صفحة 16 من 25 الأولىالأولى ... 61415161718 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 64 من 100

الموضوع: تجارب أمم المجلد الرابع


  1. #61
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    « ضع ثيابك وانج عريانا. »
    فطرحوا ثيابهم ونجوا عراة حفاة فمات أكثرهم من البرد وسقطت أصابع قوم منهم ونجوا.
    فوجّه المتوكّل بغا الكبير إلى أرمينية طالبا بدم يوسف. فشخص إليها فبدأ بأرزن. وكان موسى بن زرارة قد واطأ قتلة يوسف فقبض بغا على موسى واخوته وحملهم إلى السلطان ثم سار فأناخ على الخويثيّة وهم جمّة أهل أرمينية، وقتلة يوسف بن محمد. فحاربهم فظفر بهم وقتل منهم زهاء ثلاثين ألفا وسبى خلقا فباعهم. ثم سار إلى بلاد الباق فأسر أشوط بن حمزة أبا العباس، ثم سار إلى ديبل ثم إلى تفليس.
    غضب المتوكل على أبي دؤاد

    وفيها غضب المتوكّل على أحمد بن أبي دؤاد وأمر بالتوكيل بضياعه وحبسه وأولاده واخوته، فحمل أبو الوليد مائة ألف وعشرين ألف دينار وجوهرا كثيرا، وصولح بعد على ستّة عشر ألف ألف درهم وأشهد عليهم جميعا ببيع كلّ ضيعة لهم وكان أحمد بن أبي دؤاد قد فلج فقال أبو العتاهية:
    لو كنت في الرّأى منسوبا إلى رشد ** وكان عزمك عزما فيه توفيق
    لكان في الفقه شغل لو قنعت به ** عن أن تقول: كتاب الله مخلوق
    ما ذا عليك وأصل الدين يجمعهم ** ما كان في الفرع لو لا الجهل والموق
    ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ومائتين

    وفيها ظفر بغا الكبير بإسحاق بن إسماعيل مولى بني أمية بتفليس فأحرق مدينة تفليس. وكان إسحاق بن إسماعيل - ويكنى أبا العباس - قد تحصّن بتفليس وهي مدينة أكثر بنائها خشب الصنوبر. فلمّا قصدها بغا أمر النفاطين فضربوها بالنار وهاجت الريح وأحاطت النار به بقصر إسحاق وجواريه.
    ثم أتاه الأتراك والمغاربة فأخذوه أسيرا مع ابنه وأتوا به بغا، فأمر بضرب عنقه صبرا، وصلب جثّته واحترق في المدينة نحو خمسين ألف إنسان.
    ثم نهض بغا إلى عيسى بن يوسف ابن أخت اصطفانوس فحاربه في كورة السلطان ثم تحصّن في قلعة كتيش، ففتحها وأخذه وحمله وحمل ابنه وسنباط بن أشوط بطريق أرّان، وحمل معه آذرنرسى بن إسحاق.
    ثم دخلت سنة تسع وثلاثين ومائتين

    ولم يجر فيها ما يكتب.
    ودخلت سنة أربعين ومائتين

    وتلك سبيلها.
    ودخلت سنة إحدى وأربعين ومائتين

    إغارة البجة وحرب المتوكل إياهم

    وفيها أغارت البجّة على حرش من أرض مصر، فوجّه المتوكّل لحربهم محمد بن عبد الله القمي.
    ذكر ما آلت إليه أمورهم

