صفحة 23 من 25 الأولىالأولى ... 132122232425 الأخيرةالأخيرة
النتائج 89 إلى 92 من 100

الموضوع: تجارب أمم المجلد الرابع


  1. #89
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر الخبر عن طمعه في ذلك

    لمّا انصرف موسى بن بغا عن أعمال المشرق وصار النظر لأبي أحمد الموفّق وضمّ أبو أحمد كور دجلة إلى مسرور البلخيّ وتشاغلوا بحرب يعقوب، خلت كور دجلة من عمّال السلطان وعساكره سوى المدائن.
    فوجّه صاحب الزنج أحمد بن مهدى من أهل جبّى في سميريّات فيها رجال رماة إلى نهر المرأة، فجعل الجبّائى يوقع بالقرى.
    فكتب إلى صاحبه:
    « إنّ البطيحة خالية من رجال السلطان، لانصراف مسرور وأصحابه إلى محاربة يعقوب بن الليث. » فأمر صاحب الزنج رجلا من باهلة يقال له عمير بن عمّار - كان عالما بطرق البطيحة ومسالكها - إلى أن يسير مع الجبّائى حتى يستقرّ بالحوانيت.
    وكاتب سليمان بن جامع أن يسير إلى الحوانيت فسار الجبّائى في طريق الماذيان فتلقّاه رميس فواقعه الجبّائى فهزمه وأخذ أربعا وعشرين سميرية ونيّفا وثلاثين صاخة وأفلت رميس ووافق خروجه منهزما مع أصحابه خروج سليمان بن جامع من النهر العتيق. فتلقّاه فأوقع به فيمن أفلت معه وانحاز رميس إلى بئر مساور ولحق بسليمان من مذكورى البلالية وأنجادهم جماعة في نحو من مائة وخمسين سميريّة فاستخبرهم الخبر فقالوا:
    « ليس بينك وبين واسط أحد من عمّال السلطان وولاته. » فاغترّ سليمان بذلك وسار حتى انتهى إلى الجازرة فتلقّاه رجل يقال له أبو معاذ القرشي، فواقعه فانهزم سليمان عنه وقتل أبو معاذ جماعة وأسر جماعة فيهم قائد من قوّاد الزنج يقال له: رباح، وانصرف سليمان إلى موضعه الذي كان معسكرا به فأتاه رجلان من البلالية فقالا:
    « ليس بواسط أحد يدافع عنها غير أبي معاذ في الشذاءات التي لقيتك. » فاستعدّ سليمان وكتب إلى الخبيث مع البلاليّة الذين استأمنوا إليه واحتبس الاثنين اللذين أخبراه عن واسط بما أخبراه، وسار قاصدا لنهر أبان فاعترض له أبو معاذ في طريقه ونشبت الحرب بينهما وعصفت الريح فاضطربت شذاة أبي معاذ وقوى عليه سليمان وأصحابه فأدبر عنهم.
    ثم مضى سليمان فافتتح نهر أبان فأحرق وانتهب وسبى النساء والصبيان ثم وجّه رجلا يعرف له خبر واسط، فأخبره أنّ مسرورا قد توجّه إليه وأنّه بواسط. فتحمّل سليمان من موضعه وطلب موضعا يقرب عليه قصد صاحبه منه متى لحقه الطلب. فأشير عليه بطيها فتحصّن فيها وجمع إليه كلّ من ظهر منه مكاشفة للسلطان ويثق به من أهل الطفوف وغيرهم وكاتب صاحبه بذلك وبما دبّره، فكتب إليه يصوّب رأيه.
    ثم إنّه وجّه الجبّائى في عسكر فبلغه أنّ أغرتمش وخشيشا قد أقبلا فجزع منهما وأخذ في الاستعداد للقائهما. ورجع إليه الجبّائى منهزما وصعد سليمان سطحا فأشرف منه فرأى الجيش فنزل مسرعا وعبر النهر وأمر السودان أن يستتروا حتى لا يظهر منهم أحد ويتواروا بالأدغال وتدعوا القوم حتى يتوغّلوا ولا يتحرّك واحد إلى أن يسمعوا أصوات طبوله فإذا سمعوها خرجوا. وقصد أغرتمش لجيشه وشغلهم قائد من قوّاد الزنج عن دخول العسكر يقال له: أبو الندى، وشدّ سليمان من وراء القوم وضرب الزنج بطبولهم وألقوا أنفسهم في الماء للعبور إليهم فانهزم أصحاب أغرتمش، وخرج إليهم من كان بطميشا من السودان فوضعوا فيهم سيوفهم وانهزم خشيش على أشهب كان تحته يريد الرجوع إلى عسكره. فتلقّاه السودان فصرعوه وأخذته سيوفهم فقتل وحمل رأسه إلى سليمان.
    وقد كان خشيش حين أسرعوا إليه قال لهم:
    « أنا خشيش فلا تقتلوني واذهبوا بي إلى صاحبكم. » فلم يسمعوا قوله. وانهزم أغرتمش وظفر الزنج بعسكره وشذاءاته ودوابّه وأسلابه وكتب إليه صاحبه بالفتح وحمل إليه رأس خشيش وخاتمه، فأمر فطيف به في عسكره ونصب ثم حمله إلى عليّ بن أبان وهو يومئذ مقيم بنواحي الأهواز، وأمر بنصبه هناك.
    وفيها كانت وقعة بين أحمد بن ليثويه صاحب مسرور وبين عليّ بن أبان
    فهزم الزنوج وقتل منهم مقتلة عظيمة وذلك أنّ مسرورا وجّه أحمد بن ليثويه إلى ناحية الأهواز وكان عليّ بن أبان بتستر فقصده ابن ليثويه فزحف عليّ بن أبان إليه وهو يبشّر أصحابه ويعدهم الظفر ويحكى ذلك لهم عن الخبيث. فلمّا وافى الباهليون - وهي قرية تعرف بذلك - تلقّاه ابن ليثويه في جماعة كثيفه من خيل السلطان واستأمن إليه جماعة من العرب فانهزم عليّ بن أبان ثم كرّ عليهم مع جميعة من رجّالته فاشتدّ القتال وترجّل عليّ بن أبان فباشر القتال بنفسه راجلا وبين يديه غلام يقال له فتح، وبصر بعليّ بن أبان قوم فعرفوه وأنذروا الناس به، فانصرف هاربا حتى لجأ إلى المسرقان، فألقى نفسه فيه وتلاه فتح فغرق فتح ولحق عليّ بن أبان نصر الرومي فتخلّصه من الماء وكان أصاب ساقه سهم، فانصرف مفلولا من أنجاد السودان وأبطالهم عدد كثير.
    ودخلت سنة ثلاث وستين ومائتين ظفر يعقوب بن الليث بمحمد بن واصل

