صفحة 17 من 120 الأولىالأولى ... 715161718192767117 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 65 إلى 68 من 477

الموضوع: رغـد : أنـت لــي (كتـير حلـوة)

العرض المتطور


  1. #1

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array

    لم أدرك أنني نمت حيث كنت ، على ذلك المقعد الكبير الثقيل ، ( الكنبة ) إلا بعد أن استفقت فجأة فرأيت عيني وليد تحدقان بي !

    فزعت ، و نظرت من حولي و اكتشفت أنني كنت هنا !

    كان جسمي حارا و العرق يتصبب منه ، و جلست مذعورة أتلفت باحثة عن شيء أختفي خلفه ... و لم أجد غير وسادة المقعد التي كنت ألتحفها
    غطيت بها وجهي و قمت مسرعة أريد الهروب !

    لا أصدق أنني وصلت غرفتي أخيرا بسلام ! يا إلهي ما الذي يحدث معي !؟
    كيف نمت بهذا الشكل ؟؟ و كيف لم يوقظني الحر ؟؟
    و ما الذي كان يفعله وليد هناك ؟؟؟

    كنت لا أزال أحتضن الوسادة و أسند ظهري إلى الباب الموصد ، و ألتقط أنفاسي بقوة !

    كانت غرفتي باردة و لكن ليس هذا هو سبب ارتعاش أطرافي !

    كم أنا محرجة من وليد !
    أمس يراني بقطعة عجين تغطي أنفي و اليوم بهذا الشكل !
    ماذا سيظنني ؟؟
    كما تقول دانة .. علي ّ ألا أغادر غرفتي بعد الآن !

    كنت أشعر بعينيه تراقباني ! أحس بهما معي في غرفتي الآن !

    ببلاهة نظرت إلى السقف ، في الموضع الذي توهمت رؤيتهما فيه البارحة و تورد خداي خجلا !

    لماذا أشعر بالحرارة كلما عبر وليد على مخيلتي ؟؟؟

    و لماذا تتسارع دقات قلبي بهذا الشكل ؟؟

    بعد أن تجمعت الأشياء التي تبعثرت من ذاتي أثر الفزع نعمت بحمام منعش و بارد و ارتديت ملابسي و حجابي و ذهبت بحذر إلى المطبخ ...

    كانت أمي تنظف السمك عند المغسل ، قلت باستياء :

    " صباح الخير أمي ! لا تقولي أن غذاءنا اليوم هو السمك ! "

    ابتسمت والدتي و قالت :

    " صباح الخير ! إنه السمك ! "

    أطلقت تنهيدة اعتراض ، فأنا لست من عشّاق السمك كما و أنني لا أريد حصة طبخ جديدة هذا اليوم !

    " ألم تنهض دانة بعد ؟؟ "

    سألتني ، قلت :

    " ليس بعد ... "

    ثم غيرت نبرة صوتي و قلت :

    " أ لدينا ضيوف اليوم ؟؟ "

    " إنه صديق وليد ... سيف ... ، لسوف نستضيفه و نكرمه حتى يسافر غدا ، فهو الذي ساعد ابني على ... "

    و توقفت أمي عن الكلام ...

    " على ماذا ؟ "

    قالت بشيء من الاضطراب :

    " على ... على الحضور إلى هنا ... فلم يكن يعرف أين نحن ! "

    أنا تركت رسالة أخبر فيها وليد بأننا رحلنا إلى هذه المدينة ! لا أدري إن كان قد وجدها ! بالطبع لا ... كيف كان سيدخل إلى منزل موصد الأبواب !؟

    كم أنا متلهفة لمعرفة تفاصيل غيابه ... دراسته ... عمله ... كل شيء !

    سكبت لي بعض الشاي ، و توجهت نحو الطاولة الصغيرة الموجودة على أحد جوانب المطبخ قاصدة الجلوس و احتسائه على مهل

    فيما أنا في طريقي نحو الطاولة ، و إذا بوليد و سامر مقبلين ... يدخلان المطبخ !

    ما أن وقع بصري على وليد حتى اضطربت خطاي و اهتزت يدي ، و اندلق بعض الشاي الحار على أصابعي فانتفضت أصابعي فجأة تاركة قدح الشاي ينزلق من بينها و يهوي ... و يرتطم بالأرضية الملساء ساكبا محتواه على قدمي و ما حولها !

