صفحة 23 من 32 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 89 إلى 92 من 125

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)


  1. #89
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قالوا: وكان مع ابن بقيلة منصف له فعلق كيسًا في حقوه، فتناول خالد الكيس، ونثر ما فيه في راحته، فقال: ما هذا يا عمرو؟ قال: هذا وأمانة الله سم ساعة، قال: لم تحتقب السم؟ قال: حشيت أن تكونوا على غير ما رأيت، وقد أتيت على أجلي، والموت أحب إلى من مكروه أدخله على قومي وأهل قريتي. فقال خالد: إنها لن تموت نفس حتى تأتي على أجلها، وقال بمم الله خير الأسماء، رب الأرض ورب السماء، الذي ليس يضر مع اسمه داء، الرحمن الرحيم. فأهووا إليه ليمنعوه منه، وبادرهم فابتلعه، فقال عمرو: والله يا معشر العرب لتملكن ما أردتم ما دام منكم أحد أيها القرن. وأقبل على أهل الحيرة، فقال: لم أر كاليوم أمرًا أوضح إقبالًا!
    وأبى خالد أن يكاتبهم إلا على إسلام كرامة بنت عبد المسيح إلى شويل؛ فثقل ذلك عليهم، فقالت: هونوا عليكم وأسلموني، فإني سأفتدى. ففعلوا؛ وكتب خالد بينه وبينهم كتابًا: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عاهد عليه خالد بن الوليد عديًا وعمرًا ابني عدي، وعمرو بن عبد المسيح وإياس بن قبيصة وحيري بن أكال - وقال عبيد الله: جبري - وهم نقباء أهل الحيرة؛ ورضى بذلك أهل الحيرة، وأمروهم به - عاهدهم على تسعين ومائة ألف درهم، تقبل في كل سنة جزاء عن أيديهم في الدنيا؛ رهبانهم وقسيسهم؛ إلا من كان منهم على غير ذي يد، حبيسًا عن الدنيا، تاركًا لها - وقال عبيد الله: إلا من كان غير ذي يد حبيسًا عن الدنيا تاركًا لها - أوسائحًا تاركًا للدنيا، وعلى المنعة، فإن لم يمنعهم فلا شئ عليهم حتى يمنعهم، وإن غدروا بفعل أو بقول فالذمة منهم بريئة. وكتب في شهر ربيع الأول من سنة اثنتي عشرة، ودفع الكتاب إليهم.
    فلما كفر أهل السواد بعد موت أبي بكر استخفوا بالكتاب، وضيعوه، وكفروا فيمن كفر، وغلب عليهم أهل فارس؛ افتتح المثنى ثانية؛ أدلوا بذلك، فلم يجيبهم إليه، وعاد بشرط آخر؛ فلما غلب المثنى على البلاد كفروا وأعانوا واستخفوا وأضاعوا الكتاب. فلما افتتحها سعد وأدلوا بذلك سألهم واحدًا من الشرطين، فلم يجيئوا بهما؛ فوضع عليهم وتحرى ما يرى أنهم مطيقون، فوضع عليهم أربعمائة ألف سوى الحرزة - قال عبيد الله: سوى الخرزة.
    حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، عن سيف - والسري، عن شعيب، عن سيف - عن الغصن بن القاسم الكناني عن رجل من بني كنانة ويونس بن أبي إسحاق، قالا: كان جرير بن عبد الله ممن خرج مع خالد بن سعيد بن العاصى إلى الشأم، فاستأذن الدًا إلى أبي بكر ليكلمه في قومه وليجمعهم له؛ وكانوا أوزاعًا في العرب، وليتخلصهم؛ فأذن له، فقدم على أبي بكر، فذكر له عدة من النبي وأتاه على العدة بشهود، وسأله إنجاز ذلك، فغضب أبو بكر، وقال له: ترى شغلنا وما نحن فيه بغوث المسلمين ممن بإزائهم من الأسدين فارس والروم؛ ثم أنت تكلفني التشاغل بما لا ينبغي عما هو أرضى لله ولرسوله! دعني وسر نحو خالد بن الوليد حتى أنظر ما يحكم الله في هذين الوجهين.
