صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 5 إلى 7 من 7

الموضوع: العقد الفريد/الجزء الأول/11


  1. #5
    << صديق الدرب >>
    الحالة : الصقرالحنون غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 990
    الدولة: ليبيا
    الإهتمامات: كرة القدم والسباحة والجودو
    العمل: مقاولات في مجال البناء
    المشاركات: 9,840
    معدل تقييم المستوى : 671
    Array

    غير أهلها فإن الحوائج تطلب بالرجاء وتدرك بالقضاء‏.‏ وقال‏:‏ مفتاح نجح الحاجة الصبر على طول المدة ومغلاقها اعتراض الكسل دونها‏.‏ قال الشاعر‏:‏ إني رأيت وفي الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثر وقل من جد في أمر يحاوله فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر ومن أمثال العرب في هذا‏:‏ من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له‏.‏ أخذ الشاعر هذا المعنى فقال‏:‏ إن الأمور إذا انسدت مسالكها فالصبر يفتق منها كل ما ارتتجا لا تيأسن وإن طالت مطالبة إذ تضايق أمر أن ترى فرجا أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا وقال خالد بن صفوان‏:‏ فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها وأشد من المصيبة سوء وقالوا‏:‏ صاحب الحاجة مبهوت وطلب الحوائج كلها تعزير‏.‏ وقالت الحكماء‏:‏ لا تطلب حاجتك من كذاب فإنه يقر بها بالقول ويبعدها بالفعل ولا من أحمق فإنه يريد نفعك فيضرك ولا من رجل له آكلة من جهة رجل فإنه لا يؤثر حاجتك على أكلته‏.‏ وقال دعبل بن علي الخزاعي‏:‏ جئتك مسترفداً بلا سبب إليك إلا بحرمة الأدب فاقض ذمامي فإنني رجل غير ملح عليك في الطلب وقال شبيب بن شيبة‏:‏ إني لأعرف أمراً لا يتلاقى به اثنان إلا وجب النجح بينهما‏.‏ قيل له‏:‏ وما ذاك قال‏:‏ العقل فإن العاقل لا يسأل ما لا يمكن ولا يرد عما يمكن‏.‏ وقال الشاعر‏:‏ أتيتك لا أدلي بقربى ولا يد إليك سوى أني بجودك واثق فإن تولني عرفاً أكن لك شاكراً وإن قلت لي عذراً أقل أنت صادق وقال الحسن بن هانئ‏:‏ فإن تولني منك الجميل فأهله وإلا فإني عاذر وشكور لعمرك ما أخلقت وجهاً بذلته إليك ولا عرضته للمعاير فتى وفرت أيدي المكارم عرضه عليه وخلت ماله غير وافر ودخل محمد بن واسع على بعض الأمراء فقال‏:‏ أتيتك في حاجة فإن شئت قضيتها وكنا كريمين وإن شئت لم تقضها وكنا لئيمين‏.‏ أراد إن قضيتها كنت أنت كريماً بقضائها وكنت أنا كريما بسؤالك إياها لأني وضعت الطلبة في موضعها‏.‏ فإن لم تقضها كنت أنت لئيماً بمنعك وكنت أنا لئيما بسوء اختياري لك‏.‏ وسرق حبيب هذا المعنى فقال‏:‏ عياش إنك للئيم وإنني إذ صرت موضع طلبي للئيم ودخل سوار القاضي على عبد الله بن طاهر صاحب خراسان فقال‏:‏ أصلح الله الأمير‏:‏ لنا حاجة والعذر فيها مقدم خفيف معناها مضاعفة الأجر فإن تقضها فالحمد لله وحده وإن عاق مقدور ففي أوسع العذر قال له‏:‏ ما حاجتك أبا عبد الله قال‏:‏ كتاب لي إن رأى الأمير - أكرمه الله - أن ينفذه في خاصته كتبه إلى موسى بن عبد الملك في تعجيل أرزاقي‏.‏ قال‏:‏ أو غير ذلك أبا عبد الله نعجلها لك من مالنا وإذا وددت كنت مخيراً بين أن تأخذ أو ترد‏.‏ فأنشد سوار يقول‏:‏ وكفك حين ترى المجتدي ن أندى من الليلة الماطرة وكلبك آنس بالمعتفين من الأم بابنتها الزائرة ودخل أبو حازم الأعرج على بعض أهل السلطان فقال‏:‏ أتيتك في حاجة رفعتها إلى الله فبلك فإن يأذن الله لك في قضائها قضيتها وحمدناك وإن لم يأذن في قضائها لم تقضها وعذرناك‏.‏ وفي بعض الحديث‏:‏ اطلبوا الحوائج عن حسان الوجوه‏.‏ أخذه الطائي فنظمه في شعره فقال‏:‏ قد تأولت فيك قول رسول ال له إذا قال مفصحاً إفصاحاً إن طلبتم حوائجاً عند قوم فتنقوا لها الوجوه الصباحا فلعمري لقد تنقيت وجهاً ما به خاب من أراد النجاحا قال المنصور لرجل دخل عليه‏:‏ سل حاجتك قال‏:‏ يبقيك الله يا أمير المؤمنين‏.‏ قال‏:‏ سل حاجتك فإنك لست تقدر على مثل هذا المقام في كل حين‏.‏ قال‏:‏ والله يا أمير المؤمنين ما أستقصر عمرك ولا أخاف بخلك ولا أغتنم مالك وإن عطاءك لشرف وإن سؤالك لزين وما بامرئ بذل إليك وجهه نقض ولا شين فوصله وأحسن إليه‏.‏ من أمثالهم في هذا‏:‏ أنجز حر ما وعد‏.‏ وقالوا‏:‏ وعد الكريم نقد ووعد اللئيم تسويف‏.‏ وقال الزهري‏:‏ حقيق على من أورق بوعد أن يثمر بفعل‏.‏ وقال المغيرة‏:‏ من أخر حاجة فقد ضمنها‏.‏ وقال الموبذان الفارسي‏:‏ الوعد السحابة والإنجاز المطر‏.‏ وقال غيره‏:‏ المواعيد رؤوس الحوائج والإنجاز أبدانها‏.‏ وقال عبد الله بن عمر رحمه الله‏:‏ خلف الوعد ثلث النفاق وصدق الوعد ثلث الإيمان وما ظنك بشيء جعله الله تعالى مدحة في كتابه وفخراً لأنبيائه فقال تعالى‏:‏ ‏"‏ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد ‏"‏‏.‏ وذكر جبار بن سلمى عامر بن الطفيل فقال‏:‏ كان والله إذا وعد الخير وفى وإذا أوعد بالشر أخلف وهو القائل‏:‏ ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ويأمن مني صولة



