صفحة 19 من 22 الأولىالأولى ... 91718192021 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 73 إلى 76 من 88

الموضوع: تجارب الأمم


  1. #73
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    عائشة تريد طلحة

    ولمّا هرب بنو أمية لحقوا بمكّة، فاجتمعوا إلى عائشة، وكانوا ينتظرون أن يلي الأمر طلحة، لأن هوى عائشة كان معه، وكانت من قبل تشنّع على عثمان، وتحضّ عليه، وتخرج راكبة بغلة رسول الله ومعها قميصه وتقول: « هذا قميص رسول الله ما بلى وقد بلى دينه، اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا. » فلما صار الأمر إلى عليّ كرهته وعادت إلى مكة بعد أن كانت متوجّهة إلى المدينة، ونادت: « ألا، إنّ الخليفة قتل مظلوما، فاطلبوا بدم عثمان. »
    من استجاب لعائشة ومن اعتزل

    فأوّل من استجاب لها عبد الله بن عامر، ثم قام سعيد بن العاص والوليد بن عقبة وسائر بنى أمية. وكان قدم عبد الله بن عامر قريبا، ويعلي بن أمية من اليمن، واجتمع رأيهم بعد نظر طويل، وخطاب كثير، على البصرة، وقالوا: « معاوية قد كفاكم الشام. » وكان مع يعلى ستمائة بعير، وستمائة ألف درهم، فأنفقهما في ذلك الوجه، وشتموا عبد الله بن عامر، وقالوا: « لا أنت مسالم ولا أنت محارب، هلّا أقمت بالبصرة فمنعت حوزتك كما منع معاوية، أو هلّا أرفدتنا اليوم بمالك كما فعل يعلي بن أمية. » فتكلّم بما لم يرضوه في جوابهم. وسأل الناس غير عائشة من أزواج النبي فأرادت حفصة الخروج، فأتاه عبد الله بن عمر بن الخطّاب، فطلب إليها أن تقعد، فقعدت. وبعثت أمّ الفضل بنت الحارث بن عبد المطّلب رجلا من جهينة، واستأجرته على أن يطوى ويأتى عليّا بكتابها، فقدم من جهتها بالخبر على عليّ. فأما المغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص، فإنّهما خرجا من مكة مرحلة مع القوم، ثم تشاوروا. فقال المغيرة: « عندي أنّ الرأي لنا أن نعتزل الجميع، فأيّهم أظفره الله أتيناه وقلنا: كان هوانا معك وصغونا إليك. » فاعتزلا وعادا إلى مكة ومعهما غيرهما.
    موقف آخر لسعيد بن العاص

    ويقال: إنّ سعيد بن العاص أتى طلحة والزبير فقال: « إن ظفرتما، لمن يكون الأمر؟ » قالا: « لأحدنا، أيّنا رضيه المسلمون. » قال: « لا، بل اجعلوه لولد عثمان، فإنكم خرجتم تطلبون بدمه. » قالا: لا والله، ما ندع مشايخ المهاجرين والأنصار ونجعل الخلافة في أبنائهم. » فقال: « ما أرانى أسعى إلّا في إخراجها من ولد عبد مناف. »
    سؤال وتنازع حول الإمرة

    فرجع مع من رجع، واستمرّ بالقوم المسير. فلما نزلوا ذات عرق أذّن مروان، ثم جاء حتى وقف عليهما، فقال: « على أيّكما أسلّم بالإمرة وأؤذّن بالصلاة؟ » فقال ابن الزبير: « على أبي. » وقال ابن طلحة: « على أبي. » وتنازعا. فأرسلت عائشة إلى مروان: « ما لك يا مروان! تريد أن تفرّق جماعتنا، ليصلّ ابن أختى بالناس. » فكان يصلّى بهم عبد الله بن الزبير حتى قدموا البصرة. فكانوا يقولون: « لو ظفرنا لافتتنّا، وما كان ليخلّى الزبيريّون الأمر لطلحة، ولا الطلحيون الأمر للزبير. » وإنّ عليّا تجهّز في من خفّ معه، يبادرهم ليعترض عليهم دون البصرة، وخرج معه تسعمائة رجل في التعبئة التي كان تعبّأ بها إلى الشام، حتى انتهى إلى الربذة، وبلغه ممرّهم وقد فاتوه. فأقام هناك يأتمر.
    اتفاق في ذلك الوجه

    فمما اتفق في ذلك الوجه، أنّ صاحب الجمل - الذي يقال له: « عسكر » وخبره مشهور - حكى أنه: لما اشترى منه الجمل بحكمه وركبته عائشة سألوه عن الطريق، وهل هو خبر؟
    قال، فقلت: « أنا أهدى من القطا. » فأعطونى دنانير، وتقدّمتهم، وكانوا يسألوننى عن كلّ ماء، حتى نزلوا الحوءب، فكان الحديث المشهور، فبينا نحن كذلك، إذا بابن الزبير يركض وينادى: « أدرككم عليّ بن أبي طالب، النجا النجا. » وشتموني ورحلوا، وانصرفت. فما سرت إلّا قليلا حتى لقيت عليّ بن أبي طالب ومعه ركب، فقال: « عليّ بالراكب. » فأتيته. فقال: « أين لقيت الظعينة؟ » فقلت: « مكان كذا، وقد بعتهم جملي وأعطونى ناقتها وهي هذه تحتي، وأعطونى كيت وكيت. » قال: « وقد ركبته؟ » قلت: « نعم. وسرت معهم إلى الحوءب وكان من أمرهم كذا وكذا، وارتحلوا وأقبلت. » قال عليّ: « فهل لك دلالة بذي قار؟ » قلت: « نعم. » قال: « سر معنا. »
    علي يستشير الناس والحسن يذكر له ما كان قد أشار به عليه قبل

