صفحة 21 من 23 الأولىالأولى ... 111920212223 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 84 من 91

الموضوع: ذاكرة جسد - للروائية أحلام

العرض المتطور


  1. #1
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    أحسست في صوتك بشيء من الفرحوالارتباك.. شيء من الدهشة والحزن الغامض. ثم قلتِ فجأة بنبرة عشقية لم أعهدهامنك:

    -
    خالد.. أحبك.. أتدري هذا؟

    وانقطع صوتك فجأة، ليتوحد بصمتيوحزني، ونبقى هكذا لحظات دون كلام. قبل أن تضيفي بشيء من الرجاء:

    -
    خالد.. قل شيئاً.. لماذا لا تجيب؟

    قلت لك بشي من السخرية المرة:

    -
    لأن رصيفالأزهار لم يعد يجيب..

    -
    هل تعني أنك لم تعد تحبني؟

    أجبتك بصوتغائب:

    -
    أنا لا أعني شيئاً بالتحديد.. إنه عنوان لرواية أخرى للكاتبنفسه!

    ماذا قلت لك بعدها، لا أذكر. من الأرجح أن يكون هذا آخر ما قلته لكقبل أن أضع السمّاعة، ونفترق لعدة سنوات.


    ***


    "
    لا تطرقي الباب كل هذا الطرق.. فم أعدهنا".

    لا تحاولي أن تعودي إليّ من الأبواب الخلفية، ومن ثقوب الذاكرة،وثنايا الأحلام المطويّة، ومن الشبابيك التي أشرعتها العواصف.

    لاتحاولي..

    فأنا غادرت ذاكرتي. يوم وقعت على اكتشاف مذهل: لم تكن تلك الذاكرةلي، وإنما كانت ذاكرة مشتركة أتقاسمها معك. ذاكرة يحمل كل منا نسخة منها حتى قبل أننلتقي.

    لا تطرقي الباب كل هذا الطرق سيدتي.. فلم يعد لي باب.

    لقدتخلّت عني الجدران يوم تخلّيت عنك، وانهار السقف عليّ وأنا أحاول أن أهرّب أشيائيالمبعثرة بعدك.

    فلا تدوري هكذا حول بيت كان بيتي.

    لا تبحثي عن نافذةتدخلين منها كسارقة. لقد سرقت كلّ شيء منّي، ولم يعد هناك من شيء يستحقّالمغامرة.

    لا تطرقي الباب كلّ هذا الطرق الموجع..

    هاتفك يدقّ في كهوفالذاكرة الفارغة دونك، ويأتي الصدى موجعاً ومخيفاً.

    ألا تدرين أنني أسكن هذاالوادي بعدك، كما يسكن الحصى جوف "وادي الرمال"؟

    تمهّلي سيدتيإذن..

    تمهّلي وأنت تمرّين على جسور قسنطينة. فأية زلة قدم سترميني بسيلٍ منالحجارة. وأي سهو منك سيرميك هنا عندي لتتحطمي معي.

    يا امرأة متنكّرة فيثياب أمي.. في عطر أمي وفي خوف أمي عليّ..

    متعب أنا.. كجسور قسنطينة. معلّقأنا مثلها بين صخرتين وبين رصيفين.

    فلماذا كل هذا الألم..؟ ولماذا.. أكذبالأمهات أنت، وأحمق العشاق أنا؟

    لا تطرقي أبواب قسنطينة الواحد بعد الآخر.. أنا لا أسكن هذه المدينة.. إنها هي التي تسكنني.

    لا تبحثي عني فوق جسورها،هي لم تحملني مرة.. وحدي أنا حملتها.

    لا تسألي أغانيها عنّي، وتأتني لاهثةبخبرٍ قديم _جديد، وأغنية كانت تغنّى للحزن فصارت تغنّى للأفراح..

    "
    قالواالعرب قالوا *** ما نعطيوْ صالح ولا مالُو
    قالوا العرب هيهات *** ما نعطيوْ صالحباي البايات.."

    أعرف عن ظهر قلب ما قاله العرب، وما لم يجرؤوا اليوم علىقوله.

    وأدري.. كان "صالح" ثوب حدادك الأول حتى قبل أن تولدي. كان آخر باياتقسنطينة.. وكنت أنا وصيّته الأخيرة: "يا حمودة.. آخ يا وليدي تها الله لي فيالدار.. آه.. آه..".

