صفحة 15 من 32 الأولىالأولى ... 5131415161725 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 57 إلى 60 من 125

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)


  1. #57
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    حدثنا السري، قال: أخبرنا شعيب، قال: حدثنا سيف - وحدثني عبيد الله، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف - قال: أخبرنا المستنير ابن يزيد، عن عروة بن غزية الدثيني، عن الضحاك بن فيروز - قال السري: عن جشيش بن الديلمى، وقال عبيد الله: عن جشنس بن الديلمي - قال: قدم علينا وبر بن يحنس بكتاب النبي ، يأمرنا فيه بالقيام على ديننا، والنهوض في الحرب، والعمل في الأسود: إما غيلة وإما مصادمة؛ وأن نبلغ عنه من رأينا أن عنده نجدة ودينًا. فعلمنا في ذلك، فرأينا أمرًا كثيفًا، ورأيناه قد تغير لقيس بن عبد يغوث - وكان على جنده - فقلنا: يخاف على دمه؛ فهو لأول دعوة؛ فدعوناه وأنبأناه الشأن، وأبلغناه عن النبي ؛ فكأنما وقعنا عليه من السماء، وكان في غم وضيق بأمره؛ فأجابنا إلى ما أحيينا من ذلك، وجاءنا وبر بن يحنس، وكاتبنا الناس ودعوناهم؛ وأخبره الشيطان بشيء، فأرسل إلى قيس وقال: يا قيس، ما يقول هذا؟ قال: وما يقول؟ قال: يقول: عمدت إلى قيس فأكرمته؛ حتى إذا دخل منك كل مدخل، وصار في العز مثلك، مال ميل عدوك؛ وحاول ملكك وأضمر على الغدر؟ إنه يقول: يا أسود يا أسود؟! يا سوءة يا سوءة! اقطف قنته، وخذ من قيس أعلاه؛ وإلا سلبك أو قطف قنتك. فقال قيس - وحلف به: كذب وذي الخمار؛ لأنت أعظم في نفسي وأجل عندي من أن أحدث بك نفسي؛ فقال: ما أجفاك! أتكذب الملك! قد صدق الملك؛ وعرفت الآن أنك تائب مما اطلع عليه منك.
    ثم خرج فأتانا، فقال: يا جشيش، ويا فيروز، وياداذويه؛ إنه قد قال وقلت؛ فما الرأى؟ فقلنا: نحن على حذر؛ فإنا في ذلك؛ إذ أرسل إلينا، فقال: ألم أشرفكم على قومكم، ألم يبلغنى عنكم! فقلنا: أقلنا مرتنا هذه، فقال: لا يبلغنى عنكم فأقتلكم؛ فنجونا ولم نكد؛ وهو في ارتياب من أمرنا وأمر قيس؛ ونحن في ارتياب وعلى خطر عظيم؛ إذ جاءنا اعتراض عامر ابن شهر وذي زود وذي مران وذي الكلاع وذي ظليم عليه، وكاتبونا وبذلوا لنا النصر؛ وكاتبناهم وأمرناهم ألا يحركوا شيئًا حتى نبرم الأمر - وإنما اهتاجوا لذلك حين جاء كتاب النبي ؛ وكتب النبي إلى أهل نجران؛ إلى عربهم وساكني الأرض من غير العرب؛ فثبتوا فتنحوا وانضموا إلى مكان واحد - وبلغه ذلك، وأحسن بالهلاك، وفرق لنا الرأى. فدخلت على آذاذ؛ وهي امرأته، فقلت: يا ابنة عم؛ قد عرفت بلاء هذا الرجل عند قومك؛ قتل زوجك، وطأطأ في قومك القتل، وسفل بمن بقي منهم؛ وفضح النساء؛ فهل عندك من ممالأة عليه! فقالت: على أي أمره؟ قلت: إخراجه، قالت: أو قتله، قلت: أو قتله، قالت: نعم والله ما خلق الله شخصًا أبغض إلى منه؛ ما يقوم لله على حق، ولا ينتهي له عن حرمة؛ فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بمأتى هذا الأمر. فأخرج فإذا فيروز وداذويه ينتظراني، وجاء قيس ونحن نريد أن نناهضه، فقال له رجل قبل أن يجلس إلينا: الملك يدعوك، فدخل في عشرة من مذحج وهمدان، فلم يقدر على قتله معهم - قال السري في حديثه: فقال: يا عيهلة بن كعب بن غوث، وقال عبيد الله في حديثه: يا عبهلة بن كعب بن غوث - أمنى تحصن بالرجال! ألم أخبرك الحق وتخبرني الكذابة! إنه يقول: يا سوءة يا سوءة! إلا تقطع من قيس يده يقطع قنتك العليا؛ حتى ظن أنه قاتله؛ فقال: إنه ليس من الحق أن أقتلك وأنت رسول الله، فمر بي بما أحببت؛ فأما الخوف والفزع فأنا فيهما مخافة أن تقتلني - قال الزهري: فإما قتلتني فموتة، وقال السري: اقتلني فموتة أهون على من موتات أموتها كل يوم - فرق له فأخرجه، فخرج علينا فأخبرنا وواطأنا، وقال: اعلموا عملكم؛ وخرج علينا في جمع، فقمنا مثولا له، وبالباب مائة ما بين بقرة وبعير، فقام وخط خطًا فأقيمت من ورائه، وقام من دونها، فنحرها غير محبسة ولا معقلة، ما يقنحم الخط منها شيء، ثم خلاها فجالت إلى أن زهقت؛ فما رأيت أمرًا كان أفظع منه، ولا يومًا أوحش منه. ثم قال: أحق ما بلغني عنك يا فيروز؟ وبوأ له الحربة - لقد هممت أن أنحرك فأتبعك هذه البهيمة، فقال: اخترتنا لصهرك وفضلتنا على الأبناء؛ فلو لم تكن نبيًا ما بعنا نصيبنا منك بشيء؛ فكيف وقد اجتمع لنا بك أمر آخرة ودنيا؛ لا تقبلن علينا أمثال ما يبلغك؛ فإنا بحيث تحب. فقال: اقسم هذه؛ فأنت أعلم بمن ها هنا، فاجتمع إلى أهل صنعاء، وجعلت آمر للرهط بالجزور ولأهل البيت بالبقرة، ولأهل الحلة بعدة، حتى أخذ أهل كل ناحية بقسطهم. فلحق به قبل أن يصل إلى داره - وهو واقف على - رجل يسعى إليه بفيروز؛ فاستمع له، واستمع له فيروز وهو يقول: أنا قاتله غدًا وأصحابه؛ فاغد علي، ثم التفت فإذا به، فقال: مه! فأخبره بالذي صنع، فقال: أحسنت، ثم ضرب دابته داخلًا، فرجع إلينا فأخبرنا الخبر، فأرسلنا إلى قيس؛ فجاءنا؛ فأجمع ملؤهم أن أعود إلى المرأة فأخبرها بعزيمتنا لتخبرنا بما تأمر؛ فأتيت المرأة وقلت: ما عندك؟ فقالت: هو متحرز متحرس؛ وليس من القصر شيء إلا والحرس محيطون به غير هذا البيت؛ فإن ظهره إلى مكان كذا وكذا من الطريق؛ فإذا أمسيتم فانقبوا عليه؛ فإنكم من دون الحرس؛ وليس دون قتله شيء. وقالت: إنكم ستجدون فيه سراجًا وسلاحًا. فخرجت فتلقاني الأسود خارجًا من بعض منازله، فقال لي: ما أدخلك علي؟ ووجأ رأسي حتى سقطت - وكان شديدًا وصاحت المرأة فأدهشته عني؛ ولولا ذلك لقتلني. وقالت: ابن عمي جاءني زائرًا، فقصرت بي! فقال: اسكتي لا أبا لك، فقد وهبته لك! فتزايلت عني، فأتيت أصحابي فقلت: النجاء! الهرب! وأخبرتهم الخبر؛ فإنا على ذلك حيارى إذ جاءني رسولها: لا تدعن ما فارقتك عليه؛ فإني لم أزل به حتى اطمأن؛ فقلنا لفيروز: ائتها فتثبت منها؛ فإما أنا فلا سبيل لي إلى الدخول بعد النهي. ففعل، وإذا هو كان أفطن مني؛ فلما أخبرته قالت: وكيف ينبغي لنا أن ننقب على بيوت مبطنة! ينبغي لنا أن نقلع بطانة البيت؛ فدخلا فاقتلعا البطانة، ثم أغلقاه؛ وجلس عندها كالزائر؛ فدخل عليها الأسود فاستخفته غيرة، وأخبرته برضاع وقرابة منها عنده محرم، فصاح به وأخرجه. وجاءنا بالخبر؛ فلما أمسينا عملنا في أمرنا؛ وقد واطأنا أشياعنا، وعجلنا عن مراسلة الهمدانيين والحميريين؛ فنقبنا البيت من خارج، ثم دخلنا وفيه سراج تحت جفنة؛ واتقينا