صفحة 19 من 27 الأولىالأولى ... 91718192021 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 73 إلى 76 من 108

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)


  1. #73
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال أبو مخنف: عن ثابت بن هبيرة، فقتل عمرو بن قرظة بن كعب، وكان مع الحسين، وكان علي أخوه مع عمر بن سعد، فنادى علي بن قريظة: يا حسين، يا كذاب ابن الكذاب، أضللت أخي وغررته حتى قتلته. قال: إن الله لم يضل أخاك، ولكنه هدى أخاك وأضلك؛ قال: قتلني الله إن لم أقتلك أو أموت دونك؛ فحمل عليه، فاعترضه نافع بن هلال المرادي، فطعنه فصرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه، فدووي بعد فبرأ.
    قال أبو مخنف: حدثني النضر بن صالح أبو زهير العبسي أن الحر بن يزيد لما لحق بحسين قال رجل من بني تميم من بني شقرة وهم بنو الحارث بن تميم، يقال له يزيد بن سفيان: أما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لأتبعته السنان؛ قال: فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون والحر بن يزيد يحمل على القوم مقدمًا ويتمثل قول عنترة:
    ما زلت أرميهم بثغرة نحره ** ولبانه حتى تسربل بالدم
    قال: وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبه، وإن دماءه لتسيل، فقال الحصين بن تميم - وكان على شرطة عبيد الله، فبعثه إلى الحسين، وكان مع عمر بن سعد، فولاه عمر مع الشرطة المجففة - ليزيد بن سفيان: هذا الحر بن يزيد الذي كنت تتمنى؛ قال: نعم فخرج إليه فقال له: هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟ قال: نعم قد شئت، فبرز له؛ قال: فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول: والله لأبرز له؛ فكأنما كانت نفسه في يده، فما لبثه الحر حين خرج إليه أن قتله.
    قال هشام بن محمد، عن أبي مخنف، قال: حدثني يحيى بن هانىء بن عروة، أن نافع بن هلال كان يقاتل يومئذ وهو يقول: أنا الجملي، أنا على دين علي.
    قال: فخرج إليه رجل يقال له مزاحم بن حريث، فقال: أنا على دين عثمان، فقال له: أنت على دين شيطان، ثم حمل عليه فقتله، فصاح عمرو ابن الحجاج بالناس: يا حمقى، أتدرون من تقاتلون! فرسان المصر؛ قومًا مستميتين، لا يبرزن لهم منكم أحد، فإنهم قليل، وقلما يبقون، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم؛ فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت، وأرسل إلى الناس يعزم عليهم ألا يبارز رجلٌ منكم رجلًا منهم.
    قال أبو مخنف: حدثني الحسين بن عقبة المرادي، قال: الزبيدي: إنه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من أصحاب الحسين يقول: يا أهل الكوفة، الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين، وخالف الإمام، فقال له الحسين: يا عمرو بن الحجاج، أعلي تحرض الناس؟ أنحن مرقنا وأنتم ثبتم عليه؟ أما والله لتعلمن لو قد قبضت أرواحكم، ومتم على أعمالكم، أينا مرق من الدين، ومن هو أولى بصلي النار! قال: ثم إن عمرو بن الحجاج حمل على الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات، فاضطربوا ساعةً؛ فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أول أصحاب الحسين، ثم انصرف عمرو بن الحجاج وأصحابه، وارتفعت الغبرة، فإذا هم به صريع، فمشى إليه الحسين فإذا به رمقٌن فقال: رحمك ربك يا مسلم بن عوسجة، " فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا ". ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عز علي مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنة، فقال له مسلم قولًا ضعيفًا: بشرك الله بخير! فقال له حبيب: لولا أني أعلم أني في أثرك لاحقٌ بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكل ما أهمك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت أهلٌ له في القرابة والدين؛ قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله - وأهوى بيده إلى الحسين - أن تموت دونه، قال: أفعل ورب الكعبة؛ قال: فما كان بأسرع من أن مات في أيديهم، وصاحت جاريةٌ له فقالت: يابن عوسجتاه! يا سيداه! فتنادى أصحاب عمرو بن الحجاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي؛ فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم أمهاتكم! إنما تقتلون أنفسكم بأيديكم، وتذللون أنفسكم لغيركم، تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والذي أسلمت له لرب موقفٍ له قد رأيته في المسلمين كريم! لقد رأيته يوم سلق آذربيجان قتل ستةً من المشركين قبل تتام خيول المسلمين، أفيقتل منكم مثله وتفرحون! قال: وكان الذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلي. قال: وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة فثبتوا له، فطاعنوه وأصحابه، وحمل على حسين وأصحابه من كل جانب، فقتل الكلبي وقد قتل رجلين بعد الرجلين الأولين، وقاتل قتالًا شديدًا، فحمل عليه هانىء بن ثبيت الحضرمي وبكير ابن حي التيمي. من تيم الله بن ثعلبة، فقتلاه، وكان القتيل الثاني من أصحاب الحسين، وقاتلهم أصحاب الحسين قتالًا شديدًا، وأخذت خيلهم تحمل وإنما هم اثنان وثلاثون فارسًا، وأخذت لا تحمل على جانب من خيل أهل الكوفة إلا كشفته، فلما رأى ذلك عزرة بن قيس - وهو على خيل أهل الكوفة - أن خيله تنكشف من كل جانب، بعث إلى عمر بن سعد عبد الرحمن ابن حصن، فقال: أما ترى ما تلقى خيلي مذ اليوم من هذه العدة اليسيرة! ابعث إليهم الرجال والرماة؛ فقال لشبث بن ربعي: ألا تقدم إليهم! فقال: سبحان الله! أتعمد إلى شيخ مضر وأهل المصر عامة تبعثه في الرماة! لم تجد من تندب لهذا ويجزىء عنك غيري! قال: وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله. قال: وقال أبو زهير العبسي: فأنا سمعته في إمارة مصعب يقول: لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرًا أبدًا، ولا يسددهم لرشد، ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين، ثم عدونا على ابنه وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية! ضلال يا لك من ضلال! قال: ودعا عمر بن سعد الحصين بن تميم فبعث معه المجففة وخمسمائة من المرامية، فأقبلوا حتى إذا دنوا من الحسين وأصحابه رشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم، وصاروا رجالةً كلهم.
    قال أبو مخنف: حدثني نمير بن وعلة أن أيوب بن مشرح الخيواني كان يقول: أنا والله عقرت بالحر بن يزيد فرسه، حشأته سهمًا، فما لبث أن أرعد الفرس واضطرب وكبا، فوثب عنه الحر كأنه ليث والسيف في يده وهو يقول:
    إن عقروا بي فأنا ابن الحر ** أشجع من ذي لبدٍ هزبر
    قال: فما رأيت أحدًا قط يفري فريه؛ قال: فقال له أشياخٌ من الحي: أنت قتلته؟ قال: لا والله ما أنا قتلته، ولكن قتله غيري، وما أحب أني قتلته، فقال له أبو الوداك: ولم؟ قال: إنه كان زعموا من الصالحين، فوالله لئن كان ذلك إثمًا لأن ألقى الله بإثم الجراحة والموقف أحب إلي من أن ألقاه بإثم قتل أحد منهم؛ فقال له أبو الوداك: ما أراك إلا ستلقى الله بإثم قتلهم أجمعين؛ أرأيت لو أنك رميت ذا فعقرت ذا، ورميت آخر، ووقفت موقفًا، وكررت عليهم، وحرضت أصحابك، وكثرت أصحابك، وحمل عليك فكرهت أن تفر، وفعل آخر من أصحابك كفعلك، وآخر وآخر، كان هذا وأصحابه يقتلون! أنتم شركاء كلكم في دمائهم؛ فقال له: يا أبا الوداك، إنك لتقنطنا من رحمة الله، إن كنت ولى حسابنا يوم القيامة فلا غفر الله لك إن غفرت لنا! قال: هو ما أقول لك؛ قال: وقاتلوهم حتى انتصف النهار أشد قتال خلقه الله، وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم إلا من وجهٍ واحد لاجتماع أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض.