    أي دار يا صالح.. أي دار توصيني بها؟

    لقد زرت (سوق العصر) وشاهدت دارك فارغة من ذاكرتها. سرقوا حتى أحجارها، وشبابيكها الحديدية. خرّبوا ممراتها وعبثوا بنقوشها.. وظلّت واقفة، هيكلاً مصفرّاً يبول الصعاليكوالسكارى على جدرانه.

    أيّ وطن هذا الذي يبول على ذكرته يا صالح؟

    أيوطن هذا؟

    ها هي ذي مدينة تلبس حداد رجل لم تعد تذكر اسمه. وها أنت ذي طفلةلا أحد يعرف قرابتها بهذه الجسور..

    فانزعي "ملايتك" بعد اليوم.. وارفعي عنوجهك الخمار، ولا تطرقي الباب كل هذا الطرق..

    فلم يعد صالح هنا.. ولاأنا.




    افترقنا إذن..

    الذين قالوا الحب وحده لا يموت، أخطأوا..
    والذين كتبوا لنا قصص حب بنهايات جميلة، ليوهمونا أن مجنون ليلى محض استثناء عاطفي.. لا يفهمون شيئاً في قوانين القلب.

    إنهم لم يكتبوا حباً، كتبوا لنا أدباً فقط

    العشق لا يولد إلا في وسط حقول الألغام، وفي المناطق المحظورة. ولذا ليس انتصاره دائماً في النهايات الرصينة الجميلة..

    إنه يموت كما يولد.. في الخراب الجميل فقط!

    افترقنا إذن..

    فيا خرابي الجميل سلاماً. يا وردة البراكين، ويا ياسمينة نبتت على حرائقي سلاماً.

    يا ابنة الزلازل والشروخ الأرضية! لقد كان خرابك الأجمل سيدتي، لقد كان خرابك الأفظع..

    قتلت وطناً بأكمله داخلي، تسللت حتى دهاليز ذاكرتي، نسفت كل شيء بعود ثقاب واحد فقط..

    من علّمكِ اللعب بشظايا الذاكرة؟ أجيبي!

    من أين أتيت هذه المرة _أيضاً_ بكل هذه الأمواج المحرقة من النار. من أين أتيت بكل ما تلا ذلك اليوم من دمار؟

    افترقنا إذن..

    لم تكوني كاذبة معي.. ولا كنتِ صادقة حقاً. لا كنتِ عاشقة.. ولا كنتِ خائنة حقاً. لا كنتِ ابنتي.. ولا كنتِ أمي حقاً.

    كنت فقط كهذا الوطن.. يحمل مع كل شيء ضده.

    أتذكرين؟

    في ذلك الزمن البعيد، في ذلك الزمن الأول، يوم كنت تحبينني وتبحثين فيّ عن نسخة أخرى لأبيك.

    قلت مرة:

    - انتظرتك طويلاً.. انتظرتك كثيراً، كما ننتظر الأولياء الصالحين.. كما ننتظر الأنبياء.. لا تكن نبياً مزيفاً يا خالد.. أنا في حاجة إليك!

    لاحظت وقتها أنكِ لم تقولي أنا أحبك. قلتِ فقط "أنا في حاجة إليك"..

    نحن لا نحب بالضرورة الأنبياء. نحن في حاجة إليهم فقط.. في كل الأزمنة.

    أجبتك:

    - أنا لم أختر أن أكون نبياً..

    قلت مازحة:

    █║S│█│Y║▌║R│║█


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    - الأنبياء لا يختارون رسالتهم، إنهم يؤدّونها فقط!

    أجبتكِ:

    - ولا يختارون رعيّتهم أيضاً. ولذا لو حدث واكتشفتِ أنني نبيّ مزيّف.. قد يكون ذلك لأنني بعثت لرعية تحترف الردّة!

    ضحكت.. وبعناد أنثى يغريها التحدّي قلت:

    - أنت تبحث عن مخرج لفشلك المحتمل معي، أليس كذلك؟..
    لن أمنحك مبرراً كهذا. هات وصاياك العشر وأنا أطبقها.

    نظرت إليك طويلاً يومها. كنت أجمل من أن تطبّقي وصايا نبي، أضعف من أن تحملي ثقل التعاليم السماوية. ولكن كان فيك نور داخلي لم أشهده في امرأة قبلك.. بذرة نقاء لم أكن أريد أن أتجاهلها..

    أليس دور الأنبياء البحث عن بذور الخير فينا؟

    قلت:

    - دعي الوصايا العشر جانباً واسمعيني.. لقد جئتك بالوصية الحادية عشرة فقط..