    سأكِونكالِوُرد


    كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!





رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #6
    << صديق الدرب >>
    الحالة : الصقرالحنون غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 990
    الدولة: ليبيا
    الإهتمامات: كرة القدم والسباحة والجودو
    العمل: مقاولات في مجال البناء
    المشاركات: 9,840
    معدل تقييم المستوى : 671
    Array

    المتهدد وإني وإن أوعدته أو وعدته ليكذب إيعادي ويصدق موعدي وقال ابن أبي حازم‏:‏ وإلا فقل لا تسترح وترح بها لئلا يقول الناس إنك كاذب ولو لم يكن في خلف الوعد إلا قول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون‏.‏ كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ‏"‏ لكفى‏.‏ وقال عمر بن الحارث‏:‏ كانوا يفعلون ولا يقولون ثم صاروا يقولون ويفعلون ثم صاروا يقولون ولا يفعلون ثم صاروا لا يقولون ولا يفعلون‏:‏ فزعم أنهم ضنوا بالكذب فضلاً عن الصدق‏.‏ وفي هذا المعنى يقول الحسن بن هانئ‏:‏ قال لي ترضى بوعد كاذب قلت إن لم يك شحم فنفش ومثله قول عباس بن الأحنف ويقال إنه لمسلم بن الوليد صريع الغواني‏:‏ ما ضر من شغل الفؤاد ببخله لو كان عللني بوعد كاذب صبراً عليك فما أرى لي حيلة إلا التمسك بالرجاء الخائب سأموت من كمد وتبقى حاجتي فيما لديك وما لها من طالب قال عبد الرحمن بن أم الحكم لعبد الملك بن مروان في مواعيد وعدها إياه فمطله بها‏:‏ نحن إلى الفعل أحوج منا إلى القول وأنت بالإنجاز أولى منك بالمطل‏.‏ واعلم أنك لا تستحق الشكر إلا بإنجازك الوعد واستتمامك المعروف‏.‏ القاسم بن معن المسعودي قال‏:‏ قلت لعيسى بن موسى أيها الأمير ما انتفعت بك مذ عرفتك ولا أوصلت لي خيراً مذ صحبتك‏.‏ قال‏:‏ ألم أكلم لك أمير المؤمنين في كذا وسألته لك كذا قال‏:‏ قلت‏:‏ بلى فهل استنجزت ما وعدت واستتممت ما بدأت قال‏:‏ حال من دون ذلك أمور قاطعة وأحوال عاذرة‏.‏ قلت‏:‏ أيها الأمير فما زدت على أنها نبهت العجز من رقدته وأثرت الحزن من ربضته إن الوعد إذا لم يشفه إنجاز يحققه كان كلفظ لا معنى له وجسم لا روح فيه‏.‏ وقال عبد الصمد بن الفضل الرقاشي لخالد بن ديسم عامل الري‏.‏ أخالد إن الري قد أجحفت بنا وضاق علينا رحبها ومعاشها وقد أطعمتنا منك يوماً سحابة أضاءت لنا برقاً وأبطأ رشاشها فلا غيمها يصحو فييئس طامعاً ولا ماؤها يأتي فتروى عطاشها وقال سعيد بن سلم‏:‏ وعد أبي بشاراً العقيلي حين مدحه بالقصيدة التي يقول فيها‏:‏ صدت بخد وجلت عن خد ثم انثنت كالنفس المرتد فكتب إليه بشار بالغد‏:‏ ما زال ما منيتني من همي والوعد غم فأرح من غمي فقال له أبي‏:‏ يا أبا معاذ هلا استنجحت الحاجة بدون الوعيد فإذ لم تفعل فتربص ثلاثاً وثلاثاً فإني والله ما رضيت بالوعد حتى سمعت الأبرش الكلبي يقول لهشام‏:‏ يا أمير المؤمنين لا تصنع إلي معروفاً حتى تعدني فإنه لم يأتني منك سيب على غير وعد وإلا هان علي قدره وقل مني شكره‏.