    فسار حتى قدم على خالد وهو بالحيرة، ولم يشهد شيئًا مما كان بالعراق إلا ما كان بعد الحيرة؛ ولا شيئًا مما كان خالد فيه من أهل الردة. وقال القعقاع بن عمرو في أيام الحيرة:
    سقى الله بالفرات مقيمة ** وأخرى بأنباج النجاف الكوانف
    فنحن وطئنا بالكواظم هرمزًا ** وبالثنى قرني قارن بالجوارف
    ويوم أحطنا بالقصور تتابعت ** على الحيرة الروحاء إحدى المصارف
    حططناهم منها وقد كاد عرشهم ** يميل بهم فعل الجبان المخالف
    رمينا عليهم بالقبول وقد رأوا ** غبوق المنايا حول تلك المحارف
    صبيحة قالوا نحن قوم تنزلوا ** إلى الريف من أرض العريب المقانف
    خبر ما بعد الحيرة

    حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري، قال: حدثني عمي، عن سيف، عن جميل الطائي، عن أبيه، قال: لما أعطى شويل كرامة بنت عبد المسيح قلت لعدي بن حاتم: ألا تعجب من مسألة شويل كرامة بنت المسيح على ضعفه! قال: كان يهرف بها دهره، قال وذلك أني لما سمعت رسول الله يذكر ما رفع له من البلدان، فذكر الحيرة فيما رفع له، وكأن شرف قصورها أضراس الكلاب؛ عرفت أن قد أريها، وأنها ستفتح، فلقيته مسألتها.
    وحدثنا عبيد الله، قال: حدثني، عن سيف، قال: قال لي عمرو والمجالد، عن الشعبي - والسري، عن شعيب، عن سيف، عن المجالد، عن الشعبي - قال: لما قدم شويل إلى خالد، قال: إني سمعت رسول الله يذكر فتح الحيرة، فسألته كرامة، فقال: هي لك إذا فتحت عنوة. وشهد له بذلك، وعلى ذلك صالحهم؛ فدفعها إليه، فاشتد ذلك على أهل بيتها وأهل قريتها ما وقعت فيه، وأعظموا الخطر، فقالت ": لا تخطروه، ولكن اصبروا؛ ما تخافون على امرأة بلغت ثمانين سنة! فإنما هذا أحمق رآني في شبيبتي فظن أن الشاب يدوم. فدفعوها إلى خالد؛ فدفعها خالد إليه، فقالت: ما رأبك إلى عجوز كما ترى! فادنى، قال: لا، إلا على حكمي، قالت: فلك حكمك مرسلً. فقال: لست لأم شويل إن نقصك من ألف درهم! فاستكثرت ذلك لتخدعه، ثم أتته بها. فرجعت إلى أهلها، فتسامع الناس بذلك، فعنفوه، فقال: ما كنت أرى أن عددًا يزيد على ألف! فأبوا عليه إلا أن يخاصمهم فخاصمهم، فقال: كانت نيتي غاية العدد، وقد ذكروا أن العدد يزيد على ألف، فقال خالد: أردت أمرًا وأراد الله غيره؛ نأخذ بما يظهر وندعك ونيتك، كاذبًا كنت أو صادقًا.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عمرو، عن الشعبي، قال: لما فتح خالد الحيرة صلى صلاة الفتح ثماني ركعات لا يسلم فيهن، ثم انصرف، وقال: لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف، وما لقيت قومًا كقوم لقيتهم من أهل فارس؛ وما لقيت من أهل فارس قومًا كأهل أليس! حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، عن سيف، عن عمرو والمجالد، عن الشعبي، قال صلى خالد صلاة الفتح، ثم انصرف. ثم ذكر مثل حديث السري.
    حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، عن سيف - والسري، عن شعيب، عن سيف - عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم - وكان قدم مع جرير على خالد - قال: أتينا خالدًا بالحيرة وهو متوشح قد شد ثوبه في عنقه يصلي فيه وحده، ثم انصرف، فقال: اندق في يدي تسعة أسياف يوم مؤتة، ثم صبرت في يدي صفيحة يمانية، فما زالت معي.
    حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، عن سيف، عن محمد بن عبد الله عن أبي عثمان وطلحة بن الأعلم عن المغيرة بن عتيبة والغصن ابن القاسم، عن رجل من بني كنانة وسيفان الأحمري عن ماهان، قال: ولما صالح أهل الحيرة خالدًا خرج صلوبًا بن نسطونًا صاحب قس الناطف، حتى دخل على خالد عسكره؛ فصالحه على بانقيًا وبسمًا، وضمن له ما عليهما وعلى أرضهما من شاطئ الفرات جميعًا، واعتقد لنفسه وأهله وقومه على عشرة آلاف دينار سوى الخرزة، خرزة كسرى؛ وكانت على كل رأس أربعة دراهم، وكتب لهم كتابًا فتموا وتم، ولم يتعلق عليه في حال غلبة فارس بغدر، وشاركهم المجالد في الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلو بابن نسطونا وقومه؛ إني عاهدتكم على الجزية والمنعة؛ على كل ذي يد؛ بانقيًا وبسمًا جميعًا، على عشر آلاف دينار سوى الخرزو، القوى على قدر قوته، والمقل على قدر إقلاله، في كل سنة. وإن قد نقبت على قومك، وإن قومك قد رضوا بك. وقد قبلت ومن معي من المسلمين، ورضيت ورضى قومك؛ فلك الذمة والمنعة؛ فإن منعناكم فلنا الجزية؛ وإلا فلا حتى نمنعكم. شهد هشام بن الوليد، والقعقاع بن عمرو، وجرير بن عبد الله الحميري، وحنطلة الربيع. وكتب سنة اثنتي عشرة في صفر.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن عبد الله، عن أبي عثمان، عن ابن أبي مكنف، وطلحة عن المغيرة، وسيفان عن ماهان، وحدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، عن سيف، عن محمد، عن أبي عثمان، وطلحو عن المغيرة، قال " كان الدهاقين يتربصون بخالد وينظرون ما يصنع أهل الحيرة. فلما استقام ما بين أهل الحيرة وبين خالد، واستقاموا له أتته دهاقين الملطاطين، وأتاه زاذبن بهيش دهقان فرات سريًا، وصلوبًا بن بصبهري ونسطونا - فصالحوه على ما بين الفلاليج إلى هرمز جرد على ألفي ألف - وقال عبيد الله في حديثه: على ألف ألف ثقيل - وأن للمسلمين ما كان لآل كسرى ومن مال معهم عن المقام في داره فلم يدخل في الصلح. وضرب خالد رواقه في عسكره، وكتب لهم كتابًا:
    بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من خالد بن الوليد لزاد بن بهميش وصلوبا بن نسطونا؛ لكم الذمة وعليكم الجزية، وأنتم ضامنون لمن نقبتم عليه من أهل البهقاباذ الأسفل والأوسط وقال عبيد الله: وأنتم ضامنون جزية من نقبتم عليه على ألفي ثقيل في كل سنة؛ عن كل ذي يد سوى ما على بانقًا وبسمًا وإنكم قد أرضيتموني والمسلمين؛ وإنا قد أرضيناكم وأهل البهقباذ الأسفل؛ ومن دخل معكم من أهل البهقباذ الأوسط على أموالكم؛ ليس فيها ما كان لآل كسرى ومن مال ميلهم. شهد هشام بن الوليد، والقعقاع بن عمرو، وجرير بن عبد الله الحكيري، وبشير بن عبيد الله بن الخصاصة، وحنظلة بن الربيع. وكتب سنة اثنتي عشرة في صفر وبعث خالد ابن الوليد عماله ومسالحه؛ فبعث في العمالة عبد الله بن وثيمة النصري، فنزل في أعلى العمل بالفلاليج على المنعة وقبض الجزية، وجرير بن عبد الله على بانقيا وبسما، وبشير بن الخصاصية على النهرين فنزل الكوفية ببانبورة، وسويد بن مقرن المزني إلى سنتر، فنزل العقر - فهي تسمى عقر سويد إلى اليوم، وليست بسويد المنقري سميت - وأط بن أبي إط إلى روذمستان، فنزل منزلًا على نهر سمى ذلك النهر به - ويقال له: نهر إط إلى اليوم؛ وهو رجل من بن يسعد بن زيد مناة؛ فهؤلاء كانوا عمال الخراج زمن خالد بن الوليد.
