وقال: لا يَتَّخِذ المُؤْمِنون الكافِرِينَ أوْليَاءَ مِنْ دونِ المُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْس مِنَ الله في شيَء ".
وقد حضرتُ عثمانَ يومَ قُتِل فَلَعمري لئن كان قُتل مظلومًا لقد كفر قاتلوه وخاذِلُوه وإن كان قاتلوه مُهْتدين وإنهم لمُهْتدون لقد كفَر مَن تولاّه ونصرَه.
ولقد علمتَ أنّ أباك وطَلْحة وعليّاً كانوا أشدَّ الناس عليه وكانوا في أمره بين قاتل وخاذِل وأنت تتولى أباك وطلحة وعثمان فكيف ولاية قاتل مُتَعَمِّد ومَقتول في دين واحد ولقد ملك علىّ بعده فَنَفي الشُّبهات وأقام الحُدود وأَجْرى الأحكام مجاريها وأَعطى الأمور حقّها فيما عليه وله فبايَعه أبوك وطَلْحة ثم خَلعا بَيْعته ظالمين له وإن القَول فيك وفيهما لكما قال ابنُ عباس رحمه الله: إن يكُن علِيّ في وقت مَعْصِيتكم ومُحاربتكم له كان مؤمنَاَ لقد كفَرتم بقتال المؤمنين وائمة العَدْل وإن كان كافراً كما زَعمتم وفي الحُكم جائراً فقد بُؤْتم بغضب من الله لفراركم من الزَّحف.
ولقد كنتَ له عدوًّا ولسيرته عائباً فكيف توليته بعد مَوته.
وكتب نجدةُ وكان من الصُّفرية القَعَديّة إلى نافع بن الأزرق لما بلغه عنه استعراضُه للناس وقَتْله الأطفال واستحلاله الأمانة: بسم اللهّ الرحمن الرحيم أمّا بعد فإنّ عَهْدي بك وأنت لليتيم كالأب الرَّحيم وللضعيف كالأخ البَرّ لا تأخذك في الله لومةُ لائم ولا ترى معونة ظالم " كذلك كنتَ أنت وأصحابك أما تذكر قولَكَ: لولا أني أعلمِ أنّ للإمام العاذل مِثلَ أجر جميع رعيّته ما تولّيت أمر رجلين من المسلمين " فلما شَرَيْتَ نفسك في طاعة ربّك ابتغاءَ رضوانه وأصبتَ من الحق فصَّه " وركبتَ مُرَّة " تَجَرّد لك الشيطانُ فلم يكن أحدٌ أثقلَ وطأةً عليه منك ومن أصحابك فاستمالك واستغواك فعَوِيتَ وأكفرت الذين عَذرهم الله في كتابه من قَعَدة المسلمين وَضعفتهمِ فقال جلَّ ثناؤه وقوله الحق ووعدُه الصِّدق: " لَيْسَ عَلَى الضعفاءِ وَلاَ على المَرْضى وَلا عَلَى الذينَ لا يَجدُونَ مَا يُنْفِقونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لله وَرَسُوله " ثم سمَّاهم أحسنَ الأسماء فقال: " مَا عَلَى المحسِنِينَ مِنْ سَبِيل ".
ثم استحللت قتلَ الأطفال وقد نَهى رسولُ الله عن قَتْلهم وقال جلَّ ثناؤه: " وَلاَ تَزِرً وَازِرَةٌ وِزْرَ أًخْرَى ".
وقال في القَعَد خيراً وفَضّل الله من جاهد عليهم ولا يدفع منزلةُ أكثر الناس عملاً منزلةَ مَن هو دُونه إلا إذا اشتركا في أصلٍ أو ما سمعتَ قوله تبارك وتعالى: " لا يَسْتَوِى القَاعِدُون مِن المؤمِنين غيرُ أولَي الضّرَرِ والمُجَاهِدُونَ في سَبِيل الله " فجعلهم الله من المؤمنين وفَضّل عليهم المَجاهدين بأعمالهم ورأيتَ من رأيك أن لا تؤَدِّي الأمانة إلى مَن يُخالفك والله يأمرك أن تؤدي الأماناتِ إلى أهلها فإتق الله وانظُرْ لنفسك واتَّقَ يومًا لا يجزى والدٌ عن ولده ولا مَوْلود هو جازٍ عن والده شيئاً فإن الله بالمِرْصاد وحُكمه العدل وقوله الفصل والسلام.
