صفحة 13 من 21 الأولىالأولى ... 31112131415 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 49 إلى 52 من 84

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وقد اختلف في اللذين رفعهما يوسف على العرش، وأجلسهما عليه، فقال بعضهم: كان أحدهما أبوه يعقوب، والآخر أمه راحيل. وقال آخرونَ: بلْ كان الآخر خالته ليا وكانت أمه قد كانت ماتت قبل ذلك. وخرّ له يعقوب وأمه وولده يعقوب سجَّدًا.
    حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: " وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا " قال: كانت تحية الناس أن يسجد بعضهم لبعض، وقال يوسف لأبيه: " يا أبت هذا تأويلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًَّا:، يعني بذلك: هذا السجود منكم، يدل على تأويل رؤياي التي رأيتها من قبل، صنع إخوتي بي ما صنعوا، وتلك الكواكب الأحد عشر والشمس والقمر " قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًَّا ". يقول: قد حقق الرؤيا بمجيء تأويلها.
    وقيل كان بين أن أرِيَ يوسف رؤياه هذه ومجيء تأويلها أربعون سنة.
    ذكر بعض من قال ذلك
    حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا معتَمر، عن أبيه، قال: حدثنا أبو عثمان، عن سلمان الفارسي، قال: كان بين رؤيا يوسف إلى أن رأى تأويلها أربعون سنة.
    وقال بعضهم: كان بين ذلك ثمانون سنة.
    ذكر بعض من قال ذلك
    حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا هشام، عن الحسن، قال: كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا ثمانون سنة، لم يفارق الحزنُ قلبَه ودموعُه تجري على خدَّيه، وما على الأرض يومئذ أحبُّ إلى الله عز وجل من يعقوب.
    حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا داود بن مِهْران، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، وكان بين ذلك وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة، وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرين سنة، ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا مبارك بن فَضَالة، عن الحسن، قال: ألْقيَ يوسف في الجبّ، وهو ابن سبع عشرة سنة، فغاب عن أبيه ثمانين سنة، ثم عاش بعد ما جمع الله شمله، ورأى تأويل رؤياه ثلاثًا وعشرين سنة، فمات وهو ابن عشرين ومائة سنة.
    وقال بعض أهل الكتاب: دخل يوسف مصر وله سبع عشرة سنة، فأقام في منزل العزيز ثلاث عشرة سنة، قلما تمت له ثلاثون سنة استوزره فرعون ملك مصر، واسمه الريان بن الوليد بن ثروان بن أراشة بن قاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، وأنّ هذا الملك آمن، ثم مات، ثم ملك بعده قابوس بن مصعب بن معاوية بن نمير بن السلواس بن قاران بن عمرو ابن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح. وكان كافرًا، فدعاه يوسف إلى الإيمان بالله فلم يستجب إليه، وأن يوسفَ أوصّى إلى أخيه يهوذا، ومات وقد أتت له مائة وعشرون سنة، وأنّ فِراق يعقوب إياه كان اثنتين وعشرين سنة، وأن مقام يعقوب معه بمصر كان بعد موافاته بأهله سبع عشرة سنة، وأن يعقوب لما حضرتْه الوفاة أوصى إلى يوسف - وكان دخول يعقوب مصر في سبعين إنسانًا من أهله. وتقدم إلى يوسف عند وفاته أن يحمّل جسده حتى يدفنه بجنب أبيه إسحاق، ففعل يوسف ذلك به ومضى به حتى دفته بالشأم، ثم انصرف إلى مصر، وأوصى يوسف أن يحمَل جسده حتى يدفَن إلى جنب آبائه، فحمل موسى تابوت جسده عند خروجه من مصر معه.
    وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذُكر لي - والله أعلم - أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثمانيَ عشرة سنة.
    قال: وأهلُ الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها، وأنّ يعقوب بَقيَ مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة، ثم قبضه الله إليه. قال: وقبر يوسف - كما ذكر لي في - صندوق من مرمر في ناحية من النيل في جوف الماء.
    وقال بعضهم: عاش يوسف بعد موت أبيه ثلاثًا وعشرين سنة، ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة. قال: وفي التوراة أنه عاش مائة سنة وعشرين سنين.
    وولد ليوسف أفراييم بن يوسف ومنشا بن يوسف، فولد لإفراييم نون، فولد لنون إفراييم يوشع بن نون وهو فتى موسى، وولد لمنشا موسى بن منشا.
    وقيل: إن موسى بن منشا نبّئ قبل موسى بن عمران.
    ويزعم أهل التوراة أنه الذي طلب الخضر.
    قصة الخضر وخبره وخبر موسى وفتاه يوشع عليهم السلام

    قال أبو جعفر: كان الخضر ممن كان في أيام أفريدون الملك بن أثفيان في قول عامّة أهل الكتاب الأوّل، وقبل موسى بن عمران . وقيل إنه كان على مقدمة ذي القَرْنين الأكبر، الذي كان أيام إبراهيم خليل الرحمن ، وهو الذي قضى له ببئر السبع - وهي بئر كان إبراهيم احتفرها لماشيته في صحراء الأردنّ - وإنّ قومًا من أهل الأردنّ ادّعوا الأرض التي كان احتفر بها إبراهيم بئره، فحاكمهم إبراهيم إلى ذي القرنين الذي ذكر أن الخَضِر كان على مقدمته أيامَ سَيْره في البلاد، وإنه بلغ مع ذي القرنين نهرَ الحياة، فشرب من مائه وهو لا يعلم، ولا يعلم به ذو القرنين ومن معه، فخلِّد، فهو حي عندهم إلى الآن.
    وزعم بعضهم أنه من ولد مَن كان آمن بإبراهيم خليل الرحمن، واتبعه على دينه، وهاجر معه من أرض بابل حين هاجر إبراهيم منها. وقال: اسمه بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، قال: وكان أبوه ملكًا عظيمًا.
    وقال: آخرون ذو القرنين الذي كان على عهد إبراهيم هو أفريدون بن أثفيان، قال: وعلى مقدمته كان الخضر.
    وقال عبد الله بن شوذب فيه ما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال: حدثنا محمد بن المتوكل، قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن عبد الله بن شَوْذب، قال: الخضر من ولد فارس، وإلياس من بني إسرائيل، يلتقيان في كلّ عام بالموسم.
    وقال ابن إسحاق فيه ما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: بلغني أنه استخلف الله عز وجل في بني إسرائيل رجلًا منهم، يقال له ناشية بن أموص، فبعث الله عز وجل لهم الخضر نبيًَّا. قال: واسم الخضر - فيما كان وهب بن منبّه يزعم عن بني إسرائيل - أو رميا بن خلقيا، وكان من سبْط هارون بن عمران. وبين هذا الملك الذي ذكره ابن إسحاق وبين أفريدون أكثر من ألف عام.