‏ قال له هشام‏:‏ لئن قلت ذلك لقد قاله سيد أهلك أبو مسلم الخولاني‏:‏ إن أوقع المعروف في القلوب وأبرده على الأكباد معروف منتظر بوعد لا يكدره المظل‏.‏ وكان يحيى بن خالد بن برمك لا يقضي حاجة إلا بوعد ويقول‏:‏ من لم يبت على سرور لم يجد للصنيعة طعماً‏.‏ وقالوا‏:‏ الخلف ألأم من البخل لأنه من لم يفعل المعروف لزمه ذم اللؤم وحده ومن وعد وأخلف لزمه ثلاث مذمات‏:‏ ذم اللؤم وذم الخلف وذم الكذب‏.‏ قال زياد الأعجم‏:‏ لله درك من فتى ولو كنت تفعل ما تقول لا خير في كذب الجوا د وحبذا صدق البخيل استبطأ حبيب الطائي الحسن بن وعيب في عدة وعدها إياه فكتب إليه أبياتاً يستعجله بها‏.‏ فبعث إليه بألف درهم وكتب إليه‏:‏ فخذ القليل وكن كمن لم يسأل ونكون نحن كأننا لم نفعل وقال عبد الله بن مالك الخزاعي‏:‏ دخلت على أمير المؤمنين المهدي وعنده ابن دأب وهو ينشد قول الشماخ‏:‏ وأشعث قد قد السفار قميصه يجر شواء بالعصا غير منضج دعوت إلى ما نابني فأجابني كريم من الفتيان غير مزلج فتى يملأ الشيزي ويروي سنانه ويضرب في رأس الكمي المدجج فتي ليس بالراضي بأدنى معيشة ولا في بيوت الحي بالمتولج فرفع رأس إلي المهدي وقال‏:‏ هذه صفتك أبا العباس فقلت‏:‏ بك نلتها يا أمير المؤمنين‏.‏ فضحك إلي وقال‏:‏ هل تنشد من الشعر شيئاً قلت‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين‏.‏ قال‏:‏ فأنشدني‏.‏ فأنشدته قول السموأل‏:‏ وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل إذا المرء أعيته المروءة يافعاً فمطلبها كهلاً عليه ثقيل تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل يقرب حب الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطول وما مات منا سيد حتف أنفه ولا طل منا حيث كان قتيل تسيل على حد السيوف نفوسنا وليست على غير السيوف تسيل وننكر إن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرون القول حين نقول فنحن كماء المزن ما في نصابنا كهام ولا فينا يعد بخيل وأسيافنا في كل شرق ومغرب بها من قراع الدارعين فلول فقال‏:‏ أحسنت‏!‏ اجلس بهذا بلغتم سل حاجتك فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين تكتب لي في العطاء ثلاثين رجلاً من أهلي قال‏:‏ نعم فرض علي إذا وعدت‏.‏ فقلت يا أمير المؤمنين إنك متمكن من القدرة وليس دونك حاجز عن الفعل فما معنى العدة فنظر إلى بن دأب كأنه يريد منه كلاماً في فضل الموعد‏.‏ فقال ابن دأب‏:‏ حلاوة الفعل بوعد ينجز لا خير في



