صفحة 20 من 23 الأولىالأولى ... 101819202122 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 77 إلى 80 من 91

الموضوع: ذاكرة جسد - للروائية أحلام


  1. #77
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 258
    Array

    في ذلك الصباح، كانت الخمرة ملجئي الوحيد، لأنسى خيبتي معك.

    في تلك الغرفة التي يؤثثها سرير فارغ، ونافذة تطل على المآذن والجسور، وطاولة فارغة من لوازم الرسم، لم أجد لي من طوق نجاة سوى بضع أوراق وأقلام فقط، وزجاجة ويسكي أحضرتها لحسان قبل أن يتوب، ومازالت في حقيبتي تنتظر. فأحضرتها ورحت أشرب ذلك الصباح نخب زياد وسي الطاهر.. ونخب قسنطينة.

    تذكّرت مسرحية أعجبت بها يوماً. فكتبت أعلى الصفحة، دون كثير من التفكير "كأسك يا قسنطينة".

    وضحكت لهذا الدور الذي كان جاهزاً لي في هذه المدينة التي تمنع عنك الخمرة، وتوفر لك كل أسباب شربها.

    لم أكن أدري وقتها، أنني كنت أخطّ خلاصة خيبتي كلمتين قد تصلحان عنواناً لهذا الكتاب، الذي ربما ولدت فكرته يومها.
    كانت بي رغبة لتحديك وتحدّي هذه المدينة.. وهذا الوطن الكاذب.

    رفعت كأسي الملآى بك.. نخب ذاكرتك التي تحترف مثله النسيان. نخب عينيك اللتين خلقتا لتكذبا.
    نخب فرح الليلة الجاهز للبكاء.. نخب بكائي العاجز عن الدموع.
    أنت التي صالحتني مع الله، وأعدتني يوماً إلى العبادة. ها أنت تخونينني ليلة جمعة.. تحلّين دمي، وتطلقين عليّ رصاص الغدر..

    فلماذا لا أسكر اليوم.. من أكثرنا كفراً يا ترى!

    في الواقع، لم تكن الخمرة هوايتي. كانت مشروب فرحي وحزني التطرف. ولذا ارتبطت بك وبتقلباتك الجنونية. ففي كل مرة شربت فيها كنت أؤرخ لحدثٍ ما في قصتنا التي لا تنتهي.

    وها أنا أفتح على شرفك زجاجتي الأخيرة.. وأرتكب جنوني الأخير. فلا أعتقد أنني قد أسكر بعد اليوم. لأنني سأغسل يدي منك اليوم.. وأشيّعك على طريقتي.

    وحده أمر ناصر يعنيني الآن، أخيك الذي يصلي في هذه اللحظة في أحد مساجد هذه المدينة، لينسى مثلي، أنهم سيتناوبون على وليمتك الليلة.. وأن هناك من سيتمتع بك في غفلةٍ منا..

    في الواقع.. كنت أسكر نخبه.. لا غير!

    إيه ناصر..

    أنا.. وأنت.. وهذه المدينة.

    مدينة تواطأت معنا في التطرف والجنون. مدينة "سادية" تتلذذ بتعذيب أولادها. حبلت بنا دون جهد. ووضعتنا كما تضع سلحفاة بحرية أولادها عند شاطئ وتمضي دون اكتراث، لتسلمهم لرحمة الأمواج والطيور البحرية..

    "إفكروا.. وإلا الله لا يجعلكم تفكِّروا.." يقول "الفكرون" في ذلك المثل الشعبي وهو يتخلى عن أولاده.

    وها نحن بلا أفكار.. نبحث عن قدرنا بين الحانات والمساجد.

    ها نحن سلحفاة تنام على ظهرها. قلبوها حتى لا تهرب، قلبوها في محاولة انقلاب على المنطق..

    فكم يشبه الميلاد الموت في المدن العريقة، حيث نولد ونموت وسط مجرى الهواء والرياح المضادة!

    وما أكبر يتم السلاحف في هذه المدينة!

    عندما جاء حسان بعد ذلك، وفاجأني جالساً أكتب أمام تلك الطاولة وأمامي زجاجة ويسكي نصف فارغة، كاد يشهق من العجب. وظل ينظر إلي مدهوشاً وكأنني بفتح تلك الزجاجة أخرجت له مارداً، أو جنّاً أطلقته في البيت.

    حاولت أن أمازحه فسألته بسخرية:

    - لماذا تنظر إليّ هكذا.. ألم ترَ زجاجة كهذه قبل اليوم؟

    ولكنه دون أي رغبة في المزاح أخذ الزجاجة من أمامي، وذهب بها إلى المطبخ، وهو يسبّ ويتحدث لنفسه كلاماً لم يكن يصلني.