    " آي "

    شعرت بلسعة الشاي الحار و ابتعدت للوراء و أنا أهف على يدي لتبريدها ...

    سامر أقبل مسرعا يقول :

    " أوه عزيزتي ... هل تأذيت ؟ ! "

    قلت :

    " أنا بخير "

    و أنا أتألم ...

    سامر أسرع نحو الثلاجة و أخرج قطعة جليد ، و أتى بها إلي ، أمسك بيدي و أخذ يمررها على أصابعي ...
    لملامسة الجليد لأصابعي شعرت بالراحة ...

    قلت :

    " شكرا "

    و ابتسم سامر برضا .

    تركته مشغولا بتبريد أصابعي و سمحت لأنظاري بالتسلل من فوق كتفه ، إلى ما ورائه ...

    كان يقف عند الباب ، سادا بطوله و عرضه معظم الفتحة ، يحدق بنا أنا و سامر بنظرات مخيفة !

    لا أعرف لماذا دائما تشعرني نظراته بالخوف ... و الحرارة !

    الجليد أخذ ينصهر بسرعة ....

    رفعت أنظاري عنه و بعثرتها على أشياء أخرى ، أقل إشعاعا و حرارة ... كالثلاجة كإبريق الشاي ، أو حتى ... لهيب نار الموقد !

    لكني كنت أشعر بها تحرقني عن بعد !

    أ أنتم واثقون من أنكم لا تشمون شيئا ؟؟



    وليد الآن تحرك ، متقدما للداخل ... و مبتعدا عنا ، و متوجها نحو أمي ...

    قال :

    " ماذا تصنعين أماه ؟ "

    " سأحضر لكم السمك المشوي هذا اليوم ... ألم يكن صديقك يحبه في الماضي حسب ما أذكر ؟؟ "

    سكت وليد برهة ثم قال :

    " لا داعي ... يا أمي .. "

    و سكت برهة أخرى ثم واصل :

    " سوف يسافر سيف الآن ... "

    جميعنا ، أنا و سامر و أمي ، نظرنا إلى وليد باهتمام ...

    قالت أمي :

    " يسافر ؟ ألم تقل أنه سيبقى حتى الغد ؟ "

    " بلى ... لكن خطته تغيرت و سيخرج ... فورا "

    قال ( فورا ) هذه بحدة و هو ينظر باتجاهنا أنا و سامر

    أمي قالت :

    " اقنعه يا وليد بالبقاء حتى وقت الغذاء على الأقل ... اقنعه بني ! "

    وليد كان لا يزال ينظر باتجاهنا ، و رأيت يده تنقبض بشدة و وجهه يتوهج احمرارا و على جبينه العريض تتلألأ قطيرات العرق ...

    لم يكن الجو حارا و لكن ...

    هذا الرجل ... ناري ... ملتهب ... حار ... يقدح شررا !

    نظر إلى أمي نطرة مطولة ثم قال :

    " أنا ... ذاهب معه "

    سامر ، ترك قطعة الجليد فوق أصابعي و استدار بكامل جسده نحو وليد ، كما فعلت أمي ...

    قال سامر :

    " عفوا ؟؟ ماذا ؟؟ "

    وليد لم ينظر إلى سامر بل ظل يراقب تعابير وجه أمي ، المندهشة الواجمة ، و قال :

    " نعم أمي ... سأسافر معه ... حالا "



    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




    لم تجد ِ الدموع و النداءات و التوسلات التي أطلقها أفراد عائلتي في صرف نظري عن السفر ...

    بل إنني و في هذه اللحظة بالذات ، أريد أن أختفي ليس فقط من البيت ، بل من الدنيا بأسرها
    لقد كانت حالة أمي سيئة جدا ... و لكن صورة الخائنين و أيديهما المتلامسة ... و قطعة الجليد المنزلقة بدلال بين أصابعهما أعمت عيني عن رؤية أي شيء آخر ...

    و أقيم مهرجان مناحة كبير ساعة وداعي ...

    كان يجب أن أذهب ، و لم يكن لدي أية نوايا بالعودة ... فقد انتهى كل شيء ...

    تحججت بكل شيء ...

    أوراقي ... شهادتي ... أشيائي ... و كل ما خطر لي على بال ، من أجل إقناعهم بتسليمي مفاتيح المنزل ...