    وفيها ظفر يعقوب بن الليث بمحمد بن واصل أخذه ابن عزيز بن السريّ فجاء به إلى يعقوب أسيرا.
    وملك يعقوب فارس وسار إلى الأهواز، فلمّا صار إلى النوبندجان انصرف أحمد بن ليثويه عن تستر وارتحل عن بلدان الأهواز كلّ من كان بها من قبل السلطان.
    ثم أقام عليّ بن أبان بنهر السدرة إلى أن دخل صاحب يعقوب الأهواز واسمه الخضر. فجعل يغير عليه وأغار صاحب يعقوب عليه ولم يزل كذلك الأمر مدّة.
    ثم تجاسر عليه أعنى عليّ بن أبان على الخضر فسار إليه وأوقع به وقتل من أصحاب يعقوب خلقا وهرب الخضر إلى عسكر مكرم، فلمّا استباح عليّ عسكره والأهواز رجع إلى نهر السدرة وكتب إلى بهبوذ يأمره بأصحاب الصفّار أن يوقع بهم وهم بالدورق. فمضى بهبوذ إلى الدورق وأوقع بأولئك.
    فكان عليّ يتوقّع بعد ذلك مسير يعقوب إليه فلم يسر.
    وأمدّ الخضر بأخيه الفضل وأمرهما بالكفّ عن قتال أصحاب الخبيث والاقتصار على المقام بالأهواز. فأبى ذلك عليّ دون نقل طعام هناك، فتجافى له الصفّار عن ذلك الطعام وتجافى عليّ للصفّار عن علف كان بالأهواز. فنقل عليّ الطعام وترك العلف وتكافّ الفريقان: أصحاب عليّ وأصحاب الصفّار.
    ودخلت سنة أربع وستين ومائتين

    وفيها مات عبيد الله بن يحيى بن خاقان من صدمة خادم له وصلّى عليه أبو أحمد ومشى في جنازته واستوزر من الغد الحسن بن مخلد، ثم قدم موسى بن بغا فهرب الحسن بن مخلد واستوزر مكانه سليمان بن وهب.
    وفيها توجّه جيش من قبل الصفّار إلى الصيمرة ونفذوا إليها وأخذوا صيغون وحملوه أسيرا.
    وفيها مات موسى بن بغا ببغداد وحمل إلى سرّ من رأى فدفن بها.
    محاربة محمد المولد وسليمان بن الجامع

    وفيها ولى محمد المولّد واسطا فحاربه سليمان بن جامع وهو قريب من تلك الناحية، فهزمه وأخرجه من واسط ودخلها.
    ذكر السبب في ذلك