    وعندما عاد قال لي بنبرة فيها شيء من اليأس وبقايا من متاعب ناصر:

    - يا أخي واش بيكم.. البلاد متّخذة وأنتما واحد لاتي يصلي.. وواحد لاتي يسكر.. كيفاش نعمل معاكم؟

    توقف سمعي عند ذلك التعبير الذي لم أسمعه منذ عدة سنوات "البلاد متّخذة" والذي يعني أن البلاد قائمة قاعدة.. أو تشهد حدثاً استثنائياً، والذي هو في الواقع تعبير جنسي محض.

    ابتسمت وأن أكتشف مرة أخرى قدرة هذه المدينة على زجّ الصور الجنسية في كل شيء. وذلك ببراءة مدهشة..

    رفعت عيني نحوه وقلت له بشيء من السخرية المرة:

    - هذه هي الجزائر يا حسان.. البعض يصلّي.. والبعض يسكر.. والآخرون أثناء ذلك "ياخذوا في البلاد.."!

    ولكن حسان لم يبدُ على استعداد للتمادي معي في النقاش.

    ربما لأنه بعد ذلك الوقت الذي قضاه في إقناع ناصر لم يعد قادراً على المزيد من المناقشة. فقال وهو يقاطعني:

    - سأذهب لأحضر لك القهوة، حتى تفيق وتطير عنك هذه السكرة.. ثم نتحدث. إن الناس ينتظروننا هناك وبعضهم لم يرَك منذ سنوات. يجب ألا تذهب إليهم في هذه الحالة!

    عندما عاد بعد لحظات بالقهوة سألته:

    - ماذا فعلت مع ناصر؟

    قال:

    - لقد وعدني أنه سيمر هناك وقت العشاء إرضاءً لخاطري فقط، ولكنه لن يمكث طويلاً. وبرغم ذلك أشك في أن يحضر فعلاً. لا أفهم عناده هذا.. إنه لا يملك سوى أخت واحدة في النهاية.. ولا يمكن ألا يقف في عرسها أمام الناس.

    جنون!

    كنت أحتسي تلك القهوة حتى يطير سكري، حسب تعبير حسان. ولكن كنت أشعر في الواقع أنني أزداد سكراً أو جنوناً، وأنا أستمع إليه.

    كتلك اللحظة التي سألته فيها عن سبب مقاطعة ناصر لهذا العرس، وإذا بالحديث يجرّنا إلى أكثر من موضوع.

    قال:

    - إنه على خلاف مع عمه. فهو يعتقد أنه استفاد كثيراً من اسم سي الطاهر، وأنه قلّما اهتم بمصير زوجة أخيه وأولاده. وهذا العرس لا هدف له غير أسباب وصوليّة ومطامع سياسية محض.. فهو ضد اختيار عمه لهذا العريس السيئ الصيت سياسياً وأخلاقياً. فالجميع يتحدّث عن العمولات التي يتقاضاها في صفقاته المختلفة.. وعن حساباته في الخارج.. وعن عشيقاته الجزائريات.. والأجنبيات. إضافة إلى كون هذا الزواج زواجه الثاني، وأن له أولاداً يقارب عمرهم عمر عروسه الجديدة..

    سألته:

    - وهل تجد أنت هذا الزواج طبيعياً؟

    قال:

    - لا أدري بأي منطق تريد أن أحكم عليه. من المؤكد أنه بمنطق الأشياء عندنا زواج طبيعي. إنه ليس أول زواج من هذا النوع، ولن يكون الأخير.. إن لمعظم الرجال المهمّين هنا أكثر من عشيقة. وكلهم تخلّوا بطريقة أو بأخرى عن زوجاتهم وأولادهم، ليتزوجوا من عروس جديدة أصغر عمراً وأكثر جمالاً وثقافة من الأولى.. إنك لا تستطيع أن تمنع رجلاً عندنا زادوا له نجمة على أكتافه، من أن يزيد امرأة في بيته، أو تمنع رجلاً حصل على منصب جديد لم يحلم به، من أن يبدأ في البحث عن فتاة أحلامه.

    وأضاف:

    - أنا حاولت فقط أن أقنع ناصر أن عمه لم يقصد بالضرورة القضاء على مستقبل أخته بهذا الزواج. بل إن أي شخص سواه كان سيرحّب بهذه المصاهرة.. ويسعى إليها لاهثاً.. إنها الطريقة الوحيدة ليحل مشكلاته ومشكلات ابنته مرة واحدة، ويوفر عليها كثيراً من المتاعب..

