صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 5 إلى 8 من 29

الموضوع: كتاب الاعتبار ( المؤلف: أسامة بن المنقذ )

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    زيارة أسامة الثانية لدمشق
    (1154 - 1164 م)


    ثم اتصلت بخدمه الملك العادل نور الدين رحمه الله وكاتب الملك الصالح في تسير أهلي وأولادي الذين تخلفوا بمصر وكان محسناً إليهم. فرد الرسول اعتذر بأنه يخاف عليهم من الإفرنج، وكتب إلي يقول ترجع إلى مصر وأنت تعرف ما بيني وبينك، وإن كنت مستوحشاً من أهل القصر فتصل إلى مكة وأنفذ لك كتاباً بتسليم مدينه أسوان إليك، وأمدك بما تتقوى به على محاربة الحبشة فأسوان ثغر من ثغور المسلمين واسير أهلك وأولادك. ففاوضت الملك العادل واستطلعت أمره فقاليا فلان، ما صدقت متى تخلص من مصر وفتنتها، تعود إليها! العمر أقصر من ذلك. أنا انفذ أحذ لأهلك الأمان من ملك الإفرنج أسير من يحضرهم. فانفذ رحمه الله أخذ أمان الملك وصليبه في البر والبحر.


    أسرة أسامة بيد الإفرنج


    وسيرت الأمان مع غلام لي وكتاب الملك العادل وكتابي إلى الملك الصالح، فسيرهم في عشاري من الخاص إلى دمياط، وحمل لهم كل ما يحتاجونه من النفقات الزاد ووصى بهم، واقلعوا من دمياط في بطسه من بطس الإفرنج، فلما دنوا من عكاروالملك، لا رحمه الله، فيها نفذ قوم في مركب صغير كسروا البطسه بالفؤوس واصحابي يرونهم، وركب ووقف على الساحل نهب كل ما فيه. فخرج إليه الغلام لي سابحاً والأمان معه وقال لهيا مولاي الملك، ما هذا أمانك؟ قال بلى، ولكن هذا رسم المسلمينإذا انكسر لهم مركب على بلد نهبه أهل ذلك البلد. قال فتسبينا؟ قاللا، وانزلهم لعنه الله في دار وفتش النساء حتى أخذ كل ما معهم. وقد كان في المركب حلى اودعه النساء وكسوات وجوهر وسيوف وسلاح وذهب وفضه بنحو من ثلاثين ألف دينار، فأخذ الجميع ونفذ لهم خمس مائه دينار، وقالتوصلوا بهذه إلى بلادكم وكانوا رجالاً ونساء في خمسين نسمه. وكنت إذ ذلك مع الملك العادل في بلاد الملك مسعود رعبان وكيسون. فهون علي سلامة أولادي وأولاد أخي، وحرمنا ذهاب ما ذهب من المال إلا ما ذهب لي من الكتب، فإنها كانت أربعة آلاف مجلد من الكتب الفاخرة، فإن ذهابها حزازة في قلبي ما عاشت. فهذه نكبات تزعزع الجبال وتفني الأموال، والله سبحانه يعوض برحمته ويختم بلطفه ومغفرته. وتلك وقعات كبار شاهدتها مضافة إلى نكبات نكبتها سلمت فيها النفس لتوقيت الآجال واجحفت بهلاك المال.

    معارك مع الإفرنج ومع المسلمين


    وقد كان بين هذه الوقعات فترات شهدت فيها من الحروب مع الكفار والمسلمين ما لا احصيها، وسأورد من عجائب ما شاهدته ومارسته في الحروب ما يحضرني ذكره، وما النسيان بمستنكر لمن طال عليه ممر الأعوام وهو وراثة بني آدم من أبيهم عليه الصلاة والسلام.

    شرف الفارس جمعة


    فمن ذلك ما شهدته من أنفة الفرسان وحملهم نفوسهم على الأخطار، أننا كنا التقينا نحن وشهاب الدين محمود بن قراجا، صاحب حماه ذلك الوقت وكانت الحرب بيننا وبينه ما تغب، والمواكب واقفه والطراد بين المتسرعة، فجاءني رجل من أجنادنا وفرساننا المعدودين يقال له جمعه من بني نمير وهو يبكي، فقلت لهمالك يا أبا محمود؟ هذا وقت بكاء؟ قال طعنني سرهناك بن أبي منصور. قلتوإذا طعنك سرهنك أي شيء يكون؟ قالما يكون شيء إلا يطعنني سرهنك! والله إن الموت أسهل علي من أن يطعنني لكنه استغفلني واغتالني فجعلت أسكته واهون الأمر عليه، فرد رأس فرسه راجعاً. فقلتإلى أين يا أبا محمود؟ قالإلى سرهناك، والله لأطعنه أو لأموتن دونه. فغاب ساعة واشتغلت أنا بمن مقابلي، ثم عاد وهو يضحك فقلتما عملت؟ فقالطعنته والله، ولو لم اطعنه لفظت روحي، فحمل عليه في جمع أصحابه فطعنه وعاد، فكأن هذا الشعر عن سرهنك وجمعة بقوله

    لله درك ما تظن بثائرً

    حران ليس عن التراث براقد
    أيقظته ورقدت عنه ولم ينم

    حنقاً عليك وكيف نوم الجاهد
    إن تمكن الأيام منك وعلها

    يوماً يكل لك بالصواع الزائد

    وقد يكون سرهنك هذا من الفرسان المذكورين مقدماً في الأكراد، إلا أنه كان شاباً وجمعة رجل كهل له ميزة بالسن والتقدمية في الشجاعة.


