« أيّكما يرى هذا الرجل، فإن أصابه فله عشرة آلاف وإن أخطأ قطعت يده. » فتلكّأ أحدهما وتقدّم الآخر، فلم يخطئ عينه. فأمر له بعشرة آلاف.
فتحدّث يحيى بن خالد بن ثابت مولى مسلم بن عمرو قال: كنت في رماة قتيبة، فلمّا فتحنا المدينة صعدت السور، فأتيت مقام ذلك الرجل الذي كان فيه، فوجدته ميّتا على الحائط ما أخطأت النشّابة عينه حتى خرجت من قفاه.
ثم أصبحوا من غد فرموا المدينة حتى ثلموا فيها. وقال قتيبة:
« ألحّوا عليها حتى تعبروا الثلمة. » فقاتلوهم، ورماهم السغد بالنشّاب، فوضعوا ترستهم على أعينهم، ثم حملوا حتى صاروا على الثلمة، وكانوا طلبوا الصلح، فقال قتيبة:
« لا والله! ما نصالحكم إلّا ورجالنا على الثلمة ومجانيقنا تخطر على مدينتكم. » فصالحهم من غد على ألفي ألف ومائتي ألف في كلّ عام، على أن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف رأس ليس فيه صبيّ ولا شيخ ولا ذو عيب، وعلى أن يخلوا المدينة لقتيبة، فلا يكون لهم فيها مقاتل، فيبنى فيها مسجد فيدخل ويصلّى، ويوضع له فيها منبر، ويتغدّى ويخرج.
فلمّا تمّ الصلح بعث قتيبة بعشرة من كلّ خمس برجلين، فقبضوا ما صالحهم عليه، فقال قتيبة:
« الآن ذلّوا حين صار أزواجهم وأولادهم في أيديكم. » ثم أخلوا المدينة وبنوا مسجدا ووضعوا منبرا، فدخلها قتيبة في أربعة آلاف انتخبهم. فلمّا دخلها أتى المسجد، فصلّى وخطب، ثم تغدّى. وأرسل إلى أهل السغد:
« من أراد منكم أن يأخذ متاعه فليأخذ، فإني لست خارجا منها، وإنّما صنعت هذا لكم، ولست آخذ منكم أكثر مما صالحتكم عليه غير أنّ الجند يقيمون فيها. »
والباهليّون يقولون: صالحهم قتيبة على مائة ألف رأس وبيوت النيران وحلية الأصنام. فقبض ما صالحهم عليه، وأتى بالأصنام فسلبت ووضعت بين يديه وكانت كالقصر العظيم حين جمعت، فأمر بتحريقها.
فقالت الأعاجم:
« إنّ فيها أصناما من حرقها هلك. » فقال قتيبة:
« أنا أحرقها بيدي. » فجاء غورك، فجثا بين يديه وقال:
« إنّ شكرك عليّ واجب، لا تعرّض لهذه الأصنام. » فدعا قتيبة بالنار، فأخذ شعلة بيده، وخرج فكبّر، ثم أشعلها وأشعل الباب، فاضطرمت، فوجدوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضّة خمسين ألف مثقال.
جارية رابعة ليزدجرد أصابها قتيبة
ومن ملح الحديث وإن لم يكن من شرط هذا الكتاب، أنّ قتيبة أصاب بالسغد جارية رابعة من ولد يزد جرد، فقال:
« أترون ابن هذه يكون هجينا؟ » فقالوا:
« نعم، يكون هجينا من قبل أبيه. » فبعث بها إلى الحجّاج، فبعث بها الحجّاج إلى الوليد، فولدت له يزيد بن الوليد.
ما أوصى به قتيبة عبد الله بن مسلم
ولمّا فتح قتيبة سمرقند استخلف عليها عبد الله بن مسلم وخلّف عنده جندا كثيفا وآلة من آلات الحرب كثيرة، وقال:
« لا تدعنّ مشركا يدخل بابا من أبواب سمرقند إلّا مختوم اليد، فإن جفّت الطينة قبل أن يخرج فاقتله، وإن وجدت معه حديدة أو سكّينا فما سواه فاقتله، وإن أغلقت الباب ليلا فوجدت فيها منهم فاقتله.
وقال قتيبة لمّا جمع بين فتح خوارزم وسمرقند:
« هذا العداء لا عداء العيرين. » لأنّه افتتح خوارزم وسمرقند في عام واحد، وذلك أنّ الفارس إذا صرع في طلق واحد عيرين، قيل: عادى بين عيرين.
فتوح أخرى تمت في هذه المدة
وفي هذه المدة التي ذكرنا فيها أمور الحجّاج بالعراق وأخباره مع الخوارج وعبد الرحمن بن الأشعث وغزوات قتيبة والمهلّب قبله كانت غزوات لعبد الله بن عبد الملك أرض الروم، ففتح فيها المصيصة وغيرها، وغزوات لمسلمة بن عبد الملك، ففتح فيها طوانة، وغيرها، وقسطنطنين، وغزالة، وحصن سورية، وعمّورية وهرقلة، وقمولية. وغزا أيضا مسلمة بن عبد الملك في هذه المدة الترك حين بلغ الباب من ناحية أذربيجان.
