صفحة 15 من 19 الأولىالأولى ... 51314151617 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 57 إلى 60 من 73

الموضوع: مقدمة ابن خلدون - الجزء الرابع


  1. #57
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الفصل السادس عشر في أن الصنائع لا بد لها من العلم

    إعلم أن الصناعة هي ملكة في أمر عملي فكري و بكونه عملياً هو جسماني محسوس. و الأحوال الجسمانية المحسوسة فنقلها بالمباشرة أوعب لها و أكمل، لأن المباشرة في الأحوال الجسمانية المحسوسة أتم فائدة و الملكة صفة راسخة تحصل عن استعمال ذلك الفعل و تكرره مرة بعد أخرى حتى ترسخ صورته. و على نسبة الأصل تكون الملكة. و نقل المعاينة أوعب و أتم من نقل الخبر و العلم. فالملكة الحاصلة عن الخبر. و على قدر جودة التعليم و ملكة المعلم يكون حذق المتعلم في الصناعة و حصول ملكته. ثم أن الصنائع منها البسيط و منها المركب. و البسيط هو الذي يختص بالضروريات و المركب هو الذي يكون للكماليات. و المتقدم منها في التعليم هو البسيط لبساطته أولاً، و لأنه مختص بالضروري الذي تتوفر الدواعي على نقله فيكون سابقاً في التعليم و يكون تعليمه لذلك ناقصاً. و لا يزال الفكر يخرج أصنافها و مركباتها من القوة إلى الفعل بالاستنباط شيئاً فشيئاً على التدريج حتى تكمل. و لا يحصل ذلك دفعة و إنما يحصل في أزمان و أجيال إذ خروج الأشياء من القوة إلى الفعل لا يكون دفعة لا سيما في الأمور الصناعية فلا بد له إذن من زمان. و لهذا تجد الصنائع في الأمصار الصغيرة ناقصة و لا يوجد منها إلا البسيط فإذا تزايدت حضارتها و دعت أمور الترف فيها إلى استعمال الصنائع خرجت من القوة إلى الفعل. و تنقسم الصنائع أيضاً إلى ما يختص بأمر المعاش ضرورياً كان أو غير ضروري و إلى ما يختص بالأفكار التي هي خاصية الإنسان من العلوم و الصنائع و السياسة. و من الأول الحياكة و الجزارة و النجارة و الحدادة و أمثالها. و من الثاني الوراقة و هي معاناة الكتب بالانتساخ و التخليد و الغناء و الشعر و تعليم العلم و أمثال ذلك. و من الثالث الجندية و أمثالها. و الله أعلم.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #58
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الفصل السابع عشر في أن الصنائع إنما تكمل بكمال العمران الحضري و كثرته

