بك، وإمّا رحلنا إلى غيرك. » فانصرف إليه الرسول، فأبلغه. فقال عديّ:
    « ارجع إليه فقل له: إني والله لا أرى رأيك، ولكني أكره قتالك وقتال غيرك من المسلمين، فقاتل غيري. »
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #47
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر مكيدة صالح على عدي

    فقال صالح لأصحابه: اركبوا. فركبوا. وحبس الرجل عنده حتى خرجوا، ثم تركه ومضى بأصحابه حتى أتى عديّا في سوق ذوغان وهو قائم يصلّى الضحى، فلم يشعر إلّا والخيل طالعة عليهم. فلما دنا صالح منهم رءاهم على غير تعبئة، وقد تنادوا، وبعضهم يجول في بعض. فأمر شبيبا، فحمل عليهم في كتيبة، ثم أمر سويدا، فحمل في كتيبة، وكانت هزيمتهم. وأتى عديّ بدابّته فركبها، ومضى على وجهه، واحتوى صالح على عسكره وما فيه. وذهب فلّ عديّ حتى لحقوا بمحمد بن مروان. فغضب، ثم دعا خالد بن جزء السلمى، فبعثه في ألف وخمسمائة، ودعا الحارث بن جعونة فبعثه في ألف وخمسمائة، وقال لهما:
    « أخرجا إلى هذه الخارجة القليلة الخبيثة وعجّلا. فأيكما سبق فهو الأمير على صاحبه. » فخرجا، وأغذّا السير، وجعلا يسألان عن صالح، فقيل لهما:
    « توجّه نحو آمد. » فاتّبعاه حتى انتهيا إليه بآمد، فنزلا ليلا وخندقا وهما يتساندان كلّ واحد منهما على حدته. فوجّه صالح شبيبا إلى الحارث بن جعونة في شطر أصحابه، وتوجّه هو نحو خالد السلمى، فاقتتلوا أشدّ قتال اقتتله قوم، حتى حجز بينهم الليل وقد انتصف بعضهم من بعض.
    فتحدّث بعض أصحاب صالح قال: كنّا إذا حملنا عليهم استقبلتنا رجّالتهم بالرماح، ونضحتنا رماتهم بالنبل وخيلهم تطاردنا في خلال ذلك، فانصرفنا عند الليل وقد كرهناهم وكرهونا. فلمّا رجعنا وصلّينا وتروّحنا وأكلنا من الكسر دعانا صالح وقال:
    « يا أخلّائي ماذا ترون؟ » فقال شبيب:
    « أنا أرى إن قاتلنا هؤلاء وهم معتصمون بخندقهم لم ننل منهم طائلا. والرأي أن نرحل عنهم. » فقال صالح:
    « أنا أرى ذلك. » فخرجوا من تحت ليلتهم حتى قطعوا أرض الجزيرة وأرض الموصل، ومضوا حتى قطعوا الدسكرة. فلما بلغ ذلك الحجّاج سرّح إليهم الحارث بن عميرة في ثلاثة آلاف. فسار، وخرج صالح نحو جلولا وخانقين، واتّبعه الحارث حتى انتهى إلى قرية يقال لها: الريح وصالح يومئذ في تسعين رجلا. فعبّى الحارث بن عميرة أصحابه ميمنة وميسرة، وجعل صالح أصحابه كراديس ثلاثة، فهو في كردوس وشبيب في ميمنته في كردوس، وسويد بن سليم في كردوس من ميسرته، وفي كلّ كردوس منهم ثلاثون رجلا. فلما شدّ عليهم الحارث بن عميرة انكشف سويد بن سليم وثبت صالح، فقتل، وضارب شبيب حتى صرع عن فرسه، فوقع في رجاله، فجاء حتى انتهى إلى موقف صالح، فوجده قتيلا، فنادى:
