صفحة 16 من 20 الأولىالأولى ... 61415161718 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 64 من 80

الموضوع: تجارب أمم المجلد الثالث


  1. #61
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    « يا أمير المؤمنين، أنا أهل لما تقول، غير أنّى أتيتك نازعا تائبا ولك عندي كلّ ما تحبّ إن أعطيتني ما أسألك. » قال: « وما لي عندك؟ » قال: « آتيك بإبراهيم، إني قد بلوته وأهل بيته فلم أجد فيهم خيرا، فما لي عندك إن فعلت؟ » قال: « كلّ ما تشاء، فأين إبراهيم؟ » قال: « دخل بغداذ أو هو داخلها عن قريب، فإني تركته بعبدسيّ فاكتب لي جوازا ولغلام لي وقرانق واحملنى على البريد. » فكتب له جوازا وضمّ إليه جندا وقال:
    « هذا ألف دينار فاستعن به. » قال: « لا حاجة لي فيه كلّه. » فأخذ ثلاثمائة دينار. وأقبل حتى أتى إبراهيم وهو في غرفة عليه مدرعة صوف زيّ العبيد، فصاح به:
    « قم يا فلان. » فوثب كالفزع، وجعل يأمره وينهاه حتى قدم المدائن، فمنعه صاحب القنطرة فدفع إليه جوازه.
    قال: « فأين غلامك؟ » قال: « هذا. » فلمّا نظر في وجهه قال:
    « والله ما هذا بغلام وإنّه لإبراهيم، ولكن اذهب راشدا. » فأطلقهما وهرب وركبا سفينة حتى قدما البصرة فجعل يأتى بهم الدار لها بابان فيقعد العشرة منهم على أحد البابين ويقول:
    « لا تبرحوا حتى آتيكم. » ثم يدخل الدار فيخرج من الباب الآخر ويتركهم، حتى فرّق الجند عن نفسه وبقي وحده واختفى حتى بلغ سفيان بن معاوية، وهو على البصرة، خبر الجند، فأرسل إليهم فجمعهم فطلب العمّى فأعجزه.
    وحكى الحسن بن حبيب الديلي قال: كان إبراهيم مختفيا عندي على شاطئ دجيل في ناحية مدينة الأهواز وكان محمّد بن حصين يطلبه فقال يوما:
    إنّ أمير المؤمنين كتب إليّ يخبرني أنّ المنجمين يخبرونه أنّ إبراهيم نازل في جزيرة بين نهرين وقد اعتزمت أن أطلبه غدا في المدينة لعلّ أمير المؤمنين يعنى بين دجيل والمسرقان.
    قال: فأتيت إبراهيم وقلت:
    « أنت غدا مطلوب في هذه الناحية. » قال: فأقمت معه يومي، فلمّا غشيني الليل خرجت به حتى أنزلته في دشت أربك دون الكثّ ورجعت من ليلتي، فأقمت أنتظر محمّدا أن يغدو في طلبه فلم يفعل، فتصرّم النهار كلّه وطفّلت الشمس فخرجت حتى جئت إبراهيم فأقبلت به فوافينا المدينة مع العشاء الآخرة، ونحن على حمارين، فلمّا دخلنا المدينة فصرنا عند الجبل المقطوع لقينا أوائل خيل ابن حصين، فرمى إبراهيم بنفسه عن حماره وتباعد وجلس يبول، وطوتنى الخيل فلم يعرّج عليّ أحد منهم حتى صرت إلى ابن حصين، فقال لي:
    « أبا محمّد، من أين في هذا الوقت؟ » قلت: « إني تمسّيت عند بعض أهلى. » فقال: « ألا أرسل معك من يبلّغك؟ » قلت: « لا، قد قربت من أهلى. » فمضى يطلب، وتوجّهت على سنني حتى انقطع آخر أصحابه، ثم كررت راجعا إلى إبراهيم، والتمست حماره حتى وجدته فركب وانطلقنا فبتنا في أهلنا فقال إبراهيم:
    « تعلم والله لقد بلت البارحة دما، فأرسل من ينظر. » فأتيت الموضع فوجدته قد بال دما.
    وقال أبو جعفر: ما زال يظهر أمر إبراهيم لي حتى اشتملت عليه طفوف البصرة.
    وحصل إبراهيم بالبصرة، فدعا الناس، واستجاب له خلق، واستتر في بنى راسب. وكان سفيان بن معاوية عامل المنصور يومئذ على البصرة قد مالأ إبراهيم بن عبد الله على أمره فلا ينصح لصاحبه. فتحدّث جماعة من أشياخ البصرة أنّهم شهدوا دفيف بن أسد مولى يزيد بن حاتم أتى سفيان بن معاوية قبل خروج إبراهيم بليلة فقال:
    « ادفع إليّ فوارس، آتك بإبراهيم وبرأسه. » قال: « أو ما لك عمل؟ اذهب إلى عملك. » فخرج دفيف من ليلته، فلحق بيزيد بن حاتم بمصر.
    وقال عدّة من الأزد: إنّ جابر بن حمّاد كان على شرطة سفيان، فأتاه قبل خروج سفيان بيوم وقال:
    « إني مررت في مقبرة بنى يشكر، فصيّحوا بي ورموني بالحجارة. » فقال له:
    « أما كان لك طريق آخر؟ » فمرّ سفيان بعد قتل إبراهيم وانقضاء تلك الأيّام بأبي جعفر المنصور في سفينة له وأبو جعفر مشرف من قصره، فقال:
    « إنّ هذا سفيان؟ » قالوا: « نعم. » قال: « والله للعجب كيف يفلتنى هذا ابن الفاعلة؟ » وكان المنصور أنفذ قائدين كبيرين مع أصحابهما إلى سفيان مددا له، فلمّا قدما عليه صيّرهما بالقرب منه، فلمّا واعده إبراهيم الخروج أرسل إليهما فاحتبسهما عنده تلك الليلة حتى خرج، فأحاط به وبهما فأخذهم وقيّد سفيان وحبسه في القصر يرى أبا جعفر أنّه بريء من التهم.
    وكان أبو جعفر المنصور يبعث إلى سفيان كلّ يوم قوما إلى البصرة فجعلوا يتزيدون ويردون، فأشفق إبراهيم أن يكثروا بها، فظهر وبلغ جعفرا ومحمّدا ابني سليمان بن عليّ، وكانا يومئذ بالبصرة، مصير إبراهيم إلى دار الإمارة وحبسه سفيان، فأقبلا فيما قال غير واحد في ستمائة من الرّجالة والفرسان يريدانه فوجّه إليهما المضاء بن القاسم في ثمانية عشر فارسا وثلاثين راجلا، فهزمهم المضاء ولحق محمّدا رجل من أصحاب المضاء فطعنه في فخذه ونادى منادى إبراهيم:
    « لا تتبعوا مدبرا. » وأصاب إبراهيم في بيت المال ألفي ألف درهم، فقوى بذلك وفرض لكلّ رجل خمسين خمسين ووجّه إبراهيم بن المغيرة إلى الأهواز في نحو مائتي رجل، وعامل الأهواز يومئذ من قبل أبي جعفر محمّد بن الحصين، فلمّا بلغه دنّو المغيرة خرج إليه في أربعة آلاف، فالتقوا على ميل من قصبة الأهواز بموضع يقال له: دشت أربك، فانكشف ابن حصين وأصحابه، ودخل المغيرة الأهواز. ويقال إنّ أصحاب ابن حصين قد كانوا واطأوا إبراهيم. ووجّه إبراهيم إلى فارس عمرو بن شدّاد عاملا عليها.