    وكانت الثغور في زمن خالد بالبسيب، بعث ضرار بن الأزور وضرار بن الخطاب والمثنى بن حارثة ضرار بن مقرن والقعقاع بن عمرو وبسر بن أبي رهم وعتيبة بن النهاس؛ فنزلوا على السيب في عرض سلطانه. فهؤلاء أمراء ثغور خالد. وأمرم خالد بالغارة والإلحاح، فمخروا ما رواء ذلك إلى شاطئ دجلة.
    قالوا: ولما غلب خالد على أحد جانبي السواد، دعا من أهل الحيرة برجل، وكتب معه إلى أهل فارس وهم بالمدائن مختلفون متساندون لموت أردشير؛ إلا أنهم قد أنزلوا بهمن جاذويه ببهر سير؛ وكأنه على المقدمة، ومع بهمن جاذويه الآزاذبة في أشباه له، ودعى صلوبا برجل، وكتب معهما كتابين؛ فأما أحدهما فإلى الخاصة وأما الآخر فإلى العامة؛ أحدهما حيري والآخر نبطي ولما قال خالد لرسول أهل الحيرة: ما اسمك؟ قال: مرة، قال: خذ الكتاب فأت به أهل فارس، لعل الله أن يمر عليهم عيشهم، أو يسلموا، أو ينبهوا، وقال لرسول صلوبا: ما أسمك؟ قال: هزميل، قال: فخذ الكتاب. وقال: اللهم أزهق نفوسهم.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #90
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مجالد وغيره، بمثله، والكتابان: بسم الله الرحمن الرحيم. من خالد بن الوليد إلى ملوك فارس؛ أما بعد؛ فالحمد لله الذي حل نظامكم، ووهن كيديطم، وفرق كلمتكم، ولو لم يفعل ذلك بكم كان شرًا لكم؛ فادخلوا في أمرنا ندعكم وأرضكم، ونجوزكم إلى غيركم، وإلا كان ذلك وأنتم كارهون على غلب، على أيدي قوم يحبون الموت كما تحبون الحياة.
    بسم الله الرحمن الرحيم. من خالد بن الوليد إلى مرازية فارس؛ أما بعد فأسلموا تسلموا؛ وإلا فاعتقدوا مني الذمة، وأدوا الجزية، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت، كما تحبون شرب الخمر.
    جدثني عبيد الله، قال: حدثني، عن سيف، عن محمد بن نوريرة، عن أبي عثمان. والسري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن عبد الله، عن أبي عثمان والمهلب بن عقبة وزياد بن سرجس، عن سياده وسيفان الأحمري، عن ماهان: أن الخراج جبي إلى خالد في خمسين ليلة، وكان الذين ضمنوه والذين هم رءوس الرساتيق رهنًا في يده، فأعطى ذلك كله للمسلمين، فقووا على أمورهم. وكان أهل فارس بموت أردشير مختلفين في الملك، مجتمعين على قتال خالد، متساندين؛ وكانوا بذلك سنة، والمسلمون يمخرون كا دون دجلة، وليس لأهل فارس فيما بين الحيرة ودجلة أمر؛ وليست لأحد منهم ذمة إلا الذين كاتبوه واكتتبوا منه، وسائر أهل السواد جلاء، ومتحصنون، ومحاربون، واكتتب عمال الخراج، وكتبوا البراءات لأهل الخراج، من نسخة واحدة: بسم الله الرحمن الرحيم. براءة لمن كان من كذا وكذا من الجزية التي صالحهم عليها الأمير خالد بن الوليد، وقد قبضت الذي صالحهم عليه خالد، يوخالد والمسلمون لكم يد على من بدل صلح خالد؛ ما أقررتم بالجزية وكففتم. أمانكم أمان، وصلحكم صلح؛ نحن لكم على الوفاء
    وأشهدوا لهم النفر من الصحابة الذين كان خالد أشهدهم: هشاما، والقعقاع، وجابر بن طارق، وجريرًا، وبشيرًا، وحنظلة، وأزداذ، والحجاج بن ذي العنق، ومالك بن زيد.
    حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، سيف، عن عطية بن الحارث، عن عبد خير، قال: وخرج خالد وقد كتب أهل الحيرة عنه كتابًا: إنا قد أدينا الجزية التي عاهدنا عليها خالد العبد الصالح والمسلمون عباد الله الصالحون، على أن يمنعونا وأميرهم البغي من المسلمين وغيرهم.