    ضحكت وقلت بشيء من الصدق:

    - هات ما عندك أيها النبي المفلس.. أقسم أنني سأتبعك!

    لحظتها شعرت برغبة في أن أستغلّ قسمك. وأقول لك: "كوني لي فقط.." ولكن لم يكن ذلك كلام نبي. وكنت دون أن أدري قد بدأت أمثّل أمامك الدور الذي اخترته لي.. فرحت أبحث في ذهني عن شيء يمكن أن يقوله نبي يباشر وظيفته لأول مرة.. قلت:

    - احملي هذا الاسم بكبرياء أكبر.. ليس بالضرورة بغرور، ولكن بوعي عميق أنك أكثر من امرأة. أنت وطن بأكمله.. هل تعين هذا؟ ليس من حق الرموز أن تتهشّم.. هذا زمن حقير، إذا لم ننحز فيه إلى القيم سنجد أنفسنا في خانة القاذورات والمزابل. لا تنحازي لشيء سوى المبادئ.. لا تجاملي أحداً سوى ضميرك.. لأنك في النهاية لا تعيشين مع سواه!

    قلت:

    - أهذه وصيتك لي.. فقط؟!

    قلت:

    - لا تستهيني بها.. إن تطبيقها ليس سهلاً كما تتوهّمين.. ستكتشفين ذلك بنفسك ذات يوم..

    كان لا بد ألا تسخري يومها من وصية ذلك النبي المفلس.. وتستسهليها إلى هذا الحد..!




    مرّت ستّ سنوات على ذلك السفر. على ذلك اللقاء، ذلك الوداع.

    حاولت خلالها أن ألملم جرحي وأنسى. حاولت منذ عودتي، أن أضع شيئاً من الترتيب في قلبي. أن أعيد الأشياء على مكانها الأول، دون ضجيج ولا تذمّر، دون أن أكسر مزهرية، دون أن أغيّر مكان لوحة، ولا مكان القيم القديمة التي تكدّس الغبار عليها داخلي منذ زمن.

    حاولت أن أعيد الزمان إلى الوراء، دون حقد ولا غفران أيضاً.

    لا.. نحن لا نغفر بهذه السهولة لمن يجعلنا بسعادة عابرة، نكتشف كم كنا تعساء قبله. ونغفر أقل، لمن يقتل أحلامنا أمامنا دون أدنى شعور بالجريمة.

    ولذا لم أغفر لك.. ولا لهم.

    حاولت فقط أن أتعامل معك ومع الوطن بعشق أقل. واخترت اللامبالاة عاطفة واحدة نحوكما.

    كان يحدث لأخبارك أن تصلني عن طريق المصادفة، وأنا أستمع إلى من يتحدث عن زوجك، عن صعوده المستمر.. وعن صفقاته وشؤونه السرية والعلنية التي تشغل أحاديث المجالس.

    وكان يحدث لأخبار الوطن أن تأتيني أيضاً تارة في جريدة، وتارة في مجالس أخرى. وتارة عندما زارني حسان بعد ذلك لآخر مرة ليشتري تلك السيارة التي وعدته بها..

    وكل مرة، كنت أواجه كل ما أسمعه باللامبالاة نفسها التي لا يمكن أن يولّدها سوى اليأس الأخير.

    بدأت أتعلّق بحسان فقط، وكأنني اكتشفت فجأة وجوده. أصبح أمره وحده يهمني بعدما وعيت أنه كل ما تبقّى لي في هذا العالم، وبعدما اكتشفت تلك الحياة البائسة التي كان يعيشها، والتي كنت أجهل كل شيء عنها قبل زيارتي إلى قسنطينة.

    أصبحت أطلبه هاتفياً بانتظام. أسأله عن أخباره وعن الأولاد، وعن البيت الذي كان ينوي أن يقوم فيه ببعض الإصلاحات، والذي وعدته أن أتكفّل بمصاريف ترميمه وتجديده.

    كانت معنوياته تنخفض وترتفع من هاتف إلى آخر. كان يحدثني تارة عن بعض مشاريعه، وعن بعض الاتصالات التي يقوم بها ليتم نقله إلى العاصمة.. ثم يعود ويفقد فجأة حماسه.

    كنت أعرف ذلك عندما يسألني في آخر مكالمته:

    - متى ستأتي يا خالد؟

    أشعر عندئذٍ أنه باخرة تغرق، وتبعث إشارة ضوئية تطلب النجدة مني.