    « يا معشر المسلمين. » فلاذوا به، وقال لأصحابه:
    « ليجعل كلّ رجل منكم ظهره إلى ظهر صاحبه، وليطاعن عدوّه إذا أقدم عليه حتى ندخل هذا الحصن ونرى من رأينا. » ففعلوا ذلك حتى دخلوا الحصن وهم سبعون رجلا مع شبيب، وأحاط بهم الحارث بن عميرة ممسيا، وقال لأصحابه:
    « أحرقوا الباب، فإذا صار جمرا فدعوه، فإنّهم لا يقدرون على خروجهم حتى نصبّحهم فنقتلهم. » ففعلوا ذلك بالباب، ثم انصرفوا إلى معسكرهم. فقال شبيب لأصحابه:
    « ما تنظرون يا هؤلاء؟ فو الله، لئن صبّحوكم إنه لهلاككم. » فقالوا:
    « مرنا بأمرك. » فقال لهم:
    « بايعوني إن شئتم، أو من شئتم منكم، ثم اخرجوا بنا حتى نشدّ عليهم في عسكرهم فإنّهم آمنون منكم، فإني أرجو أن ينصركم الله. » قالوا:
    « فابسط يدك. » فبايعوه. فلما جاءوا إلى الباب وجدوه جمرا، فأتوا باللبود، فبلّوها بالماء، ثم ألقوها عليه، وخرجوا، ولم يشعر الحارث بن عميرة إلّا وشبيب وأصحابه يضربونهم بالسيوف في جوف عسكرهم. فضارب الحارث حتى صرع، واحتمله أصحابه وانهزموا وخلّوا لهم العسكر وما فيه، ومضوا حتى نزلوا المدائن. وكان ذلك الجيش أول جيش هزمه شبيب.
    فأما صالح بن مسرّح فإنّه أصيب من سنة كما حكينا من أمره، ثم ارتفع في أدانى أرض الموصل، ثم ارتفع نحو آذربيجان يجبى الخراج.
    وكان سفيان بن أبي العالية قد أمر أن يدخل في خيل معه طبرستان، فأمر بالقفول، فصالح صاحب طبرستان، وأقبل في نحو من ألف، وورد عليه كتاب الحجّاج:
    « أما بعد، فأقم بالدسكرة في من معك حتى يأتيك جيش الحارث بن عميرة من ذي الشغار، وهو الذي قتل صالح بن مسرّح، ثم سر إلى شبيب حتى تناجزه. » ففعل سفيان ذلك ونزل الدسكرة، ونودى في جيش الحارث بن عميرة بالكوفة والمدائن:
    « برئت الذمّة من رجل من جيش الحارث بن عميرة لم يواف ابن العالية بالدسكرة. » قال: فخرجوا حتى أتوه، وارتحل سفيان في طلب شبيب، ثم ارتفع عنهم كأنه يكره لقاءهم وقد أكمن لهم مصادا في خمسين رجلا في هزم من الأرض. فلمّا رأوه جمع أصحابه، ثم مضى في سفح من الجبل مشرقا. فقالوا:
    « هرب عدوّ الله. » واتّبعوه.
    ذكر رأي رءاه عدي بن عميرة في تلك الحال فلم يقبل حتى هلك الجيش

    فقال لهم عديّ بن عميرة الشيبانى:
    « أيها الناس، لا تعجلوا عليهم حتى نضرب في الأرض فنستبرئها، فإن يكونوا كمنوا كمنا حذرناه، وإلّا كان طلبهم بأيدينا، لن يفوتنا. » فلم يسمع منه الناس، وأسرعوا في آثارهم. فلما رأى شبيب أنهم قد تجاوزوا الكمين خرجوا إليهم. فحمل شبيب من أمامهم، وصاح بهم الكمين من وراءهم.