    في صدر الإسلام


    وذكرت بفعلة سرهنك ما فعله مالك بن الحارث الاشتر رحمه الله بأبي مسيكه الايادي. وذلك انه لما ارتدت العرب في أيام أبي بكر رضوان الله عليه، وعزم الله سبحانه له على قتالهم، جهز العساكر إلى قبائل العرب المرتدين. فكان أبو مسيكه الأيادي مع بني حنيفة وكانوا أشد العرب شوكه. وكان مالك الأشتر في جيش أبي بكر رحمه الله. فلما توقفوا برز مالك بين الصفين وصاحيا أبا مسيكة فبرز له فقال ويحك يا أبا مسيكة، بعد الإسلام وقراءة القرآن رجعت إلى الكفر؟ فقالإياك عني يا مالك! انهم يحرمون الخمر، ولا صبر عنها. قال هل لك في المبارزة؟ قال نعم. فالتقيا بالرماح والتقيا بالسيوف فضربه أبو مسيكة فشق رأسه وشتر عينه وبتلك الضربه سمي الأشتر. فرجع وهو معتنق رقبه فرسه إلى رحله، واجتمع له قوم من أهله وأصدقائه يبكون. فقال لأحدهمادحل يدك في فمي. فادحل إصبعه في فمه فعضها مالك فالتوى الرجل من الوجع. فقال مالك لابأس على صاحبكم. يقال إذا سلمت الأضراس سلم الرأس، أحشوها يعني الضربه سياقاً وشدوها بعمامة فلما حشوها وشدوها قالهاتوا فرسي. قالواإلى أين قالإلى أبى مسيكة. فبرز بين الصفين وصاح يا أبا مسيكة! فخرج إليه مثل السهم فضربه مالك بالسيف على كتفه فشقها إلى سرجه فقتله. ورجع مالك إلى رحله فبقى أربعين يوماً لا يستطيع الحراك، ثم ابل وعوفي من جرحه ذلك.

    سلامة المطعون


    ومن ذلك ما شهدته من سلامة المطعون، وقد ظن أنه هلك، أننا التقينا بوادر خيل شهاب الدين محمود بن قراجا، قد جاء إلى أرضنا وكمن لنا كميناً. فلم توقفنا نحن وهو انتشرت خيلنا. فجاءني فارس من جندنا يقال له علي بن سلام نميري وقال أصحابنا قد انتشروا ان حملوا عليه أهلكوهم. قلت احبس عني اخوتي وبني عمي حتى أردهم. فقاليا أمراء، دعوا هذا يرد الناس ولا تتبعوه، وإلا حملوا عليهم قلعوهم. قالوا يمضي. فخرجت أناقل حصاني حتى رددتهم، وكانوا ممسكين عنهم ليستجر وهم ويتمكنوا منهم. فلما رأوني قد رددتهم حملوا علينا وخرج كمينهم وأنا على فسحة من أصحابي فرجعت مباريهم أريد احمي أعقاب أصحابي فوجدت ابن عمي ليث الدولة يحيى رحمه الله قد حدب من وراء أصحابي من قبل الطريق وأنا في شمالية فجئناهم، فتسرع فارس من خيلهم يقال له فارس بن زمام رجل عربي فارس مشهور، وجازنا يريد الطعن في أصحابنا فسبقني إليه ابن عمي فطعنه فوقع هو وحصانه وفقع الرمح سمعتها أنا وأولئك. وكان الوالد رحمه الله أرسل رسولا إلى شهاب الدين فأخذه معه لما جاء لقتالنا فلما طعن فارس بن زمام ولم يبلغ منا ما أراد نفذ الرسول من مكانه بجواب ما سار فيه ورجع إلى حماه، فسألت الرسولهل مات فارس بن زمام، قاللا والله ولافيه جرح قالليث الدولة طعنه وأنا أراه فرماه ورمى حصانه وسمعت قعقعة كسر الرمح، لما غشيه ليث الدولة من يساره مال على جانبه الأيمن وفي يده قنطاريته فوقع حصانه على قنطاريته وهي على وهده فانكسرت، وتذنب ليث الدولة برمحه فوقع من يده، والذي سمعت قعقعة قنطاريه فارس بن زمام، ورمح ليث الدولة أحضره بين يدي شهاب الدين وأنا حاضر، وهو صحيح ما فيه كسر ولا في فارس جرح، فعجبت من سلامته وكانت تلك الطعنه طعنه فيصل كما قال عنترة


    الخيل تعلم والفوارس أنني

    فرقت جمعهم بطعنة فيصل

    ورجع جميعهم كمينهم ما نالوا منه ما أرادوه. والبيت المقدم من أبيات عنترة بن شداد يقول فيها


    إني أمرؤ من خير عبس منصباً

    شطري وأحمي سائري بالمنصل
    وإذا الكتيبة أحجمت فتلاحظت

    ألفيت خيرا من معم مخول
    وإن المنية لو تمثل مثلت

    مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
    والخيل تعلم والفوارس أنني

    فرقت جمعهم بطعنة فيصل
    ودعوا نزال فكنت أول نازل

    وعلام أركبه إذا لم أنزل

    أول قتال حضره أسامة


    ومثل ذلك ما جرى لي على افامية فإن نجم الدين بن إيلغازي بن ارتق رحمه الله كسر الإفرنج على البلاط وذلك يوم الجمعة خامس جمادى الأولى سنة، ثلاث عشرة وخمسمائة وأفناهم وقتل صاحب إنطاكية روجار وجميع فرسانه، فسار إليه عمي عز الدين ابو العساكر سلطان رحمه الله، وتخلف والدي رحمه الله في حصن شيزر، وقد وصاه ان يسيروني إلى افامية بمن معي بشيزر من الناس والعرب لنهب زرع افامية، وكان قد هدف من العرب إلينا خلق كثير. فلما سار عمي نادى المنادي بعد يوميات من مسيره وسرت في نفر قليل ما عشرين فارساً، ونحن على يقين أن افاميه مافيها خياله ومعي خلق عظيم من النهاية والبداية، فلما صرنا على وادي أبو الميمون، والنهابة والعرب متفرقون في الزرع، خرج علينا من الإفرنج جمع كثير، وكان قد وصلها تلك الليلة ستون فارساً وستون راجلاً فكشفونا عن الوادي، فاندفعنا بين أيديهم إلى أن وصلنا الناس الذين في الزرع ينتهبونه فضجوا ضجة عظيمة، فهان علي الموت لهلاك ذلك العالم معي، فرجعت على فارس في أولهم قد ألقى عنه درعه وتخفف ليجوزنا من بين أيدينا، فطعنته في صدره فطار عن سرجه ميتا. ثم استقبلت خيلهم المتتابعة فولوا أنا غر من القتال ما حضرت قتالا قبل ذلك اليوم وتحتي فرس مثل الطير ألحق أعقابهم لأطعن فيهم ثم اجتن عنهم. وفي أخرهم فارس على حصان ادهم مثل الجمل بالدرع ولأمه الحرب وأنا خائف منه لا يكون جذاباً لي ليعود علي، حتى رأيته ضرب حصانه بمهمازه فلوح بذنبه فعلت انه قد اعيا، فحملت عليه طعنته فنفذ الرمح من قدامه نحواً من ذراع، وخرجت من السرج لخفة جسمي وقوة الطعنه وسرعة الفرس، ثم تراجعت وجذبت رمحي وأنا أظن أنى قتلته، فجمعت أصحابي وهم سالمون. وكان معي مملوك صغير يجر فرساً لي دهماء مجنوبة وتحته بغلة مليحة سروجية وعليها مركوب صقيل فضة، فنزل عن البغلة وسيبها وركب الحجرة فطارت به إلى شيزر، فلما عدت إلى أصحابي وقد مسكوا البغله سألت عن الغلام فقالوا راح. فعلمت انه يصل شيزر ويشغل قلب الوالد رحمه الله، فدعوت رجلاًمن الجند وقلتتسرع إلى شيزر تعرف والدي بما جرى. وكان الغلام لما وصل أحضره الوالد بين يديه وقالأي شيء لقيتم؟ قاليا مولاي خرج الإفرنج في ألف، وما أظن أحد يسلم إلا مولاي قالكيف يسلم مولاك دون الناس؟ رأيته قد لبس وركب الخضراء هو يحدثه، وذلك الفارس قد وصله وأخبره باليقين ووصلت بعده فاستخبرني رحمه الله. فقلت يا مولاي كان أول قتال حضرته، فلما رأيت الإفرنج قد وصلوا إلى الناس هان علي الموت فرجعت إلى الإفرنج لأقتل أو أحمي ذلك العالم فقال رحمه الله متمثلاً

