صفحة 14 من 33 الأولىالأولى ... 4121314151624 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 53 إلى 56 من 132

الموضوع: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فصل

    فاستروح بعضهم إلى مسلك آخر غير هذه المسالك لما تبين له فسادها
    فقال هذا حديث واحد والأحاديث الكثيرة عن رسول الله ص دالة على خلافه وذكروا أحاديث
    منها ما في الصحيحين عن فاطمة بنت قيس أن أبا حفص بن المغيرة طلقها ألبتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فجاءت رسول الله ص فذكرت له ذلك فقال ليس لك عليه نفقة
    وقد جاء تفسير هذه ألبتة في الحديث الآخر الصحيح أنه طلقها ثلاثا فلم يجعل لها النبي ص سكنى ولا نفقة فقد أجاز عليه الثلاث وأسقط بذلك نفقتها وسكناها
    وفي المسند أن هذه الثلاث كانت جميعا فروى من حديث الشعبي أن فاطمة خاصمت أخا زوجها إلى النبي ص لما أخرجها من الدار ومنعها النفقة فقال مالك ولابنة قيس قال يا رسول الله إن أخي طلقها ثلاثا جميعا وذكر الحديث
    ومنها ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت فطلقت فسئل النبي أتحل للأول قال لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول
    ووجه الدليل أنه لم يستفصل هل طلقها ثلاثا مجموعة أو متفرقة ولو اختلف الحال لوجب الاستفصال
    ومنها ما اعتمد عليه الشافعي في قصة الملاعنة أن عويمرا العجلاني أتى رسول الله ص فقال يا رسول الله رأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فقال رسول الله ص قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فائت بها قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله ص
    فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله ص قال الزهري وكانت تلك سنة المتلاعنين متفق على صحته
    قال الشافعي فقد أقره رسول الله ص على الطلاق ثلاثا ولو كان حراما لما أقره عليه
    ومنها ما رواه النسائي عن محمود بن لبيد قال أخبر رسول الله ص عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حتى قام رجل فقال يا رسول الله ألا أقتله ولم يقل إنه لم يقع عليه إلا واحدة بل الظاهر أنه أجازها عليه إذ لو كانت ولم يقع عليه إلا واحدة لبين له ذلك لأنه إنما طلقها ثلاثا يعتقد لزومها فلو لم يلزمه لقال له هي زوجتك بعد وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
    ومنها ما رواه أبو داود وابن ماجة عن ركانة أنه طلق امرأته ألبتة فأتى رسول الله ص فقال ما أردت قال واحدة قال آلله ما أردت بها إلا واحدة قال آلله ما أردت بها إلا واحدة ورواه الترمذي وفيه فقال يا رسول الله إني طلقت امرأتي ألبتة فقال ما أردت بها فقلت واحدة قال والله قلت والله قال فهو ما أردت قال أبو دواد وهذا أصح من حديث ابن جريج أن ركانة طلق امرأته ثلاثا وقال ابن ماجة سمعت أبا الحسن علي بن محمد الطنافسي يقول ما أشرف هذا الحديث قال أبو عبد الله بن ماجه: أبو عبيد تركه ناجية وأحمد جبن عنه
    ووجه الدلالة: أنه حلفه ما أراد بها إلا واحدة وهذا يدل على أنه لو أراد بها أكثر من واحدة لألزمه ذلك ولو كانت واحدة مطلقا لم يفترق الحال بين أن يريد واحدة أو أكثر وإذا كان هذا في الكناية فكيف بالطلاق الصريح إذا صرح فيه بالثلاث
    ومنها: ما رواه الدارقطني من حديث حماد بن زيد: حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت معاذ بن جبل يقول: سمعت رسول الله ص يقول: يا معاذ من طلق للبدعة واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ألزمناه بدعته ومنها: ما رواه الدارقطني من حديث إبراهيم بن عبيدالله بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده قال: طلق بعض آبائي امرأته ألبتة فانطلق بنوه إلى رسول الله ص فقالوا: يا رسول الله إن أبانا طلق امرأته ألفا فهل له من مخرج فقال: إن أباكم لم يتق الله فيجعل له مخرجا بانت منه: بثلاث على غير السنة وتسعمائة وسبعة وتسعون إثم في عنقه
    ومنها: ما رواه الدارقطني أيضا من حديث زاذان عن علي رضي الله عنه قال: سمع النبي ص رجلا طلق ألبتة فغضب وقال: أتتخذون آيات الله هزوا أو دين الله هزوا ولعبا من طلق ألبتة ألزمناه ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
    ومنها: ما رواه الدارقطني من حديث الحسن البصري قال: حدثنا عبد الله بن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرءين فبلغ ذلك رسول الله ص فقال: يا ابن عمر ما هكذا أمرك الله تعالى إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق عند ذلك أو أمسك فقلت: يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن أراجعها قال: لا كانت تبين منك وتكون معصية
    ومنها: ما رواه أبو داود والنسائي عن حماد بن زيد قال: قلت لأيوب: هل علمت أحدا قال في أمرك بيدك إنها ثلاث غير الحسن قال: لا ثم قال: اللهم غفرا إلا ما حدثني قتادة عن كثير مولى ابن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ثلاث فلقيت كثيرا فسألته فلم يعرفه فرجعت إلى قتادة فأخبرته فقال: نسي رواه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب عن حماد بن زيد وحسبك بسليمان بن حرب وحماد بن زيد ثقتين ثبتين
    ومنها: ما رواه البيهقي من حديث سويد بن غفلة عن الحسن أنه طلق عائشة الخثعمية ثلاثا ثم قال: لولا أني سمعت جدي أو حدثني أبي أنه سمع جدي يقول: أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء أو ثلاثا مبهمة لم يحل له حتى تنكح زوجا غيره: لراجعتها رواه من حديث محمد بن حميد: حدثنا سلمة بن الفضل عن عمر بن أبي قيس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد وهذا مرفوع قالوا: فهذه الأحاديث أكثر وأشهر وعامتها أصح من حديث أبي الصهباء وحديث ابن جريج عن عكرمة عن ابن عباس فيجب تقديمها عليه ولا سيما على قاعدة الإمام أحمد فإنه يقدم الأحاديث المتعددة على الحديث الفرد عند التعارض وإن كان الحديث الفرد متأخرا كما قدم في إحدى الروايتين أحاديث تحريم الأوعية على حديث بريدة لكونها كثيرة متعددة وحديث بريدة في إباحتها فرد وهو متأخر فانه قال: كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فاشربوا فيما بدا لكم غير أن لا تشربوا مسكرا مع أنه حديث صحيح رواه مسلم ولا يعرف له علة
    فصل