وأغزى موسى بن نصير الأندلس، ففتحها، وفتح موسى بن نصير من بلاد الأندلس عدّة مدن، وقتل ملكها، وكان رجلا من أهل إصبهان، وكان ملوك الأندلس يلقّبون كما تلقّب الأكاسرة والقياصرة، فيقال لملكها: الأذرينوق، فقتله موسى بعد قتال شديد لم تكن فيها مكيدة، وكانت فيها غزوات العباس بن الوليد أرض الروم.
وغزوات لمروان بن الوليد الروم، فتحوا لهم مدنا وحصونا.
ولم يذكر في جميع ذلك ما يستفاد منه تجربة.
وقتل الحجّاج سعيد بن جبير في سنة خمس وسبعين.
ذكر كلام لسعيد بن جبير كان سبب قتله
قال: لمّا أتى الحجّاج بسعيد بن جبير، قال:
« لعن الله ابن النصرانيّة.. » يعنى خالدا القسريّ وهو الذي كان أرسل به من مكّة.
«.. أتراني ما كنت أعرف مكانه؟ بلى والله والبيت الذي هو فيه بمكّة. » ثم أقبل على سعيد، فقال:
« يا سعيد، ما أخرجك عليّ مع عدوّ الرحمن؟ » قال:
« أصلح الله الأمير، إنّما أنا رجل من المسلمين يخطئ مرّة ويصيب مرّة. » قال: فطابت نفس الحجّاج وتطلّق حتى رجونا أن يتخلّص منه. عاوده في شيء، فقال:
« إنّما كانت له بيعة في عنقي. » قال: فغضب الحجّاج وانتفخ حتى سقط أحد طرفي ردائه عن منكبه، وقال:
« يا سعيد، ألم أقدم مكّة فقتلت ابن الزبير، ثم أخذت بيعة أهلها وأخذت بيعتك لأمير المؤمنين عبد الملك؟ » قال:
« بلى. » قال:
« ثم قدمت الكوفة واليا على العراق، فجدّدت لأمير المؤمنين البيعة فأخذت بيعتك له ثانية؟ » قال:
« بلى. » قال:
« فنكثت لأمير المؤمنين بيعتين، ووفيت بواحدة لابن الحائك! يا حرسيّ اضرب عنقه. » ثم قام ليركب، فوضع رجله في الركاب، وقال:
« لا والله، لا أركب حتى تبوّأ مقعدك من النار. » فضربت عنقه، فالتبس عقله مكانه، فجعل يقول:
« قيودنا قيودنا! » فظنّ أنّه يريد القيود التي في رجل سعيد بن جبير، فقطعوا رجليه من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود. فكان إذا نام يراه في منامه كأنّه يأخذ بمجامع ثوبه، فيقول:
« ما لي ولابن جبير؟ »
موت الحجاج بن يوسف
وفيه هذه السنة مات الحجّاج بن يوسف، وكان استخلف في مرضه على حرب العراقين والصلاة بأهلها يزيد بن كبشة، وعلى خراجها يزيد بن أبي مسلم، فأقرّهما الوليد بعد موت الحجّاج، وكذلك فعل بعمّال الحجّاج، أقرّهم على أعمالهم التي كانوا عليها في حياته.
ودخلت سنة ستّ وتسعين
من سيرة الوليد بن عبد الملك
وفيها مات الوليد بن عبد الملك في النصف من جمادى الآخرة منها، وكان عند أهل الشام أفضل خلائفهم، وذلك أنّه بنى مساجد منها مسجد دمشق ومسجد المدينة، ووضع المنار وأعطى المجذّمين وأفردهم، وقال:
« لا تسألوا الناس! » وأعطى كلّ مقعد خادما وكلّ ضرير قائدا.
وفتحت في ولايته فتوح عظام. أمّا موسى بن نصير ففتح الأندلس، وبلغ قتيبة كاشغر، وهي أوّل مدائن الصين، وفتح محمد بن القاسم الهند.
وكان الوليد صاحب بناء واتخاذ المصانع والضياع. فكان الناس في أيامه إذا التقوا فإنّما يسأل بعضهم بعضا عن البناء والضياع.
ثم ولى سليمان فكان صاحب نكاح وطعام، وكان الناس يسأل بعضهم بعضا عن التزويج والجواري.
فلمّا ولى عمر بن عبد العزيز، كانوا يلتقون فيقولون:
« ما وردك؟ وكم تحفظ من القرآن؟ ومتى تختم؟ وكم تصوم من الشهر؟ » وكان الوليد وسليمان وليّى عهد عبد الملك. فلمّا أفضى الأمر إلى الوليد أراد أن يبايع لابنه عبد العزيز ويخلع سليمان. فأبى سليمان، فأراده على أن يخلعه من بعده، فامتنع أيضا، فعرض عليه أموالا كثيرة، فأبى. فكتب إلى عمّاله بأن يبايعوا لعبد العزيز، ودعا الناس إلى ذلك فلم يجبه أحد إلّا الحجّاج وقتيبة.