    فلم يقاتل أحد وكانت الهزيمة وثبت ابن أبي العالية في نحو مائتي رجل، فقاتلهم قتالا شديدا حتى انتصف من شبيب، فقال سويد بن سليم:
    « أمنكم من يعرف أمير القوم ابن أبي العالية؟ » فقال شبيب:
    « أنا من أعرف الناس به. أما ترى صاحب الفرس الذي دونه المرامية، فإنه هو. فإن كنت تريده فأمهله قليلا. » ثم قال:
    « يا قعنب، اخرج في عشرين، ثم ائتهم من وراءهم. » فخرج قعنب في عشرين، فارتفع عليهم. فلما رأوه يريد أن يأتيهم من ورائهم جعلوا ينقصون ويتسلّلون. وحمل سويد بن سليم على سفيان بن أبي العالية، فطاعنه، فلم يصنع رمحاهما شيئا، ثم اضطربا بسيفيهما، ثم اعتنق كلّ أحد منهما، فوقعا إلى الأرض يعتركان، ثم تحاجزا، وحمل عليهم شبيب، فانكشف من كان معه. ونزل غلام لسفيان، يقال له غزوان [ نزل ] عن برذونه، وقال لسفيان:
    « اركب يا مولاي. » فركب سفيان وأحاط به أصحاب شبيب، فقاتل دونه غزوان حتى قتل، وكانت معه رايته. وأقبل سفيان بن أبي العالية منهزما حتى انتهى إلى بابل مهروذ، فنزل بها، وكتب إلى الحجّاج، وكان الحجّاج أمر سورة بن أبجر أن يلحق بسفيان، فكاتب سورة سفيان وقال: انتظرني. فلم يفعل، وعجّل نحو الخوارج. فلما عرف الحجّاج خبر سفيان، وقرأ كتابه، قال للناس:
    « من صنع كما صنع هذا وأبلى كما أبلى، فقد أحسن. » ثم كتب إليه يعذره ويقول له:
    « إذا خفّ عليك الوجع، فأقبل مأجورا إلى أهلك. » وكتب إلى سورة:
    « أما بعد، يا بن أمّ سورة، فما كنت خليقا أن تجتزئ على ترك عهدي وخذلان جندي، فإذا أتاك كتابي فابعث رجلا ممن معك صليبا إلى المدائن، فلينتخب من الخيل التي بها خمسمائة رجل، ثم ليقدم بهم عليك، ثم سر بهم حتى تلقى هذه المارقة، وأخبرني في أمرك، وكد عدوّك، فإنّ أفضل أمر الحرب المكيدة. والسلام. »
    فلما أتى سورة كتاب الحجّاج، بعث عديّ بن عميرة إلى المدائن وكان بها ألف فارس، فانتخب منهم خمسمائة رجل، ثم رحل بهم حتى قدم على سورة ببابل مهروذ. فخرج في طلب شبيب، وخرج شبيب يجول في جوخى، وسورة في طلبه. فجاء شبيب إلى المدائن وتحصّن منه أهلها وهي أبنية المدائن الأولى، فدخل المدائن وأصاب دوابّ من دوابّ الجند، وقتل من ظهر له، ولم يدخلوا البيوت، فأتى فقيل:
    « هذا سورة بن أبجر قد أقبل إليك. » فخرج في أصحابه حتى انتهى إلى النهروان، فنزل به، وتوضّأ هو وأصحابه، ثم أتوا مصارع إخوانهم الذين قتلهم عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، فاستغفروا لإخوانهم، وتبرّأوا من عليّ وأصحابه، وبكوا فأطالوا البكاء، ثم عبروا جسر النهروان، فنزلوا من جانبه الشرقي، وجاء سورة حتى نزل بقطراثا، وجاءته عيونه، فخبّرته بمنزل شبيب بالنهروان.