    كانت البجّة لا تغزو المسلمين ولا يغزوهم المسلمون لهدنة بينهم قديمة وهم جنس من أجناس الحبشة وفي بلادهم معادن ذهب. فهم يقاسمون من يعمل فيها ويؤدّون إلى عمّال مصر في كلّ سنة شيئا معلوما.
    فلمّا كان في أيّام المتوكّل امتنعت البجّة عن أداء ذلك الخراج سنين متوالية وهذه المعادن منها ما هو على التخوم فيما بين أرض مصر وبلاد بجّة. فقتلوا عدّة من المسلمين ممّن كان يعمل في المعادن ويستخرج الذهب، وسبوا عدّة من ذراريهم ونسائهم. وذكروا أنّ المعادن لهم في بلادهم وأنهم لا يأذنون للمسلمين في دخولها، وانّ ذلك أوحش المسلمين الذين كانوا يعملون هناك حتى انصرفوا عنه، فانقطع ما كان يؤخذ للسلطان بحقّ الخمس الذي كان يستخرج من المعادن.
    فلمّا بلغ ذلك المتوكّل أحفظه، وشاور في أمر البجّة فأنهى إليه أنّهم قوم أهل بدو وأصحاب إبل وماشية، وأنّ الوصول إلى بلادهم صعب لا يمكن أن تسلك إليهم الجيوش لأنّها مفاوز وصحار، وبين أرض الإسلام وبينها مسيرة شهر في أرض قفر وجبال وعرة لا ماء فيها ولا زرع ولا معقل ولا حصن، وأنّ من يدخلها من أولياء السلطان يحتاج أن يتزوّد لجميع من معه المدّة التي يتوهّم أنّه يقيمها في بلادهم حتى يخرج إلى أرض الإسلام. فإن تجاوز تلك المدّة هلك وجمع من معه وأخذتهم البجّة بالأيدى دون المحاربة، وأنّ أرضهم لا تردّ على السلطان شيئا من خراج ولا غيره.
    فأمسك المتوكّل عن التوجيه إليهم وجعل أمرهم يتزيّد وحربهم يكثر حتى خاف أهل الصعيد من أرض مصر على أنفسهم وذراريّهم. فولّى المتوكّل محمد بن عبد الله القمي محاربتهم وولّاه معادن تلك الكور، وتقدّم إليه في محاربة البجّة وكتب إلى عنبسة بن إسحاق الضبي العامل على حرب مصر بإعطائه جميع ما يحتاج إليه من الجند والشاكريّة بمصر. فأزاح عنبسة علّته في ذلك، وخرج إليه من جميع ما اقترحه عليه، وانضمّ إليه جميع من كان يعمل في المعادن وقوم كثير من المطوّعة، وكانت عدّة من معه نحوا من عشرين ألف إنسان بين فارس وراجل، ووجّه إلى القلزم فحمل في البحر سبعة مراكب موقّرة بالدقيق والزيت والتمر والسويق والشعير، وأمر قوما من سبعة مراكب موقّرة بالدقيق والزيت والتمر والسويق والشعير، وأمر قوما من أصحابه أن يلجّجوا بها في البحر حتى يوافوه في سواحل البحر من أرض البجّة.
    ولم يزل محمد بن عبد الله القمّى يسير في أرض البجّة حتى جاوز المعادن التي يعمل فيها وصار إلى حصونهم وقلاعهم، وخرج إليه ملكهم واسمه: على بابا، وله ابن يسمّى بغسى في جيش كثير وعدد أضعاف من كان مع القمّى وكانت البجّة على إبلهم ومعهم الحراب وإبلهم فرّه تشبه المهارى في النجابة. فجعلوا يلتقون أيّاما متوالية فيتناوشون ولا يصحّحون القتال.
    وجعل ملك البجّة يتطارد للقمّى ويطوّل الأيّام طمعا في نفاد الأزواد والعلوفة التي معهم فلا يكون لهم قوّة، فتأخذهم البجّة بالأيدى. فلمّا توهّم عظيم البجّة أنّ الأزواد قد نفدت أقبلت المراكب السبعة التي حملها القمّى حتى خرجت إلى ساحل من سواحل البحر في موضع يعرف بصنجة فوجّه القمّى إلى ما هناك من أصحابه يحمون المراكب من البجّة وفرّق ما كان فيها على أصحابه فاتّسعوا في الزاد والعلوفة.
    فلمّا رأى ذلك على بابا رئيس البجّة قصد لمحاربتهم وجمع لهم. فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا وكانت إبلهم زعرة تكثر الفزع من كلّ شيء. فلمّا رأى ذلك محمّد بن عبد الله القمّى جمع أجراس الإبل والخيل، التي في معسكره كلّها فجعلها في أعناق الخيل ثم حمل على البجّة فنفرت إبلهم واشتدّ رعبهم فحملتهم على الجبال والأودية فمزّقتهم كلّ ممزّق، واتبعهم القمّى بأصحابه قتلا وأسرا حتى غشاهم الليل ولم يقدر على إحصاء القتلى لكثرتهم. فلمّا أصبح القمّى وجدهم قد جمعوا جمعا من الرجّالة ثم صاروا إلى موضع أمنوا فيه طلب القمّى.
    فوافاهم القمّى في الليل في خيله فهرب ملكهم وأخذ تاجه ومتاعه ثم طلب الأمان على أن يردّ إلى بلاده ويؤدّى الخراج للسنين التي عليه. فأعطاه القمّى ذلك وأدّى ما عليه واستخلف على مملكته ابنه بغسى.
    وانصرف القمّى بعلى بابا إلى المتوكّل فوصل إليه في آخر سنة إحدى وأربعين فكانت غيبته دون سنة.
    وكسا القمّى على بابا درّاعة ديباج وعمّامة سوداء وكسا جمله رحلا مدبّجا وجلال ديباج ليتميّز عن أصحابه، ووقف بباب العامّة مع قوم من البجّة على الإبل بالحراب وفي رؤوس حرابهم رؤوس القوم الذين قتلهم القمّى. فأمر المتوكّل أن يقبضوا من القمّى.
    ثم ولّى المتوكّل البجّة وطريق ما بين مصر ومكّة سعدا الخادم الإيتاخى. فولّى سعد محمد بن عبد الله القمّى، فخرج القمّى بعلى بابا وهو مقيم على دينه.
    ودخلت سنة اثنتين وأربعين وثلاثة وأربعين [ ومائتين ]