ذكر رأي لعباد بن زياد
فقال عبّاد بن زياد:
« يا أمير المؤمنين، إنّ الناس لا يجيبونك إلى هذا، ولو أجابوك لم آمنهم على الغدر بابنك، فاكتب إلى سليمان فليقدم عليك، فإن لك عليه طاعة، فأرده على البيعة لابنك عبد العزيز من بعده، فإنّه لا يقدر على الامتناع وهو عندك، فإن أبي كان الناس عليه. » فكتب الوليد إلى سليمان يأمره بالمسير إليه، فأبطأ، واعتزم الوليد على المسير إليه وعلى أن يخلعه. فأمر الناس بالتأهّب وأخرجت مضاربه ومات قبل أن يسير.
فتح كاشغر وما دار بين مبعوثي قتيبة وملك الصين
وكان قتيبة قد غزا في هذه السنة مدينة كاشغر وهي أدنى مدائن الصين. فلمّا بلغ فرغانة أتاه موت الوليد، فوغل قتيبة حتى قرب من الصين، فكتب إليه ملك الصين أن:
« ابعث إليّ رجلا من أشراف من معكم يخبرنا عنكم ونسأله عن دينكم. » فانتخب قتيبة من عسكره اثنى عشر رجلا من أفناء القبائل لهم جمال وأجسام وألسن وبأس. وبعد أن سأل عنهم، فوجدهم بحيث أحبّ، فكلّمهم قتيبة وفاطنهم، فرأى عقولا وجمالا، فأمر لهم بعدّة حسنة من السلاح والمتاع والجيّد من الخزّ والوشي والليّن من الثياب والرقيق والبغال والعطر، وحملهم على خيول مطهّمة تقاد معهم، ودوابّ يركبونها، وقال لهم:
« سيروا على بركة الله، فإذا دخلتم عليه فأعلموه أنّى قد حلفت أن لا أنصرف حتى أطأ بلادهم و [ أختم ] ملوكهم وأجبى خراجهم. » فساروا وعليهم هبيرة بن المشمرج، فلمّا قدموا أرسل إليهم ملك الصين يدعوهم. فدخلوا الحمّام، ثم خرجوا، فلبسوا ثيابا بياضا تحتها الغلائل، ثم مسّوا الغالية، ولبسوا النعال والأردية ودخلوا عليه وعنده عظماء أهل مملكته، فجلسوا، فلم يكلّمهم الملك ولا أحد من جلسائه، فنهضوا فقال الملك لمن حضره:
« كيف رأيتم هؤلاء؟ » قالوا:
« رأينا قوما هم نساء، ما بقي منّا أحد حين رءاهم ورأى شعورهم ووجد رائحتهم إلّا انتشر ما عنده. » قال: فلمّا كان الغد أرسل إليهم فلبسوا الوشي وعمائم الخزّ والمطارف وغدو عليه. فلمّا دخلوا إليه قيل لهم:
« ارجعوا! » ثم قال لأصحابه:
« كيف رأيتم؟ » قالوا:
« هذه الهيئة أشبه بهيئة الرجال من تلك [ الهيئة ] الأولى وهم أولئك. » فلمّا كان اليوم الثالث أرسل إليهم فشدّوا عليهم سلاحهم ولبسوا البيض والمغافر، وتقلّدوا السيوف، وأخذوا الرماح، وتنكّبوا القسيّ وركبوا خيولهم. فنظر إليهم صاحب الصين من منظرة له، فرأى أمثال الجبال مقبلة. فلمّا دنوا ركّزوا رماحهم، ثم أقبلوا مشمّرين، فقيل لهم قبل أن يدخلوا:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
« ارجعوا! » فانصرفوا. فلمّا ركبوا خيولهم اختلجوا رماحهم ثم رفعوا خيولهم كأنّهم يتطاردون بها. فقال الملك لأصحابه:
« كيف ترونهم؟ » قالوا:
« ما رأينا مثل هؤلاء قطّ. » فلمّا أمسى أرسل إليهم أن ابعثوا إليّ زعيمكم وأفضلكم رجلا.