    كان السبب في ذلك أنّ عليّ بن أبان لمّا هزم بأغرتمش وجعلان، أشار عليه أحمد بن مهدى الجبّائى بتطرّق عسكر البخاريّ وهو على خمسة فراسخ من عسكر تكين فلمّا وافى ذلك الموضع قال له الجبّائى:
    « الرأي أن نقيم هاهنا وأمضى أنا في السميريّات فأحتر القوم وأتعبهم فيأتوك لغبين فتنال حاجتك. » فأقام سليمان وعبّأ خيله ورجّالته بموضعه ومضى الجبّائى فقاتلهم ساعة وأعدّ تكين حيلة وتطارد له الجبّائى وطال على عليّ بن أبان انتظار الجبّائى.
    فأقبل يقفوا إثر الجبّائى. فأنفذ الجبّائى غلاما له إلى سليمان بن جامع أنّ أصحاب تكين واردون عليك بخيلهم.
    فتلقّاهم الرسول فردّه إلى معسكره وجعل عليّ كمينا ممّا يلي الصحراء في ميسرة تكين وقال:
    « إذا جاوزتكم خيل تكين فاخرجوا من ورائهم. » فلمّا علم الجبّائى أنّ سليمان قد أحكم أمره رفع صوته وقال لأصحابه ليسمع أصحاب تكين:
    « غررتموني وأهلكتمونى، وقد كنت أمرتكم ألّا تدخلوا هذا المدخل، فأبيتم إلّا أن تلقوني وأنفسكم في هذه الورطة التي لا نرى أنّا ننجو منها. »
    فطمع أصحاب تكين لمّا سمعوا كلامه وجدّوا في طلبه وجعلوا ينادونه:
    « بلبل في قفص. » وسار الجبّائى سيرا حثيثا واتبعوه بجدّ يرشقونه حتى جاوز الكمين وقارب عسكر سليمان، وهو أيضا كامن وراء الجدر في خيله ورجله.
    فزحف سليمان وخرج الكمين من وراء الخيل وعطف الجبّائى فأتاهم الروع من الوجوه كلّها فانهزموا. وركبهم الزنج يقتلونهم ويأسرونهم ويسلبونهم حتى قطعوا ثلاثة فراسخ.
    ثم وقف سليمان وقال للجبّائى:
    « نرجع فقد غنمنا وسلمنا والسلامة أفضل من كلّ شيء. » فقال الجبّائى:
    « كلّا قد نفذت حيلتنا فيهم ونخبت قلوبهم. والرأي أن نكبسهم في ليلتهم هذه فلعلّنا أن نفضّ جمعهم ونجتاحهم. » فاتبع سليمان رأى الجبّائى وصار إلى عسكر تكين فقاتلهم تكين قتالا شديدا حتى انكشف عنه سليمان. ثم وقف سليمان وعبّأ أصحابه ثانية ووجّه شبلا في خيل ورجّالة إلى الصحراء وأمر الجبّائى فسار في السميريّات في بطن النهر وسار هو فيمن معه من أصحابه حتى وافى تكين، فلم يثبت له أحد وانكسفوا فتركوا في عسكرهم. فغنم ما فيه وأحرق الباقي وانصرف وكان استأذن صاحبه في الإلمام به فألفى في منصرفه ورود الإذن له، فاستخلف الجبّائى وحمل الأعلام التي أصابها من عسكر تكين والشذاءات التي كان أخذها من خشيش وأصحابه اغرتمش ومن كان معهم إلى عسكر الخبيث.
    ثم كانت لعليّ بن أبان والجبّائى وغيرهما من أصحاب الخبيث وقعات منكرات وأمور هائلة ما كتبتها لخلوّها ممّا بنيت عليه كتابي هذا إلى أن دخل أصحابه واسطا.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #90
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وفيها خرج سليمان بن وهب والحسن بن وهب إلى سرّ من رأى
    فلمّا وصل إليها حبسه المعتمد وقيّده وأنهب داره ودور بنيه واستوزر الحسن بن مخلد. وكان أبو أحمد الموفّق حسن الرأي في آل وهب فشخص من بغداد ومعه عبيد الله بن سليمان بن وهب. فلمّا قرب الموفّق من سرّ من رأى، تحوّل المعتمد إلى العسكر الغربي فعسكر به واختلف الرسل بينهما.
    فلمّا كان بعد أيّام صار المعتمد إلى حرّاقة في دجلة وصار إليه أخوه الموفّق في زلّال، فخلع على الموفّق وعلى مسرور البلخي وكيغلغ وأحمد بن موسى بن بغا.
    ثم عبر أهل عسكر أبي أحمد إلى عسكر المعتمد يوم التروية من ذي الحجّة فأطلق سليمان بن وهب ورجع المعتمد إلى الجوسق وهرب الحسن بن مخلد وأحمد بن صالح بن شيرزاد وكتب في قبض أموالهما وأسبابهما ومن يتصل بهما وهرب القوّاد المقيمون كانوا بسرّ من رأى إلى تكريت. ثم شخص إلى الموصل ووضعوا أيديهم في الجباية.
    وكان عبيد الله بن سليمان كاتب الموفّق فأصلح بين سليمان بن وهب والحسن بن مخلد.
    ودخلت سنة خمس وستين ومائتين

    وفيها كانت بين أحمد بن ليثويه وسليمان بن جامع قائد الزنج وقعة بناحية جنبلاء فقتل من أصحاب سليمان سبعة وأربعون قائدا وخلق من الجند لا يحصى عددهم، واستباح عسكره وأحرق سفنه ومضى مفلولا حتى وافى طميشا.
    وفيها لحق محمد المولّد بيعقوب بن الليث فصار إليه وقبض السلطان على أمواله وضياعه.
    وفيها قبض الموفّق على سليمان بن وهب وابنه عبيد الله وأمر بقبض ضياعهما وأسبابهما وصولحا على تسعمائة ألف دينار.
    واستكتب الموفّق صاعد بن مخلد واستوزر إسماعيل بن بلبل.
    وفيها مات يعقوب بن الليث بالأهواز وخلفه أخوه عمرو بن الليث وكتب عمرو إلى السلطان بأنّه سامع مطيع.
    وفيها لحق العباس بن أحمد بن طولون مع من تبعه ببرقة مخالفا لأبيه أحمد وكان أبوه استخلفه على عمله بمصر لمّا توجّه إلى الشام. فلمّا انصرف أحمد عن الشام راجعا إلى مصر حمل العباس ما في بيت المال بمصر وما كان لأبيه هناك من مال وأثاث وغير ذلك ومضى إلى برقة. فوجّه إليه أبوه جيشا فظفروا به ووجّهوه إلى أبيه فحبسه عنده وقتل بسببه وما كان منه جماعة كانوا شايعوا ابنه على ذلك.
    وفيها دخل الزنج جبّل والنعمانية فأحرقوا وسبوا وصاروا إلى جرجرايا ودخل أهل السواد بغداد.
    وفيها ولّى أبو أحمد، عمرو بن الليث خراسان وفارس وأصبهان وسجستان وكرمان والسند وأشهد له بذلك ووجّه إليه العهد والخلع.
    وفيها صار مسرور البلخي إلى النيل وكان هناك عبد الله بن ليثويه وكان يظهر الخلاف على السلطان. فلمّا قصده مسرور ومن معه تلقّوه وترجّلوا له وانقادوا له بالسمع والطاعة وعبد الله بن ليثويه قد نزع سيفه ومنطقته وعلّقهما في عنقه وهو يعتذر ويحلف أنّه كان محمولا على ما فعل. فقبل منه وخلع عليه وعلى عدّة من قوّاده.
    ودخلت سنة ستّ وستين ومائتين