    وقول الذي قال: إن الخضر كان في أيام أفريدون وذي القرنين الأكبر وقبل موسى بن عمران أشبه بالحق إلا أن يكون الأمر كما قاله مًنْ قال إنه كان على مقدمة ذي القرنين صاحب إبراهيم، فشرب ماء الحياة، فلم يبعث في أيام إبراهيم نبيًّا، وبعث أيام ناشية بن أموص؛ وذلك أنّ ناشية بن أموص الذي ذكر ابن إسحاق أنه كان ملكًا على بني إسرائيل، كان في عهد بشتاسب بن لهراسب، وبين بشتاسب وبين أفريدون من الدهور والأزمان ما لا يجهله ذو علم بأيام الناس وأخبارهم، وسأذكر مبلغ ذلك إذا انتهينا إلى خبر بشتاسب إن شاء الله تعالى.
    وإنما قلنا: قول من قال: كان الخضر قبل موسى بن عمران أشبهُ بالحق من القول الذي قاله ابن إسحاق وحكاه عن وهب بن منبّه، للخبر الذي رَوَىَ عن رسول الله أبي بن كعب، أنّ صاحب موسى بن عمران - وهو العالم الذي أمره الله تبارك بطلبه إذ ظن أنه لا أحدَ في الأرض أعلم منه - هو الخضر، ورسول الله كان أعلمَ خلق الله بالكائن من الأمور الماضية، والكائن منها الذي لم يكن بعد.
    والذي روى أبي بن كعب في ذلك عنه ما حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد، قال: قلت لابن عباس: إن نوفًا يزعم أن الخضر ليس بصاحب موسى، فقال كذبَ عدو الله، حدثنا أبي بن كعب عن رسول الله قال: إن موسى قام في بني إسرائيل خطيبًا فقيل: أي الناس أعلم. فقال: أنا، فعتب الله عليه حين لم يردّ العلم إليه، فقال: بل عبدٌ لي عند مجمع البحرين، فقال: يا ربّ، كيف به؟ قال: تأخذ حوتًا فتجعله في مكْتل فحيث تفقده فهو هناك. قال: فأخذ حوتًا فجعله في مكتل، ثم قال لفتاه: إذا فقدتَ هذا الحوت فأخبرني. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر حتى أتيا صخرة، فرقّد موسى فاضطرب الحوت في المكتل، فخرج فوقع في البحر، فأمسك الله عنه جَرْية الماء فصار مثل الطاق، فصار للحوت سرَبًا، وكان لهما عجبًا. ثم انطلقا، فلما كان حين الغذاء قال موسى لفتاه: " آتِنَا غَذَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هذَا نَصَبًا " قال: ولم يجد موسى النصَب حتى جاوز حيث أمَره الله، قال: فقال: " أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إلَى الصَّخْرَةِ فإني نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أذْكُرَهُ وَاُتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَبًا " قال: فقال: " ذَلكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ". قال: يقّصان آثارهما. قال: فأتيا الصخرة فإذا رجل نائم مسجَّى بثوبه، فسلّم عليه موسى فقال: وأنَّى بأرضنا السلام! قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: يا موسى، إني على علْم من علم الله، علَّمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم من علم الله علّمكه الله لا أعلمه، قال: فإني أتبعك على أن تعلمني ممَّا عُلمْتَ رُشْدًا. " قال فَإِنِ اُتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ". فانطلقا يمشيان على الساحل، فإذا بملاح في سفينة، فعرف الخضر، فحمله بغير نَوْل، فجاء عصفور فوقع على حرفها فنقر - أو فنقد - في الماء، فقال الخضر لموسى: ما ينقص علمي وعلمك من علم الله إلا مقدار ما نقر - أو نقد - هذا العصفور من البحر.
    قال أبو جعفر: أنا أشكُّ، وهو في كتابي هذا " نقر " قال: فبينما هم في السفينة لم يُفجأ موسى إلا وهو يتد وتدًا أو ينزع تخْتًا منها، فقال له يا موسى: حمَلنا بغير نَوْل وتخرقها لتُغْرقَ أهْلها! " لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إمْرًا، قَالَ أَلَمْ أقُلْ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا لَا تُؤاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ " - قال: فكانت الأولى من موسى نسيانًا - قال: ثم خرجا فانطلقا يمشيان، فأبصرا غلامًا يلعب مع الغلمان، فأخذ برأسه فقتله، فقال له موسى: " أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا، أَلَمْ أقُلْ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَالَ إنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذرًا ".
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فانطلقا حتى أتيا أهلَ قرية استطعما أهلها، فلم يجدا أحدًا يطعمهم ولا يسقيهم، فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقضّ فأقامه بيده - قال: مسحه بيده - فقال له موسى: لم يُضيفونا ولم ينزلونا، " لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْرًا ". " قَالَ هذا فِراقٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " قال: فقال رسول الله : " لوددت أنه كان صبَر حتى يقصّ علينا قصصهم ".
    حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرني أبي قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس: أنه تمارى هو والحُرّ بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فقال ابن عباس: هو الخضر، فمر بهما أبي بن كعب، فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى عليه السلام الذي سأل السبيلَ إلى لقائه، فهل سمعت رسول الله يذكر شأنه؟ قال: نعم إني سمعت رسول الله يقول: " بينا موسى عليه السلام في ملأِ من بني إسرائيل، إذ جاءه رجل فقال: تعلم مكان أحد اعلم منك؟ قال موسى: لا، فأوحى إلى موسى: بَلى عبدنا الخَضِر، فسأل موسى السبيلَ إلى لقائه، فجعل الله الحوت آية، وقال له: إذا افتقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان موسى يتبع أثر الحوت، - في البحر فقال فتى موسى لموسى: " أرأيْت إذْ أوَيْنا إلى الصخرةِ فإني نسيتُ الحوتَ " -، وقال موسى: " ذلك ما كُنّا نَبْغِ فارتدَّا على آثارهما قصَصًا "، فوجدا الخضر، فكان من شأنهما ما قصّ الله في كتابه ".
    حدثني محمد بن مرزوق قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا عبد الله بن عمر النيمري، عن يونس بن يزيد، قال: سمعت الزهري يحدث قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس: أنه تمارى هو والحُرّ بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فذكر نحو حديث العباس عن أبيه.
    حدثنا محمد بن مسعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس؛ قوله: " وإذْ قال موسى لفتاهُ لا أبْرَحُ حتى أبْلُغَ مجْمَعَ البحرينِ.. " الآية، قال: لما ظهر موسى وقومه على مصر نزل قومه مصر، فلما استقرت بهم الدار، أنزل الله عز وجل عليه: أن ذكِّرهم بأيام الله. فخطب قومه، فذكَر ما آتاهم الله من الخير والنعمة، وذكَّرهم إذ أنجاهم الله من آل فرعون، وذكّرهم هلاك عدوهم، وما استخلفهم الله في الأرض، فقال: وكلم الله موسى نبيكم تكليمًا، واصطفاني لنفسه، وأنزل على محبة منه، وآتاكم الله من كل ما سألتموه، فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرؤون التوراة. فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا ذكرها وعرّفها إياهم، فقال له رجل من بني إسرائيل: هو كذلك يا نبي الله، وقد عرفْنا الذي تقول، فهل على الأرض أحدٌ أعلم منك يا نبي الله؟ قال: لا، فبعث الله عز وجل جبرئيل عليه السلام إلى موسى عليه السلام فقال: إن الله تعالى يقول: وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى إن على شطّ البحر رجلًا أعلم منك - قال ابن عباس: هو الخضر - فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه أن ائت البحر، فإنك تجد على شط البحر حوتًا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شطّ البحر، فإذا نسيت الحوت وهلك منك، فثمّ تجد العبد الصالح الذي تطلب.
    فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه، سأل فتاه عن الحوت، فقال له فتاه وهو غلامه: " أرأيت إذْ أويْنا إلى الصخرةِ فإني نسيت الحوتَ، وما أنسانيه إلا الشيطانُ أنْ أذكُره " لك. قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربًا. فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتي الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدّم عصاه يفرج بها عنه الماء، يتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئًا من الماء إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نبي الله صلى الله عليه يعجب من ذلك حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلقي الخضر بها، فسلّم عليه، فقال الخضر: وعليك السلام، وأنى يكون هذا السلام بهذه الأرض! ومن أنت؟ قال: أنا موسى، فقال له: الخضر صاحب بني إسرائيل؟ قال: نعم، فرحَّب به وقال: ما جاء بك؟ جئت على أن تعلّمني مما علمت رشدًا، قال: " إنك لن تستطيعَ معيَ صبرًا "، يقول: لا تطيق ذلك، قال موسى: " ستجدُني إنْ شاء اللهُ صابرًا ولا أعصي لك أمرًا ". قال: فانطلق به، وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله: " حتى أُحْدِثَ لك منه ذِكْرًا ". فركبا في السفينة يريدان أن يتعديا إلى البرّ، فقال الخضر، فخرق السفينة فقال له موسى: أخرقْتَها لتُغرِقَ أهلها لقد جئتَ شيئًا إمْرًا ".. ثم ذكر بقية القصّة.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القُمّي، عن هارون بن عنترة عن أبيه، عن ابن عباس قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال: أي ربّ؛ أيُّ عبادك أحبُّ إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني، قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال أي ربٍّ، أيُّ عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علْم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى، أو تردّه عن ردّي، قال: ربّ فهل في الأرض أحد - قال أبو جعفر أظنه قال: أعلم مني؟ قال: نعم، قال: ربّ، فمن هو؟ قال: الخضر، قال: وأين أطلبه؟ قال: على الساحل، عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت، قال: فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكره الله عز وجل وانتهى موسى إليه عند الصخرة، فسلّم كلُّ واحد منهما على صاحبه، فقال له موسى: إني أريد أن تستصحبني، قال: لن تطيق صحبتي، قال: بلى، قال: فإن صحبتي " فلا تسألني عن شيء حتى أحْدِثَ لك منه ذِكْرًا، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقَها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا إمْرًا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا تُرهقْني من أمري عُسْرًا، فانطلقا حتى إذا لقيا غُلامًا فقتله قال أقتلْتَ نَفْسًا زاكيةً بغير نفْسٍ لقد جئت شيئًا نُكْرًا "، إلى قوله: " لاتّخذت عليه أجرًا ".
    قال: فكان قول موسى في الجدار لنفسه " لاتّخذت عليه أجرًا " ولطلب شيء من الدنيا، وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز وجل. " قال هذا فراق بيني وبينك سأُنبِّئك بتأويلِ ما لم تستطعْ عليه صبرًا "، فأخبره بما قال الله: " أما السفينة فكانت لمساكينَ.. " الآية، " وأما الغلام.. " الآية، " وأما الجدارُ.. " الآية. قال: فسار به في البحر حتى انتهى به إلى مجمع البحرين، وليس في الأرض مكان أكثر ماءً منه، قال: وبعث ربك الخُطّاف، فجعل يستقي منه بمنقاره، فقال لموسى: كم ترى هذا الخُطّاف رزأ من هذا الماء؟ قال: ما أقلّ ما رزأ! قال: يا موسى فإنّ علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخُطّاف من هذا الماء. وكان موسى عليه السلام قد حدث نفسه أنه ليس أحدُ أعلمَ منه، أو تكلم به؛ فمن ثَمّ أمِر أن يأتي الخضر.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عُمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، قال: جلست عند ابن عباس وعنده نفرٌ من أهل الكتاب، فقال بعضهم: يا أبا العباس إن نَوْفًا ابن امرأة كعب، ذكر عن كعب أن موسى النبي عليه السلام الذي طلب العالم إنما هو موسى بن منشا. قال سعيد: فقال ابن عباس: أنوْفٌ يقول هذا؟ قال سعيد: فقلت له: نعم، أنا سمعت نوْفًا يقول ذلك، قال: أنت سمعته يا سعيد؟ قال: قلت: نعم، قال: كذب نوْف. ثم قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب عن رسول الله أن موسى نبي إسرائيل سأل ربه تبارك وتعالى فقال: أي رب، إن كان في عبادك أحدٌ أعلم مني فادللني عليه، فقال له: نعم في عبادي مٍنْ هو أعلم منك، ثم نعَت له مكانه، وأذن له في لقائه، فخرج موسى عليه السلام ومعه فتاه، ومعه حوت مليح قد قيل له: إذا حَيِيَ هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك، وقد أدركتَ حاجتهم.
    فخرج موسى ومعه فتاه، ومعه ذلك الحوت يحملانه، فسار حتى جهده السير، وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء وذلك الماء، ماء الحياة، مَنْ شرب منه خُلِّد، ولا يقاربه شيء ميت إلا أدركته الحياة وحيي. فلما نزلا منزلًا ومسّ الحوتُ الماء حيي، فاتخذ سبيله في البحر سربًا، فانطلق فلما جاوزا بمنقلة قال موسى لفتاه: " آتِنا غَذاءَنا لقد لَقَينا منْ سفرِنا هذا نصَبًا ". قال الفتى وذكر: " أرأيت إذ أويْنا إلى الصخرة فإني نسيتُ الحوتَ وما أنسانيه إلا الشيطان أنْ أذكُرَه واتخذ سبيلَه في البحر عجبًا ". قال ابن عباس: وظهر موسى على الصخرة حتى انتهيا إليه، فإذا رجل متلفّف في كساء له، فسلم عليه موسى، فرد عليه السلام، ثم قال له: ومنْ أنت؟ قال: أنا موسى ابن عمران، قال: صاحب بني إسرائيل؟ قال: نعم أنا ذلك، وما جاء بك إلى هذه الأرض؛ أنْ لك في قومك لشُغْل! قال له موسى: جئتك لتعلّمني مما عُلّمت رشدًا، قال: إنك لن تستطيع معي صبرًا، وكان رجلًا يعمل على الغيب قد علم ذلك، فقال موسى: بلى، قال: " وكيف تصبر على ما لم تُحط به خُبْرًا "، أي إنما تعرف ظاهر ما ترى من العدل ولم تُحط من علم الغيب بما أعلم. " قال ستجدني إنْ شاء الله صابرًا ولا أعصي لك أمْرًا " وإن رأيتُ ما يخالفني. قال: " فإن اتَّبعْتَني فلا تسألني عن شيءٍ حتى أحْدِثَ لك منه ذِكْرًا "، أي فلا تسألني عن شيء وإن أنكرته حتى أحدث لك منه ذكرًا، أي خبرًا. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرّضان الناس، يلتمسان منْ يحملهما حتى مرّت بهما سفينة جديدة وثيقة، لم يمرّ بهما شيء من السفن أحسن ولا أجمل ولا أوثق منها، فسألا أهلها أن يحملوهما، فحملوهما، فلما اطمأنّا فيها، ولجّجت بهما مع أهلها، أخرج منقارًا ومطْرقة، ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها، ثم أخذ لوحًا فطبّقه عليها، ثم جلس عليها يرقعها، قال له موسى: فأي أمر أفظع من هذا! " أخرقتها لتُغرِق أهلها لقد جئت شيئًا إمْرًا "! حملونا وآوونا إلي سفينتهم، وليس في البحر سفينة مثلها، فلم خرقتها! قال: " ألم أقلْ إنك لن تستطيعَ معيَ صبْرًا، قال لا تؤاخذْني بما نسيت "، أي بما تركت من عهدك " ولا ترهِقْني منْ أمْري عُسرًا ". ثم خرجا من السفينة، فانطلقا حتى أتيا أهلَ قرية، فإذا غلمان يلعبون، فيهم غلامٌ ليس في الغلمان غلام أظرفُ ولا اترفُ ولا أوضأ منه، فأخذ بيده وأخذ حجرًا فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله. قال: فرأى موسى أمرًا فظيعًا لا صبْرَ عليه، صبي صغير قتله بغير جناية ولا ذنب له! فقال: " أقتلت نفْسًا زاكية بغير نفسٍ "، أي صغيرة بغير نفس، " لقد جئت شيئًا نُكرًا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معيَ صبرًا، قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تُصاحبْني قد بلغتَ منْ لدُنِّي عُذرًا "، أي قد أعذرت في شأني. " فانطلقا حتى أتيا أهلَ قرية استطعما أهلَها فأَبْوا أن يُضيفوهما فوَجَدا فيها جدارًا يريدُ أن ينقضَّ فأقامه:، فهدمه ثم قعد يبينه، فضجر موسى مما رآه يصنع من التكلف لما ليس عليه صبر، فقال: " لو شئت لاتخذت عليه أجرًا " أي قد استطعمناهم فلم يُطعمونا، واستضفناهم فلم يُضيفونا، ثم قعدت تعمل في غير صنيعة، ولو شئت لأعطيت عليه أجرًا في عمله " قال هذا فِراقٌ بيني وبينكً سأُنبِّئُك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا، أما السفينة فكانت لمساكينَ يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملِكٌ يأخذ كل سفينةٍ - وفي قراءة أبي بن كعب: كلَّ سفينة صالحة - غصبًا "، وإنما عبتها لأردّه عنها، فسلمتْ منه حين رأى العيب الذي صنعتُ بها. " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخَشَيْنا أن يُرهقَهما طُغيَانًا وكُفْرًا، فأردنا أن يُبْدِلُهُما ربُّهُما خيرًا منهُ زكاةً وأقربَ رُحْمًا، وأما الجدارُ فكان لغُلامين يتيمين في المدينةِ وكان تحته كنزٌ لهُما وكان أبُهُما صالحًا " - إلى - " ما لم تستطع عليه صبرًا ". فكان ابن عباس يقول: ما كان الكنز إلا علمًا.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عُمارة، عن أبيه، عن عكرمة، قال: قيل لابن عباس: لم نسمع لفتى موسى بذكر من حديث وقد كان معه! فقال ابن عباس فيما يذكر من حديث الفتى، قال: شرب الفتى من ماء الخلد فخلِّد، فأخذه العالم فطابق به سفينة، ثم أرسله في البحر، فإنها لتموج به إلى يوم القيامة، وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه فشرب.
    حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن شعبة، عن قتادة، قوله: " فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتَهما "، ذُكر لنا أن نبي الله موسى لما قطع البحر وأنجاه الله من آل فرعون، جمع بني إسرائيل فخطبهم فقال: أنتم خيرُ أهل الأرض وأعلمُهم قد أهلك الله عدوكم، وأقطعكم البحر وأنزل عليكم التوراة، قال: فقيل له: إن ها هنا رجلًا هو أعلم منك قال: فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه، فتزودا مملوحة في مكتل لهما، وقيل لهما: إذا نسيّمًا ما معكما لقيتما رجلًا عالمًا يقال له الخضر، فلما أتيا ذلك المكان، رد الله إلى الحوت روحَه فسرَّب له من الجُدّ حتى أفضى إلى البحر، ثم سلك فجعل لا يسلك فيه طريقًا إلا صار ماء جامدًا، قال: ومضى موسى وفتاه، يقول الله عز وجل: فلما جاوزوا قال لفتاه آتنا غَذاءنا لقد لقِينا من سفرنا هذا نصَبًا " - إلى قوله -: " وعلّمناه منْ لدُنّا عِلمًا "، فلقيا رجلًا عالمًا يقال له الخِضر، فذُكر لنا أن نبي الله قال: إنما سمي الخِضر خضرًا لأنه قعد على فروة بيضاء فاهتزّت به خضراء.
    فهذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله وعن السلف من أهل العلم تنبئ عن أن الخِضرَ كان قبل موسى وفي أيامه، ويدلّ على خطأِ قول من قال: إنه أورميا بن خلقيا، لأن أورميا كان في أيام بختنصّر، وبين عهدي موسى وبختنصّر من المدة ما لا يشكل قدرها على أهل العام بأيام الناس وأخبارهم؛ وإنما قدمنا ذكره وذكر خبره لأنه كان في عهد أفريدون فيما قيل؛ وإن كان قد أدرك على هذه الأخبار التي ذكرت من أمره وأمر موسى وفتاه أيام منُوشهر وملكه، وذلك أن موسى إنما نُبّئ في عهد منوشهر، وكان ملك منوشهر بعد ما ملك جده أفريدون، فكلّ ما ذكرنا من أخبار مَن ذكرنا أخباره من عهد إبراهيم إلى الخبر عن الخضر عليهما السلام، فإن ذلك كله - فيما ذكر - كان في ملك بِيُورَاسب وأفريدون، وقد ذكرنا فيما مضى قبل أخبارَ أعمارهما ومبلغهما ومدة كل واحد منهما.
    ونرجع الآن إلى


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر يعقوب وأولاده

    ذكروا والله أعلم أن إسحاق بن إبراهيم عاش ما بعد ما ولد له العيص ويعقوب مائة سنة، ثم توفي وله مائة وستون سنة فقبّره ابناه: العيص ويعقوب عند قبر أبيه إبراهيم في مزرعة حَيْرون، وكان عمر يعقوب بن إسحاق كله مائة وسبعًا وأربعين سنة، وكان ابنه يوسف قد قُسِم له ولأمِّه من الحسن ما لم يقسم لكثير من أحد من الناس.
    وقد حدثني عبد الله بن محمد وأحمد بن ثابت الرازيان، قالا: حدثنا عفان بن مسلم، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت - البناني - عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: " أعطى يوسف وأمّه شَطْر الحسن ".