فبعثوا إليه هبيرة، فقال له حين دخل عليه:
« قد رأيتم عظيم ملكي وأنّه ليس أحد يمنعكم مني وأنتم في بلادي بمنزلة الخاتم في كفّى، وأنا سائلكم عن أمر، فإن لم تصدقوني قتلتكم. » قال:
« سل. » قال:
« لم صنعتم ما صنعتم من الزيّ في اليوم الأوّل والثاني والثالث؟ » قال:
« أمّا زيّنا في اليوم الأوّل فلباسنا في أهالينا، وأمّا يومنا الثاني، فإذا أتينا أمراءنا، وأمّا يومنا الثالث فزيّنا لعدوّنا، فإذا هاج هيج كنّا هكذا. » قال:
« ما أحسن ما دبّرتم دهركم! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف فإني قد عرفت حرصه وقلّة أصحابه وإلّا بعثت إليه من يهلكه ويهلككم معه. »
ذكر كلام لهبيرة في جواب الملك صار سببا لحمله الخراج وتهيبه الحرب
فأجابه هبيرة وقال:
« كيف يكون قليل الأصحاب من أوّل خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون، وكيف يكون حريصا من خلّف الدنيا وراءه قادرا عليها وغزاك؟ وأمّا تخويفك إيّانا بالقتل فإنّ لنا آجالا إذا حضرت فلسنا نكرهها ولا نخافها. » فقال بعد أن أطرق:
« فما الذي يرضى صاحبك؟ » قال:
« إنّه قد حلف ألّا ينصرف حتى يطأ أرضكم ويختم ملوككم ويعطى الجزية. » قال:
« فإنّا نخرجه من يمينه: نبعث إليه بتراب أرضنا فيطأه، ونبعث إليه ببعض أبنائنا فيختمهم، ونبعث إليه بجزية يرضاها. » قال: فدعا بصحاف من ذهب فيها تراب، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم. ثم أجازهم فأحسن جوائزهم، فساروا فقدموا بما بعثوا به. » فقبل الجزية وختم الغلمة وردّهم ووطئ التراب. فقال في ذلك سوادة بن عبد الله السلولي:
لا عيب في الوفد الذين بعثتهم ** للصين لو سلكوا طريق المنهج
كسروا الجفون على العدى خوف الرّدى ** حاشا الكريم هبيرة بن مشمرج
لم يرض غير الختم في أعناقهم ** ورهائن دفعت لحمل سمرّج
أدّى رسالتك التي استرعيته ** وأتاك من حنث اليمين بمخرج
قال: فأوفد قتيبة هبيرة إلى الوليد، فمات بقرية من فارس.
من سيرة قتيبة
وكان من سيرة قتيبة إذا بعث طلائع الفرسان أو غيرهم أن يأمر بلوح منقوش فيشقّ شقّتين، فيعطيهم شقّة ويحتبس شقّة ويأمرهم أن يدفنوها في موضع يصفه من مخاضة معروفة، أو تحت شجرة معلومة، ثم يبعث بعده من يستخرجها ليعلم أصادق طليعته أم لا.
خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان
وفي هذه السنة بويع سليمان بن عبد الملك وخالف قتيبة بخراسان وتأدّى أمره إلى أن قتل.
ذكر السبب في ذلك
كان سبب ذلك ما حكيناه من إجابة قتيبة الوليد إلى خلع سليمان.
فلمّا مات الوليد وبويع سليمان خافه قتيبة، وأشفق أن يولّى سليمان يزيد بن المهلّب خراسان لمودّة كانت بين يزيد بن المهلّب وبين سليمان.
فكتب قتيبة كتابا إلى سليمان يهنّئه بالخلافة ويعزّيه عن الوليد ويعلمه بلاءه وطاعته لعبد الملك والوليد وأنّه على مثل ذلك له من الطاعة والنصيحة إن لم يعزله عن خراسان، ثم كتب كتابا آخر يعلمه فيه فتوحه ونكايته وعظم قدره عند ملوك العجم وهيبته في صدورهم وبعد صوته فيهم، ويذمّ المهلّب وآل المهلّب، ويحلف بالله لئن استعمل يزيد على خراسان ليخلعنّه.
ثم كتب كتابا ثالثا فيه خلعه.
وبعث بالكتب الثلاثة مع رجل من باهلة وقال:
« ادفع هذا الكتاب، فإن كان يزيد بن المهلّب حاضرا فقرأه ثم ألقاه إليه فادفع إليه هذا الكتاب، فإن قرأه وألقاه إليه فادفع إليه هذا الكتاب الثالث. وإن قرأ الأوّل ولم يدفعه إلى يزيد فاحتبس الكتابين الآخرين. » فقدم رسول قتيبة ودخل على سليمان وعنده يزيد بن المهلّب، فدفع الكتاب الأوّل، فقرأه، ثم ألقاه إلى يزيد، ثم دفع إليه الكتاب الثاني فقرأه ثم رمى به إلى يزيد، ثم أعطاه الكتاب الثالث فتمعّر لونه ثم دعا بطين فختمه ثم أمسكه [ بيده ]. ثم أمر رسول قتيبة أن ينزل. فحوّل إلى دار الضيافة. فلمّا أمسى دعا به سليمان، فأعطاه صرّة فيها دنانير، فقال:
« هذه جائزتك وهذا عهد صاحبك على خراسان، فسر، وهذا رسولي معك بعهده. » فخرج الباهليّ و [ معه ] رسول سليمان. فلمّا كانا بحلوان تلقّاهما الناس بخلع قتيبة واضطراب الأمر. فدفع الرسول العهد إلى رسول قتيبة وانصرف هو.