    وفيها ولّى عمرو بن الليث عبيد الله بن عبد الله بن طاهر خلافته على الشرطة ببغداد وسرّ من رأى وخلع أبو أحمد عليه. فلمّا صار عبيد الله إلى منزله خلع عليه فيه خلعة عمرو بن الليث. وبعث إليه عمرو مع خلعته عمودا من ذهب.
    وفيها غلب اساتكين على الريّ وأخرج العامل كان عليها. ثم صار هو وابنه اذكوتكين إلى قزوين وعليها ايزون أخو كيغلغ. فصالحاه وأخذا قزوين ثم عادا إلى الريّ. وفيها مات أبو الساج وكان منصرفا من الأهواز عن عسكر عمرو بن الليث إلى بغداد.
    وفيها ولّى عمرو بن الليث، أحمد بن عبد العزيز بن دلف أصبهان وولّى محمد بن أبي الساج الحرمين وطريق مكّة.
    وفيها وجّه مسرور إلى الأهواز أغرتمش ومطر بن جامع وأبا لحرب عليّ بن أبان صاحب الزنج. فكانت بينهم وقعات بنهر السدرة ثم ظفر على تكمين كمنه وأكبّ الزنج على أصحاب السلطان فهزمهم وأسر مطر بن جامع وأتى به عليّ بن ابان فاستبقاه مطر فقال له عليّ:
    « لو كنت أبقيت على صاحبنا جعفرويه بتستر لأبقينا عليك. » وكان جعفرويه محبوسا بتستر فلمّا صار إليها مطر أخرجه وقتله فقام عليّ بيده [ السيف ] إلى مطر فضرب عنقه وأفلت أغرتمش وأبّا ووجّه عليّ بن أبان بالرؤوس إلى الخبيث.
    وفيها كانت بين الأكراد وبين عليّ بن أبان وقعة، فغلبه الأكراد وقتلوا من الزنج مقتلة عظيمة.
    ذكر السبب في ذلك

    كان السبب في ذلك أنّه كان بين محمد بن عبيد الله بن آزاذمرد الكردي وبين عليّ بن أبان شحناء، ثم تلاقيا على صالح وكان عليّ يرصده بشرّ، وقد عرف محمد بن عبيد الله ذلك فكان يروم النجاة منه. فكاتب ابن الخبيث المعروف بأنكلاى وسأله مسألة أبيه ضمّ ناحيته إليه فأذن له الخبيث فاستعدّ له عليّ وسار إليه وأوقع برامهرمز ومحمد بن عبيد الله يومئذ مقيم بها. فلم يكن بمحمد فيه امتناع. فهرب فاستباح عليّ رامهرمز وكتب محمد إلى عليّ يطلب المسالمة على مال يحمله إليه، فكتب عليّ إلى الخبيث بذلك، فكتب إليه بقبول ذلك وحمل المال، فحمله وأمسك عليّ عن محمد وأعماله.
    ثم كتب إليه يسأله أن يعينه على جماعة من الأكراد بموضع يقال له:
    الداريان على أن يجعل له ولأصحابه غنائمهم. فكتب عليّ إلى الخبيث يستأذنه في النهوض إلى ذلك فكتب إليه أن:
    « وجّه الخليل بن أبان أخاك وبهبوذ وأقم أنت لا تنفذ جيشك حتى تتوثّق من محمد بن عبيد الله برهائن تكون في يدك تأمن بهم من غدره، فقد وترته وهو غير مأمون. »
    فكتب عليّ إلى محمد بذلك وسأله الرهائن، فأعطاه محمد الأيمان والعهود، ودافعه عن الرهائن.


  • #91
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر عجلة وحرص كانا سبب ترك الحزم