    قال الآخرون: هذه الأحاديث التي ذكرتموها ولم تدعوا بعدها شيئا هي بين أحاديث صحيحة لا مطعن فيها ولا حجة فيها وبين أحاديث صريحة الدلالة ولكنها باطلة أو ضعيفة لا يصح شىء منها
    ونحن نذكر ما فيها ليتبين الصواب ويزول الإشكال
    أما حديث فاطمة بنت قيس: فمن أصح الأحاديث مع أن أكثر المنازعين لنا في هذه المسئلة قد خالفوه ولم يأخذوا به فأوجبوا للمبتوتة النفقة والسكنى ولم يلتفتوا إلى هذا الحديث ولا عملوا به وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه وأما الشافعي ومالك فأوجبوا لها السكنى والحديث قد صرح فيه بأنه لا نفقة لها ولا سكنى فخالفوه ولم يعملوا به فإن كان الحديث صحيحا فهو حجة عليكم وإن لم يكن محفوظا بل هو غلط كما قال بعض المتقدمين فليس حجة علينا في جمع الثلاث فأما أن يكون حجة على منازعيكم وليس حجة لهم عليكم فبعيد من الإنصاف والعدل هذا مع أنا نتنزل عن هذا المقام ونقول: الاحتجاج بهذا الحديث فيه نوع سهو من المحتج به ولو تأمل طرق الحديث وكيف وقعت القصة لم يحتج به فإن الثلاث المذكورة فيه لم تكن مجموعة وإنما كان قد طلقها تطليقتين من قبل ذلك ثم طلقها آخر الثلاث هكذا جاء مصرحا به في الصحيح فروى مسلم في صحيحه عن عبيدالله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فقالا لها: والله مالك نفقة إلا أن تكوني حاملا فأتت النبي ص فذكرت له قولهما فقال: لا نفقة لك وساق الحديث بطوله
    فهذا المفسر يبين ذلك المجمل وهو قوله طلقها ثلاثا
    وقال الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس: أنها أخبرته أنها كانت تحت أبي حفص بن المغيرة وأن أبا حفص بن المغيرة طلقها آخر ثلاث تطليقات وساق الحديث ذكره أبو داود ثم قال: وكذلك رواه صالح بن كسيان وابن جريج وشعيب بن أبي حمزة كلهم عن الزهري ثم ساق من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيدالله قال: أرسل مروان إلى فاطمة فسألها فأخبرته: أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة وكان النبي ص أمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه على بعض اليمن فخرج معه زوجها فبعث إليها بتطليقة كانت بقيت لها وذكر الحديث بتمامه والواسطة بين مروان وبينها هو قبيصة بن ذؤيب كذلك ذكره أبو داود في طريق أخرى
    فهذا بيان حديث فاطمة بنت قيس قالوا: ونحن أخذنا به جميعه ولم نخالف شيئا منه إذ كان صحيحا صريحا لا مطعن فيه ولا معرض له فمن خالفه فهو محتاج إلى الاعتذار
    وقد جاء هذا الحديث بخمسة ألفاظ طلقها ثلاثا وطلقها البتة وطلقها آخر ثلاث تطليقات وأرسل إليها بتطليقة كانت بقيت لها وطلقها ثلاثا جميعا


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    هذه جملة ألفاظ الحديث والله الموفق
    فأما اللفظ الخامس وهو قوله طلقها ثلاثا جميعا فهذا أولا من حديث مجالد عن الشعبي ولم يقل ذلك عن الشعبي غيره مع كثرة من روى هذه القصة عن الشعبي فتفرد مجالد على ضعفه من بينهم بقوله ثلاثا جميعا وعلى تقدير صحته: فالمراد به: أنه أجتمع لها التطليقات الثلاث لا أنها وقعت بكلمة واحدة فإذا طلقها آخر ثلاث صح أن يقال: طلقها ثلاثا جميعا فإن هذه اللفظة يراد بها تأكيد العدد وهو الأغلب عليها لا الإجتماع في الآن الواحد لقوله تعالى: ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا [ يونس: 99 ] فالمراد حصول إيمان من الجميع لا إيمانهم كلهم في آن واحد سابقهم ولاحقهم
    فصل

    وكذلك ما ذكروه من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فسئل النبي أتحل للأول فقال: لا الحديث هو حق يجب المصير إليه لكن ليس فيه أنه طلقها ثلاثا بفم واحد فلا تدخلوا فيه ما ليس فيه وقولكم: ولم يستفصل جوابه: أن الحال قد كان عندهم معلوما وأن الثلاث إنما
    تكون ثلاثا واحدة بعد واحدة وهذا مقتضى اللغة والقرآن والشرع والعرف كما بينا فخرج على المفهوم المتعارف من لغة القوم
    فصل