    سألته:

    - لو كانت لك بنت وخطبها منك هذا الرجل، أكنت زوّجته منها؟

    قال:

    - طبعاً.. ولم لا؟ إن الزواج حلال.. الحرام هو ما يمارسه
    █║S│█│Y║▌║R│║█


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #78
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 258
    Array

    بعضهم بطرقٍ عصرية. كأن يرسل أحدهم ابنته أوزوجته.. أو أخته لتحضر له ورقة من إدارة، أو تطلب شقّة أو رخصة لمحل تجاري نيابةعنه، وهو يعلم أن لا أحد هنا يعطيك شيئاً بلا مقابل. لقد خلق البسطاء بأنفسهم عملةأخرى للتداول ويقضون بها حاجاتهم.. هات امرأة.. وخذ ما تشاء!

    تمتمتبذهول:

    -
    أحق ما تقول؟

    أجاب:

    -
    إنه ما يحدث الآن في أكثر منمدينة.. وفي العاصمة بالذات.. حيث يمكن لأي فتاة تمرّ بمكتب ما في الحزب أن تحصلعلى شقة أو خدمة أخرى.. والجميع يعرف العنوان طبعاً، ويعرف اسم من يوزّع الشققوالخدمات على النساء والشعارات على الشعب بالتساوي.. يكفي أن ترى منظر الفتياتاللاتي يدخلن هناك لتفهم كل شيء..

    سألته:

    -
    ومن أدراكبها؟

    قال متذمراً:

    -
    من؟ لقد سمعته بأذني وشاهدته بعيني يوم ذهبتهناك منذ بضعة أشهر لأقابل صديقاً موظّفاً في الحزب.. عساه يساعدني في الخروج منسلك التعليم. تصور.. حتى البواب لم يكلف نفسه مشقة الحديث إليّ.. وعبثاً رحت أشرحله أنني قادم من قسنطينة لهذا الغرض. وحدهن النساء كن جديرات بالعناية هناك.. وعندما أبديت تذمّري "للأخ الفرّاش" أجابني بشيء من العصبية، و"التشناف" أن معظمالزائرات موظفات في الاتحادات الحزبية.. أو مناضلات. وكدت أسأله وأنا أرى إحداهنتمر أمامي "بأي "عضو" ناضلن على التحديد..؟" ولكنني سكتّ.

    إيه.. يا ولديروح.. كل شي أصبح يمر بالنساء اليوم. بالسهرات.. المجالس الخاصة. ولذا لو كنت أملكالخيار لزوّجت ابنتي من واحد يمكنه بهاتف أن يأتيها بكل شيء. على أن أعطيها لواحدمثلي يعيش معها في البؤس كما أعيش أنا.. أو يدخل في هذه الحلقة القذرة.. ويبعثهاتدقّ على مئة باب؟

    ربما لاحظ وقتها آثار الصدمة المدهشة على ملامحي.. وتلكالمرارة التي أسكتتني من الهول، عندما أضاف وكأنه يستدرك ليخفف من خيبتي:

    -
    على كل حال.. لن يحدث هذا. حتى لو عرضت ابنتي على (سي....) فمن المؤكد أنه لن يقبلبها. إنهم لا يتزوجون إلا من بعضهم. ففلان لا يريد إلا بنت فلان، حتى "يبقى زيتنافي دقيقنا.!" ويضمنوا لأنفسهم التنقل من كرسي سلطة إلى آخر، فكيف تريد في هذا الجوأن يستطيع شابٌّ بسيط أن يبني حياته؟ كل البنات يبحثن عن المسؤولين والمديرينوالرجال الجاهزين.. وهؤلاء يعرفون ذلك فيزيدون من شروطهم كل مرة.. بينما عددالعوانس يزيد كل يوم.. إنه قانون العرض والطلب.

    إذا رأيت الأمور بهذه العين،فإنك حتماً تعذر سي الشريف. المهم أن يستر بنت أخيه، ويضمن لها ولنفسه مستقبلاًسعيداً قدر الإمكان.

    أما كون العريس سارقاً وناهباً لأملاك الدولة.. فماذاتريد أن تفعل؟ كلهم سرّاق ومحتالون. هنالك من انفضحت أموره، وهنالك من عرف كيفيحافظ على مظهر محترم.. فقط!

    أصبت بذهول وأنا أستمع إليه.

    كدت أقولله إنه في النهاية على حق. وربما كان سي الشريف أيضاً على حقّ.. لاأدري.

    ولكن كان هناك شيء ما في هذا الزواج، يرفض أن يدخلعقلي وأقتنعبه.



    الفصلالسادس


    لعرسك لبست بدلتي السوداء.
    مدهش هذا اللون. يمكن أن يلبس للأفراح.. وللمآتم!
    لماذا اخترت اللون الأسود؟
    ربما لأنني يوم أحببتك أصبحت صوفياً، وأصبحتِ أنتِ مذهبي وطريقتي. وربما لأنه لون صمتي.
    لكل لون لغته. قرأت يوما أن الأسود صدمة للصبر.
    قرأت أيضاً أنه لون يحمل نقيضه. ثم سمعت مرة مصمم أزياء شهيراً، يجيب عن سر لبسه الدائم للأسود قال:

    "إنه لون يضع حاجزاً بيني وبين الآخرين".