    قال: فلما رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالًا يقوضونها عن أيمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم؛ قال: فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون على الرجل وهو يقوض وينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه، فأمر بها عمر بن سعد عند ذلك فقال: أحرقوها بالنار، ولا تدخلوا بيتًا ولا تقوضوه، فجاءوا بالنار، فأخذوا يحرقون، فقال حسين: دعوهم فليحرقوها، فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها، وكان ذلك كذلك، وأخذوا لا يقاتلونهم إلا من وجه واحد. قال: وخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها حتى جلست عند رأسه تمسح عنه التراب وتقول: هنيئًا لك الجنة! فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمى رستم: اضرب رأسها بالعمود؛ فضرب رأسها فشدخه، فماتت مكانها؛ قال: وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين برمحه، ونادى: علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله؛ قال: فصاح النساء وخرجن من الفسطاط؛ قال: وصاح به الحسين: يابن ذي الجوشن، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي، حرقك الله بالنار! قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله! إن هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين. تعذب بعذاب الله، وتقتل الولدان والنساء! والله إن في قتلك الرجال لما ترضى به أميرك؛ قال: فقال: من أنت؟ قال: قلت: لا أخبرك من أنا، قال: وخشيت والله أن لو عرفني أن يضرني عند السلطان؛ قال: فجاءه رجل كان أطوع له مني؛ شبث بن ربعي، فقال: ما رأيت مقالًا أسوأ من قولك، ولا موقفًا أقبح من موقفك، أمرعبًا للنساء صرت! قال: فأشهد أنه استحيا، فذهب لينصرف. وحمل عليه زهير ابن القين في رجال من أصحابه عشرة، فشد على شمر بن ذي الجوشن وأصحابه، فكشفهم عن البيوت حتى ارتفعوا عنها، فصرعوا أبا عزة الضبابي فقتلوه، فكان من أصحاب شمر، وتعطف الناس عليهم فكثروهم، فلا يزال الرجل من أصحاب الحسين قد قتل، فإذا قتل منهم الرجل والرجلان تبين فيهم، وأولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم؛ قال: فلما رأى ذلك أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي قال للحسين: يا أبا عبد الله؛ نفسي لك الفداء! إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء الله، وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها؛ قال: فرفع الحسين رأسه ثم قال: ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين الذاكرين! نعم، هذا أول وقتها؛ ثم قال: سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي؛ فقال لهم الحصين بن تميم: إنها لا تقبل؛ فقال له حبيب بن مظاهر: لا تقبل زعمت! الصلاة من آل رسول الله لا تقبل وتقبل منك يا حمار! قال: فحمل عليهم حصين بن تميم، وخرج إليه حبيب بن مظاهر، فضرب وجه فرسه بالسيف، فشب ووقع عنه، وحمله أصحابه فاستنقذوه، وأخذ حبيب يقول:
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #74
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    أقسم لو كنا لكم أعدادا ** أو شطركم وليتم أكتادا
    يا شر قوم حسبًا وآدا
    قال: وجعل يقول يومئذ:
    أنا حبيب وأبي مظاهر ** فارس هيجاء وحرب تسعر
    أنتم أعد عدة وأكثر ** ونحن أوفى منكم وأصبر
    ونحن أعلى حجةً وأظهر ** حقًا وأتقى منكم وأعذر
    وقاتل قتالًا شديدًا، فحمل عليه رجلٌ من بني تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله - وكان يقال له: بديل بن صريم من بني عقفان - وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه فوقع، فذهب ليقوم، فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف، فوقع، ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه، فقال له الحصين: إني لشريكك في قتله، فقال الآخر: والله ما قتله غيري؛ فقال الحصين: اعطنيه أعلقه في عنق فرسي كيما يرى الناس ويعلموا أني شركت في قتله؛ ثم خذه أنت بعد فامض به إلى عبيد الله بن زياد، فلا حاجة لي فيما تعطاه على قتلك إياه. قال: فأبى عليه، فأصلح قومه فيما بينهما على هذا، فدفع إليه رأس حبيب بن مظاهر، فجال به في العسكر قد علقه في عنق فرسه، ثم دفعه بعد ذلك إليه، فلما رجعوا إلى الكوفة أخذ الآخر رأس حبيب فعلقه في لبان فرسه، ثم أقبل به إلى ابن زياد في القصر فبصر به ابنه القاسم بن حبيب، وهو يومئذ قد راهق، فأقبل مع الفارس لا يفارقه، كلما دخل القصر دخل معه، وإذا خرج خرج معه، فارتاب به، فقال: ما لك يا بني تتبعني! قال: لا شيء، قال: بلى، يا بني أخبرني، قال له: إن هذا الرأس الذي معك رأس أبي، أفتعطينيه حتى أدفنه؟ قال: يا بني، لا يرضى الأمير أن يدفن، وأنا أريد أن يثيبني الأمير على قتله ثوابًا حسنًا؛ قال له الغلام: لكن الله لا يثيبك على ذلك إلا أسوأ الثواب؛ أما والله لقد قتلت خيرًا منك، وبكى. فمكث الغلام حتى إذا أدرك لم يكن له همةٌ إلا اتباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرةً فيقتله بأبيه، فلما كان زمان مصعب بن الزبير وغزا مصعب باجميرا دخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه، فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرته، فدخل عليه وهو قاتلٌ نصف النهار فضربه بسيفه حتى برد.