    فلمّا قرب من فارس بلغ إسماعيل بن عليّ، وكان عاملا عليها من قبل أبي جعفر ومعه أخوه عبد الصمد بن عليّ إقبال عمرو بن شدّاد فبادرا إلى دارا بجرد فتحصّنا بها وكانا بإصطخر وصارت فارس والأهواز والبصرة في سلطان إبراهيم.
    ولمّا ظهر محمّد بالمدينة، أرسل أبو جعفر إلى جعفر بن حنظلة، وكان ذا رأى، فقال:
    « هات رأيك. » قال: « وجّه الأجناد إلى البصرة. » فقال: « انصرف حتى أرسل إليك. » وقال أبو جعفر:
    « اختبل والله جعفر، أسأله عن المدينة فيجيبني عن البصرة. » فلمّا صار إبراهيم إلى البصرة قال:
    « إيّاها خفت، بادره بالجنود. » قال:
    « وكيف خفت البصرة؟ » قال: « لأنّ محمّدا ظهر بالمدينة، وليسوا بأهل حرب، بحسبهم أن يقيموا شأن أنفسهم، وأهل الكوفة تحت قدمك، وأهل الشام أعداء آل أبي طالب، فلم يبق إلّا البصرة. » ولمّا شخص جعفر ومحمّد ابنا سليمان من البصرة، أرسلا إلى أبي جعفر وأخبراه خبرهما فقال أبو جعفر:
    « والله ما أدري كيف أصنع، والله ما في عسكري إلّا ألفا رجل، فرّقت جندي، فمع المهدي بالريّ ثلاثون ألفا، ومع محمّد بن الأشعث بإفريقية أربعون ألفا، والباقون مع عيسى بن موسى، والله لئن سلمت من هذه لا يفارق عسكري ثلاثون ألفا.
    وقال عبد الله بن راشد: ما كان في عسكر أبي جعفر كبير أحد، ما هم إلّا سودان وناس يسير. وكان يأمر بالحطب فيحزم، ثم يوقد بالليل فيراه الرائي فيحسب هناك ناسا، وما هي إلّا نار تضرم، وليس عندها أحد.
    وكتب أبو جعفر إلى عيسى بن موسى وهو بالمدينة:
    « إذا قرأت كتابي فأقبل ودع ما أنت فيه. » فلم ينشب أن قدم، فوجّهه على الناس، وكتب إلى سلم بن قتيبة، فقدم عليه من الريّ، فضمّه إلى جعفر بن سليمان.
    فحكى سلم بن قتيبة قال: لمّا دخلت على أبي جعفر قال لي:
    « خرج ابنا عبد الله بن حسن، فاعمد لإبراهيم ولا يروعنّك جمعه، فو الله إنّهما لجملا بنى هاشم المقتولان جميعا، فابسط يدك، وثق بما أعلمتك، وستذكر مقالتي لك. » قال: فو الله ما هو إلّا أن قتل إبراهيم، فجعلت أتذكّر مقالته فأعجب.
    وكتب المنصور إلى المهدي وهو يومئذ بالريّ يأمره بتوجيه خازم بن خزيمة إلى الأهواز، فوجّهه المهدي في أربعة آلاف من الجند، فصار إليها وحارب بها المغيرة بن الفزر، فهزم المغيرة وانصرف المغيرة إلى البصرة ودخل خازم الأهواز فأباحها ثلاثا.
    وحكى السنديّ قال: كنت وصيفا أيّام حرب محمّد، فكنت أقوم على رأس المنصور بالمدينة، فرأيته لمّا كثف أمر إبراهيم وغلظ، أقام على مصلّى نيّفا وخمسين ليلة، ينام عليه، ويجلس عليه، وعليه جبّة ملوّنة قد اتّسخ جيبها وما تحت لحيته منها ما غيّر الجبّة ولا هجر المصلّى حتى فتح الله عليه، إلّا أنّه كان إذا ظهر للناس عليّ الجبّة بالسواد وقعد على فراشه، فإذا بطن عاد إلى هيئته.
    قال: فأتته ريسانة في تلك الأيّام وقد أهديت إليه امرأتان من المدينة، إحداهما فاطمة بنت محمّد بن عيسى بن طلحة بن عبيد الله، والأخرى أمة الكريم بنت عبد الله من ولد خالد بن أسيد بن أبي العيص فلم ينظر إليهما، فقالت:
    « يا أمير المؤمنين، إنّ هاتين المرأتين قد خبثت أنفسهما وساءت ظنونهما لما ظهر من جفائك بهما. » فانتهرها وقال:
    « ليست هذه الأيّام من أيّام النساء، لا سبيل إليهما حتى أعلم: رأس إبراهيم لي، أو رأسى لإبراهيم. » فهذه كانت عزيمة أبي جعفر.
    فأمّا إبراهيم فذكر أبو عبيدة أنّ يونس الحرمي كان يقول: قدم هذا يريد إبراهيم وهو يقصد إزالة ملك، فألهته بنت عمرو بن سلمة عمّا جاء له، وكان إبراهيم تزوّج بعد مقدمه البصرة بهكنة بنت عمر بن سلمة. وكانت تأتيه في مصبّغاتها وألوان ثيابها.
    وورد كتاب من جعفر ومحمّد ابني سليمان يعلمانه خروجهما عن البصرة، وكان كتابهما في قطعة جراب، ولم يقدرا على شيء يكتبان فيه غير ذلك، فلمّا وصل الكتاب إليه، فرأى قطعة جراب بيد الرسول قال:
    « خلع والله أهل البصرة مع إبراهيم. » ثم قرأ الكتاب ودعا بعبد الرحمن الختليّ وبأبي يعقوب ختن مالك بن الهيثم، فوجّههما في خيل كثيفة إليهما وأمرهما أن يحبساهما حيث لقياهما، وأن يعسكرا معهما، ويسمعا ويطيعا لهما. وكتب إليهما يعجزّهما ويضعفهما ويوبّخهما على طمع إبراهيم في الخروج إلى مصرهما فيه واستتار خبره عنهما حتى ظهر. وكتب في آخر كتابه:
    أبلغ بنى هاشم عني مغلغلة ** فاستيقظوا إنّ هذا فعل نوّام
    تعدو الذئاب على من لا كلاب له ** وتتّقى مربض المستنفر الحامى
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #62
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال جعفر بن ربيعة: قال الحجّاج: لقد دخلت على المنصور في ذلك اليوم مسلّما، وما أظنّه يقدر على ردّ السلام لتتابع الفتوق والخروق عليه، وللعساكر المحيطة به، ولمائة ألف سيف كامنة له بالكوفة بإزاء عسكره ينتظرون به صيحة واحدة فيثبون، فوجدته صقرا أحوزيّا مشمّرا قد قام إلى ما نزل به من النوائب يعركها ويمرسها، فقام بها ولم تقعد به نفسه.
    ذكر آراء أشير بها على إبراهيم بن عبد الله