    ويمكن أن أقول لك اليوم الكثير عن ذلك اللون. ولكني سأكتفي بقول مصمم الأزياء هذا.
    فقد كنت في ذلك اليوم أريد أن أضع حاجزاً بيني وبين كل الذين سألتقي بهم، كل ذلك الذباب الذي جاء ليحط على مائدة فرحك.
    وربما كنت أريد أن أضع حاجزاً بيني وبينك أيضاً.

    لبست طقمي الأسود، لأواجه بصمت ثوبك الأبيض، المرشوش باللآلئ والزهور، والذي يقال إنه أعدّ لك خصيصاً في دار أزياء فرنسية..
    هل يمكن لرسام أن يختار لونه بحياد؟
    وكنت أنيقاً. فللحزن أناقته أيضاً. أكّدت لي المرآة ذلك. ونظرة حسان، الذي استعاد فجأة ثقته بي، وقال بلهجة جزائرية أحبها، وهو يتأملني: "هكذا نحبك آ خالد.. إهلكهم..!".

    نظرت إليه.. كدت أقول له شياً.. ولكني صمتّ.

    عند الباب المشرع للسيارات، وأفواج القادمين، استقبلني سي الشريف بالأحضان..

    - أهلاً سي خالد.. أهلاً.. زارتنا البركة.. يعطيك الصحة اللي جيت.. راك فرحتني اليوم.

    اختصرت ذلك الموقف العجيب مرة أخرى في كلمة. قلت:

    - كل شيء مبروك..

    وضعت قناع الفرح على وجهي. وحاولت أن أحتفظ به طوال تلك السهرة.

    يمتلئ البيت زغاريد. ويمتلئ صدري بدخان السجائر التي أحرقها وتحرقني. يمتلئ قلبي حزناً. ويتعلم وجهي تلقائياً الابتسامات الكاذبة. فأضحك مع الآخرين. أجالس من أعرف ومن لا أعرف. أتحدث في الذي أدري والذي لا أدري. حتى لا أخلو بك لحظة واحدة.. حتى لا أفاجئك داخلي.. فأنهار.

    أسلّم على العريس الذي يقبّلني بشوق صديق قديم لم يلتق به منذ مدة:

    - هاك جيت للجزائر آ سيدي.. كان موش هاذا العرس.. ما كناش شفناك!

    أحاول أن أنسى أنني أتحدث لزوجك، لرجل يتحدث إليّ مجاملة على عجل، وهو يفكر ربما في اللحظة التي سينفرد فيها بك في آخر الليل..

    أتأمل سيجاره الذي اختاره أطول للمناسبة.. بدلته الزرقاء الحريرية التي يلبسها _أو تلبسه_ بأناقة من تعوّد على الحرير. أحاول ألا أتوقف عند جسده. أحاول ألا أتذكر. أتلهّى بالنظر إلى وجوه الحاضرين.

    وتطلّين..

    تدخلين في موكب نسائي، يحترف البهجة والفرح، كما أحترف أنا الرسم والحزن.

    أراك لأول مرة، بعد كل أشهر الغيبة تلك، تمرين قريبة وبعيدة، كنجمة هاربة. تسيرين.. مثقلة الأثواب والخطى، وسط الزغاريد ودقّات البندير. وأغنية تستفزّ ذاكرتي، وتعود بي طفلاً أركض في بيوت قسنطينة القديمة. في مواكب نسائية أخرى.. خلف عروس أخرى.. لم أكن أعرف عنها شيئاً يومذاك.

    آه كم كنت أحب تلك الأغاني التي كانت تزفّ بها العرائس، والتي كانت تطربني دون أن أفهمها. وإذا بها اليوم تبكيني!

    "شرّعي الباب يا أم العروس.." يقال إن العرائس يبكين دائماً عند سماع هذه الأغنية.

    تراك بكيت يومها؟

    كانت عيناك بعيدتين.. يفصلني عنهما ضباب دمعي وحشد الحضور. فعدلت عن السؤال.

    اكتفيت بتأمّلك، في دورك الأخير.

    ها أنت ذي تتقدّمين كأميرة أسطورية، مغرية شهية، محاطة بنظرات الانبهار والإعجاب.. مرتبكة.. مربكة، بسيطة.. مكابرة.

    ها أنت ذي، يشتهيك كل رجل في سرّه كالعادة.. تحسدك كل النساء حولك كالعادة..
    وها أنذا _ كالعادة_ أواصل ذهولي أمامك.

    وها هوذا "الفرقاني".. كالعادة.. يغنّي لأصحاب النجوم والكراسي الأمامية.