    وأن أمه راحيل لما ولدتْه دفعه زوجها يعقوب إلى أخته تحضنه، فكان من شأنه وشأن عمّته التي كانت تحضنه ما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نَجيح، عن مجاهد، قال: كان أول ما دخل على يوسف من البلاء فيما بلغني أن عمته ابنة إسحاق، وكانت أكبر ولد إسحاق، وكانت إليها صارت مِنْطقة إسحاق، وكانوا يتوارثونها بالكِبَر، فكان من اختانها مَن وليها كان له سلَمًا لا ينازَع فيه، يصنع فيه ما شاء، وكان يعقوب حين ولد له يوسف قد كان حضنْته عمته، فكان معها وإليها، فلم يجب أحد شيئًا من الأشياء حبَّها إياه، حتى إذا ترعرع وبلغ سنوات، ووقعت نفس يعقوب عليه، فقال: يا أخيَّة سلِّمي إلى يوسف، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة، قالت: والله ما أنا بتاركته؛ قال: فوالله ما أنا بتاركه. قالت: فدعه عندي أيامًا أنظر إليه وأسكن عنه، لعل ذلك يسلّيني عنه - أو كما قالت - فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى مِنطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت مِنطقة إسحاق، فانظروا مِنْ أخذها ومن أصابها، فالتُمست ثم قالت: كَشَّفوا أهل البيت، فكشَّفوهم فوجدوها مع يوسف، فقالت: والله إنه لي لَسَلَم أصنع فيه ما شئت. قال: وأتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال لها: أنت وذاك، إن كان فعل ذلك فهو سَلمَ لك، ما أستطيع غير ذلك فأمسكته، فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت. قال: فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه: " إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ".
    قال أبو جعفر: فلما رأت إخوة يوسف شدة حبّ والدهم يعقوب إياه في صباه وطفولته وقلّة صبره عنه حسدوه على مكانه منه، وقال بعضهم لبعض: " لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحبُّ إلَى أَبِيْنا مِنَّا ونَحْنُ عُصْبَةٌ ". يعنون بالعصبة الجماعة، وكانوا عشرة: " إنَّ أَبَانَا لَفِيْ ضَلَالٍ مُبِيْنٍ ".
    ثم كان من أمره وأمر يعقوب ما قد قصَّ الله تبارك وتعالى في كتابه من مسألتهم إياه إرساله إلى الصحراء معهم، ليسعى وينشط ويلعب، وضمانِهم له حفظَه، وإعلام يعقوب إياهم حزنَه بمغيبه عنه، وخوفه عليه من الذئب، وخداعهم والدهم بالكذب من القول والزور عن يوسف، ثم إرساله معهم وخروجهم به وعزمهم حين برزوا به إلى الصحراء على إلقائه في غيابة الجب، فكان من أمره حينئذ - فيما ذكر - ما حدثنا ابنُ وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن أسباط، عن السدي قال: أرسله - يعني يعقوبُ يوسفَ - معهم، فأخرجوه وبه عليهم كرامة، فلما برزوا إلى البريّة أظهروا له العداوة، وجعل أخوه يضربه فيستغيث بالآخر فيضربه، فجعل لا يرى منهم رحيمًا، فضربوه حتى كادوا يقتلونه، فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه يا يعقوب! لو تعلم ما يصنع بابنك بنو الإماء! فلما كادوا يقتلونه، قال يهوذا: أليس قد أعطيتموني موثقًا ألا تقتلوه! فانطلقوا به إلى الجبّ ليطرحوه، فجعلوا يُدْلونه في البئر فيتعلق بشفيرها، فربطوا يديه، ونزعوا قميصه، فقال: يا إخوتاه، ردُّوا علي قميصي أتوارى به في الجبّ! فقالوا: ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبًا تؤنسك، قال: إني لم أر شيئًا، فدلُّوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادةَ أن يموت، فكان في البئر ماء، فسقط فيه، ثم أوى إلى صخرة فيها، فقام عليها، فلما ألقَوْه في الجبّ جعل يبكي، فنادوْه، فظنّ أنّها رحمة أدركتهم، فأجابهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه، فقام يهوذا، فمنعهم وقال: قد أعطيتموني موثِقًا ألّا تقتلوه، وكان يهوذا يأتيه بالطعام.
    ثم خبره تبارك وتعالى عن وحيه إلى يوسف عليه والسلام وهو في الجب ليُنبَشِّنَّ إخوته الذين فعلوا به ما فعلوا بفعلهم ذلك وهم لا يَشعُرونَ بالوحي الذي أوحى إلى يوسف. كذلك روى ذلك عن قتادة. حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: " وَأَوْحَيْنا إليه لَنُنَبِّنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذَا "، قال: أوحي إلى يوسف وهو في الجبّ أن ينبّئهم بما صنعوا به " وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ " بذلك الوحي.
    حدثني المثنّى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة بنحوه، إلا أنه قال: أن سينبِّئهم.
    وقيل معنى ذلك: وهم لا يشعرون أنه يوسف، وذلك قول يروى عن ابن عباس؛ حدثني بذلك الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا صدقة بن عبادة الأسدي، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول ذاك، وهو قول ابن جريج.
    ثم خبره تعالى عن إخوة يوسف ومجيئهم إلى أبيه عشاءً يبكون، يذكرون له أن يوسف أكله الذئب، وقول والدهم: " بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ ".
    ثم خبّره جلاله عن مجيء السيارة، وإرسالهم واردهم، وإخراج الوارد يوسف وإعلامه أصحابه به بقوله: " يَا بُشْراي هَذَا غُلَامٌ " يبشرهم.
    حدثنا بشْر بن مُعًاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: " يَا بُشْراي هَذَا غُلَامٌ "، تباشروا به حين أخرجوه - وهي بئر بأرض بيت المقدس معلوم مكانها.
    وقد قيل: إنما نادى الذي أخرج يوسف من البئر صاحبًا له يسمى بُشْرى، فناداه باسمه الذي هو اسمه. كذلك ذكر عن السُّدِّي. حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا خلف بن هشام، قال: يحيى بن آدم، عن قيس بن الربيع، عن السدي في قوله: " يَا بُشْراي "، قال: كان اسم صاحبه بشرى.
    حدثني المثنّى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي في قوله: " يَا بُشْراي هَذَا غُلَامٌ "، قال: اسم الغلام بشرى، كما تقول: يا زيد.
    ثم خبره عز وجل عن السيارة وواردهم الذي استخرج يوسف من الجبّ إذ اشتروه من إخوته " بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودةٍ "، على زُهْد فيه وإسرارهم إياه بضاعة، خيفة ممن معهم من التجار مسألتهم الشركة فيه، إن هم علموا أنهم اشتروه.
    كذلك قال في ذلك أهل التأويل: حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد: " وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً "، قال: صاحب الدلو ومن معه قالوا لأصحابهم: إنا استبضعناه خيفة أن يستشركوهم فيه إن علموا بثمنه، وتبعهم إخوته يقولون للمُدلي وأصحابه: استوثقوا منه لا يأبَق، حتى وقفوه بمصر فقال: مَن يبتاعني ويبشّر! فاشتراه الملك، والملك مُسلم.
    حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد بنحوه؛ غير أنه قال: خيفة أن يستشركوهم إن علموا به، واتبعهم إخوته، يقولون للمدلي وأصحابه: استوثقوا منه لا يأبق حتى وقفوه بمصر.
    حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي: " وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً "، قال: لما اشتراه الرجلان فرِقوا من الرفقة أن يقولوا: اشتريناه فيسْألونَهم الشركة فيه فقالوا: إن سألونا: ما هذا؟ قلنا: بضاعة، استبضعناه أهل الماء، فذلك قوله: " وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ".
    فكان بيعهم إياه ممن باعوه منه بثمن بخس، وذلك الناقص القليل من الثمن الحرام.
    وقيل إنهم باعوه بعشرين درهمًا، ثم اقتسموها - وهم عشرة - درهَمين درهمين، وأخذوا العشرين معدودة بغير وزن؛ لأن الدراهم حينئذ - فيما قيل - إذا كانت أقلَّ من أوقية وزنها أربعون درهمًا لم تكن توزن، لأن أقلّ أوزانهم يومئذ كانت أوقية.
    وقد قيل: إنهم باعوه بأربعين درهمًا. وقيل: باعوه باثنين وعشرين درهمًا.
    وذكر أن بائعه الذي باعه بمصر كان مالك بن دعر بن يوبب ابن عفقان بن مديان بن إبراهيم الخليل عليه السلام. حدثنا بذلك ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
    وأما الذي اشتراه بها وقال: " لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ "؛ فإن اسمه - فيما ذكر عن ابن عباس - قُطْفير. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: كان اسم الذي اشتراه قطفير.
    وقيل إن اسمه أطفير، بن رُوحيب، وهو العزيز، وكان على خزائن مصر، والملك يومئذ الرَّيان بن الوليد، رجل من العماليق، كذلك حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق.
    فأما غيره فإنه قال: كان يومئذ الملك بمصر وفرعونها الرَّيان بن الوليد بن ثروان بن أراشة بن قاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح.
    وقد قال بعضهم: إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتَّبع يوسف على دينه، ثم مات ويوسف بعدُ حيٍّ، ثم ملك بعده قابوس بن مُصعب بن معاوية بن نمير بن السلواس بن قاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام، وكان كافرًا، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى أن يقبل.
    وذكر بعضُ أهل التوراة أن في التوراة: أن الذي كان من أمر يوسف وإخوته والمصير به إلى مصر، وهو ابن سبع عشرة سنة يومئذ، وأنه قام في منزل العزيز الذي اشتراه ثلاث عشرة سنة، وأنه لما تمّتْ له ثلاثون سنة استوزره فرعون مصر؛ الوليد بن الريان، وأنه مات يوم مات وهو ابن مائة سنة وعشر سنين وأوصى إلى أخيه يهوذا، وأنه كان بين فراقه يعقوب واجتماعه معه بمصر اثنتان وعشرون سنة، وأم مقام يعقوب معه بمصر بعد موافاته بأهله سبع عشرة سنة، وأن يعقوب أوصى إلى يوسف عليه السلام.
    وكان دخول يعقوب مصر في سبعين إنسانًا من أهله، فلما اشترى أطفير يوسف، وأتى به منزله، قال لأهله واسمها - فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق - راعيل: " أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا " فيكفينا إذا هو بلغ وفهم الأمور بعضَ ما نحن بسبيله من أمورنا: " أَوَ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا "، وذلك أنه كان - فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق - رجلًا لا يأتي النساء، وكانت امرأته راعيل حسناء ناعمة في مُلك ودنيا، فلما خلا من عمْر يوسف عليه السلام ثلاث وثلاثون سنة أعطاه الله عز وجل الحكم والعلم.
    حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: " آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ": قال: العقل والعلم قبل النبوة.
    " وَرَاوَدَتْهُ " حين بلغ من السنّ أشدّه: الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ " - وهي راعيل امرأة العزيز أطفير - " وَغَلَّقَتِ اْلأَبْوَابَ " عليه وعليها للّذي أرادت منه، وجعلت - فيما ذكر - تذكر ليوسف محاسنه تشوقه بذلك إلى نفسها.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    حدثني بذلك الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا سفيان، قال: أخبرَني رجل، عن مجاهد: وكان فيما نادى به منادي يوسف: مَنْ جاء بصُواع الملك فله حمْلُ بعير من الطعام، وأنا بإيفائه ذلك زعيم - يعني " كفيل " - وإنما قال القوم: " لقدْ علِمْتُمْ ما جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي اْلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِين "، لأنهم ردوا ثمن الطعام الذي كان كيل لهم المرة الأولى في رحالهم. فردوه إلى يوسف، فقالوا: لو كنا سارقين لم نردد ذلك إليكم - وقيل إنهم كانوا معروفين بأنهم لا يتناولون ما ليس لهم، فلذلك قالوا ذلك - فقيل لهم: ما جزاء من كان سرق ذلك؟ فقالوا: جزاؤه في حُكمنا بأن يسلِّم لفعله ذلك إلى مّنْ سرقه حتى يسترقّه.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: " قالوا فما جَزَاؤه إن كنتمْ كاذِبين، قالوا جزاؤه مَنْ وُجدَ فِي رَحْلِهِ فهوَ جزاؤه " تأخذونه، فهو لكم. فبدأ يوسف بأوعية القوم قبل وعاء أخيه بنيامين، ففتّشها ثم استخرجها من وعاء أخيه لأنه أخّر تفتيشه.
    حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زُريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنه كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثّمًا مما قَرفَهم به، حتى بقيَ أخوه - وكان أصغر القوم - قال: ما أرى هذا أخذ شيئًا. قالوا: بلى فاستبرئه، ألَا وقد علموا حيث وضعوا سقايتهم. " ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعاءِ أخيه كذلك كِدْنا ليوسفَ ما كانَ لِيأخُذَ أخاه في دِينِ المَلِكِ ". يعني في حكم الملك، ملك مصر، وقضائه لأنه لم يكن من حكم ذلك الملك وقضائه أن يُسْترَقّ السارق بما سرق، ولكنّه أخذه بكيد الله له حتى أسلمه رفقاؤه وإخوته بحكمهم عليه وطيب أنفسهم بالتسليم.
    حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد: قوله: " ما كانَ لِيأخُذَ أخاه في دِينِ المَلِكِ " إلا بعلَّة كادها الله له، فاعتلَّ بها يوسف، فقال إخوة يوسف حينئذ: " إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ " - يعنون بذلك يوسف.
    وقد قيل إن يوسف كان سرق صنمًا لجده أبِي أمّه، فكسره، فعيّروه بذلك.
    ذكر من قال ذلك
    حدثني أحمد بن عمرو البصري، قال: حدثنا الفيض بن الفضل، قال: حدثنا مسْعَر، عن أبي حَصِين، عن سعيد بن جبير: " إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ "، قال: سرق يوسف صنمًا لجده أبي أمه فكسره وألقاه في الطريق، فكان إخوته يعيبونه بذلك.
    وقد حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي قال: كان بنو يعقوب على طعام، إذ نظر يوسف إلى عَرْق فخبأه فعيّروه بذلك " إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ "، فأسرّ في نفسه يوسف حين سمع ذلك منهم، فقال: " أنتم شَرٌّ مَكَانًا والله أعلمُ بما تَصِفون " به أخا بنيامين من الكذب، ولم يُبْدِ ذلك لهم قولًا.
    فحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: لما استخرِجت السرِقة من رحْل الغلام انقطعت ظهورُهم، وقالوا: يا بنَي راحيل، ما يزال لنا منكم بلاء! متى أخذتَ هذا الصواع؟ فقال بنيامين: بل بنو راحيل الذين لا يزال لهم منكم بلاء، ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البريّة، وَضَع هذا الصُّواع في رَحْلي الذي وضع الدراهم في رحالكم. فقالوا: لا تذكر الدراهم فتؤخذ بها. فلما دخلوا على يوسف دعا بالصُّواع، فنقر فيه ثم أدناه من أذنه، ثم قال: إن صُواعي هذا ليخبرني أنكم كنتم اثني عشر رجلًا، وأنكم انطلقتم بأخ لكم فبعتموه. فلما سمعها بنيامين قام فسجد ليوسف ثم قال: أيها الملك، سل صُواعك هذا عن أخي أين هو؟ فنقره، ثم قال: هو حي، وسوف تراه. قال: فاصنع بي ما شئت، فإنه إن علم بي فسوف يستنقذني. قال: فدخل يوسف فبكى ثم توضأ، ثم خرج فقال بنيامين: أيها الملك، إني أريد أن تضرب صواعك هذا فيخبرك بالحقِّ من الذي سرقه فجعله في رحلي. فنقره، فقال: إن صواعي هذا غضبان، وهو يقول: كيف تسأَلني: مَنْ صاحبي؟ فقد رأيتَ مع من كنت! قالوا: وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يُطاقوا، فغضب روبيل وقال: أيها الملك، والله لتتركنا أو لأصيحنَّ صيحة لا تبقى بمصر حامل إلا ألقتْ ما في بطنها، وقامت كل شعرة في جسد روبيل، فخرجت من ثيابه. فقال يوسف لابنه: قم إلى جنب روبيل فمسّه - وكان بنو يعقوب إذا غضب أحدهم فمسَّه الآخر ذهب غضبه - فقال روبيل: مِنْ هذا؟ إن في هذا البلد لَبَزرًا من بزْر يعقوب، فقال يوسف: من يعقوب؟ فغضب روبيل وقال: أيها الملك، لا تذكر يعقوب فإنه إسرائيل الله بن ذبيح الله بن خليل الله. قال يوسف: أنت إذن كنت صادقًا.
    قال: ولما احتبس يوسف أخاه بنيامين، فصار بحكم إخوته أولى به منهم، ورأوا أنه لا سبيلَ لهم إلى تخليصه صاروا إلى مسألته تخليتَه ببذل منهم يعطونه إياه، فقالوا: " يَا أَيُّهَا الْعَزِيْزُ إنَّ لَهُ أبًا شَيخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنا مَكَانَهُ إنا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِيْنَ " في أفعالك. فقال لهم يوسف: " مَعَاذَ الله أن نَأْخُذَ إلَّا مِنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إنَّا إذًا لَظَالِمونَ " أن نأخذ بريئًا بسقيم! فلما يئس إخوة يوسف من إجابة يوسف إياهم ما سألوا من إطلاق أخيه بنيامين وأخذ بعضهم مكانه، خلّصوا نجيًّا لا يفترق منهم أحد، ولا يختلط بهم غيرهم. فقال كبيرهم: - وهو روبيل، وقد قيل إنه شمعون -: ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من الله أن نأتيه بأخينا بنيامين إلّا أن يحاط بنا أجمعين! ومن قبل هذه المرة ما فرطتم في يوسف " فَلَنْ أَبْرَحَ اْلأَرْضَ " التي أنا بها " حَتَّى يَأذَنَ لِي أبِي " في الخروج منها وترك أخي بنيامين بها " أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاْكِمِيْنَ " - وقد قيل معني ذلك: أو يحكم الله لي بحرب مَنْ منعني من الانصراف بأخي - " ارجعوا إلى أبيكم فقُولُوا يَا أَبَانَا إنَّ ابْنَكَ سَرَقَ "، فأسلمناه بجريرته، " وَمَا شَهِدْنَا إلَّا بما علمنا "؛ لأن صُواع الملك لم يوجد إلا في رحله، " وما كنا للغيب حافظين "، يعنون بذلك أنا إنما ضمّنا لك أن نحفظه مما لنا إلى حفظه سبيل، ولم نكن نعلم أنه يسرق فيُستَرقّ بسرقته، واسأل أهل القرية التي كنا فيها فسرق ابنك فيها، والقافلة التي كنا فيها مقبلة من مصر معنا عن خبر ابنك، فإنك تخبر بحقيقته ذلك.
    فلما رجعوا إلى أبيهم فأخبروه خبر بنيامين، وتخلُّف روبيل قال لهم: بل سوَّلتْ لكم أنفسكم أمرًا أردتموه، فصبرٌ جميل لا جزع فيه على ما نالني منْ فقد ولدي، عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا بيوسف وأخيه وروبيل.
    ثم أعرض عنهم يعقوب وقال: " يا أسَفًا عَلَى يُوسُفَ " يقول الله عز وجل: " وابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيْم "، مملوء من الحزن والغيظ. فقال له بنوه الذين انصرفوا إليه من مصر حين سمعوا قوله ذلك: تالله لا تزال تذكر يوسف فلا تفتر، من حبّه وذكره حتى تكون دنفَ الجسم، مخبُولَ العقل من حبّه وذكره، هرِمًا باليًا أو تموت! فأجابهم يعقوب فقال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله لا إليكم، وأعلم من الله ما لا تعلمون من صدق رؤيا يوسف؛ أنَّ تأويلها كائن، وأني وأنتم سنسجد له.
    وقد حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حَكّام، عن عيسى بن يزيد، عن الحسن، قال: قيل: ما بلغ وَجْد يعقوب على ابنه؟ قال وجْد سبعين ثَكْلى، قال: فما كان له من الأجر؟ قال: أجر مائة شهيد، قال: وما ساء ظنّه بالله ساعة قطّ من ليل ولا نهار.
    وحدثنا ابن حميد مرّة أخرى، قال: حدثنا حَكّام، عن أبي معاذ، عن يونس، عن الحسن، عن النبي مثله.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن المبارك بن مجاهد، عن رجل من الأزد، عن طلحة بن مُصرِّف اليامي، قال: أنبئت أن يعقوب ابن إسحاق دخل عليه جار له فقال: يا يعقوب، مالي أراك قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من السنّ ما بلغ أبوك؟ قال: هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من همّ يوسف وذكره. فأوحى الله عز وجل إليه: يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي! قال: يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي. قال: فإني قد غفرت لك، فكان من ذلك إذا سئل قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وأعلم من الله ما لا تعلمون.
    حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلِي، حدثنا أبو أسامة، عن هشام عن الحسن، قال: كان منذ خرج يوسف من عند يعقوب إلى أن رجع ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه، ولم يزل يبكي حتى ذهب بصره. قال الحسن: والله ما عَلى الأرض خليفةٌ أكرم على الله من يعقوب.