    ولم يجر فيهما ما يكتب.
    ودخلت سنة أربع وأربعين ومائتين

    وفيها دخل المتوكّل دمشق وكان عزم على المقام بها، ووصف له من فضائلها وطيبها ما شوّقه إليها. فأمر بالبناء فيها ونقل دواوين الملك إليها ثم استوبأ البلد وذلك أنّ الهواء بها بارد نديّ، والماء ثقيل والريح تهبّ مع العصر، فلا تزال تشتدّ حتى تمضى عامّة الليل، وهي كثيرة البراغيث، وغلت الأسعار وحال الثلج بين السابلة والميرة وتحرّكت الأتراك يطلبون أرزاقهم وأرزاق عيالاتهم.
    فرجع المتوكّل إلى سرّ من رأى وكان مقامه بدمشق شهرين وأيّاما.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #62
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ودخلت سنة خمس وأربعين ومائتين

    وفيها أمر المتوكّل ببناء الجعفري وأقطع قوّاده وأصحابه فيها وجدّ في بنائها وأنفق عليها ألفى دينار، وكان يسمّيها هو وأصحابه المتوكّلية.
    وفيها كان هلاك نجاح بن سلمة الكاتب.
    ذكر سبب هلاكه

    كان نجاح إليه ديوان التوقيع والتتبّع على العمّال فكان العمّال. يتّقونه ويقضون حوائجه ولا يمنعونه من شيء يريده. وكان المتوكّل ربّما نادمه وكان عبيد الله بن خاقان وزير المتوكّل والأمور مفوّضة إليه، وكان الحسن بن مخلد وموسى بن عبد الملك منقطعين إلى الوزير، وكان الحسن بن مخلد على ديوان الضياع وموسى على ديوان الخراج.
    وكتب نجاح بن سلمة رقعة إلى المتوكّل يذكر له، أنّه يعرف وجه أربعين ألف ألف درهم يستخرجها من وجوهها من خيانات قوم، فيتّسع بها أمير المؤمنين في نفقة البناء. فأدناه المتوكّل وشاربه تلك العشيّة وقال:
    « سمّ لي من تستخرج منه الأموال. » فسمّى الحسن بن مخلد وموسى بن عبد الملك وقال:
    « يصحّ من جهة هذين أربعون ألف ألف درهم. » ثم سمّى قوما آخرين من الكتّاب وضمن مالا عظيما يصحّ بعد ذلك منهم. فوقع ذلك من المتوكّل موقعا عظيما وأعجبه وقال له:
    « أغد عليّ. » فلمّا أصبح لم يشكّ في أمره.
    وناظر المتوكّل عبيد الله بن يحيى وزيره في ذلك فقال:
    « يا أمير المؤمنين هؤلاء أعيان المملكة وكتّابك وعمّالك. فإن أوقعت بهم فمن يقوم بأعمالك وأنا أدبّر ذلك. » فلمّا غدا نجاح إلى المتوكّل وقد رتّب أصحابه وقال: « يا فلان خذ أنت الحسن وأصحابه ويا فلان خذ أنت موسى وأصحابه، » حجبه عبيد الله وتقدّم في ذلك فلقى، نجاح عبيد الله فقال له:
    « انصرف يا أبا الفضل حتى ننظر وأنا أشير عليك بأمر لك فيه صلاح. » فقال: « ما هو؟ » قال: « أصلح بينك وبينهما وتكتب رقعة إلى أمير المؤمنين تذكر فيها أنّك كنت شاربا وأنّك تكلّمت بما يحتاج إلى معاودة النظر فيها، وأنا أصلح أمرك عند المتوكّل. »
    فلم يزل يخدعه حتى كتب ما قال. ثم دعا عبيد الله الحسن بن المخلد وموسى بن عبد الملك وقال لهما:
    « ابذلا خطّا في نجاح وأصحابه بألفي ألف دينار، وإلّا فإنّه سيسلمكما إليه ويهلككما. » فكتبا له ذلك ودخل عبيد الله على المتوكّل وقال:
    « يا أمير المؤمنين قد رجع نجاح عمّا قاله البارحة وهذا خطّه وهذه رقعة موسى بن الحسن يتقبّلان به ممّا بذلا به خطوطهما فتأخذ ما ضمنا عنه ثم تعطف عليهما فتأخذ قريبا ممّا ضمن لك عنهما. » فسرّ المتوكّل وطمع فيما قال عبيد الله وقال:
    « ادفعه إليهما. » فأمرا بأن تؤخذ قلنسوته، وقبضا على كتّابه فاستخرجا من يومهما ذلك مائة وأربعين ألف دينار اعترف بها ابنه، وذلك سوى قيمة ضياعه وقصوره وفرشه ومستغلاته وآلاته. فقبض جميع ذلك وضرب مرارا بالمقارع وعذّب ثم خنق أو عصرت خصاه فأصبح ميّتا. وطولب أولاده ووكلاؤه، وأخذ بسببه قوم ببغداد وبسرّ من رأى وبمكّة وبناحية السواد فحبسوا وصودروا.
    ثم دخلت سنة ست وأربعين ومائتين

    ولم يجر فيها شيء يكتب.
    ودخلت سنة سبع وأربعين ومائتين

    وفيها كان مقتل المتوكّل على الله
    ذكر السبب في قتله

    كان سبب ذلك أنّ المتوكّل أمر بقبض ضياع وصيف بإصبهان والجبل وأقطعها الفتح بن خاقان، فكتب الكتب بذلك وبلغ ذلك وصيفا.
    وكان المتوكّل واقف الفتح بن خاقان على أن يفتك بابنه المنتصر لأشياء كانت تبلغه عنه ويفتك أيضا بوصيف وبغا وغيرهما من قوّاد الأتراك ممّن كان يتّهم فكثر عتب المتوكّل قبل الموعد على ابنه المنتصر. كان يقول له:
    « سمّيتك: المنتصر، فسمّاك الناس لحمقك: المنتظر. » فمرّة كان يشتمه ومرّة يسقيه فوق طاقته ومرّة يصفعه.
    فتحدّث بعض من كان في ستارة المتوكّل قالت: التفت المتوكّل إلى الفتح وهو ثمل فقال:
    « برئت من الله ومن قرابتي من رسول الله إن لم تلطمه. » - يعنى المنتصر.
    فقام الفتح فلطمه. ثم قال:
    « اصفعه. » فأمرّ يده على قفاه.
    ثم قال المتوكّل لندمائه:
    « اشهدوا جميعا أنّى قد خلعت المستعجل» - يعنى المنتصر.
    فقال المنتصر:
    « يا أمير المؤمنين لو أمرت بضرب عنقي كان أسهل عليّ ممّا تفعله بي. » فقال: « اسقوه. » وأمر بالعشاء فأحضر وذلك في جوف الليل فجعل يأكل هو والفتح وهو سكران يلقم ويسقى المنتصر وهو يشتمه.
    ثم خرج المنتصر وأخذ بيد زرافة الحاجب وقال:
    « امض معي. » قال: « يا سيّدي، إنّ أمير المؤمنين لم يقم بعد. » فقال: « إنّ أمير المؤمنين قد أخذ منه الشراب، والساعة يخرج بغا والندماء، وقد أحببت أن تجعل أمر ولدك إليّ فإنّ أوتامش سألنى أن أزوّج ابنه من ابنتك وابنك من ابنته. » قال له زرافة:
    « نحن عبيدك يا سيّدي فمر بأمرك. » وأخذ المنتصر بيده وانصرف به معه فقال بنان المغنّى:
    فما بعد المنتصر حتى سمعنا الضجّة والصراخ وكنت مع المنتصر قد قمت لأشهد الأملاك والنثار.
    فلمّا سمع المنتصر الصراخ خرج فاستقبله بغا فقال له المنتصر:
    « ما هذه الضجّة. » قال: « خير يا أمير المؤمنين. » قال: « ما تقول ويلك؟ »