بفيروز؛ وكان أنجدنا وأشدنا - فقلنا: انظر ماذا ترى! فخرج ونحن بينه وبين الحرس معه في مقصورة؛ فلما دنا من باب البيت سمع غطيطًا شديدًا، وإذا المرأة جالسة؛ فلما قام على الباب أجلسه الشيطان فكلمه على لسانه - وإنه ليغط جالسًا. وقال أيضًا: مالي ولك يا فيروز! فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة، فعاجله فخالطه وهو مثل الجمل؛ فأخذ برأسه فقتله، فدق عنقه، ووضع ركبته في ظهره فدقه، ثم قام ليخرج؛ فأخذت المرأة بثوبه وهي ترى أنه لم يقتله، فقالت: أين تدعني! قال: أخبر أصحابي بمقتله؛ فأتانا فقمنا معه؛ فأردنا حز رأسه؛ فحركه الشيطان فاضطرب فلم يضبطه؛ فقلت: اجلسوا على صدره؛ فجلس اثنان على صدره، وأخذت المرأة بشعره، وسمعنا بربرة فألجمته بمئلاة؛ وأمر الشفرة على حلقه فخار كأشد خوار ثور سمعته قط؛ فابتدر الحرس الباب وهم حول المقصورة، فقالوا: ما هذا، ما هذا! فقالت المرأة: النبي يوحى إليه! فخمد. ثم سمرنا ليلتنا ونحن نأتمر كيف نخبر أشياعنا، ليس غيرنا ثلاثتنا: فيروز وداذويه وقيس؛ فاجتمعنا على النداء بشعارنا الذي بيننا وبين أشياعنا، ثم ينادى بالأذان، فلما طلع الفجر نادى داذويه بالشعار، ففزع المسلمون والكافرون، وتجمع الحرس فأحاطوا بنا، ثم ناديت بالأذان، وتوافت خيولهم إلى الحرس، فناديتهم: أشهد أن محمدًا رسول الله؛ وأن عبهلة كذاب! وألقينا إليهم رأسه، فأقام وبر الصلاة، وشنها القوم
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #58
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    غارةً؛ ونادينا: يا أهل صنعاء، من دخل عليه داخل فتعلقوا به، ومن كان عنده منهم أحد فتعلقوا به. ونادينا بمن في الطريق: تعلقوا بمن استطعتم! فاختطفوا صبيانًا كثيرين؛ وانتهبوا ما انتهبوا، ثم مضوا خارجين؛ فلما برزوا فقدوا منهم سبعين فارسًا ركبانا؛ وإذا أهل الدور والطرق وقد وافونا بهم؛ وفقدنا سبعمائة عيل فراسلونا وراسلناهم أن يتركوا لنا ما في أيديهم، ونترك لهم ما في أيدينا؛ ففعلوا فخرجوا لم يظفروا منا بشيء؛ فترددوا فيما بين صنعاء ونجران، وخلصت صنعاء والجند، وأعز الله الإسلام وأهله؛ وتنافسنا الإمارة؛ وتراجع أصحاب النبي إلى أعمالهم؛ فاصطلحنا على معاذ بن جبل، فكان يصلى بنا، وكتبنا إلى رسول الله بالخبر؛ وذلك في حياة النبي . فأتاه الخبر من ليلته، وقدمت رسلنا؛ وقد مات النبي صبيحة تلك الليلة؛ فأجابنا أبو بكر رحمه الله. لا سبيل لي إلى الدخول بعد النهي. ففعل، وإذا هو كان أفطن مني؛ فلما أخبرته قالت: وكيف ينبغي لنا أن ننقب على بيوت مبطنة! ينبغي لنا أن نقلع بطانة البيت؛ فدخلا فاقتلعا البطانة، ثم أغلقاه؛ وجلس عندها كالزائر؛ فدخل عليها الأسود فاستخفته غيرة، وأخبرته برضاع وقرابة منها عنده محرم، فصاح به وأخرجه. وجاءنا بالخبر؛ فلما أمسينا عملنا في أمرنا؛ وقد واطأنا أشياعنا، وعجلنا عن مراسلة الهمدانيين والحميريين؛ فنقبنا البيت من خارج، ثم دخلنا وفيه سراج تحت جفنة؛ واتقينا بفيروز؛ وكان أنجدنا وأشدنا - فقلنا: انظر ماذا ترى! فخرج ونحن بينه وبين الحرس معه في مقصورة؛ فلما دنا من باب البيت سمع غطيطًا شديدًا، وإذا المرأة جالسة؛ فلما قام على الباب أجلسه الشيطان فكلمه على لسانه - وإنه ليغط جالسًا. وقال أيضًا: مالي ولك يا فيروز! فخشى إن رجع أن يهلك وتهلك المرأة، فعاجله فخالطه وهو مثل الجمل؛ فأخذ برأسه فقتله، فدق عنقه، ووضع ركبته في ظهره فدقه، ثم قام ليخرج؛ فأخذت المرأة بثوبه وهي ترى أنه لم يقتله، فقالت: أين تدعني! قال: أخبر أصحابي بمقتله؛ فأتانا فقمنا معه؛ فأردنا حز رأسه؛ فحركه الشيطان فاضطرب فلم يضبطه؛ فقلت: اجلسوا على صدره؛ فجلس اثنان على صدره، وأخذت المرأة بشعره، وسمعنا بربرة فألجمته بمئلاة؛ وأمر الشفرة على حلقه فخار كأشد خوار ثور سمعته قط؛ فابتدر الحرس الباب وهم حول المقصورة، فقالوا: ما هذا، ما هذا! فقالت المرأة: النبي يوحى إليه! فخمد. ثم سمرنا ليلتنا ونحن نأتمر كيف نخبر أشياعنا، ليس غيرنا ثلاثتنا: فيروز وداذويه وقيس؛ فاجتمعنا على النداء بشعارنا الذي بيننا وبين أشياعنا، ثم ينادى بالأذان، فلما طلع الفجر نادى داذويه بالشعار، ففزع المسلمون والكافرون، وتجمع الحرس فأحاطوا بنا، ثم ناديت بالأذان، وتوافت خيولهم إلى الحرس، فناديتهم: أشهد أن محمدًا رسول الله؛ وأن عبهلة كذاب! وألقينا إليهم رأسه، فأقام وبر الصلاة، وشنها القوم غارةً؛ ونادينا: يا أهل صنعاء، من دخل عليه داخل فتعلقوا به، ومن كان عنده منهم أحد فتعلقوا به. ونادينا بمن في الطريق: تعلقوا بمن استطعتم! فاختطفوا صبيانًا كثيرين؛ وانتهبوا ما انتهبوا، ثم مضوا خارجين؛ فلما برزوا فقدوا منهم سبعين فارسًا ركبانا؛ وإذا أهل الدور والطرق وقد وافونا بهم؛ وفقدنا سبعمائة عيل فراسلونا وراسلناهم أن يتركوا لنا ما في أيديهم، ونترك لهم ما في أيدينا؛ ففعلوا فخرجوا لم يظفروا منا بشيء؛ فترددوا فيما بين صنعاء ونجران، وخلصت صنعاء والجند، وأعز الله الإسلام وأهله؛ وتنافسنا الإمارة؛ وتراجع أصحاب النبي ص إلى أعمالهم؛ فاصطلحنا على معاذ بن جبل، فكان يصلى بنا، وكتبنا إلى رسول الله ص بالخبر؛ وذلك في حياة النبي ص. فأتاه الخبر من ليلته، وقدمت رسلنا؛ وقد مات النبي ص صبيحة تلك الليلة؛ فأجابنا أبو بكر رحمه الله. حدثنا عبيد الله، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف - وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، عن سيف - عن أبي القاسم الشنوي، عن العلاء بن زياد، عن ابن عمر، قال: أتى الخبر النبي ص من السماء الليلة التي قتل فيها العنسى ليبشرنا، فقال: قتل العنسى البارحة، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين، قيل: ومن هو؟ قال: فيروز، فاز فيروز! حدثنا عبيد الله، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرني سيف - وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، عن سيف - عن المستنير، عن عروة، عن الضحاك، عن فيروز، قال: قتلنا الأسود، وعاد أمرنا كما كان؛ إلا أنا أرسلنا إلى معاذ، فتراضينا عليه؛ فكان يصلى بنا في صنعاء؛ فو الله ما صلى بنا إلا ثلاثا ونحن راجون مؤملون، لم يبق شيء نكرهه إلا ما كان من تلك الخيول التي تتردد بيننا وبين نجران؛ حتى أتانا الخبر بوفاة رسول الله ص، فانتقضت الأمور؛ وأنكرنا كثيرًا مما كنا نعرف، واضطربت الأرض.
    حدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف، عن أبي القاسم وأبي محمد، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السيباني، من جند فلسطين؛ عن عبد الله بن فيروز الديلمي؛ أن أباه حدثه أن النبي بعث إليهم رسولًا، يقال له: وبر بن يحنس الأزدي؛ وكان منزله على داذويه الفارسي، وكان الأسود كاهنًا معه شيطان وتابع له، فخرج فنزل على ملك اليمن؛ فقتل ملكها ونكح امرأته وملك اليمن؛ وكان باذام هلك قبل ذلك، فخلف ابنه على أمره، فقتله وتزوجها، فاجتمعت أنا وداذويه وقيس بن المكشوح المرادي عند وبر بن يحنس رسول نبي الله نأتمر بقتل الأسود. ثم إن الأسود أمر الناس فاجتمعوا في رحبة من صنعاء، ثم خرج حتى قام في وسطهم، ومعه حربة الملك، ثم دعا بفرس الملك فأوجره الحربة، ثم أرسل فجعل يجري في المدينة ودماؤه تسيل حتى مات. وقام وسط الرحبة؛ ثم دعا بجزر من وراء الخط فأقامها، وأعناقها ورءوسها في الخط ما يجزنه. ثم استقبلهن بحربته فنحرهن فتصدعن عنه؛ حتى فرغ منهن، ثم أمسك حربته في يده، ثم أكب على الأرض، ثم رفع رأسه، فقال: إنه يقول - يعني شيطانه الذي معه: إن ابن المكشوح من الطغاة، يا أسود اقطع قنة رأسه العليا. ثم أكب رأسه أيضًا ينظر، ثم رفع رأسه، فقال: إنه يقول: إن ابن الديلمى من الطغاة؛ يا أسود اقطع يده اليمنى ورجله اليمنى؛ فلما سمعت قوله قلت: والله ما آمن أن يدعو بي، فينحرني بحربته كما نحر هذه الجزر؛ فجعلت أستتر بالناس لئلا يراني، حتى خرجت ولا أدري من حذرى كيف آخذ! فلما دنوت من منزلي لقيني رجل من قومه، فدق في رقبتي، فقال: إن الملك يدعوك وأنت تروغ! ارجع؛ فردني، فلما رأيت ذلك خشيت أن يقتلني. قال: وكنا لا يكاد يفارق رجلا منا أبدًا خنجره، فأدس يدي في خفي، فأخذت خنجري، ثم أقبلت وأنا أريد أن أحمل عليه، فأطعنه به حتى أقتله، ثم أقتل من معه، فلما دنوت منه رأى في وجهي الشر، فقال: مكانك! فوقفت، فقال: إنك أكبر من ها هنا وأعلمهم بأشراف أهلها، فاقسم هذه الجزر بينهم. وركب فانطلق وعلقت أقسم اللحم بين أهل صنعاء، فأتاني ذلك الذي دق في رقبتي، فقال:


  • #59
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    أعطني منها، فقلت: لا والله ولا بضعة واحدة؛ ألست الذي دققت في رقبتي! فانطلق غضبان حتى أتى الأسود؛ فأخبره بما لقي مني وقلت له. فلما فرغت أتيت الأسود أمشي إليه، فسمعت الرجل وهو يشكوني إليه، فقال له الأسود: أما والله لأذبحنه ذبحًا! فقت له: إني قد فرغت مما أمرتني به، وقسمته بين الناس. قال: قد أحسنت فانصرف. فانصرفت، فبعثنا إلى امرأة الملك: إنا نريد قتل الأسود؛ فكيف لنا! فأرسلت إلى: أن هلم. فأتيتها، وجعلت الجارية على الباب لتؤذننا إذا جاء؛ ودخلت أنا وهي البيت الآخر، فحفرنا حتى نقبنا نقبًا، ثم خرجنا إلى البيت، فأرسلنا الستر، فقلت: إنا نقتله الليلة، فقالت: فتعالوا؛ فما شعرت بشيء حتى إذا الأسود قد دخل البيت؛ وإذا هو معنا؛ فأخذته غيرة شديدة، فجعل يدق في رقبتي، وكفكفته عني، وخرجت فأتيت أصحابي بالذي صنعت، وأيقنت بانقطاع الحيلة عنا فيه؛ إذ جاءنا رسول المرأة؛ ألا يكسرن عليكم أمركم ما رأيتم؛ فإني قد قلت له بعد ما خرجت: ألستم تزعمون أنكم أقوام أحرار لكم أحساب! قال: بلى، فقلت: جاءني أخي يسلم على ويكرمني، فوقعت عليه تدق في رقبته؛ حتى أخرجته، فكانت هذه كرامتك إياه! فم أزل ألومه حتى لام نفسه، وقال: أهو أخوك؟ فقلت: نعم، فقال: ما شعرت؛ فأقبلوا الليلة لما أردتم. قال الديلمي: فاطمأنت أنفسنا، واجتمع لنا أمرنا؛ فأقبلنا من الليل أنا وداذويه وقيس حتى ندخل البيت الأقصى من النقب الذي نقبنا، فقلت: يا قيس، أنت فارس العرب، ادخل فاقتل الرجل، قال: إني تأخذني رعدة شديدة عند البأس، فأخاف أن أضرب الرجل ضربة لا تغنى شيئًا؛ ولكن ادخل أنت يا فيروز، فإنك أشبنا وأقوانا، قال: فوضعت سيفي عند القوم، ودخلت لأنظر أين رأس الرجل! فإذا السراج يزهر؛ وإذا هو راقد على فرش قد غاب فيها لا أدري أين رأسه من رجليه! وإذا المرأة جالسة عنده كانت تطعمه رمانًا حتى رقد، فأشرت إليها: أين رأسه؟ فأشارت إليه، فأقبلت أمشي حتى قمت عند رأسه لأنظر، فما أدري أنظرت في وجهه أم لا! فإذا هو قد فتح عينيه؛ فنظر إلي، فقلت: إن رجعت إلى سيفي خفت أن يفوتني ويأخذ عدة يمتنع بها مني؛ وإذا شيطانه قد أنذره بمكاني وقد أيقظه، فلما أبطأ كلمني على لسانه؛ وإنه لينظر ويغط، فأضرب بيدي إلى رأسه، فأخذت رأسه بيد ولحيته بيد؛ ثم ألوي عنقه فدققتها؛ ثم أقبلت إلى أصحابي، فأخذت المرأة بثوبي، فقالت: أختكم نصيحتكم! قلت: قد والله قتلته وأرحتك منه. قال: فدخلت على صاحبي فأخبرتهما، قالا: فارجع فاحتز رأسه وائتنا به، فدخلت فبربر فألجمته فحززت رأسه، فأتيتهما به، ثم خرجنا حتى أتينا منزلنا؛ وعندنا وبر بن يحنس الأزدي، فقام معنا حتى ارتقينا على حصن مرتفع من تلك الحصون؛ فأذن وبر بن يحنس بالصلاة، ثم قلنا: ألا إن الله عز وجل قد قتل الأسود الكذاب، فاجتمع الناس إلينا فرمينا برأسه، فلما رأى القوم الذين كانوا معه أسرجوا خيولهم؛ ثم جعل كل واحد منهم يأخذ غلامًا من أبنائنا معه من أهل البيت الذي كان نازلا فيهم؛ فأبصرتهم في الغلس مردفي الغلمان، فناديت أخي وهو أسفل مني مع الناس: أن تعلقوا بمن استطعتم منهم؛ ألا ترون ما يصنعون بالأبناء! فتعلقوا بهم؛ فحبسنا منهم سبعين رجلًا، وذهبوا منا بثلاثين غلامًا، فلما برزوا إذا هم يفقدون سبعين رجلا حين تفقدوا أصحابهم، فأتونا فقالوا: أرسلوا إلينا أصحابنا، فقلنا لهم: أرسلوا إلينا أبناءنا، فأرسلوا إلينا الأبناء، وأرسلنا إليهم أصحابهم.
    قال: وقال رسول الله لأصحابه: إن الله قد قتل الأسود الكذاب العنسي، قتله بيد رجل من إخوانكم، وقوم أسلموا وصدقوا؛ فكنا كأنا على الأمر الذي كان قبل قدوم الأسود علينا وأمن الأمراء وتراجعوا، واعتذر الناس وكانوا حديثي عهد بالجاهلية.
    حدثنا عبيد الله، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا سيف - وحدثنى السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - عن سهل بن يوسف، عن أبيه، عن عبيد بن صخر، قال: كان أول أمره إلى آخره ثلاثة أشهر.
    وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، عن سيف - وحدثنا عبيد الله قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف - عن جابر بن يزيد، عن عروة ابن غزية، عن الضحاك بن فيروز، قال: كان ما بين خروجه بكهف خبان ومقتله نحوًا من أربعة أشهر؛ وقد كان قبل ذلك مستسرًا بأمره. حتى بادى بعد.
    حدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن محمد، عن أبي معشر ويزيد بن عياض بن جعدبة وغسان بن عبد الحميد وجويرية بن أسماء، عن مشيختهم، قالوا: أمضي أبو بكر جيش أسامة بن زيد في آخر ربيع الأول، وأتى مقتل العنسي في آخر ربيع الأول بعد مخرج أسامة؛ وكان ذلك أول فتح أتى أبا بكر وهو بالمدينة.
    حوادث متفرقة
    وقال الواقدي: في هذه السنة - أعني سنة إحدى عشرة - قدم وفد النخع في النصف من المحرم على رسول الله ، رأسهم زرارة بن عمرو، وهم آخر من قدم من الوفود.
    وفيها: ماتت فاطمة ابنة رسول الله في ليلة الثلاثاء، لثلاث خلون من شهر رمضان؛ وهي يومئذ ابنة تسع وعشرين سنة أو نحوها. وذكر أن أبا بكر بن عبد الله، حدثه عن إسحاق بن عبد الله، عن أبان بن صالح بذلك. وزعم أن ابن جريج حدثه عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، قال: توفيت فاطمة عليها السلام بعد النبي بثلاثة أشهر.
    قال: وحدثنا ابن جريج، عن الزهري، عن عروة، قال: توفيت فاطمة بعد النبي بستة أشهر.
    قال الواقدي: وهو أثبت عندنا.
    قال: وغسلها علي عليه السلام وأسماء بنت عميس.
    قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة ابنة عبد الرحمن قالت: صلى عليها العباس بن عبد المطلب.
    وحدثنا أبو زيد، قال: حدثنا علي، عن أبي معشر، قال: دخل قبرها العباس وعلي والفضل بن العباس.
    قال: وفيها توفي عبد الله بن أبي بكر بن أبي قحافة، وكان أصابه بالطائف سهم مع النبي ، رماه أبو محجن، ودمل الجرح حتى انتقض به في شوال؛ فمات.
