بينه وبينهم وحلف لهم أن لا يجاوزه هو ولا جنوده وأشهد الله عليه وعلى من حضر من قرابته وأساورته. فمنوا عليه وأطلقوه ومن معه. فلما عاد إلى مملكته أخذته الأنفة مما أصابه فعاد إلى غزوهم ناكثاً لعهده غادراً بذمته إلا أنه لطف في ذلك بحيلة ظنها مجزية في أيمانه فجعل الحجر الذي نصبه لهم على فيل في مقدمة عسكره وتأول في ذلك أنه لا يجاوزه. فلما صار إليهم ناشدوه الله وذكروه الأيمان به وما جعل على نفسه من عهده وذمته. فأبى إلا لجاجاً ونكثاً. فواقعوه فضفروا به فقتلوه وقتلوا حماته واستباحوا عسكره. أسامة بن زيد الليثي: قال: كان النبي (ص) إذا غزا أخذ طريقاً وهو يريد أخرى ويقول: الحرب خدعة. زياد عن مالك بن أنس: كان مالك عبد الله الخثعمي وهو على الصائفة يقوم في الناس كلما أراد أن يرحل فيحمد الله تعالى ويثني عليه ثم يقول: إني دارب بالغداة إن شاء الله تعالى درب كذا. فتتفرق الجواسيس عنه بذلك. فإذا أصبح الناس سلك بهم طريقاً أخرى. فكانت الروم تسميه الثعلب.
وصايا أمراء الجيوش
كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الجراح: إنه بلغني أن رسول الله (ص) كان إذا بعث جيشاً أو سرية قال: اغزوا بسم الله وفي سبيل الله تقاتلون من كفر بالله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا امرأة ولا وليداً. فإذا بعثت جيشاً أو سرية فمرهم بذلك. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عند عقد الألوية: بسم الله وبالله وعلى عون الله امضوا بتأييد الله والنصر ولزوم الحق والصبر فقاتلوا في سبيل الله لا من كفر بالله ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ولا تجبنوا عند اللقاء ولا تمثلوا عند القدرة ولا تسرفوا عند الظهور ولا تقتلوا هرماً ولا امرأة ولا وليداً وتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان وعند حمة النهضات وفي شن الغارات ولما وجه أبو بكر رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان إلى الشام شيعه راجلاً. فقال له يزيد: إما أن تركب وإما أن أنزل. فقال: ما أنت بنازل وما أنا براكب إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ثم قال: إنك ستجد قوماً حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حبسوا أنفسهم له - يعني الرهبان - وستجد قوماً فحصوا عن أوساط رؤسهم الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف. ثم قال له: إني موصيك بعشر: لا تغدر ولا تمثل ولا تقتل هرماً ولا امرأة ولا وليداً ولا تقرن شاة ولا بعيراً إلا ما أكلتم ولا تحرقن نخلاً ولا تخربن عامر ولا تغل ولا تبخس. وقال أبو بكر رضي الله عنه لخالد بن الوليد حين وجهه لقتال أهل الردة: سر على بركة الله فإذا دخلت أرض العدو فكن بعيدا من الحملة فإني لا آمن عليك الجولة. واستظهر بالزاد وسر بالأدلاء ولا تقاتل بمجروح فإن بعضه ليس منه واحترس من البيات فإن في العرب غرة: وأقل من الكلام فإنما لك ما وعي عنك. واقبل من الناس علانيتهم وكلهم إلى الله في سرائرهم وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه. كتب خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس مع ابن نفيلة الغساني: الحمد لله الذي فض حرمتكم وفرق جمعكم وأوهن بأسكم وسلب ملككم وأذل عزكم. فإذا أتاكم كتابي هذا فابعثوا إلي بالرهن واعتقدوا منا الذمة وأجيبوا إلى الجزية وإلا والله الذي لا إله إلا هو لأسيرن إليكم بقوم كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ومن معه من الأجناد: أما بعد فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في الحرب. وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم. وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا. واعلموا أن عليكم في مسيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يسلط علينا وإن أسأنا فرب قوم قد سلط عليهم شر منهم كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفار المجوس فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً. واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم. أسأل الله ذلك لنا ولكم. وترفق بالمسلمين في مسيرهم ولا تجشمهم مسيراً يتعبهم ولا تقصر بهم