    وأما ما اعتمد عليه الشافعي: من طلاق الملاعن ثلاثا بحضرة رسول الله ولم ينكره فلا دليل فيه لأن الملاعنة يحرم عليه إمساكها وقد حرمت تحريما مؤبدا فما زاد الطلاق الثلاث هذا التحريم الذي هو مقصود اللعان إلا تأكيدا وقوة وهذا جواب شيخنا رحمه الله وقال ابن المنذر وقد ذكر الأدلة على تحريم جمع الطلاق الثلاث وأنه بدعة ثم
    قال: وأما ما اعتل به من رأى أن مطلق الثلاث في مرة واحدة مطلق للسنة بحديث العجلاني فإنما أوقع الطلاق عنده على أجنبيةعلم الزوج الذي طلق ذلك أو لم يعلم لأن قائله يوقع الفرقة بالتعان الرجل قبل أن تلتعن المرأة فغير جائز أن يحتج بمثل هذه الحجة من يرى أن الفرقة تقع بالتعاونى الزوج وحده انتهى
    وحينئذ فنقول: إما أن تقع الفرقة بالتعان الزوج وحده كما يقوله الشافعي أو بالتعانهما كما يقوله أحمد أو يقف على تفريق الحاكم فإن وقعت بالتعانه أو التعانهما فالطلاق الذي وقع منه لغو لم يفد شيئا البتة بل هو في طلاق أجنبية وإن وقفت الفرقة على تفريق الحاكم فهو يفرق بينهما تفريقا يحرمها عليه تحريما مؤبدا فالطلاق الثلاث أكد هذا التحريم الذي هو موجب اللعان ومقصود الشارع فكيف يلحق به طلاق الملاعنة وبينهما أعظم فرق
    فصل

    وأما حديث محمود بن لبيد في قصة المطلق ثلاثا فالاحتجاج به على الجواز من باب قلب الحقائق والاحتجاج بأعظم ما يدل على التحريم لا على الإباحة والاستدلال به على الوقوع من باب التكهن والخرص والزيادة في الحديث ما ليس فيه ولا يدل عليه بشيء من وجوه الدلالات ألبتة ولكن المقلد لا يبالي بنصرة تقليده بما اتفق له وكيف يظن برسول الله أنه أجاز عمل من استهزأ بكتاب الله وصححه واعتبره في شرعه وحكمه ونفذه وقد جعله مستهزئا بكتاب الله تعالى وهذا صريح في أن الله سبحانه وتعالى لم يشرع جمع الثلاث ولا جعله في أحكامه
    فصل

    وأما حديث ركانه أنه طلق امرأته البتة وأن رسول الله استحلفه ما أراد بها إلا واحدة فحديث لا يصح قال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب العلل له: قال أحمد: حديث ركانه ليس بشيء وقال الخلال في كتاب العلل عن الأثرم: قلت لأبي عبد الله: حديث ركانه في البتة فضعفه وقال: ذاك جعله بنيته
    وقال شيخنا: الأئمة الكبار العارفون بعلل الحديث: كالإمام أحمد والبخاري وأبي عبيد وغيرهم ضعفوا حديث ركانه ألبتة وكذلك أبو محمد بن حزم وقالوا: إن رواته قوم مجاهيل لا تعرف عدالتهم وضبطهم قال: وقال الإمام أحمد: حديث ركانة أنه طلق امرأته ألبتة لا يثبت وقال أيضا: حديث ركانة في ألبتة ليس بشىء لأن ابن اسحق يرويه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن ركانة طلق امرأته ثلاثا وأهل المدينة يسمون من طلق ثلاثا: طلق البتة
    فإن قيل: فقد قال أبو داود: حديث ألبتة أصح من حديث ابن جريج أن ركانة طلق امرأته ثلاثا لأنهم أهل بيته وهم أعلم به يعني وهم الذين رووا حديث ألبتة
    فقد قال شيخنا في الجواب: أبو اداود إنما رجح حديث البتة على حديث ابن جريج لأنه روى حديث ابن جريج من طريق فيها مجهول فقال: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني بعض ولد أبي رافع عن عكرمة عن ابن عباس قال: طلق عبد يزيد أبو ركانة وإخوته أم ركانة ثلاثا الحديث ولم يرو الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن ابراهيم بن سعد: حدثني أبي عن محمد بن إسحق حدثنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثا في مجلس واحد فلهذا رجح أبو داود حديث ألبتة على حديث ابن جريج ولم يتعرض لهذا الحديث ولا رواه في سننه ولا ريب أنه أصح من الحديثين وحديث ابن جريج شاهد له وعاضد فإذا انضم حديث أبي الصهباء إلى حديث ابن إسحق إلى حديث ابن جريج مع اختلاف مخارجها وتعدد طرقها أفادت العلم بأنها أقوى من حديث البتة بلا شك ولا يمكن من شم روائح الحديث ولو على بعد أن يرتاب في ذلك فكيف يقدم الحديث الضعيف الذي ضعفه الائمة ورواته مجاهيل على هذه الأحاديث
    فصل

    وأما حديث معاذ بن جبل فلقد وهت مسألة يحتج فيها بمثل هذا الحديث الباطل والدارقطني إنما رواه للمعرفة وهو أجل من أن يحتج به وفي إسناده: إسماعيل بن أمية الذارع يرويه عن حماد قال الدارقطني بعد روايته: إسماعيل بن أمية ضعيف متروك الحديث
    فصل

    وأما حديث عبادة بن الصامت الذي رواه الدارقطني فقد قال عقيب إخراجه: رواته مجهولون وضعفاء إلا شيخنا وابن عبد الباقي
    فصل