    وحدثني أبو زيد، قال: حدثنا علي، قال: حدثنا أبو معشر ومحمد ابن إسحاق وجويرية بن أسماء بإسناده الذي ذكرت قبل، قالوا: في العام الذي بويع فيه أبو بكر ملك أهل فارس عليهم يزد جرد.
    قال أبو جعفر: وفيها كان لقاء أبي بكر رحمه الله خارجة بن حصن الفزارى. حدثني أبو زيد، قال: حدثنا علي بن محمد بإسناده الذي ذكرت قبل، قالوا: أقام أبو بكر بالمدينة بعد وفاة رسول الله وتوجيهه أسامة في جيشه إلى حيث قتل أبوه زيد بن حارثة من أرض الشأم؛ وهو الموضع الذي كان رسول الله أمره بالمسير إليه؛ لم يحدث شيئًا، وقد جاءته وفود العرب مرتدين يقرون بالصلاة، ويمنعون الزكاة. فلم يقبل ذلك منهم وردهم، وأقام حتى قدم أسامة بن زيد بن حارثة بعد أربعين يومًا من شخوصه - ويقال: بعد سبعين يومًا - فلما قدم أسامة بن زيد استخلفه أبو بكر على المدينة وشخص - ويقال استخلف سنانًا الضمري على المدينة - فسار ونزل بذي القصة في جمادى الأولى؛ ويقال في جمادى الآخرة؛ وكان نوفل بن معاوية الديلي بعثه رسول الله ، فلقيه خارجة بن حصن بالشربة؛ فأخذ ما في يديه؛ فرده على بني فزارة؛ فرجع نوفل إلى أبي بكر بالمدينة قبل قدوم أسامة على أبي بكر. فأول حرب كانت في الردة بعد وفاة النبي حرب العنسي؛ وقد كانت حرب العنسي باليمن؛ ثم حرب خارجة بن حصن ومنظور بن زبان بن سيار في غطفان، والمسلمون غارون، فانحاز أبو بكر إلى أجمة فاستتر بها، ثم هزم الله المشركين.
    وحدثني عبيد الله، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا سيف - وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - عن المجالد ابن سعيد، قال: لما فضل أسامة كفرت الأرض وتضرمت، وارتدت من كل قبيلة عامة أو خاصة إلا قريشًا وثقيفًا.


  • #60
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وحدثني عبيد الله، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا سيف - وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: لما مات رسول الله ، وفصل أسامة ارتدت العرب عوام أو خواص؛ وتوحى مسيلمة وطليحة، فاستغلظ أمرهما؛ واجتمع على طليحة عوام طيئ وأسد، وارتدت غطفان إلى ما كان من أشجع وخواص من الأفناء فبايعوه، وقدمت هوازن رجلًا وأخرت رجلًا أمسكوا الصدقة إلا ما كان من ثقيف ولفها؛ فإنهم اقتدى بهم عوام جديلة والأعجاز؛ وارتدت خواص من بني سليم؛ وكذلك سائر الناس بكل مكان.
    قال: وقدمت رسل النبي من اليمن واليمامة وبلاد بني أسد ووفود من كان كاتبه النبي ، وأمر أمره في الأسود ومسيلمة وطلحة بالأخبار والكتب؛ فدفعوا كتبهم إلى أبي بكر، وأخبروه الخبر، فقال لهم أبو بكر: لا تبرحوا حتى تجئ رسل أمرائكم وغيرهم بأدهى مما وصفتم وأمر؛ وانتقاض الأمور. فلم يلبثوا أن قدمت كتب أمراء النبي من كل مكان بانتفاض عامة أو خاصة، وتبسطهم بأنواع الميل على المسلمين، فحاربهم أبو بكر بما كان رسول الله حاربهم بالرسل. فرد رسلهم بأمره، وأتبع الرسل رسلًا؛ وانتظر بمصادمتهم قدوم أسامة؛ وكان أول من صادم عبس وذبيان، عاجلوه فقاتلهم قبل رجوع أسامة.
    حدثني عبيد الله، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف - وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - عن أبي عمرو، عن زيد بن أسلم، قال: مات رسول الله وعماله على قضاعة، وعلى كلب امرؤ القيس بن الأصبغ الكلبي من بني عبد الله، وعلى القين عمرو بن الحكم، وعلى سعد هذيم معاوية بن فلان الوائلي.