    ثم أمر يعقوب بنيه الذين قدموا عليه من مصر بالرجوع إليها وتحسّس الخبر عن يوسف وأخيه، فقال لهم: اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله، يفرج به عنا وعنكم الغمَّ الذي نحن فيه. فرجعوا إلى مصر فدخلوا على يوسف فقالوا له حين دخلوا عليه: " أيُّها العزيزُ مَسَّنَا وأهلَنا الضُّرُّ وجِئْنَا ببضاعةٍ مُزْجَاةٍ فأوفِ لَنَا الكَيْلَ وَتَصَدَّقْ علينا إنّ اللهَ يجزِي المتصدِّقين ". وكانت بضاعتهم المزجاة التي جاؤوا بها معهم - فيما ذكر - دراهم رديّة زُيوفًا لا تؤخذ إلا بوضيعة. وكان بعضهم يقول: كانت حلَق الغرارة والحبل ونحو ذلك. وقال بعضهم: كانت سمنًا وصوفًا. وقال بعضهم: كانت صنوبرًا وحبة الخضراء. وقال بعضهم: كانت قليلة دون ما كانوا يشترون به قبل، فسألوا يوسف أن يتجاوز لهم ويُوفِيَهم بذلك من كيل الطعام مثل الذي كان يعطيهم في المرتين قبل ذلك، ولا ينقصهم. فقالوا له: " فَأَوْفِ لَنَا الكَيْلَ وتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إنَّ اللهَ يَجْزِي المتصدِّقينَ ".
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: " وتَصَدَّقْ عَلَيْنَا "، قال: بفضل ما بين الجياد والرديّة. وقد قيل: إن معنى ذلك: وتصدق علينا برد أخينا إلينا " إنَّ اللهَ يَجْزِي المتصدِّقينَ ".
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر أنهم لما كلّموه بهذا الكلام، غلبتْه نفسه فارفضّ دمعُه باكيًا، ثم باح لهم بالذي كان يكتم منهم، فقال: " هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأخِيهِ إذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ". ولم يعن بذكر أخيه ما صنعه هو فيه حين أخذه، ولكن التفريق بينه وبين أخيه إذ صنعوا بيوسف ما صنعوا. فلما قال لهم يوسف ذلك قالوا له: ها أنت يوسف! قال: " أَنَا يُوسُفُ وهذا أخي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا " بأن جمع بيننا بعد تفريقكم بيننا، " إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبرْ فَإنَّ اللهَ لا يُضِيْعُ أجْرَ المُحْسِنِيْنَ ".
    حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: لما قال لهم يوسف: " أَنَا يُوسُفُ وهذا أخِي " اعتذروا وقالوا: " تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإنْ كُنَّا لَخَاطِئِيْنَ ". قال لهم يوسف: " لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ ". فلما عرّفهم يوسف نفسه سألهم عن أبيه.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: قال يوسف: ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: لما فاته بنيامين عميَ من الحزن فقال: " اذْهَبُوا بِقَمِيْصِي هَذا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أجْمَعِيْنَ، ولَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ " عِير بني يعقوب، قال يعقوب: " إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ".
    فحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني ابن شريح، عن أبي أيوب الهوزني، حدثه، قال: استأذنت الريح بأن تأتيَ يعقوب بريح يوسف حين بعث بالقميص إلى أبيه قبل أن يأتيَه البشير، ففعلت، فقال يعقوب: " إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ".
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن ابن سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس في " ولَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ قال أبوهُم إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ " قال: هاجت ريحٌ فجاءت بريح يوسف من مسيرة ثمان ليال، فقال: " إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ".
    حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيع، قال: حدثنا سعيد: عن قتادة، عن الحسن، قال: ذُكِر لنا أنه كان بينهما يومئذ ثمانون فرسخًا، يوسف بأرض مصر ويعقوب بأرض كنعان، وقد أتى زمان طويل.
    حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج. قوله: " إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ " وقد كان فارقه قبل ذلك سبعًا وسبعين سنة. ويعني قوله " " لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ " لولا أن تسفّهوني فتنسبوني إلى الهرم وذهاب العقل. فقال له مَنْ حضره من ولده حينئذ: تالله إنك من ذكر يوسف وحبّه " لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيْمِ " - يعنون في خطئك القديم. " فلما أن جَاءَ الْبَشِيْرُ " - يعني البريد الذي أبرده يوسف إلى يعقوب - يبشر بحياة يوسف وخبره، وذكر أن البشير كان يهوذا بن يعقوب.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السُّدي، قال: قال يوسف: " اذْهَبُوا بِقَمِيْصِي هَذا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أجْمَعِيْنَ ". قال يهوذا: أنا ذهبت بالقميص ملطّخًا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب، وأنا أذهب اليوم بالقميص فأخبره بأنه حي، فأقرّ عينه كما أحزنته؛ فهو كان البشير.
    فلما أن جاء البشيرُ يعقوبَ بقميص يوسف ألقاه على وجهه، فعاد بصيرًا بعد العمى، فقال لأولاده: " ألم أَقُلْ لَكُمْ إنَّي أعلمُ من اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ".
    وذلك أنه كان قد علم - من صدق تأويل رؤيا يوسف التي رآها أنّ الأحد عشر كوكبًا والشمس والقمر ساجدون - ما لم يكونوا يعلمون. فقالوا ليعقوب: " يا أبانا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إنَّا كُنَّا خَاطِئِيْنَ ". فقال لهم يعقوب: " سوفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ". قيل: إنه أخّر الدعاء لهم إلى السَّحَر. وقيل إنه أخّر ذلك إلى ليلة الجمعة.
    حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: " قال يعقوب: " سوفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي "، يقول حتى تأتيَ ليلة الجمعة ".
    فلما دخل يعقوب وولده وأهاليهم على يوسف آوى إليه أبويه، وكان دخولهم عليه قبل دخولهم مصر - فيما قيل - لأن يوسف تلقاهم. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: حملوا إليه أهليهم وعيالهم، فلما بلغوا مصر كلّم يوسف الملك الذي فوقه فخرج هو والملك يتلقونهم، فلما بلغوا مصر قال: " ادْخُلُوا مِصْرَ إنْ شَاءَ الله آمِنِين ". فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن فرقد السبَخي، قال: لما ألقِيَ القميص على وجهه ارتدَّ بصيرًا، وقال: ائتوني بأهلكم أجمعين، فحمل يعقوب وإخوة يوسف، فلما دنا يعقوب أخبرَ يوسف أنه قد دنا منه، فخرج يتلقاه. قال: وركب معه أهلُ مصر - وكانوا يعظَِمونه - فلما دنا أحدهما من صاحبه - وكان يعقوب يمشي وهو يتوكأ على رجل من وَلده، يقال له يهوذا - قال: فنظر يعقوب إلى الخيل والناس، فقال: يا يهوذا، هذا فرعون مصر، فقال: لا، هذا ابنك يوسف، قال: فلما دنا واحد منهما من صاحبه ذهب يوسف يبدؤه بالسلام، فمنع ذلك، وكان يعقوب أحقَّ بذلك منه وأفضل. فقال: السلام عليك يا مذهب الأحزان، فلما أن دخلوا مصر رفه أبويه على السرير وأجلسهما عليه.

  • صفحة 13 من 21 الأولىالأولى ... 31112131415 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    2. فن الرسم في الماء
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 07-03-2010, 10:24 PM
    3. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM
    4. فن الرسم بالقهوة
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-06-2010, 01:19 AM
    5. فن الرسم في الفحم
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-02-2010, 07:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1