    وأما حديث زاذان عن علي رضي الله عنه فيرويه إسماعيل بن أمية القرشي قال الدارقطني: إسماعيل بن أمية هذا كوفي ضعيف الحديث قلت: وفي إسناده مجاهيل وضعفاء
    فصل

    وأما حديث الحسن عن ابن عمر فهو أمثل هذه الأحاديث الضعاف قال الدارقطني: حدثنا علي بن محمد بن عبيد الحافظ حدثنا محمد بن شاذان الجوهري حدثنا يعلي بن منصور حدثنا شعيب بن رزيق أن عطاء الخرساني حدثهم عن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن عمر فذكره وشعيب وثقه الدارقطني وقال أبو الفتح الأزدي: فيه لين وقال البيهقي وقد روى هذا الحديث: وهذه الزيادات انفرد بها شعيب وقد تكلموا فيه انتهى
    ولا ريب أن الثقات الأثبات الأئمة رووا حديث ابن عمر هذا فلم يأت أحد منهم بما أتى به شعيب ألبتة ولهذا لم يرو حديثه هذا أحدمن أصحاب الصحيح ولا السنن
    فصل

    وأما حديث كثير مولى ابن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة فقد أنكره كثير لما سئل عنه ومثل هذا بعيد أن ينسى وقد أعل البيهقي هذا الحديث وقال: كثير لم يثبت من معرفته ما يوجب الاحتجاج به قال: وقول العامة بخلاف روايته وقد ضعفه عبد الحق في أحكامه وابن حزم في كتابه
    فصل

    وأما حديث سويد بن غفلة عن الحسن فمن رواية محمد بن حميد الرازي قال أبو زرعة الرازي: كذاب وقال صالح جزرة: ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن الشاذكوني وسلمة بن الفضل قال أبو حاتم: منكر الحديث وإن كان رواته شتى فقد ضعفه إسحاق بن راهوية وغيره