فكتب إليه نافعُ بن الأزرق: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فقد أتاني كتابُك تَعِظُني فيه وتُذكِّرني وتَنصحُ لي وتزجرُني وتصِفُ ما كنتُ عليه من الحق وما كنتُ أُوثرهُ من الصواب وأنا أسألُ الله أن يجعلني من الذين يَسْتمعون القولَ فيتبعون أحسنه.
وعِبْتَ على ما دِنْتُ به من إكفار القَعد وقَتل الأطْفال واستحلال الأمانة وسأفسِّر لك " لِمَ " ذلك إن شاء الله: أما هؤلاء القَعد فليسوا كمن ذكرتَ ممن كان بِعَهْد رسول الله لأنهم كانوا بمكة مَقْهورين مَحْصورين لا يجدون إلى الهرب سَبيلاً ولا إلى الاتصال بالمُسلمين طريقاً وهؤلاء قد فَقُهوا في الدين وقرءوا القرآن والطريقُ لهم نَهَج واضح وقد عرفتَ ما يقول الله فيمن كان مِثْلهم إذ قال: " إنَّ الّذَينَ تَوَفَّاهُمُ الملائِكةُ ظالمي أنْفُسِهِم قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
قَالوا كنا مُسْتَضْعَفينَ فيِ الأرْض.
قالوا أَلم تَكُنْ أرضُ الله وَاسعةَ فتُهاجرُوا فيها ".
وقال: فَرحَ المُخَلَّفُون بمقعدهم خِلاف رسول الله وقال: " وَجَاء الْمُعَذِّرًونَ مِنَ الأعرابِ لِيُؤْذَن لَهُمْ.
وَقَعَد الّذِين كَذَبُوا الله وَرَسُولَه " " فخبَّر بتَعْذِيرهم وأنهم كذبوا الله ورسولَه ".
وقال: " سَيُصِيبُ الذينَ كَفَروا منهُمْ عَذابٌ أَليم " فانظر إلى أسمائهم وسِمَاتهم.
وأما أمر الأطفال فإنّ نبيّ الله نُوحًا كان أَعرفَ باللهّ يا نَجْدةُ منّي ومنك قال: " رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْض منَ الكافِرينَ دَيَّارًا.
إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إلاَّ فَاجِراً كَفَّارًا " فسماهم بالكفر وهم أطفال وقبل أن يُولَدُوا فكيف جاز ذلك في قوم نُوح ولا يجوز في قومنا والله يقول: " أَكُفَّارُكم خَيْرٌ مِنْ أولَئِكُم أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ في الزُّبُر ".
وهؤلاء كمشركي العرب لا تُقْبل منهم جِزْية وليس بيننا وبينهم إلا السيف أو الإسلام.
وأما استحلال الأمانات ممَّن خالفنا فإن الله عز وجلَّ أحلَّ لنا أموالهم كما أحل لنا دماءَهم فدماؤهم حَلال طِلْق وأموالهُم فَيْء للمُسْلمين فاتَّق اللهّ وراجِع نفسك فإنه لا عُذْر لك إلا بالتوبة ولا يَسَعك خِذْلانُنا والقُعود دوننا " وتَرْك ما نهجناه لك من طريقتنا ومقالتنا " والسلام على مَن أَقرَّ بالحق وعمل به.
وكان مِرْداس أبو بلال من الخوارج وكان مُستتراَ فلما رأى جِدَّ ابن زياد في قَتْل الخوارج وحَبْسهم قال لأصحابه: إنه واللهّ لا يَسعنا المُقام بين هؤلاء الظالمين تَجْري علينا أحكامُهم! مُجانبين للعدل مفارقين للعقل والله إنّ الصبرَ على هذا لَعَظيم وإنّ تَجريد السيف وإخافةَ السبيل لعظيم ولكنّا لا نَبْتدئهم ولا نُجرِّد سيفاً ولا نُقاتل إلا مَن قاتلنا.