    سأكِونكالِوُرد


    كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!







  • #7
    << صديق الدرب >>
    الحالة : الصقرالحنون غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 990
    الدولة: ليبيا
    الإهتمامات: كرة القدم والسباحة والجودو
    العمل: مقاولات في مجال البناء
    المشاركات: 9,840
    معدل تقييم المستوى : 671
    Array

    العرف كنهب ينهز فضحك المهدي وقال‏:‏ الفعل أحسن ما يكو ن إذا تقدمه ضمان وقال المهلب بن أبي صفرة لبنيه‏:‏ يا بني إذ غدا عليكم الرجل وراح مسلماً فكفى بذلك أروح بتسليمي عليك وأغتدي وحسبك بالتسليم مني تقاضيا وقال آخر‏:‏ كفاك مخبراً وجهي بشأني وحسبك أن أراك وأن تراني وما ظني بمن يعنيه أمري ويعلم حاجتي ويرى مكاني كتب العتابي إلى بعض أهل السلطان‏:‏ أما بعد فإن سحائب وعدك قد أبرقت فليكن وبلها سالماً من علل المطل والسلام‏.‏ وكتب الجاحظ إلى رجل وعده‏:‏ أما بعد فإن شجرة وعدك قد أورقت فليكن ثمرها سالماً من جوائح المطل والسلام‏.‏ ووعد عبد الله بن طاهر دعبلاً بغلام فلما طال عليه تصدى له يوماً وقد ركب إلى باب الخاصة فلما رآه قال‏:‏ أسأت الافتضاء وجهلت المأخذ ولم تحسن النظر ونحن أولى بالفضل فلك الغلام والدابة لما ننزل إن شاء الله تعالى‏.‏ فأخذ دعبل بعنانه وأنشده‏:‏ يا جواد اللسان من غير فعل ليت في راحتيك جود اللسان عين مهران قد لطمت مراراً فاتقي ذا الجلال في مهران عرت عيناً فدع لمهران عيناً لا تدعه يطوف في العميان وسأل خلف بن خليفة أبان بن الوليد جارية فوعده بها وأبطأت عليه فكتب إليه‏:‏ أرى حاجتي عند الأمير كأنها تهم زماناً عنده بمقام وأحصر عن إذكاره إن لقيته وصدق الحياء ملجم بلجام أراها إذا كان النهار نسيئة وبالليل تقضى عند كل منام فيا رب أخرجها فإنك مخرج من الميت حياً مفصحاً بكلام فتعلم ما شكري إذا ما قضيتها وكيف صلاتي عندها وصيامي وكتب أبو العتاهية إلى رجل وعده وعداً وأخلفه‏:‏ أحسبت أرض الله ضيقة عني فأرض الله لم تضيق وجعلتني فقعاً بقرقرة فوطئتني وطئاً على حنق فإذا سألتك حاجة أبداً فاضرب لها قفلاً على غلق وأعد لي غلاً وجامعة فاجمع يدي بها إلى عنقي ما أطول الدنيا وأوسعها وأدلني بمسالك الطرق ومن قولنا في رجل كتب إلى بعدة في صحيفة ومطلني بها‏:‏ من وجهه نحس ومن قربه رجس ومن عرفانه شوم لا تهتضم إن بت ضيفاً له فخبزه في الجوف هاضوم تكلمه الألحاظ من رقة فهو بلحظ العين مكلوم ولا تأتدم على أكله فإنه بالجوع مأدوم وقلت فيه‏:‏ صحيفة كتبت ليت بها وعسى عنوانها راحة الراجي إذا يئسا وعد له هاجس في القلب وقد برمت أحشاء صدري به من طول ما هجسا يراعة غرني منها وميض سنى حتى مددت إليها الكف مقتبسا فصادفت حجراً لو كنت تضربه من لؤمه بعضا موسى لما انبجسا كأنما صيغ من بخل ومن كذب فكان ذاك له روحاً وذا نفسا وقلت فيه‏:‏ رجاء دون أقربه السحاب ووعد مثل ما لمع السراب وتسويف يكل الصبر عنه ومطل ما يقوم له حساب لطيف الاستمناح قال الحكماء‏:‏ لطيف