    وقال السري الوالبي: فارتد وديعة الكلبي فيمن آزره من كلب، وبقي امرؤ القيس على دينه، وارتد زميل بن قطبة القيني فيمن آزره من بني القين وبقي عمرو، وارتد معاوية فيمن آزره من سعد هذيم. فكتب أبو بكر إلى امرئ القيس بن فلان - وهو جد سكينة ابنة حسين - فسار لوديعة، وإلى عمرو فأقام لزميل، وإلى معاوية العذري. فلما توسط أسامة بلاد قضاعة، بث الخيول فيهم وأمرهم أن ينهضوا من أقام على الإسلام إلى من رجع عنه؛ فخرجوا هرابًا؛ حتى أرزوا إلى دومة، واجتمعوا إلى وديعة، ورجعت خيول أسامة إليه؛ فمضى فيها أسامه. حتى أغار على الحمقتين، فأصاب في بني الضبيب من جذام، وفي بني خيليل من لخم ولفها من القبيلين؛ وحازهم من آبل وانكفأ سالمًا غانمًا.
    فحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، عن سيف، عن سهل بن يوسف، عن القاسم بن محمد، قال: مات رسول الله ؛ واجتمعت أسد وغطفان وطيئ على طليحة؛ إلا ما كان من خواص أقوام في القبائل الثلاث؛ فاجتمعت أسد بسميراء، وفزارة ومن يليهم من غطفان بجنوب طيبة، وطيئ على حدود أرضهم. واجتمعت ثعلبة بن سعد ومن يليهم من مرة وعبس بالأبرق من الربذة، وتأشب، إليهم ناس من بني كنانة؛ فلم تحملهم البلاد؛ فافترقوا فرقتين؛ فأقامت فرقة منهم بالأبرق، وسارت الأخرى إلى ذي القصة، وأمدهم طليحة بحبال فكان حبال على أهل ذي القصة من بني أسد ومن تأشب من ليث والديل ومدلج. وكان على مرة بالأبرق عوف بن فلان بن سنان، وعلى ثعلبة وعبس الحارث ابن فلان؛ أحد بني سبيع، وقد بعثوا وفودًا فقدموا المدينة، فنزلوا على وجوه الناس، فأنزلوهم ما خلا عباسًا فتحملوا بهم على أبي بكر؛ على أن يقيموا الصلاة؛ وعلى ألا يؤتوا الزكاة؛ فعزم الله لأبي بكر على الحق، وقال: لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه - وكانت عقل الصدقة على أهل الصدقة مع الصدقة - فردهم فرجع وفد من يلى المدينة من المرتدة إليهم، فأخبروا عشائرهم بقلة من أهل المدينة، وأطمعوهم فيها؛ وجعل أبو بكر بعد ما أخرج الوفد على أنقاب المدينة نفرًا: عليًا والزبير وطلحة وعبد الله بن مسعود؛ وأخذ أهل المدينة بحضور المسجد، وقال لهم: إن الأرض كافرة؛ وقد رأى وفدهم منكم قلة؛ وإنكم لا تدرون أليلًا تؤتون أم نهارًا! وأدناهم منكم على بريد. وقد كان القوم يأملون أن نقبل منهم ونوادعهم؛ وقد أبينا عليهم، ونبذنا إليهم عهدهم، فاستعدوا وأعدوا. فما لبثوا إلا ثلاثًا حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل، وخلفوا بعضهم بذي حسي، ليكونوا لهم ردءًا، فوافق الغوار ليلا الأنقاب؛ وعليها المقاتلة، ودونهم أقوام يدرجون، فنبهوهم؛ وأرسلوا إلى أبي بكر بالخبر، فأرسل إليهم أبو بكر أن الزموا أماكنكم، ففعلوا. وخرج في أهل المسجد على النواضح إليهم، فانفش العدو، فاتبعهم المسلمون على إبلهم؛ حتى بلغوا ذا حسي؛ فخرج عليهم الردء بأنحاء قد نفخوها، وجعلوا فيها الحبال، ثم دهدهوها بأرجلهم في وجوه الإبل؛ فتدهده كل نحي في طوله، فنفرت إبل المسلمين وهم عليها - ولا تنفر الإبل من شيء نفارها من الأنحاء - فعاجت بهم ما يملكونها؛ حتى دخلت بهم المدينة؛ فلم يصرع مسلم ولم يصب؛ فقال في ذلك الخطيل بن أوس أخو الحطيئة ابن أوس:
    فدى لبني ذبيان رحلى وناقتي ** عشية يحذى بالرماح أبو بكر
    ولكن يدهدى بالرجال فهبنه ** إلى قدر ما إن يزيد ولا يحرى
    ولله أجناد تذاق مذاقه ** لتحسب فيما عد من عجب الدهر!
    وأنشده الزهري: ((من حسب الدهر)).
    وقال عبد الله الليثي؛ وكانت بنو عبد مناة من المرتدة - وهم بنو ذبيان - في ذلك الأمر بذي القصة وبذي حمى:

  • صفحة 15 من 32 الأولىالأولى ... 5131415161725 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    2. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM
    3. معجم البلدان الجزء الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 74
      آخر مشاركة: 07-19-2010, 05:49 PM
    4. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    5. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1