    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #79
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 258
    Array


    يصبح صوته أجمل، وكمنجته أقوى عندما يزفّ الوجهاء وأصحاب القرار والنجوم الكثيرة.
    تعلو أصوات الآلات الموسيقية.. ويرتفع غناء الجوقة في صوتٍ واحد لترحب بالعريس:

    "يا ديني ما أحلالي عِرسو.. بالعوادة..
    الله لا يقطعلو عادة..
    وانخاف عليه.. خمسة. والخميس عليه"

    تعلو الزغاريد.. وتتساقط الأوراق النقدية.

    ما أقوى الحناجر المشتراة. وما أكرم الأيدي التي تدفع كما تقبض على عجل!

    ها هم هنا..

    كانوا هنا جميعهم.. كالعادة.

    أصحاب البطون المنتفخة.. والسجائر الكوبية.. والبدلات التي تلبس على أكثر من وجه.

    أصحاب كل عهد وكل زمن.. أصحاب الحقائب الدبلوماسية، أصحاب المهمات المشبوهة، أصحاب السعادة وأصحاب التعاسة، وأصحاب الماضي المجهول.

    ها هم هنا..

    وزراء سابقون.. ومشاريع وزراء. سرّاق سابقون.. ومشاريع سرّاق. مديرون وصوليون.. ووصوليون يبحثون عن إدارة. مخبرون سابقون.. وعسكر متنكّرون في ثياب وزارية.

    ها هم هنا..

    أصحاب النظريات الثورية، والكسب السريع. أصحاب العقول الفارغة، والفيلات الشاهقة، والمجالس التي يتحدث فيها المفرد بصيغة الجمع.

    ها هم هنا.. مجتمعون دائماً كأسماك القرش. ملتفون دائماً حول الولائم المشبوهة..
    أعرفهم وأتجاهل معظمهم "ما تقول أنا.. حتى يموت كبار الحارة!"

    أعرفهم وأشفق عليهم.

    ما أتعسهم في غناهم وفي فقرهم. في علمهم وفي جهلهم. في صعودهم السريع.. وفي انحدارهم المفجع!

    ما أتعسهم، في ذلك اليوم الذي لن يمدّ فيه أحد يده حتى لمصافحتهم.

    في انتظار ذلك.. هذا العرس عرسهم. فليأكلوا وليطربوا. وليرشقوا الوراق النقدية. وليستمعوا للفرقاني يردد كما في كل عرس قسنطيني أغنية "صالح باي".

    تلك التي مازالت منذ قرنين تُغنّى للعبرة، لتذكّر أهل هذه المدينة بفجيعة (صالح باي) وخدعة الحكم والجاه الذي لا يدوم لأحد..

    والتي أصبحت تُغنّى اليوم بحكم العادة للطرب دون أن تستوقف كلماتها أحداً..

    كانوا سلاطين ووزراء *** ماتوا وقبلنا عزاهمْ
    نالوا من المال كُثرةْ *** لا عزّهم.. لا غناهُمْ
    قالوا العرب قالوا *** ما نعطيوْ صالح ولا مالُو.."

    أتذكر وأنا أستمع لهذه الكلمات، أغنية عصرية أخرى وصلتني كلماتها من مذياع بموسيقى راقصة.. تتغزّل بصالح آخر "صالح.. يا صالح.. وعينيك عجبوني..".

    إيه يا قسنطينة، لكل زمن "صالحه".. ولكن ليس كل "صالح" باياً.. وليس كل حاكم صالحاً!

    ها هوذا الوطن الآخر أخيراً أمامي.. أهذا هو الوطن حقاً؟

    في كل مجلس وجه أعرف عنه الكثير. فأجلس أتأمّلهم، وأستمع لهم يشكون ويتذمّرون.

    لا أحد سعيد منهم حسب ما يبدو.

    المدهش أنهم هم دائماً الذين يبادرونك بالشكوى، وبنقد الأوضاع.. وشتم الوطن.

    عجيبة هذه الظاهرة!

    كأنهم لم يركضوا جميعاً خلف مناصبهم زحفاً على كل شيء. كأنهم ليسوا جزءاً من قذارة الوطن. كأنهم ليسوا سبباً في ما حلّ به من كوارث..

    أسلِّم على (سي مصطفى). لقد أصبح وزيراً منذ ذلك اليوم الذي زارني فيه ليشتري مني لوحة. ورفضت أن أبيعه إياها.

    لقد نجحت تكهّنات (سي الشريف) إذن، فقد راهن على حصان رابح..

    أسأله مجاملة:

    - واش راك سي مصطفى؟

    فيبدأ دون مقدمات بالشكوى:

    - رانا غارقين في المشاكل.. على بالك..!