الاستمناح سبب النجاح والأنفس ربما انطلقت وانشرحت بلطيف السؤال وانقبضت وامتنعت بجفاء السائل كما قال الشاعر‏:‏ وجفوتني فقطعت عنك فوائدي كالدر يقطعه جفاء الحالب وقال العتابي‏:‏ إن طلب حاجة إلى ذي سلطان فأجمل في الطلب إليه وإياك والإلحاح علي فإن إلحاحك يكلم عرضك ويريق ماء وجهك فلا تأخذ منه عوضاً لما يأخذ منك ولعل الإلحاح يجمع عليك إخلاق الوجه وحرمان النجاح فإنه ربما مل المطلوب إليه حتى يستخف بالطالب‏.‏ وقال الحسن بن هانئ‏:‏ تأن مواعيد الكرام فربما حملت من الإلحاح سمحاً على بخل وقال آخر‏:‏ إن كنت طالب حاجة فتجمل فيها بأحسن ما طلب وأجمل إن الكريم أخا المروءة والنهى من ليس في حاجاته بمثقل وقال مروان بن أبي حفصة‏:‏ لقيت يزيد بن مزيد وهو خارج من عند المهدي فأخذ بعنان دابته وقلت له‏:‏ إني قلت فيك ثلاثة أبيات أريد لكل بيت منها مائة ألف‏.‏ قال‏:‏ هات لله أبوك‏!‏ فأنشأت أقول‏:‏ يا أكرم الناس من عجم ومن عرب بعد الخليفة يا ضرغامة العرب أفنيت مالك تعطيه وتنهبه يا آفة الفضة البيضاء والذهب إن السنان وحد السيف لو نطقا لا خبراً عنك في الهيجاء بالعجب فأمر لي بها‏.‏ المدائني قال‏:‏ قدم قوم من بني أمية على عبد الملك بن مروان فقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين نحن ممن تعرف وحقنا لا ينكر وجئناك من بعيد ونمت بقريب وهما تعطنا فنحن أهله‏.‏ دخل عبد الملك بن صالح على الرشيد فقال‏:‏ أسألك بالقرابة والخاصة أم بالخلافة والعامة قال‏:‏ بل بالقرابة والخاصة‏.‏ قال‏:‏ يداك يا أمير المؤمنين بالعطية أطلق من لساني بالمسألة‏.‏ فأعطاه وأجزل له‏.‏ ودخل أبو الريان على عبد الملك بن مروان وكان عنده أثيراً فرآه خائراً فقال‏:‏ يا أبا الريان مالك خائراً قال‏:‏ أشكو إليك الشرف يا أمير المؤمنين‏.‏ قال‏:‏ وكيف ذلك قال‏:‏ نسأل ما لا نقدر عليه ونعتذر فلا نعذر‏.‏ قال عبد الملك‏:‏ ما أحسن ما استمنحت واعتررت يا أبا العتابي قال‏:‏ كتب الشعبي إلى الحجاج يسأله حاجة فاعتل عليه‏.‏ فكتب إليه الشعبي‏:‏ والله لا عذرتك وأنت والي العراقين وابن عظيم القريتين فقضى حاجته‏.‏ وكان جد الحجاج لأمه عروة بن مسعود الثقفي‏.‏ العتبي قال‏:‏ قدم عبد العزيز بن زرارة الكلابي على أمير المؤمنين معاوية فقال‏:‏ إني لم أزل أهز ذئاب الرحال إليك فلم أجد معولاً إلا عليك امتطى الليل بعد النهار وأسم المجاهل بالآثار يقودني إليك أمل وتسوقني بلوى المجتهد يعذر وإذا بلغتك فقطني‏.‏ فقال‏:‏ احطط عن راحلتك رحلها‏.‏ ودخل كريز بن زفر بن الحارث على يزيد بن المهلب فقال‏:‏ أصلح الله الأمير أنت أعظم من أن يستعان بك ويستعان عليك ولست تفعل من الخير شيئاً إلا وهو يصغر عنك وأنت أكبر منه وليس العجب أن تفعل ولكن العجب أن لا تفعل قال‏:‏ سل حاجتك‏.‏ قال‏:‏ قد حملت عن عشيرتي عشر ديات‏.‏ قال‏:‏ قد أمرت لك بها وشفعتها بمثلها‏.‏ العتبي عن أبيه قال‏:‏ أتى رجل إلى حاتم الطائي فقال‏:‏ إنها وقعت بيني وبين قومي ديات فاحتملتها في مالي وأملي فعدمت مالي وكنت أملي فإن تحملها عني فرب هم فرجته وغم كفيته ودين قضيته وإن حال دون ذلك حائل لم أذم يومك ولم أيأس من غدك‏.