    سيف ينتظرني في السيارة ، و هم متشبثون بي يعيقون خروجي ، محيطون بي من الجهات الأربع ... أمي و أبي ، و أختي و آخي الخائن ...

    أما الخائنة رغد ... فكانت تراقب عن بعد ... إذ أنني لم أعد شيئا يجوز لها الاقتراب منه ...

    للحظة اختفت رغد ، و صارت عيناي تدوران و تجولان فيما حولي ...

    أين أنت ...؟؟

    أين ذهبت ؟؟

    أعليها أن تحرمني حتى من آخر لحظة لي معها ؟؟

    آخر لحظة ؟؟

    كنت ممسكا بالباب في وضع الخروج ... أردت أن أسير خطوة نحو الخارج إلا أن قبضة موجعة في صدري منعتني من الخروج قبل أن ... أراها للمرة الأخيرة ...
    فقط ... للمرة الأخيرة ...

    " أين رغد ؟؟ "

    قلت ذلك ، و عدت نحو الداخل أفتش عنها

    وجدتها في غرفة الضيوف و كانت للعجب ... تحاول تحريك المقعد الكبير عن مكانه !

    " رغد ... ! "

    التفتت إلي ، فرأيت الدموع تغرق عينيها فيما هي تحاول جاهدة زحزحة المقعد

    دموع رغد تقطع شرايين قلبي ...

    أشعر بالدماء تغرق صدري و رئتي ... و تسد مجرى هوائي ....

    إنني أختنق يا رغد !

    ليتك تحسين بذلك ...

    " ماذا تفعلين ؟؟ ألن ... تودعيني ؟؟ "

    هزّت رأسها نفيا و اعتراضا ...

    تقدمت نحوها ، و أمسكت بالمقعد و حركته عن موضعه نحو الأمام بالشكل الذي أرادت ، فأسرعت هي إلى خلفه ، و انحنت على الأرض و التقطت شيئا ما ، لم يكن غير ساعتي القديمة ...

    رغد أقبلت نحوي تمد يدها إلي بالساعة و تقول :

    " لقد تركت الجميع يسخر مني ... و أنا محتفظة بها و أرتديها في انتظار عودتك كما وعدت ! لكنك كذبت علي ... و لم تعد ! "

    و رمت بالساعة نحوي فأصابت أنفي ...

    انحنيت و رفعت الساعة عن الأرض ... و بقينا نحدق ببعضنا لبرهة ، ثم قلت :

    " لم تعودي بحاجة للاحتفاظ بها ... فصاحب الساعة ... لم يعد موجودا "

    و أوليتها ظهري ، و انصرفت نحو باب المدخل ...

    لم أعط بصري الفرصة لإلقاء أي نظرة على أي منهم ... لم ألتفت للوراء ... و كنت اسمع نداءاتهم دون أن أستجيب لها ...

    تريدون عودتي ؟؟
    أعيدوا رغد إلي أولا !
    أم تظنون أنني سأحتمل العيش بينكم ، و هي ... خطيبة لأخي ؟؟
    دون رغد ... فإن وليد لم يعد له وجود على وجه الأرض ...
    ألا تدركون ذلك ؟؟
    ألا تدركون ما فعلتم بي ؟؟
    قتلتموني ...
    شر قتلة ...


    " وليـــــــــــــــــــــد "


    كان هذا صوت رغد ... يخترق أذني ... و رأسي ... و قلبي ... و كل خلية ... و كل ذرة من جسدي ...


    لم أستطع أن أقاوم ... التفت نحو الوراء و لم أر شيئا ... غير طفلة صغيرة ... ضئيلة الحجم ... دائرية الوجه ... واسعة العينين ... خفيفة الشعر ... يتدلى شعرها القصير الأملس على جانبيها بعفوية ... ترفع ذراعيها نحوي بدلال و تقول :

    " وليـــــــــــــــد ... احملني ! "

    " رغد ... تعالي ! "

    رأيت شبحها يقبل نحوي ... راكضا ... ضاحكا ... حاملا في يده اليمنى دفتر تلوين ... و في الأخرى صندوق الأماني ... و يمد ذراعيه إلي ...
    فأطير به إلى الهواء ...
    إلى الفضاء ...
    إلى السماء ...
    إلى حيث ترتفع أرواح الموتى ...
    و تصعد دعوات المعذبين ...

    يا رب ...
    أتوسل إليك ...
    أرجوك ...
    خذني إليك ...