    ذكر سوء رأي سورة في الإقدام حتى هزم وفل

    فدعا سورة رؤساء أصحابه، فقال لهم:
    « إنّهم قلّ ما يلقون مصحرين أو على ظهيرة إلّا انتصفوا، وقد حدّثت أنهم لا يزيدون على مائة رجل، وقد رأيت أن أنتخبكم وأسير في ثلاثمائة رجل منكم من أقويائكم وشجعانكم فأبيّتهم، فإنّهم آمنون لبياتكم. فإني والله أرجو أن يصرعهم الله مصرع إخوانهم بالنهروان من قبل. » فقالوا:
    « اصنع ما أحببت. » فاستعمل على عسكره حازم بن قدامة، وانتخب ثلاثمائة من شجعاء أصحابه، ثم أقبل بهم حتى قرب من النهروان، وبات وقد أذكى الحرس ثم بيّتهم. فلما دنا أصحاب سورة منهم نذروا بهم. فاستووا على خيولهم، وتعبّوا بتعبئتهم. فلما انتهى إليهم سورة وأصحابه أصابوهم قد حذروا. فحمل عليهم سورة، ثم صاح شبيب بأصحابه، فحمل عليهم حتى تركوا العرصة، وحمل شبيب وجعل يضرب ويقول:
    من ينك العير ينك نيّاكا ** [ جندلتان اصطكّتا اصطكاكا ]
    ورجع سورة إلى أصحابه مفلولا قد هزم فرسانه وأهل القوّة من أصحابه.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #48
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فضحك بهم وأقبل نحو المدائن، وتبعهم شبيب حتى انتهى سورة إلى بيوت المدائن، ودفع شبيب إليهم وقد دخل الناس، وخرج ابن أبي العصيفر، وهو أمير على المدائن، فرماهم الناس بالنبل ومن فوق البيوت بالحجارة، ثم سار إلى تكريت. فبينا ذلك الجند بالمدائن إذ أرجف الناس بينهم فقالوا:
    « هذا شبيب قد أقبل يريد أن يبيّت أهل المدائن. » فارتحل عامّة الجند، فلحقوا بالكوفة، وإنّ شبيبا لبتكريت. ولما أتى الحجّاج خبره قال:
    « قبّح الله سورة، ضيّع العسكر، وخرج يبيّت الخوارج. والله لأسوءنّه. » ثم دعا الحجّاج الجزل وهو عثمان بن سعيد، فقال له:
    « تيسّر للخروج إلى هذه المارقة، فإذا لقيتهم، فلا تعجل عجلة الخرق النزق، ولا تحجم إحجام الوانى الفرق. هل فهمت؟ » قال:
    « نعم، أصلح الله الأمير، قد فهمت ما قال. » قال:
    « فاخرج، فعسكر بدير عبد الرحمن حتى يخرج إليك الناس. » فقال:
    « أصلح الله الأمير، لا تبعثنّ معي أحدا من الجند المفلول المهزوم، فإنّ الرعب قد دخل قلوبهم، وقد خشيت أن لا ينفعك والمسلمين منهم أحد. » قال:
    « ذلك لك ولا أراك إلّا وقد أحسنت الرأي ووفّقت. » ثم دعا أصحاب الدواوين، فقال:
    « اضربوا على الناس بالبعث، فأخرجوا أربعة آلاف من الناس وعجّلوا. » فجمعت العرفاء، وأجلس أصحاب الدواوين، وضربوا البعث [ وأخرجوا أربعة ] آلاف. فأمرهم بالعسكر، ثم نودى فيهم بالرحيل. ثم ارتحلوا ونادى منادى الحجّاج أن:
    « برئت الذمّة من رجل أصبناه من بعث الجزل متخلّفا. » فمضى الجزل بهم حتى أتى المدائن، فأقام بها ثلاثا، ثم خرج وبعث إليه ابن أبي عصيفر بفرس وبرذون وألفى درهم، ووضع للناس من الجزر والعلف ما كفاهم ثلاثة أيام، وأصاب الناس من ذلك ما شاءوا.
    ثم إنّ الجزل خرج بالناس في أثر شبيب، فطلبه في أرض جوخى، فجعل شبيب يريه الهيبة، فيخرج من رستاق إلى رستاق، ومن طسّوج إلى طسوج يريد بذلك أن يفرّق الجزل أصحابه، ويتعجّل إليه فيلقاه في عدد يسير على غير تعبئة.