    فدعا عليّا الحرص على الغنائم التي أطمعه فيها محمد إلى أن أنفذ الجيش قبل تحصيل الرهائن. فساروا ومعهم رجال محمد حتى وافوا الموضع المقصود، فخرج إليهم أهله فنشبت الحرب وظهر الزنج على الأكراد. ثم خذلهم أصحاب محمد بن عبيد الله وصدقهم الأكراد فانهزموا، وكان محمد أعدّ لهم قوما فعارضوهم وهم منهزمون، فأوقعوا بهم وسلبوهم وقتلوهم، فرجعوا بأسوإ حال فكتب المهلّبي إلى الخبيث بما ركبه محمد، فكتب إليه يعنّفه ويقول:
    « خالفتني وتركت الحزم وتبعت هواك، فذاك الذي أردى جيشك. » وكتب الخبيث إلى محمد أنّه:
    « لم يخف عليّ تدبيرك على جيش عليّ بن أبان ولن تعدم المكافأة على ما كان منك. » فارتاع محمد ممّا ورد عليه وكتب إليه بالتضرّع والخضوع وكتب:
    « إني ارتجع جميع ما ذهب من عسكر الخليل بن أبان وأتوعّد من فعل ذلك وأقصده بكلّ مكروه. » فأظهر الخبيث غضبا وكتب إليه يتهدّده، فأعاد محمد الكتاب بالاستكانة وكتب إلى بهبوذ يضمن له مالا ولغيره ممّن يقرب من الخبيث فلم يزالوا به حتى سلّوا سخيمته على محمد وأظهر الخبيث الرضا عن محمد وقال:
    « لست أقبل ما يقول أو يخطب لي على منابر أعماله. » فأجابه محمد إلى ما أراد. ثم راوعه وقصد عليّ متّوث فلم يطقها لحصانتها فاتّخذ لها سلاليم وآلات الحروب. وكان مسرور عرف قصد عليّ متّوث، فلمّا صار إليها وافاه قبيل المغرب وهو مقيم عليها. فلمّا عاين أصحاب عليّ أوائل خيل مسرور انهزموا وتركوا عسكرهم وجمع الآلات التي أعدّوها وقتل منهم جمع كثير وانصرف عليّ مذعورا مفلولا ولم يلبث حتى تتابعت الأخبار بإقبال أبي أحمد الموفّق إلى سوق الخميس وطميشا وفتح أبي أحمد إيّاها.
    ثم ورد عليه كتاب يحفزه حفزا شديدا بالمصير إليه في عسكره.
    ودخلت سنة سبع وستين ومائتين

    وفيها غلب أبو العباس ابن الموفّق على عامّة ما كان سليمان صاحب الزنج غلب عليه من قرى دجلة
    ذكر الخبر عن ذلك

    إنّ الزنج لمّا دخلوا واسطا - وكان منهم ما ذكرنا - واتصل الخبر بأبي أحمد استعظمه، فخفّ للنهوض ابنه أبو العباس. فلمّا استجمع أمره ركب أبو أحمد يعرض أصحابه ووقف على عدّتهم فكان جميع الفرسان والرجّالة عشرة آلاف رجل في أحسن زيّ وأجمل هيئة وأكمل عدّة ومعهم الشذاءات والسميريّات والمعابر للرجّالة. فنهض أبو العباس وانصرف أبو أحمد من تشييعه وأقام أبو العباس بالفرك حتى تكامل أصحابه وأقام أيضا بالمدائن، ثم رحل إلى دير العاقول. فورد عليه كتاب نصير أبي حمزة صاحب الشذاءات والسميريّات وكان أمضاه على مقدّمته يعلمه أنّ سليمان بن جامع قد وافى في خيله ورجاله وشذاءاته والجبّائى يقدمه حتى نزل الجزيرة التي بحضرة بردودا، فرحل أبو العباس حتى وافى جرجرايا ثم فم الصّلح ثم ركب الظهر حتى وافى الصّلح ووجّه طلائعه لتعرف الخبر، فأخبروه بموافاة القوم وجمعهم وأنّ أوّل جيشهم بالصّلح وآخرهم ببستان موسى بن بغا أسفل واسط. فلمّا عرف ذلك عدل عن سنن الطريق وسار معترضا ولقي أصحابه أوائل القوم فتطاردوا لهم وأمعن الزنج في طلبهم فجعل الناس يقولون:
    « اطلبوا أميرا للحرب فإنّ أميركم مشغول بالصيد. » فلمّا قربوا من أبي العباس بالصّلح خرج عليهم فيمن معه من الخيل والرجل وأمر فنودي:
    « نصير، إلى أين تتأخّر عن هؤلاء الكلاب؟ ارجع إليهم. » فرجع نصير وركب أبو العباس في سميرية وحمل الناس من كلّ جهة فانهزم الزنج وأصحاب أبي العباس يقتلونهم إلى أن وافى بهم قرية عبد الله وهي على ستّة فراسخ من الموضع الذي لقوهم. وأخذوا عدّة شذاءات وسميريّات واستأمن قوم وغرق قوم.
    فكان ذلك أول فتح فتح على أبي العباس. وأشار على أبي العباس قوّاده ونصحاؤه أن يجعل معسكره بالموضع الذي كان انتهى إليه، إشفاقا عليه من مقاربة القوم. فأبى وقال:
    « فأين التيقّظ. » فنزل واسطا.
    ولمّا انهزم سليمان بن جامع وأصحابه توافوا بنهر الأمير.
    وكان القوم حين لقوا أبا العباس أجالوا الرأي بينهم فقالوا:
    « هذا فتى حدث لم تطل ممارسته للحروب فالرأي أن نرميه بحدّنا كلّه، فإنّه سيرتاع ويكون سببا لانصرافه عنّا أو أسره. » ففعلوا ذلك وحشدوا فكاد يتمّ لهم ما دبّروه، ثم كانت الدبرة عليهم.
    ودخل أبو العباس واسطا من غد يوم الوقعة في أحسن زيّ واستأمن إليه قوم ثم انحدر إلى العمر وهو على فرسخ من واسط فقدّم فيه عسكره وكان الناس أشاروا عليه أن يعسكر فوق واسط فأبى ونزل العمر ثم أخذ في بناء الشذاءات وآلات الماء وجعل يراوح القوم القتال ويغاديهم.
    ثم إن سليمان استعدّ له مرة أخرى وحشد فلقيهم أبو العباس فهزمهم وقتل وأسر. ثم أتاه مخبر فأخبره أنّ الزنج قد اجتمعوا واستعدّوا لكبس عسكره من ثلاثة أوجه، وأنّهم قالوا فيما بينهم:
    « إنّه حدث غرّ قد خاطر وغرّر بنفسه فاتفق له ولا يتمّ له ذلك أبدا. » فلمّا علم بتدبيرهم حذر وكانوا كمنوا له عشرة آلاف في موضعين وأطمعوه في أنفسهم فمنع أبو العباس من اتباعهمم. فلمّا علموا أنّ كيدهم لم ينفذ اجتمعوا له وكاثروه فهزمهم وأفلت سليمان راجلا ومضى جيشهم لا يلوى أحد على أحد. ورجع أبو العباس إلى مكانه بالعمر ثم إنّ الجبّائى كان يجيئه في الطلائع في كلّ ثلاثة أيّام.
    ذكر حيلة للجبائى ما تمت له