    لمّا وجّه أبو جعفر عيسى بن موسى إلى إبراهيم، كان معه خمسة عشر ألفا، وجعل على مقدّمته حميد بن قحطبة في ثلاثة آلاف. فأراد إبراهيم الشخوص نحو أبي جعفر، فدخل إليه جماعة من قوّاده، فقالوا له:
    « إنّك قد ظهرت على أهل البصرة والأهواز وفارس وواسط، فأقم بمكانك ووجّه الأجناد، فإن هزم لك جند أمددتهم بجند، فخيف مكانك واتّقاك عدوّك وجبيت الأموال وثبتت، ثم رأيك بعد. »
    فقال له المشائيم الكوفيّون:
    « أصلحك الله، إنّ بالكوفة رجالا لو قد رأوك ماتوا دونك، وإن لم يروك قعدت بهم أسباب شتّى، والرأي أن تخرج. » فقال له آخر:
    « إنّ هذه بلادي وبلاد قومي وأنا أعلم بها، فلا تقصد عيسى بن موسى ومعه هذه العساكر التي ضمّت إليه، ولكن دعني أسلك بك طريقا لا يشعر بك أبو جعفر إلّا وأنت معه بالكوفة. » فأبى عليه. قال:
    « فإنّا معشر ربيعة أصحاب بيات، فدعني أبيّت أصحاب عيسى. » قال:
    « إني أكره البيات. » فقال له هريم:
    « أصلحك الله، إنّك غير ظاهر على هذا الرجل حتى تأخذ الكوفة، وإن صارت لك مع تحصّنه بها لم تقم له بعدها قائمة، ولى بعد بها أهيل، فدعني أسر إليها مختفيا فأدعو إليك في السرّ، ثم أجهر، فإنّ القوم إن سمعوا داعيا أجابوه، وإن سمع أبو جعفر الهيعة بأرجاء الكوفة وليس معه رجال، لم يردّ وجهه شيء دون حلوان. » فأقبل على بشير الرحّال. فقال:
    « ما ترى يا با محمّد؟ » فقال: « إنّا لو وثقنا بالذي يصف لكان رأيا، ولكنّا لا نأمن أن يجيبك طائفة منهم فيرسل إليهم أبو جعفر خيلا فتطأ البريء والنّطف والصغير والكبير، فتكون قد تعرّضت لمأثم، ولم تبلغ منه ما أمّلت. » قال هريم: فقلت لبشير:
    « أفخرجت حين خرجت لقتال أبي جعفر وأصحابه وأنت تتوقّى قتل الصغير والضعيف والمرأة والرجل، أو ليس قد كان رسول الله يوجّه السريّة فيقاتل فيكون في ذلك نحو ما كرهت؟ » فقال: « إنّ أولئك كانوا مشركين، وإنّ هولاء أهل ملّتنا ودعوتنا وقبلتنا، حكمهم غير حكم أولئك. » فاتّبع إبراهيم رأيه، وسار حتى نزل باخمرى فلمّا نزلها أرسل إليه سلم بن قتيبة حكيم بن عبد الكريم:
    « انّك قد أصحرت ومثلك أنفس به على الموت، فخندق على نفسك حتى لا تؤتى إلّا من مأتى واحد، فإن أنت لم تفعل فقد أعرى أبو جعفر عسكره فتخفف في طائفة حتى تأتيه فتأخذ بقفاه. » فدعا إبراهيم أصحابه، فعرض ذلك عليهم فقالوا:
    « نخندق على أنفسنا ونحن ظاهرون عليهم؟ لا والله لا نفعل. » قال: « فنأتيه. » قالوا: « ولم، وهو في أيدنا متى ما أردناه؟ » فقال لي إبراهيم:
    « قد سمعت. » قال حكيم: فانصرفت وقد تحقّقت ضعفه باستسلامه لأصحابه.
    وحكى إبراهيم بن سلم عن أخيه قال: حدّثني أبي قال: التقينا مع عيسى بن موسى، فخرجت من بين صفّهم وقلت لإبراهيم:
    « إن الصفّ إذا انهزم بعضه تداعى فلم يكن له نظام، فاجعلهم كراديس، فإن انهزم كردوس ثبت كردوس. »
    فتنادوا:
    « لا، إلّا قتال أهل الإسلام، يريد قوله: إنّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّا. » وقال المضاء: لمّا نزلنا باخمرى أتيت إبراهيم فقلت:
    « إنّ هولاء مصبّحوك بما يسدّ عليك مغرب الشمس من السلاح والكراع، وإنّما معك رجال عراة من أهل البصرة، فدعني أبيّته فو الله لأشتّتنّ جموعه. » فقال، « إني أكره القتل. » فقلت: « تريد الملك وتكره القتل! » فالتقوا بباخمرى وهي على ستّة عشر فرسخا من الكوفة، فاقتتلوا بها قتالا شديدا، وانهزم حميد بن قحطبة، وكان على مقدّمة عيسى، وانهزم الناس معه، فعرض لهم عيسى يناشدهم الله والطاعة، فلا يلوون ويمرّون منهزمين.
    وأقبل حميد بن قحطبة منهزما، فقال له عيسى بن موسى:
    « يا حميد، الله، الله والطاعة. » قال: « لا طاعة في الهزيمة. » ومرّ الناس كلّهم، فلم يبق مع عيسى أحد، وثبت عيسى فلم ينهزم، وكان يحفظ وصيّة لأبي جعفر، وهو أنّه لمّا أراد توجيهه، قال عيسى: قال لي المنصور: إنّ هولاء الخبثاء يعنى المنجّمين يزعمون أنّك لاقى الرجل، وأنّ لك جولة حين تلقاه، ثم يفيء إليك أصحابك وتكون العاقبة لك.
    فكان كما قال لم يبق معي إلّا ثلاثة.
    فأقبل عليّ مولى لي وقال:
    « جعلت فداءك علام تقيم وقد ذهب أصحابك؟ » فقلت: « لا والله، لا ينظر أهل بيتي إلى وجهى أبدا وقد انهزمت عن عدوّهم، فو الله ما كان عندي أكثر من أن أقول لمن مرّبى ممّن أعرف من المنهزمة:
    اقرأوا أهل بيتي مني السلام وقولوا لهم: إني لم أجد فداء لكم أفديكم به أعزّ عليّ من نفسي وقد بذلتها دونكم. » قال: فو الله إنّا لعلى ذلك منهزمون ما يلوى أحد على أحد. » وكان إبراهيم قد مخر ماء ليكون قتاله من وجه واحد وقيل بل كان مخره آل طلحة.
    ذكر اتفاق غريب سيء اتفق على إبراهيم بعد أن ظفر حتى هزم وقتل