    قال أبو مخنف: حدثني محمد بن قيس، قال: لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينًا وقال عند ذلك: أحتسب نفسي وحماة أصحابي، قال: فأخذ الحر يرتجز ويقول:
    آليت لا أقتل حتى أقتلا ** ولن أصاب اليوم إلا مقبلا
    أضربهم بالسيف ضربًا مقصلا ** لاناكلًا عنهم ولامهللا
    وأخذ يقول أيضًا:
    أضرب في أعراضهم بالسيف ** عن خير من حل منىً والخيف
    فقاتل هو وزهير بن القين قتالًا شديدًا، فكان إذا شد أحدهما؛ فإن استلحم شد الآخر حتى يخلصه، ففعلا ذلك ساعة. ثم إن رجالة شدت على الحر بن يزيد فقتل، وقتل أبو ثمامة الصائدي ابن عم له كان عدوًا له، ثم صلوا الظهر، صلى بهم الحسين صلاة الخوف، ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد قتالهم، ووصل إلى الحسين، فاستقدم الحنفي أمامه، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينًا وشمالًا قائمًا بين يديه، فما زال يرمي حتى سقط. وقاتل زهير بن القين قتالًا شديدًا، وأخذ يقول:
    أنا زهير وأنا ابن القين ** أذودهم بالسيف عن حسين
    قال: وأخذ يضرب على منكب حسين ويقول:
    أقدم هديت هاديًا مهديا ** فاليوم تلقى جدك النبيا
    وحسنًا والمرتضى عليا ** وذا الجناحين الفتى الكميا
    وأسد الله الشهيد الحيا
    قال: فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس فقتلاه، قال: وكان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه على أفواق نبله، فجعل يرمي بها مسومةً وهو يقول: أنا الجملي، أنا على دين علي.
    فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح؛ قال: فضرب حتى كسرت عضداه وأخذ أسيرًا؛ قال: فأخذه شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعًا حتى أتى به عمر بن سعد، فقال له عمر بن سعد: ويحك يا نافع! ما حملك على ما صنعت بنفسك! قال: إن ربي يعلم ما أردت؛ قال: والدماء تسيل على لحيته وهو يقول: والله لقد قتلت منكم اثني عشر سوى من جرحت، وما ألوم نفسي على الجهد، ولو بقيت لي عضد وساعدٌ ما أسرتموني؛ فقال له شمر: اقتله أصلحك الله! قال: أنت جئت به، فإن شئت فاقتله، قال: فانتضى شمر سيفه، فقال له نافع: أما والله أن لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه؛ فقتله.
    قال: ثم أقبل شمر يحمل عليهم وهو يقول:
    خلوا عداة الله خلوا عن شمر ** يضربهم بسيفه ولا يفر
    وهو لكم صابٌ وسم ومقر
    قال: فلما رأى أصحاب الحسين أنهم قد كشروا، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسينًا ولا أنفسهم، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه، فجاءه عبد الله وعبد الرحمن ابنا عزرة الغفاريان، فقالا: يا أبا عبد الله، حازنا العدو إليك، فأحببنا أن نقتل بين يديك، نمنعك وندفع عنك، قال: مرحبًا بكما! ادنوا مني، فدنوا منه، فجعلا يقاتلان قريبًا منه، وأحدهما يقول:
    قد علمت حقًا بنو غفار ** وخندفٌ بعد بني نزار
    لنضربن معشر الفجار ** بكل عضبٍ صارمٍ بتار
    يا قوم ذودوا عن بني الأحرار ** بالمشرفي والقنا الخطار
    قال: وجاء الفتيان الجابريان: سيف بن الحارث بن سريع، ومالك ابن عبد بن سريع، وهما ابنا عم، وأخوان لأم، فأتيا حسينًا فدنوا منه وهما يبكيان، فقال: أي ابني أخي، ما يبكيكما؟ فوالله إني لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري عين، قالا: جعلنا الله فداك! لا والله ما على أنفسنا نبكي، ولكنا نبكي عليك، نراك قد أحيط بك، ولا نقدر على أن نمنعك؛ فقال: جزاكما الله يا بني أخي بوحدكما من ذلك ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين؛ قال: وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي فقام بين يدي حسين، فأخذ يندي: " يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب، مثل دأب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلمًا للعباد، ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد، يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصمٍ ومن يضلل الله فما له من هاد " يا قوم تقتلوا حسنًا فيسحتكم الله بعذاب " وقد خاب من افترى " فقال له حسين: يابن أسعد، رحمك الله، إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين! قال: صدقت، جعلت فداك! أنت أفقه مني وأحق بذلك، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟ فقال: رح إلى خيرٍ من الدنيا وما فيها، وغلى ملكٍ لا يبلى، فقال: السلام عليك أبا عبد الله، رضي الله عنك وعلى أهل بيتك، وعرف بيننا وبينك في جنته، فقال: آمين آمين؛ فاستقدم فقاتل حتى قتل.