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array



  • #3

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array


    الحلقةالحاديةعشرة
    **********








    و أنا استفيق من النوم ، و أشعر بنعومة الوسادة تحت خدي ، و سمك و دفء البطانية فوق جسدي ، و النور يخترق جفني ...
    بقيت مغمض العينين ...
    حركت يدي فوق الفراش الدافئ الواسع ، و الوسادة الناعمة و أخذت أتحسسهما براحة و سعادة ...
    ابتسمت ، و يدي لا تزال تسير فوق الفراش ، و البطانية ، و الوسادة مداعبة كل ما تلامس !
    أخذت نفسا عميقا و أطلقته مع آهة ارتياح و رضا ...
    كم كان النوم لذيذا ! و كم كنت أشعر بالكسل ! و الجوع أيضا !
    آه ... ما أجمل العودة إلى البيت ... و الأهل ...
    فتحت عيني ببطء ، و أنا مبتسم و مشرق الوجه
    و على أي شيء وقعت أنظاري مباشرة ؟؟
    على وجه أمي !
    كانت والدتي تجلس على مقعد جواري ، و تنظر إلي ، و دمعة معلقة على خدها الأيمن ، فيما فمها يبتسم !
    جلست بسرعة ، و قد اعتراني القلق المفاجئ و زالت الابتسامة و السعادة من وجهي ، و قلت باضطراب :

    " أماه ! ماذا حدث ؟؟ "

    والدتي أشارت بيدها إلي قاصدة أن أطمئن ، و قالت :

    " لا لا شيء ، لا تقلق بني "

    لكنني لم أزل قلقا ، فقلت مرة أخرى :

    " ماذا حدث ؟؟ "

    هزت أمي رأسها و مسحت دمعتها و زادت ابتسامتها و قالت :

    " لا شيء وليد ، أردت فقط أن أروي عيني برؤيتك "

    ثم انخرطت في البكاء ...
    نهضت عن سريري و أقبلت ناحتها و قبلت رأسها و عانقتها بحرارة ...

    " لقد عدت أخيرا ! لا شيء سيبعدني عنكم بعد الآن "




    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~





    طبعا لم يستطع أحدنا النوم تلك الليلة ، غير وليد !
    نام وليد في غرفة سامر ، إذ لم يكن لدينا أي سرير احتياطي أو غرفة أخرى مناسبة .
    أنا لا أستطيع أن أصدق أن وليد قد عاد !
    لقد آمنت بأنه اختفى للأبد
    كنت اعتقد بأنه فضل العيش في الخارج حيث الأمان و السلام على العودة لبلدنا و الحرب و الدمار ...
    لكنه عاد ... و بدا كالحلم !
    لا يزال طويلا و عريضا ، لكنه نحيل !
    كما أن أنفه قد تغير و أصبح جميلا !
    البارحة لم أتمالك نفسي عندما رأيته أمام عيني ...
    كم تجعلني هذه الذكرى أبتسم و أتورد خجلا !

    " رغد ! كم من السنين ستقضين في تقليب البطاطا ! لقد أحرقتها ! "

    انتبهت من شرودي الشديد ، على صوت دانة ، و حين التفت إليها رأيتها تراقبني من بعد ، و قد وضعت يديها على خصريها ...

    ابتسمت و قلت :

    " ها أنا أوشك على الانتهاء "

    دانة حدقت بوجهي قليلا ثم قالت :

    " لقد احمر وجهك من طول وقوفك قرب النار ! هيا انتشليها و انتهي ! "

    أنا اشعر بأن خدي متوهجان ! و لكن ليس من حرارة النار !
    انتهيت من قلي البطاطا ثم رتبتها في الأطباق الخاصة.
    مائدتنا لهذا اليوم شملت العديد من الأطباق التي كان وليد يحبها
    والدتي أصرت على إعدادها كلها ، و جعلتنا نعتكف في المطبخ منذ الصباح الباكر !
    ربما كان هذا الأفضل فإن أحدنا لم يكن لينام من شدة الفرح ...
    و الآن هي بالتأكيد في غرفة سامر !