    حكى إسحاق بن عيسى بن عليّ قال: سمعت عيسى بن موسى يومئذ يقول لأبي: والله يا با العبّاس لو لا ابنا سليمان يومئذ لافتضحنا، وذاك أنّ من صنع الله كان لنا أنّ أصحابنا لمّا انهزموا اعترض لهم نهر ذو ثنيّتين مرتفعتين، فحالتا بينهم وبين الوثوب ولم يجدوا مخاضة، فكرّوا راجعين بأجمعهم على عرض النهر، فظنّ القوم أنّها كرّة فانهزموا وتبعهم ابنا سليمان ومعها مواليه.
    ونظر إليه أصحابنا ورأوا هزيمة الأعداء بين يديه، فكرّوا بأجمعهم.
    وأقبل حميد بن قحطبة نحو إبراهيم لا يعرّج على شيء، حتى خالط القوم وجعل يرسل بالرؤوس إلى عيسى حتى كثرت الرؤوس إلى أن أتى برأس معه جماعة كثيرة وضجّة وصياح فقالوا:
    « رأس إبراهيم. » فدعا عيسى بن موسى ابن أبي الكرام الجعفري فأراه إيّاه، فقال:
    « ليس به. » وجعلوا يقتتلون يومهم ذلك. فذكر عبد الحميد: أنّه سأل أبا صلاية:
    « كيف قتل إبراهيم؟ » فقال: أسمعه ممّن نظر إليه، وعاينه. كان واقفا على دابّته ينظر إلى أصحاب عيسى قد ولّوا وانهزموا بأجمعهم، ونكص عيسى دابّته القهقرّى وأصحابه يقتلونهم ولم يبق لهم بقيّة، حتى رأيت قوما ينصرفون ويكرّون ليسوا بشيء. وكان على إبراهيم قباء زرد فأذاه الحرّ، فحلّ أزرار قبائه، فسال الزرد حتى حسر لبّته، وأتته نشّابة عائرة فأصابت لبّته فرأيته اعتنق فرسه وكرّ راجعا فأطافت به الزيديّة وأصحابه يحمونه، فرأى حميد بن قحطبة اجتماعهم، فأنكره وقال لأصحابه:
    « شدّوا على تلك الجماعة حتى تزيلوهم عن موضعهم وتعلموا ما اجتمعوا عليه. » فشدّوا عليهم وقاتلوهم أشدّ قتال حتى أفرجوهم عن إبراهيم، فحزّوا رأسه وأتوا به عيسى، فأراه ابن أبي الكرام الجعفري فقال:
    « نعم، هذا رأسه. » فنزل عيسى إلى الأرض فسجد وبعث به إلى أبي جعفر.
    وذكر أنّ أوائل المنهزمين من أصحاب عيسى دخلوا الكوفة وتأخّر أبو جعفر فقال لحاجبه:
    « لا تكشفّن ذلك وأعدد على كلّ باب من أبواب المدينة إبلا ودوابّ، فإن أتينا من ناحية، صرنا إلى الناحية الأخرى. »
    فسئل سلم بن فرقد حاجبه:
    « إلى أين أراد أبو جعفر يذهب لو دهمه أمر؟ » قال: « كان عزم على إتيان الريّ. » فبلغني أنّ نيبخت المنجّم دخل على أبي جعفر، فقال له:
    « يا أمير المؤمنين، الظفر لك، وستقتل إبراهيم. » فلم يقبل ذلك منه. فقال له:
    « احبسنى عندك، فإن لم يكن الأمر كما قلت فاقتلني. » فبينا هو كذلك إذ جاءه الخبر بهزيمة إبراهيم، فتمثّل ببيت معمر البارقيّ:
    فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ** كما قرّ عينا بالإياب المسافر
    وأقطع نيبخت ألفى جريب بنهر جوبر.
    رأس إبراهيم بين يدي أبي جعفر وما جرى إذ ذاك

    ويقال: إنّ أبا جعفر لمّا أتى برأس إبراهيم فوضع بين يديه، بكى، ثم قال:
    « أما والله لقد كنت كارها لهذا، ولكني ابتليت بك، وابتليت بي. » وحكى صالح، مولى المنصور: أنّ المنصور لمّا أتى برأس إبراهيم بن عبد الله وضعه بين يديه، وجلس مجلسا عامّا، وأذن للناس، وكان الداخل يدخل فيسلّم ويتناول إبراهيم فيسيء فيه القول، ويذكر منه القبيح التماس رضى أبي جعفر، وأبو جعفر ممسك متغيّر لونه، حتى دخل جعفر بن حنظلة البهرائى، فوقف فسلّم ثم قال:
    « عظّم الله أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمّك، وغفر له ما فرّط فيه من حقّك. » فأسفر لون أبي جعفر فأقبل عليه وقال:
    « أبا خالد، ها هنا، مرحبا وأهلا. » فعلم الناس أنّ ذلك وقع منه، فدخلوا فقالوا مثل ما قال جعفر.
    ثم دخلت سنة ست وأربعين ومائة معاودة بناء بغداد