    يفر جبان القوم عن أم رأسه

    ويحمي شجاع القوم من لا يلازمه

    ووصل عمي رحمه الله من عند نجم الدين ايلغازي رحمه الله بعد أيام فأتاني رسوله يستدعيني في وقت ما جرت عادته فيه، فجئته فإذا عنده رجل من الإفرنج فقالهذا الفارس قد جاء من افامية يريد يبصر الفارس الذي طعن فيليب الفارس، فإن الإفرنج تعجبوا من تلك الطعنة وإنها خرقت الزردية من طاقتين وسلم الفارس. قلتكيف سلم؟ قال ذلك الفارس الإفرنجي جاءت الطعنة في جلدة خاصرته. فقلت نعم الأجل حصن حصين. وما ظننته يسلم من تلك الطعنة. قلت يجب على من وصل إلى الطعنة أن يشد يده وذراعه على الرمح جانبه ويدع الفرس يعمل ما يعمله في الطعنة، فإنه متى حرك يده بالرمح مدها به لم يكن لطعنته تأثير ولا نكاية.


    يسلم بعد أن قُطع شريان قلبه


    وشاهدت فارساً من رجالنا يقال له ندى بن تليل القشيري وكان من شجعاننا، وقد التقينا نحن والإفرنج وهو معرى ما عليه غير ثوبين فطعنه فارس من الإفرنج في صدره فقطع هذه العصفورة التي في الصدر وخرج الرمح من جانبه، فرجع وما نظنه يصل منزله حياً، فقدر الله سبحانه ان سلم وبرأ جرحه، لكنه لبث سنة إذا نام على ظهره لا يقدر يجلس إن لم يجلسه إنسان بأكتافه، ثم زال عنه ما كان يشكوه وعاد إلى تصرفه وركوبه كما كان. قلت فسبحان من نفذت مشيئته في خلقه يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

    واخر يموت من إبرة


    كان عندنا رجل من المصطنعة يقال له عتاب، اجسم ما يكون من الرجل واطولهم دخل بيته فاعتمد على يده عند جلوسه على ثوب بين يديه كانت فيه إبرة دخلت لعظم خلقه وجهارة صوته يموت من إبرة وهذا القشيري يدخل في صدره قنطاريه تخرج من جنبه لا يصيبه شيء.

    حوادث الزمر كل


    نزل علينا صاحب إنطاكية لعنه الله بفارسه وراجله وخيامه في بعض السنيين فركبنا ولقيناهم نظن انهم يقاتلونا، فجاؤا نزلوا منزلاً كانوا ينزلونه وهجموا في خيامهم، فرجعنا نحن إلى آخر النهار ثم ركبنا، ونحن نظن انهم يقاتلونا فما ركبوا من خيامهم. وكان للابن عمي ليث الدولة يحيي غلة قد نجزت وهي بالقرب من الفرنج فجمع دواب يريد يمضي إلى الغلة يحملها، فسرنا معه في عشرين فارساً معدين وقفنا بينه وبين الفرنج إلى أن حمل الغلة ومضى، فعدلت أنا ورجل من مولدين يقال له حسام الدولة مسافر رحمه الله إلى كرم رأينا فيه شخوصاً وهم على شط النهر، فلما وصلنا الشخوص التي رأيناها والشمس على مغيبها، فإذا شيخ عليه معرقة إمراة ومعه آخر. فقال له حسام الدولة وكان رحمه الله رجلاً جيداً كثير المزاح يا شيخ أي شيء تعمل ها هنا؟ قالأنتظر الظلام واسترزق الله تعالى من خيل هؤلاء الكفار. قال يا شيخ بأسنانك تقطع عن خيلهم؟ قال لا بهذه السكين. وجذب سكين من وسطه مشدودة بخيط مثل شعلة النار، وهو بغير سراويل، فتركناه وانصرفنا. أصبحت من بكرة ركبت انتظر ما يكون من الإفرنج، وإذا الشيخ جالس في طريقي على حجر والدم على ساقه وقدمه وقد جمد. قلت يهنئك السلامة، أي شيء عملت؟ قالأخذت منهم حصاناً وترساً ورمحاً ولحقني راجل وأنا خارج من عسكرهم طعنني نفذ القنطارية في فخذي وسبقت بالحصان والترس والرمح، وهو مستقل بالطعنة التي فيه كأنها في سواه. وهذا الرجل يقال له الزمركل من شياطين اللصوص. حدثني عنه الأمير معين الدين رحمه الله قال أغرت زمان مقامي بحمص على شيزر وعدت آخر النهار نزلت على ضيعة من بلدة حماه، وأنا عدو لصاحب حماه، قال فجاءني قوم معهم شيخ قد أنكروه فقبضوه وجاؤوني به فقلت يا شيخ أيش أنت قاليا مولاي أنا رجل صعلوك شيخ زمن وأخرج يده من زمنه قد اخذ لي العسكر عنزتين جئت خلفهم لعل إن يتصدقوا علي بهما. فقلت لقوم من الجندارية احفظوه إلى غد فأجلسوه بينهم وجلسوا على اكمام فروة عليه فاستغفلهم في الليل وخرج من الفروة وتركها تحتهم وطار فعدوا في أثره، سبقهم ومضى، قال وكنت قد نفذت بعض أصحابي في شغل فلما عادوا وفيهم جندار يقال له سومان قد كان يسكن بشيزر فحدثته حديث الشيخ قال واحسرتي عليه لو كنت لحقته كنت شربت دمه هذا الزمر كل. قلتفأي شيء بينك وبينه قال نزل عسكر الفرنج على شيزر فخرجت أدور به لعل أسرق حصاناً منهم، فلما أظلم الظلام مشيت إلى طوالة خيل بين يدي، وإذا هذا جالس بين يدي. فقال ليإلى أين قلتاخذ حصاناً من هذه الطوالة. قال وأنا من العشاء انظرها حتى تأخذ أنت الحصان! قلت لا تهذ. قال لا تغتر. والله ما أدعك تأخذ شيئاً. فما التفت إلى قوله ويممت إلى الطوالة. فقام وصاح بأعلى صوتهوافقري واخيبة تعبي وسهري. وصيح حتى خرج على الفرنج، فأما هو فطار، فطردوني حتى رميت نفسي في النهر، وما ظننت أني أسلم منهم، ولو لحقتهم كنت شربت دمه، وهو لص عظيم، وما تبع العسكر إلا يسرق منه. فكان هذا الرجل يقول من يراهما في هذا يسرق رغيف خبز من بيته.