    " دانه "

    كانت دانة تقطع الخضار لتعد السلطة ، و التفتت إلي بنفاذ صبر و قالت :

    " نعم ؟؟ "

    قلت :

    " هل كان وليد يفضل عصير البرتقال أم الليمون ؟؟ "

    رفعت دانة رأسها نحو السقف لتفكر ، ثم عادت ببصرها إلي و هزت رأسها أسفا :

    " لا أذكر ! حضّري أيا منهما "

    قلت :

    " أريد تحضير العصير الذي يفضله ! تذكري يا دانة أرجوك "

    رمقتني بنظرة غضب و قالت :

    " أوه رغد قلت لك لا أذكر ! اسألي أمي "

    وقفت أفكر لحظة ، و استحسنت الفكرة ، فذهبت مسرعة نحو غرفة سامر !
    في طريقي إلى هناك صادفت والدي ...

    " إلى أين ؟ "

    استوقفني أبي ، فقلت بصوت منخفض :

    " أريد التحدث مع أمي "

    ابتسم أبي و قال :

    " إنها عند وليد ! "

    تقدمت خطوة أخرى باتجاه غرفة سامر ، إلا أن أبي استوقفني مرة أخرى

    " رغد "

    التفت إليه

    " نعم أبي ؟؟ "

    لم يتكلم ، لكنه رفع يده اليمنى و بإصبعه السبابة رسم دائرة في الهواء حول وجهه
    و فهمت ماذا يقصد ...
    انعطفت نحو غرفتي ، و ارتديت حجابا و رداءا ساترا ، ثم قدمت نحو غرفة سامر و طرقت الباب طرقا خفيفا ...
    سمعت صوت أمي يقول :

    " تفضل "

    ففتحت الباب ببطء ، و أطللت برأسي على الداخل ... فجاءت نظراتي مباشرة فوق عيني وليد !
    رجعت برأسي للوراء و اضطربت ! و بقيت واقفة في مكاني ...
    أقبلت أمي ففتحت الباب

    " رغد ! أهلا ... أهناك شيء ؟؟ "

    قلت باضطراب :

    " العصير ! أقصد الليمون أم البرتقال ؟ "

    أمي طبعا نظرت إلي باستغراب و قالت :

    " عفوا ؟!! "

    كان باستطاعتي أن أرى وليد واقفا هناك عند النافذة المفتوحة ، لكني لا أعرف بأي اتجاه كان ينظر !

    " هل أصنع عصير الليمون أم البرتقال ؟؟ "

    ابتسمت والدتي و قالت :

    " كما تشائين ! "

    قلت :

    " ماذا يفضل ؟؟ "

    و لم أجرؤ على النطق باسمه !
    والدتي التفتت نحو وليد ، و كذلك فعلت أنا ، فالتقت أنظارنا لوهلة ...

    قالت أمي :

    " ماذا تفضل أن تشرب اليوم ؟ عصير البرتقال أم الليمون ؟ أم كليهما ؟ "

    ابتسم وليد و قال :

    " البرتقال قطعا ! "

    ثم التفتت والدتي إلي مبتسمة ، و قالت :

    " هل بقي شيء بعد ؟ "

    " لا ... تقريبا فرغنا من كل شيء ، بقي العصير ... و السلطة "

    " عظيم ، أنا قادمة معك "

    ثم استأذنت وليد ، و خرجت و أغلقت الباب .
    و عندما ذهبنا للمطبخ ، وجدنا سامر هناك ، و كان قد عاد لتوه من الخارج حيث أحضر بعض الحاجيات ...
    بادلانا بالتحية ثم سأل :

    " ألم ينهض وليد ؟ "

    قالت أمي :

    " بلى ! استيقظ قبل قليل "

    " عظيم ! أنا ذاهب إليه "

    و ذهب سامر مسرعا ، فهبت دانة واقفة و رمت بالسكين و قطعة الخيار التي كانت بيدها جانبا و قالت بانفعال :

    " و أنا كذلك "

    و لحقت به و هي تقول موجهة كلامها إلي :

    " أتمي تحضير السلطة ! "

    و في ثوان كانا قد اختفيا ...

    ماذا عني أنا ؟؟
    أنا أيضا أريد أن أذهب إليه .... !
    نظرت إلى أمي فقالت :

    " أنا سأقطع الخضار ، حضري أنت العصير ...