‏ فحملها عنه‏.‏ المدائني قال‏:‏ سأل رجل خالداً القسري حاجة فاعتل عليه‏.‏ فقال له‏:‏ لقد سألت الأمير من غير حاجة‏.‏ قال وما دعاك إلى ذلك قال رأيتك تحب من لك عنده حسن بلاء فأردت أن أتعلق منك بحبل مودة‏.‏ فوصله وحباه وأدنى مكانه‏.‏ والأصمعي قال‏:‏ دخل أبو بكير الهجري على المنصور فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين نغض فمي وأنتم أهل البيت بركة فلو أذنت لي فقبلت رأسك لعل الله يشدد لي منه‏.‏ قال‏:‏ اختر منها ومن الجائزة‏.‏ فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين أهون علي من ذهاب درهم من الجائزة ألا تبقى حاكة في فمي‏.‏ فضحك المنصور وأمر له بجائزة‏.‏ وذكروا أن جاراً لأبي دلف ببغداد لزمه كبير دين فادح حتى احتاج إلى بيع داره‏.‏ فساوموه بها فسألهم ألف دينار فقالوا له‏:‏ إن دارك تساوي خمسمائة دينار‏.‏ قال‏:‏ وجواري من أبي دلف بألف وخمسمائة دينار‏.‏ فبلغ أبا دلف فأمر بقضاء دينه وقال له لا تبع دارك ولا تنتقل من جوارنا‏.‏ ووقفت امرأة على قيس بن سعد بن عبادة فقالت‏:‏ أشكو إليك قلة الجرذان قال‏:‏ ما أحسن هذه الكناية‏!‏ املئوا لها بيتاً خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً‏.‏ إبراهيم بن أحمد عن الشيباني قال‏:‏ كان أبو جعفر المنصور أيام بني أمية إذا دخل البصرة دخل مستتراً فكان يجلس في حلقة أزهر السمان المحدث‏.‏ فلما أفضت الخلافة إليه قدم عليه أزهر فرحب به وقربه وقال له ما حاجتك يا أزهر قال‏:‏ داري متهدمة وعلي أربعة آلاف درهم وأريد أن يبني محمد ابني بعياله فوصله باثني عشر ألفاً وقال‏.‏ قد قضينا حاجتك يا أزهر فلا تأتنا طالباً‏:‏ فأخذها وارتحل‏.‏ فلما كان بعد سنة أتاه‏.‏ فلما رآه أبو جعفر قال‏:‏ ما جاء بك يا أزهر قال جئتك مسلماً‏.‏ قال‏:‏ إنه يقع في خلد أمير المؤمنين أنك جئت طالباً‏.‏ قال‏:‏ ما جئت إلا مسلماً‏.‏ قال‏:‏ قد أمرنا لك باثني عشر ألفاً واذهب فلا تأتنا طالباً ولا مسلماً‏.‏ فأخذها ومضى‏.‏



    سأكِونكالِوُرد


    كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!






  • صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. العقد الفريد/الجزء الأول/7
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 08-02-2010, 05:19 PM
    2. العقد الفريد/الجزء الأول/6
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 08-02-2010, 05:07 PM
    3. العقد الفريد/الجزء الأول/4
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 08-02-2010, 04:53 PM
    4. العقد الفريد/الجزء الأول/3
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 08-02-2010, 04:35 PM
    5. العقد الفريد/الجزء الأول/2
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 08-02-2010, 04:21 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1