    سرقة الخيل


    ومن عجيب ما اتفق في السرقة ان رجلا كان في خدمتي يقال له علي ابن الدودويه من اهل مثكير ونزل يوما الإفرنج لعنهم الله على كفر طاب، وهي ذا ذاك لصلاح الدين محمد بن أيوب الغسياني رحمه الله. فخرج هذا علي بن الدودوية، دار بهم وأخذ حصاناً ركبه وخرج من العسكر يركض، وهو يسمع الحس خلفه ويعتقد ان بعضهم ركب في طلبه، وهو مجد في الركض والحس خلفه حتى ركض قدر فرسخين والحس معه. فالتفت يبصر ما خلفه في الظلام، وإذ بغلة كانت تألف الحصان قد قطعت مقودها وتبعته، فوقف حتى شد فوطته في رأسها وأخذها وأصبح عندي في حماه بالحصان والبغله. وكان الحصان من أجود الخيل وأحسنها وأسبقها.
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    أتابك يستولي على حصان أسامة


    كنت يوماً عند أتابك وهو يحاصر رفنية وقد استدعاني وقال لي يا فلان أي شيء في حصانك الذي خبيته؟ وكان قد بلغه خبر الحصان. قلت لا والله يا مولاي مالي حصان مخبى، حصني كلها في العسكر. قالفالحصان لإفرنجي؟ قلتحاضر قالانفذ أحضره أنفذت أحضرته وقلت للغلامامضي به إلى الإصطبل. فقال أتابكاتركه الساعة عندك. ثم أصبح سبق، فسبق، وردته إلىاصطبلي، وعاد استدعاه من البلد وسبق به فسبق فحملته إلى اسصطبله.

    سهم في حلق


    وشاهدت في الحرب عند انتهاء المدة كان عندنا رجل من الجند يقال له رافع الكلابي، وهو فارس مشهور. اقتتلنا نحن وبنو قراجا وقد جمعوا لنا من التركمان وغيرهم وحشدوا وباسطناهم على فسحة من البلد، ثم تكاثروا علينا فرجعنا وبعضنا يحمي بعضا. وهذا رافع فيمن يحمي الأعقاب، وهو لابس كزاغند وعلى رأسه خوذة بلا لئام. فالتفت لعله يرى فيهم فرصه فينحرف عليهم فضربه سهم كشما في حلقه ذبحه ووقع مكانه ميتاً.

    طعنه في فرس

    وكذلك شاهدت شهاب الدين بن قراجا، وقد انصلح ما بيننا وبينه، وقد نفذ إلى عمي يقول لهتأمر أسامه يلقاني هو وفارس واحد إلى كرعة لنمضي نبصر موضعا نكمن فيه لأفامية ونقاتلها. فأمرني عمي بذلك فركبت ولقيته وأبصرنا الموضع. ثم اجتمع عسكرنا وعسكرة، وأنا على عسكر شيزر وهو في عسكرة، وسرنا إلى افاميه ولقينا فارسهم وراجلهم في الخراب الذي لها وهو مكان لا يتصرف فيه الخيل من الحجارة والأعمدة وأصول الحيطان الخراب، فعجزنا عن قلعهم من ذلك المكان. فقال لي رجل من جندنا تريد تكسرهم؟ قلتنعم قالاقصد بنا باب الحصن. قلتسيروا. وندم القائل وعلم أنهم يدسونا ويجوزون إلى حصنهم، فأراد أن يردني عن ذلك، فأبيت وقصدت الباب. فساعة ما رأنا الإفرنج قاصدين الباب عاد إلينا فارسهم وراجلهم فداسونا وجازوا. ترجل الفرسان داخل باب الحصن واطلعوا خيلهم إلى الحصن وصفوا عوالي قنطاريتهم في الباب، وأنا وصاحب لي من مولدي أبي رحمه الله، اسمه رافع بن سوتكين وقف تحت السور مقابل الباب وعلينا شيء كثير من الحجارة والنشاب، وشهاب الدين واقوف في موكب بعيد منهم على خوف الأكراد. فقد طعن صاحب لنا يقال له حارثة النمري نسيب جمعة في صدر فرسه طعنه معترضة. ونزلت القنطاريه في الفرس فتخبطت حتى وقعت القنطاريه منها ووقعت جلده صدرها جميعها فبقيت مسبلة على اعضادها.