    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




  • #4

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array



    الحلقةالثانيةعشرة
    *********








    لقد قضيت اليوم بكامله في المطبخ !
    فبعد وجبة الغذاء العظيمة التي أعددناها صباحا ، الآن نعد وجبة عشاء من أجل وليد و صديقه الذي سيتناول العشاء في منزلنا .
    إنني أشعر بالتعب و أريد أن أنام ! لكن دانة لي بالمرصاد ، و كلما استرخيت قليلا طاردتني بقول :

    " أسرعي يا رغد ! الوقت يداهمنا ! "

    كان سامر يساعدنا و لكنه خرج قبل لحظة ، و الآن أستطيع أن أتحدث عن وليد دون حرج !!

    " أخبريني يا دانة ، ما هو التخصص الذي درسه وليد ؟؟ "

    دانة منهمكة في صف الفطائر في الصينية قبل أن تزج بها داخل الفرن ...

    قالت :

    " أعتقد الإدارة و الاقتصاد ! "

    صمت قليلا ثم قلت :

    " و أي غرفة سنعد له ؟ أظنها غرفة الضيوف ! فالبيت صغير ... ألا توافقينني ؟ "

    قالت :

    " بلى "

    انتظرت بضع ثوان ثم عدت أسأل :

    " ألا يبدو أنه قد نحل كثيرا ؟ ألم يكن أضخم في السابق ؟ "

    قالت :

    " بلى ... كثيرا جدا ! لابد أنه لم يكن يأكل جيدا هناك "

    قلت :

    " أ رأيت كيف التهم البطاطا التي أعددها كلها ؟ لابد أنها أعجبته ! "

    التفتت دانة إلي ببطء و قالت :

    " و كذلك أكل السلطة التي أعددتها ، و الحساء الذي أعدته أمي ، و الدجاج و الرز و العصير و كل شيء ! بربك ! هل تعتقدين أن طبقك المقلي هذا هو طبق مميز ! "

    قلت مستاءة :

    " أنت دائما هكذا ! لا يعجبك شيء أصنعه أنا "

    انصرفت دانة عني لتضع صينية الفطائر داخل الفرن ، و ما أن فرغت حتى بادرتها بالسؤال :

    " ألا يبدو أقرب شبها من أبي ؟ فأنت و سامر تشبهان أمي ! "

    قالت :

    " لا أعرف ! "

    ثم التفتت إلي و قالت :

    " و أنت ِ !؟ من تشبهين ؟؟ "

    صمت قليلا ، ثم قلت :

    " ربما أمي المتوفاة ! "

    لكنها قالت :

    " لا ! تشبهين بل شخصا آخر ! "

    سألت باهتمام :

    " من ؟؟ "

    ابتسمت بخبث و قالت :

    " الببغاء ! فأنت ثرثارة جدا ! "

    رميت بقطعة من العجين ناحيتها فأصابت أنفها ، فأطلقتُ ضحكة كبيرة !
    أما هي فقد اشتعلت غضبا و أقبلت نحوي متأبطة شرا !
    تركت كرة العجين التي كنت ألتها من يدي و ذهبت أركض مبتعدة و هي تلاحقني حتى اقتربت من الباب و كدت أفتحه

    " انتظري ! وليد بالخارج "

    أوقفت يدي قبل أن تدير المقبض و التفت إليها و قلت :

    " صحيح ؟؟ "

    قالت :

    " نعم فهو من طرق الباب قبل لحظة ، دعيني أستوثق من انصرافه أولا "

    تنحيت جانبا ، منتظرة منها أن تفتح الباب ، فأقبلت نحوي و على حين غرة ، و بشكل مفاجئ ، ألصقت قطعة العجين على أنفي و ضحكت بقوة و ركضت مبتعدة قبل أن أتمكن من الفرار منها !
    أنا فتحت الباب بسرعة لأهرب لكن بعد فوات الأوان !
    و تخيلوا من لمحت في الثانية التي فتحت الباب فيها ثم أغلقته بسرعة ؟؟
    لقد كان وليد !
    كم شعرت بالإحراج و الخجل و ابتعدت عن الباب في اضطراب
    لا بد أنه رآني هكذا ... و قطعة العجين ملتصقة بأنفي ! أوه يا للموقف المخجل !
    نزعت العجين و رميت به نحو دانة و أنا أقول :

    " لماذا تقولي لي أن وليد خلف الباب ؟؟ "

    رفعت دانة حاجبيها و قالت :

    " بلى قلت لك ! "

    " ظننتك تمزحين للإيقاع بي ! لقد رآني هكذا ! "

    دانة ابتسمت ابتسامة صغيرة ، ثم قالت :

    " أنت و وليد مشكلة الآن ! يجب ألا تغادري غرفتك بعد اليوم ! "

    قلت :

    " شكرا لك ! إذن أتمي تحضير الفطائر و أنا سأذهب للنوم ! "

    في هذه اللحظة فتح الباب فدخل سامر ...