    تحضرني وقتها، مصادفة، مقولة لديغول: "ليس من حق وزير أن يشكو.. فلا أحد أجبره على أن يكون وزيراً!".

    أحتفظ بها لنفسي وأقول له فقط..

    - إيه.. على بالي..

    نعم.. كنت (على بالي..) بتلك المبالغ الهائلة التي تقاضاها في كندا كعمولة لتجديد معدّات إحدى الشركات الوطنية الكبرى. ولكنني كنت أخجل أن أقول له ذلك، لأنني أدري أن الذين سبقوه إلى ذلك المنصب.. لم يفعلوا أحسن منه.

    اكتفيت فقط بالاستماع إليه وهو يشكو، بطريقة تثير شفقة أي مواطن مسكين..

    بينما كان حسان مشغولاً عني بالحديث مع صديق قديم.. كان أستاذاً للعربية.. قبل أن يصبح فجأة.. سفيراً في دولة عربية!

    كيف حدث ذلك؟

    يقال إنه ردّ دين.. وقضية "تركة" وصداقة قديمة تجمع ذلك الأستاذ بوالد إحدى الشخصيات.. وأنها ليست "الحالة الدبلوماسية" الوحيدة!

    مثل (سي حسين) الذي أعرفه جيداً والذي كان مدير إحدى المؤسسات الثقافية، يوم كنت أنا مديراً للنشر. وإذا به بين ليلة وضحاها يعيّن سفيراً في الخارج.. بعدما طلعت رائحته في الداخل. فتكفلوا بلفّه بضعة أشهر وبعثه إلى الخارج مع كل التشريفات الدبلوماسية خلف علم الجزائر!

    ها هوذا اليوم هنا.. في جوّه الطبيعي.

    لقد استدعي إثر قضية احتيال وتلاعب بأموال الدولة في الخارج، ليعاد دون ضجيج إلى وظيفة حزبية.. ولكن على كرسي جانبي هذه المرة.

    هنالك دائماً في هذه الحالات.. سلة مهملات شرفيّة!

    في مجلس آخر، مازال أحدهم ينظّر ويتحدث وكأنه مفكّر الثورة وكل ما سيليها من ثورات. وإحدى ثورات هذا الشخص.. أنه وصل إلى الصفوف الأمامية في ظروف مشبوهة، بعدما تفرّغ لتقديم طالباته إلى مسؤول عجوز مولع بالفتيات الصغيرات..

    هذا هو الوطن..

    وها هو عرسك الذي دعوتني إليه. إنه "السيرك عمّار".. سيرك لا مكان فيه إلا للمهرّجين، ولمن يحترفون الألعاب البهلوانية.. والقفز على المراحل.. والقفز على الرقاب.. والقفز على القِيَم.

    سيرك يضحك فيه حفنة على ذقون الناس، ويروّض فيه شعب بأكمله على الغباء.

    فكم كان ناصر محقاً عندما لم يحضر هذا الكرنفال!

    كنت أدري بحدسٍ ما أنه لن يحضر.. ولكن أين هو الآن.؟

    تراه مازال يصلي في ذلك المسجد.. لكي لا يلتقي بهم. وهل تغيّر صلاته.. أو يغيّر سكري شيئاً؟

    آه يا ناصر! كفّ عن الصلاة يا ابني. لقد أصبحوا يصلّون أيضاً ويلبسون ثياب التقوى. كفّ عن الصلاة.. وتعال نفكّر قليلاً. فأثناء ذلك ها هوذا الذباب يحطّ على كل شيء، والجراد يلتهم هذه الوليمة.

    كلما تقدم الليل، تقدم الحزن بي، وتقدم بهم الطرب. وانهطل مطر الأوراق النقدية عند أقدام نساء الذوات، المستسلمات لنشوة الرق، على وقع موسيقى أشهر أغنية شعبية..

    "إذا صاح الليل وَيْن انباتُو *** فوق فراش حرير
    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #80
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 258
    Array

    ومَخدّاتُو.."

    أمان.. أمان..

    إيه آ الفرقاني غَنِّ..

    لا علاقة لهذه الأغنية بأزمة السكن، كما قد يبدو من الوهلة الأولى. إنها فقط تمجيد لليالي الحمراء والأسرّة الحريرية التي ليست في متناول الجميع.

    "ع اللي ماتوا.. يا عين ما تبكيش ع اللي ماتوا.."

    أمان.. أمان.

    لن أبكي.. ليست هذه ليلة لسي الطاهر.. ولا لزياد.

    ليست للشهداء ولا للعشاق. إنها ليلة الصفقات التي يحتفل بها علناً بالموسيقى والزغاريد.

    "خارجة من الحمّامْ بالريحيّةْ *** يا لِندراشْ للغير وإلا ليّ.."

    أمان.. أمان.

