فكأن فارسه يصرف إذ بدا في متنه ابنا للصباح الأبلق إملسه إمليده لو علقت في صهوتيه الصين لم تتعلق يرقى وما هو بالسليم ويغتدي دون السلاح سلاح أروع مملق وقال أبو سويد: شهد أبو دلف وقعة البذ وتحته فرس أدهم وعليه نضح الدم. فاستوقفه رجل من الشعراء وأنشد: كم ذا تجرعه المنون ويسلم لو يستطيع شكا إليك الأدهم في كل منبت شعرة من جلده نمق ينمقه الحسام المخذم ما تدرك الأرواح أدنى سيره لا بل يفوت الريح فهو مقدم رجعته أطراف الأسنة أشقراً واللون أدهم حين ضرجه الدم قال: فأمر له بعشرة آلف درهم. ومن قولنا في وصف الفرس: ومقربة يشقر في النقع كمتها ويخضر حيناً كلما بلها الرشح تطير بلا ريش إلى كل صيحة وتسبح في البر الذي ما به سبح وقال عدى بن الرقاع: يخرجن من فرجات النقع دامية كأن آذانها أطراف أقلام وطلب البحتري الشاعر من محمد بن حميد بن عبد الحميد الكاتب فرساً ووصف له أنواعاً من الخيل في شعره فقال: لآكلفن العيس أبعد همة يجري إليها خائف أو مرتجى وإلى سراة بني حميد إنهم أمسوا كواكب أشرقت في مذحج والبيت لولا أن فيه فضيلة تعلو البيوت بفضلها لم يحجج فأعن على غزو العدو بمنطو أحشاؤه طي الرداء المدرج متسربل شية طلت أعطافه بدم فما تلقاه غير مضرج أو أدهم صافي الأديم كأنه تحت الكمى مظهر بيرندج ضرم يهيج السوط من شؤبوبه هيج الجنائب من حريق العرفج خفت مواقع وطئه فلو أنه يجري برملة عالج لم يرهج أو أشهب يقق يضئ وراءه متن كمتن اللجة المترجرج تخفى الحجول ولو بلغن لبانه في أبيض متألق كالدملج أوفى بعرف أسود متفرد فيما يليه وحافر فيروزجي أو أبلق ملأ العيون إذا بدا من كل لون معجب بنموذج جذلان تحسده الجياد إذا مشى عنقاً بأحسن حلة لم تنسج وعريض أعلى المتن لو عليته بالزئبق المنهال لم يترجرج خاضت قوائمه الوثيق بناؤها أمواج تحنيب بهن مدرج ولأنت أبعد في السماحة همة من أن تضن بموكف أو مسرج كأن على المتنين منه إذا انتحى مداك عروس أو صلاية حنظل مكر مفر مقبل مدبر معاً كجلمود صخر حطه السيل من عل درير كخذروف الوليد أمره تتابع كفيه بخيط موصل كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل فأخذت الشعراء هذا التشبيه من امرئ القيس فحذوا عليه فقال طفيل الخيل: إني وإن قل مالي لا يفارقني مثل النعامة في أوصالها طول تقريبها المرطى والجوز معتدل كأنه سبد بالماء مغسول أو ساهم الوجه لم تقطع أباجله يصان وهو ليوم الروع مبذول وقال عبد الملك بن مروان لأصحابه: أي المناديل أفضل فقال: بعضهم: مناديل مصر التي كأنها غرقئ البيض وقال بعضهم: مناديل اليمن التي كأنها أنوار الربيع. فقال: ما صنعتم شيئاً أفضل المناديل مناديل عبدة ابن الطبيب حيث يقول: لما نزلنا ضربنا ظل أخبية وفار باللحم للقوم المراجيل ورداً وأشقر لم ينهئه طابخه ما قارب النضج منها فهو مأكول وقال الأصمعي: ما سبق في الرهان فرس أهضم قط. وأنشد لأبي النجم: منتفج الجوف عريض كلكله قال: وكان هشام بن عبد الملك رجلاً مسبقاً لا يكاد يسبق فسبقت له فرس أنثى وصلت أختها ففرح لذلك فرحاً شديداً وقال: علي بالشعراء. قال أبو النجم: فدعينا فقيل لنا: قولوا في هذه الفرس وأختها. فسأل أصحاب النشيد النظرة حتى يقولوا فقلت له: هل لك في رجل ينقذك إذا استنسئوك قال: هات. فقلت من ساعتي: أشاع للغراء فينا ذكرها قوائم عوج أطعن أمرها وما نسينا بالطريق مهرها حين نقيس قدره وقدرها وصبره إذا عدا وصبرها والماء يعلو نحره ونحرها ملمومة شد المليك أسرها أسفلها وبطنها وظهرها قد كاد هاديها يكون شطرها قال أبو النجم: فأمر لي بجائزة وانصرفت. أبو القاسم جعفر بن أحمد بن محمد وأبو الحسن علي بن جعفر البصري قالا: حدثنا أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي: أن هارون الرشيد ركب في سنة خمس وثمانين ومائة إلى الميدان لشهود الحلبة. قال الأصمعي: فدخلت
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الميدان لشهودها فيمن شهد من خواص أمير المؤمنين والحلبة يومئذ أفراس للرشيد ولولديه الأمين والمأمون ولسليمان بن أبي جعفر المنصور ولعيسى بن جعفر. فجاء فرس أدهم يقال له الربد لهارون الرشيد سابقاً. فابتهج لذلك ابتهاجاً علم ذلك في وجهه وقال: علي بالأصمعي. فنوديت له من كل جانب. فأقبلت سريعاً حتى مثلت بين يديه. فقال: يا أصمعي خذ بناحية الربد ثم صفه من قونسه إلى سنبكه فإنه يقال: إن فيه عشرين اسماً ومن أسماء الطير. قلت: نعم يا أمير المؤمنين وأنشدك شعراً جامعاً لها من قول أبي حزرة. قال: فأنشدنا لله أبوك. قال: فأنشدته: وأقب كالسرحان تم له ما بين هامته إلى النسر الأقب: اللاحق المخطف البطن وذلك يكون من خلقة وربما حدث من هزال أو بعد قود والأنثى قباء والجمع: قب والمصدر: القبب. والسرحان: الذئب شبهه في ضموره وعدوه به وجمعه سراحين وقد قالوا: سراح. والهامة: أعلى الرأس وهي أم الدماغ وهي من أسماء الطير. والنسر: هو ما ارتفع من بطن الحافر من أعلاه كأنه النوى والحصى وهو من أسماء الطير وجمعه نسور. رحبت نعامته ووفر فرخه وتمكن الصردان في النحر رحبت: اتسعت. ونعامته: جلدة رأسه التي تغطى الدماغ وهي من أسماء الطير. وقوله: ووفرة فرخه. الفرخ: هو الدماغ وهو من أسماء الطيور. ووفر: أي تمم يقال: وفرت الشيء ووفرته بالتخفيف فهو موفور. والصردانن: عرقان في أصل اللسان يجري منهما الريق ونفس الرئة وهما من أسماء الطير. وفي الظهر صرد أيضاً وهو بياض يكون في موضع السرج من أثر الدبر يقال: فرس صرد إذا كان ذلك به والنحر: موضع القلادة من الصدر وهو البرك. وأناف بالعصفور من سعف هام أشم موثق الجذر أناف: أشرف. والعصفور: أصل منبت الناصية والعصفور أيضاً: عظم ناتئ في كل جبين والعصفور: من الغرر أيضاً وهي التي سالت ودقت ولم تتجاوز إلى العينين ولم تستدر كالقرحة وهو من أسماء الطير والسعف يقال: فرس بين السعف وهو الذي سالت ناصيته. وهام أي سائل