  • #63
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال: « أعظم الله أجرك في سيّدنا أمير المؤمنين. كان عبد الله دعاه فأجابه. » فجلس المنتصر وأمر بباب البيت الذي قتل فيه المتوكّل والمجلس فأغلق وغلّقت الأبواب كلّها وبعث إلى وصيف يأمره بإحضار المعتزّ والمؤيد عن رسالة المتوكّل.
    فذكر عثعث أنّ المتوكّل بعد قيام المنتصر استدعى رطلا وكان بغا الصغير المعروف بالشرابى قائما عند الستر وبغا الكبير يومئذ بسميساط وخليفته موسى ابنه فدخل بغا الصغير وأمر الندماء بالانصراف إلى حجرهم. فقال له الفتح:
    « ليس هذا وقت انصرافه. » فقال بغا:
    « إنّ أمير المؤمنين أمرنى إذا جاوز السبعة أرطال ألّا أترك أحدا في المجلس، وقد جاوز العشرة. » فكره الفتح قيامهم. فقال له بغا:
    « إنّ حرم أمير المؤمنين خلف الستارة وقد سكر، فقوموا فاخرجوا. » فقاموا ولم يبق إلّا عثعث والفتح وأربعة من خدم الخاصّة وغلق بغا الصغير الأبواب كلّها إلّا باب الشطّ ومنه دخل القوم الذين وقفوا على قتله فلمّا دخل القوم وسلّوا سيوفهم نظر إليهم عثعث فقال المتوكّل:
    « قد فرغنا من الحيّات والعقارب والأسد وصرنا إلى السيوف. » وذلك أنّ المتوكّل كان ربّما أرسل هذه الأشياء على ندمائه ليفزّعهم ويضحك هو، فلمّا ذكر عثعث السيوف قال:
    « ويلك ما تقول أيّ سيوف؟ » فما استتمّ كلامه حتى دخلوا عليه، فابتدره بغلون فضربه ضربة على كتفيه وأذنه فقدّه، فقام الفتح في وجهه ووجوه القوم وقال:
    « وراءكم يا كلاب. » فقال له بغا:
    « لا تسكت يا جلفى. » فرمى الفتح بنفسه على المتوكّل، فاعتوره القوم بسيوفهم فقتلوهما معا وقطّعوهما حتى اختلطت لحومهما. وهرب عثعث بعد ما أصابته ضربة ونجا الخدم وراء الستارة وتطايروا وكان عبيد الله بن يحيى في حجرته لا يعلم بشيء من أمر القوم وهو ينفّذ الأمور بالشموع.
    وذكر أنّ بعض نساء الأتراك ألقت رقعة بما عزم عليه القوم فوصلت إلى عبيد الله بن يحيى وشاور الفتح فيها وعرف الخبر أيضا أبو نوح كاتب الفتح واتفق رأيهم على كتمان المتوكّل يومهم ذلك لما كانوا رأوا من سروره فكرهوا أن ينغّصوا يومه، وهان عليهم أمر القوم، وكانوا وثقوا بأنّ ذلك لا يجسر عليه ولا يتمّ. فبينا عبيد الله ينفّذ الأمور إذ طلع عليه بعض الخدم فقال:
    « يا سيّدي أنت ما جلوسك؟ » قال: « وما ذاك؟ » قال: « الدار سيف واحد. » فأمر بعض خدمه بالخروج. فخرج ونظر، ثم عاد فأخبره أنّ المتوكّل والفتح قد قتلا. فخرج في من معه من خدمه وخاصّته. فأخبر أنّ الأبواب مغلّقة، فأخذ نحو الشطّ فإذا أبوابه أيضا مغلقة، فأمر بكسر ما كان يلي الشطّ فكسرت ثلاثة أبواب حتى خرج إلى الشطّ ووجد زورقا، فقعد فيه ومعه جعفر بن حامد وغلام له. فصار إلى منزل المعتزّ فسأل عنه فلم يصادفه فقال:
    « إنّا لله وإنا إليه راجعون قتلني وقتل نفسه. » وتلهّف عليه.
    واجتمع إلى عبيد الله أصحابه غداة غد من الأبناء والعجم والأرمن والزواقيل من الأعراب وغيرهم وقد اختلف في عدّتهم. فقال بعضهم كانوا عشرة آلاف، وزاد بعضهم ونقص بعض. فقالوا:
    « إنّما كنت تصطنعنا لهذا اليوم فأمر بأمرك وأذن لنا نمل على القوم ميلة فنقتل المنتصر ومن معه من الأتراك وغيرهم. » فأبى وقال:
    « ليس في هذا حيلة، والرجل في أيديهم ». - يعنى المعتزّ.
    وكانت خلافته أربع عشرة سنة وعشرة أشهر، وكان أسمر نحيفا حسن العينين خفيف العارضين.
    خلافة محمد بن جعفر المنتصر

