صفحة 19 من 27 الأولىالأولى ... 91718192021 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 73 إلى 76 من 108

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)

العرض المتطور

عاشق الوطنية تاريخ الرسل والملوك(الجزء... 08-05-2010, 07:23 PM
عاشق الوطنية تكتيب الكتائب وتعبئة الناس... 08-05-2010, 07:24 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: حدثني عبد... 08-05-2010, 07:28 PM
عاشق الوطنية وحمل عليهم حتى كشفهم، فألحقهم... 08-05-2010, 07:29 PM
عاشق الوطنية ثم حمل عبد الله بن الطفيل... 08-05-2010, 07:29 PM
عاشق الوطنية هشام، عن أبي مخنف، قال: حدثني... 08-05-2010, 07:32 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف؛ عن عبد الرحمن... 08-05-2010, 07:32 PM
عاشق الوطنية قال ابن شهاب: فقام معاوية... 08-05-2010, 07:33 PM
عاشق الوطنية ذكر الخبر عن ذلك ذكر علي بن... 08-05-2010, 07:33 PM
عاشق الوطنية عمرو: خبرني ما رأيك؟ قال:... 08-05-2010, 07:34 PM
عاشق الوطنية إلا إن هذين الرجلين اللذين... 08-05-2010, 07:34 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: حدثني يوسف بن... 08-05-2010, 07:35 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: حدثني عمران بن... 08-05-2010, 07:36 PM
عاشق الوطنية قال: فخرج الأشتر من عند علي... 08-05-2010, 07:36 PM
عاشق الوطنية أما بعد، فقد جاءني كتابك تذكر... 08-05-2010, 07:37 PM
عاشق الوطنية قال هشام، عن أبي مخنف: قال:... 08-05-2010, 07:38 PM
عاشق الوطنية ينادي الخناق وخمانها ** وقد... 08-05-2010, 07:43 PM
عاشق الوطنية قال: ثم خرجنا حتى أتينا نفر،... 08-05-2010, 07:43 PM
عاشق الوطنية قال: فقدمت عليه بهذا الكتاب،... 08-05-2010, 07:44 PM
عاشق الوطنية قال: وكتب معقل بن قيس إلى... 08-05-2010, 07:48 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة تسع وثلاثين ... 08-05-2010, 07:49 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة أربعين ذكر ما... 08-05-2010, 07:50 PM
عاشق الوطنية لئن كان حجار بن أبجر مسلمًا... 08-05-2010, 07:50 PM
عاشق الوطنية ذكر الخبر عن قدر مدة خلافته ... 08-05-2010, 07:51 PM
عاشق الوطنية قال زياد بن عبد الله، عن... 08-05-2010, 07:51 PM
عاشق الوطنية ذكر خبرهم حدثت عن زياد، عن... 08-05-2010, 07:56 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين ... 08-05-2010, 07:59 PM
عاشق الوطنية فقال: يا أمير المؤمنين، إن... 08-05-2010, 08:01 PM
عاشق الوطنية فبلغ الخبر المغيرة بن شعبة أن... 08-05-2010, 08:03 PM
عاشق الوطنية مقتل عمار بن ياسر قال أبو... 08-05-2010, 07:31 PM
عاشق الوطنية فقال معقل بن قيس: سندعوهم... 08-05-2010, 08:04 PM
عاشق الوطنية قال: فاستجمع من أهل القوة... 08-05-2010, 08:06 PM
عاشق الوطنية ذكر ولاية عبد الله بن خازم... 08-05-2010, 08:08 PM
عاشق الوطنية قال: فرجعت إلى صاحبي فأخبرته... 08-05-2010, 08:08 PM
عاشق الوطنية بمثلي فافزعي يا أم عمرٍو **... 08-05-2010, 08:12 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة خمسين ذكر ما... 08-05-2010, 08:18 PM
عاشق الوطنية وذكر محمد بن عمر، أنه حدثه... 08-05-2010, 08:19 PM
عاشق الوطنية قال ابن سعد: قال أبو عبيدة:... 08-05-2010, 08:19 PM
عاشق الوطنية قال هشام بن محمد؛ عن أبي... 08-05-2010, 08:21 PM
عاشق الوطنية قال هشام، عن أبي مخنف، قال:... 08-05-2010, 08:22 PM
عاشق الوطنية قال هشام بن عروة: حدثني... 08-05-2010, 08:22 PM
عاشق الوطنية فأقبل يزيد بن حجية حتى مر بهم... 08-05-2010, 08:23 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: وحدثني عبد... 08-05-2010, 08:24 PM
عاشق الوطنية لحا الله قتل الحضرميين وائلا... 08-05-2010, 08:25 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ... 08-05-2010, 08:25 PM
عاشق الوطنية ذكر سبب ولاية ذلك حدثني... 08-05-2010, 08:26 PM
عاشق الوطنية قال عمر: حدثني علي بن محمد،... 08-05-2010, 08:26 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة سبع وخمسين ... 08-05-2010, 08:27 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة تسع وخمسين ... 08-05-2010, 08:28 PM
عاشق الوطنية الأبيات! لا تعودن إلى مثلها،... 08-05-2010, 08:28 PM
عاشق الوطنية إذا مت مات الجود وانقطع الندى... 08-05-2010, 08:29 PM
عاشق الوطنية حدثني عبد الله، قال: حدثني... 08-05-2010, 08:29 PM
عاشق الوطنية وأما ابن الزبير، فقال: الآن... 08-05-2010, 08:30 PM
عاشق الوطنية ذكر الخبر عن مراسلة الكوفيين... 08-05-2010, 08:30 PM
عاشق الوطنية وتلاقت الرسل كلها عنده، فقرأ... 08-05-2010, 08:31 PM
عاشق الوطنية أما بعد، فوالله ما تقرن بي... 08-05-2010, 08:32 PM
عاشق الوطنية اسقنيها وإن كانت فيها نفسي،... 08-05-2010, 08:33 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: فحدثني المجالد... 08-05-2010, 08:33 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: فحدثني قدامة بن... 08-05-2010, 08:34 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: عن أبي جناب... 08-05-2010, 08:35 PM
عاشق الوطنية قال: ثم إن الحسين أقبل حتى مر... 08-05-2010, 08:37 PM
عاشق الوطنية فقال له أبو برزة: ارفع قضيبك،... 08-05-2010, 08:38 PM