    لن أطرح على نفسي هذا السؤال. الآن أعي أنكِ للغير ولستِ لي. تؤكد ذلك الأغنيات، وذلك الموكب الذي يهرب بك، ويرافقك بالزغاريد إلى ليلة حبّك الشرعية.

    وعندما تمرّين بي، عندما تمرين.. وأنت تمشين مشية العرائس تلك، أشعر أنكِ تمشين على جسدي، ليس "بالريحيّة" وإنما بقدميك المخضّبتين بالحناء.. وأن خلخالك الذهبي يدّق داخلي، ويعبرني جرساً يوقظ الذاكرة..

    قفي..

    قسنطينة الأثواب مهلاً! ما هكذا تمرّ القصائد على عجل!

    ثوبك المطرّز بخيوط الذهب، والمرشوش بالصكوك الذهبية، معلّقة شعر كتبتها قسنطينة جيلاً بعد آخر على القطيفة العنابي. وحزام الذهب الذي يشد خصرك، لتتدفّقي أنوثة وإغراءً، هو مطلع دهشتي.
    هو الصدر والعجز في كل ما قد قيل من شعرٍ عربيّ.
    فتمهّلي..
    دعيني أحلم أن الزمن توقّف.. وأنك لي. أنا الذي قد أموت دون أن يكون لي عرس، ودون أن تنطلق الزغاريد يوماً من أجلي.
    كم أتمنى اليوم لو سرقت كل هذه الحناجر النسائية، لتبارك امتلاكي لك!
    لو كنت "خطّاف العرائس" ذلك البطل الخرافي الذي يهرب بالعرائس الجميلات ليلة عرسهنّ، لجئتك أمتطي الريح وفرساً بيضاء.. وخطفتك منهم..

    لو كنتِ لي.. لباركتنا هذه المدينة، ولخرج من كل شارع عبرناه وليّ يحرق البخور على طريقنا.. ولكن ما أحزن الليلة.. قسنطينة!
    ما أتعس أولياءها الصالحين.. وحدهم جلسوا إلى طاولتي دون سبب واضح.. وحجزوا لذاكرتي الأخرى كرسيّاً أمامياً..

    وإذا بي أقضي سهرتي في السلام عليهم واحدا واحدا..

    سلاماً يا سيدي راشد..
    سلاماً يا سيدي مبروك.. يا سيدي محمد الغراب.. يا سيدي سليمان.. يا سيدي بوعنّابة.. يا سيدي عبد المؤمن.. يا سيدي مسيد.. يا سيدي بومعزة.. يا سيدي جليس..

    سلاماً يا من تحكمون شوارع هذه المدينة.. أزقّتها وذاكرتها.
    قفوا معي يا أولياء الله.. متعب أنا هذه الليلة.. فلا تتخلوا عني.. أما كان منكم أبي؟

    أبي يا "عيساوي" أباً عن جَد؟
    أنت الذي كنت في تلك الحلقات المغلقة، في تلك الطقوس الطُرقيّة العجيبة، تغرس في جسدك ذلك السفود الأحمر الملتهب ناراً.. فيتخرق جسدك من طرفٍ إلى آخر، ثم تخرجه دون أن تكون عليه قطرة دم؟
    أنت الذي كنت تمرّر حديده الملتهب والمحمّر كقطعة جمر، فينطفئ جمره من لعابك، ولا تحترق.

    علّمني الليلة كيف أتعذّب دون أن أنزف.
    علّمني كيف أذكر اسمها دون أن يحترق لساني.
    علّمني كيف أشفى منها، أنت الذي كنت تردد مع جماعة "عيساوة" في حلقات الجذب والتهويل، وأنت ترقص مأخوذاً باللهب:

    "أنا سيدي عيساوي.. يجرح ويداوي.."

    من يداويني يا أبي.. من؟

    وأحبها..

    في هذه الساعة المتأخرة من الألم، أعترف أنني مازلت أحبها.. وأنها لي.
    أتحدّى أصحاب البطون المنتفخة.. وذلك صاحب اللحية.. وذلك صاحب الصلعة.. وأولئك أصحاب النجوم التي لا تعدّ.. وكل الذين منحتهم الكثير.. واغتصبوها في حضرتي اليوم.

    أتحداهم بنقصي فقط.
    بالذراع التي لم تعد ذراعي، بالذاكرة التي سرقوها منّي، بكل ما أخذوه منّا.

    أتحداهم أن يحبوها مثلي. لأنني وحدي أحبها دون مقابل.

    وأدري أنه في هذه اللحظة، هناك من يرفع عنها ثوبها ذاك على عجل. يخلع عنها صيغتها دون كثير من الاهتمام ويركض نحو جسدها بلهفة رجل في الخمسين يضاجع صبية.

    حزني على ذلك الثوب.. حزني عليه.