    في زند


    وشهاب الدين بمعزل عن القتال، فجاء سهم من الحصن فضربه في الجانب عظم زنده فما دخل في جانب عظم زنده مقدار طول شعيرة، فجاءني رسوله يقوللا تزل مكانك حتى تجمع الناس الذين تفرقوا في البلد، فأنا قد جرحت أحس الجرح في قلبي وأنا راجع فاحفظ أنت الناس. ومضى رجعت أنا بالناس نزلت على برج خريبه. وكان الإفرنج عليه ديبان يكشفان إذا أردنا الغارة على أفامية. ووصلت العصر إلى شيزر وشهاب الدين في دار والدي يريد يحل جرحه ويداويه، وعمي قد منعه وقال والله ما تحل جرحك إلا في دارك. قالأنا في دار والدي - يعني الوالد رحمه الله. قال إذا وصلت دارك وبرأ جرحك دار والدك بحكمك. فركب المغرب وسار حماه فأقام الغد وبعد غد ثم اسودت يده وغاب عنه رشده ومات، وما كان به الإفراغ الأجل.

    طعنة تقطع عدة أضلاع


    وشاهدت من الطعنات العظيمة طعنه طعنها فارس من الإفرنج، خذلهم الله فارس من أجنادنا يقال له سابه بن قنيب كلابي قطع له ثلاثة أضلاع من جانبه اليسار وثلاثة أضلاع من جانبه الأيمن وضرب شفار الحربة مرفقه ففصله كما يفصل الجزار المفصل ومات لساعته.

    وأخرى تقطع الزرد


    وطعن رجل من أجنادنا كردي يقال له مياح فارساً من الإفرنج ادخل قطعه من الزرد في جوفه وقتله. ثم ان الإفرنج غاروا علينا بعد أيام، ومياح قد تزوج وخرج وهو لابس وفوق درعه ثوب احمر من ثياب العروس قد تشهر به فطعنه فارس من الإفرنج فقتله رحمه الله. يا قرب مأتمه من العرس فذكرت به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد انشد قول قيس بن الخطيم


    أجا لدهم يوم الحفيظة حاسراً

    كان يدي بالسيف مخراق لاعب

    فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحاضرين من الأنصار رضي الله عنهم هل حضر أحد منكم يوم الحديقة؟ فقال رجل منهم أنا حضرته يا رسول الله عليك وسلم وحضره قيس بن الخطيم وهو قريب عهد بالعرس وعليه ملاءة حمراء فوالذي بعثك بالحق لقد عمل في قتاله كما قال عن نفسه


    وثالثة تنفذ في صدر الإفرنجي


    ومن عجائب الطعن ان رجلا من الأكراد يقال له حمدات كان قديم الصحبة قد سافر مع والدي رحمه الله إلى اصبهان إلى دركاه السلطان ملكشاه فكبر وضعف بصره ونشأ له اولاد. فقال له عمي عز الدين رحمه الله يا حمدات كبرت وضعفت، ولك علينا حق وخدمه، فلو لزمت مسجدك وكان له مسجد على باب داره واثبتنا أولادك في الديوان ويكون لك أنت كل شهر ديناران وحمل دقيق وأنت في مسجدك. قال افعل يا أمير. فأجري له ذلك مديدة. ثم جاء إلى عمي وقال يا أمير والله لا تطاوعني نفسي على القعود في البيت وقتلي على فرسي أشهى إلي من الموت على فرشي. قال الأمر لك وأمر برد ديوانه عليه كما كان. فما مضى إلا الأيام القلائل حتى غار علينا السرداني صاحب طرابلس. ففزع الناس إليهم وحمدات في جملة الروع، فوقف على رفعة من الأرض مستقبل القبله فحمل عليه فارس من الإفرنج من غربيه فصاح إليه بعض اصحبنا يا حمدات فلتفت، فرأى الفارس قاصده فرد رأس فرسه شمالا ومسك رمحه بيده وسدده إلى صدر الإفرنجي فطعنه فنفذ الرمح منه، فرجع الإفرنجي متعلقاً برقبة حصانه في أخر رمقه. فلما انقضى القتال قال حمدات لعمي يا أمير لو أن حمدات كان في المسجد من طعن هذه الطعنه؟ فاذكرني قول الفند الزماني

    أيا طعنه ما شيخ

    كبير يفنى بالي
    تفتيت بها إذ

    كره الشكة أمثالي

    وكان الفند قد كبر وحضر القتال فطعن فارسين مقتربين فرماهما جميعاً


    طعنة تودي بفارسين وفرسين


    وقد كان جرى لنا مثل ذلكوهو ان فلاحاً من العلاة جاء يركض إلى أبي وعمي رحمهما الله، قال شاهدت سربة إفرنج تائهين قد جاءوا من البرية لو خرجتم إليهم آخذتموهم فركب ابي وعماي خرجوا بالعسكر إلى السربة التائه وإذا به السرداني صاحب طرابلس في ثلاثمائة فارس ومائتين تركبولي وهم رماة الإفرنج. فلما رأوا اصحبنا ركبوا خيلهم أطلقوا على أصحابنا هزموهم وتموا يطردونهم، فاحرف عليهم مملوك لوالدي يقال له ياقوت الطويل وأبي وعمي رحمهما الله يريانه، فطعن فارسا منهم إلى جانبه فارس آخر وهما يتبعان أصحابنا فرمى الفارسين والفرسين. وكان هذا الغلام كثير التخليط والزلات لا يزال قد فعل فعلة يجب تأديبه عليها. فكلما هم والدي به وبتأديبه يقول عمييا أخي بحياتك هب لي ذنبه ولاتنس له تلك الطعنه فيصفح عنه لكلام أخيه. وكان حمدات الذي تقدم ذكره ظريف الحديث، حدثني والدي رحمه الله قالقلت لحمدات ونحن سائرون في طريق أصبهان سحراً، أمير حمدات أكلت اليوم شيئاً؟ قال نعم يا أمير أكلت ثريدة قال ركبنا في الليل وما نزلنا ولا أوقدنا ناراً، من أين لك الثريدة قال يا أمير عملتها في فمي اخلط في فمي الخبز واشرب عليه الماء يصير كالثريدة.
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد




  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    والد أسامة مقاتلاً


    وكان الوالد رحمه الله كثير المباشرة للحرب وفي بدنه جراح هائلة ومات على فراشه، وحضر يوما القتال وهو لابس وعليه خوذه إسلامية بآنف فزرقه رجل بحربه - وكان معظم قتاله مع العرب في ذلك الزمان فوقعت الحربة في أنف الخوذة فأنطوى وادمى انفه ولم يؤذيه. ولو كان قدر سبحانه ان يميل المزراق عن أنف الخوذه أهلكه، وضرب مرة أخرى بنشابة في ساقه وفي خفه دشني فوقع السهم في الدشن فانكسر فيه ولم يجرحه، هذا الحسن دفاع الله الله تعالى.
    وشهد رحمه الله يوم الأحد تاسع وعشرين شوال سنة سبع وتسعين وأربعمائة مع سيف الدولة خلف بن ملاعب الأشهبي صاحب أفامية بأرض كفر طاب فلبس جوشنه، وعجل الغلام عن طرح كلاب الجوشن من الجانب فجائه خشت فضربه في ذلك الموضع الذي أخل الغلام بسترة فوق بزه الأيسر خرج الخشت من فوق بزه الأيمن، فكانت أسباب السلامة لما جرت بها المشيئة من العجب، والجرح لما قدره الله سبحانه من العجب. فطعن رحمه الله في ذلك اليوم فارساً أحرف حصانه وثنى يده برمحه وجذبه من المطعون. فحدثني قال حسست شيئاً قد لذع زندي، فظننته من حرارة صفائح الجوشن، إلا أن رمحي سقط من يدي، فردتها فإذا قد طعنت في يدي وقد استرخت لقطع شيء من الأعصاب، فحضرته يرحمه الله وزيد الجرائحي يداوي جرحه وعلى رأسه غلام واقف، فقاليا زيد اخرج هذه الحصاة من الجرح، فما كلمه الجرائحي فعاد فقال يا زيد ما تبصر هذه الحصاة؟ ما تزيلها من الجراح! فلما أضجره قالأين الحصاة؟ هذا رأس عصب قد انقطع. وكان بالحقيقة ابيض كأنه حصاة من حصا الفرات. وأصابه ذلك اليوم طعنه أخرى وسلم الله حتى مات على فراشه رحمه الله يوم الاثنين ثامن شهر رمضان سنه إحدى وثلاثين وخمس مائة.


    والد أسامة ناسخاً

    وكان يكتب خطاً مليحاً، فما غيرت تلك الطعنة من خطه، وكان لا ينسخ سوى القرآن، فسألته يوماً فقلتيا مولاي كم كتبت ختمه؟ قالالساعة تعلمون. فلما حضرته الوفاة قال في ذلك الصندوق مساطر كتبت على كل مسطرة ختمة ضعوها يعني المساطر تحت خدي في القبر فعددناها فكانت ثلاثاً وأربعين مسطرة. فكانت كتب بعدتها ختماتختمه كبيره ختمها بالذهب وكتب فيها علوم القرآن قراأته وغريبة وعربيته وناسخه ومنسوخة وتفسيره وسبب نزوله وفقهه بالحبر والحمرة والزرقة، وترجمه بالتفسير الكبير وكتب ختمه أخرى بالذهب مجردة من التفسير، وباقي الخاتمات بالحبر مذهبة الأعشار والأخماس والآيات ورؤوس السور ورؤوس الأجزاء. وما يقتضي الكتاب ذكر هذا وإنما ذكرته لا يستدعي له ممن وقف عليه.

    غلام يفدي مولاه

    أعود إلى ما تقدم. وفي ذلك اليوم أصاب غلام كان لعمي عز الدولة أبي المرهف نصر رحمه الله يقال له موفق الدولة شمعون طعنه عظيمة التقاها دون عمي عز الدين أبي العساكر سلطان رحمه الله. واتفق ان عمي أرسله رسولاً إلى الملك رضوان بن تاج الدولة تتش إلى حلب، فلما حضر بين يديه قال لغلمانهمثل هذا يكون الغلمان وأولاد الحلال في حق مواليهم. وقال لشمعون حدثهم حديثك أيام والدي وما فعلته مع مولاك. فقاليا مولانا بالأمس حضرت القتال مع مولاي فحمل عليه فارس يطعنه، فدخلت بينه وبين مولاي لأفديه بنفسي فطعنني، قطع من أضلاعي ضلعين وهما - ونعمتك - عندي قمطره. فقال له الملك رضوانوالله ما أعطيك الجواب حتى تنفذ تحضر القمطرة والأضلاع. فأقام عنده وأرسل من أحضر القمطرة وفيها عظمان من أضلاعه. فعجب رضوان من ذلك وقال لأصحابهكذا اعملوا في خدمتي. فأما الأمر الذي سأله عنه أيام والده تاج الدولة فإن جدي سديد الملك أبا الحسن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ رحمه الله سير ولده عز الدولة نصراً رحمه الله إلى خدمته تاج الدولة وهو معسكر بظاهر حلب فقبض عليه واعتقله ووكل به من يحفظه، وكان لا يدخل إليه سوى مملوكه هذا شمعون والموكلون حول الخيمة فكتب عمي إلى أبيه رحمهما الله يقول تنفذ لي في الليلة الفلانيه وعينها قوم من أصحابه ذكرهم وخيل أركبها إلى الموضع الفلاني. فلما كانت تلك الليلة دخل شمعون خلع ثيابه فلبسها مولاه وخرج على الموكلين في الليل، فما أنكره، ومضى إلى أصحابه وركب وسار، ونام شمعون في فراشه. وجرت العادة أن يجيئه شمعون في السحر بوضوئه فكان رحمه الله من الزهاد القائمين ليلهم يتلون كتاب الله تعالى، فلا أصبحوا لم يروا شمعون دخل كعادته دخلوا الخيمة فوجدوا شمعون وعز الدولة قد راح، فانهوا ذلك إلى تاج الدولة فأمر بإحضاره، فلما حضر بين يديه قال كيف عملت؟ قالأعطيت مولاي ثيابي لبسها وراح ونمت أنا في فراشه قالوما خشيت أن أضرب رقبتك؟ قال يا مولاي إذا ضربت رقبتي وسلم مولاي وعاد إلى بيته فأنا السعيد بذلك، ما اشتراني ورباني إلا لأفديه بنفسي. فقال تاج الدولة رحمه الله لحاجبه سلم إلى هذا الغلام خيل مولاة ودابته وخيامه وجميع ركبه وسير يتبع صاحبه وما أنكر عليه وما احنقه ما فعل في خدمت مولاه، فهذا الذي قال له رضوان حدث أصحابي ما عملته أيام والدي مع مولاك. أعود إلى حديث الحرب المقدم ذكرها مع ابن ملاعب.