عاشق الوطنية وكان مسلم ابن عقيل قد كان كتب... 08-05-2010, 08:38 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة إحدى وستين ... 08-05-2010, 08:39 PM
عاشق الوطنية قال: فلما انتهوا إلى الحسين... 08-05-2010, 08:40 PM
عاشق الوطنية قال: فبعث عمر بن سعد إلى... 08-05-2010, 08:40 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: عن الحارث بن... 08-05-2010, 08:41 PM
عاشق الوطنية قال: وقال زهير بن القين:... 08-05-2010, 08:42 PM
عاشق الوطنية يسمع جل الناس: أيها الناس؛... 08-05-2010, 08:42 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: حدثني أبو جناب،... 08-05-2010, 08:43 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: عن ثابت بن... 08-05-2010, 08:43 PM
عاشق الوطنية أقسم لو كنا لكم أعدادا ** أو... 08-05-2010, 08:44 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: حدثني عبد الله... 08-05-2010, 08:45 PM
عاشق الوطنية قال: وزعموا أن العباس بن علي... 08-05-2010, 08:46 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف، عن جعفر بن محمد... 08-05-2010, 08:46 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: وأما سليمان بن... 08-05-2010, 08:47 PM
عاشق الوطنية قال هشام: وأما عوانة بن الحكم... 08-05-2010, 08:47 PM
عاشق الوطنية ذكر أسماء من قتل من بني هاشم... 08-05-2010, 08:48 PM
عاشق الوطنية ذكر سبب توليته إياه حدثني... 08-05-2010, 08:49 PM
عاشق الوطنية قال: فلما بلغته الرسل الرسالة... 08-05-2010, 08:50 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة ثلاث وستين ... 08-05-2010, 08:51 PM
عاشق الوطنية ولما مضت الأيام الثلاثة قال:... 08-05-2010, 08:52 PM
عاشق الوطنية قال هشام، عن أبي مخنف: وخرج... 08-05-2010, 08:52 PM
عاشق الوطنية كيف ترى صنيع أم فروه **... 08-05-2010, 08:53 PM
عاشق الوطنية ذكر الخبر عما كان من أمر عبيد... 08-05-2010, 08:54 PM
عاشق الوطنية قال يونس: وكان في بيت مال... 08-05-2010, 08:54 PM
عاشق الوطنية قال: فحضر الناس، وحضرت معهم... 08-05-2010, 08:55 PM
عاشق الوطنية فحدثني زهير، قال: حدثنا أبو... 08-05-2010, 08:55 PM
عاشق الوطنية ذكر الخبر عن عزلهم عمرو بن... 08-05-2010, 08:56 PM
عاشق الوطنية حدثني عمر، قال: حدثني زهير بن... 08-05-2010, 08:57 PM
عاشق الوطنية وقد حدثت عن ابن سعد، عن محمد... 08-05-2010, 08:57 PM
عاشق الوطنية قال: ويقال: إنه لما قدم عبيد... 08-05-2010, 08:58 PM
عاشق الوطنية قال: وحدثنا أبو السري... 08-05-2010, 08:59 PM
عاشق الوطنية ثم إن هؤلاء النفر الخمسة... 08-05-2010, 09:00 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف لوط بن يحيى، عن... 08-05-2010, 09:01 PM
عاشق الوطنية يا عبيدة بن هلال، صف لهذا... 08-05-2010, 09:02 PM
عاشق الوطنية فأقبل به زائدة حتى دفعه، فدعا... 08-05-2010, 09:02 PM
عاشق الوطنية قال: فخرج المختار، وخرجت معه،... 08-05-2010, 09:03 PM
عاشق الوطنية ثم دخلت سنة خمس وستين ذكر... 08-05-2010, 09:08 PM
عاشق الوطنية قال أبو مخنف: عن سعد بن مجاهد... 08-05-2010, 09:08 PM
عاشق الوطنية قال هشام: قال أبو مخنف، عن... 08-05-2010, 09:09 PM
عاشق الوطنية قال: فحمل علينا ربيعة بن... 08-05-2010, 09:09 PM
عاشق الوطنية ألم خيالٌ منك يا أم غالب **... 08-05-2010, 09:10 PM
عاشق الوطنية ذكر خبر حدوث الطاعون الجارف ... 08-05-2010, 09:11 PM
عاشق الوطنية وخرجت الخوارج على ميمنتهم... 08-05-2010, 09:11 PM
عاشق الوطنية ذكر خبر بناء عبد الله بن... 08-05-2010, 09:12 PM
عاشق الوطنية حدثني عمر قال: حدثنا علي قال:... 08-05-2010, 08:17 PM
عاشق الوطنية يؤم بها الموماة من لا يرى له... 08-05-2010, 08:21 PM

  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    قال أبو مخنف: حدثني عبد الله بن عاصم، عن الضحاك بن عبد الله المشرقي، قال: لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير ابن عمرو الحضرمي، قلت له: يابن رسول الله، قد علمت ما كان بيني وبينك؛ قلت لك: أقاتل عنك ما رأيت مقاتلًا، فإذا لم أر مقاتلًا فأنا في حل من الانصراف؛ فقلت لي: نعم؛ قال: فقال: صدقت، وكيف لك بالنجاء! إن قدرت على ذلك فأنت في حل؛ قال: فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر، أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطًا لأصحابنا بين البيوت، وأقبلت أقاتل معهم راجلًا، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين، وقطعت يد آخر، وقال لي الحسين يومئذ مرارًا: لا تشلل، لا يقطع الله يدك، جزاك الله خيرًا عن أهل بيت نبيك ! فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط، ثم استويت على متنها، ثم ضربتها حتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم، فأفرجوا لي، واتبعني منهم خمسة عشر رجلًا حتى انتهيت إلى شفية؛ قرية قريبة من شاطىء الفرات، فلما لحقوني عطفت عليهم، فعرفني كثير بن عبد الله الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي، فقالوا: هذا الضحاك بن عبد الله المشرقي، هذا ابن عمنا، ننشدكم الله لما كففتم عنه! فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم: بلى والله لنجيبن إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبوا من الكف عن صاحبهم؛ قال: فلما تابع التميميون أصحابي كف الآخرون؛ قال: فنجاني الله.