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فصل

    فلما رأى آخرون ضعف هذه المسالك استروحوا إلى مسلك آخر وظنوا أنهم قد استروحوا به من كلفة التأويل ومشقته
    فقالوا: الإجماع قد انعقد على لزوم الثلاث وهو أكبر من خبر الواحد كما قال الشافعي رحمه الله: الاجماع أكبر من الخبر المنفرد وذلك أن الخبر يجوز الخطأ والوهم على راويه بخلاف الاجماع فإنه معصوم
    قالوا: ونحن نسوق عن الصحابة والتابعين ما يبين ذلك
    فثبت في صحيح مسلم أن عمر رضي الله عنه أمضى عليهم الثلاث ووافقه الصحابة
    قال سعيد بن منصور: حدثنا سفيان عن شفيق سمع أنسا يقول قال عمر: في الرجل يطلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قال: هي ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره وكان إذا أتي به أوجعه
    وروى البيهقي من حديث ابن أبي ليلى عن على رضي الله عنه فيمن طلق ثلاثا قبل الدخول قال: لا تحل حتى تنكح زوجا غيره
    وروى حاتم ابن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على لا تحل له حتى تنكح غيره وروى أبو نعيم عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن بعض أصحابه قال جاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال: طلقت امرأتي ألفا فقال: ثلاث تحرمها عليك واقسم سائرها بين نسائك
    وقال علقمة بن قيس: أتى رجل ابن مسعود رضي الله عنه فقال: إن رجلا طلق امرأته البارحة مائة قال: قلتها مرة واحدة قال: نعم قال: تريد أن تبين منك امرأتك قال: نعم قال: هو كما قلت وأتاه رجل فقال: إنه طلق امرأته البارحة عدد النجوم فقال له مثل ذلك ثم قال قد بين الله سبحانه أمر الطلاق فمن طلق كما أمره الله تعالى فقد بين له ومن لبس جعلنا عليه لبسه والله لا تلبسون إلا على أنفسكم ونتحمله عنكم هو كما تقولون
    وروى مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس البكير قال: طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكحها فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له فسأل أبا هريرة وابن عباس عن ذلك فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجا غيرك قال: إنما كان طلاقي إياها واحدة فقال ابن عباس: إنك قد أرسلت من يدك ما كان لك من فضل
    وفي الموطأ أيضا في هذه القصة أن ابن البكير سأل عنها ابن الزبير فقال: إن هذا لأمر مالنا فيه قول اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة: فإني تركتهما عند عائشة فاسألهما ثم ائتنا فأخبرنا فذهب فسألهما فقال ابن عباس لابي هريرة: أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة فقال: أبو هريرة الواحد تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره وقال ابن عباس مثل ذلك
    فهذه عائشة لم تنكر عليهما ولا ابن الزبير
    وفي الموطأ أيضا: عن النعمان بن أبي عياش عن عطاء بن يسار قال جاء رجل يستفتي عبد الله بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها قال عطاء: فقلت: إنما طلاق البكر واحدة فقال لي عبد الله بن عمرو بن العاص: إنما أنت قاص الواحدة تبينها والثلاث تحرمها: حتى تنكح زوجا غيره
    وروى عبيدالله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها لم يحل له حتى تنكح زوجا غيره
    وروي البيهقي من حديث معاذ بن معاذ: حدثنا شعبة عن طارق بن عبد الرحمن: سمعت قيس بن أبي عاصم قال: سأل رجل المغيرة وأنا شاهد عن رجل طلق امرأته مائة فقال: ثلاثة تحرم وسبع وتسعون فضل
    وروى البيهقي عن سويد بن غفلة قال: كانت عائشة الخثعمية عند الحسن فلما قتل علي رضي الله عنه قالت: لتهنك الخلافة يا أمير المؤمنين فقال: بقتل علي تظهرين الشماتة اذهبي فأنت طالق يعني ثلاثا فتلفعت بثيابها حتى قضت عدتها فبعث إليها ببقية لها من صداقها وعشرة آلاف صدقة فقالت لما جاءها الرسول: متاع قليل من حبيب مفارق فلما بلغه قولها بكى وقال: لولا أني سمعت جدي أو حدثني أبي أنه سمع جدي يقول: أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء أو ثلاثة مبهمة لم يحل له حتى تنكح زوجا غيره: لراجعتها
    وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن علي رضي الله عنه أنه قال في الحرام والبتة والبائن والخلية والبرية: ثلاثا ثلاثا قال شعبة: فلقيت عطاء فقلت: من حدثك عن هذا قال أبو البختري قال أحمد: وأنا أهابها ولا أجيب فيها لأنه يروي عن عامة الناس أنها ثلاث: علي وزيد وابن عمر وعامة التابعين وأما ابن عباس فروى عنه مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير ومعاوية بن أبي عياش وغيرهم: أنه ألزم الثلاث من أوقعها جملة قال الإمام أحمد وقد سأله الأثرم: بأي شيء ترد حديث ابن عباس كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما طلاق الثلاث واحدة بأي شىء تدفعه قال: برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه ثم ذكر عن عدة عن ابن عباس: أنها ثلاث وإلى هذا نذهب
    وذكر البيهقي: أن رجلا أتى عمران بن حصين وهو في المسجد فقال: رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس فقال: أثم بربه وحرمت عليه امرأته فانطلق الرجل فذكر ذلك لأبي موسى يريد بذلك عيبه فقال: ألا ترى أن عمران قال كذا وكذا فقال أبو موسى: أكثر الله فينا مثل أبي نجيد