منتشر. وأشم: مرتفع. والشمم في الأنف: ارتفاع قصبته. ويروى: هاد أشم يريد عنقاً مرتفعاً وجمعه: هواد وقوله: موثق أي شديد قوي. والجذر: الأصل من كل شيء. قال الأصمعي وغيره: هو بالفتح وقال أبو عمرو بن العلاء: هو بالكسر. وازدان بالديكين صلصله ونبت دجاجته عن الصدر ازدان: افتعل من قولك زان يزين وكان الأصل ازتان فقلبت التاء دالا لقرب نخرجها من مخرج الزاي وكذلك ازداد من زاد يزيد. والديكان واحدهما ديك وهو العظم الناتئ خلف الأذن وهو الذي يقال له الخششاء والخشاء. والصلصل: بياض في طرف الناصية ويقال: هو أصل الناصية. والدجاجة: اللحم الذي على زوره بين يديه. والديك والصلصل والدجاجة من أسماء الطير. والناهضان أمر جلزهما فكأنما عثما على كسر الناهضان: واحدهما ناهض وهو لحم المنكبين ويقال: هو اللحم الذي يلي العضدين من أعلاهما والجمع: نواهض ويقال في الجمع: أنهض على غير قياس. والناهض: فرخ القطا وهو من أسماء الطير. وقوله: أمر جلزهما أي فتل وأحكم يقال: أمررت الحبل فهو ممر أي فتلته. والجلز: الشد. وقوله: " فكأنما عثما على كسر " أي كأنهما كسراً ثم جبراً. يقال: عثمت يده. العثم: الجبر على عقدة وعوج وعثمان فعلان منه. مسحنفر الجنبين ملتئم ما بين شيمته إلى الغر مسحنفر الجنبين: أي منتفخهما. ملتئم أي معتدل. وشيمته: نحره. والشيمة أيضاً: من قولك: فرس أشيم بين الشيمة وهي بياض فيه ويقال: أن تكون شامة أو شام في جسده. والغر في الطير يسمى الرخمة وهي عضلة الساق. وصفت سماناه وحافزه وأديمه ومنابت الشعر السمانى: طائر وهو موضع من الفرس لا أحفظه إلا أن يكون أراد السمامة وهي دائرة تكون في سالفة الفرس وهي عنقه والسمامة من الطير أيضاً. والأديم: الجلد. وسما الغراب لموقعيه معاً فأبين بينهما على قدر سما الغراب أي ارتفع والغراب: رأس الورك. ويقال للصلوين: الغرابان وهما مكتنفا عجب الذنب. ويقال: هما ملتقى أعالي الوركين. والموقعان منه في أعالي الخاصرتين فأبين أي فرق بينهما على قدر أي على استواء واعتدال. واكتن دون قبيحه خطافه ونأت سمامته عن الصقر اكتن: أي استتر. والقبيح: ملتقى الساقين ويقال أنه مركب الذراعين في العضدين. والخطاف: من أسماء الطير وهو حيث أدركت عقب الفرس إذا حرك رجليه. ويقال لهذين الموضعين من الفرس: المركلان. ونأت أي بعدت. والسمامة: دائرة تكون في عنق الفرس وقد ذكرناها وهي من أسماء الطير. والصقر: أحسبها دائرة في الرأس وما وقفت عليها وهي من أسماء الطير. القطاة: مقعد الردف وهي من أسماء الطير والحر: من الطير يقال إنه ذكر الحمام وهو من الفرس سواد يكون في ظاهر أذنيه. وسما على نقويه دون حداته خربان بينهما مدى الشبر النقوان: واحدهما نقو والجمع. أنقاء وهو عظم ذو مخ وإنما عنى هاهنا عظام الوركين لأن الخرب هو الذي تراه مثل المدهن في ورك الفرس. وهو من الطير: ذكر الحبارى. والحدأة: من الطير وأصله الهمز ولكنه خفف وهي سالفة الفرس وجمعها حداء على وزن فعال كما تقول: عظاءة وعظاء ويقال: عظاية. وإذا فتحت الفاء قلت: حدأة وهي الفأس ذات الرأسين وجمعها: حدأ مثل نواة ونوى وقطاة وقطا. يدع الرضيم إذا جرى فلقاً بتوائم كمواسم سمر الرضيم: الحجارة. والفلق: المكسورة فلقاً. بتوائم: جمع توأم وقد قالوا. تؤم على وزن فعال جمع توأم وهي على غير قياس. يقول: هي