    قال أبو مخنف: حدثني فضيل بن خديج الكندي أن يزيد بن زياد؛ وهو أبو الشعثاء الكندي من بني بهدلة جثا على ركبتيه بين يدي الحسين، فرمى بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم، وكان راميًا، فكان كلما رمى قال: أنا ابن بهدله، فرسان العرجله؛ ويقول حسين: اللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة؛ فلما رمى بها قام فقال: ما سقط منها إلا خمسة أسهم، ولقد تبين لي أني قد قتلت خمسة نفر، وكان في أول من قتل، وكان رجزه يومئذ:
    أنا يزيد وأبي مهاصر ** أشجع من ليثٍ بغيلٍ خادر
    يا رب إني للحسين ناصر ** ولابن سعدٍ تاركٌ وهاجر
    وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين، فلما ردوا الشروط على الحسين مال إليه فقاتل معه حتى قتل، فأما الصيداوي عمر بن خالد، وجابر بن الحارث السلماني، وسعد مولى عمر بن خالد، ومجمع بن عبد الله العائذي، فإنهم قاتلوا في أول القتال، فشدوا مقدمين بأسيافهم على الناس، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم، وقطعوهم من أصحابهم غير بعيد، فحمل عليهم العباس بن علي فاستنقذهم، فجاءوا قد جرحوا، فلما دنا منهم عدوهم شدوا بأسيافهم فقاتلوا في أول الأمر حتى قتلوا في مكان واحد.
    قال أبو مخنف: حدثني زهير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي، قال: كان آخر من بقي مع الحسين من أصحابه سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي، قال: وكان أول قتيل من بني أبي طالب يومئذ عليٌّ الأكبر بن الحسين بن علي، وأمه ليلى ابنة أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وذلك أنه أخذ يشد على الناس وهو يقول:
    أنا علي بن حسين بن علي ** نحن ورب البيت أولى بالنبي
    تالله لا يحكم فينا ابن الدعي
    قال: ففعل ذلك مرارًا، فبصر به مرة بن منقذ بن النعمان العبدي ثم الليثي، فقال: علي أثام العرب إن مر بي يفعل مثل ما كان يفعل إن لم أثكله أباه؛ فمر يشد على الناس بسيفه، فاعترضه مرة بن منقذ، فطعنه فصرع، واحتوله الناس فقطعوه بأسيافهم.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال: سماع أذني يومئذ من الحسين يقول: قتل الله قومًا قتلوك يا بني! ما أجرأهم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفاء. قال: وكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعةً كأنها الشمس الطالعة تنادي: يا أخياه! ويابن أخياه! قال: فسألت عليها، فقيل: هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول الله ، فجاءت حتى أكبت عليه، فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردها إلى الفسطاط، وأقبل الحسين إلى ابنه، وأقبل فتيانه إليه، فقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه. قال: ثم إن عمرو بن صبيح الصدائي رمى عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفه على جبهته، فأخذ لا يستطيع أن يحرك كفيه، ثم انتحى له بسهم آخر ففلق قلبه، فاعتورهم الناس من كل جانب، فحمل عبد الله بن قطبة الطائي ثم النبهاني على عون بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب فقتله، وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله؛ قال: وشد عثمان بن خالد ابن أسير الجهني، وبشر بن سوط الهمداني ثم القابضي على عبد الرحمن ابن عقيل بن أبي طالب فقتلاه، ورمى عبد الله بن عزرة الخثعمي جعفر ابن عقيل بن أبي طالب فقتله.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: خرج إلينا غلام كأن وجهه شقة قمر، في يده السيف، عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما، ما أنسى أنها اليسرى، فقال لي عمرو ابن سعد بن نفيل الأزدي: والله لأشدن عليه؛ فشد عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عماه! قال: فجلى الحسين كما يجلي الصقر، ثم شد شدة ليث غضب، فضرب عمرًا بالسيف، فاتقاه بالساعد، فأطنها من لدن المرفق، فصاح، ثم تنحى عنه، وحملت خيلٌ لأهل الكوفة ليستنقذوا عمرًا من حسين، فاستقبلت عمرًا بصدورها، فحركت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه، فوطئته حتى مات، وانجلت الغبرة، فإذا أنا بالحسين قائمٌ على رأس الغلام، والغلام يفحص برجليه؛ وحسين يقول: بعدًا لقوم قتلوك؛ ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك! ثم قال: عز الله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك! صوتٌ والله كثر واتره، وقل ناصره. ثم احتمله فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان في الأرض، وقد وضع حسين صدره على صدره؛ قال: فقلت في نفسي: ما يصنع به! فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته، فسألت عن الغلام، فقيل: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قال: ومكث الحسين طويلًا من النهار كلما انتهى إليه رجل من الناس انصرف عنه، وكره أن يتولى قتله وعظيم إثمه عليه؛ قال: وإن رجلًا من كندة يقالله مالك بن النسير من بني بداء، أتاه فضربه على رأسه بالسيف، وعليه برنس له، فقطع البرنس، وأصاب السيف رأسه، فأدمى رأسه، فامتلأ البرنس دمًا، فقال له الحسين: لا أكلت بها ولا شربت، وحشرك الله مع الظالمين! قال: فألقى ذلك البرنس، ثم دعا بقلنسوة فلبسها، واعتم، وقد أعيا وبلد، وجاء الكندي حتى أخذ البرنس - وكان من خز - فلما قدم به بعد ذلك على امرأته أم عبد الله ابنة الحر أخت حسين بن الحر البدي، أقبل يغسل البرنس من الدم، فقالت له امرأته: أسلب ابن بنت رسول الله تدخل بيتي! أخرجه عني؛ فذكر أصحابه أنه لم يزل فقيرًا بشر حتى مات. قال: ولما قعد الحسين أتى بصبي له فأجلسه في حجره زعموا أنه عبد الله بن الحسين.