    وبرغم ذلك، كنت أسايره فقط، وأعده كل مرة أنني قد أزوره في الصيف القادم. وكنت أعرف في أعماقي أنني أكذب، وأنني قطعت الجسور مع الوطن حتى إشعار آخر.

    في الواقع، أصبحت عندي قناعة بانعدام الأمل. كان القطار يسير في الاتجاه المعاكس، وبسرعة لم يكن ممكناً معها أن نفعل شيئاً.. أي شيء، غير الذهول وانتظار كارثة الاصطدام.

    وكنت أحزم حقائب القلب.. وأمضي دون أن أدري في اتجاهٍ آخر أيضاً، في الاتجاه المعاكس للوطن.

    رحت أؤثث غربتي بالنسيان. أصنع من المنفى وطناً آخر لي، وطناً ربما أبدياً، عليّ أن أتعود العيش فيه.

    بدأت أتصالح مع الأشياء. أقمت علاقات طبيعية مع نهر السين.. مع جسر ميرابو.. مع كل المعالم التي كانت تقابلني من تلك النافذة، والتي كنت أعيش في معاداة لها دون سبب.

    اخترت لي أكثر من عشيقة عابرة. أثثت سريري بالملذّات الجنونية.. بنساء كنت أدهشهن كل مرة أكثر، وأقتلك بهن كل مرة أكثر، حتى لم يبق شيء منكِ في النهاية.

    نسي هذا الجسد شوقه لك، نسي تطرّفه وحماقاته وإضرابه عن كل لذة ما عدا لذّتك الوهمية.

    تعمدت أن أفرغ النساء من رموزهن الأولى.

    من قال إن هناك امرأة منفى، وامرأة وطناً، فقد كذب..

    لا مساحة للنساء خارج الجسد. والذاكرة ليست الطريق الذي يؤدي إليهن. في الواقع هنالك طريق واحد لا أكثر.. يمكنني أن أجزم اليوم بهذا!

    اكتشفت شيئاًً لا بد أن أقوله لك اليوم..

    الرغبة محض قضية ذهنية. ممارسة خيالية لا أكثر. وهم نخلقه لحظة جنون نقع فيها عبيداً لشخص واحد، ونحكم عليه بالروعة المطلقة لسبب غامض لا علاقة له بالمنطق.

    رغبة تولد هكذا من شيء مجهول، قد يعيدنا إلى ذكرى أخرى.. لعطر رائحة أخرى.. لكلمة، لوجه آخر..

    رغبة جنونية تولد في مكان آخر خارج الجسد، من الذاكرة أو ربما من اللاشعور، من أشياء غامضة تسللت إليها أنتِ ذات يوم، وإذا بك الأروع، وإذا بك الأشهى، وإذا كل النساء أنتِ.

    أفهمت لماذا قتلتك تلقائياً يوم قتلت قسنطينة في داخلي؟

    ولم أعجب يومها وأنا أرى جثتك ممدة في سريري.

    لم تكونا في النهاية سوى امرأة واحدة.

    ستقولين: لماذا كتبت لي هذا الكتاب إذن؟ وسأجيبك أنني أستعير طقوسك في القتل فقط، وأنني قررت أن أدفنك في كتاب لا غير.

    فهناك جثث يجب ألا نحتفظ بها في قلبنا. فللحب بعد الموت، رائحة كريهة أيضاً، خاصة عندما يأخذ بُعْد الجريمة.

    لاحظي أنني لم أذكر اسمك مرة واحدة في هذا الكتاب.
    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #3
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    قررت هكذا أن أتركك بلا اسم. هنالك أسماء لا تستحقالذكر.

    لنفترض أنك امرأة كان اسمها "حياة"، وربما كان لها اسم آخر.. فهل مهماسمك حقاً؟

    وحدها أسماء الشهداء غير قابلة للتزوير، لأن من حقهم علينا أننذكرهم بأسمائهم كاملة. كما من حق هذا الوطن علينا أن نفضح من خانوه، وبنوا مجدهمعلى دماره، وثروتهم على بؤسه، مادام لا يوجد هناك من يحاسبهم.

    وأدري.. ستقولإشاعة ما إن هذا الكتاب لك. أؤكد لك سيدتي تلك الإشاعة.

    سيقول نقّاد يمارسونالنقد تعويضاً عن أشياء أخرى، إن هذا الكتاب ليس رواية، وإنما هذيان رجل لا علم لهبمقاييس الأدب.