    و السبب في ذلك أن الناس ما لم يستوف العمران الحضري و تتمدن المدينة إنما همهم في الضروري من المعاش و هو تحصيل الأقوات من الحنطة و غيرها. فإذا تمدنت المدبنة و تزايدت فيها الأعمال و وفت بالضروري و زادت عليه صرف الزائد و إنما إلى الكمالات من المعاش. ثم إن الصنائع و العلوم إنما هي للإنسان من حيث فكره الذي يتميز به عن الحيوانات و القوت له من حيث الحيوانية و الغذائية فهو مقدم لضرورته على العلوم و الصنائع و هي متأخرة عن الضروري. و على مقدار عمران البلد تكون جودة الصنائع للتأنق فيها و إنما و استجادة ما يطلب منها بحيث تتوفر دواعي الترف و الثروة و أما العمران البدوي أو القليل فلا يحتاج من الصنائع إلا البسيط خاصة المستعمل في الضروريات من نجار أو حداد او خياط أو حائك أو جزار. و إذا وجدت هذه بعد فلا توجد فيه كاملة و لا مستجادة و إنما يوجد منها بمقدار الضرورة إذ هي كلها وسائل إلى غيرها و ليست مقصودة لذاتها. و إذا زخر بحر العمران و طلبت فيه الكمالات كان من جملتها التأنق في الصنائع و استجادتها فكملت بجميع متمماتها و تزايدت صنائع أخرى معها مما تدعو إليه عوائد الترف و أحواله من جزار و دباغ و خراز و صائغ و أمثال ذلك. و قد تنتهي هذه الأصناف إذا استبحر العمران إلى أن يوجد فيها كثير من الكمالات و التأنق فيها في الغاية و تكون من وجوه المعاش في المصر لمنتحلها. بل تكون فائدتها من أعظم فوائد الأعمال لما يدعو إليه الترف في المدينة مثل الدهان و الصفار و الحمامي و الطباخ و الشماع و الهراس و معلم الغناء و الرقص و قرع الطبول على الترقيع. و مثل الوراقين الذين يعانون صناعة انتساخ الكتب و تجليدها و تصحيحها فإن هذه الصناعة إنما يدعو إليها الترف في المدينة من الاشتغال بالأمور الفكرية و أمثال ذلك. و قد تخرج عن الحد إذا كان العمران خارجاً عن الحد كما بلغنا عن أهل مصر أن فيهم من يعلم الطيور العجم و الحمر الإنسية و يتخيل أشياء من العجائب بإيهام قلب الأعيان و تعليم الحداء و الرقص و المشي على الخيوط في الهواء و رفع الأثقال من الحيوان و الحجارة و غير ذلك من الصنائع التي لا توجد عندنا بالمغرب. لأن عمران أمصاره لم يبلغ عمران مصر و القاهرة. أدام الله عمرانها بالمسلمين. و الله الحكيم العليم.




  • #59
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الفصل الثامن عشر في أن رسوخ الصنائع في الأمصار إنما هو برسوخ الحضارة و طول أمده

    و السبب في ذلك ظاهر و هو أن هذه كلها عوائد للعمران و الأوان. و العوائد إنما ترسخ بكثرة التكرار و طول الأمد فتستحكم صبغة ذلك و ترسخ في الأجيال. و إذا استحكمت الصبغة عسر نزعها. و لهذا نجد في الأمصار التي كانت استبحرت في الحضارة لما تراجع عمرانها و تناقص بقيت فيها آثار من هذه الصنائع ليست في غيرها من الأمصار المستحدثة العمران و لو بلغت مبالغها في الوفور و الكثرة و ما ذاك إلا لأن أحوال تلك القديمة العمران مستحكمة راسخة بطول الأحقاب و تداول الأحوال و تكررها و هذه لم تبلغ الغاية بعد. و هذا كالحال في الأندلس لهذا العهد فإنا نجد فيها رسوم الصنائع قائمة و أحوالها فمن مستحكمة راسخة في جميع ما تدعو إليه عوائد أمصارها كالمباني و الطبخ و أصناف الغناء و اللهو من الآلات و الأوتار و الرقص و تنضيد الفرش في القصور، و حسن الترتيب و الأوضاع في البناء و صوغ الآنية من المعادن و الخزف و جميع المواعين و إقامة الولائم و الأعراس و سائر الصنائع التي يدعو إليها الترف و عوائده. فنجدهم أقوم عليها و أبصر بها. و نجد صنائعها مستحكمة لديهم فهم على حصة موفورة من ذلك و حظ متميز بين جميع الأمصار. و إن كان عمرانها قد تناقص.
    و الكثير منه لا يساوي عمران غيرها من بلاد العدوة. و ما ذاك إلا لما قدمناه من رسوخ الحضارة فيهم برسوخ الدولة الأموية و ما قبلها من دولة القوط و ما بعدها من دولة الطوائف و هلم جرا. فبلغت الحضارة فيها مبلغاً لم تبلغه في قطر إلا ما ينقل عن العراق و الشام و مصر أيضاً لطول آماد الدول فيها فاستحكمت فيها الصنائع و كملت جميع أصنافها على الاستجادة و التنميق. و بقيت صبغتها ثابتة في ذلك العمران لا تفارقه إلى أن ينتقض بالكلية حال الصبغ إذا رسخ في الثوب.
    و كذا أيضاً حال تونس فيما حصل فيها بالحضارة من الدول الصنهاجية و الموحدين من بعدهم و ما استكمل لها في ذلك من الصنائع في سائر الأحوال و إن كان ذلك دون الأندلس. إلا أنه متضاعف برسوم منها تنقل إليها من مصر لقرب المسافة بينهما. و تردد المسافرين من قطرها إلى قطر مصر في كل سنة و ربما سكن أهلها هناك عصوراً فينقلون من عوائد ترفهم و محكم صنائعهم ما يقع لديهم موقع الاستحسان. فصارت أحوالها في ذلك متشابهة من أحوال مصر لما ذكرناه و من أحوال الأندلس لما أن أكثر ساكنها من شرق الأندلس حين الجلاء لعهد المائة السابعة. و رسخ فيها من ذلك أحوال و إن كان عمرانها ليس مناسب لذلك لهذا العهد. إلا أن الصبغة إذا استحكمت فقليلاً ما تحول إلا بزوال محلها. و كذا نجد بالقيروان و مراكش و قلعة ابن حماد أثراً باقياً من ذلك و إن كانت هذه كلها اليوم خراباً أو في حكم الخراب. و لا يتفطن لها إلا البصير من الناس فيجد من هذه الصنائع آثاراً تدله على ما كان بها كأثر الخط الممحو في الكتاب و الله الخلاق العليم.