    قال أبو مخنف: قال عقبة بن بشير الأسدي: قال لي أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين: إن لنا فيكم يا بني أسد دمًا؛ قال: قلت: فما ذنبي أنا في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر! وما ذلك؟ قال: أتى الحسين بصبي له، فهو في حجره، إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهمٍ فذبحه، فتلقى الحسين دمه، فلما ملأ كفيه صبه في الأرض ثم قال: رب إن تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين؛ قال: ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بن علي بسهم فقتله، فلذلك يقول الشاعر؛ وهو ابن أبي عقب:
    وعند غنيٍّ قطرةٌ من دمائنا ** وفي أسدٍ أخرى تعد وتذكر
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    قال: وزعموا أن العباس بن علي قال لإخوته من أمه: عبد الله، وجعفر وعثمان: يا بني أمي، تقدموا حتى أرثكم، فإنه لا ولد لكم، ففعلوا، فقتلوا. وشد هانىء بن ثبيت الحضرمي على عبد الله بن علي بن أبي طالب فقتله، ثم شد على جعفر بن علي فقتله وجاء برأسه، ورمى خولي بن يزيد الأصبحي عثمان بن علي بن أبي طالب بسهم، ثم شد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله، وجاء برأسه، ورمى رجلٌ من بني أبان بن دارم محمد بن علي بن أبي طالب فقتله وجاء برأسه.
    قال هشام: حدثني أبو الهذيل - رجلٌ من السكون - عن هانىء بن ثبيت الحضرمي، قال: رأيته جالسًا في مجلس الحضرميين في زمان خالد بن عبد الله وهو شيخ كبير؛ قال: فسمعته وهو يقول: كنت ممن شهد قتل الحسين، قال: فوالله إني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل إلا على فرس، وقد جالت الخيل وتصعصعت، إذ خرج غلامٌ من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الأبنية، عليه إزار وقميص، وهو مذعور، يتلفت يمينًا وشمالًا، فكأني أنظر إلى درتين في أذنيه تذبذبان كلما التفت، إذ أقبل رجل يركض، حتى إذا دنا منه مال عن فرسه، ثم اقتصد الغلام فقطعه بالسيف.
    قال هشام: حدثني عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: عطش الحسين حتى اشتد عليه العطش، فدنا ليشرب من الماء، فرماه حصين بن تميم بسهم، فوقع في فمه، فجعل يتلقى الدم من فمه، ويرمي به إلى السماء، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم جمع يديه فقال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تذر على الأرض منهم أحدًا.
    قال هشام، عن أبيه محمد بن السائب، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة، قال: حدثني من شهد الحسين في عسكره أن حسينًا حين غلب على عسكره ركب المسناة يريد الفرات، قال: فقال رجل من بني أبان بن دارم: ويلكم! حولوا بينه وبين الماء لا تتام إليه شيعته؛ قال: وضرب فرسه، وأتبعه الناس حتى حالوا بينه وبين الفرات، فقال الحسين: اللهم أظمه، قال: وينتزع الأباني بسهم، فأثبته في حنك الحسين، قال: فانتزع الحسين السهم، ثم بسط كفيه فامتلأت دمًا، ثم قال الحسين: اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك؛ قال: فوالله إن مكث الرجل إلا يسيرًا حتى صب الله عليه الظمأ فجعل لا يروى.
    قال القاسم بن الأصبغ: لقد رأيتني فيمن يروح عنه والماء يبرد له فيه السكر وعساس فيها اللبن، وقلال فيها الماء، وإنه ليقول: ويلكم! اسقوني قتلني الظمأ، فيعطى القلة أو العس كان مرويًا أهل البيت فيشربه، فإذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهة ثم يقول: ويلكم! اسقوني قتلني الظمأ؛ قال: فوالله ما لبث إلا يسيرًا حتى انقد بطنه انقداد بطن البعير.
    قال أبو مخنف في حديثه: ثم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في نفرٍ نحو من عشرة من رجالة أهل الكوفة قبل منزل الحسين الذي فيه ثقله وعياله، فمشى نحوه، فحالوا بينه وبين رحله، فقال الحسين: ويلكم! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا في أمر دنياكم أحرارًا ذوي أحساب، امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم؛ فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يابن فاطمة؛ قال: وأقدم عليه بالرجالة، منهم أبو الجنوب - واسمه عبد الرحمن الجعفي - والقثعم بن عمرو بن يزيد الجعفي، وصالح بن وهب اليزني، وسنان بن أنس النخعي، وخولي بن يزيد الأصبحي، فجعل شمر ابن ذي الجوشن يحرضهم، فمر بأبي الجنوب وهو شاكٍ في السلاح فقال له: أقدم عليه؛ قال: وما يمنعك أن تقدم عليه أنت! فقال له شمر: ألي تقول ذا! قال: وأنت لي تقول ذا! فاستبا، فقال له أبو الجنوب - وكان شجاعًا: والله لهممت أن أخضخض السنان في عينك؛ قال: فانصرف عنه شمر وقال: والله لئن قدرت على أن أضرك لأضرنك قال: ثم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجالة نحو الحسين؛ فأخذ الحسين يشد عليهم فينكشفون عنه. ثم إنهم أحاطوا به إحاطةً، وأقبل إلى الحسين غلام من أهله، فأخذته أخته زينب ابنة علي لتحبسه، فقال لها الحسين: احبسيه، فأبى الغلام، وجاء يشتد إلى الحسين، فقام إلى جنبه؛ قال: وقد أهوى بحر بن كعب بن عبيد الله - من بني تيم الله بن ثعلبة بن عكابة - إلى الحسين بالسيف، فقال الغلام: يابن الخبيثة، أتقتل عمي! فضربه بالسيف، فاتقاه الغلام بيده فأطنها إلا الجلدة، فإذا يده معلقة، فنادى الغلام: يا أمتاه! فأخذه الحسين فضمه إلى صدره، وقال: يابن أخي؛ اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين؛ برسول الله وعلي بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن علي؛ رضي الله عليهم أجمعين.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: سمعت الحسين يومئذ وهو يقول: اللهم أمسك عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض، اللهم فإن متعتهم إلى حينٍ ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددًا، ولا ترض عنهم الولاة أبدًا، فإنهم دعونا لينصرونا، فعدوا علينا فقتلونا. قال: وضارب الرجالة حتى انكشفوا عنه؛ قال: ولما بقي الحسين في ثلاثة رهط أو أربعة، دعا بسراويل محققة يلمع فيها البصر، يماني محقق، ففزره ونكثه لكيلا يسلبه، فقال له بعض أصحابه: لو لبست تحته تبانًا! قال: ذلك ثوب مذلة، ولا ينبغي لي أن ألبسه؛ قال: فلما قتل أقبل بحر بن كعب فسلبه إياه فتركه مجردًا.