    عم أسامه يطعن في جفن عينه


    و جرح عمي عز الدولة رحمه الله في ذلك اليوم عده جراح منها طعنه طعنها في جفن عينيه السفلاني من ناحية المأق، ونشب الرمح في المأزق عند مؤخر العين فسقط الجفن جميعه وبقي معلقا بجلده من مؤخر العين، والعين تلعب لا تستقر، وأنما الجفون التي تمسك العين، فخاطبها الجرائحي وداواها فعادت كحالها الأوله لا تعرف العين المطعونة من الأخرى.

    شجاعة عم أسامه ووالده


    وكانا رحمهما الله من أشجع قومهما، ولقد شهدتهما يوما وقد خرجا إلى الصيد بالبزاة نحو تل ملح وهناك طير ماء كثير، فما شعرنا إلا وعسكر طرابلس قد أغار على البلد ووقفوا عليه، فرجعنا وكان الوالد من أثر المرض، فأما عمي فخف بمن معه من العسكر وسار حتى عبر المخاض إلى الإفرنج وهم يرونه، وأما الوالد فسار والحصان يخب به وأنا معه صبي وفي يده سفرجله يمتص منها، فلما دنونا من الإفرنج قال لي أمض أنت أدخل من السكر وعبر هو من ناحية الإفرنج. ومره أخرى شاهدته وقد أغارت علينا خيل محمود بن قراجا، ونحن على فسحه من البلد، وخيل محمود أقرب إليه منها، وأنا قد حضرت القتال ومارست الحرب، فلبست كزاغندي وركبت حصاني وأخذت رمحي، وهو رحمه الله على بغله. فقلت يا مولاي ما تركب حصانك! قال بلى وسار كما هو غير منزعج ولا مستعجل، وأنا لخوفي عليه ألح عليه في ركوبه حصانه إلى أن وصلنا إلى البلدة وهو على بغلته، فلما عاد أولئك وأمنا قلت يا مولاي ترى العدو قد حال بيننا وبين البلد وأنت لا تركب بعض جنائبك وأنا أخاطبك فلا تسمع! قال يا ولدي، في طالعي أنني لا ارتاع. وكان رحمه الله له اليد الطولى في النجوم مع ورعه ودينه وصومه الدهر وتلاوة القرآن، وكان يحرضني على معرفة علم النجوم فآبى وأمتنع، فيقول فاعرف أسماء النجوم ما يطلع منها ويغرب. وكان يريني النجوم ويعرفني أسماءها.

    مكيدة أفرنجيه على شيرز


    ورأيت من أقدام الرجال ونخواتهم في الحرب أنا أصبحنا وقت صلاه الصبح رأينا سربه من الإفرنج نحوا من عشرة فوارس جاءوا إلى باب المدينة قبل أن يفتح فقالوا للبواب أي شيء اسم هذا البلد؟ والباب خشب بينهما عوارض وهو داخل الباب. قال شيزر فرموه بنشاب من خلل الباب ورجعوا وخيلهم تخب بهم. فركبنا فكان عمي رحمه الله أول راكب وأنا معه والإفرنج رائحون غير منزعجين يلحقنا من الجند نفر، فقلت لعمي على أمرك آخذ أصحابنا واتبعهم اقلعهم وهم غير بعيدين. قال لا وكان أخبر مني بالحرب في الشام إفرنجي لا يعرف شيزر؟ هذه مكيدة. ودعا فارسين من الجند على فرسين سوابق وقال أمضيا اكشفا تل ملح وكان مكمنا للإفرنج. فلما شارفاه خرج عليها عسكر انطاكيه جمعيه فأستقبنا متسرعيهم نريد الفرصه فيهم قبل ركود الحرب ومعنا جمعه النميري وابنه محمود وجمعه فارسنا وشيخنا، فوقع ابنه محمود في وسطهم فصاح جمعه يا فرسان الخيل! ولدي! فرجعنا معه في سته عشر فارسا طعنا سته عشر فارسا من الفرنج وأخذنا صاحبنا من بينهم اختلطنا نحن وهم حتى أخذ واحد رأس ابن جمعه تحت إبطه فخلص ببعض تلك الطعنات.

    أسامة وجمعة يهزمان ثمانية فرسان


    ومع هذا فلا يثق إنسان بشجاعته ولا يعجب بأقدامه، فوالله لقد سرت مع عمي رحمه الله أغرنا على أفامية، وأتفق أن رجالها خرجوا ليسيروا قافلة فسيروها وعادوا، ونحن لقيناهم فقتلنا منهم قدر عشرين رجلاً، ورأيت جمعة النميري رحمه الله وفيه نصف قنطارية قد طعن بها في لبد السرج وخرج الرمح من البداد إلى فخذه ونفذ إلى خلفه فانكسرت القنطارية فيه فراعني ذالك. فقاللا بأس، أنا سالم. ومسك سنان القنطارية وجذبها منه وهو وفرسه سالمان. فقلتيا أبا محمود اشتهي أتقرب من الحصن أبصره. قالسر. فرحت أنا وهو نخب فرسينا، فلما أشرفنا على الحصن إذا من الإفرنج ثمانية من الفرسان وقوف على الطريق وهي مشرفة على الميدان من ارتفاع لا ينزل منه إلا من تلك الطريق. فقال لي جمعة قف حتى أريك ما أصنع فيهم. قلت ما هذا أنصاف، بل نحمل عليهم أنا وأنت. قالسر، فحملنا عليهم فهزمناهم ورجعنا نحن نرى إنا قد فعلنا شيئاً ما يقدر يفعله غيرنا، نحن اثنان قد هزمنا ثمانية فرسان من الإفرنج.
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد




  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    ثم يهزمها رويجل


    فوقفنا على ذلك الشرف ننظر الحصن، فما راعنا إلا رويجل قد طلع علينا من ذالك السند الصعب معه قوس ونشاب فرمانا، ولا سبيل لنا إليه فهزمنا، والله ما صدقنا نتخلص منه وخيلنا سالمة، ورجعنا، دخلنا مرج أفامية فسقنا منه غنيمة كبيرة من الجواميس والبقر والغنم، وانصرفنا وفي قلبي من ذلك الرجل الذي هزمنا حسرة الذي ما كنا لنا إليه سبيل، وكيف هزمنا راجل ولحد وقد هزمنا ثمانية فرسان من الإفرنج.