    فسرنا حتى نزلنا بذي قار. فأمر عليّ بجوالقين، فضمّ أحدهما إلى صاحبه، ثم جيء برحل، فوضع عليه، ثم صعد عليه، وخطب الناس وأعلمهم الخبر. ثم استشارهم، فقام الحسن، فبكى، وقال: « أشرت عليك فعصيتني، فتقتل غدا بمضيعة لا ناصر لك. »
    فقال له عليّ: « إنّك لا تزال تحنّ حنين الجارية، وما الذي أشرت به عليّ فعصيتك؟ تكلّم به ليسمعه الناس. » قال: « كنت قلت لك يوم أحيط بعثمان: أن تخرج من المدينة فلا تشهد قتله فأبيت. وقلت لك يوم قتل: لا تبايع حتى يأتيك وفود العرب وبيعة أهل الأمصار، فأبيت. ثم قلت لك حين فعل الرجلان ما فعلا أن: تجلس في بيتك حتى يصطلح الناس، فإن كان فساد كان على يدي غيرك فعصيتني في ذلك كلّه. » فقال: « أى بنيّ! أمّا قولك: لو خرجت من المدينة، فوالله لقد أحيط بنا كما أحيط به. « وأمّا قولك: انتظره حتى يأتيك الوفود وأهل الأمصار، فإنّ الأمر أمر أهل المدينة، وعقدهم جائز على المسلمين، وكرهنا أن نضيع هذا الأمر فتكون فتنة. » « وأمّا قولك حين خرج طلحة والزبير أن اجلس في بيتك، فإنّ ذلك كان وهنا على أهل الإسلام لو فعلته. وو الله ما زلت مقهورا منذ ولدت، منقوصا لا أصل إلى حقّى، ولا إلى شيء مما ينبغي لي. » « وأما قولك: اجلس في بيتك، فكيف لي بما لزمني؟ أتريد أن أكون كالضبع التي يحاط بها ويقال: داب داب، أمّ عامر ليست هاهنا، حتى يحلّ عرقوباها. إذا لم أنظر في ما لزمني ويعنيني فمن ينظر فيه. » فكفّ عليك يا بنيّ. إنّ النبي قبض وما أرى أحقّ بهذا الأمر مني، فبايع الناس أبا بكر، فبايعت كما بايعوا. ثم هلك أبو بكر وما أرى أحقّ بهذا الأمر مني، فبايع الناس عمر، فبايعت كما بايعوا. ثم هلك عمر وما أرى أحقّ بهذا الأمر مني، فجعلني سهما من ستة أسهم. ثم عدل عني إلى عثمان، فبايعت كما بايع الناس. ثم سار الناس إلى عثمان، فقتلوه، وأتوني طائعين غير مكرهين، فبايعوني. فأنا مقاتل بمن اتبعني من خالفني حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. » ولما قربت عائشة ومن معها من البصرة قدّمت عبد الله بن عامر وقالت: « أنت لك صنائع فاذهب إلى صنائعك، فليلقوا الناس. » وكتبت إلى رجال البصرة كالأحنف بن قيس وضبرة بن شيمان ووجوه الناس، وأقامت بالحفير تنتظر الجواب.
    عثمان بن حنيف يبعث رسولين إلى عائشة وطلحة والزبير

    ولما بلغ الخبر البصرة دعا عثمان بن حنيف عمران بن الحصين، وكان رجل عامة، وأبا الأسود الدئلي وكان رجل خاصّة وقال: « انطلقا إلى هذه المرأة واعلما علمها وعلم من معها. » فانتهيا إليها والناس بالحفير، واستأذنا فأذن لهما، فسلّما وقالا: « إنّ أميرنا بعثنا إليك نسألك عن مسيرك، فهل أنت مخبرتنا؟ » فقالت: « والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يمئى لبنيه الخبر، [ إنّ الغوغاء ]، ونزّاع القبائل غزوا حرم رسول الله، ونالوا من قتل الامام، ما استحقّوا به لعنة الله، وفعلوا وفعلوا. فخرجت في المسلمين إلى هذا المصر، لأعلمهم ما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم بأن يأتوه من الإصلاح، وقرأت: لا خير في كثير من نجواهم إلّا من أمر بصدقة، أو إصلاح بين النّاس، فهذا شأننا، نأمركم بالمعروف ونحضّكم عليه، وننهاكم عن منكر، ونحثّكم على تغييره. » فخرجا من عندها، وأتيا طلحة، فقالا ما قالا لعائشة وسألاه: ما الذي أقدمه؟ قال: « الطلب بدم عثمان. » قالا: « ألم تبايع عليّا؟ » قال: « بلى، واللّجّ في عنقي، وما أستقيل عليّا، إن هو لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان. » ثم أتيا الزبير، فقالا: « ما أقدمك؟ » قال: « الطلب بدم عثمان. » قالا: « ألم تبايع عليّا؟ » قال: « بلى، واللّجّ في عنقي، وما أستقيل عليّا إن لم يحام على قتلة عثمان. » ومضى الرجلان، حتى دخلا على عثمان بن حنيف. فبدر أبو الأسود عمران وأنشد:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #74
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    يا بن حنيف قد أتيت فانفر ** وطاعن القوم وجالد واصبر
    وابرز لهم مستلئما وشمّر
    فقال عثمان بن حنيف: « إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. دارت رحى الإسلام وربّ الكعبة. فانظر أيّ زيفان تزيف. » فقال عمران: « إى والله، لتعركنّكم عركا طويلا. » قال: « فأشر عليّ يا عمران. » قال: « إني قاعد، فاقعد. » قال: « بل أمنعهم حتى يأتى أمير المؤمنين. » فانصرف عمران، وقام عثمان في أمره، ونادى في الناس، وأمرهم بالتهيؤ.
    فلبسوا السلاح، واجتمعوا في المسجد الجامع، وأقبل عثمان بن حنيف على الكيد.
    كيد كاد به عثمان بن حنيف