    قال أبو مخنف: فحدثني عمرو بن شعيب، عن محمد بن عبد الرحمن أن يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء، وفي الصيف تيبسان كأنهما عود.
    قال أبو مخنف: عن الحجاج، عن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي، وعتب على عبد الله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين، فقال عبد الله بن عمار: إن لي عند بني هاشم ليدًا، قلنا له: وما يدك عندهم؟ قال: حملت على حسين بالرمح فانتهيت إليه، فوالله لو شئت لطعنته، ثم انصرفت عنه غير بعيد، وقلت: ما أصنع بأن أتولى قتله! يقتله غيري. قال: فشد عليه رجالة ممن عن يمينه وشماله، فحمل على من عن يمينه حتى ابذعروا، وعلى من شماله حتى ابذعروا، وعليه قميص له من خز وهو معتمٌّ؛ قال: فوالله ما رأيت مكسورًا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشًا، ولا أمضى جنانًا ولا أجرأ مقدمًا منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله؛ أن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب؛ قال: فوالله إننه لكذلك إذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته، وكأني أنظر إلى قرطها يجول بين أذنيها وعاتقها وهي تقول: ليت السماء تطابقت على الأرض! وقد دنا عمر بن سعد من حسين؛ فقالت: يا عمر بن سعد، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه! قال: فكأني أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خديه ولحيته؛ قال: وصرف بوجهه عنها.
    قال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن حميد بن مسلم قال: كانت عليه جبة من خز، وكان معتمًا، وكان مخضوبًا بالوسمة، قال: وسمعته يقول قبل أن يقتل، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية، ويفترص العورة، ويشد على الخيل، وهو يقول: أعلى قتلي تحاثون! أما والله لا تقتلون بعدي عبدًا من عباد الله اله أسخط عليكم لقتله مني؛ وايم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله أن لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم، وسفك دماءكم، ثم لا يرضى لكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم. قال: ولقد مكث طويلًا من النهار ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء؛ قال: فنادى شمر في الناس: ويحكم؛ ماذا تنظرون بالرجل! اقتلوه ثكلتكم أمهاتم! قال: فحمل عليه من كل جانب، فضربت كفه اليسرى ضربةً، ضربها زرعة بن شريك التميمي، وضرب على عاتقه، ثم انصرفوا وهو ينوء ويكبو؛ قال: وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع، ثم قال لخولي بن يزيد الأصبحي: احتز رأسه، فأراد أن يفعل، فضعف فأرعد، فقال له سنان بن أنس: فت الله عضديك، وأبان يديك! فنزل إليه فذبحه واحتز رأسه، ثم دفع إلى خولي بن يزيد، وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    قال أبو مخنف، عن جعفر بن محمد بن علي، قال: وجد بالحسين رضي الله عنه حين قتل ثلاثٌ وثلاثون طعنة وأربعٌ وثلاثون ضربة؛ قال: وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحدٌ من الحسين إلا شد عليه مخافة أن يغلب على رأسه، حتى أخذ رأس الحسين فدفعه إلى خولي؛ قال: وسلب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحر بن كعب، وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته - وكانت من خز، وكان يسمى بعد قيس قطيفة - وأخذ نعليه رجل من بني أود يقال له الأسود، وأخذ سيفه رجل من بني نهشل بن دارم، فوقع بعد ذلك إلى أهل حبيب بن بديل؛ قال: ومال الناس على الورس والحلل والإبل وانتهبوها؛ قال: ومال الناس على نساء الحسين وثقله ومتاعه، فأن كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه فيذهب به منها.