    أمر الجبائي بحفر آبار وصيّر فيها سفافيد حديد وغشّاها بالبواري وواراها بالتراب وأخفى مواضعها وجعلها على سنن مسير الخيل ليتهوّر فيها المجتازون وكان يوافى متعرّضا ويهيج الناس. فجاء يوما فطلبته الخيل فتقطّر فرس قائد في بئر منها فوقف أصحاب أبي العباس على حيلته فحذروا ذلك السمت ولم يمتحن غير ذلك القائد الواحد.
    ثم عاودوا التعرّض للحرب في كلّ يوم إلى أن استجرأ عليهم جند أبي العباس فكان أبو العباس يقصدهم ويقتل ويأسر ويستنقذ نساء المسلمين وصبيانهم ويردّهم إلى أهليهم إذ عرض لأبي العباس كركيّ يطير، فرماه بسهم فشكّه فسقط بين أيدى الزنج ورأوا موقع السهم منه، فعلموا أنّه سهم أبي العباس، فاستشعروا الرعب منه فكانوا إذا رأوا علامته انهزموا.
    ثم عزم أبو أحمد الموفّق على المصير إلى الجيش ومباشرة الأمر بنفسه فعزم أبو العباس على قصد نهر سوق الخميس قبل موافاة أبيه.
    فقال له نصير:
    « إنّ ذلك النهر ضيق فأقم أنت وأذن لي في المسير إليه. » فأبى أن يدعه حتى يعاينه فقيل له: إن كنت لا بدّ فاعلا فلا تكثر عدد من يحمل معك في الشذاءات.
    فاستعدّ أبو العباس وسار نصير بين يديه واستأذنه رجل من قوّاده يقال له موسى دالحوا أن يكون بين يديه فأذن له وسار حتى انتهى إلى فوهة النهر المؤدّى إلى مدينة سليمان بن موسى الشعراني وغاب عنه نصير حتى خفى خبره وخرج عليه في ذلك الموضع خلق فتحدّث من كان معه قال: لمّا حالوا بيننا وبين الانتهاء إلى السور - وكان بيننا وبينه مقدار فرسخين - حاربناهم فاشتدّت الحرب وخفى أمر نصير علينا والزنج يهتفون بنا:
    « أخذنا نصيرا وأنتم في قبضتنا. » فاغتمّ أبو العباس لذلك ورحل منه فاستأذنه محمد بن شعيب أن يأتيه بخبر نصير فأذن له فمضى في سميريّة بعشرين جذّافا، فإذا هو بنصير وقد قرب من سكر كانوا سكروه، فأضرمه بالنار وهو يحارب حربا شديدة وقد رزق الظفر. فرجع وأخبر أبا العباس وبشّره بسلامة نصير ومن معه وأنّه ظافر غانم فسرّ به سرورا شديدا.
    وكان الزنج قد علقوا بشذاءة، فركب أبو العباس في سميريّة حتى وافى تلك الشذاءة وعلى أبي العباس كبر تحته درع فانتزع الشذاة وخلّصها. قال محمد: فنزعنا من كبر أبي العباس خمسا وعشرين نشّابة ومن لبابيد الملّاحين مثل ذلك وأقلّ وأكثر.
    وظفر أبو العباس بالزنج وهزمهم وعاد إلى معسكره بالعمر إلى أن وافى الموفّق.


  • #92
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    خروج الموفق لحرب صاحب الزنج