    فمما كاد به لينظر ما رأى الناس: أن دسّ رجلا إلى الناس كوفيّا قيسيّا يقال له: قيس به العقدية، فقام وقال: « أيها الناس، إنّ هؤلاء القوم الذين جاءوكم إن كانوا جاءوا خائفين، فقد جاءوا من مكان بعيد يأمن فيه الطير، وإن جاءوا يطلبون بدم عثمان، فما نحن بقتلة عثمان. أطيعونى في هؤلاء القوم، فردّوهم من حيث جاءوا. » فقال الأسود بن سريع: « أو زعموا أنّا قتلة عثمان. إنما فزعوا إلينا يستعينون بنا على قتلة عثمان منّا ومن غيرنا. » فتكلّم القيسيّ فحصبه الناس. فعرف عثمان أن لهم بالبصرة ناصرا ممن معه، فكسره ذلك.
    انتهاء عائشة ومن معها إلى المربد

    وأقبلت عائشة في من معها، حتى انتهوا إلى المربد، فدخلوا من أعلاه، ووقفوا حتى خرج عثمان في من معه، وخرج إليها من أراد أن يكون معها.
    واجتمع الناس بالمربد، وجعلوا يتوثّبون، واغتصّ المكان بالناس.
    فتكلّم طلحة وهو في ميمنة المربد، وعثمان في زهو ميسرته، فأنصتوا، فذكر فضل عثمان، والبلد، وما استحلّوا منه، وعظّم ما أتى إليه، ودعا إلى الطلب بدمه، وقال في آخر كلامه: « إنّه حدّ من حدود الله، فإن فعلتم أصبتم، وعاد أمركم، وإن تركتم لم يقم لكم سلطان، ولم يكن لكم نظام. » فقال من في ميمنة المربد: « صدقا وبرّا ».
    وقال من في الميسرة: « فجرا وغدرا. قد بايعا، ثم جاءا يقولان ما يقولان. » وتحاصب الناس، وتكلّموا. فتكلّمت عائشة. وكانت جهيرة الصوت، فحضّت على الطلب بدم عثمان والأخذ بالكتاب الذي يدعون إليه. وأقبل جارية بن قدامة السعدي، فقال: « يا أمّ المؤمنين، لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك عرضة للسلاح. فقد كان لك ستر من الله وحرمة: فهتكت سترك، وأبحت حرمتك، إنّ من رأى قتالك فهو يرى قتلك. فإن كنت خرجت طائعة فارجعى إلى بيتك، وإن خرجت كارهة فاستعيني بالناس. » وخرج رئيس كل طائفة، فتكلّم فقال بعضهم: « أمّا أنت يا زبير، فحواريّ رسول الله ، وأمّا أنت يا طلحة فوقيت رسول الله بيدك، وأرى أمّكما معكما، فهل جئتما بنسائكما؟ » قالا: « لا. » قال: « فما أنا منكما. » واعتزل.
    قتال وتوادع

    وأقبل حكيم بن جبلة فأنشب القتال، فاقتتلوا إلى الليل، وقتل خلق. ثم إنهم توادعوا على أن يكتبوا إلى المدينة، ويستعلموا الناس: هل بايعا مكرهين؟
    فإن بايعا مكرهين خرج عثمان بن حنيف، وإن كانا بايعا طائعين خرج طلحة والزبير.
    فجرى خطب طويل بالمدينة لما ورد الرسول من البصرة، ليس لذكره وجه في ما نحن بسبيله.
    وكان الناس كتبوا بينهم كتابا شرط فيه ألّا يضارّ أحد بأحد في سوق ولا طريق إلى أن تعود الرسل. إلّا أن محمد بن طلحة قام يوما في المسجد مقام عثمان بن حنيف، فتعرض له عثمان، وجاء بعض الحرس، فنحّاه، وظنّ أنه جاء في شرّ.
    ووصل كتاب عثمان بن حنيف إلى عليّ بما كان من الناس. فكتب عليّ - رضي الله عنه - يعجّزه ويقول: « ما أكرها على فرقة، وإنّما أكرها على جماعة، فإن كانا يريدان الخلع، فلا عذر لهما. »
    ما جرى على عثمان بن حنيف

    فقدم الكتاب على عثمان، واتّفق أن تأخّر ابن حنيف عن الصلاة، فقدّما عبد الرحمن بن عتّاب، فشهر الزطّ السلاح ومنعوه. ثم اقتتلوا في المسجد، وصبر الرجّالة لهم، فقتلوهم عن آخرهم وهم أربعون رجلا. وأدخلوا الرجال على عثمان، فما وصل إليه إلّا بعد أن لحقه مكروه عظيم. وأرسلوا إلى عائشة يستشيرونها في أمره. فأمرت بقتله، فناشدها قوم فيه، وأذكروها بصحبته رسول الله فأشار مجاشع بن مسعود بضربه فضربوه أسواطا، ونتفوا شعر لحيته ورأسه حتى حاجبيه وعينيه، وأشفار عينيه.
    ثم حبسوه. فغضب له قوم، وثار حكيم بن جبلة، وأصبح بيت المال والحرس في يدي طلحة والزبير.
    وقال حكيم بن جبلة: « لست أخاف الله إن لم أنصر عثمان بن حنيف. » فجاء في جماعة من عبد القيس وبكر بن وائل، فأتى ابن الزبير في مدينة الرزق. فقال: « ما لك يا حكيم، ما تريد؟ » قال: « أن نرتزق من هذا الطعام، وأن تحلّوا عثمان، فيقيم في دار الإمارة على ما كتبتم بينكم حتى يقدم عليّ. وأيم الله لو أجد أعوانا لألحقنّكم بمن قتلتم. فقد أحلّ الله لنا دماءكم بمن قتلتم من إخواننا. أما تخافون الله، بم تستحلّون سفك الدماء؟ » قال: « بدم عثمان. » قال: « فالذين قتلتموهم قتلة عثمان! أما تخافون الله ومقته وعقوبته؟ » فقال ابن الزبير: « لا نرزقكم من هذا الطعام، ولا نخلّى سبيل عثمان بن حنيف حتى نخلع عليّا. » قال حكيم: « اللهمّ إنّك حكم عدل. » ثم قال لأصحابه: « إني لست في شكّ من قتال هؤلاء القوم. »
    قتال شديد ضرب فيه رجل ساق حكيم