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
على منزل يرفق بهم حتى يبلغوا عدوهم والسفر لم ينقص قوتهم فإنهم سائرون إلى عدو مقيم حامي الأنفس والكراع. وأقم ومن معك في كل جمعة يوم وليلة حتى تكون لهم راحة يحيون فيها أنفسهم ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم ونح منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه ولا يرزأ أحداً أهلها شيئاً فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها فما صبروا لكم فتولوهم خيراً. ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح. وإذا وطئت لأرض العدو فأذك العيون بينك وبينهم ولا يخف عليك أمرهم. وليكن عندك العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه فإن الكذوب لا ينفعك خيره وإن صدقك في بعضه والغاش عين عليك وليس عينا لك. وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلائع وتبث السرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا أمدادهم وموافقهم وتتبع الطلائع عوراتهم. وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك وتخير لهم سوابق الخيل. فإن لقوا عدوا كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك واجعل أمر السرايا إلى أهل الجهاد والصبر على الجلاد لا تخص بها أحداً يهوى فيضيع من أمرك ورأيك اكثر مما حابيت به أهل خاصتك. ولا تبعثن طليعة ولا سرية في وجه تتخوف عليها فيه غلبة أو ضيعة ونكاية. فإذا عاينت العدو فاضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك واجمع إليك مكيدتك وقوتك ثم لا تعاجلهم المناجزة ما لم يستكرهك قتال حتى تبصر عورة عدوك ومقالته وتعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها بها فتصنع بعدوك كصنعه بك. ثم أذك أحراسك على عسكرك وتيقظ من البيات جهدك. ولا تؤتي بأسير ليس له عقد إلا ضربت عنقه لترهب بذلك عدو الله وعدوك. والله ولي أمرك ومن معك وولي النصر لكم على عدوكم والله المستعان. وأوصى عبد الملك بن مروان أميراً سيره إلى أرض الروم فقال: أنت تاجر الله لعباده فكن كالمضارب الكيس الذي إن وجد ربحاً تجر وإلا تحفظ برأس المال. ولا تطلب الغنيمة حتى تحرز السلامة وكن من احتيالك على عدوك أشد حذراً من احتيال عدوك عليك. وكان زياد يقول لقواده: تجنبوا اثنين لا تقاتلوا فيهما العدو: الشتاء وبطون الأودية. وأغزى الوليد بن عبد الملك جيشاً في الشتاء فغنموا وسلموا فقال لعباد: يا أبا حرب أين رأى زياد من رأينا فقال: يا أمير المؤمنين قد أخطأت وليس كل عورة تصاب. العتبي قال: جاشت الروم وغزوا المسلمين براً وبحراً فاستعمل معاوية على الصائفة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فلما كتب له عهده قال: ما أنت صانع بعهدي قال: أتخذه إماماً لا أعصيه. قال: اردد علي عهدي. ثم بعث إلى سفيان بن عوف الغامدي فكتب له عهده ثم قال له: ما أنت صانع بعهدي قال: أتخذه إماماً أمام الحزم فإن خالفه خالفته. فقال معاوية: هذا الذي لا يكفكف من عجلة ولا يدفع في ظهره من خور ولا يضرب على الأمور ضرب الجمل الثفال. وقال دريد الصمة لمالك بن عوف النصري قائد هوازن يوم حنين: يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك وإن هذا يوم له ما بعده من الأيام. مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء قال: سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم. قال: ولم ذاك قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم. فأنقض به وقال: راعى ضأن والله وهل يرد المنهزم شيء إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك. ويحك إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوزان إلى نحور الخيل شيئاً ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ثم الق الصباء على متون الخيل. فإن كانت لك لحق بك من وراءك وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك. قال: لا والله لا أفعل ذلك إنك قد كبرت وذهل عقلك. قال: دريد: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني ثم أنشأ يقول: يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع أقود وطفاء الزمع كأنها شاة صدع وكان قتيبة بن مسلم يقول لأصحابه: إذ غزوتم