    أؤكد لهم مسبقاً جهلي، واحتقاري لمقاييسهم. فلا مقياس عنديسوى مقياس الألم، ولا طموح لي سوى أن أدهشك أنتِ، وأن أبكيك أنت، لحظة تنتهين منقراءة هذا الكتاب..

    فهناك أشياء لم أقلها لك بعد.

    اقرئي هذا الكتاب.. وأحرقي ما في خزانتك من كتبٍ لأنصاف الكتاب، وأنصاف الرجال، وأنصافالعشاق.

    من الجرح وحده يولد الأدب. فليذهب إلى الجحيم كل الذين أحبوكبتعقّل، دون أن ينزفوا.. دون أن يفقدوا وزنهم ولا اتزانهم..

    تصفّحيني بشيءمن الخجل.. كما تتصفّحين ألبوم صور مصفرّة، لطفلة كانت أنتِ.

    كما تطالعينقاموساً لمفردات قديمة معرّضة للانقراض والموت.

    كما تقرأين منشوراً سرياً،عثرت عليه يوماً في صندوق بريدك.

    افتحي قلبك.. واقرأيني.

    كنت يوماًأريد أن أحدثك عن سي الطاهر وعن زياد وعن آخرين.. عن كل ما كنت تجهلين.

    ولكنمات حسان.. ولم يعد اليوم وقت للحديث عن الشهداء.. أصبح كل واحد منا مشروعشهيد.

    يحزنني ألا أهبك غزالة. "الغزلان لا تكون غزلاناً إلا عندما تكونحيّة". ولم يبق لي ما يمكن أن أهديكِ اليوم.

    لقد أخذت مني كل من أحببت،الواحد بعد الآخر، بطريقة أو بأخرى. وتحول القلب إلى مقبرة جماعية ينام فيها دونترتيب كل من أحببت. وكأن قبر (أمّا) قد اتسع ليضمهم جميعاً.

    ولم أعد أنا سوىشاهد قبر لسي الطاهر.. لزياد ولحسان. شاهد قبر للذاكرة.

    كنت أدري الكثير عنحماقة القدر، الكثير عن ظلمه وعن عناده، عندما يصرّ على ملاحقة أحد.

    ولكنأكان يمكن لي أن أتوقع أن شيئاً كذلك يمكن أن يحدث؟
    كنت اعتقد أنني دفعت لهذاالقدر الأحمق ما فيه الكفاية، وأنه حان لي بعد هذا العمر، وتلك السنوات التي تلتفجيعة زياد، وفجيعة زواجك، أن أرتاح أخيراً.

    فكيف عاد القدر اليوم ليأخذ منيأخي، أخي الذي لم يكن لموته من منطق. لا كان في جبهة، ولا كان في ساحة قتال ليموتميتة سي الطاهر، وميتة زياد، رمياً بالرصاص.. أيضاً.


    ***


    ذات يوم من أكتوبر 88، جاء خبر موته هكذا صاعقةيحملها خط هاتفي مشوش، وصوت عتيقة الذي تخفيه الدموع.

    ظلت تجهش بالبكاءوتردد اسمي، وأنا أسألها مفجوعاً:

    - "
    واش صار..؟"

    كنت على علم بتلكالأحداث التي هزّت البلاد، والتي كانت الجرائد ونشرات الأخبار الفرنسية تتسابقبنقلها مصور، مفصلة، مطوّلة، باهتمام لا يخلو من الشماتة.
    كنت أعرف تفاصيلها،وأدري أنها مازالت وهي في يومها الثاني مقتصرة على العاصمة. فمن أين لي أن أتوقّعالذي حدث؟

    كان صوت عتيقة يردد مقطّعاً:

    -
    قتلوه.. آ خالد.. يا وخيدتيقتلوه..

    وصوتي يردد مذهولاً:

    -
    كيفاش.. كيفاش قتلوه؟

    كيف ماتحسان؟

    هل مهم السؤال، وموته كان أحمق كحياته، ساذجاً كأحلامه.

    أقرأكل الجرائد لأفهم كيف مات أخي، بين الحلم والحلم.. بين الوهم والوهم.

    ماالذي ذهب به إلى العاصمة ليقابل "جماعة" هناك، هو الذي لم يزر العاصمة إلانادراً.

    ذهب هكذا في نهاية أسبوع.. ليبحث عن نهايته.