    وأما المري؛ فإنه قال في كتابه إلى: حدثنا شعيب، عن سيف عن عطية بن الحارث، عن عبد خير، عن هشام بن الوليد، قال: فرغ خالد.. ثم سائر الحديث مثل حديث عبيد الله بن سعد.
    حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي عن سيف والسرى، عن شعيب عن سيف عن عبد العززيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن الهذيل الكاهلي نحوًا منه، قالوا: وأمر الرسولين اللذين بعثهما أن يوافياه بالخبر، وأقام خالد في عمله سنة ومنزله الحيرة، يصعد ويصوب قبل خروجه إلى الشأم، وأهل فارس يخلعون ويملكون؛ ليس إلا الدفع عن بهر سير؛ وذلك أن شيري بن كسرى قتل كل من كان يناسبه إلى كسرى بن قباذ، ووثب أهل فارس بعده وبعد أرشير ابنة، فقتلوا كل من بين كسرى بن قباذ وبين بهرام جور، فقوا لا يقدرون على من يملكون ممن يجتمعون عليه.
    حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، قال: حدثني سيف، عن عمرو والمجالد، عن الشعبي، قال: أقام خالد بن الوليد فيما بين فتح الخيرة إلى خروجه إلى الشأم اكثر من سنة، يعالج عمل عياض الذي سمى له، وقال خالد للمسلمين: لولا ما عهد إلى الخليفة لم أتنقذ عياضًا، وكان قد شجى وأشجى بدومة، وكا كان دون فتح فارس شئ؛ إنها لسنة كأنها سنة نساء. وكان عهد إليه ألا يقتحم عليهم وخلفه نظام لهم. وكان بالعين عسكر لفارس وبالأنبار آخر وبالفراص آخر ولما وقعت كتب خالد إلى أهل المدائن تلكم نساء آل كسرى، فولى الفرخزاذين البندوان إلى أن يجتمع آل كسرى على رجل إن وجدوه.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن عبد الله عن أبي عثمان، وطلحة عن المغيرة، والمهلب عن سياه، وسفين عن ماهان، قالوا: كان أبو بكر رحمه الله قد عهد إلى خالد أن يأتي العراق من أسفل منها، وإلى عياض أن يأتي العراق من فوقها، وأيكما ما سبق إلى الحيرة فهو أمير على الحيرة؛ فإذا اجتمعتما بالحيرة إن شاء الله وقد فضضتما مسالح ما بين العرب وفارس وأمنتم أن يؤتى المسلمون من خلفهم فليم بالحيرة أحدكما، وليقتحم الآخر على القوم، وجالوهم عما في أيديهم، واستعينوا بالله واتقوه، وآثروا أمر الآخرة على الدنيا يجتمعا لكم؛ ولا تؤثروا الدنيا فتسلبوهما. واحذروا ما حذركم الله بترك المعاصي ومعالجة التوبة؛ وإياكم والإصرار وتأخير التوبة.
    فأتى خالد على ما كان أمر به، ونزل الحيرة، واستقام له ما بين الفلاليج إلى أسفل السواد، وفرق سواد الحيرة يومئذ على جرير بن عبد الله الحميري، وبشير بن الخصاصية، وخالد بن الواشمة، وابن ذي العنق، وأط وسويد وضرار؛ وفرق سواد الأبلة على سويد بن مقرن، وحسحكة الحبطى، والحصين بن أبي الحر، وربيعة بن عسل، وأقر المسالح على ثغورهم، واستخلف على الحيرة القعقاع بن عمرو. وخرج خالد في عمل عياض ليقضي ما بينه، وإغاثته، فسلك الفلوجة حتى نزل بكربلاء وعلى مسلحتها عاصم بن عمرو، وعلى مقدمة خالد الأقرع بم جابس؛ لأن المثنى كان على ثغر من الثغور التي تلى المدائن؛ فكانوا يغارون أهل فارس، وينتهون إلى شاطئ دجلة قبل خروج خالد من الحيرة وبعد خروجه في إغاثة عياض.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي روق، عمن شهدهم بمثله، إلى أن قال: وأقام خالد على كربلاء أيامًا، وشكًا إليه عبد الله بن وثيمة الذباب، فقال له خالد: اصبر فإني إنما أريد أن أستفرغ المسالح التي أمر بها عياض فنسكنها العرب، فتأمن جنود المسلمين أن يؤتوا ورأيه يعدل نجدة الأمة. وقال رجل من أشجع فيما حكى ابن وثيمة:
    لقد حبست في كربلاء مطيتي ** وفي العين حتى عاد غثا سمنيها
    إذا زحلت من مبرك رجعت له ** لعمر أبيها إنني لأهينها
    ويمنعها من ماء كل شريعة ** رفاق من الذبان زرق عيونها


  • #91
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    حديث الأنبار وهي ذات العيون وذكر كلواذي

    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وأصحابهما، قالوا: خرج خالد بن الوليد في تعبيته التي خرج فيها من الحيرة، وعلى مقدمته الأقرع بن حابس فلما نزل الأقرع المنزل الذي يسلمه إلى الأنباء أنتج قوم من المسلمين إبلهم، فلم يستطيعوا العرجة، ولم يجدوا بدا من الإقدام، ومعهم بنات مخاض، تتبعهم. فلما نودى بالرحيل صروا الأمهات، واحتقبوا المنتوجات؛ لأنها لم تطق السير؛ فانتهوا ركبانا إلى الأنبار، وقد تحصن أهل الأنبار، وخندقوا عليهم، وأشرفوا من حصنهم، وعلى تلك الجنود شير زاد صاحب ساباط وكان أعقل أعجمي يومئذ من السور، وقالوا: صبح الأنبار شر؛ جمل يحمل جميله وجمل تربه عوذ. فقال شيرزاد: ما يقولن؟ ففسر له، فقال: أما هؤلاء فقد قضوا على أنفسهم؛ وذلك أن القوم إذا القوم إذا قضوا على أنفسهم قضاء كاد يلزمهم؛ والله لئن لم يكن خالد مجتازًا لأصالحنه؛ فبيناهم كذلك قدم خالد على المقدمة، فأطاف بالخندق، وأنشب القتال؛ وكان قليل الصبر عنه إذا رآه أو سمع به؛ وتقدم إلى رماته، فأوصاهم وقال: إني أرى أقوامًا لا علم لهم بالحرب، فارموا عيونهم ولا توخروا غيرها، فرموا رشقًا واحدًا، ثم تابعوا، ففقئ ألف عين يومئذ، فسميت تلك الوقعة ذات العيون؛ وتصالح القوم: ذهبت عيون أهل الأنبار! فقال شيرزاد: ما يقولون؟ ففسر له، فقال: آباذ آباذ. فراسل خالدًا في الصلح على أمر لم يرضه خالد، فرد رسله، وأتى خالد أضيق مكان في الخندق برذابا الجيش فنحرها؛ ثم رمى بها فيه فأفعمه؛ ثم اقتحم الخندق والردايا جسورهم فاجتمع المسلمون والمشركون في الخندق. وأرز القوم إلى حصنهم، وراسل شيرازاذ خالدًا في الصلح على ما أراد، فقبل منه على أن يخليه ويلحقه بمأمنه في جريدة خيل، ليس معهم من المتاع والأموال شئ؛ فخرج شيرزاذ، فلما قدم على بهمن جاذوبه، فأخبره الخبر لأمه، فقال: إني كنت في قوم ليست لهم عقول، وأصلهم من العرب، فسمعتهم مقدمهم علينا يقضون على أنفسهم، وقلما قضى قوم على أنفسهم قضاء إلا وجب عليهم. ثم قاتلهم الجند، ففقئوا فيهم وفي أهل الأرض ألف عين؛ فعرفت أن المسلمة أسلم. ولم اطمأن خالد بالأنبار والمسلمون، وأمن أهل الأنبار وظهروا، رآهم يكتبون بالعربية ويتعلمونها، فسألهم: فسألهم: ما انتم؟ فقالوا: قوم من العرب، نزلنا إلى قوم من العرب قبلنا فكانت أوائلهم نزلوها أيام بختنصر حين أباح العرب؛ ثم لم تزل عنها فقال: ممن تعلمتم الكتاب؟ فقالوا: تعلمنا الخجط من إياد وأنشدوه قول الشاعر:
    قومي إياد لو أنهم أمم ** أو لو أقاموا فتهزل التعم
    قوم لهم باحة العراق إذا ** ساروا جميعًا والخط والقلم
    وصالح خالد من حولهم وبدأ بأهل البروازيخ؛ وبعث إليه أهل كلواذى ليعقد لهم، فكاتبهم فكانوا عيبته من وراء دجلة. ثم إن أهل الأنبار وما حولها نقضوا فيما كان يكون بين المسلمين والمشركين من الدول ما خلا أهل البوازيخ، فإنهم ثبتوا كما نبت أهل بانقيا.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبد العزيز يعني ابن سياه عن حبيب بن أبي ثابت، قال: ليس لأحد من أهل السواد عقد قبل الوقعة إلا بني صلوبا - وهم أهل الحيرة - وكلواذي، وقرى من قرى الفرات ثم غدروا حتى دعوا إلى الذمة بعد ما غدروا.