    قال: ثم استقدم الفتيان الجابريان يلتفتان إلى حسين ويقولان: السلام عليك يابن رسول الله، فقال: وعليكما السلام ورحمة الله؛ فقاتلا حتى قتلا؛ قال: وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر، فقال: يا شوذب، ما في نفسك أن تصنع؟ قال: ما أصنع! أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله حتى أقتل؛ قال: ذلك الظن بك، أما لا فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه، وحتى أحتسبك أنا، فإنه لو كان معي الساعة أحدٌ أنا أولى به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى أحتسبه، فإن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكل ما قدرنا عليه، فإنه لا عمل بعد اليوم، وإنما هو الحساب؛ قال: فتقدم فسلم على الحسين، ثم مضى فقاتل حتى قتل. ثم قال عابس بن أبي شبيب: يا أبا عبد الله، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريبٌ ولا بعيدٌ أعز علي ولا أحب إلي منك؛ ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعز علي من نفسي ودمي لفعلته؛ السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد الله أني على هديك وهدي أبيك؛ ثم مشى بالسيف مصلتًا نحوهم وبه ضربة على جبينه.
    قال أبو مخنف: حدثني نمير بن وعلة، عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم، قال: لما رايته مقبلًا عرفته وقد شاهدته في المغازي، وكان أشجع الناس، فقلت: أيها الناس، هذا الأسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب؛ لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ ينادي: ألا رجلٌ لرجل! فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة؛ قال: فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره، ثم شد على الناس، فوالله لرأيته يكرد أكثر من مائتين من الناس؛ ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب، فقتل؛ قال: فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة؛ هذا يقول: أنا قتلته، وهذا يقول: أنا قتلته، فأتوا عمر بن سعد فقال: لا تختصموا، هذا لم يقتله سنان واحد، ففرق بينهم بهذا القول.


  • #75
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال أبو مخنف: حدثني عبد الله بن عاصم، عن الضحاك بن عبد الله المشرقي، قال: لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير ابن عمرو الحضرمي، قلت له: يابن رسول الله، قد علمت ما كان بيني وبينك؛ قلت لك: أقاتل عنك ما رأيت مقاتلًا، فإذا لم أر مقاتلًا فأنا في حل من الانصراف؛ فقلت لي: نعم؛ قال: فقال: صدقت، وكيف لك بالنجاء! إن قدرت على ذلك فأنت في حل؛ قال: فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر، أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطًا لأصحابنا بين البيوت، وأقبلت أقاتل معهم راجلًا، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين، وقطعت يد آخر، وقال لي الحسين يومئذ مرارًا: لا تشلل، لا يقطع الله يدك، جزاك الله خيرًا عن أهل بيت نبيك ! فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط، ثم استويت على متنها، ثم ضربتها حتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم، فأفرجوا لي، واتبعني منهم خمسة عشر رجلًا حتى انتهيت إلى شفية؛ قرية قريبة من شاطىء الفرات، فلما لحقوني عطفت عليهم، فعرفني كثير بن عبد الله الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي، فقالوا: هذا الضحاك بن عبد الله المشرقي، هذا ابن عمنا، ننشدكم الله لما كففتم عنه! فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم: بلى والله لنجيبن إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبوا من الكف عن صاحبهم؛ قال: فلما تابع التميميون أصحابي كف الآخرون؛ قال: فنجاني الله.
    قال أبو مخنف: حدثني فضيل بن خديج الكندي أن يزيد بن زياد؛ وهو أبو الشعثاء الكندي من بني بهدلة جثا على ركبتيه بين يدي الحسين، فرمى بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم، وكان راميًا، فكان كلما رمى قال: أنا ابن بهدله، فرسان العرجله؛ ويقول حسين: اللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة؛ فلما رمى بها قام فقال: ما سقط منها إلا خمسة أسهم، ولقد تبين لي أني قد قتلت خمسة نفر، وكان في أول من قتل، وكان رجزه يومئذ:
    أنا يزيد وأبي مهاصر ** أشجع من ليثٍ بغيلٍ خادر
    يا رب إني للحسين ناصر ** ولابن سعدٍ تاركٌ وهاجر
    وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين، فلما ردوا الشروط على الحسين مال إليه فقاتل معه حتى قتل، فأما الصيداوي عمر بن خالد، وجابر بن الحارث السلماني، وسعد مولى عمر بن خالد، ومجمع بن عبد الله العائذي، فإنهم قاتلوا في أول القتال، فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم، وقطعوهم من أصحابهم غير بعيد، فحمل عليهم العباس بن علي فاستنقذهم، فجاءوا قد جرحوا، فلما دنا منهم عدوهم شدوا بأسيافهم فقاتلوا في أول الأمر حتى قتلوا في مكان واحد.