    فاقتتلوا قتالا شديدا. وضرب رجل ساق حكيم، فقطعها. فأخذ حكيم ساقه ورماه بها، فأصاب عنقه، فصرعه. ثم حبا إليه فقتله واتكى عليه، فانتهى إليه رجل وقال له: « من قتلك؟ » قال: « وسادتى. » وقتل سبعون رجلا من عبد القيس.
    وقال حكيم حين قطعت رجله:
    يا فخذ لن تراعي ** إنّ معي ذراعي
    [ أحمي بها كراعي ]
    فاحتمل الرجل حكيما وضمّه في ستين من أصحابه. فتكلّم يومئذ وإنّه لقائم على رجل - وإنّ السيوف لتأخذهم - لا يتعتع: « إنّا خلّفنا هذين، وقد بايعا عليّا، وأعطياه الطاعة، ثم أقبلا مخالفين يطلبان بدم عثمان، وهما كاذبان، وإنّما أراغا المال والإمرة. » وأخذته السيوف، فأنيم، وأنيم أصحابه، وأفلت حرقوص بن زهير وحده.
    ونادى منادي عائشة: « ألا من كان فيهم من قبائلكم أحد ممن غزا المدينة، فليأتنا بهم. » فجيء بهم كما يجاء بالكلاب، فقتلوا. فما أفلت منهم غير حرقوص. فخشّنوا صدور بنى سعد، وإنهم لعثمانية، حتى انفردوا. وغضب عبد القيس لمن قتل منهم بعد الوقعة، ثم أمرا للناس بأعطياتهم، وفضّلا أهل السمع.
    فخرجت عبد القيس وكثير من بكر بن وائل. فبادروا إلى بيت المال، وركبهم الناس، وخرجوا حتى نزلوا على طريق عليّ، وأقام طلحة والزبير بالبصرة ليس معهما مخالف.
    وكتبوا إلى أهل الشام بما صنعوا، وقصّوا القصة وأطالوا، وذكروا أنّهم أقاموا حدّ الله، وأنهم قد أعذروا، وقضوا ما عليهم، فنناشدكم الله في أنفسكم إلّا نهضتم بمثل ما نهضنا به. وكتبوا إلى أهل الكوفة بمثل ذلك، وإلى أهل اليمامة بمثله.
    وكتبت عائشة إلى أهل الكوفة كتابا بليغا طويلا تحضّهم على إقامة كتاب الله، وتذكر لهم ما صنعوا بالبصرة. وكتبت إلى رجال بأسمائهم وقالت: « ثبّطوا الناس عن نصرة هؤلاء القوم، والزموا بيوتكم ».
    ولما قتلوا حكيما وأصحابه همّوا بقتل عثمان بن حنيف فقال لهم عثمان: « ما شئتم، إن أخي سهلا بالمدينة مع عليّ، وهو وال بها، فإن قتلتموني انتصر. » فخلّوا عنه، وصلّى بالناس عبد الله بن الزبير.
    وكتبت عائشة بنت أبي بكر إلى زيد بن صوحان: « من عائشة أم المؤمنين وحبيبة الرسول إلى ابنه الخالص زيد بن صوحان.
    أمّا بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم وانصرنا على أمرنا، فإن لم تفعل فخذّل الناس عن عليّ بن أبي طالب. » فكتب إليها زيد بن صوحان: « إلى عائشة بنت أبي بكر. أمّا بعد، فأنا ابنك الخالص إن اعتزلت من هذا الأمر، ورجعت إلى بيتك، وإلّا فأنا أوّل من نابذك. » وقال: « رحم الله عائشة. أمرت أن تلزم بيتها، وأمرنا أن نقاتل، فتركت ما أمرت به، وأمرتنا به، وصنعت ما أمرنا به ونهتنا عنه. » وكان عليّ حين انتهى إلى الربذة، أقام، وأرسل إلى أهل الكوفة، وكاتبهم، واستدعى من المدينة ما أحبّ من سلاح وغيره. وقدم عثمان بن حنيف الربذة على عليّ منتوف شعر الوجه كلّه، وقال: « يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية، وجئتك أمرد. » قال: « أصبت خيرا وأجرا. اللهم احلل ما عقدا، ولا تبرم ما أحكما، وأرهما المساءة في ما عملا. »
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #75
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ماذا جرى في الكوفة