    لمّا فرغ المنصور من أمر إبراهيم ومحمّد، عاود بناء بغداد وإتمامه. وكان خالد بن برمك خطّ المدينة وأشار بها. واحتاج المنصور إلى الآلات والأنقاض لأنّ ما كان جمعه قبل ذلك من ساج وغيره أحرقه مولى له يقال له أسلم، وذلك حين بلغه أنّ إبراهيم هزم أبا جعفر.
    فقال أبو جعفر لخالد:
    « ما ترى في نقض بناء كسرى بالمدائن وحمل نقضه إلى مدينتي هذه؟ » فقال له خالد:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #63
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    « ما أرى ذلك يا أمير المؤمنين. » قال: « ولم؟ » قال: « لأنّه علم من أعلام الإسلام يستدلّ به الناظر على أنّه لم يكن ليزال مثل أصحابه عنه بأمر دنيا، وإنّما هو أمر دين، ومع هذا، يا أمير المؤمنين، فإنّ فيه مصلّى عليّ بن أبي طالب . » قال: « هيهات يا خالد، أبيت إلّا الميل إلى أصحابك العجم. » وأمر أن ينقض القصر الأبيض. فنقض ناحية منه ونظر في مقدار ما يلزمهم من النفقة للنقض والحمل، فوجدوا ذلك أكثر من الجديد لو عمل، فرفع ذلك إلى المنصور، فدعا بخالد، فأعلمه ذلك وقال:
    « ما ترى؟ » قال: « يا أمير المؤمنين، قد كنت أرى قبل ألّا تفعل، فأمّا إذ بدأت، فأرى أن تتمّم وتهدمه حتى تلحق بقواعده لئلا يقال: عجزت عن هدم ما بناه غيرك. » فأعرض المنصور عنه، وأمر ألّا يهدم.
    وكان اللبن الذي لبنه المنصور اللبنة منها ذراع في ذراع، وقد وزنت لبنة منها بعد ما تهدّم السور وكانت لبنة مكتوب عليها بمغرة: وزنها مائة وسبعة عشر رطلا، فلمّا وزنت وجدت على ما كان مكتوبا عليها من الوزن.
    ولمّا استتمّ المنصور بناءها قدم عليه بطريق من البطارقة وافدا، فأمر الربيع أن يطوّف به في المدينة وما حولها ليرى العمران والبناء، فطاف به الربيع، فلمّا انصرف قال:
    « كيف رأيت؟ » وقد كان أصعد إلى السور وقباب الأبواب، فقال: « رأيت بناء حسنا، إلّا أنّى رأيت أعداءك معك في مدينتك. » قال: « فمن هم؟ » قال: « السوقة. » فأضبّ عليها أبو جعفر، فلمّا انصرف البطريق أمر بإخراج السوق من المدينة. ويقال: إنّ السبب كان في إخراج التّجار من المدينة إلى الكرخ وما قرب منها أنّه قيل لأبي جعفر: إنّ الغرباء وغيرهم يبيتون فيها ولا يؤمن أن تكون فيهم جواسيس أو تفتح أبواب المدينة ليلا لموضع السوق، فأمر بإخراج السوق من المدينة وجعلها للشرط والحرس. وبنى للتجّار باب الكرخ، وباب الشام، وطاق الحرّانى، وباب الشعير، وباب المحوّل. ولمّا طاف أبو جعفر مدينته وأبنيتها استحسن الجميع واستنظفه، غير أنّه استكثر النفقة، وكان مبلغ ذلك على ما وجد في خزائن المنصور ودواوينه أنّه أنفق على مدينة السلام ومسجد جامعها وقصر الذهب والأسواق والفصلان والخنادق وقبابها وأبوابها أربعة ألف درهم وثمانمائة درهم وثلاثة وثلاثون درهما، ومبلغها من الفلوس مائة ألف فلس وثلاثة وعشرون ألف فلس، وذلك أنّ الأستاذين البنّائين كان الرجل منهم يعمل يومه بقيراط فضّة، والروز جارين بحبّتين إلى الثلاث حبّات، وذلك لرخص الأسعار وعوز الفضّة، لأنّ المنصور حصّل الأموال في خزائنه.
    ثم دخلت سنة سبع وأربعين ومائة

    وفي هذه السنة، كان مهلك عبد الله بن عليّ عمّ أبي جعفر.
    ذكر السبب في ذلك

    حجّ أبو جعفر سنة سبع، بعد تقدمته المهديّ على عيسى بن موسى وسنذكر ذلك فيما بعد، وكان عزل عيسى بن موسى عن الكوفة وأرضها، وولّى مكانه محمّد بن سليمان بن عليّ، واستدعاه ودفع إليه عبد الله بن عليّ سرّا في جوف الليل ثم قال له:
    « يا عيسى، إنّ هذا أراد أن يزيل النعمة عني وعنك، وأنت وليّ عهدي بعد المهديّ والخلافة صائرة إليك، فخذه إليك واقتله، وإيّاك أن تخور أو تضعف فتنقض عليّ أمري الذي دبّرت. » ثم مضى لوجهه من الحجّ، وكتب إليه من طريقه ثلاث مرات يسأله ما فعل في الأمر الذي أوعز إليه، فكان يكتب إليه: قد أنفذت ما أمرت به. فلم يشكّ أبو جعفر في أنّه قتل عبد الله بن عليّ.
    وكان عيسى حين دفعه إليه، ستره، ودعا كاتبه يونس بن فروة، فقال له:
    « إنّ هذا الرجل دفع إليّ عمّه، وأمرنى فيه بكذا. » فقال له:
    « أراد أن يقتلك ويقتله، إنّه أمرك بقتله سرّا، ثم يدّعيه عليك علانية، ثم يقيدك به. » قال: « فما الرأي؟ » قال: « أن تستره في منزلك ولا تطلع على أمره أحدا فإن طلبه منك علانية دفعته إليه علانية ولا تدفعه إليه سرّا أبدا. » ففعل ذلك عيسى، وقدم المنصور ودسّ على عمومته من يحرّكهم على مسألته هبة عبد الله بن عليّ لهم، وأطمعهم في أنّه سيفعل. فجاؤوا إليه وكلّموه ورفقوا وذكروا له الرحم، فقال:
    « نعم، عليّ بعيسى بن موسى. » فأتاه، فقال:
    « يا عيسى، قد علمت أنّى دفعت إليك عمّى وعمّك عبد الله بن عليّ قبل خروجي إلى الحجّ وأمرتك أن يكون في منزلك. » قال: « قد فعلت ذلك. » قال: « فقد كلّمنى فيه عمومتك، فرأيت الصفح عنه وتخلية سبيله، فأتنا به. » قال: « يا أمير المؤمنين، ألم تأمرنى بقتله؟ فقتلته. » قال: « لا، ما أمرتك بقتله، إنّما أمرتك بحبسه عندك. » قال: « قد أمرتنى بقتله. » فقال له المنصور:
    « كذبت. » ثم قال لعمومته:
    « إنّ هذا قد أقرّ لكم بقتل أخيكم، وادّعى أنّى أمرته بذلك وقد كذب. » قالوا: « فادفعه إلينا فإنّا نقيده به. » قال: « شأنكم به. » فأخرجوه إلى الرحبة. فاجتمع الناس، وشهر الأمر، فقام أحدهم فشهر سيفه وتقدّم إلى عيسى ليضربه، فقال له عيسى:
    « أفاعل أنت؟ » قال: « إى والله. » قال: « فلا تعجلوا، فإنّ عمّى حيّ، ردّونى إلى أمير المؤمنين. » فردّوه إليه. فقال:
    « إنّما أردت بقتله أن تقتلني، هذا عمّك حيّ سويّ، إن أمرتنى بدفعه إليك دفعته. » قال: « ائتنا به. » فأتاه به، فجعله في بيت، وكان من أمره ما كان من سقوط البيت عليه، فمات وهو ابن اثنتين وخمسين سنة.
    حوار بين المنصور وابن عياش

    فحكى أنّ المنصور ركب يوما بعد موت عبد الله بن عليّ، ومعه ابن عيّاش المنتوف، فقال له وهو يحادثه:
    « هل تعرف ثلاثة خلفاء مبدأ أسمائهم العين قتلوا ثلاثة ادّعوا الخلافة مبدأ أسمائهم العين؟ » قال:
    « لا أعرف إلّا ما تقول العامّة أنّ عليّا قتل عثمان وكذبوا، وعبد الملك بن مروان قتل عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الأشعث، وسقط البيت على عبد الله بن عليّ. » فقال له المنصور:
    « فسقط البيت على عبد الله بن عليّ، فأنا ما ذنبي؟ » قال: « ما قلت إنّ لك ذنبا. »
    وفي هذه السنة خلع المنصور عيسى بن موسى وبايع لابنه المهديّ وجعله وليّ عهده بعد المهديّ
    ذكر الخبر عن ذلك والحيلة فيه