    قال أبو مخنف: حدثني زهير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي، قال: كان آخر من بقي مع الحسين من أصحابه سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي، قال: وكان أول قتيل من بني أبي طالب يومئذ عليٌّ الأكبر بن الحسين بن علي، وأمه ليلى ابنة أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وذلك أنه أخذ يشد على الناس وهو يقول:
    أنا علي بن حسين بن علي ** نحن ورب البيت أولى بالنبي
    تالله لا يحكم فينا ابن الدعي
    قال: ففعل ذلك مرارًا، فبصر به مرة بن منقذ بن النعمان العبدي ثم الليثي، فقال: علي أثام العرب إن مر بي يفعل مثل ما كان يفعل إن لم أثكله أباه؛ فمر يشد على الناس بسيفه، فاعترضه مرة بن منقذ، فطعنه فصرع، واحتوله الناس فقطعوه بأسيافهم.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال: سماع أذني يومئذ من الحسين يقول: قتل الله قومًا قتلوك يا بني! ما أجرأهم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفاء. قال: وكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعةً كأنها الشمس الطالعة تنادي: يا أخياه! ويابن أخياه! قال: فسألت عليها، فقيل: هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول الله ، فجاءت حتى أكبت عليه، فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردها إلى الفسطاط، وأقبل الحسين إلى ابنه، وأقبل فتيانه إليه، فقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه. قال: ثم إن عمرو بن صبيح الصدائي رمى عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفه على جبهته، فأخذ لا يستطيع أن يحرك كفيه، ثم انتحى له بسهم آخر ففلق قلبه، فاعتورهم الناس من كل جانب، فحمل عبد الله بن قطبة الطائي ثم النبهاني على عون بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب فقتله، وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله؛ قال: وشد عثمان بن خالد ابن أسير الجهني، وبشر بن سوط الهمداني ثم القابضي على عبد الرحمن ابن عقيل بن أبي طالب فقتلاه، ورمى عبد الله بن عزرة الخثعمي جعفر ابن عقيل بن أبي طالب فقتله.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: خرج إلينا غلام كأن وجهه شقة قمر، في يده السيف، عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما، ما أنسى أنها اليسرى، فقال لي عمرو ابن سعد بن نفيل الأزدي: والله لأشدن عليه؛ فشد عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عماه! قال: فجلى الحسين كما يجلي الصقر، ثم شد شدة ليث غضب، فضرب عمرًا بالسيف، فاتقاه بالساعد، فأطنها من لدن المرفق، فصاح، ثم تنحى عنه، وحملت خيلٌ لأهل الكوفة ليستنقذوا عمرًا من حسين، فاستقبلت عمرًا بصدورها، فحركت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه، فوطئته حتى مات، وانجلت الغبرة، فإذا أنا بالحسين قائمٌ على رأس الغلام، والغلام يفحص برجليه؛ وحسين يقول: بعدًا لقوم قتلوك؛ ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك! ثم قال: عز الله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك! صوتٌ والله كثر واتره، وقل ناصره. ثم احتمله فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان في الأرض، وقد وضع حسين صدره على صدره؛ قال: فقلت في نفسي: ما يصنع به! فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته، فسألت عن الغلام، فقيل: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قال: ومكث الحسين طويلًا من النهار كلما انتهى إليه رجل من الناس انصرف عنه، وكره أن يتولى قتله وعظيم إثمه عليه؛ قال: وإن رجلًا من كندة يقالله مالك بن النسير من بني بداء، أتاه فضربه على رأسه بالسيف، وعليه برنس له، فقطع البرنس، وأصاب السيف رأسه، فأدمى رأسه، فامتلأ البرنس دمًا، فقال له الحسين: لا أكلت بها ولا شربت، وحشرك الله مع الظالمين! قال: فألقى ذلك البرنس، ثم دعا بقلنسوة فلبسها، واعتم، وقد أعيا وبلد، وجاء الكندي حتى أخذ البرنس - وكان من خز - فلما قدم به بعد ذلك على امرأته أم عبد الله ابنة الحر أخت حسين بن الحر البدي، أقبل يغسل البرنس من الدم، فقالت له امرأته: أسلب ابن بنت رسول الله تدخل بيتي! أخرجه عني؛ فذكر أصحابه أنه لم يزل فقيرًا بشر حتى مات. قال: ولما قعد الحسين أتى بصبي له فأجلسه في حجره زعموا أنه عبد الله بن الحسين.