ذكر عجلة قتيبة بالخلع وما دبره من أمره
فأمّا قتيبة فإنّه لمّا همّ بالخلع استشار إخوته، فقال عبد الرحمن:
« اقطع بعثا، فوجّه فيه كلّ من تخافه، ووجّه قوما إلى مرو وسر حتى تنزل سمرقند، ثم قل لمن معك: من أحبّ المقام فله المواساة، ومن أراد الانصراف فغير مستكره ولا متبوع بسوء، فإنّه لا يقيم معك إلّا ناصح. »
وقال أخوه عبد الله:
« اخلعه مكانك، وادع الناس إلى خلعه، فليس يختلف عليك رجلان. » فأخذ برأى عبد الله فخلع سليمان ودعا الناس إلى خلعه، وخطب:
« أيها الناس، إني قد جمعتكم من عين التمر وفيض البحر، فضممت الأخ إلى أخيه والولد إلى أبيه، وقسمت بينكم فيئكم، وأجريت عليكم أعطياتكم غير مكدّرة ولا مؤخّرة، وقد جرّبتم الولاة [ قبلي، ] أتاكم أميّة، فكتب إلى أمير المؤمنين أنّ خراج خراسان لا يقيم مطبخى، ثم جاءكم أبو سعيد، فدوّم ثلاث سنين ولا تدرون: أفي طاعة أنتم أم في معصية، لم يجب فيئا، ولا نكا عدوّا. ثم جاءكم بنوه بعده. فحل تنازى إليه النساء، وإنّما خليفتكم يزيد بن ثروان هبنّقة القيسي، فلم يجبه أحد.. » فغضب وقال:
«.. لا أعزّ الله من نصرتم، والله لو اجتمعتم على غير ما كسرتم قرنه يا أهل السافلة - ولا أقول العالية - يا أوباش الصدقة، جمعتكم كما تجمع إبل الصدقة من كلّ أوب، يا معشر بكر بن وائل، يا أهل النفح والكذب والبخل! بأيّ يوميكم تفخرون: بيوم حربكم، أم يوم سلمكم؟ يا أصحاب مسيلمة، يا بنى ذميم - ولا أقول: تميم - يا أهل الخور والقصف والغدر، كنتم تسمّون الغدر في الجاهليّة كيسا، يا معشر عبد القيس القساة، تبدّلتم من أبر النخل أعنّة الخيل، يا معشر الأزد تبدّلتم من [ قلوس ] السفن أعنّة الحصن. الأعراب، وما الأعراب! يا كناسة المصرين، جمعتكم من منابت الشيخ والقيصوم ومنابت الفلفل، تركبون البقر والحمر في جزيرة بنى كاوان، حتى إذا جمعتكم كما يجمع قزع الخريف، قلتم كيت وكيت. أما والله، لأعصبنّكم عصب السلمة. يا أهل خراسان! هل تدرون من واليكم؟ يزيد بن ثروان. كأنّى بأمير قد جاءكم، من جاء وحكم فغلبكم على فيئكم وظلالكم. إنّ هاهنا نارا ارموها أرم معكم، ارموا غرضكم الأقصى. قد استخلف عليكم أبو نافع ذو الودعات. الشام أب مبرور، والعراق أب مكفور، حتى متى ينتطح أهل الشام بأفنيتكم وظلال دياركم. يا أهل خراسان! انسبوني تجدوني عراقيّ الأب، عراقيّ الأمّ، عراقيّ المولد، عراقيّ الهوى والرأي والدين، وقد أصبحتم اليوم في ما ترون من الأمن والعافية وقد فتح الله لكم البلاد، وآمن سبلكم، فالظعينة تخرج من مرو إلى بلخ بغير جواز، فاحمدوا الله على النعمة، وسلوه المزيد. » ثم نزل.