    كان أبو جعفر أقرّ عيسى على ما كان أبو العبّاس ولّاه، وكان له مكرما مبجّلا إلى أن عزم على تقديم المهديّ في الخلافة عليه فلمّا عزم المنصور على ذلك كلّم عيسى بن موسى في تقديم ابنه المهديّ عليه برقيق الكلام ولطيفه فقال عيسى:
    « يا أمير المؤمنين، فكيف بالأيمان والمواثيق التي عليّ وعلى المسلمين لي من الطلاق والعتق وغير ذلك من مؤكّد الأيمان، ليس إلى ذلك سبيل يا أمير المؤمنين. » فلمّا رأى أبو جعفر ذلك باعده بعض المباعدة، وقصّر به في منزلته، فكان يؤذن لعيسى بعد جماعة، ويجلس دون منزلته، وكان مرتبته عن يمين أبي جعفر. ثم يخلّط عليه في أمثال هذه الأشياء، وعيسى صامت لا يتشكّى ولا يستغيث. ثم صار إلى أغلظ من ذلك فكان يكون في المجلس ومعه بعض ولده فيسمع الحفر في أصل الحائط ويخاف أن يخرّ عليه، وينتثر عليه التراب وربّما نظر إلى الخشبة من سقف المجلس الذي يجلس فيه قد حفر عن أحد طرفيها فيسقط التراب على قلنسوته وثيابه، فيأمر من معه من ولده بالتحوّل ويقوم هو إلى الصلاة، ثم يأتيه الإذن فيقوم بهيئته والتراب عليه لا ينفضه، فإذا رآه المنصور قال له:
    « يا عيسى، ما يدخل عليّ أحد بمثل هيأتك من كثرة الغبار والتراب عليك، أفكلّ هذا من الشارع؟ » فيقول:
    « أحسب ذاك يا أمير المؤمنين. » وإنّما يكلّمه بذلك يستطمعه أن يشكو إليه شيئا، فلا يشكو.
    وكان المنصور قد أرسل إليه في بعض أحواله بعض ما يتلفه من السموم، أو دسّه إليه بحضرته، فنهض من المجلس، فقال له المنصور:
    « إلى أين؟ » قال: « أجد غمزا. » قال: « ففي الدار إذا. » قال: « الذي أجده أشدّ من أن أقيم معه في الدار. » ونهض فصار إلى حرّاقته، ونهض المنصور في أثره متفزّعا إلى الحرّاقة، فاستأذنه عيسى في المصير إلى الكوفة، فقال:
    « بل تقيم، فتعالج ها هنا. » فأبى وألحّ حتى أذن له وكان الذي حداه على ذلك طبيبه بختيشوع فإنّه قال له:
    « أنت مسموم، وو الله ما أجترئ على معالجتك بالحضرة. » فاستأذنه، فأذن له، وبلغت العلّة بعيسى كلّ مبلغ حتى تمعّط شعره، ثم أفاق. ويقال إنّ عيسى إنّما كان يمتنع على أبي جعفر لأنّه كان يريّض الأمر لابنه موسى، فبعث أبو جعفر إلى موسى من يخوّفه على نفسه وعلى أبيه، فقال موسى:
    « إني قد أرى ما يسام أبي من إخراج هذا الأمر من عنقه وتصييره للمهديّ، وقد نصبت عليه وجوه الحتوف من السمّ مرّة، وبهدم الحيطان مرّة، وبضروب الإهانات، وليس يعطى على هذا شيئا، ولكن ها هنا وجه واحد لعلّه يعطى عليه إن أعطى، وإلّا فلا. » قال له الواسطة بينه وبين أبي جعفر:
    « وما هو؟ » قال: « إنّما أقوله إذا أمنت على نفسي، وإنّما هو روحي اجعله في يده، ولا بدّ لي ممّا أثق به وأطمئنّ إليه. » فأعطاه كلّ ما أحبّ من ذلك، فقال:
    « يقبل عليه أمير المؤمنين وأنا شاهده، فيقول له: يا عيسى، إني قد علمت أنّك لست تضنّ بهذا الأمر عن المهديّ لنفسك لتعالى سنّك، وإنّما تضنّ به لمكان ابنك، أفترى أنّى أدع ابنك يبقى بعدك؟ كلّا والله، ولآتينّ عليه وأنت تنظر إليه حتى تيأس منه ثم يأمر بي، فإمّا خنقت، وإمّا شهر عليّ سيف، فإن أجاب إلى شيء فعسى أن يفعل في ذلك الوقت، وإلّا فلا. » فقال له:
    « جزاك الله خيرا، فديت أباك بنفسك، نعم الرأي رأيت، ونعم المسلك سلكت. » ثم أتى أبا جعفر فأخبره، فجزّى موسى خيرا وقال:
    « قد والله أحسن وأجمل، وسأفعل ما أشار به، ويسّره الله بعاقبة ذلك إن شاء الله. » فلمّا اجتمعوا أقبل المنصور على عيسى بن موسى وقال:
    « يا عيسى إني لا أجهل مذهبك الذي تضمره ولا مداك الذي تجرى إليه في الأمر الذي سألتك، إنّما تريد هذا الأمر لا بنك هذا المشؤوم عليك وعلى نفسه، أما والله لأعجلّن لك فيه ما يسوءك. يا ربيع، اخنق موسى بحمائله حتى تأتى على نفسه. » وقد كان واطأ الربيع على الرفق به. فضمّ الربيع حمائله على عنقه فجعل يخنقه خنقا رويدا وموسى يصيح:
    « الله، الله فيّ يا أمير المؤمنين وفي دمى، فو الله إني لبعيد ممّا تظنّ بي، وما يبالى عيسى أن تقتلني وله بضعة عشر ذكرا كلّهم عنده مثلي أو يتقدمني. » وهو يقول:
    « اشدد يا ربيع ائت على نفسه. » والربيع يوهم أنّه يريد تلفه وهو يراخى خناقه وموسى يصيح صياح من بلغت نفسه التراقي.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #64
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فلمّا رأى عيسى ذلك قال:
    « يا أمير المؤمنين، والله ما ظننت الأمر يبلغ منك هذا كلّه، فمر بالكفّ عنه، فإني لم أكن لأرجع إلى أهلى وقد قتل بسبب هذا الأمر عبد من عبيدي، فكيف بولدي، فها أنا ذا أشهدك أنّ نسائي طوالق ومماليكي أحرار، وما أملك في سبيل الله، يصرف ذلك فيمن رأيته يا أمير المؤمنين وهذه يدي بالبيعة للمهديّ. » فأخذ بيعته على ما أحبّ ثم قال له:
    « يا با موسى، إنّك قد قضيت حاجتي هذه كارها، ولى حاجة أحبّ أن تقضيها فتغسل بها ما في نفسي من الحاجة الأولى. » قال: « وما هي يا أمير المؤمنين؟ » قال: « تجعل الأمر من بعد المهديّ لنفسك. » قال: « ما كنت لأدخل فيها بعد إذ خرجت منها. » فلم يدعه هو ومن حضره من أهل بيته حتى قال:
    « وأمير المؤمنين أعلم. » فقال بعض أهل الكوفة وقد مرّ به عيسى في مواكبه:
    « هذا الذي كان غدا فصار بعد غد. »
    قول آخر في وجه خلع المنصور عيسى