    قالوا فهذا عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعمران بن حصين والمغيرة بن شعبة والحسن بن علي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين
    وأما التابعون فأكثر من أن يذكروا والإجماع يثبت بدون هذا ولهذا حكاه غير واحد منهم أبو بكر بن العربي وأبو بكر الرازي وهو ظاهر كلام الإمام أحمد فإنه
    قال في رواية الأثرم وذكر قول من قال: إذا خالف السنة يرد إلى السنة: إنه ليس بشيء وقال هذا مذهب الرافضة وظاهر هذا: أن القول بالوقوع إجماع أهل السنة
    قال الآخرون: قد عرفتم ما في دعوى الإجماع الذي لم يعلم فيه مخالف: أنه راجع إلى عدم العلم لا إلى العلم بانتفاء المخالف وعدم العلم ليس بعلم حتى يحتج به ويقدم على النصوص الثابتة هذا إذا لم يعلم مخالف فكيف إذا علم المخالف وحينئذ فتكون المسألة مسألة نزاع يجب ردها إلى الله تعالى ورسوله ومن أبى ذلك فهو إما جاهل مقلد وإما متعصب صاحب هوى عاص لله تعالى ورسوله متعرض للحوق الوعيد به فإن الله تعالى يقول: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر الآية [ النساء: 59 ] فإذا ثبت أن المسألة مسألة نزاع وجب قطعا ردها إلى كتاب الله وسنة رسوله وهذه
    المسألة مسألة نزاع بلا نزاع بين أهل العلم الذين هم أهله والنزاع فيها من عهد الصحابة إلى وقتنا هذا
    وبيان هذا من وجوه:
    أحدها: ما رواه أبو داود وغيره من حديث حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما إذا قال: أنت طالق ثلاثا بفم واحد فهي واحدة وهذا الإسناد على شرط البخاري
    وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب قال: دخل الحكم بن عيينة على الزهري بمكة وأنا معهم فسألوه عن البكر تطلق ثلاثا فقال: سئل عن ذلك ابن عباس وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو فكلهم قالوا: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره قال: فخرج الحكم وأنا معه فأتى طاوسا وهو في المسجد فأكب عليه فسأله عن قول ابن عباس فيها وأخبره بقول الزهري قال: فرأيت طاوسا رفع يديه تعجبا من ذلك وقال: والله ما كان ابن عباس يجعلها إلا واحدة
    أخبرنا ابن جريح قال وأخبرني حسن بن مسلم عن ابن شهاب أن ابن عباس قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا ولم يجمع كن ثلاثا قال: فأخبرت طاوسا فقال أشهد ما كان ابن عباس يراهن إلا واحدة
    فقوله إذا طلق ثلاثا ولم يجمع كن ثلاثا أي إذا كن متفرقات فدل على أنه إذا جمعهن كانت واحدة وهذا هو الذي حلف عليه طاوس: أن ابن عباس كان يجعله واحدة
    ونحن لا نشك أن ابن عباس صح عنه خلاف ذلك وأنها ثلاث فهما روايتان: ثابتتان عن ابن عباس بلا شك
    الوجه الثاني: أن هذا مذهب طاوس قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان لا يرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق ووجه العدة وأنه كان يقول: يطلقها واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها
    وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا إسماعيل بن علية عن ليث عن طاوس وعطاء أنهما قالا: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فهي واحدة الوجه الثالث: أنه قول عطاء بن أبي رباح قال ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن بشر حدثنا إسمعيل عن قتادة عن طاوس وعطاء وجابر بن زيد أنهم قالوا: إذا طلقها ثلاثا قبل أن يدخل بها فهي واحدة
    الوجه الرابع: أنه قول جابر بن زيد كما تقدم
    الوجه الخامس: أن هذا مذهب محمد بن إسحق عن داود عن الحصين حكاه عنه الإمام أحمد في رواية الأثرم ولفظه: حدثنا سعيد بن إبراهيم عن أبيه عن ابن إسحق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن ركانة طلق امرأته ثلاثا فجعلها النبي واحدة قال أبو عبد الله: وكان هذا مذهب ابن إسحق يقول: خالف السنة فيرد إلى السنة
    الوجه السادس: أنه مذهب إسحق بن راهوية في البكر قال محمد بن نصر المروزي في كتاب اختلاف العلماء له: وكان إسحق يقول: طلاق الثلاث للبكر واحدة وتأول حديث طاوس عن ابن عباس كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر يجعل واحدة: على هذا قال: فإن قال لها ولم يدخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق فإن سفيان وأصحاب الرأي والشافعي وأحمد وأبا عبيد قالوا: بانت منه بالأولى وليست الثنتان بشيءلأن غير المدخول بها تبين بواحدة ولا عدة عليها وقال مالك وربيعة وأهل المدينة والأوزاعي وابن أبي ليلى: إذا قال لها ثلاث مرات: أنت طالق نسقا متتابعة حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره فإن هو سكت بين التطليقتين بانت بالأولى ولم تلحقها الثانية
    فصار في وقوع الثلاث بغير المدخول بها ثلاث مذاهب للصحابة والتابعين ومن بعدهم
    أحدها: أنها واحدة سواء قالها بلفظ واحد أو بثلاثة ألفاظ
    والثاني: أنها ثلاث سواء أوقع الثلاث بلفظ واحد أو بثلاثة ألفاظ
    والثالث: أنه إن أقوعها بلفظ واحد فهي ثلاث وإن أوقعها بثلاثة ألفاظ فهي واحد