    فأمّا أهل الكوفة، فلمّا انتهى إليهم رسول عليّ استشاروا أبا موسى. فقال لهم: « إنما هما أمران: القعود سبيل الآخرة، والخروج سبيل الدنيا. » وجعل يثبّط الناس. إلى أن أنفذ عليّ ابن عباس والأشتر، فلم يغنيا، وكان بعث بهاشم بن عتبة إلى أبي موسى يستنفر الناس. فكتب إليه هاشم: « إني قدمت على رجل مشاقّ ظاهر الغلّ. » فبعث عليّ الحسن وعمارا، وكتب إلى أبي موسى: « أما بعد، فكنت أرى أن بعدك من هذا الأمر الذي لم يجعل الله لك فيه نصيبا سيمنعك من ردّ أمري. وقد بعثت الحسن بن عليّ، وعمار بن ياسر، وبعثت قرطة بن كعب واليا. فاعتزل عملنا مذموما مدحورا. » فقدم الحسن بن عليّ وعمار بن ياسر. فلطف الحسن وقال: « أيها الناس! أجيبوا أميركم، وسيروا إلى إخوانكم. فإنّه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه. فوالله أن يليه أهل النهى أمثل في العاجلة، وخير في العاقبة، فأجيبوا دعوتنا، وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم. »
    فقام زيد بن صوحان فقال: « يا قوم! سيروا إلى أمير المؤمنين وسيد المسلمين، وانفروا إليه أجمعين. »
    فقام القعقاع بن عمرو، فقال: « أيها الناس! إني لكم ناصح وعليكم شفيق، ولأقولنّ لكم قولا هو الحقّ، إنّه لا بدّ لنا من إمارة تنظم الناس، وتردع الظالم، وتعزّ المظلوم، وهذا عليّ ولى ما ولى، وقد أنصف في الدعاء، وإنما يدعو إلى الإصلاح، فانفروا، وكونوا من هذا الأمر بمرأى ومسمع. » ثم تكلّم سيحان، وقال مثل قول القعقاع، وتكلّم عديّ بن حاتم في قومه لمّا بلغه كلام الحسن وجواب الناس وقال: « قد بايعنا هذا الرجل، ودعانا إلى أمر جميل، ونحن سائرون. » وتكلّم هند بن عمرو، وحجر بن عديّ، والأشتر، وقالوا مثل ذلك. وقال الحسن: « أيها الناس! إني غاد، فمن شاء منكم أن يخرج معي على الظهر، ومن شاء فليخرج في الماء. » فنفر معه تسعة آلاف رجل، وروى أيضا أنهم كانوا اثنى عشر ألفا، وأخرج أبو موسى من القصر، وشدّد عليه الأشتر.
    علي يرسل القعقاع إلى أهل البصرة

    فلمّا وردوا على عليّ ذا قار، تلقّاهم عليّ، فرحّب بهم، وأثنى عليهم. ثم دعا القعقاع بن عمرو، فأرسله إلى أهل البصرة، وقال: « الق هذين الرجلين، فادعهما إلى الألفة والجماعة، وعظّم عليهما الفرقة. » ووصاه بما أراد.
    ثم قال له: « كيف أنت صانع في ما جاءك منهم مما ليس عندك وصاة مني؟ »
    قال: « نلقاهم بالذي أمرت به. فإذا جاءنا أمر ليس عندنا منك فيه وصاة اجتهدنا الرأي، وكلّمناهم على قدر ما نسمع منهم ونرى أنّه ينبغي. » قال: « أنت لها. » فخرج القعقاع حتى قدم البصرة. فبدأ بعائشة، فسلّم عليها، ثم قال: « أي أمّه! ما أشخصك. وما أقدمك؟ » قالت: « أي بنيّ! الإصلاح بين الناس. » قال: « فابعثي إلى طلحة والزبير، حتى تسمعي كلامي وكلامهما. » فبعثت إليهما، فجاءا. فقال: سألت أم المؤمنين: ما أشخصها وأقدمها هذه البلاد؟ فقالت: « الإصلاح بين الناس. » [ فقلت ]: « فما تقولان أنتما: متابعان، أم مخالفان؟ » قالا: « متابعان. » قال: فأخبرانى ما وجه هذا الصلاح؟ فوالله لئن عرفناه لنصلحنّ، وإن أنكرناه لا نصلح. » قالا: « قتلة عثمان. فإن هذا إن ترك كان تركا للقرآن، وإن عمل به كان إحياءا للقرآن. » قال: « قد قتلتم بالبصرة من زعمتم أنهم قتلة عثمان، وأنتم كنتم قبل قتلهم أقرب إلى الاستقامة منكم اليوم، قتلتم ستمائة إلّا رجلا فغضب لهم ستة آلاف، فاعتزلوكم، وخرجوا من بين أظهركم، وطلبتم ذلك الواحد الذي أفلت - يعنى حرقوص بن زهير - فمنعه ستة آلاف وهم على رجل. فإن تركتموهم كنتم تاركين لما تقولون، وإن قاتلتموهم والذين اعتزلوا فأديلوا عليكم، فالذي حذرتم وقوّيتم به هذا الأمر أعظم مما أراكم تكرهون، وإن أنتم أحميتم مضر وربيعة من أهل هذه البلاد، فاجتمعوا على حربكم وخذلانكم نصرة لهؤلاء، كما اجتمع هؤلاء لأهل هذا الحدث العظيم والذنب الكبير. » قال: أقول: « إنّ هذا الأمر دواؤه التسكين، فإذا سكن احتلجوا. فإن أنتم تابعتمونا فعلامة خير، وتباشير رحمة، ودرك بثأر هذا الرجل، وعافية لهذه الأمة. وإن أبيتم إلّا مكاثرة هذا الأمر واعتسافه كانت علامة شرّ، وذهاب هذا الثأر، وفناء هذه الأمة. فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح خير كما كنتم تكونون، ولا تتعرّضوا للبلاء ولا نتعرض له فيصرعكم ويصرعنا. إنّ هذا الأمر الذي أنتم فيه، أمر ليس يقدّر، وليس كالأمور، ولا كقتل الرجل الرجل، ولا النفر الرجل، ولا القبيلة الرجل. » فقالوا: « إذا أحسنت وأصبت المقالة. فارجع، فإن قدم عليّ وهو على مثل رأيك صلح هذا الأمر. » فرجع إلى عليّ، فأخبره الخبر، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كرهه من كرهه، ورضيه من رضيه. وأقبلت وفود البصرة نحو عليّ حين نزل بذي قار.
    فجاء وفد تميم وبكر قبل رجوع القعقاع لينظروا ما رأى إخوانهم من أهل الكوفة وعلى أيّ حال نهضوا [ إليهم ] وليعلمو هم أنّ الذي عليه رأيهم الإصلاح، ولا يخطر قتالهم على بالهم.
    فلما لقوا عشائرهم من أهل الكوفة بالذي بعثهم فيه عشائرهم من أهل البصرة، وقالوا لهم مثل مقالتهم، فأدخلوهم إلى عليّ، فأخبروه بخبرهم. فسأل عليّ جرير بن شرس عن طلحة والزبير، وعن نياتهما، فأخبره بدقيق أمرهما وجليله، وحتى تمثّل له [ طلحة ]:
    ألا أبلغ بنى بكر رسولا ** فليس إلى بنى كعب رسول
    سيرجع ظلمكم منكم عليكم ** طويل الساعدين له فضول
    فتمثّل عليّ عندها:
    ألم تعلم أبا سمعان أنّا ** نردّ الشيخ مثلك ذا الصداع
    ونذهل عقله بالحرب حتى ** يقوم، فيستجيب بغير داع
    فدافع عن خزاعة جمع بكر ** وما بك يا سراقة من دفاع
    وتحدّث الناس بهذه الأبيات، وتداولوها، لأنّ طلحة كان يديم إنشاد البيتين الأوّلين.
    ورجع القعقاع من عند أم المؤمنين وطلحة والزبير بمثل رأيهم. فجمع عليّ الناس، ثم قام على الغرائر، فخطب، وذكر الجاهلية وشقاءها والإسلام والسعادة، وإنعام الله على الأمة بالجماعة، وحضّ الناس على الألفة. ثم قال:
    « إنّ قوما حسدوا هذه الأمة التي أفاء الله عليها ما أفاءه على الفضيلة، وأرادوا ردّ الأمور على أدبارها، والله مصيب أمره، وبالغ ما أراد. ألا وإني راحل غدا، فارتحلوا. ولا يرحلنّ أحد أعان على عثمان بشيء، في شيء من أمور الناس، وليغن سفهاؤهم عني أنفسهم. »
    ذكر السبب في نقض ما أشرف عليه القوم من الإصلاح

