الرد على مستر مرجوليوث
قدمنا أن عثمان بن عفان قد أسلم إجابة لدعوة أبي بكر، لكن الأستاذ مرجليوث في كتابه «محمد» يزعم أن سبب إسلامه أنه كان يحب رقية بنت رسول الله ويريد أن يتزوجها، فلما بلغه أنها خطبت لغيره حزن وأخبر أبا بكر بما بلغه وصادف مرور رسول الله فأسرّ أبو بكر كلمات في أذن الرسول وبذلك انتهى الأمر وأسلم عثمان وتزوج رقية، ولم يذكر لنا مستر مرجوليوث المصدر الذي استقى منه هذا الخبر حتى نناقشه ونفنده فما كل رواية يؤخذ بها ويعوّل عليها، ثم تعرض بعد ذلك إلى خالد بن سعيد وسبب إسلامه، فقد كان خالد من السابقين إلى الإسلام فكان ثالثا أو رابعا وقيل: كان خامسا في الإسلام، وسبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار فذكر من سعتها ما الله أعلم به وكأن أباه يدفعه فيها ورأى رسول الله آخذا بحقويه لا يقع فيها ففزع من نومه وقال: أحلف إنها لرؤيا حق ولقي أبا بكر رضي الله عنه فذكر ذلك له، فقال له أبو بكر: أُريد بك خيرا، هذا رسول الله فاتبعه فإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار وأبوك واقع فيها. فلقي رسول الله وهو بأجياد فقال: «يا محمد إلى من تدعو؟ قال: «أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده»، قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله. فسرَّ رسول الله بإسلامه، وبعد أن ذكر مرجوليوث رؤيا خالد باختصار وتعبير أبي بكر لها وأن هذه الرؤيا كانت سبب إسلام خالد بن سعيد، تساءل هل الناس حقيقة يحلمون هكذا؟ لكنه قال: «إن فلاماريون وميرز (Flammarion and Myers) يجيبان نعم، إنهم يرون مثل ذلك» وهما من العلماء المشهورين، والمدهش أن الأستاذ مرجوليوث لا يعلم أن الناس يرون أحلاما هكذا مع إقرار علماء النفس في أوربا وأمريكا بذلك، والأحلام على العموم شائعة بين الناس، وليست رؤيا خالد من الأحلام المستغربة حتى يشك فيها مثل مرجوليوث، أما إذا كان الشك لغرض فهذا أمر آخر.
إن الناس يرون أحلاما يتحقق بعضها وبعضها يحتاج إلى تأويل، ويستبعد جدا أن يقص إنسان حلما مختلفا وليس للأحلام حدود أو ضوابط حتى يقال: إن هذا حلم وهذا ليس بحلم، فلا محل لتحكّم مستر مارجوليوث واستنكاره رؤيا خالد بن سعيد للنار، وهذا يوسف عليه السلام ورؤياه التي قصها على أبيه فقد تحققت بعد أربعين عاما وما رآه الفتيان اللذان كانا معه في السجن مما ورد ذكره في القرآن فقد عبّر يوسف عليه السلام رؤياهما وتحققت حسب تعبيره، إذ عاد أحدهما إلى مركزه السابق لدى الملك وأُعدم الآخر، إلا أن مستر مرجوليوث غرضه التهكم على الإسلام لا استنكار الأحلام، وهذا لا يليق بمستشرق مثله.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
إيذاء المشركين لأبي بكر الصديق
عبادة الأصنام مع أنها واضحة البطلان فإن العرب كانوا متمسكين بها تمسكا شديدا لرسوخها في نفوسهم منذ زمن طويل فلا يطيقون سماع من يعيبها أو يطعن فيها بل لا يقبلون إرشاد ناصح يخاطبهم بالحسنى ويناقشهم بالعقل والبرهان، فإذا قيل لهم كيف تعبدون الحجارة التي لا تنفع ولا تضر، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تعلم من يعبدها، ومن لا يعبدها، ثارت ثائرتهم وقالوا: هذا ما وجدنا عليه آباءنا واعتدوا على أعز الناس لديهم وأشرفهم وأعقلهم وأسهلهم أخلاقا، فلم يكن من الحكمة وأصالة الرأي أن يجهر النبي وأصحابه القليلون بالإسلام ويؤدوا شعائرهم الدينية أمام أمة بأسرها متعصبة لدينها الوثني تعصبا أعمى.
وقد أدرك بعض أفراد بعقلهم الثاقب وفطرتهم السليمة أن قومهم في خطأ مبين فمنهم من مات وهو منكر لعبادة الأصنام قبل الإسلام، ومنهم من آمن برسول الله عندما بلغته رسالته كسلمان الفارسي أو عندما دعاه رسول الله إلى اتباع الدين القويم كأبي بكر، ومن أَسلم بدعائه وغيرهم ولم يبالوا بما يصيبهم من سخط قومهم وإيذائهم مع ما يعلمونه من قلة عدد المؤمنين في بادىء الأمر.