    كم من الأيدي طرّزته، وكم من النساء تناوبن عليه، ليتمتع اليوم برفعه رجل واحد. رجل يلقي به على كرسي كيفما كان، وكأنه ليس ذاكرتنا، كأنه ليس الوطن.
    فهل قدر الأوطان أن تعدّها أجيال بأكملها، لينعم بها رجل واحد؟

    أتساءل الليلة.. لماذا وحدي تستوقفني كل هذه التفاصيل. وكيف اكتشفت الآن فقط، معنى كل الأشياء التي لم يكن لها معنى من قبل؟

    أتراه عُشق هذا الوطن.. أم البعد عنه، هو الذي أعطى الأشياء العادية قداسة لا يشعر بها غير الذي حرم منه؟

    ألأن المعايشة اليومية تقتل الحلم وتغتال قداسة الأشياء كان أحد الصحابة ينصح المسلمين بأن يغادروا مكة، حال انتهائهم من مراسيم الحج، حتى تبقى لتلك المدينة رهبتها وقداستها في قلوبهم، وحتى لا تتحول بحكم العادة إلى مدينة عادية يمكن لأي واحدٍ أن يسرق ويزني ويجور فيها دون رهبة؟

    إنه ما يحدث لي منذ وطئت قدماي هذه المدينة. وحدي أعاملها كمدينة فوق العادة.

    أعامل كل حجر فيها بعشق. أسلم على جسورها جسراً جسراً. أسأل عن أخبار أهلها، عن أوليائها وعن رجالها، واحداً.. واحداً..

    أتأملها وهي تمشي، أتألها وهي تصلي، وتزني وتمارس جنونها ولا أحد يفهم جنوني وسرّ تعلّقي بمدينة يحلم الجميع بالهرب منها.

    هل أعتب عليهم؟

    هل يشعر سكان أثينا أنهم يمشون ويجيئون على ذاكرة التاريخ.. وعلى تراب مشت عليه الآلهة، وأكثر من بطل أسطوري؟

    هل يشعر سكان الجيزة في بؤسهم وفقرهم، أنهم يعيشون عند أقدم معجزة، وأن الفراعنة مازالو بينهم، يحكمون مصر بحجرهم وقبورهم؟

    وحدهم الغرباء الذين قرأوا تاريخ اليونان والفراعنة، في كتب التاريخ، يعاملون تلك الحجارة بقداسة، ويأتون من أطراف العالم لمجردّ الاقتراب منها.

    تراني أطلت المكوث هنا، واقترفت حماقة الاقتراب من الأحلام حتى الاحتراق، وإذا بي يوماً بعد آخر، وخيبة بعد أخرى، أشفى من سلطة اسمها عليّ، وأفرغ من وهمي الجميل.. ولكن ليس دون الم؟
    في هذه اللحظة، لا أريد لهذه المدينة أن تكون أكثر من رصاصة رحمة.

    ولذا أتقبّل تلك الزغاريد التي انطلقت في ساعة متقدّمة من الفجر، لتبارك قميصك الملطّخ ببراءتك، كآخر طلقة نارية تطلقها في وجهي هذه المدينة، ولكن دون كاتم صوت.. ولا كاتم ضمير. فأتلقاها جامداً.. مذهول النظرات كجثة، بينما أرى حولي من يتسابق للمس قميصك المعروض للفرجة.

    ها هم يقدمونك لي، لوحة ملطّخة بالدم، دليلاً على عجزي الآخر. دليلاً على جريمتهم الأخرى.
    ولكنني لا أتحرك ولا أحتجّ. ليس من حق مشاهد لمصارعة الثيران، أن يغير منطق الأشياء، وينحاز للثور. وإلا كان عليه أن يبقى في بيته ولا يحضر "كوريدا" خلقت أساساً لتمجيد "الموتادور"!
    شيء ما في هذا الجو المشحون بالزغاريد والزينة وموسيقى "الدخلة".. والهتافات أمام ثوب موقّع بالدم، يذكّرني بطقوس الكوريدا. وذلك الثور الذي يعدّون له موتاً جميلاً على وقع موسيقى راقصة يدخل بها الساحة،
    █║S│█│Y║▌║R│║█



  • صفحة 20 من 23 الأولىالأولى ... 101819202122 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. أحلام مستغانمي
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 02:28 AM
    2. أحلام الفتيات مابين سن 18- 25 والواقعية
      بواسطة روح الحلا في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 05-30-2010, 12:13 AM
    3. تمارين لجمال وقوة عينيك
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المرأة السورية Syrian women forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-26-2010, 10:02 PM
    4. أحلام ثمنها العمر
      بواسطة En.muhammed manla في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:13 AM
    5. نصائح لجمال ونظافة مطبخك
      بواسطة سارة في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 05-05-2010, 09:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1