    قال أبو مخنف: حدثني زهير بن عبد الرحمن الخثعمي، أن سويد بن عمرو بن أبي المطاع كان صرع فأثخن، فوقع بين القتلى مثخنًا، فسمعهم يقولون: قتل الحسين، فوجد إفاقةً، فإذا معه سكين وقد أخذ سيفه، فقاتلهم بسكينه ساعةً، ثم إنه قتل، قتله عروة بن بطار التغلبي، وزيد بن رقاد الجنبي، وكان آخر قتيل.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال، انتهيت إلى علي بن الحسين بن علي الأصغر وهو منبسط على فراش له، وهو مريض، وإذا شمر بن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون: ألا نقتل هذا؟ قال: فقلت: سبحان الله! أنقتل الصبيان! إنما هو صبي؛ قال: فما زال ذلك دأبي أدفع عنه كل من جاء حتى جاء عمر بن سعد، فقال: ألا لا يدخلن بيت هؤلاء النسوة أحد، ولا يعرضن لهذا الغلام المريض، ومن أخذ من متاعهم شيئًا فليرده عليهم. قال: فوالله ما رد أحد شيئًا؛ قال: فقال علي بن الحسين: جزيت من رجل خيرًا! فوالله لقد دفع الله عني بمقالتك شرًا؛ قال: فقال الناس لسنان بن أنس: قتلت حسين بن علي وابن فاطمة ابنة رسول الله ، قتلت أعظم العرب خطرًا؛ جاء إلى هؤلاء يريد أن يزيلهم عن ملكهم، فأت أمراءك فاطلب ثوابك منهم، لو أعطوك بيوت أموالهم في قتل الحسين كان قليلًا؛ فأقبل على فرسه، وكان شجاعًا شاعارً، وكانت به لوثة، فأقبل حتى وقف على باب فسطاط عمر بن سعد، ثم نادى بأعلى صوته:
    أوقر ركابي فضةً وذهبا ** أنا قتلت الملك المحجبا
    قتلت خير الناس أمًا وأبا ** وخيرهم إذ ينسبون نسبا
    فقال عمر بن سعد: أشهد إنك لمجنون ما صححت قط، أدخلوه علي، فلما أدخل حذفه بالقضيب ثم قال: يا مجنون، أتتكلم بهذا الكلام! أما والله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك؛ قال: وأخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان - وكان مولىً للرباب بنت امرىء القيس الكلبية، وهي أم سكينة بنت الحسين - فقال له: ما أنت؟ قال: أنا عبدٌ مملوك، فخلى سبيله، فلم ينج منهم أحد غيره، إلا أن المرقع بن ثمامة الأسدي كان قد نثر نبله وجثا على ركبتيه، فقاتل، فجاءه نفر من قومه، فقالوا له: أنت آمن، اخرج إلينا، فخرج إليهم، فلما قدم بهم عمر بن سعد على ابن زياد وأخبره خبره سيره إلى الزارة. قال: ثم إن عمر بن سعد نادى في أصحابه: من ينتدب للحسين ويوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة: منهم إسحاق بن حيوة الحضرمي، وهو الذي سلب قميص الحسين - فبرص بعد - وأحبش بن مرثد بن علقمة ابن سلامة الحضرمي، فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضوا ظهره وصدره، فبلغني أن أحبش بن مرثد بعد ذلك بزمان أتاه سهم غرب؛ وهو واقف في قتال ففلق قلبه، فمات؛ قال: فقتل من أصحاب الحسين رضي الله عنه اثنان وسبعون رجلًا، ودفن الحسين وأصحابه أهل الغاضرية من بني أسد بعد ما قتلوا بيوم، وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلًا سوى الجرحى، فصلى عليهم عمر بن سعد ودفنهم؛ قال: وما هو إلا أن قتل الحسين، فسرح برأسه من يومه ذلك مع خولي بن يزيد وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد الله بن زياد، فأقبل به خولي فأراد القصر، فوجد باب القصر مغلقًا، فأتى منزله فوضعه تحت إجانة في منزله، وله امرأتان: امرأة من بني أسد، والأخرى من الحضرميين يقال لها النوار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية.
    قال هشام: فحدثني أبي، عن النوار بنت مالك، قالت: أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت إجانة في الدار، ثم دخل البيت، فأوى إلى فراشه، فقلت له: ما الخبر؟ ما عندك؟ قال: جئتك بغنى الدهر، هذا راس الحسين معك في الدار؛ قالت: فقلت: ويلك - جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله ! لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيتٌ أبدًا؛ قالت: فقمت من فراشي، فخرجت إلى الدار، فدعا الأسدية فأدخلها إليه، وجلست أنظر، قالت: فوالله ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الإجانة، ورأيت طيرًا بيضًا ترفرف حولها. قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد، وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد، ثم أمر حميد بن بكير الأحمري فأذن في الناس بالرحيل إلى الكوفة، وحمل معه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من الصبيان، وعلي بن الحسين مريضٌ.
    قال أبو مخنف: فحدثني أبو زهير العبسي، عن قرة بن قيس التميمي، قال: نظرت إلى تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صحن ولطمن وجوههن. قال: فاعترضتهن على فرس، فما رأيت منظرًا من نسوة قط كان أحسن من منظر رأيته منهن ذلك اليوم، والله لهن أحسن من مها يبرين. قال: فما نسيت من الأشياء لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعًا وهي تقول: يا محمداه، يا محمداه! صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، يا محمداه! وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفي عليها الصبا. قال: فأبكت والله كل عدو وصديق؛ قال: وقطف رءوس الباقين، فسرح باثنين وسبعين رأسًا مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج وعزرة بن قيس، فأقبلوا حتى قدموا بها على عبيد الله بن زياد.
    قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: دعاني عمر بن سعد فسرحني إلى أهله لأبشرهم بفتح الله عليه وبعافيته، فاقبلت حتى أتيت أهله، فأعلمتهم ذلك، ثم أقبلت حتى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس، وأجد الوفد قد قدموا عليه؛ فأدخلهم، وأذن للناس، فدخلت فيمن دخل، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعةً، فلما رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب، قال له: اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبلهما، ثم انفضخ الشيخ يبكي؛ فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك! فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك؛ قال: فنهض فخرج، فلما خرج سمعت الناس يقولون: والله لقد قال زيد بن أرقم قولًا لو سمعه ابن زياد لقتله؛ قال: فقلت: ما قال؟ قالوا؟ مر بنا وهو يقول: ملك عبدٌ عبدًا، فاتخذهم تلدًا؛ أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذل، فبعدًا لمن رضي بالذل! قال: فلما دخل برأس حسين وصبيانه وأخواته ونسائه على عبيد الله بن زياد لبست زينب ابنة فاطمة أرذل ثيابها، وتنكرت، وحفت بها إماؤها، فلما دخلت جلست، فقال عبيد الله بن زياد: من هذه الجالسة؟ فلم تكلمه؛ فقال ذلك ثلاثًا، كل ذلك لا تكلمه، فقال بعض إمائها: هذه زينب ابنة فاطمة؛ قال: فقال لها عبيد الله: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم! فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرًا، لا كما تقول أنت، إنما يتفضح الفاسق، ويكذب الفاجر؛ قال: فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك! قالت: كتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاجون إليه، وتخاصمون عنده؛ قال: فغضب ابن زياد واستشاط؛ قال: فقال له عمرو ابن حريث: أصلح الله الأمير! إنما هي امرأة، وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها! إنها لا تؤاخذ بقول، ولا تلام على خطل، فقال لها ابن زياد: قد أشفى الله نفسي من طاغيتك، والعصاة المردة من أهل بيتك؛ قال: فبكت ثم قالت: لعمري لقد قتلت كهلي، وأبرت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي، فإن يشفك هذا فقد اشتفيت، فقال لها عبيد الله: هذه شجاعة، قد لعمري كان أبوك شاعرًا شجاعًا؛ قالت: ما للمرأة والشجاعة! إن لي عن الشجاعة لشغلا، ولكن نفثي ما أقول.
    قال أبو مخنف، عن المجالد بن سعيد: إن عبيد الله بن زياد لما نظر إلى علي بن الحسين قال لشرطي: انظر هل أدرك ما يدرك الرجال؟ فكشط إزاره عنه، فقال: نعم، قال انطلقوا به فاضربوا عنقه، فقال له علي: إن كان بينك وبين هؤلاء النسوة قرابة فابعث معهن رجلًا يحافظ عليهن، فقال له ابن زياد: تعال أنت، فبعثه معهن.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 37
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 485
    Array

    قال أبو مخنف: وأما سليمان بن أبي راشد، فحدثني عن حميد بن مسلم قال: إني لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه علي بن الحسين فقال له: ما اسمك؟ قال: أنا علي بن الحسين، قال: أو لم يقتل الله علي بن الحسين! فسكت، فقال له ابن زياد: ما لك لا تتكلم! قال: قد كان لي أخ يقال له أيضًا علي، فقتله الناس، قال: إن الله قد قتله، قال: فسكت علي، فقال له: ما لك لا تتكلم! قال: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " " ما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله "، قال: أنت والله منهم، ويحك! انظروا هل أدرك؟ والله إني لأحسبه رجلًا؛ قال: فكشف عنه مري بن معاذ الأحمري، فقال: نعم قد أدرك؛ فقال: اقتله؛ فقال علي بن الحسين: من توكل بهؤلاء النسوة؟ وتعلقت به زينب عمته فقالت: يابن زياد، حسبك منا، أما رويت من دمائنا! وهل أبقيت منا أحدًا! قال: فاعتنقته فقالت: أسألك بالله إن كنت مؤمنًا إن قتلته لما قتلتني معه! قال: وناداه علي فقال: يابن زياد، إن كانت بينك وبينهن قرابة فابعث معهن رجلًا تقيًا يصحبهن بصحبة الإسلام؛ قال: فنظر إليها ساعة، ثم نظر إلى القوم فقال: عجبًا للرحم! والله إني لأظنها ودت لو أني قتلته أني قتلتها معه؛ دعوا الغلام، انطلق مع نسائك.
    قال حميد بن مسلم: لما دخل عبيد الله القصر ودخل الناس، نودي: الصلاة جامعة! فاجتمع الناس في المسجد الأعظم، فصعد المنبر ابن زياد فقال: الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبه، وقتل الكذاب ابن الكذاب، الحسين بن علي وشيعته؛ فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتى وثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي ثم الغامدي، ثم أحد بني والبة - وكان من شيعة علي كرم الله وجهه، وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع علي، فلما كان يوم صفين ضرب على رأسه ضربةً، وأخرى على حاجبه، فذهبت عينه الأخرى، فكان لا يكاد يفارق المسجد الأعظم يصلي فيه إلى الليل ثم ينصرف - قال: فلما سمع مقالة ابن زياد، قال: يابن مرجانة، إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبك والذي ولاك وأبوه؛ يابن مرجانة، أتقتلون أبناء النبيين، وتكلمون بكلام الصديقين! فقال ابن زياد: علي به؛ قال: فوثبت عليه الجلاوزة فأخذوه؛ قال: فنادى بشعار الأزد: يا مبرور - قال: وعبد الرحمن بن مخنف الأزدي جالس - فقال: ويح غيرك! أهلكت نفسك، وأهلكت قومك، قال: وحاضر الكوفة يومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل؛ قال: فوثب إليه فتيةٌ من الأزد فانتزعوه فأتوا به أهله، فأرسل إليه من أتاه به، فقتله وأمر بصلبه في السبخة، فصلب هنالك.
    قال أبو مخنف: ثم إن عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يدار به في الكوفة، ثم دعا زحر بن قيس فسرح معه برأس الحسين ورءوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتى قدموا بها الشأم على يزيد بن معاوية.
    قال هشام: فحدثني عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي، عن أبيه، عن الغاز بن ربيعة الجرشي؛ من حمير، قال: والله إنا لعند يزيد ابن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخل على يزيد بن معاوية، فقال له يزيد: ويلك! ما وراءك؟ وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره، ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته وستين من شيعته، فسرنا إليهم، فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال؛ فاختاروا القتال على الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية، حتى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، يهربون إلى غير وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لواذًا كما لاذ الحمائم من صقر، فوالله يا أمير المؤمنين ما كان إلا جزر جزور أو نومة قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة، وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس، وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم بقي سبسب. قال: فدمعت عين يزيد، وقال: قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية! أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين! ولم يصله بشيء.