    ضاقت بهقسنطينة، ولم توصله جسورها الكثيرة إلى شيء.

    قالوا له: "في العاصمة ستكون لك "خيوط". ستوصلك الطرق القصيرة هناك.. ولن توصلك الجسور هنا!".

    صدّق حسان،وذهب إلى العاصمة ليقابل "فلاناً" من قبل "فلان" آخر..

    وكان مقرراً أن تحلقضيته أخيراً هذه المرة، بعد عدة سنوات من الوساطات والتدخلات، ويغادر نهائياً سلكالتعليم، لينتقل إلى العاصمة ويعيّن موظفاً في مؤسسة إعلامية.

    ولكن القدر هوالذي حسم "ملفه" هذه المرة.

    بين "فلان" و "فلان" مات حسان، خطأ برصاصةخاطئة، على رصيف الحلم.

    فالحلم ليس في متناول الجميع أخي.. كان عليك ألاتحلم!

    أحقاً "إن الشقاء يعرف كيف يختار صفاته" ولهذا اختارني أنا، واختار ليكل هذه الفجائع المذهلة، لأنفرد بها وحدي.

    أنا الذي لم أكن أحلم سوى بأنأهبك غزالة..

    كيف لي أن أفعل ذلك.. وأنت تهبينني كل هذا الدمار.. كل هذاالخراب؟


    ***


    ويعود فجأة، حديث قديم بيننا إلى البال.

    حديث مرّت عليه اليوم ست سنوات. في ذلك الزمن الذي كنت تجدين فيه شبهاً بيني وبين "زوربا". الرجل الذي أحببته الأكثر حسب تعبيرك، والذي كنتِ تحلمين بكتابة رواية كروايته، أو حب رجل مثله.

    ترى لأنك كنت عاجزة عن كتابة رواية كتلك، اكتفيت بتحويلي إلى نسخة منه، وجعلتني مثله أتعلم أن أشفى من الأشياء التي أحبها بأكلها حتى التقيؤ..

    جعلتني أعشق الخراب الجميل، وأتعلم كطائر يذبح أن أرقص من ألمي..

    ها هوذا الخراب الجميل، الذي حدّثتني عنه يوماً بحماسٍ مدهش لم يثر شكوكي، يوم قلتِ:

    "مدهش أن يصل الإنسان بفجائعه حد الرقص. إنه تميز في الخيبات والهزائم أيضاً. فليست كل الهزائم في متناول الجميع. لا بد أن تكون لك أحلام فوق العادة، وأفراح وطموحات فوق العادة، لتصل بعواطفك تلك إلى ضدها بهذه الطريقة..".

    آه سيدتي لو تدرين!

    كم كانت أحلامي كبيرة. وما أفظع هذا الخراب الذي تتسابق قنوات التلفزيون على نقله اليوم!

    ما أفظع هذا الدمار، وما أحزن جثة أخي الملقاة على رصيف، يخترقها رصاص طائش!

    ما أحزن جثته، وهي تنتظرني الآن في ثلاجة الموتى لأتعرف عليه، وأرافقه جثماناً إلى قسنطينة.

    ها هي ذي قسنطينة مرة أخرى..
    تلك الأم الطاغية التي تتربص بأولادها، والتي أقسمت أن تعيدنا إليها ولو جثة.

    ها هي قد هزمتنا، وأعادتنا إليها معاً. في تلك اللحظة التي اعتقدنا فيها أننا شفينا منها، وقطعنا معها صلة الرحم.

    لا حسان سيغادرها إلى العاصمة.. ولا أنا سأقدر على الهرب منها بعد اليوم..

    ها نحن نعود إليها معاً..

    أحدنا في تابوت.. والآخر أشلاء رجل.

    وقع حكمك عليّ أيتها الصخرة.. أيتها الأم الصخرة..

    فأشرعي مقابرك، وانتظريني. سآتيك بأخي.. افسحي له مكاناً صغيراً جوار أوليائك الصالحين، وشهدائك، وباياتك.. كان حسان كل هذا على طريقته.

    كان غزالاً..

    في انتظار ذلك.. تعالي سيدتي وتفرّجي على كل هذا الخراب الجميل!

    فبعد قليل سيحضر زوربا ليمسك بكتفي ولنبدأ الرقص معاً.

    تعالي..

    لا بد ألا تخلفي هذا المشهد، سترين كيف يرقص الأنبياء
    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #4
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 257
    Array

    عندما يفلسون حقاً.