    قال أبو مخنف: قال عقبة بن بشير الأسدي: قال لي أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين: إن لنا فيكم يا بني أسد دمًا؛ قال: قلت: فما ذنبي أنا في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر! وما ذلك؟ قال: أتى الحسين بصبي له، فهو في حجره، إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهمٍ فذبحه، فتلقى الحسين دمه، فلما ملأ كفيه صبه في الأرض ثم قال: رب إن تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين؛ قال: ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بن علي بسهم فقتله، فلذلك يقول الشاعر؛ وهو ابن أبي عقب:
    وعند غنيٍّ قطرةٌ من دمائنا ** وفي أسدٍ أخرى تعد وتذكر


  • #76
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قال: وزعموا أن العباس بن علي قال لإخوته من أمه: عبد الله، وجعفر وعثمان: يا بني أمي، تقدموا حتى أرثكم، فإنه لا ولد لكم، ففعلوا، فقتلوا. وشد هانىء بن ثبيت الحضرمي على عبد الله بن علي بن أبي طالب فقتله، ثم شد على جعفر بن علي فقتله وجاء برأسه، ورمى خولي بن يزيد الأصبحي عثمان بن علي بن أبي طالب بسهم، ثم شد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله، وجاء برأسه، ورمى رجلٌ من بني أبان بن دارم محمد بن علي بن أبي طالب فقتله وجاء برأسه.
    قال هشام: حدثني أبو الهذيل - رجلٌ من السكون - عن هانىء بن ثبيت الحضرمي، قال: رأيته جالسًا في مجلس الحضرميين في زمان خالد بن عبد الله وهو شيخ كبير؛ قال: فسمعته وهو يقول: كنت ممن شهد قتل الحسين، قال: فوالله إني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل إلا على فرس، وقد جالت الخيل وتصعصعت، إذ خرج غلامٌ من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الأبنية، عليه إزار وقميص، وهو مذعور، يتلفت يمينًا وشمالًا، فكأني أنظر إلى درتين في أذنيه تذبذبان كلما التفت، إذ أقبل رجل يركض، حتى إذا دنا منه مال عن فرسه، ثم اقتصد الغلام فقطعه بالسيف.
    قال هشام: حدثني عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: عطش الحسين حتى اشتد عليه العطش، فدنا ليشرب من الماء، فرماه حصين بن تميم بسهم، فوقع في فمه، فجعل يتلقى الدم من فمه، ويرمي به إلى السماء، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم جمع يديه فقال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تذر على الأرض منهم أحدًا.
    قال هشام، عن أبيه محمد بن السائب، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة، قال: حدثني من شهد الحسين في عسكره أن حسينًا حين غلب على عسكره ركب المسناة يريد الفرات، قال: فقال رجل من بني أبان بن دارم: ويلكم! حولوا بينه وبين الماء لا تتام إليه شيعته؛ قال: وضرب فرسه، وأتبعه الناس حتى حالوا بينه وبين الفرات، فقال الحسين: اللهم أظمه، قال: وينتزع الأباني بسهم، فأثبته في حنك الحسين، قال: فانتزع الحسين السهم، ثم بسط كفيه فامتلأت دمًا، ثم قال الحسين: اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك؛ قال: فوالله إن مكث الرجل إلا يسيرًا حتى صب الله عليه الظمأ فجعل لا يروى.
    قال القاسم بن الأصبغ: لقد رأيتني فيمن يروح عنه والماء يبرد له فيه السكر وعساس فيها اللبن، وقلال فيها الماء، وإنه ليقول: ويلكم! اسقوني قتلني الظمأ، فيعطى القلة أو العس كان مرويًا أهل البيت فيشربه، فإذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهة ثم يقول: ويلكم! اسقوني قتلني الظمأ؛ قال: فوالله ما لبث إلا يسيرًا حتى انقد بطنه انقداد بطن البعير.