    وبويع للمنتصر يوم الأربعاء لأربع خلون من شوّال وهو ابن خمس وعشرين سنة. واستوزر أحمد بن الخصيب وهو الذي قرأ على الناس كتابا، فخبّر عن أمير المؤمنين المنتصر أنّ الفتح بن خاقان قتل أباه جعفر المتوكّل فقتله به وحضر عبيد الله بن الفتح بن خاقان فبايع وانصرف.
    ودخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين

    وفيها أغزى المنتصر وصيفا التركي صائفة أرض الروم
    ذكر السبب في ذلك

    كان السبب في ذلك أنّه كان بين أحمد بن الخصيب وبين وصيف شحناء وتباغض، فأشار على المنتصر بإخراجه غازيا. فقال المنتصر:
    « ائذن لمن حضر الدار؟ »
    فأذن لهم، وفيهم وصيف. فأقبل عليه وقال:
    « يا وصيف أتانا عن طاغية الروم أنّه أقبل يريد الثغور، وهذا أمر لا يمكن أن يمسك عنه، فإمّا شخصت وإمّا شخصت. » فقال وصيف:
    « بل أشخص يا أمير المؤمنين. » فقال لأحمد بن الخصيب:
    « انظر ما تحتاج إليه على أبلغ ما يكون فأقمه له. » قال: « نعم يا أمير المؤمنين. » قال: « ما معنى نعم، قم الساعة يا وصيف ومر كاتبك أن يواقفه على جميع ما يحتاج إليه حتى تزيح علّته. » فقام أحمد ووصيف حتى خرج فما أفلح.
    وكتب المنتصر كتابا إلى محمد بن عبيد الله بن طاهر وكان ببغداد منصرفا من الحجّ يعرّفه فيه إغزاءه وصيفا ويعلمه أنّه خارج إلى ثغر ملطية للنصف من حزيران ويأمره أن يكاتب عمّاله في نواحي عمله، ليقرأ كتاب أمير المؤمنين على من قبلهم ويحثّهم على الجهاد ويستفزهم ويلحقهم به في الوقت المحدود.
    ثم كتب عن المنتصر كتاب إلى وصيف يأمره بالمقام ببلد الثغر أربع سنين يغزو في أوقات إلى أن يأتيه رأى أمير المؤمنين.
    خلع المعتز والمؤيد أنفسهما