    فجعل الجزل إلّا على تعبئة، ولا ينزل إلّا خندق على أصحابه. فلما طال ذلك على شبيب دعا يوما أصحابه، وهم مائة وستون رجلا، فجعل على كلّ أربعين منهم رجلا، فهو في أربعين، ومصاد أخوه في أربعين، وسويد بن سليم في أربعين، والمحلّل بن وائل في أربعين، وقد أتته عيونه أنّ الجزل بن سعيد قد نزل بئر سعيد، فقال لأخيه وللأمراء الذين ذكرناهم:
    « إني أريد أن أبيّت الليلة هذا العسكر، فائتهم أنت يا مصاد من قبل حلوان، وسآتيهم أنا من أمامهم من قبل الكوفة، وائتهم أنت يا محلّل من قبل المغرب، وليلحّ كلّ امرئ منكم على الجانب الذي يحمل عليه، ولا تقلعوا عنهم حتى يأتيكم أمري. » قال فروة بن لقيط: وكنت أنا في الأربعين الذين كانوا معه، فقال لجماعتنا:
    « تيسّروا، وليسر كلّ امرئ منكم مع أميره، ولينظر ما يأمر به أميره فليتّبعه. » فلمّا قضمت دوابّنا، وذلك أوّل ما هدأت العيون، خرجنا حتى انتهينا إلى دير الخرّارة، فإذا للقوم مسلحة عليهم عياض بن أبي لينة فما هو إلّا أن رءاهم مصاد أخو شبيب حتى حمل عليهم في أربعين رجلا، وكان أمام شبيب، أراد أن يرتفع عليهم حتى يأتيهم من ورائهم كما أمره. فلما لقي هؤلاء قاتلهم، فصبروا ساعة، وقاتلوهم. ثم إنّا دفعنا إليهم جميعا فهزمناهم، وأخذوا الطريق الأعظم، وليس بينهم وبين عسكرهم بدير يزدجرد إلّا نحو ميل. فقال لنا شبيب:
    « اركبوا معاشر المسلمين أكتافهم حتى تدخلوا معهم عسكرهم إن استطعتم. » فاتّبعناهم ملظّين بهم، ملحّين عليهم، ما نرفّه عنهم وهم منهزمون، ما لهم همّة إلّا عسكرهم. ومنعهم أصحابهم أن يدخلوا عليهم ورشقوهم بالنبل، وكانت لهم عيون قد أتتهم فأخبرتهم بمكاننا. وكان الجزل قد خندق عليه وتحرّز، ووضع هذه المسلحة الذين لقيناهم، ووضع مسلحة أخرى مما يلي حلوان. فلما اجتمعت المسالح، ورشقوهم أصحابهم بالنبل، ومنعونا من خندقهم، نظر شبيب أنه لا يصل إليهم، فقال لأصحابه:
    « سيروا ودعوهم. » فلما سار عنهم أخذ الطريق حلوان حتى كان منهم على سبعة أميال. قال لأصحابه:
    « انزلوا، فأقضموا دوابّكم وقيلوا وتروّحوا، وصلّوا ركعتين، ثم اركبوا. » ففعلوا. ثم أقبل بهم راجعا إلى عسكر أهل الكوفة، وقال:
    « سيروا على تعبئتكم التي عبّأتكم عليها أول الليل، وأطيفوا بعسكرهم كما أمرتكم. » فأقبلنا معه، وقد أدخل أهل العسكر مسالحهم إليهم، وقد أمنوا، فما شعروا حتى سمعوا وقع حوافر خيولنا، فانتهينا إليهم قبل الصبح، وأحطنا بعسكرهم، ثم صحنا بهم من كلّ ناحية، فإذا هم يقاتلوننا ويرموننا بالنبل من كلّ جانب، فقال شبيب لأخيه مصاد:
    « خلّ لهم سبيل الكوفة. » وكان يقاتلهم من ذلك الوجه. فلما راسله أخوه شبيب بهذا، أقبل إليه، وجعلنا نقاتلهم من الوجوه الثلاثة، فلم نقدر أن نستفلّ منهم أحدا. فسرنا، فتركناهم، وخرج الجزل مع الصبح يتبعهم ويطلبهم، وجعل لا يسير إلّا على تعبئة، ولا ينزل إلّا على خندق، وكان شبيب يدعه ويضرب في أرض جوخى وغيرها يكسر الحجّاج، فطال ذلك على الحجّاج.
    ذكر عجلة للحجاج وسوء رأي له حتى أهلك ذلك العسكر

    فكتب الحجّاج إلى الجزل كتابا قرئ على الناس، نسخته:
    « أما بعد، فإني قد بعثتك في فرسان أهل المصر ووجوه الناس، وأمرتك باتّباع هذه المارقة وأن لا تقلع عنها حتى تقتلها أو تفنيها. فوجدت التعريس في القرى والتخييم في الخنادق أهون عليك من المضيّ لمناهضتهم ومناجزتهم. » فشقّ ذلك على الجزل.