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    الوجه السابع: أن هذا مذهب عمرو بن دينار في الطلاق قبل الدخول قال ابن المنذر في كتابه الأوسط: وكان سعيد بن جبير وطاوس وأبو الشعثاء وعطاء وعمرو بن دينار يقولون: من طلق البكر ثلاثا فهي واحدة
    الوجه الثامن: أنه مذهب سعيد بن جبير كما حكاه ابن المنذر وغيره عنه وحكاه الثعلبي عن سعيد بن المسيب وهو غلط عليه إنما هو مذهب سعيد بن جبير
    الوجه التاسع: أنه مذهب الحسن البصري الذي استقر عليه قال ابن المنذر: واختلف في هذا الباب عن الحسن فروي عنه كما رويناه عن أصحاب النبي وذكر قتادة وحميد ويونس عنه: أنه رجع عن قوله بعد ذلك فقال: واحدة بائنة وهذا الذي ذكره ابن المنذر رواه عبد الرزاق في المصنف فقال: أخبرنا معمر عن قتادة قال: سألت الحسن عن الرجل يطلق البكر ثلاثا فقال الحسن: وما بعد الثلاث فقلت صدقت وما بعد الثلاث فأفتى الحسن بذلك زمنا ثم رجع فقال: واحد تبينها ويحطها قاله حياته
    الوجه العاشر: أنه مذهب عطاء بن يسار قال عبد الرزاق: أخبرنا مالك عن يحيى ابن سعيد عن بكير عن يعمر بن أبي عياش قال سأل رجل عطاء بن يسار عن الرجل يطلق البكر ثلاثا فقال: إنما طلاق البكر واحدة فقال له عبد الله بن عمرو بن العاص: أنت قاص الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره فذكر عطاء مذهبه وعبد الله بن عمرو مذهبه
    الوجه الحادي عشر: أنه مذهب خلاس بن عمرو حكاه بشر بن الوليد عن أبي يوسف عنه
    الوجه الثاني عشر: أنه مذهب مقاتل الرازي حكاه عنه المازرى في كتابه المعلم بفوائد مسلم قال الخطيب: حدث عن عبد الله بن المبارك وعباد بن العوام ووكيع بن الجراح وأبي عاصم النبيل روى عنه الإمام أحمد والبخاري في صحيحه وكان ثقة الوجة الثالث عشر: أنه إحدى الروايتين عن مالك حكاها عنه جماعة من المالكية منهم التلمساني صاحب شرح الخلاف وعزاها إلى ابن أبي زيد: أنه حكاها رواية عن مالك وحكاها غيره قولا في مذهب مالك وجعله شاذا
    الوجه الرابع عشر: أن ابن مغيث المالكي حكاه في كتاب الوثائق وهو مشهور عند المالكية عن بضعة عشر فقيها من فقهاء طليطلة المفتين على مذهب مالك هكذا قال واحتج لهم بأن قوله: أنت طالق ثلاثا: كذب لأنه لم يطلق ثلاثا ولم يطلق إلا واحدة كما لو قال: حلفت ثلاثا كان يمينا واحدة ثم ذكر حججهم من الحديث
    الوجه الخامس عشر: أن أبا الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم اللخمي المشطي صاحب كتاب الوثائق الكبير الذي لم يصنف في الوثائق مثله حكى الخلاف فيها عن السلف والخلف حتى عن المالكية أنفسهم فقال: وأما من قال: أنت طالق ثلاثا فقد بانت منه قال ألبتة أو لم يقل قال: وقال بعض الموثقين يريد المصنفين في الوثائق: اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مطلق كم يلزمه من الطلاق فالجمهور من العلماء على أنه يلزمه الثلاث وبه القضاء وعليه الفتوى وهو الحق الذي لا شك فيه قال: وقال بعض السلف: يلزمه من ذلك طلقة واحدة وتابعهم على ذلك قوم من الخلف من المفتين بالأندلس قال: واحتجوا على ذلك بحجج كثيرة وأحاديث مسطورة أضربنا عنها واقتصرنا على الصحيح منها فمنها: ما رواه داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن ركانة طلق زوجته عند رسول الله ثلاثا في مجلس واحد فقال له النبي إنما هي واحدة فإن شئت فدعها وإن شئت فارتجعها ثم ذكر حديث أبي الصهباء وذكر بعض تأويلاته التي ذكرناها
    الوجه السادس عشر: أن أبا جعفر الطحاوي حكى القولين في كتابه تهذيب الآثار فقال: باب الرجل يطلق امرأته ثلاثا معا ثم ذكر حديث أبي الصهباء ثم قال: فذهب قوم إلى أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا معا فقد وقعت عليها واحدة إذا كانت في وقت سنة وذلك أن تكون طاهرا في غير جماع واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وقالوا: لما كان الله تعالى إنما أمر عباده أن يطلقوا لوقت على صفة فطلقوا على غير ما أمرهم به لم يقع طلاقهم ألا ترى لو أن رجلا أمر رجلا أن يطلق أمرأته في وقت فطلقها في غيره أو أمره أن يطلقها على شريطة فطلقها على غير تلك الشريطة: أن طلاقه لا يقع إذ كان قد خالف ما أمر به ثم ذكر حجج الآخرين والجواب عن حجج هؤلاء على عادة أهل العلم والدين في إنصاف مخالفيهم والبحث معهم ولم يسلك طريق جاهل ظالم متعد يبرك على ركبتيه ويفجر عينيه ويصول بمنصبه لا بعلمه وبسوء قصده لا بحسن فهمه ويقول: القول بهذه المسألة كفر يوجب ضرب العنق ليبهت خصمه ويمنعه عن بسط لسانه والجري معه في ميدانه والله تعالى عند لسان كل قائل وهو له يوم الوقوف بين يديه عما قاله سائل
    الوجه السابع عشر: أن شيخنا حكى عن جده أبي البركات: أنه كان يفتي بذلك أحيانا سرا وقال في بعض مصنفاته: هذا قول بعض أصحاب مالك وأبي حنيفة وأحمد
    قلت: أما المالكية فقد حكينا الخلاف عنهم وأما بعض أصحاب أبي حنيفة فإنه محمد ابن مقاتل من الطبقة الثانية من أصحاب أبي حنيفة وأما بعض أصحاب أحمد فإن كان أراد إفتاء جده بذلك أحيانا وإلا فلم أقف على نقل لأحد منهم
    الوجه الثامن عشر: قال أبو الحسن النسفي في وثائقه وقد ذكر الخلاف في المسألة
    ثم قال: ومن بعض حججهم أيضا في ذلك: أن الله سبحانه وتعالى أمر بتفريق الطلاق بقوله تعالى: الطلاق مرتان وإذا جمع الإنسان ذلك في كلمة كان واحدة وكان ما زاد عليها لغوا كما جعل مالك رحمه الله رمي السبع الجمرات في مرة واحدة جمرة واحدة وبنى عليها أن الطلاق عندهم مثله قال: وممن نصر هذا القول من أهل الفتيا بالأندلس: أصبغ بن الحباب ومحمد بن بقى ومحمد بن عبد السلام الخشني وابن زنباع مع غيرهم من نظرائهم هذا لفظه
    الوجه التاسع عشر: أن أبا الوليد هشام بن عبد الله بن هشام الأزدي القرطبي صاحب كتاب مفيد الحكام فيما يعرض لهم من النوازل والأحكام ذكر الخلاف بين السلف والخلف في هذه المسألة حتى ذكر الخلاف فيها في مذهب مالك نفسه وذكر من كان يفتي بها من المالكية والكتاب مشهور معروف عند أصحاب مالك كثير الفوائد جدا ونحن نذكر نصه فيه بلفظه فنذكر ما ذكره عن ابن مغيث ثم نتبعه كلامه ليعلم أن النقل بذلك معلوم متداول بين أهل العلم وأن من قصر في العلم باعه وطال في الجهل والظلم ذراعه يبادر إلى الجهل والتكفير والعقوبة جهلا منه وظلما ويحق له وهو الدعي في العلم وليس منه أقرب رحما