فأتاه أهل بيته، فقالوا:
« ما رأينا كاليوم قطّ، والله، ما اقتصرت على العالية وهم شعارك ودثارك، حتى تناولت بكرا وهم أعضادك وأنصارك، ثم لم ترض بذلك حتى تناولت تميما وهم إخوتك، ثم لم ترض حتى تناولت الأزد وهم يدك. » فقال:
« ويحكم! إني لمّا تكلّمت فلم يجيبوا غضبت، فلم أدر ما قلت. أما أهل العالية فكإبل الصدقة وقد جمعت من كلّ أوب، وأمّا بكر فإنّها أمة لا تمنع يد لامس، وأمّا تميم فجمل أجرب، وأمّا عبد القيس فما تضرب العير بذنبه، وأمّا الأزد فأعلاج أشرار لو وسمتهم لما أثمت. » فغضب الناس من شتم قتيبة، فأجمعوا على خلافه، وكرهوا أيضا خلع سليمان. فكان أوّل من تكلّم في ذلك الأزد. فأتوا حصين بن المنذر، فأبى أن يقبل رئاستهم فأرادوا أن يولّوا عبد الله بن ذودان الجهضمي، فأبى وتدافعوها، فرجعوا إلى حصين وقالوا:
« قد تدافعنا الرئاسة، فنحن نولّيك أمرنا وربيعة تخالفك. » قال:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
« لا ناقة لي في هذا ولا جمل. » قالوا:
« فما ترى؟ » قال:
« إن جعلتم هذه الرئاسة في تميم تمّ أمركم. » قالوا:
« فمن ترى من تميم؟ » قال:
« ما أرى أحدا غير وكيع. » فقال حيّان النبطيّ وكان حاضرا:
« إنّ أحدا لا يتقلّد هذا الأمر ثم يصلى بحرّه ويبذل دمه ويتعرّض للقتل، فإن قدم أمير أخذه بما جنى وكان المهنأ لغيره إلّا هذا الأعرابى - يعنى وكيعا - فإنّه مقدام لا يبالى ما ركب ولا ينظر في عاقبة، وله عشيرة كثيرة تطيعه، وهو موتور يطلب قتيبة برئاسته التي صرفها عنه وصيّرها لضرار بن حصين بن زيد الفوارس الضبيّ. » فمشى الناس بعضهم إلى بعض سرّا، وقيل لقتيبة:
« ليس يفسر أمر الناس إلّا حيّان. » فأراد أن يغتاله. وكان حيّان كثير الملاطفة لحشم الولاة، فلا يخفون عنه شيئا.
فدعا قتيبة رجلا وأمره بقتل حيّان وسمعه بعض الخدم. فأتى حيّان فأخبره.
فأرسل إليه يدعوه، فحذر وتمارض. وأتى الناس وكيعا فسألوه أن يقوم بأمرهم، فقال:
« نعم. » وتمثّل:
سأجنى ما جنيت وإنّ أمري ** لمعتمد على نضد ركين
وبخراسان يومئذ من المقاتلة من جميع القبائل نحو من خمسين ألفا ومن الموالي سبعة آلاف، وكان الذي يلي أمر الموالي حيّان. ويقال: إنه ديلميّ، وقيل:
بل هو من خراسان، وإنّما قيل له نبطيّ للكنته.
فأرسل حيّان إلى وكيع:
« أرأيت إن كففت عنك وأعنتك، أتجعل لي جانب نهر بلخ خراجه ما دمت واليا؟ » قال:
« نعم. » فقال للعجم:
« هؤلاء يقاتلون على غير دين، فدعوهم يقتل بعضهم بعضا. » قالوا:
« نعم. »
فبايعوا وكيعا سرّا. فأتى ضرار بن حصين قتيبة، فقال له:
« إنّ الناس يختلفون إلى وكيع ويبايعونه. » فكان وكيع يأتى منزل عبد الله بن مسلم الفقير أخي قتيبة فيشرب عنده، فقال عبد الله:
« هذا يحسد وكيعا والحديث باطل. وكيع في بيتي يشرب ويسكر ويسلح في ثيابه وهذا يزعم أنّهم يبايعونه. » وجاء وكيع إلى قتيبة، فقال:
« احذر ضرارا، فإني لا آمنه عليك. » فأنزل قتيبة ذاك على الحسد الذي بينهما. وتمارض وكيع، فدسّ قتيبة ضرار بن سنان الضبي إلى وكيع، فبايعه سرّا، فتبيّن لقتيبة أمره، فدعا ضرارا وقال له:
« كنت صدقتني. » قال:
« لم أخبرك إلّا بعلم، فأنزلت ذلك مني على الحسد. » قال:
« صدقت. » فأرسل قتيبة إلى وكيع يدعوه. فوجده الرسول قد طلى على رجليه مغرة وعلّق عليها خرزا وعنده من يرقيه. فقال له:
« أجب الأمير. » قال:
« قد ترى ما برجلي. » فرجع الرسول إلى قتيبة، فأعاده إليه وقال:
« ايتنى به محمولا على سرير. » قال:
« لا أستطيع. » فقال قتيبة لشريك بن الصامت، وكان على شرطته، ولرجل آخر من غنيّ:
« انطلقا إلى وكيع فأتيا به، فإن أبي فاضربا عنقه. » ووجّه معهما خيلا فقال هريم بن طخفة:
« أنا آتيك به أصلحك الله. » قال:
« فانطلق. » قال هريم: فركبت برذوني وركضت مخافة أن يردّنى، فأتيت وكيعا وقد سبق إليه الخبر والخيل يأتيه.