    كتب إلي السري، عن شعيب عن سيف، عن محمد بن قيس، قاغل: قلت للشعبي: أخذ السواد عنوة؟ قال: نعم، وكل أرض إلا بعض القلاع والحصون، فإن بعضهم صالح به، وبعضهم غلب. فقلت: فهل لأهل السواد ذمة اعتقدوها قبل الهرب؟ قال: لا، ولكنهم لما دعوا ورضوا بالخراج وأحذ منهم صاروا ذمة.
    خبر عين التمر

    كتب إلي السري، عن شعيب عن سيف، عن محمد وطلحة والمهلب وزياد، قالوا: ولما فرغ خالد من النبار، واستحكمت له، استخلف على الأنبار الزبرقانبن بدر، وقصد لعين التمر؛ وبها يومئذ مهران بن بهرام جوبين في جمع عظيم من العجم، وعقة بن أبي عقة في جمع عظيم من العرب من النمر وتغلب وإياد ومن لأفهم. فلما سمعوا بخالد قال عقة لمهران: إن العرب أعلم بقتال العرب، فدعنا وخالدًا، قال: صدقت، لعمري لأنتم أعلم بقتال العرب، وإنكم لمثلنا في قتال العجم. فخدعه واتقى به، وقال: دونكمهم وإن احتجتم إلينا أعناكم. فملا مضى نحو خالد قالت له الأعاجم: ما حملك على أن تقول هذا القول لهذا الكلب! فقال: دعوني فإني لم أرد إلا ما ه خير لكم وشر لهم؛ إنه قد جاءكم من قتل ملوككم، وفل حدكم، فاتقته بهم؛ فإن كانت لهم على خالد فهي لكم؛ وإن كانت الأخرى لم تبلغوا منهم حتى يهنوا، فنقاتلهم ونحن أقياء وهم مضعفون. فاعترفوا له بفضل الرأي، فلزم مهران العين، ونزل عقة لخالد على الطريق، وعلى ميمنته بجير بن فلان أحدبني عتبة بن سعد بن زهير، وعلى مسيرته الهذيل ابن عمران، وبين عقة على طريق الكرخ كالخفير. فقدم عليه خالد وهو في تعبئة جنده، فعبى خالده وقال لمجنبتيه: اكفونا ما عنده، فإني حامل؛ ووكل بنفسه حوامي، ثم يحمل وعقة يقيم صفوفه؛ فاحتضنه فأخذه أسيرًا، وانهزم صفة من غير قتال، فأكثروا فيهم الأسر، وهرب بجير والهذيل، واتبعهم المسلمون. ولما جاء الخبر مهران هرب في حنده، وتركوا الحصن. ولما انتهت فلال عقة من العرب والعجم إلى الحصن اقتحموا واعتصموا به؛ وأقبل خالد في الناس حتى ينزل على الحصن ومعه عقة أسير وعمرو بن الصعق، وهم يرجون أن يكون خالد كمن كان بغير من العرب، فلما رأوه يحاولهم سألوه الأمان، فأبى إلا على حكمه فسلسوا له به. فلما فتحوا دفعهم إلى المسلمين فصاروا مساكًا، وأمر خالد بعقبة وكان خفير القوم فضربت عنقه ليؤنس الأسراء من الحياة، ولما رآه الأسراء مطروحًا على الجسر يئسوا من الحياة، ثم دعا بعمرو بن الصعق فضرب عنقه، وضرب أعناق أهل الحصن أجمعين. وسبى كل من حوى حصنهم، وغنم ما فيه، ووجد في بيعتهم أربعين غلامًا يتعلمون الإنجيل، عليهم باب مغلق؛ فكسره عنهم، وقال: ما أنتم؟ قالوا: رهن؛ ففسمهم في أهل البلاء؛ منهم أبو زياد مولى ثقيف، ومنهم نصير أبو موسى بن نصير، ومنهم أبو عمرة جد عبد الله بن عبد الأعلى الشاعر، وسيرين أبو محمد بن سيرين، وحريث، وعلاثة. فصار أبو عمرة للمعنى، وحمران لعثمان. ومنهم عمير وأبو قيس؛ فثبت على نسبه من موالى أهل الشأم القدماء، وكان نصير ينسب إلى بني يشمكر، وأبو عمرة إلى بني مرة ومنهم ابن أخت النمر.