    قال أبو مخنف في حديثه: ثم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في نفرٍ نحو من عشرة من رجالة أهل الكوفة قبل منزل الحسين الذي فيه ثقله وعياله، فمشى نحوه، فحالوا بينه وبين رحله، فقال الحسين: ويلكم! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا في أمر دنياكم أحرارًا ذوي أحساب، امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم؛ فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يابن فاطمة؛ قال: وأقدم عليه بالرجالة، منهم أبو الجنوب - واسمه عبد الرحمن الجعفي - والقثعم بن عمرو بن يزيد الجعفي، وصالح بن وهب اليزني، وسنان بن أنس النخعي، وخولي بن يزيد الأصبحي، فجعل شمر ابن ذي الجوشن يحرضهم، فمر بأبي الجنوب وهو شاكٍ في السلاح فقال له: أقدم عليه؛ قال: وما يمنعك أن تقدم عليه أنت! فقال له شمر: ألي تقول ذا! قال: وأنت لي تقول ذا! فاستبا، فقال له أبو الجنوب - وكان شجاعًا: والله لهممت أن أخضخض السنان في عينك؛ قال: فانصرف عنه شمر وقال: والله لئن قدرت على أن أضرك لأضرنك قال: ثم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجالة نحو الحسين؛ فأخذ الحسين يشد عليهم فينكشفون عنه. ثم إنهم أحاطوا به إحاطةً، وأقبل إلى الحسين غلام من أهله، فأخذته أخته زينب ابنة علي لتحبسه، فقال لها الحسين: احبسيه، فأبى الغلام، وجاء يشتد إلى الحسين، فقام إلى جنبه؛ قال: وقد أهوى بحر بن كعب بن عبيد الله - من بني تيم الله بن ثعلبة بن عكابة - إلى الحسين بالسيف، فقال الغلام: يابن الخبيثة، أتقتل عمي! فضربه بالسيف، فاتقاه الغلام بيده فأطنها إلا الجلدة، فإذا يده معلقة، فنادى الغلام: يا أمتاه! فأخذه الحسين فضمه إلى صدره، وقال: يابن أخي؛ اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين؛ برسول الله وعلي بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن علي؛ رضي الله عليهم أجمعين.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: سمعت الحسين يومئذ وهو يقول: اللهم أمسك عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض، اللهم فإن متعتهم إلى حينٍ ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددًا، ولا ترض عنهم الولاة أبدًا، فإنهم دعونا لينصرونا، فعدوا علينا فقتلونا. قال: وضارب الرجالة حتى انكشفوا عنه؛ قال: ولما بقي الحسين في ثلاثة رهط أو أربعة، دعا بسراويل محققة يلمع فيها البصر، يماني محقق، ففزره ونكثه لكيلا يسلبه، فقال له بعض أصحابه: لو لبست تحته تبانًا! قال: ذلك ثوب مذلة، ولا ينبغي لي أن ألبسه؛ قال: فلما قتل أقبل بحر بن كعب فسلبه إياه فتركه مجردًا.
    قال أبو مخنف: فحدثني عمرو بن شعيب، عن محمد بن عبد الرحمن أن يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء، وفي الصيف تيبسان كأنهما عود.
    قال أبو مخنف: عن الحجاج، عن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي، وعتب على عبد الله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين، فقال عبد الله بن عمار: إن لي عند بني هاشم ليدًا، قلنا له: وما يدك عندهم؟ قال: حملت على حسين بالرمح فانتهيت إليه، فوالله لو شئت لطعنته، ثم انصرفت عنه غير بعيد، وقلت: ما أصنع بأن أتولى قتله! يقتله غيري. قال: فشد عليه رجالة ممن عن يمينه وشماله، فحمل على من عن يمينه حتى ابذعروا، وعلى من شماله حتى ابذعروا، وعليه قميص له من خز وهو معتمٌّ؛ قال: فوالله ما رأيت مكسورًا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشًا، ولا أمضى جنانًا ولا أجرأ مقدمًا منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله؛ أن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب؛ قال: فوالله إننه لكذلك إذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته، وكأني أنظر إلى قرطها يجول بين أذنيها وعاتقها وهي تقول: ليت السماء تطابقت على الأرض! وقد دنا عمر بن سعد من حسين؛ فقالت: يا عمر بن سعد، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه! قال: فكأني أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خديه ولحيته؛ قال: وصرف بوجهه عنها.
    قال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن حميد بن مسلم قال: كانت عليه جبة من خز، وكان معتمًا، وكان مخضوبًا بالوسمة، قال: وسمعته يقول قبل أن يقتل، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية، ويفترص العورة، ويشد على الخيل، وهو يقول: أعلى قتلي تحاثون! أما والله لا تقتلون بعدي عبدًا من عباد الله اله أسخط عليكم لقتله مني؛ وايم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله أن لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم، وسفك دماءكم، ثم لا يرضى لكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم. قال: ولقد مكث طويلًا من النهار ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء؛ قال: فنادى شمر في الناس: ويحكم؛ ماذا تنظرون بالرجل! اقتلوه ثكلتكم أمهاتم! قال: فحمل عليه من كل جانب، فضربت كفه اليسرى ضربةً، ضربها زرعة بن شريك التميمي، وضرب على عاتقه، ثم انصرفوا وهو ينوء ويكبو؛ قال: وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع، ثم قال لخولي بن يزيد الأصبحي: احتز رأسه، فأراد أن يفعل، فضعف فأرعد، فقال له سنان بن أنس: فت الله عضديك، وأبان يديك! فنزل إليه فذبحه واحتز رأسه، ثم دفع إلى خولي بن يزيد، وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف.

  • صفحة 19 من 27 الأولىالأولى ... 91718192021 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 50
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 06:18 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 30
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:57 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1