    المداواة بالعلل


    وشهدت يوماًوقد أغارت علينا خيل كفر طالب في قلة ففزعنا إليهم طامعين فيهم لقلتهم، وقد كمنوا لنا كميناً في جماعة منهم، وأنهزم الذين أغاروا فتبعناهم حتى أبعدنا عن البلد، فخرج إلينا الكمين ورجع إلينا الذين كنا نطردهم، فرأينا اننا ان انهزمنا قلعونا كلنا فالتقيناهم مستقلين فنصرنا الله عليهم، فقلعنا منهم ثمانية عشر فارساًمنهم من طعن فمات ومنهم من طعن فوقع وهو سالم ومنهم من طعن حصانه فهو راجل. فجذب الذين في الأرض منهم سالمون، ووقفوا، كل من اجتاز بهم ضربوه. فأجتاز جمعه النميري رحمه الله بواحد منهم فخطا إليه وضربه على رأسه، وعلى رأسه قلنسوة فقطعها وشق جبهته وجرى منها الدم حتى نزح وبقيت مثل فم السمكة مفتوحة، فلقيته ونحن في ما نحن فيه من الإفرنج فقلت له يا أبا محمود ما تعصب جراحك! فقال ما هذا وقت العصائب وشد الجراح. وكان لا يزال على وجهه خرقه سوداء وهو رمد وفي عينيه عروق حمر. فلما أصابه ذلك الجرح وخرج منه الدم الكثير زال ما كان يشكوه من عينيه ولم يعد يناله منهما رمد ولا ألم فربما صحت الأجسام باللعل.

    استخلاص ابن عم أسامه من أيدي الإفرنج


    وأما الإفرنج فإنهم اجتمعوا بعدما قتلنا منهم من قتلنا ووقفوا مقابلنا. فجاءني ابن عمي ذخيرة الدولة أبو القنا خطام رحمه الله فقاليا ابن عمي معك جنيبتان وأن على هذا الفرس الحطم. قلت للغلامقدم له الحصان الأحمر فقدمه له، فساعة ما أستوىفي سرجه حمل على الإفرنج وحده فافرجوا له حتى توسطهم وطعنوه، رموه وطعنوا الحصان واقبلوا قنطارياتهم وصاروا يركشونه بها، وعليه زرديه حصينه ما تعمل رماحهم فيها، وعليه زرديه حصينه ما تعمل رماحهم فيها، فتصايحنا صاحبكم! صاحبكم! وحملنا عليهم فهزمناهم عنه واستخلصناه وهو سالم، وأما الحصان فمات في يومه، فسبحان المسلم القادر. وتلك الواقعة إنما كانت لسعادة جمعه وشفاء عينيه، فسبحان القائل وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

    ضربه سكين تشفي من الاستسقاء


    وقد جرى لي مثل ذلك كنت بالجزيرة في عسكر أتابك فدعاني صديق إلى داره ومعي ركابي أسمه غنيم قد أستسقى ودقت رقبته وكبر جوفه وقد تغرب معي فأنا أرعى له ذلك، فدخل بالبغله إلي اصطبل ذلك الصديق هو غلمان الحاضرين، وعندنا شاب تركي سكر وغلب عليه السكر، فخرج إلي الاصطبل، جذب سكينه وهجم على الغلمان فانهزموا وخرجوا. وغنيم لضعفه ومرضه، قد طرح السرج تحت رأسه ونام، فما قام حتى خرج كل من في الاصطبل فضربه ذلك السكران بالسكين تحت سرته فشق من جوفه قدر أربع أصابع فوقع موضعه فحمله الذي دعانا وهو صاحب قلعه باشمرا إلي داري وحمل الذي جرحه وهو مكتوف معه إلى داري فأطلقته، وتردد إليه الجرائحي فصلح ومشى وتصرف، إلا أن الجرح ما ختم، وما يزال يخرج منه مثل القشور وماء أصفر مدة شهرين ثم ختم وضمر جوفه وعاد إلى الصحة، فكان ذلك الجرح سببا لعافيته.

    شوكه تشفي عين باز

    ورأيت يوما الباز دار قد وقف بين يدي والدي رحمه الله وقال يا مولاي هذا الباز قد لحقه حص وهو يموت وعينيه الواحدة قد تلفت فتصيد به فهو باز شاطر وهو تالف. فخرجنا إلى الصيد وكان معه رحمة الله عدة بزاه، فرمى ذلك الباز على درجه وكان يهجم في النبج، فنبجت الدراجة في أجمة غلفاء، ودخل الباز معها وقد صار على عينه كالنقطه الكبيرة، فضربته شوكه من الغلفاء في تلك النقطة ففقأتها. فجاء به البازدار وعينه قد سالت وهي مطبوقه فقال يا مولاي تلفت عين الباز. فقال كله تألف. ثم من الغد فتح عينه وهي سالمة، وسلم ذلك الباز عندنا حتى قرنص قرناصين فكان من أشطر البزاة ذكرته بما جرى لجمعه وغنيم وان لم يكن موضع ذكر البزاة ورأيت من استسقى وفصدوا جوفه فمات، وغنيم شق ذلك السكران جوفه سلم وعوفي فسبحان القادر.
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد



  • صفحة 2 من 8 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. أسامة هوساوي أفضل لاعب في الموسم الرياضي السعودي
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-09-2010, 03:40 AM
    2. أسامة الشيخ: الإتحاد الأفريقي لا يستطيع إستبعاد الأندية المصرية
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-06-2010, 02:23 AM
    3. كتاب نادرلشكسبير في الكويت
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى أخبار الصحف و وسائل الاعلام العربية والعالمية
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-03-2010, 03:11 PM
    4. كتاب استمتع بحياتك
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 04-30-2010, 09:17 PM
    5. مرحبا بك معنا يا أسامة
      بواسطة General Manager في المنتدى ملتقى الترحيب والتهاني Welcome Greetings Forum
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 04-02-2010, 01:12 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1