    وخرج الموفّق من مدينة السلام قاصدا حرب صاحب الزنج وذلك حين بلغه أنّ صاحب الزنج كتب إلى صاحبه عليّ بن أبان المهلّبي يأمره بالمصير بجميع من معه إلى ناحية سليمان بن جامع ليجتمعا على حرب أبي العباس بن أبي أحمد.
    فأعدّ أبو أحمد الشذاءات وآلات الماء وسار في فرسانه ورجّالته وغلمانه إلى أن نزل على فرسخ من واسط فأقام هناك يوما وليلة، فتلقّاه أبو العباس ابنه في جريدة خيل فيها قوّاده ووجوه جنده فسأله أبوه عن خبر أصحابه فأثنى عليهم ووصف نصحهم وبلائهم، فخلع عليه وعليهم.
    وانصرف أبو العباس إلى معسكره ورحل أبو أحمد من غد ذلك اليوم في الماء وتلقّاه أبو العباس وجميع الجند في هيئة الحرب ثم سار أمامه إلى أن نزل أبو أحمد ثم سار أبو أحمد وولّى ابنه أبا العباس مقدّمته ووضع العطاء فأعطى الجيش. ثم سار على تعبئة وأمامه أبو العبّاس فأتاه بأسرى.
    وذلك أنّه وافى عسكرا للشعرانى قبل مجيء أبيه فأوقع به وقتل منه مقتلة عظيمة، فأمر الموفّق بضرب أعناق الأسارى. ثم رحل أبو أحمد يريد مدينة صاحب الزنج التي سمّاها المنيعة من سوق الخميس بمن معه من الجيش وآلة الماء.
    فلمّا رأى سليمان ومن معه من الزنج مسير الخيل والرجّالة على حافتي النهر قد ملؤوا الأرض ومسير الشذاءات والسميريّات في الماء انهزموا، وعلا أصحاب أبي العباس السور ووضعوا فيهم السيوف ودخلوا المدينة وقتلوا خلقا وأسروا خلقا وحووا ما في المدينة وهرب الشعراني واتبعوهم حتى وقعوا في البطائح وغرق منهم خلق ولجأ الباقون إلى الآجام، واستنقذ من المسلمات خمسة آلاف امرأة سوى الزنجيّات، فأمر أبو أحمد بحفظهن ليدفعن إلى أوليائهن.
    وبات أبو أحمد بإزائها فلمّا أصبح أمر بأخذ جميع ما فيها وهدم سورها وطمّ خندقها واحرق آلاتها وسفنها، وبلغ خبر الوقعة صاحب الزنج فعظمت مصيبته واشتدّ جزعه وكتب إلى سليمان بن جامع يحذّره مثل ما نزل بالشعراني ويأمره بالتيقّظ.
    وتعرّف أبو أحمد خبر الشعراني فقيل: إنّه بالحوانيت، فأنفذ إليه جيشا فألفوا هناك قوّاده ولم يصادفوه فقتلوا قوّاده وانتهبوا هناك غلّات كثيرة.
    وتعرّف أبو العباس خبر سليمان بن جامع فأعلم بمكانه من مدينته التي سمّاها: المعمورة، في الموضع الذي يعرف بطميشا فرحل إليها أبو أحمد بعد أن أصلح سفن الجسور واستكثر من الضياع والآلات التي يسدّ بها الأنهار والطرق للخيل وتوطئة الأرض لسلوكها.
    دفن الجبائي وادعاء آخر لصاحب الزنج

    وفي هذه السنة دخل أبو أحمد طميشا وأخرج منها سليمان بن جامع وقتل بها أحمد بن مهدى الجبّائى وذلك بعد حروب كثيرة.
    ولمّا حمل الجبّائى إلى الخبيث اشتدّ جزعه عليه وصار إليه حتى ولى غسله وتكفينه والصلاة عليه والوقوف على قبره حتى دفن ثم أقبل على أصحابه وقال:
    « قد علمت بوفاته وقت قبض روحه قبل وصول خبره إليّ، بما سمعت من زجل الملائكة بالدعاء والترحّم عليه. » ثم إنّ أبا أحمد أمر أهل عسكره بالتحارس ليلتهم وصحّ سور المدينة بكتائب يتلو بعضها بعضا ورتّب غلمانه وأصحابه في المواضع التي يخشى خروج الزنج منها ورتّب الفرسان في المواضع التي يخاف خروج الكمناء منها وقدّم ابنه وتبعه بنفسه وحضّ الغلمان على الحرب وجسّرهم على الإقدام.
    وقد كان حصّن الزنج السور بخمسة خنادق وجعلوا أمام كلّ خندق سورا ووكّلوا بها رجالهم فما أغنى جميع ذلك شيئا عند الجدّ، فهدمت الأسوار وطمّت الخنادق وهجم على الزنج وكلّ ذلك بالمصاولة من غير حيلة، سوى أنّ الموفّق كان إذا أتى بالواحد منهم عفا عنه وخلع عليه وأقامه حيث يراه أصحابه حتى استمالهم وكثر في أصحابه منهم وكان يفوّقهم على أصحابه ويأمر بالإحسان إليهم حتى فتح المدينة وهدم أسوارها وحوى ما فيها.
    ذهاب الموفق إلى الأهواز للإيقاع بالمهلبي