    وفي هذه السنة خلع المعتزّ والمؤيّد أنفسهما وأظهرا ذلك.
    ذكر سبب خلعهما

    لمّا استقامت الأمور للمنتصر بالله قال أحمد بن الخصيب لبغا:
    « إنّا لا نأمن الحدثان، وأن يموت أمير المؤمنين، فيلي الأمر المعتزّ فلا يبقى منّا باقية. والرأي أن نعمل في خلع هذين الغلامين قبل أن يظفرا بنا. » فجدّ الأتراك في ذلك وألحّوا على المنتصر بالله وقالوا:
    « نخلع هذين ونبايع لابنك عبد الوهاب. » وكان مكرما للمؤيّد والمعتزّ. فلم يزالوا به حتى أحضرهما الدار، وذلك بعد أربعين يوما من ولايته. فلمّا حصلا في دار واحدة من الدار قال المعتزّ للمؤيّد:
    « يا أخي لم أحضرنا؟ » قال: « يا شقيّ للخلع. » فقال: « لا أظنّه يفعل بنا ذلك. » فبينا هم في ذلك إذ جاءتهم الرسل بالخلع.


  • #64
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فقال المؤيّد:
    « السمع والطاعة. » وقال المعتزّ:
    « ما كنت لأفعل. فإن أردتم قتلى فشأنكم. » فرجعوا إليه فأخبروه. ثم عادوا بغلظة شديدة وأخذوا المعتزّ بعنف وأدخلوه إلى بيت فأغلقوا عليه. فقال لهم المؤيّد بجرأة واستطالة:
    « ما هذا يا كلاب قد ضريتم على دمائنا، تثبون على مواليكم هذا الوثوب، اغربوا قبّحكم الله، دعوني حتى أكلّمه. » فكاعوا عن جوابه، ثم قالوا:
    « القه إن أحببت. » - فيظنّ أنّهم استأمروه لأنهم أقاموا ساعة ثم أذنوا له.
    فقام إليه.
    قال المؤيّد: فوجدته يبكى فقلت:
    « يا جاهل، تراهم قد نالوا من أبيك ما نالوا ثم تمتنع اخلع ويلك. » فقال: « سبحان الله أمر قد طار في الآفاق ووثق منه. أخلعه؟ » قلت: « هذا قد قتل أباك وسيقتلك، فاخلعه وعش. فو الله لئن كان في سابق علم الله أن تلى لتلينّ. » قال: « أفعل. » فخرجت وقلت:
    « قد أجاب. » فمضوا وعادوا فجزّونى خيرا. ودخل معهم كاتب ومعه دواة وقرطاس.
    فجلس ثم أقبل على أبي عبد الله المعتزّ، فقال:
    « اكتب بخطّك. » فتلكّأ، فقال المؤيّد للكاتب:
    « هات قرطاسك، أملل ما شئت. » فأمّل عليه كتابا للمنتصر يعلمه فيه ضعفه عن هذا الأمر، وأنّه قد علم أنّه لا يحلّ له تقلّده، ويكره أن يأثم المتوكّل بسببه، إذ لم يكن موضعا له ويقول: « إني قد خلعت نفسي وأحللت الناس من بيعتي. » ثم قال المؤيّد:
    « اكتب يا أبا عبد الله. » فكتب وخرج الكاتب.
    قال المؤيّد: ثم دعا بنا، فدخلنا عليه وهو في مجلسه والناس على مراتبهم، فسلّمنا فردّ علينا وأمر بالجلوس ثم قال:
    « هذا كتابكما. » فبدرت وقلت:
    « نعم يا أمير المؤمنين هذا كتابي بمسألتى ورغبتي. » وقلت للمعتزّ:
    « تكلّم. » فقال مثل ذلك. فأقبل علينا والأتراك وقوف، فقال:
    « أتريانى خلعتكما طمعا في أن أعيش ويكبر ولدي وأصيّر الخلافة إليه؟ والله ما طمعت في ذلك قطّ وإذا لم يكن لي في ذلك طمع فو الله لأن يلي بنو أبي أحبّ إليّ من أن يليها بنو عمّى ولكنّ هؤلاء - وأومأ إلى سائر الموالي ممّن هو قائم وقاعد - ألحّوا عليّ في خلعكما فخفت إن لم أفعل أن يعترضكما بعضهم بحديدة. فما ترياني صانعا؟ أقتله فو الله ما تفي دماؤهم كلّهم بدم بعضكم فإنّ إجابتهم إلى ما سألوا أسهل عليّ. » فأكبّا على يده فقبّلاها وضمهما إليه، ثم انصرفا.
    وكتب بنسخة خلعهما وبما أنشئ عن المنتصر بالله في ذلك كتب إلى العمّال في الآفاق.
    وفي هذه السنة توفّى المنتصر بالله.
    ذكر وفاة المنتصر وسرعة الإدالة منه