    قال ابن هشام: قال ابن مغيث: الطلاق ينقسم على ضربين: طلاق السنة وطلاق البدعة فطلاق السنة: هو الواقع على الوجه الذي ندب الشرع إليه وطلاق البدعة: نقيضه وهو أن يطلقها في حيض أو نفاس أو ثلاثا في كلمة واحدة فإن فعل لزمه الطلاق
    ثم اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مطلق كم يلزمه من الطلاق
    فقال علي بن أبي طالب وابن مسعود: يلزمه طلقة واحدة وقاله ابن عباس وقال: قوله ثلاثا لا معنى له: لأنه لم يطلق ثلاث مرات وإنما يجوز قوله في ثلاث إذا كان مخبرا عما مضى فيقول: طلقت ثلاثا يخبر عن ثلاثة أفعال كانت منه في ثلاثة أوقات كرجل قال: قرأت أمس سورة كذا ثلاث مرات فذلك يصح ولو قرأها مرة واحدة فقال: قرأتها ثلاث مرات لكان كاذبا وكذلك لو حلف بالله تعالى ثلاثا يردد الحلف كانت ثلاثة أيمان ولو قال: أحلف بالله ثلاثا لم يكن حلف إلا يمينا واحدة فالطلاق مثله ومثله قال الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما روينا ذلك كله عن ابن وضاح وبه قال من شيوخ قرطبة ابن زنباع شيخ هدى ومحمد بن بقي بن مخلد ومحمد بن عبد السلام الخشني فقيه عصره وأصبغ بن الحباب وجماعة سواهم من فقهاء قرطبة وكان من حجة ابن عباس: أن الله تعالى فرق في كتابه لفظ الطلاق فقال: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان [ البقرة: 229 ] يريد أكثر الطلاق الذي يمكن بعده الإمساك بالمعروف وهو الرجعة في العدة ومعنى قوله: أو تسريح بإحسان يريد تركها بلا ارتجاع حتى تنقضي عدتها وفي ذلك إحسان إليه وإليها إن وقع ندم منهما قال الله تعالى: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا يريد الندم على الفرقة والرغبة في المراجعة وموقع الثلاث غير محسن لأنه ترك المندوحة التي وسع الله تعالى بها ونبه عليها فذكر الله سبحانه وتعالى لفظ الطلاق مفرقا فدل على أنه إذا جمع: أنه لفظ واحد فتدبره
    وقد يخرج من غير ما مسألة من الديانة ما يدل على ذلك
    من ذلك: قول الرجل: مالي صدقة في المساكين: أن الثلث من ذلك يجزيه هذا كله لفظ صاحب الكتاب بحروفه
    أفترى الجاهل الظالم المعتدي يجعل هؤلاء كلهم كفارا مباحة دماؤهم سبحانك ! هذا بهتان عظيم بل هؤلاء من أكابر أهل العلم والدين وذنبهم عند أهل العمى أهل التقليد: كونهم لم يرضوا لأنفسهم بما رضي به المقلدون فردوا ما تنازع فيه المسلمون إلى الله ورسوله
    وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
    الوجه العشرون: أن هذا مذهب أهل الظاهر: داود وأصحابه وذنبهم عند كثير من الناس: أخذهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم ونبذهم القياس وراء ظهورهم فلم يعبئوا به شيئا وخالفهم أبو محمد بن حزم في ذلك فأباح جمع الثلاث وأوقعها
    فهذه عشرون وجها في إثبات النزاع في هذه المسألة بحسب بضاعتنا المزجاة من الكتب وإلا فالذي لم نقف عليه من ذلك كثير
    وقد حكى ابن وضاح وابن مغيث ذلك عن علي وابن مسعود والزبير وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس ولعله إحدى الروايتين عنهم وإلا فقد صح بلا شك عن ابن مسعود وعلي وابن عباس: الألزام بالثلاث لمن أوقعها جملة وصح عن ابن عباس أنه جعلها واحدة ولم نقل على نقف صحيح عن غيرهم من الصحابة بذلك فلذلك لم نعد ما حكى عنهم في الوجوه المبينة للنزاع وإنما نعد ما وقفنا عليه في مواضعه ونعزوه إليها وبالله التوفيق
    فإن قيل: فقد ذكرتم أعذار الأئمة الملزمين بالثلاث عن تلك الأحاديث المخالفة لقولهم فما عذركم أنتم عن أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين المحدث الملهم الذي أمرنا باتباع سنته والاقتداء به أفتظنون به أنه كان يرى رسول الله وخليفته من بعده والصحابة في عهده يجعلون الثلاث واحدة مع أنه أيسر على الأمة وأسهل وأبعد من الحرج ثم يعمد إلى مخالفة ذلك برأيه ويلزم الأمة بالثلاث من قبل نفسه فيضيق عليهم ما وسعه الله تعالى ويعسر ما سهله ويسد ما فتحه ويحرج ما فسحه ثم يتابعه على ذلك أكابر الصحابة ويوافقونه ولا يخالفونه ! ثم هب أنهم خافوا منه في حياته وكلا فإنه كان أتقى لله سبحانه وتعالى من ذلك وكان إذا بينت له المرأة ما خفي عليه من الحق رجع إليه وكان الصحابة أتقى لله تعالى وأعلم به أن يأخذهم لومة لائم في الحق وأن يمسكوا عنه خوفا من عمر رضي الله عنه فقد دار الأمر بين القدح في عمر رضي الله عنه والصحابة معه وبين ردع تلك الأحاديث إما لضعفها وإما لنسخها وخفى علينا الناسخ وإما بتأويلها وحملها على محمل يصح ولا ريب أن هذا أولى لتوفية حق الصحابة الذين هم أعلم بالله تعالى ورسوله من جميع من بعدهم
    قيل: لعمر الله إن هذا لسؤال يورد أمثاله أهل العلم وإنه ليحتاج إلى جواب شاف كاف فنقول:
    الناس هنا طائفتان: طائفة اعتذرت عن هذه الأحاديث لأجل عمر ومن وافقه وطائفة اعتذرت عن عمر رضي الله عنه ولم ترد الأحاديث
    فقالوا: الأحكام نوعان: نوع لا يتغير عن حالة واحدة هو عليها لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة ولا اجتهاد الأئمة كوجوب الواجبات وتحريم المحرمات والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم ونحو ذلك فهذا لا يتطرق إليه تغيير ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه
    والنوع الثاني: ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زمانا ومكانا وحالا كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها فإن الشارع ينوع فيها بحسب المصلحة فشرع التعزير بالقتل لمدمن الخمر في المرة الرابعة، وعزم على التعزير بتحريق البيوت على المتخلف عن حضور الجماعة لولا ما منعه من تعدي العقوبة إلى غير من يستحقها من النساء والذرية
    وعزر بحرمان النصيب المستحق من السلب

  • صفحة 14 من 33 الأولىالأولى ... 4121314151624 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. حوار مع الشيطان
      بواسطة king-of-nothing في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 08-03-2010, 11:35 PM
    2. الشيطان
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 07-19-2010, 06:06 PM
    3. كن مثل الشيطان
      بواسطة nano في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 07-11-2010, 10:47 PM
    4. الكبرياء خلة الشيطان
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 02:25 AM
    5. الشيطان المثقف !!!
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 05-01-2010, 11:30 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1