فاجتمعِ عليه أصحابُه وهم ثلاثون رجلاً فأرادوا أن يُولّوا أمرَهم حُرَيث بن حَجْل فأبى فولّوا أمرَهم مِرداساً أبا بلال.
فلما مضى بأصحابه لَقِيه عبدُ الله بن رَبَاح الأنْصاري وكان له صديقاَ فقال له: يا أخي أين تُريد قال: أريد أن أهْرُب بديني ودين أصحابي هؤلاء من أَحكام هؤلاء الجَوَرة والظَّلمَة فقال له: أَعَلِم بكم أحد قال: لا قال: فارجع قال أَوَ تخاف عليّ مكروهاً قال: نعم " وأن يُؤْتى بك " قال: فلا تَخَف فإنّي لا أجرِّد سيفاً ولا أخيف أحَداً ولا أقاتل إلا مَن قاتلني.
ثم مَضى حتى نزل آسَك وهوِ مَوْضع دون خُراسان فمرّ به مالٌ يُحمل إلى ابن زِيَاد وقد بلغ أصحابُه أربعين رجلاَ فحطَّ ذلك المالَ وأخذ منه عطاءَه وأعْطيات أصحابه وردّ الباقي على الرُّسل فقال: قُولوا لصاحبكم إنّا قبضنا أعطياتِنا فقال بعضُ أصحابه: فعلامَ نَدع الباقي فقال: إنّهم يَقْسمون هذا الفَيْء كما يُقيمون الصلاة فلا نقاتلهم.
ولأبي بلال مِرْداس هذا أشعارٌ في الخُروجِ منها قولُه: أبعدَ ابن وَهْب ذي النزاهة والتُّقىِ ومن خاضَ في تلك الحُروب المَهالِكَا أحِبّ بقاءً أو أُرَجِّي سَلامةً وقد قَتلوا زيدَ بن حِصْنٍ ومالكا فيا رَبِّ سَلِّمْ نِيّتي وبَصيرتي وهَبْ لي التّقَى حتى ألاقِي أولئكا وقالوا: إنََّ رجلا من أصحاب زياد قال: خرجنا في جَيْش نُريد خُراسان فمرَرْنا بآسَك فإذا نحن بمرْداس وأصحابه وهم أربعون رجلاً فقال: أقاصدُون لقتالنا أنتم قُلْنا: لا إنما نريد خُراسان قال: فأبْلِغوا مَن لَقِيتم أنَّا لم نَخْرج لنُفْسد في الأرض ولا لنُروِّع أحداً ولكن هَرَبنا من الظُّلم ولَسْنا نُقاتل إلا مَن قاتَلنا ولا نأخذ من الفَيْء إلا أعطياتنا ثم قال: أَنُدِب لنا أحد فقُلْنا: نعم أسْلَم بن زُرْعة الكلابيّ قال: فمتى تَرَوْنه يَصلُ إلينا قُلنا له: يومَ كذا وكذا فقال أبو بلال: حَسْبنا الله ونعم الوكيل.
ونَدَب عُبيد الله بن زياد أسلم بن زُرعة الكِلاَبيّ ووجّهه إليهم فيِ ألفين فلما صار إليهم صاح به أبو بلال: اتق الله يا أسلم فإنا لا نُريد قتالا ولا نحْتجز مالا فما الذي تُريد قال: أريد أن أردَّكم إلى ابن زياد قال: إذاً يقتلنا قال: وإنْ قَتلكم قال: أفَتَشْركه في دمائنا قال: نعم إنه مُحق وأنتم مُبْطلون قال أبو بلال: وكيف هو مُحق وهو فاجر يُطيع الظَّلمة.
ثم حَملوا عليه حملةَ رجل واحد فانهزم هو وأصحابه.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)