    تعالي.. سأرقص اليوم كما لم أرقص يوماً، كما اشتهيت أنأرقص في عرسك ولم أفعل..

    سأقفز وكأن جناحينْ قد التصقا بقدمي فجأة، وكأنذراعي المفقودة قد نبتت من جديد لتصبح ذراعي.

    تعالي.. وليعذرني أبي الذي لمأشاركه يوماً في طقوس "عيساوة".
    في حفل جذبه ورقصه الجنوني، وغرسه ذلك السفود فيجسده من طرف إلى آخر.. بنشوة الألم الذي يجاور اللذة.

    للحزن أكثر من طقس،وليس للألم وطن على التحديد. فليعذرني الأنبياء والأولياءالصالحون!

    ليعذروني جميعا. لا أدري ماذا يفعل الأنبياء بالتحديد عندمايحزنون، ماذا يفعلون في زمن الردّة؟

    هل يبكون أم يصلون؟

    أنا قررت أنأرقص. الرقص تواصل أيضاً. الرقص عبادة أيضاً..

    فانظر أيها الأعظم.. بذراعواحدة سأرقص لك.

    ما أصعب الرقص بذراعٍ واحدة يا ربي! ما أبشع الرقص بذراعٍواحدة يا ربي! ولكن..

    ستعذرني أنت الذي أخذت ذراعي الأخرى.

    ستعذرني.. أنت الذي أخذتهم جميعاً.

    ستعذرني.. لأنك ستأخذني أيضاً!

    هل المؤمنمصاب حقاً؟.. أن ترى تلك مقولة خلقت لتعلمنا الصبر فقط، لتبيعنا بدل مصائبنا فرحامتلاك شهادة بالتقوى؟

    فليكن..

    شكراً لك أيها الأعظم، أنت الذي لايُحمد على مكروه سواه.

    أنت الذي لا تخصّ بمصابك سوى المؤمنين من عبادك.. والأتقياء منهم.

    اعترف أنني لم أكن احلم بشهادة حسن سلوك كهذه!

    أفرغمنك سيدتي وأمتلئ لحناً يونانياً.

    تتقدم موسيقى "زوربا" نحوي، دعوة للجنونالمتطرف.

    تأتي على شريط تعودت الاستماع إليه بمتعة غامضة. وإذا بذلك اللحنالقادم اليوم وسط الخراب والجثث، يأخذ فجأة بُعده الأول الحقيقي.

    فأنتفضفجأة من أريكتي وهو يفاجئني، وأصرخ كما في تلك القصة "هيا زوربا.. دربني علىالرقص..".

    ها هوذا "الخراب الجميل" الذي جعلتنا نشتهيه. لم أكن أعتقد أنيكون بشعاً إلى هذا الحد.. موجعاً إلى هذا الجد!

    تزحف موسيقى تيودراكيسنحوي. وتخترقني نغمة.. نغمة. جرحاً.. جرحاً.

    بطيئة.. ثم سريعة كنوبةبكاء.

    خجولة.. ثم جريئة كلحظة رجاء.

    حزينة.. ثم نشوى كتقلبات شاعرأمام كأس.

    مترددة.. ثم واثقة كأقدام عسكر.

    فأستسلم لها. أرقص كمجنونفي غرفة شاسعة، تؤثثها اللوحات والجسور.

    وأقف أنا وسطها وكأنني أقف على تلكالصخرة الشاهقة، لرقص وسط الخراب، بينما جسور قسنطينة الخمسة تتحطم وتتدحرج أماميحجارة نحو الوديان.

    إيه زوربا!

    تزوجت تلك المرأة التي كنت أحبها،وكانت تحبك أنت. وكنت أريد أن أجعلها نسخة مني، فجعلتني نسخة منك.

    وماتزياد.. ذلك الصديق الذي اشترى هذا الشريط لأنه ربما كان يحبك أيضا من اجلها، وربمالأنه كان يتوقع لي يوماً كهذا، ويعد لي على طريقته كل تفاصيل حزنيالقادم.

    وربما يكون تلقّاه هدية منها.. وورثته أنا في جملة ما أورثني منأحزان.

    ومات حسان.. أخي الذي لم يكن يهتم كثيراً بالإغريق، وبالآلهةاليونانية.

    كان له إله واحد فقط، وبعض الأسطورات القديمة.
    مات ولا حب لهسوى الفرقاني.. وأم كلثوم.. وصوت عبد الباسط عبد الصمد.