    فاجتمع نفر منهم: علباء بن الهيثم، وعديّ بن حاتم، وشريح بن أوفى، والأشتر، وغيرهم من طبقتهم ممن سار إلى عثمان، أو رضى بسير من سار.
    وجاءهم ابن السوداء، وخالد بن ملجم، ومعهم المصريّون، فتشاوروا.
    ذكر آراء هؤلاء وما تقرر عليه الرأي في ما اجتمعوا عليه ودبوا له من الحيلة في نقض الصلح

    فقال القوم: « هذا والله عليّ، وهو أعلم وأبصر بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقربهم إلى العمل بذلك، وهو يقول ما يقول، ولم ينفر إليه إلّا هم، والقليل من غيرهم. فكيف به إذا شامّ القوم وشامّوه، ورأوا قلّتنا في كثرتهم. أنتم والله ترادون، وما أنتم بأنجى من شيء. » فقال الأشتر: « أما طلحة والزبير فقد عرفنا أمرهما. وأما عليّ فلم نعرف أمره حتى كان اليوم، ورأي الناس فينا واحد، وإن يصطلحوا مع عليّ فعلى دمائنا. فهلمّوا نتوثب على عليّ فتعود فتنة يرضى منا فيها بالسكوت. »
    فقال عبد الله بن السوداء: « بئس الرأي رأيت. أنتم يا قتلة عثمان من أهل الكوفة بذي قار ألفان وخمسمائة. وهذا ابن الحنظليّة في خمسة آلاف بالأشواق إلى أن يجدوا إلى قتالكم سبيلا فارق على ظلعك. » وقال علباء بن الهيثم: « انصرفوا بنا ودعوهم، فإن قلّوا كان أقوى لعدوّهم عليهم، وإن كثروا كان أحرى أن يصطلحوا عليكم، ارجعوا فتعلّقوا ببلد من البلدان، وامتنعوا من الناس. » فقال ابن السوداء: « بئس ما رأيت، ودّ - والله - الناس أنكم على جديلة، ولم تكونوا مع قوم برءاء، ولو كان ذلك الذي تقول لتخطّفكم كلّ شيء. » فقال عديّ بن حاتم: « والله ما رضيت، ولا كرهت. ولقد عجبت من تردّد من تردّد عن قتله في خوض الحديث. فأما إذا وقع ونزل من الناس بهذه المنزلة، فإنّ لنا عناقا من خيول، وسلاحا محمولا. فإن أقدمتم أقدمنا، وإن أمسكتم أمسكنا. » فقال ابن السوداء: « أحسنت. » وقال سالم بن ثعلبة: « من كان أراد بما أتى الدنيا، فإني لم أرد ذلك. والله لئن لقيتهم غدا لا أرجع إلى شيء، ولئن طال بقائى إذا أنا لاقيتهم لا يزد على جزر جزور. وأحلف بالله، إنكم لتفرقون السيف فرق قوم لا تصير أمورهم إلّا إلى السيف. » فقال ابن السوداء: « قد قال قولا. »
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #76
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وقال شريح بن أوفى: « أبرموا أموركم، ولا تؤخّروا أمرا ينبغي لكم تعجيله، ولا تعجّلوا أمرا ينبغي لكم تأخيره، فإنّا عند الناس بشرّ المنازل، فلا أدري ما الناس صانعون غدا إذا هم التقوا. » وتكلّم عبد الله بن السوداء فقال: « يا قوم، إنّ عزّكم في خلطة الناس، فصانعوهم. وإذا التقى الناس غدا فأنشبوا القتال، ولا تفرّغوهم للنظر الطويل. فإنّ من أنتم معه لا يجد بدّا من أن يمتنع ويشغل الله عليّا وطلحة والزبير، ومن رأى رأيهم، عما تكرهون، فأبصروا الرأي وتفرّقوا عليه والناس لا يشعرون. » وأصبح عليّ على ظهر. فمضى ومضى الناس حتى انتهى إلى عبد القيس فنزل بهم والناس يتلاحقون به وقد قطعهم. ولما بلغ أهل البصرة نزول عليّ حيث نزل اجتمعوا إلى طلحة والزبير، وأشاروا عليهما أن يبعثا خيلا فتبيّت عليّا قبل أن يجتمع الناس إليه. فنهى الزبير وقال: « نرجو الصلح، وقد رددنا وافدهم - يعنى القعقاع - على أمر، وأرجو أن يتمّ. » فقام ضبرة بن شيمان إلى طلحة فقال: « يا طلحة! أيتهزّأ بنا هذا الرجل؟ إنّ الرأي في الحرب خير من الشدّة. » فقال: « يا ضبرة! إنّا وهم مسلمون، وهذا أمر حدث، ولم يكن قبل اليوم، ولسنا ننتظر نزول قرآن فيه، ولا فيه من رسول الله سنّة، وهو عليّ ومن معه. » فأما أصحاب عليّ فتحركوا. وقام عليّ فقال: « إنّ الذي ندعو إليه من إقرار هؤلاء هو شرّ، وهو خير من شرّ منه وهو كامن، وقد كاد يبين لنا، وجاءت الأحكام من المسلمين بإيثار أعمّهما منفعة وأحوطهما. » وأقبل كعب بن سور، فقال: « ما تنتظرون يا قوم بعد تورّدكم أوائلهم؟ اقطعوا هذا من العنق. فقالوا: « يا كعب! إنّ هذا أمر بيننا وبين إخواننا، وهو أمر ملتبس، وإنّ الشيء يحسن عندنا اليوم، ويقبح عند إخواننا. فإذا كان من الغد قبح عندنا وحسن عندهم، وإنّا لنحتجّ عليهم بالحجة، فلا يرونها حجة، ثم يحتجون بها على أمثالنا. ونحن نرجو الصلح إن أجابونا إليه، وإلّا فإنّ آخر الداء الكيّ. »
    ذكر فتوى لعلي بن أبي طالب في تلك الحال