    وقد قيل في وجه خلع المنصور عيسى قول آخر. وذلك أنّهم ذكروا أنّ عيسى لمّا امتنع أن يجيب المنصور إلى ما أراد وأعياه الأمر، بعث إلى خالد بن برمك فقال له:
    « كلّمه يا خالد، فقد اشتدّ امتناعه وإن كانت عندك حيلة فيه فاذكرها، فقد ضلّ عنّا وجه الرأي فيه. » قال: « نعم، يا أمير المؤمنين، تضمّ إليّ ثلاثين رجلا من كبار الشيعة ممّن تختاره. » فركب خالد وركبوا معه، فصاروا إلى عيسى، فأبلغوه رسالة أبي جعفر، فقال:
    « ما كنت لأخلع نفسي وقد جعل الله لي الأمر. » فأداره خالد بكلّ وجه من وجوه الطمع والحذر، فأبى عليه، فخرج خالد عنه وخرج الشيعة بعده، فقال [ لهم ] خالد:
    « ما عندكم في أمره؟ » قالوا: « نبلغ أمير المؤمنين رسالته ونخبره ما كان منك ومنه. » قال: « لا، ولكنّا نخبر أمير المؤمنين أنّه أجاب ونشهد عليه إن أنكره. » فقالوا: « نفعل. » فقال لهم:
    « ذا هو الصواب، وأبلغ لأمير المؤمنين فيما حاول وأراد. » قال: فصاروا إلى أبي جعفر وخالد معهم، فأعلموه أنّه قد أجاب فأخرج التوقيع بالبيعة للمهديّ. وكتب بذلك إلى الآفاق.
    قال: وأتى عيسى بن موسى لمّا بلغه الخبر أبا جعفر منكرا لما ادّعى عليه من الإجابة إلى تقديم المهديّ على نفسه وذكّره الله فيما همّ به، فدعاهم أبو جعفر، فسألهم، فقالوا:
    « نشهد عليه أنّه قد أجاب وليس له أن يراجع. » فأمضى أبو جعفر الأمر وشكر لخالد ما كان منه.
    وكان المهديّ يعرف ذلك ويصف جزالة الرأي منه فيه.
    ولمّا رأى عيسى الأمر يتمّ، راسل المنصور وقال:
    « يا أمير المؤمنين، أما وقد أبيت، فاجعل لرضاي فيه نصيبا. » فوجّه إليه خالد بن برمك فقرّر أمره على عشرة آلاف ألف درهم له، وثلاثمائة ألف درهم بين أولاده، وسبعمائة ألف لنسائه.
    وحضر عيسى مجلس المنصور، وحضر معه جماعة الوجوه والأشراف والجند فتكلّم عيسى وقال:
    « اشهدوا أنّى خلعت نفسي ممّا كان إليّ من ولاية العهد، وسلّمته للمهديّ محمّد بن أمير المؤمنين، وقدّمته على نفسي. » فقال له أبو عبد الله كاتب المهديّ:
    « ليس هكذا أعزّ الله الأمير، ولكن قل ذلك بحقّه وصدقه وأخبر بما رغبت فيه وأعطيته. » قال: « نعم، بعت نصيبي من ولاية العهد من عبد الله أمير المؤمنين، لابنه محمّد المهديّ بن أمير المؤمنين، بعشرة آلاف ألف وثلاثمائة ألف لولدي وسبعمائة ألف لنسائي - وسمّاهم واحدا واحدا - بطيب من نفسي وحبّ لتصييرها إليه، لأنّه أولى بها وليس لي يحقّ التقدمة قليل ولا كثير فما ادّعيته بعد يومي هذا منها فإني مبطل لا حقّ لي فيه، ولا دعوى ولا طلبة. » وكان ربما ترك الشيء بعد الشيء فيوقفه عليه أبو عبيد الله حتى كتب الكتاب وختم وشهد عليه الشهود.
    ودخلت سنة ثمان وأربعين ومائة

    ولم يجر فيها شيء ممّا بلغنا تستفاد منه تجربة.
    ودخلت سنة تسع وأربعين ومائة

    ولم يجر فيها شيء يكتب وتستفاد منه تجربة.
    ودخلت سنة خمسين ومائة

    فممّا جرى فيها خروج اشتادسيس في أهل هرات وبادغيس وسجستان وغيرها من الكور بخراسان. فكان فيما ذكر، في زهاء ثلاثمائة ألف مقاتل، فغلبوا على عامّة خراسان. وخرج إليهم جماعة أهل بلدان وأمراء فهزمهم وقتلهم. فوجّه المنصور خازم بن خزيمة إلى المهديّ، فولّاه المهديّ محاربة اشتادسيس وضمّ إليه القّواد.
    وكان المهديّ يومئذ بنيسابور وكان كاتب المهديّ أبو عبيد الله ووزيره يوهن أمر خازم، ويخرج الكتب إلى خازم وغيره من القوّاد بالأمر والنهى.
    حيلة خازم في ذلك

    فاعتلّ خازم وهو في عسكره يشرب الدواء، ثم ركب البريد حتى قدم على المهديّ، وأبو عبيد الله يظنّه في المعسكر ولا يعرف خبره. فلمّا قدم خازم نيسابور ودخل على المهديّ، استخلاه، فدخل أبو عبيد الله، فأمسك خازم فقال المهديّ:
    « لا عيق عليك من معاوية، فقل ما بدا لك. » فأبى خازم أن يخبره أو يكلّمه، حتى قام أبو عبيد الله. فلمّا خلا به شكا إليه أبا عبيد الله معاوية وأخبره بعصبيته وتحامله وما كانت ترد من كتبه عليه وعلى من قبله من القوّاد، وما صاروا إليه بذلك من الفساد والتأمّر بأنفسهم والاستبداد بآرائهم وقلّة السمع والطاعة، وأنّ أمر الحرب لا يستقيم إلّا برأس ولا يكون في عسكره لواء يخفق على رأس أحد إلّا لواؤه أو لواء هو عقده. وأعلمه أنّه غير راجع إلى قتال استادسيس إلّا بتفويض الأمر إليه وإعفائه من معاوية أبي عبيد الله، وأن يسمع منه أو يداخله فيما يدبّره، وأن يكتب إليهم بالسمع والطاعة له.
    فأجابه المهديّ إلى كلّ ما سأل، فانصرف خازم إلى عسكره، فعمل برأيه وحلّ لواء من رأى حلّ لوائه من القوّاد، وعقد لمن أراد، وضمّ إليه من كان انهزم من الجند وجعلهم حشوا يكثّر بهم من معه في أخريات الناس، ولم يقدّ مهم لما في قلوبهم من روعة الهزيمة.
    وكان من ضمّ إليه من هذه الطبقة اثنين وعشرين ألفا، ثم انتخب ستّة آلاف من الجند فضمّهم إلى اثنى عشر ألفا كانوا معه متخيّرين، وكان بكّار بن مسلم العقيلي فيمن انتخب ثم تعبّأ للقتال وخندق وجعل بكّارا على مقدّمته، وسمّى لميمنته وميسرته وساقته من ارتضاهم. ثم سار إلى موضع اختاره، فنزله وخندق عليه، وأدخل خندقه جميع ما أراد، وأدخل إليه جميع أصحابه، وجعل له أربعة أبواب وجعل على كلّ باب منها من أصحابه الذين انتخب وهم أربعة آلاف وجعل مع صاحب مقدّمته، وهو بكّار، ألفين تكملة لثمانية عشر ألفا.
    فأقبل الأعداء معهم المرور والزبل والفؤوس يريدون دفن الخندق ثم الهجوم عليهم. فأتوا الخندق من قبل بكّار بن مسلم، فشدّوا عليه شدّة لم تكن لأصحاب بكّار نهاية دون أن انهزموا، حتى دخلوا عليهم الخندق، فلمّا رأى ذلك بكّار رمى بنفسه، فترجّل على باب الخندق، ثم نادى أصحابه:
    « يا بنى الفواجر، أمن قبلي يؤتى المسلمون؟ » فترجّل معه من عشيرته وأهله نحو من خمسين رجلا، فمنعوا بابهم حتى أجلوا الناس عنه، وأقبل إلى الباب الذي كان عليه خازم رجل كان مع استاد سيس من أهل سجستان يقال له الحريش وهو الذي كان يدبّر أمرهم.
    حيلة لخازم حتى هزم عدوه