    نظر مباشرة إلي و قال :

    " ذهب إلى غرفة الضيوف ، إن كنت تودين الخروج "

    نظرت إلى دانة ثم إلى سامر ، و الحمرة تعلو خدّيّ و قلت بمكر :

    " نعم سأذهب ! "

    و انطلقت مسرعة نحو غرفتي ...

    غير آبهة بنداءات دانة المتكررة !
    بعد أن غسلت وجهي و يدي في الحمام المشترك بين غرفتي و غرفة دانة توجهت نحو سريري و استلقيت باسترخاء
    كم كنت متعبة !
    إنني لم أنم البارحة كما ينبغي و عملت كثيرا في المطبخ
    و للعلم ، فإن العمل في المطبخ ليس أحد هواياتي ، فأنا لا أهوى غير الرسم ، لكنني أردت المساعدة ...
    تقلبت على سريري يمينا و يسارا و أنا أفكر ...
    ما الذي سيقوله وليد عني !؟
    فالفتيات البالغات لا يغطين أنوفهن بقطع العجين !
    إلا إذا كانت طريقة جديدة لترطيب البشرة و تغذيتها !
    شعرت بالدماء تصعد إلى وجهي بغزارة ... لابد أن وجهي توهج الآن ... لم لا ألقي نظرة !
    قفزت من السرير و أسرعت نحو المرآة ... و رأيت حمرة قلما أرى لها مثيلا على وجهي هذا !
    أبدو جميلة ! و لابد أنني مع بعض الألوان سأغدو لوحة رائعة !
    نزلت ببصري للأسفل و فتحت أحد الأدراج ، قاصدة استخراج علبة الماكياج بفكرة جنونية لتلوين وجهي هذه اللحظة !
    الشيء الذي وقعت عليه يدي بمجرد أن أدخلتها داخل الدرج كان جسما معدنيا باردا .. أمسكت به و أخرجته دون أن أنظر إليه ثم رفعت به نحو عيني ّ مباشرة ...
    إنها ساعة وليد ...
    نسيت فكرتي السخيفة بوضع المساحيق ، و عدت حاملة الساعة إلى سريري و استلقيت ببطء
    الآن .. الفكرة التي تراودني هي إعادة هذه الساعة لوليد ...
    لابد أنه سيفاجأ حين يراها ... و يعرف أنني ظللت محتفظة بها و أرتديها أيضا خلال السنوات الماضية !
    قمت فجأة عن سريري و ارتديت ردائي و حجابي و طرت مسرعة للخارج
    دعوني أخبركم بأنني قلما أفكر في الشيء مرتين قبل أن أقدم عليه !

    لقد أخبرني سامر أنه في غرفة الضيوف و مع ذلك مررت بغرفة سامر ، ثم غرفة المعيشة ، و بالطبع تجنبت المطبخ ، قبل أن أذهب إلى غرفة الضيوف حاملة ساعة وليد بيدي ...
    حين وصلت عند الباب ، و كان مفتوحا ، استطعت أن أرى من بالداخل ، و لم يكن هناك أحد غيره ...
    وليد كان جالسا على أحد المقاعد ، بالتحديد المقعد المجاور للمنضدة التي تحمل الهاتف و قد كان مثنيا جدعه للأمام و مسندا رأسه إلى يديه ، و مرفقيه إلى ركبتيه في وضع يشعر الناظر بأنه ... حزين
    طرقت الباب طرقا خفيفا ، ألا أنه لم يسمعه
    فأعدت الطرق بشكل أقوى و أقوى ، حتى رفع رأسه ببطء و نظر إلي ...
    و ما أن التقت أنظارنا حتى علت وجهه تعابير غريبة و مخيفة ...
    بدت عيناه حمراوين و جاحظتين و مفتوحتين لحد تكادان معه أن تخرجا من رأسه !
    و لمحت زخات العرق تقطر من جبينه العريض
    حملق وليد بي بشدة أثارت خوفي ... فرجعت خطوة للوراء ... و حالما فعلت ذلك وقف هو فجأة كمن لدغته أفعى !
    أنا ازدردت ريقي بفزع ثم حاولت النطق فجاءت كلماتي متلعثمة :

    " كنت ... أعني ... لدي شيء أود إعطائك إياه ... "

    وليد ظل واقفا في مكانه كالجبل يحدّق بي بحدّة ... ربما أزعجه أن أحضر بمفردي ... أو ربما ... ربما ...