  • #60
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    الفصل التاسع عشر في أن الصنائع إنما تستجاد و تكثر إذا كثر طالبها

    و السبب في ذلك ظاهر و هو أن الإنسان لا يسمح بعمله أن يقع مجاناً لأنه كسبه و منه معاشه. إذ لا فائدة له في جميع عمره في شيء مما سواه فلا يصرفه إلا فيما له قيمة في مصره ليعود عليه بالنفع. و إن كانت الصناعة مطلوبة و توجه إليها النفاق كانت و إنما الصناعة بمثابة السلعة التي تنفق سوقها و تجلب للبيع. فتجتهد الناس في المدينة لتعلم تلك الصناعة ليكون منها معاشهم.
    و إذا لم تكن الصناعة مطلوبة لم تنفق سوقها و لا يوجه قصد إلى تعلمها، فاختصت بالترك و فقدت للإهمال. و لهذا يقال عن علي رضي الله عنه، قيمة كل امرئ ما يحسن بمعنى أن صناعته هي قيمته أي قيمة عمله الذي هو معاشه. و أيضاً فهنا سر آخر و هو أن الصنائع و إجادتها إنما تطلبها الدولة فهي التي تنفق سوقها و توجه الطالبات إليها. و ما لم تطلبه الدولة و إنما يطلبها غيرها من أهل المصر فليس على نسبتها لأن الدولة هي السوق الأعظم و فيها نفاق كل شيء و القليل و الكثير فيها على نسبة واحدة. فما نفق منها كان أكثرياً ضرورة. و السوقة و إن طلبوا الصناعة فليس طلبهم بعام و لا شوقهم بنافقة. و الله سبحانه و تعالى قادر على ما يشاء.



  • صفحة 15 من 19 الأولىالأولى ... 51314151617 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. مقدمة ابن خلدون - الجزء الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 26
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 01:47 AM
    2. مقدمة ابن خلدون - الجزء الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 26
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 01:24 AM
    3. الشام شامك لو الزمن ضامك .. الجزء الرابع
      بواسطة شوالأخبار في المنتدى ملتقى صـــور ســــوريا الغالية Syria photographs
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 07-31-2010, 05:24 PM
    4. مقدمة أبن خلدون (الجزء الأول)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 22
      آخر مشاركة: 07-29-2010, 08:26 PM
    5. نون المنديل الوردي الجزء الرابع
      بواسطة ابوشادي في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 24
      آخر مشاركة: 07-22-2010, 04:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1