فما وقع لأبي بكر رضي الله عنه من الأذية ما ذكره بعضهم كما في «السيرة الحلبية» أن رسول الله ص لما دخل دار الأرقم ليعبد الله هو ومن معه من أصحابه سرا ألحَّ أبو بكر رضي الله عنه في الظهور، فقال له النبي ص «يا أبا بكر إنا قليل»، فلم يزل به حتى خرج رسول الله ص ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله ص جالس ودعا إلى رسول الله، فهو أول خطيب دعا إلى الله تعالى، فثار المشركون على أبي بكر رضي الله عنه وعلى المسلمين يضربونهم فضربوهم ضربا مبرحا، ووطىء أبو بكر بالأرجل وضرب ضربا شديدا، وصار عتبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه، فجاءت بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر إلى أن أدخلوه منزله ولا يشكون في موته، ثم رجعوا فدخلوا المسجد فقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة، ثم رجعوا إلى أبي بكر وصار والده أبو قحافة وبنو تيم يكلمونه فلا يجيب حتى آخر النهار، ثم تكلم وقال: ما فعل رسول الله ص فعذلوه فصار يكرر ذلك، فقالت أمه: والله ما لي علم بصاحبك، فقال: اذهبي إلى أم جميل فاسأليها عنه، فخرجت إليها وقالت لها أن تسأل عن محمد بن عبد الله، قالت: لا أعرف محمدا ولا أبا بكر، ثم قالت: تريدين أن أخرج معك؟ قالت: نعم، فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر فوجدته صريعا فصاحت وقالت:
إن قوما نالوا هذا منك لأهلُ فسق، وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم، فقال لها أبو بكر رضي الله عنه: ما فعل رسول الله ص فقالت له: هذه أمك تسمع، قال: فلا عين عليك منها، أي إنها لا تفشي سرك، قالت: سالم هو في دار الأرقم، فقال: والله لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله ص قالت أمه: فأمهلناه حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجنا به يتكىء عليّ حتى دخل على رسول الله ص فرقّ له رقة شديدة وأكب عليه يقبّله وأكب عليه المسلمون كذلك، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما بي من بأس إلا ما نال الناس من وجهي وهذه أمي برّة لو دعوت لها فعسى الله أن يستنقذها بك من النار، فدعا لها رسول الله ص ودعاها إلى الإسلام فأسلمت.
لا شك أن المسلمين في ذلك الوقت كانوا في خطر شديد، فقد كان لا يهدأ للمشركين بال إلا إذا أساءوا إليهم ولذلك كان الاستخفاء في غاية الحكمة، وبقي المسلمون مستخفين في دار الأرقم حتى كملوا أربعين رجلا، وكان آخرهم إسلاما عمر بن الخطاب، فلما كملوا به أربعين خرجوا وأظهروا إسلامهم.
تلك شجاعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقوة إيمانه وصدق يقينه، لقد وقف أمام المشركين وجها لوجه ولم يبال بكثرتهم وعرّض حياته الغالية للخطر ليدعوهم إلى الحق، إلى عبادة الله الواحد القهار ونبذ الشرك وخلع الوثنية فأصيب بشر ما يصاب به إنسان وكاد يقضى عليه، فلما أفاق كان أول ما تلفظ به السؤال عن رسول الله ص ولم ترتح نفسه وتطمئن حتى رآه بعينيه سالما معافى، فأين هذا من الذين يخالفون عقائدهم ويميلون مع الأهواء وينضمون إلى من يأنسون فيه القوة ويعينون على الباطل لمتاع مؤقت لا يلبث أن يزول؟.
لو كان المسلمون في بادىء أمرهم متهاونين مذبذبين لما ثبتت دعائم الإسلام وصار قوي الأركان، متين البنيان، بل لقُبِرَ في مهده، لكنه ارتفع على كواهل رجال أقوياء صادقين أدهشوا العالم بأعمالهم وجهادهم حتى خضعت لهم أمم الأرض فبمثل عمل هؤلاء فليهتد المصلحون.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
إظهار الإسلام سنة 613م
أمر الله سبحانه وتعالى النبي أن يصدع بما جاءه منه، وأن يدعو الناس إليه ويأمرهم به، وكان بين إخفاء رسول الله أمره واستتاره به وبين أمر الله تعالى إياه بإظهار دينه ثلاث سنين من بعثه، ثم قال الله تعالى له: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ لله} (الحجر: 94)، أي لا تبالِ بهم ولا تلتفت إلى لومهم إياك على إظهار الدعوة، وقال تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (الشعراء: 214 - 215)، فصعد رسول الله على الصفا، فقال: «يا معشر قريش»، فقالت قريش: محمد على الصفا يهتف، فأقبلوا واجتمعوا، فقالوا: ما لكَ يا محمد؟ قال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل أكنتم تصدقونني؟» قالوا: نعم أنت عندنا غير متهم وما جربنا عليك كذبا قط، قال: «فإني نذير لكم بين يديْ عذاب شديد، يا بني عبد المطلب، يا بني عبد مناف، يا بني زهرة - حتى عدد الأفخاذ من قريش - إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله»، فقال أبو لهب: - تبّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ - فأنزل الله تبارك وتعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ} (المسد: 1) السورة كلها، فلمّا سمع أبو لهب قوله: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ} قال: إن كان ما يقول محمد حقا افتديت منه بمالي وولدي فنزل: {مَآ أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} (المسد: 2)، وكان أبو لهب إذا سأله وفد عن النبي قال: إنه ساحر ومجنون لينصرفوا عنه قبل لقائه، وقد أغضبت هذه السورة أبا لهب فأظهر شدة العداوة وصار متهما فلم يقبل قوله في رسول الله فكأنه خاب سعيه وبطل غرضه، ورُوي عن طارق المحاربي أنه قال: رأيت رسول الله في السوق يقول: «أيها الناس: قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا»، ورجل خلفه يرميه بالحجارة وقد أدمى عقبيه، ويقول: لا تطيعوه فإنه كذاب، فقلت: من هذا؟ قالوا: محمد وعمه أبو لهب، أما امرأته فهي أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان بن حرب عمة معاوية فكانت أيضا في غاية العداوة لرسول الله وترمي الشوك في طريقه.