    وقام إلى عليّ جماعة من أهل الكوفة يسألونه عن إقدامهم على القوم، وسألوه: ما الذي يرى.
    فقال عليّ: « الإصلاح وإطفاء النائرة، لعلّ الله يجمع شمل هذه الأمة بنا، ويضع حربهم. فقد أجابونى. » قالوا: « فإن لم يجيبوا؟ » قال: « تركناهم ما تركونا. »
    قالوا: « فإن لم يتركونا؟ » قال: « دفعناهم عن أنفسنا. » وقام إليه أبو سلامة الدلاني فقال: « أترى لهؤلاء القوم حجّة في ما اجتمعوا له وطلبوه من هذا الدم؟ » قال: « نعم. » قال: « فترى لك حجّة بتأخيرك ذلك؟ » قال: « نعم، إنّ الشيء إذا كان لا يدرك، فالحكم فيه أحوطه وأعمّه نفعا. » فقال: « ما حالنا وحالهم إن ابتلينا غدا؟ » قال: « إني لأرجو ألّا يقتل أحد منّا ومنهم تقيّ قلبه لله بما يصنع، إلّا دخل الجنة. »
    علي يخطب سائلا كف الألسن والأيدى

    وقام عليّ فخطب وقال: « أيها الناس! كفّوا ألسنتكم عن هؤلاء وأيديكم، فإنهم إخوانكم، وإياكم أن تسبقونا. فإنّ المخصوم من خصم اليوم. »
    ثم ارتحل على تعبئة، حتى إذا أطلّ على القوم بعث إليهم: « إن كنتم على ما فارقتم القعقاع بن عمرو، فكفّوا حتى ننزل وننظر في هذا الأمر. »
    فأقاموا ثلاثة أيام لم يكن بينهم قتال.
    قال: فكنّا نرسل إليهم وندعوهم. وبعث عليّ تلك العشيّة عبد الله بن عباس إلى طلحة والزبير. وبعثا هما من العشيّ محمد بن طلحة إلى عليّ وأن يكلّم كل واحد صاحبه.
    فأرسل عليّ إلى رؤساء أصحابه ما خلا أولئك الذين ساروا إلى عثمان، وأرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما وباتوا على الصلح بليلة لم يبيتوا بمثلها سرورا بالعافية مما أشرفوا عليه، وبات الذين أثاروا أمر عثمان بشرّ ليلة باتوها قطّ، قد أشرفوا على الهلكة، وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها حتى اجتمعوا على إمضاء ما كانوا همّوا به من إنشاب الحرب في السرّ، واستسرّوا به خوفا من أن يفطن لهم. فغدوا مع الغلس وما يشعر بهم. فانسلّوا انسلالا وعليهم ظلمة. فخرج مضريّهم إلى مضريّهم، وربعيّهم إلى ربعيّهم، ويمانيّهم إلى يمانيّهم، فوضعوا فيهم السلاح، فتنادى أهل البصرة، وثار كلّ قوم في وجوه أصحابهم الذين نهنهوهم. وخرج طلحة والزبير، ووجوه الناس من مضر، وبعثا إلى الميمنة والميسرة فعبّوهما، وقالا: « ما هذا؟ » قالوا: طرقنا أهل الكوفة ليلا. فقالا: « قد علمنا أنّ عليّا غير منته حتى يسفك الدماء ويستحلّ الحرمة، وأنه لن يطاوعنا. »
    ورجعا بأهل البصرة [ وقصف أهل البصرة أولئك ] حتى ردّوهم إلى عسكرهم. فسمع عليّ وأهل الكوفة الصوت. وقد كان ابن السوداء، والأشتر، وأصحابهما قد وضعوا رجلا قريبا من عليّ، ووصّوه بما يريدون. وقالوا: « إذا سمعت عليّا يسأل عن الخبر، فتقدّم وقل كيت وكيت. » فلما قال علي: « ما هذا؟ » قال ذلك الرجل: « ما فجئنا إلّا وقوم منهم قد بيّتونا، فرددناهم من حيث جاءوا، فوجدنا القوم على رجل فركبوا وثار الناس. » وقال عليّ لصاحب ميمنته: « ايت الميمنة. » وقال لصاحب ميسرته: « ايت الميسرة. » وقال: « فلقد علمت أن طلحة والزبير غير منتهيين حتى يسفكا الدم ويستحلّا الحرمة، وأنهما لن يطاوعانا. » والسبائية لا تفتر [ إنشابا ].
    فنادى عليّ: « يا أيها الناس كفّوا، فلا شيء! » وكان يحبّ أن يبدأ لتكون الحجّة على القوم.
    وخرج الأحنف بن قيس وبنو سعد مشمّرين قد بعثوا حرقوص بن زهير إلى عليّ، فقال:
    « يا عليّ، إنّ قومنا بالبصرة يزعمون أنك إن ظهرت عليهم غدا، إنّك تقتل رجالهم وتسبى نساءهم. » فقال: « ما مثلي يخاف هذا منه. فهل أنت مغن عني قومك؟ » قال: « نعم. واختر مني واحدا من اثنين: إما أن آتيك، فأكون معك بنفسي، وإما أن أكفّ عنك عشرة آلاف سيف. »