    فلمّا رآه خازم مقبلا بعث إلى الهيثم بن شعبة وهو في الميمنة أن: « اخرج من بابك الذي أنت عليه، فخذ غير الطريق الذي يوصلك إلى الباب الذي عليه بكّار، فإنّ القوم قد شغلوا بالقتال وبالإقبال علينا، فإذا علوت فجزت مبلغ أبصارهم فأتهم من خلفهم. » وقد كانوا في تلك الأيّام يتوقّعون قدوم أبي عون وعمر بن سلم بن قتيبة من طخارستان.
    وبعث خازم إلى بكّار بن مسلم:
    « إذا رأيت رايات الهيثم بن شعبة قد جاءتك من خلف فكبّروا وقولوا: قد جاء أهل طخارستان. » ففعل ذلك الهيثم وخرج خازم في القلب على الحريش السجستاني فاجتلدوا بالسيوف جلادا شديدا وصبر بعضهم لبعض فبينا هم على تلك الحال إذ نظروا إلى أعلام الهيثم وأصحابه فتنادوا فيما بينهم:
    « جاء أهل طخارستان. » فلمّا نظر أصحاب الحريش إلى تلك الأعلام ونظر من كان بإزاء بكّار بن مسلم إليها شدّ عليهم أصحاب خازم فكشفوهم ولقيهم أصحاب الهيثم فطعنوهم بالرماح ورموهم بالنشّاب وخرج عليهم أصحاب الميسرة وبكّار بن مسلم وأصحابه من ناحيتهم، فهزموهم ووضعوا فيهم السيوف فقتلهم المسلمون وأكثروا. فكان من قتل منهم في تلك المعركة نحوا من سبعين ألفا، وأسروا أربعة عشر ألفا ولجأ اشتادسيس إلى جبل في عدّة من أصحابه يسيرة.
    فقدّم خازم الأربعة عشر الألف فضرب أعناقهم.
    وسار إلى المكان الذي لجأ إليه اشتادسيس من الجبل فحصره حتى نزلوا على حكم أبي عون. وكان أبو عون قدم بعد الوقعة، وقالوا:
    « لا نرضى إلّا بأبي عون. » فرضي خازم وأعطاهم النزول على حكم أبي عون، فلمّا نزلوا أمر أبو عون أن يوثق اشتادسيس وبنوه وأهل بيته بالحديد وأن يعتق الباقون وهم ثلاثون ألفا، فأنفذ ذلك خازم من حكم أبي عون.
    وكتب خازم بالفتح إلى المهديّ، وكتب به المهديّ إلى المنصور.
    ثم دخلت سنة إحدى وخمسين ومائة وفيها بنى المنصور الرّصافة في الجانب الشرقيّ من بغداذ لابنه المهديّ.

    ذكر السبب في ذلك

    انصرف المهديّ من خراسان إلى بغداد وشغّبت الروندية وحاربوه على باب الذهب، فدخل قثم بن العبّاس بن عبيد الله بن العبّاس، على المنصور وهو يومئذ شيخ كبير مقدّم عند القوم، فقال له أبو جعفر:
    « أما ترى ما نحن فيه من التياث الجند علينا قد خفت أن تجتمع كلمتهم فيخرج هذا الأمر عنّا، فما ترى؟ » قال:
    « يا أمير المؤمنين، عندي في هذا رأى إن أنا أظهرته لك فسد، وإن تركتني أمضيه صلحت لك خلافتك وهابك جندك. » قال له: « أفتمضي في خلافتي أمرا لا تعلمني ما هو؟ » فقال: « إن كنت عندك متّهما على دولتك فلا تشاورنى، وإن كنت مأمونا عليها فدعني أمضى رأيي. »
    قال له: « فأمضه. » قال: فانصرف قثم إلى منزله، فدعا غلاما له فقال:
    « إذا كان غدا فتقدمني فاجلس في دار أمير المؤمنين، فإذا رأيتنى قد دخلت وتوسّطت أصحاب المراتب، فخذ بعنان بغلتي، واستوقفنى واستحلفني بحقّ رسول الله وحقّ العبّاس وحقّ أمير المؤمنين، لمّا وقفت لك، وسمعت مسألتك، وأجبت عنها، فإني أنتهرك وأغلّظ لك القول، فلا يهولنّك ذلك مني، وعاودني بالمسألة، فإني سأشتمك فلا يهولنّك، وعاودني القول والمسألة، فإني سأضربك بالسوط فلا يشقّنّ ذلك عليك، وقل لي:
    « أيّ الحيّين أشرف، اليمن أم مضر؟ » فإذا أجبتك فخلّ عنان بغلتي وأنت حرّ. » قال: فغدا الغلام، فجلس حيث أمره به مولاه من دار الخليفة، فلمّا جاء الشيخ فعل الغلام ما أمره به، وفعل المولى ما كان قال له وقال:
    « أيّ الحيّين أشرف، اليمن أم مضر؟ » فقال له قثم:
    « مضر، منها رسول الله وفيها كتاب الله، وفيها بيت الله، ومنها خليفة الله. » قال: فامتعضت اليمن إذ لم يذكر لها شيئا من شرفها. فقال قائد من قوّاد أهل اليمن لغلامه:
    « قم، فخذ بعنان بغلة الشيخ فاكبحها كبحا عنيفا تطامن منه. » ففعل الغلام ما أمر به مولاه حتى كاد يقعيها على عراقيبها فامتعضت من ذلك مضر فقالت:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 16 من 20 الأولىالأولى ... 61415161718 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    2. أربع اخطاء في تذويب الطعام المجمد
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 06-10-2010, 03:26 AM
    3. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM
    4. العشى الليلي Night blindness
      بواسطة Dr.Ahmad في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 01:57 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1