    لم أستطع حتى إتمام أفكاري المبعثرة لأنه تقدم خطوة ، ثم خطوة ، تلو خطو باتجاهي
    لقد كنت أمسك بالساعة في يدي اليمنى ، و لا شعوريا تحركت يدي للخلف و اختبأت بالساعة خلف ظهري ...
    لا أظن أن وليد رآها و لكن ...
    حين صار أمامي مباشرة ، مد يده بسرعة و انقض على يدي اليمنى و سحبها للأمام بعنف
    ارتعدت أطرافي و جفلت !
    وليد قرّب يدي من عينه و أخذ يحدق بها بنظرات مخيفة و قاسية ، فيما يشد بقبضته عليها حتى يكاد يهشم عظامها ...

    نطق لساني بفزع و اضطراب :

    " أنا ... لم ... كنت ... سأعيدها إليك ! "

    وليد ظل قابضا على يدي بقوة ، و يحدّق في عيني بنظرات تكاد تخترق عيني و رأسي و الجدار الذي خلفي ...

    في تلك العيون الحمراء القادحة بالشرر ... رأيت قطرات الدموع تتجمع ... ثم تفيض ... ثم تنسكب ... ثم تشق طريقها على الخد العابس ... ثم تنتهي عند الفك المنقبض ...

    لقد تهت في بحر هذه العيون و غرقت في أعماقها ...

    أخذتني إلى ذكرى قديمة موجعة ... حاولت جهدي أن ألغيها من ذاكرتي ... فرأيت وليد و هو يبكي بمرارة و شدة ذلك اليوم و هو جاث ٍ فوق الرمال قرب السيارة ..
    يمد يده إلي و يقول :

    " تعالي يا رغد "

    " وليد ... "

    نطقت باسمه فإذا به يغمض عينيه بقوة و يعض على أسنانه بشدة .. و يشدد قبضته على يدي و يؤلمني ...

    بعدما فتح عينيه ، ظل يحدق في يدي قليلا ، ثم فجأة انتزع الساعة من بين أصابعي و رمى بها نحو الجدار و زمجر بقوة :

    " انصرفي "

    أنا انتفضت بذعر ... و ارتجفت جميع أطرافي ... فتحركت خطوة للوراء ... ثم انطلقت بأقصى ما أمكنني ... و بأوسع خطى ... و ذهبت إلى غرفتي ... فدخلت و أغلقت الباب بل و أوصدته مرتين ، ثم تهالكت على سريري ...

    كان قلبي ينبض بسرعة عجيبة و أنفاسي تعصف رئتي بقوة ... و أنظر إلى يدي فأراها ترتعش ... فيما تشع احمرارا أثر قبضة وليد القوية عليها ...

    بعدما هدأت قليلا اقتربت من المرآة فهالني المظهر الذي كساني
    أصبحت مرعبة !
    ألم أكن جميلة قبل قليل ؟؟
    لا أعرف لماذا فعل وليد ذلك ...
    هل غضب لأنني ظهرت من المطبخ و العجين يغطي أنفي ، فب*** كطفلة غبية ؟؟
    أم لأنني لم أكن ارتدي الحجاب وقتها ؟؟
    أم ماذا ؟؟

    و جعلت الأفكار تلعب في رأسي حتى أتعبته ...
    الساعة !
    لقد حطّمها !
    لقد احتفظت بها كل هذه السنين لأعيدها إليه ... لماذا فعل ذلك ؟؟ لماذا ؟؟

    شعرت بشيء يسيل على خدي رغما عني
    بكيت من الذعر و الخوف ... و الحيرة و الدهشة ...
    لا أعرف كيف سيكون لقاؤنا التالي ...
    لم يعد هذا وليد !
    وليد لم يكن يصرخ في وجهي و يقول :

    " انصرفي "

    كان دائما يبتسم و يقول :

    " تعالي يا رغد !! "




    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

  • صفحة 17 من 120 الأولىالأولى ... 715161718192767117 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. لا تعـوّدني على [ قـربك ] كثـير
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 05:13 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1