    ولا حلم له سوىالحصول على جواز سفر للحج.. وثلاجة.

    لقد تحققت نصف أحلامه أخيراً. لقد أهداهالوطن ثلاجة ينتظرني فيها بهدوء كعادته، لأشيعه هذه المرة إلى مثواهالأخير.

    لو عرفك، ربما لم يكن ليموت تلك الميتة الحمقاء.

    لو قرأكبتمعّن، لما نظر إلى قاتليه بكل الانبهار، لما حلم بمنصب في العاصمة، بسيارة وبيتأجمل..

    لبصق في وجه قاتليه مسبقاً.. لشتمهم كما لم يشتم أحداً، لرفض أنيصافحهم في ذلك العرس، لقال:

    - "
    أيها القوّادون.. السراقون.. القتلة. لنتسرقوا دمنا أيضاً. املأوا جيوبكم بما شئتم. أثثوا بيوتكم بما شئتم.. وحساباتكمبأية عملة شئتم.. سيبقى لنا الدم والذاكرة. بهما سنحاسبكم.. بهما سنطاردكم.. بهماسنعمّر هذا الوطن.. من جديد".


    آه زوربا.. مات زياد وها هوذا حسان يموتغدراً أيضاً.

    آه لو تدري يا صديقي، لم يكن أحدهما ليستحق الموت.

    كانحسان نقياً كزئبق، وطيباً حد السذاجة. كان يخاف حتى أن يحلم، وعندما بدأ يحلمقتلوه.

    وكان زياد.. آه كان يشبهك بعض الشيء. لو رأيت ضحكته، لو سمعتهيتحدث.. يكفر.. يلعن.. يبكي.. يسكر.. لو عرفتهما، لرقصت.. حزناً عليهما الليلة كمالم ترقص من قبل.

    ولكن لا يهم.. أدري بأنك أنت أيضاً لن تحضر الليلة. ربمالأنك متّ، كما في تلك الرواية، بعد أن لعنت الكاهن الذي جاء ليناولك القربان المقدسقبل الموت..
    أو ربما لأنك لم توجد يوماً أبداً على هذه الأرض. لأنك بطل خرافيلزمن كان الناس يبحثون فيه عن خرافة كهذه. عن آلهة إغريقية جديدة، تعلّمهم الجنونوالتحدي.. وعبثية الحياة.

    فهل مهم أن تتغيب الليلة، كما تغيبواجميعاً؟

    لن أعتب عليك يا صديقي. أنت لست مسؤولاً في النهاية عن كل ما يمكنأن يرتكب من حماقات بسبب رواية!

    ولكن أجبني فقط.. أنت الذي قتلت من الأتراك،وقتلوا من رفاقك الكثيرين. هل هناك من فرق بين القتلة؟

    على يد الفرنسيين ماتسي الطاهر.. وعلى يد الإسرائيليين مات زياد.. وها هو حسان يموت على يد الجزائرييناليوم.

    فهل هناك درجات في الاستشهاد؟ وماذا لو كان الوطن هو القاتل والشهيدمعاً؟

    فكم من مدينة عربية دخلت التاريخ بمذابحها الجماعية، ومازالت مغلقةعلى مقابرها السرية!

    كم من مدينة عربية أصبح سكانها شهداء.. قبل أن يصبحوامواطنين!

    فأين تضع كل هؤلاء.. في خانة ضحايا التاريخ، أم في خانةالشهداء؟

    وما اسم الموت عندما يكون بخنجر عربي!


    ***


    ما كادت كاترين تراني في ذلك الصباح حتى صاحت:

    - إن لك وجه رجل يستيقظ من ليلة سكر!

    ثم أضافت بشيء من السخرية والتلميح الواضح:

    - ماذا فعلت أمس أيها الشقي، لتكون في هذه الحالة؟

    █║S│█│Y║▌║R│║█



  • صفحة 21 من 23 الأولىالأولى ... 111920212223 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. أحلام مستغانمي
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 02:28 AM
    2. أحلام الفتيات مابين سن 18- 25 والواقعية
      بواسطة روح الحلا في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 05-30-2010, 12:13 AM
    3. تمارين لجمال وقوة عينيك
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المرأة السورية Syrian women forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-26-2010, 10:02 PM
    4. أحلام ثمنها العمر
      بواسطة En.muhammed manla في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:13 AM
    5. نصائح لجمال ونظافة مطبخك
      بواسطة سارة في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 05-05-2010, 09:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1