    قال: فأرجفنا بأميرنا وقلنا: يعزل. فما لبثنا أن بعث الحجّاج على ذلك الجيش سعيد بن المجالد وعهد إليه أنه، إذا لقي المارقة، أن يزحف إليهم ولا يناظرهم ولا يطاولهم ولا يصنع صنيع الجزل. وكان الجزل يومئذ قد انتهى في طلب شبيب إلى النهروان وقد لزم عسكره وخندق عليه.
    وجاء سعيد حتى دخل عسكر أهل الكوفة أميرا. فقام فيهم خطيبا. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
    « يا أهل الكوفة، إنكم قد عجزتم ووهنتم وأغضبتم عليكم أميركم. أنتم في طلب هذه الأعاريب العقف منذ شهرين، قد أخربوا بلادكم وكسروا خراجكم وأنتم حذرون في جوف هذه الخنادق ولا تزايلونها إلّا أن يبلغكم أنهم قد ارتحلوا عنكم ونزلوا بلدا سوى بلدكم. أخرجوا على اسم الله إليهم. » فخرج وأخرج الناس معه، وجمع إليه خيول أهل العسكر، فقال له الجزل:
    « ما تريد أن تصنع؟ » قال:
    « أريد أن أقدم على شبيب في هذه الخيل. » فقال له الجزل:
    « أقم أنت في جماعة الناس فارسهم وراجلهم ودعني أصحر له، ولا تفرّق أصحابك، فإنّ ذلك شرّ لهم وخير لك. » فقال له:
    « قف أنت في الصفّ. » فقال:
    « يا سعيد بن مجالد، ليس في ما صنعت رأى، أنا بريء من رأيك هذا. سمع الله ومن حضر من المسلمين. » فقال:
    « هو رأى إن أصبت فالله وفّقنى، وإن يكن غير صواب فأنتم منه برءاء. » قال: فوقف الجزل في صفّ أهل الكوفة، وقد أخرجهم من الخندق. وجعل على ميمنتهم عياض بن أبي لينة الكندي، وعلى ميسرتهم عبد الرحمن بن عوف أبا حميد الراسبي. ووقف الجزل في جماعتهم واستقدم سعيد بن مجالد، فخرج وأخرج الناس معه وقد أخذ شبيب إلى براز الروز، فنزل قطيطا، وأمر دهقانها أن يشترى لهم ما يصلحهم ويتخذ لهم غذاء.
    ففعل. فدخل مدينة قطيطا، وأمر بالباب فأغلق، فلم يفرغ [ من الغداء ] حتى أتاه سعيد بن مجالد في أهل العسكر. فصعد الدهقان ثم نزل قد تغيّر لونه، فقال:
    « ما لك؟ » قال:
    « قد والله جاءك جمع عظيم. » فقال:
    « بلغ شواؤك؟ » قال:
    « لا. » قال:
    « دعه. »
    قال: ثم أشرف إشرافة أخرى، فقال:
    « قد أحاطوا بالجوسق. » قال:
    « هات شواءك. » فجعل يأكل غير مكترث لهم. فقال لمّا فرغ:
    « قوموا إلى الصلاة. » وقام وتوضّأ وصلّى بأصحابه الأولى، ولبس درعه وتقلّد سيفه وأخذ عمود حديد، ثم قال:
    « أسرجوا لي البغلة. » فقال أخوه مصاد:
    « أخي هذا اليوم تسرج بغلة؟ » قال:
    « نعم، أسرجوها. » فركبها، ثم قال:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 12 من 22 الأولىالأولى ... 21011121314 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. أربع اخطاء في تذويب الطعام المجمد
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 06-10-2010, 03:26 AM
    2. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM
    3. لموشية يعود للمنتخب المحلي الجزائري بانتظار المونديال
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 04-11-2010, 02:50 PM
    4. نجم مانشستر يونايتد روني يحلم بتحطيم رقم ليفربول المحلي
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-13-2010, 01:25 PM
    5. العشى الليلي Night blindness
      بواسطة Dr.Ahmad في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 01:57 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1