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
مثنى مثنى يعني حوافره. والمواسم: جمع ميسم الحديد من وسمت أي إنها كمواسم الحديد في صلابتها. وقوله: سمر أي لون الحافر وهو أصلب الحوافر. ركبن في محص الشوى سبط كفت الوثوب مشدد الأسر الشوى هاهنا: القوائم والواحدة: شواة. ويقال: فرس محص الشوى إذا كانت قوائمه معصوبة. سبط: سهل. كفت الوثوب أي مجتمع من قولك: كفت الشيء إذا جمعته وتممته. مشدد الأسر أي الخلق. قال الأصمعي: فأمر لي بعشرة آلاف درهم. وسبق يوماً فرس للرشيد يسمى المشمر وكان أجراه مع أفراس للفضل وجعفر بني يحيى بن خالد البرمكي فقال أبو العتاهية: جاء المشمر والأفراس يقدمها هوناً على سرعة منها وما انتهرا وخلق الريح حسرى وهي تتبعه ومر يختطف الأبصار والنظرا وقال أبو النجم في شعر يصف الفرس وهو أجود شعر يصف الحلبة: ثم سمعنا برهان نأمله قيد له من كل أفق جحفله فقلت للسائس قده أعجله وأغد لعنا في الرهان نرسله فظل مجنوناً وظل جمله بين شعيبين وزاد يزمله نعلو به الحزن ولا نسهله إذا علا الأخشب صاح جندله ترنم النوح تبكي مثكله كأن في الصوت الذي يفصله طي التجار العصب إذ تنخله وقد رأينا فعلهم فنفعله نطويه والطي الرقيق يجدله نضمر الشحم ولسنا نهزله حتى إذا الليل تولى أثلجه وأتبع الأيدي منه أرجله قمنا على هول شديد وجله نمد حبلاً فوق خط نعدله نقوم قدم ذا وهذا أدخله وقام مشقوق القميص يعجله فوق الخماسي قليلاً يفضله أدرك عقلاً والرهان عمله حتى إذا أدرك خيلاً مرسله ثار عجاج مستطير قسطله تنفش منه الخيل ما لا تغزله مراً يغطيها ومراً تنعله مر القطا انصب عليه أجدله وهو رخي البال ساج وهله قدمه مثلاً لمن يتمثله تطيره الجن وحينا ترجله تسبح أخراه ويطفو أوله ترى الغلام ساجياً ما يركله يعطيه ما شاء وليس يسأله كأنه من زبد يسربله والجن عكاف به تقبله وقال آخر في فرس أبي الأعور السلمي: مر كلمع البرق سام ناظره تسبح أولاه ويطفو آخره " فما يمس الأرض منه حافره " وقول هذا أشبه من قول أبي نجم لأنه يقول: " تسبح أخراه ويطفو أوله " وقال الأصمعي: إذا كان الفرس كما قال أبو النجم فحمار الكساح أسرع منه لأن اضطراب مؤخره قبيح. وقال الأصمعي كان أبو النجم وصافاً للخيل إلا أنه غلط في هذا البيت. وقد غلط رؤبة أيضاً في الفرس فقال يصف قوائمه: " يهوين شتى ويقعن وفقا " ولما أنشده مسلم بن قتيبة. قال له: أخطأت في هذا يا أبا الجحاف جعلته مقيداً. فقال: قربني من ذنب البعير.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)