فخرج وخرج معه هريم وهو على يمينه. ونادى وكيع في الناس، فأقبلوا أرسالا من كلّ وجه، وأقبل في الناس وهو يقول:
قرم إذا حمّل مكروهة ** شدّ الشراسيف لها والحزيم
وأمر قتيبة رجلا فقال:
« ناد في الناس: أين بنو عامر؟ » فنادى:
« أين بنو عامر؟ » فقال له مجفر بن جزء الكلابيّ:
« وقد كان جفاؤهم حيث وضعتهم. » قال:
« ناد: أذكّركم الله والرحم. » قال مجفر:
« أنت قطعتها. » قال:
« ناد لكم العتبى. » فناداه مجفر وغيره:
« لا أقالنا الله إذا. » فدعا قتيبة ببرذون له مدرّب كان يلجأ إليه في الزحوف، فقرّب إليه، فجعل يقمص حتى أعياه. فلمّا رأى ذلك عاد إلى سريره وقال:
« دعوه، هذا أمر يراد. » وجاء حيّان النبطي في العجم، فوقف وقتيبة واجد عليه، فوقف معه عبد الله مسلم، وقال لحيّان:
« احمل على أحد هذين الطرفين. » قال:
« لم يأن لي ذلك. » فغضب عبد الله وقال:
« ناولني قوسي. » فقال:
« ليس هذا يوم قوس. » وأرسل وكيل إلى حيّان:
« أين ما وعدتني؟ » فقال حيّان لابنه:
« إذا رأيتنى قد حوّلت قلنسوتي ومضيت، فمل بمن معك من العجم إليّ. » ففعل، ومالت الأعاجم إلى عسكر وكيع، فكبّر أصحابه. وبعث قتيبة أخاه صالحا إلى الناس، فرمى بسهم فأصاب هامته، فحمل إلى قتيبة مائل الرأس، وتهايج الناس، وأقبل عبد الرحمن بن مسلم نحوهم، فرماه أهل السوق والغوغاء فقتلوه، ودنوا من قتيبة، فدعا بدابّة فأتى به، فلم يقرّ ليركبه، فقال:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
« إنّ له لشأنا. » ورجع فجلس، وجاء الناس حتى بلغوا فسطاطه، فخرج عنه من كان حوله فقتل وقتل معه من بنى مسلم أحد عشر رجلا سبعة منهم لصلب مسلم، وأربعة من بنى أبنائهم، فصلبهم وكيع، وهم: قتيبة، وعبد الرحمن وعبيد الله، وعبد الله الفقير، وصالح، ويسار، ومحمد بنو مسلم، وكثير بن قتيبة، ومفلّس بن عبد الرحمن، ورجلان آخران، ولم ينج من صلب مسلم غير عمرو، وكان عامل الجوزجان، وضرار أخوه استنقذ أخواله، وكانت أمّه الغرّاء بنت ضرار بن القعقاع بن معبد بن زرارة. وسقطت على قتيبة يوم قتل جارية له خوارزميّة، فوضعت بعد ليزيد بن المهلّب، فأخذها، فهي أمّ خليدة.
ولمّا قتل قتيبة صعد وكيع المنابر، فعلم منه أنّه يأتى بآبدة وهوجة.
فصعد معه عمارة بن خئيّه، فتكلّم فأكثر، فقال وكيع:
« دعنا من هذرك وقذرك. » وتكلّم وكيع فقال:
« مثلي ومثل قتيبة، ما قال الأوّل:
من ينك العير ينك نيّاكا
من أيّ يوميك من الموت تفرّ ** أيوم لم يقدر، أم يوم قدر
«.. أراد قتيبة أن يقتلني وأنا قتّال، والله لأقتلنّ ثم لأقتلنّ، ثم لأصلبنّ. إني لوالغ دماء، إلّا أنّ مرزبانكم هذا ابن الزانية قد أغلى أسعاركم، والله ليصيرنّ القفيز في السوق غدا بأربعة، أو لأصلبنّه. صلّوا على نبيكم . » ثم نزل.
وطلب وكيع رأس قتيبة وخاتمه، فقيل له:
« إنّ الأزد أخذته. » فخرج وكيع وهو يقول:
« دهدرّين سعد القين! والله الذي لا إله غيره لا أبرح حتى أوتى بالرأس، أو يذهب برأسى معه. » ودعا بخشب، فقال:
« إنّ هذه الخيل لا بدّ لها من فرسان يتهدّد بالصلب. » فقال له حصين:
« يا أبا مطرّف، توتى به فاسكن. » وذهب حصين إلى الأزد، وهو سيّدهم، فقال:
« أحمقى أنتم؟ بايعناه وأعطيناه المقادة وعرّض نفسه، ثم تأخذون الرأس! أخرجوه، لعنه الله من رأس! »
فجاؤوه به، فوهب لمن جاء به ثلاثة آلاف درهم. وبعث بالرأس مع رجال من القبائل وعليهم سليط، ولم يبعث من بنى تميم أحدا.
ووفّى لحيّان النبطي بما كان وعده به.