    قال: ثم إن عبيد الله أمر بنساء الحسين وصبيانه فجهزن، وأمر بعلي ابن الحسين فغل بغل إلى عنقه، ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العائذي، عائذة قريش ومع شمر بن ذي الجوشن، فانطلقا بهم حتى قدموا على يزيد، فلم يكن علي بن الحسين يكلم أحدًا منهما في الطريق كلمة حتى بلغوا، فلما انتهوا إلى باب يزيد رفع محفز بن ثعلبة صوته، فقال: هذا محفز بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة، قال: فأجابه يزيد بن معاوية: ما ولدت أم محفز شرٌّ وألأم.
    قال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن القاسم بن عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية، قال: لما وضعت الرءوس بين يدي يزيد - رأس الحسين وأهل بيته وأصحابه - قال يزيد:
    يفلقن هامًا من رجال أعزةٍ ** علينا وهم كانوا أعق وأظلما
    أما والله يا حسين، لو أنا صاحبك ما قتلتك.
    قال أبو مخنف: حدثني أبو جعفر العبسي، عن أبي عمارة العبسي، قال: فقال يحيى بن الحكم أخو مروان بن الحكم:
    لهامٌ بجنب الطف أدنى قرابةً ** من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل
    سمية أمسى نسلها عدد الحصى ** وبنت رسول الله ليس لها نسل
    قال: فضرب يزيد بن معاوية في صدر يحيى بن الحكم وقال: اسكت.
    قال: ولما جلس يزيد بن معاوية دعا أشراف أهل الشأم فأجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين وصبيان الحسينن ونسائه، فأدخلوا عليه والناس ينظرون، فقال يزيد لعلي: يا علي، أبوك الذي قطع رحمي، وجهل حقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت! قال: فقال علي: " ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتابٍ من قبل أن نبرأها "، فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه؛ قال: فمادرى خالد ما يرد عليه؛ فقال له يزيد: قل: " وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ "، ثم سكت عنه؛ قال: ثم دعا بالنساء والصبيان فأجلسوا بين يديه، فرأى هيئةً قبيحة، فقال: قبح الله ابن مرجانة! لو كانت بينه وبينكم رحم أو قرابةٌ ما فعل هذا بكم، ولا بعث بكم هكذا.
    قال أبو مخنف، عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت علي، قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا، وأمر لنا بشيء، وألطفنا؛ قالت: ثم إن رجلًا من أهل الشأم أحمر قام إلى يزيد فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه - يعنيني، وكنت جاريةً وضيئةً - فأرعدت وفرقت، وظننت أن ذلك جائز لهم، وأخذت بثياب أختي زينب؛ قالت: وكانت أختي زينب أكبر مني وأعقل، وكانت تعلم أن ذلك لا يكون، فقالت: كذبت والله ولؤمتذ ما ذلك لك وله، فغضب يزيد، فقال: كذبت والله، إن ذلك لي، ولو شئت أن أفعله لفعلت؛ قالت: كلا والله، ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا، وتدين بغير ديننا؛ قالت: فغضب يزيد واستطار، ثم قال: إياي تستقبلين بهذا! إنما خرج من الدين أبوك وأخوك؛ فقالت زينب: بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدي اهتديت أنت وأبوك وجدك، قال: كذبت يا عدوة الله؛ قالت: أنت أميرٌ مسلط، تشتم ظالمًا، وتقهر بسلطانك؛ قالت: فوالله لكأنه استيحا؛ فسكت، ثم عاد الشامي فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية؛ قال: اعزب؛ وهب الله لك حتفًا قاضيًا! قالت: ثم قال يزيد بن معاوية: يا نعمان بن بشير، جهزهم بما يصلحهم، وابعث معهم رجلًا من أهل الشأم أمينًا صالحًا، وابعث معه خيلًا وأعوانًا فيسير بهم إلى المدينة، ثم أمر بالنسوة أن ينزلن في دارٍ على حدة، معهن ما يصلحهن، وأخوهن معهن علي بن الحسين، في الدار التي هن فيها. قال: فخرجن حتى دخلن دار يزيد فلم تبق من آل معاوية امرأةٌ إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين، فأقاموا عليه المناحة ثلاثًا، وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين إليه؛ قال: فدعاه ذات يوم، ودعا عمر بن الحسن بن علي وهو غلام صغير، فقال لعمر بن الحسن: أتقاتل هذا الفتى؟ يعني خالدًا ابنه، قال: لا، ولكن أعطني سكينًا وأعطه سكينًا، ثم أقاتله، فقال له يزيد؛ وأخذه فضمه إليه ثم قال: شنشنةٌ أعرفها من أخزم؛ هل تلد الحية إلا حية! قال: ولما أرادوا أن يخرجوا دعا يزيد علي بن الحسين ثم قال: لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلةً أبدًا إلا أعطيتها إياه، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني وأنه كل حاجة تكون لك؛ قال: وكساهم وأوصى بهم ذلك الرسول؛ قال: فخرج بهم وكان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه، فإذا نزلوا تنحى عنهم وتفرق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوءًا أو قضاء حاجة لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا، ويسألهم عن حوائجهم، ويلطفهم حتى دخلوا المدينة.
    وقال الحارث بن كعب: فقالت لي فاطمة بنت علي: قلت لأختي زينب: يا أخية، لقد أحسن هذا الرجل الشأمي إلينا في صحبتنا، فهل لك أن نصله؟ فقالت: والله ما معنا شيء نصله به إلا حلينا؛ قالت لها: فنعطيه حلينا؛ قالت: فأخذت سواري ودملجي وأخذت أختي سوارها ودملجها، فبعثنا بذلك إليه، واعتذرنا إليه، وقلنا له: هذا جزاؤك بصحبتك إيانا بالحسن من الفعل؛ قال: فقال: لو كان الذي صنعت إنما هو للدنيا كان في حليكن ما يرضيني ودونه، ولكن والله ما فعلته إلا لله، ولقرابتكم من رسول الله .

  • صفحة 19 من 27 الأولىالأولى ... 91718192021 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 50
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 06:18 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 30
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:57 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1