    قد اختلف الناس في وفاته. فقال قوم أصابته الذبحة. وقال آخرون أصابه ورم في معدته وقال آخرون فصد بمبضع مسموم وأنّ طبيبه لمّا فصده دهش فلم يميّز مبضعه المسموم. ثم اعتلّ هو ففصده تلميذه به فمات. وقيل وجد علّة في رأسه فقطّر طبيبه ابن طيفور في أذنه دهنا، فورم رأسه فعولج فمات.
    ولم يزل الناس منذ ولى الخلافة وإلى أن مات يقولون:
    إنّما مدّة حياته ستة أشهر مدّة شيرويه بن كسرى قاتل أبيه. » مستفيضا ذلك على السن العامّة والخاصّة.
    وكان المنتصر استفتى في قتل أبيه الفقهاء من غير أن يسمّيه، وحكى أمورا قبيحة لا تكتب في كتاب، فأفتوا بقتله.
    فلمّا قتله رآه في النوم وكأنّه يقول:
    « ويلك يا محمد، قتلتني وظلمتني، والله لا تمتّعت بالخلافة إلّا أيّاما يسيرة، ثم مصيرك إلى النار. » فانتبه وهو لا يملك عينه ولا جزعه، فكان يسلّى ويقال له:
    « هذا استشعار وهو حديث النفس. » فلا يسلو، وما زال منكسرا إلى أن توفّى.
    ولمّا اشتدّت علّته خرجت العامّة فسألته عن حاله، فقال:
    « ذهبت والله منى الدنيا والآخرة. » وتوفّى وهو ابن خمس وعشرين سنة وستّة أشهر. فكانت خلافته ستّة أشهر.
    وكان أعين قصيرا جيّد البضعة، وكان مهيبا. وطلبت أمّه أن يظهر قبره.
    فهو أوّل خليفة من بنى العباس عرف قبره، وكنيته أبو جعفر.
    ومن طريف ما اتفق عليه أنّ محمد بن هارون كاتب محمد بن علي برد الخبّاز، وخليفته على ديوان ضياع إبراهيم المؤيّد أصيب مقتولا على فراشه، به عدّة ضربات بالسيف. أحضر ولده خادما أسود كان له، ووصيفا.
    فأقرّ الوصيف على الأسود فأدخل إلى المنتصر وأحضر قاضى القضاة وهو يومئذ جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، فسئل الأسود عن قتله فأقرّ ووصف فعله به وسبب قتله إيّاه. فقال له المنتصر:
    « ويلك لم قتلته؟ » فقال له الأسود:
    « كما قتلت أنت أباك المتوكّل. » فتقدّم بضرب عنقه عند خشبة بابك.
    وفي هذه السنة تحرّك يعقوب الصفّار من سجستان فصار إلى هراة.
    خلافة أبي العباس المستعين

    وفيها بويع أحمد بن محمد بن المعتصم.
    ذكر السبب في بيعة المستعين والعدول عن ولد المتوكّل

    لمّا توفّى المنتصر اجتمع الموالي وفيهم بغا الكبير وبغا الصغير وأوتامش ومن معهم. فاستحلفوا جميع القوّاد على أن يرضوا بمن رضى به بغا الكبير وبغا الصغير وأوتامش، وذلك بتدبير أحمد بن الخصيب. فحلفوا كلّهم وتشاوروا بينهم وكرهوا أن يتولّى الخلافة أحد من ولد المتوكّل، لقتلهم المتوكّل وخوفهم أن يغتالهم من يتولّى الخلافة منهم.
    فأجمع أحمد بن الخصيب ومن حضر من الموالي على أحمد بن محمد بن المعتصم وقالوا:

  • صفحة 16 من 25 الأولىالأولى ... 61415161718 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 79
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:44 PM
    2. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    3. أربع اخطاء في تذويب الطعام المجمد
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 06-10-2010, 03:26 AM
    4. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM
    5. العشى الليلي Night blindness
      بواسطة Dr.Ahmad في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 01:57 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1