    ثم رحل نحو الأهواز بعد أن أحكم ما أراد إحكامه ليوقع بالمهلّبي واستخلف على عسكره بواسط ابنه هارون وشخص في خفّ من رجاله وتقدّم إلى ابنه هارون في أن يحدر الجيش الذي خلفه في السفن إذا كاتبه بذلك وسار حتى أتى وادي السوس وقد عقد له عليه جسر فعبره ووافى السوس وكاتب مسرورا في المبادرة إليه فقدم عليه في جيشه فخلع عليه وعلى قوّاده وأقام ثلاثا.
    وصلّت خيل الخبيث وانتقض عليه تدبيره فحمله فرط الهلع على أنّ كاتب المهلّبي وهو يومئذ بالأهواز في ثلاثين ألفا بترك ما قبله كلّه والإقبال إليه. فترك ما كان جمعه من المير والأموال والأثاث وصار إليه، واستخلف محمد بن يحيى بن سعيد الكرنبائى، فوجل من المقام وخرج يتبع المهلّبي وكان يجبّى والأهواز يومئذ من أصناف الحبوب والتمر والمواشي شيء عظيم. فخرجوا عن ذلك كلّه جبنا وإدبارا فحوى جميعه الموفّق. فصار قوّة على الخبيث ولو أراد جمع ذلك في ذلك الوقت ما قدر على شيء منه.
    وكتب أيضا الخبيث إلى بهبوذ وإليه يومئذ عمل الفندم والباسيان وما يتصل بهما من القرى التي بين الأهواز وفارس يأمره بالقدوم عليه. فترك بهبوذ أيضا ما كان قبله من التمر والطعام وكان شيئا عظيما فحوى جميعه أبو أحمد وقوى به على الخبيث.
    وتخلّف عن المهلّبي قوم من الفرسان والرجّالة وكتبوا إلى أبي أحمد يسألونه الأمان لما انتهى إليهم عفوه عن من ظفر به بطميشا فبذله لهم وأحسن إليهم.
    وأمر الموفّق بجباية الأهواز من جميع كورها. ووجّه إلى محمد بن عبيد الله الكرديّ من يؤنسه وعفا عنه وتقدّم إليه في جمع الأموال وتعجيلها نحوه والمسير إليه، وتأخّرت الميرة عن أبي أحمد بالأهواز وغلظ الأمر فسأل عن السبب فوجد الجند قد قطعوا قنطرة قديمة كانت بين سوق الأهواز ورامهرمز يقال لها: قنطرة أرمق، فامتنع التجّار من حمل الميرة لأجل ذلك.
    فركب إليها أبو أحمد وهي على فرسخين من سوق الأهواز فجمع من كان في العسكر من السودان وأمرهم بنقل الصخر وبذل لهم الأموال فلم يرم حتى أصلحت القنطرة في يوم واحد وردّت كما كانت، فسلكها الناس ووافت الميرة والقوافل فعاش أهل العسكر وحسنت أحوالهم.
    وأمر أبو أحمد بجمع السفن لعقد جسر على دجيل فجمعت من جميع كور الأهواز الآلات.
    فلما تمّ عقده وتراجعت نفوس الناس والدوابّ باتصال المير والأعلاف سار وقدّم أبا العباس إلى الموضع المعروف بنهر المبارك من فرات البصرة وكتب إلى ابنه هارون بأن يحدّر إليه جميع الجيش إلى نهر المبارك لتجتمع العساكر هناك.
    ونزل أبو أحمد بقورج العباس ثم نزل الجعفرية وهذه قرية ليس فيها ماء إلّا ماء الآبار التي كان أبو أحمد تقدّم بحفرها في عسكره فحفرت له وكان أعدّ بها بئرا، فوافاها والأمور مصلحة معدّة، ثم رحل حتى ورد نهر المبارك، واستأمن قوم إلى أبي أحمد طمعا فيما بلغهم من إحسانه إلى المستأمنه فأبلغوه أنّ صاحب الزنج قد جمع آلات الماء وفيها خلق من السودان ليقصدوا نصيرا وهو بنهر المرأة ويسلكوا موضعا يخرجهم من ورائه. فأنفذ إلى نصير وأخبره بذلك فبادر نصير إلى شقّ بئرين، فلقى هناك القوم فزرق الظفر بعد مجاهدة عظيمة، فقتل وأسر وأخذ ثلاثين سميريّة. وانصرف أصحاب أبي أحمد ظافرين إلى واسط واستأمن إلى نصير زهاء ألفى رجل، فكتب بالخبر إلى أبي أحمد فأمره بقبولهم وإجراء الأرزاق عليهم وتفريقهم على أصحابه ومناهضة العدوّ بهم.
    ثم كتب إليه بموافاته إلى نهر المبارك ففعل.
    كتاب أبي أحمد إلى صاحب الزنج للأمان والتوبة مما ركب وادعى

    وكتب أبو أحمد إلى الخبيث كتابا يدعوه إلى الدخول في الأمان والنزوع عمّا هو عليه من ادعاء النبوّة وسبى المسلمات والمسلمين والفساد في الأرض، فإنّ التوبة مبذولة له. وأطال الكتاب في هذا المعنى.
    فلمّا وصل إلى الخبيث رمى بالكتاب من يده ولم يجبه بشيء، وأقام على إصراره فعرض أبو أحمد شذاءاته وجمع آلات الماء ورتب قوّاده ومواليه وتخيّر الرماة منهم فرتّبهم في الشذاءات وسار إلى مدينة الخبيث المسماة:
    المختارة، في نهر أبي الخصيب فأشرف عليها وتأمّلها فرأى من حصانتها وأسوارها وخنادقها ووعورة الطرق المؤدية إليها من كلّ وجه وكثرة من أعدّ عليها من الرماة بالقسّى الناوكيّة والمجانيق والعرّادات وسائر الآلات ما لم ير مثله. فاستغلظ أمره واستعدّ الوصول إليه.
    ولمّا عاين الزنج أبا أحمد ارتفعت ضجّتهم بما ارتجّت له الأرض وتقدّم إلى بعض الشذاءات أن تقرب من السور من قصر الخبيث فتتابعت سهامهم وأحجار منجنيقاتهم وغير ذلك من عرّاداتهم ومقاليعهم حتى ما كان يقع طرف ناظر من الشذاءات إلّا على سهم أو حجر فأمر أبو أحمد بردّ تلك الشذاءات ومعالجة من أصابه جرح أو وهن.

  • صفحة 23 من 25 الأولىالأولى ... 132122232425 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 79
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:44 PM
    2. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    3. أربع اخطاء في تذويب الطعام المجمد
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 06-10-2010, 03:26 AM
    4. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM
    5. العشى الليلي Night blindness
      بواسطة Dr.Ahmad في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 01:57 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1