وعن الزهري أنه قال: دعا رسول الله إلى الإسلام سرا وجهرا فاستجاب لله من شاء من أحداث الرجال وضعفاء الناس حتى كثر من آمن به وكفار قريش غير منكرين لما يقول، فكان إذا مرّ عليهم في مجالسهم يشيرون إليه أنه غلام بني عبد المطلب يكلم من السماء فكان ذلك حتى عاب آلهتهم التي يعبدونها وذكر هلاك آبائهم الذين ماتوا على الكفر فشنفوا لرسول الله عند ذلك وعادوه.
وعن ابن عتبة أنه قال: لما أظهر رسول الله الإسلام ومن معه وفشا أمره بمكة ودعا بعضهم بعضا فكان أبو بكر يدعو ناحية سرا، وكان سعيد بن زيد مثل ذلك، وكان عمر وحمزة بن عبد المطلب وأبو عبيدة بن الجراح يدعون علانية، فغضبت قريش من ذلك وظهر منهم لرسول الله ص الحسد والبغي وأشخص به منهم رجال فبادوه وتستر آخرون وهم على ذلك الرأي إلا أنهم ينزهون أنفسهم عن القيام والإشخاص برسول الله ص وكان أهل العداوة والمباداة لرسول الله ص وأصحابه الذين يطلبون الخصومة والجدل: أبو جهل بن هاشم وأبو لهب بن عبد المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن قيس بن عدي وهو ابن الغليطة، والوليد بن المغيرة، وأُبيّ بن خلف، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، والعاص بن وائل، والنضر بن الحارث، ومنبه بن الحجاج، وزهير بن أبي أمية والسائب بن صيفي بن عابد، والأسود بن عبد الأسد، والعاص بن سعيد بن العاص، والعاص بن هاشم، وعقبة بن أبي مُعيط، وأبو الأصدى الهذلي، والحكم بن أبي العاص، وعدي بن الحمراء، وذلك أنهم كانوا جيرانهم، والذين كانت تنتهي عداوة رسول الله إليهم أبو جهل وأبو لهب وعقبة بن أبي معيط، وكان عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب أهل هداوة ولكنهم لم يشخصوا بالنبي ص نحو قريش ولم يسلم منهم أحد إلا أبو سفيان.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
عبد الله بن مسعود أول من جهر بالقرآن
كان أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله عبد الله بن مسعود، اجتمع يوما أصحاب رسول الله فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يُجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهم؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا، فقالوا: إنا نخشاهم عليه إنما نريد رجلا له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه، فقال: دعوني؛ فإن الله سيمنعني، فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام، فقال رافعا صوته: بسم الله الرحمن الرحيم: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْءانَ} (الرحمن: 1، 2)، فاستقبلها فقرأ فتأملوا، فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أم عبد؟ ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه، فقالوا: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله قط أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غدا، قالوا: حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون.
وقيل: إن أبا جهل لطمه فشق أذنه وأدماه فانصرف وعينه تدمع فلما رآه النبي عليه السلام رقّ قلبه وأطرق رأسه مغموما، فإذا جبريل عليه السلام يجيء ضاحكا مستبشرا فقال: «يا جبريل تضحك وابن مسعود يبكي؟» فقال: ستعلم، فلما ظفر المسلمون يوم بدر التمس ابن مسعود أن يكون له حظ في الجهاد، فقال عليه السلام: «خذ رمحك والتمس في الجرحى من كان به رمق فاقتله فإنك تنال ثواب المجاهدين»، فأخذ يطالع القتلى فإذا أبو جهل مصروع يخور، فخاف أن تكون به قوة فيؤذيه فوضع الرمح على منخره من بعيد فطعنه.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)