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
فأطيلوا الأظفار وقصروا الشعور والحظوا الناس شزراً وكلموهم رمزاً واطعنوهم وخزاً. وكان أبو مسلم يقول لقواده: أشعروا قلوبكم الجرأة فإنها من أسباب الظفر وأكثروا ذكر الضغائن وكان سعيد بن زيد يقول لبنيه: قصروا الأعنة واشحذوا الأسنة تأكلوا القريب ويرهبكم البعيد. وقال عيسى بن موسى: لما وجهني المنصور إلى المدينة لمحاربة ابني عبد الله بن الحسن وجعل يوصيني ويكثر قلت: يا أمير المؤمنين إلى متى توصيني: إني أنا ذاك الحسام الهندي أكلت جفني وفريت غمدي فكل ما تطلب عندي عندي المحاماة عن العشيرة ومنع المستجير قال عبد الملك بن مروان لجعيل بن علقمة الثعلبي: ما مبلغ عزكم قال: لم يطمع فينا ولم يؤمن منا. قال: فما مبلغ حفظكم قال: يدفع الرجل منا عمن استجار به من غير قومه كدفاعه عن نفسه. قال عبد الملك: مثلك من يصف قومه. وقال عبد الملك بن مروان لابن مطاع الغنزي: أخبرني عن مالك بن مسمع. قال له: لو غضب مالك لغضب معه مائة ألف سيف لا يسألونه في أي شيء غضب. قال عبد الملك: هذا والله السؤدد. قال: ولم يل قط مالك بن مسمع ولا أسماء بن خارجة شيئاً للسلطان. وكانت العرب تمتدح بالذب عن الجار فيقولون: فلان منيع الجار حامي الذمار. نعم حتى كان فيهم من يحمي الجراد إذا نزل في جواره فسمي مجير الجراد. وقال مروان بن أبي حفصة يمدح معن بن زائدة ويصف مفاخر بني شيبان ومنعهم لمن استجار بهم: هم يمنعون الجار حتى كأنما لجارهم بين السماكين منزل وقال آخر: هم يمنعون الجار حتى كأنه كثيبة زور بين خافيتي نسر وذكر أن معاوية ولى كثير بن شهاب المذحجي خراسان فاختان مالاً كثيراً ثم هرب فاستتر عند هانئ بن عروة المرادي: فبلغ ذلك معاوية فهدر دم هانئ. فخرج إلى معاوية فكان في جواره ثم حضر مجلسه وهو لا يعرفه فلما نهض الناس ثبت مكانه. فسأله معاوية عن أمره فقال: أنا هانئ بن عروة. فقال: إن هذا اليوم ليس باليوم الذي يقول فيه أبوك: أرجل جمتي وأجر ذيلي وتحمل شكتي أفق كميت وأمشي في سراة بني غطيف إذا ما ساءني أمر أبيت قال: أنا والله يا أمير المؤمنين اليوم أعز مني ذلك اليوم. فقال: بم ذلك قال: بالإسلام. قال: أين كثير بن شهاب قال: عندي وعندك يا أمير المؤمنين. قال: انظر إلى ما اختانه فخذ منه بعضاً وسوغه بعضاً وقد أمناه ووهبناه لك. الشيباني قال: لما نزل محمد بن أبي بكر مصر وصير إليه معاوية معاوية بن حديج الكندي تفرق عن محمد من كان معه فتغيب. فدل عليه فأخذه وضرب عنقه وبعث برأسه إلى وكان محمد بن جعفر بن أبي طالب معه فاستجار بأخواله من خثعم فغيبوه. وكان سيد خثعم يومئذ رجلاً في ظهره بزخ من كسر أصابه فكان إذا مشى ظن الجاهل أنه يتبختر في مشيته فذكر لمعاوية أنه عنده فقال له: أسلم إلينا هذا الرجل: فقال: ابن اختنا لجأ إلينا لنحقن دمه عنك يا أمير المؤمنين. قال: والله لا أدعه حتى تأتيني به. قال لا والله لا أتيك به. قال: كذبت. والله لتأتيني به إنك ما علمت لأوره. قال: أجل إني لأوره حين أقاتلك على ابن عمك لأحقن دمه وأقدم ابن عمي دونه تسفك دمه. فسكت عنه معاوية وخلى بينه وبينه. الشيباني قال: قال سعيد بن سلم: أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة كان يسعى في فساد دولته وجعل لمن دله عليه أو جاءه به مائة ألف درهم.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)