فقال رجل من عجم خراسان:
« يا معشر العرب! قتلتم قتيبة، والله لو كان منّا ثم مات فينا لجعلناه شهيدا وحفظنا تابوته إلى الحشر نستفتح به إذا غزونا. » وقال الإصبهبذ يوما لرجل:
« يا معشر العرب! قتلتم قتيبة ويزيد وهما سيّد العرب. » قال:
« نعم، فأيّهما كان أهيب في صدوركم وأعظم قدرا عندكم؟ » فقال له الإصبهبذ:
« لو كان قتيبة بالمغرب بأقصى جحر به مكبّلا بالحديد ويزيد معنا في بلادنا وال علينا، لكان قتيبة أهيب في صدورنا وأعظم من يزيد. » ورثى الشعراء قتيبة، فأكثروا.
وولّى سليمان يزيد بن المهلّب العراق مكان الحجّاج حربها وخراجها وصلاتها
.
ذكر رأي رءاه يزيد لنفسه عاد مكروها عليه
فكرّ يزيد في نفسه فقال:
« إنّ العراق قد أخربها الحجّاج، وأنا اليوم رجاء أهل العراق، ومتى قدمتها وأخذت الناس بالخراج وعذّبتهم عليه صرت مثل الحجّاج وأعيد عليهم مثل تلك السجون التي قد عافاهم الله منه أو متى لم آت سليمان بمثل ما جاء به الحجّاج لم يقبل مني. » فأتى يزيد سليمان وقال له:
« أدلّك على رجل بصير بالخراج تولّيه إيّاه فتكون أنت الذي تأخذه به؟ » قال:
« نعم. » قال صالح بن عبد الرحمن: قال:
« قد قبلنا رأيك. » وولّاه. فأقبل يزيد إلى العراق وتقدّم صالح فنزل واسطا. فلمّا قدم يزيد خرج الناس يتلقّونه. وقيل لصالح:
« هذا يزيد وقد خرج الناس يتلقّونه. » فلم يخرج حتى قرب يزيد من المدينة، فخرج صالح عليه درّاعة وبين يديه أربعمائة من أهل الشام، فلقى يزيد فسايره، فلمّا دخل المدينة، قال له صالح:
« قد فرّغت لك هذه الدار. » وأشار إلى دار. فنزلها يزيد واحتمل ذلك، ثم ضيّق صالح على يزيد فلم يملكه شيئا.
واتخذ يزيد ألف خوان يطعم الناس عليها، فأخذها صالح. فقال له يزيد:
« أكتب عليّ ثمنها. » واشترى متاعا كثيرا وصكّ صكاكا إلى صالح لباعتها فلم ينفذ. فرجعوا إلى يزيد، فغضب وقال:
« هذا عملي بنفسي. » فلم يلبث [ أن جاء ] صالح، فأوسع له يزيد، فجلس وقال ليزيد:
« ما هذه الصكاك التي لا يقوم لها الخراج. قد أنفذت لك منذ أيّام صكا بمائة ألف درهم وعجّلت لك أرزاقك، ثم سألت مالا للجند، فأعطيتك، فهذا لا يقوم له شيء ولا يرضى به أمير المؤمنين وتؤخذ به. » فقال له يزيد:
« يا با الوليد، أجز هذه الصكاك هذه المرّة. » قال:
« فإني أجيزها، فلا تكثرنّ عليّ. » قال:
« لا. » وضجر يزيد بصالح، فكان لا يصل معه إلى شيء. فدعا عبد الله بن الأهتم، فقال له:
« إني أريدك لأمر قد أهمّنى فأحبّ أن تكفينيه ولك مائة ألف. » قال:
« مرني بما شئت. » قال:
« أنا في ما ترى من الضيق، قد أضجرنى ذلك، وبلغني أنّ أمير المؤمنين ذكر خراسان لعبد الملك أخي، فاخرج واحتل حتى يسمّيها لي. » قال:
« أفعل، سرّحنى إلى أمير المؤمنين في بعض الأمور فإني أرجو أن آتيك بعهدك عليها. »
ما احتال به الأهتم حتى قلد يزيد خراسان
فكتب معه يزيد كتابين إلى سليمان وذكر في أحدهما أمر العراق وأثنى فيه على ابن الأهتم وعلمه بها. ثم وجّهه على البريد وأعطاه ثلاثين ألفا، فسار سبعا.
ثم قدم على سليمان فباسطه سليمان وحادثه وقال له:
« إنّ يزيد بن المهلّب كتب إليّ يذكّر علمك بالعراق وبخراسان، فكيف علمك بها؟ » قال:
« يا أمير المؤمنين، بها ولدت وبها نشأت، فلي بها خبر وعلم. » قال:
« ما أحوج أمير المؤمنين إلى مثلك، فأخبرني عن خراسان. » قال:
« أمير المؤمنين أعلم بمن يريد أن يولّى، فإن ذكر أحدا أخبرته برأى فيه: هل يصلح أم لا. » فسمّى سليمان رجلا من قريش. فقال:
« يا أمير المؤمنين، ليس من رجال خراسان. » قال:
« فعبد الملك بن المهلّب. » قال:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)