    قال: « بل اكفف عني عشرة آلاف سيف. » فرجع، ودعا قومه إلى القعود والكفّ، ففعلوا.
    ما جرى بين علي وطلحة والزبير من حديث

    ثم إن الزبير خرج على فرس له، على سلاح، فقيل لعليّ: « هذا الزبير. » قال: « أما إنه أحرى الرجلين إن ذكّر بالله أن يذكر. » وخرج طلحة، فخرج إليهما عليّ، ودنا منهما حتى اختلف أعناق دوابّهما فقال عليّ: « لعمري لقد أعددتما سلاحا، وخيلا، ورجالا إن كنتما أعددتما عذرا عند الله فاتقيا الله، ولا تكونا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها من بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثًا ألم أكن أخا لكما في دينكما تحرّمان دمى وأحرّم دمكما؟ فهل من حدث أحلّ لكما دمى؟ » قال طلحة: « ألّبت على عثمان. » قال عليّ: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ الله دِينَهُمُ الْحَقَّ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ. يا طلحة، تطلب بدم عثمان، فلعن الله أشدّنا كان عليه. يا زبير! أتذكر يوم مررت مع رسول الله في بنى غنم، فنظر إليّ وضحك وضحكت إليه، فقلت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله: مه! إنّه ليس كذلك، ولتقاتلنّه وأنت له ظالم؟ » فقال: « اللهم نعم. ولو ذكرت، ما سرت مسيري هذا. والله لا أقاتلك أبدا. » فانصرف عليّ، وحكى ذلك لأصحابه. ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها: « ما كنت في موطن مذ عقلت وأنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا. » قالت: « ما تريد أن تصنع؟ » قال: « أريد أن أدعهم وأذهب. » قال له ابنه عبد الله: « جمعت هذين الغارّين حتى إذا جرّد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب. أحسست رايات بن أبي طالب وعلمت أنها فتية أنجاد. » فغضب الزبير حتى أرعد، ثم قال: « ويحك! إني قد حلفت ألّا أقاتله. » قال: كفّر عن يمينك.
    فدعا غلاما له يقال له: مكحول، فأعتقه. فقال عبد الله بن سليمان التيميّ:
    لم أر كاليوم أخا إخوان ** أعجب من مكفّر الأيمان
    بالعتق في معصية الرحمن
    وإنّما حكينا هذه الحكاية، لأنّ فيها تجربة تستفاد، وإن ذهب ذلك على قوم، فإنّا ننبّه عليه، وذلك أنّ المحنق ربما سكّن بالكلام الصحيح، والساكن ربما أحنق بالزور من الكلام، وذلك بحسب تأتّى من يريد ذلك، وإتيانه من وجهه.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 19 من 22 الأولىالأولى ... 91718192021 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. اختفاء 4 بحارة بنغلادشيين في طرطوس منذ أيام
      بواسطة Syria News في المنتدى أخــبار ســــــوريا Syria news 24/24
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-05-2010, 07:50 PM
    2. تجارب على شريان دم صناعي
      بواسطة سارة في المنتدى ملتقى أخبار الانترنت والكمبيوتر والعلوم الحيوية Internet and Computer Forum
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 04-28-2010, 10:04 PM
    3. تجارب على مواد نانو مترية
      بواسطة سارة في المنتدى ملتقى أخبار الانترنت والكمبيوتر والعلوم الحيوية Internet and Computer Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 04-17-2010, 08:07 PM
    4. أطعمة خاصة بالمتزوجين تحارب العجز
      بواسطة Dr.Ibrahim في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 04-07-2010, 10:46 PM
    5. أشعة الشمس تحارب مرض السرطان!
      بواسطة Dr.Ibrahim في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-09-2010, 05:49 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1