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وأبي سفيان طلحة بن عبد الرحمن والمهلب بن عقبة، قالوا: ولما قدم الوليد بن عقبة من عند خالد على أبي بكر رحمه الله بما بعث به إليه من الأخماس وجهه إلى عياض، وأمده به، فقدم عليه الوليد، وعياض محاصرهموه، وقد أخذوا عليه بالطريق، فقال له: الرأي في بعض الحالات خير من جند كثيف؛ ابعث إلى خالد فاستمده. ففعل؛ فقدم عليه رسوله غب وقعة العين مستغيثًا، فعجل إلى عياض بكتابه: من خالد إلى عياض إياك أريد.
    لبث قليلا تأتك الحلائب


  • #92
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    يحملن آسادًا عليها القاشب
    كتاب يتبعها كتائب
    خبر دومة الجندل

    قالوا: ولما فرغ خالد من عين التمر حلف فيها عويم بن الكاهل الأسلمى، وخرج في تعبيته التي دخل فيها العين؛ ولما بلغ أهل دومة مسير خالد إليهوم بعثوا إلى أحزابهم من بهراء وكلب وغسان وتنوخ والضجاعم، وقبل ما قد أتاهم وديعة في كلب بهراء، ومسانده ابن وبرة بن رومانس، وآتاهم ابن الحدرجان في الضجاعم، وابن الأيهم في طوائف من غسان وتنوخ، فأشجوا عياضًا وشجوا به.
    فلما بلغهم دنو خالد؛ وهم على رئيسين: أكيدر بن عبد الملك والجودى ابن ربيعة، اختلفوا، فقال أكيدر: أنا أعلم الناس بخالد؛ لا أحد أيمن طائرًا منه، ولا أحد في حرب، ولا يرى وجه خالد قومن أبدًا قلوا أو كثروا إلا انهزموا عنه؛ فأطعوني وصالحوا القوم. فأبوا عليه، فقال: لن أمالئكم على حرب خالد، فشأنكم.
    فخرج لطيته، وبلغ ذلك خالدًا؛ فبعث عاصم بن عمرو معارضًا له، فأخذه فقال: إنما تلقبت الأمير خالدًا؛ فلما أتى به خالدًا أمر به فضربت عنقه، وأخذ ما كان معه من شئ، ومضى خالد حتى ينزل على أهل دومة، وعليهم الجودي بن ربيعة، ووديعة الكلبي، وابن رومانس الكلبي، وابن الأيهم وابن الحدرجان؛ فجعل خالد دومة بين عسكره وعسكر عياض. وكان النصارى الذين أمدوا أهل دومة من العرب محيطين بحصن دومة، ولم يحملهم الحصن، فلما اطمأن خالد خرج الجودي، فنهض بوديعة فزحفا لخالد، وخرج ابن الحدرجان وابن الأيهم إلى عياض؛ فاقتتلوا، فهزم الله الجودي ووديعة على يدي خحالد، وهزم عياض من يليه، وركبهم المسلمون؛ فأما خالد فإنه أخذ الجودي أخذًا، وأخذ الأقرع بن حابس وديعة، وأرز بقية الناس إلى الحصن؛ فلم يحملهم؛ فلما امتلأ الحصن أغلق من في الحصن الحصن دون أصحابهم، فبثقوا حوله حرداء؛ وقال عاصم بن عمرو: يا بني تميم، حلفاؤكم كلب، آسوهم وأجيروهم؛ فإنكم لا تقدرون لهم على مثلها، ففعلوا. وكان سبب نجاتهم يومئذ وصية عاصم بني تميم بهم، وأقبل خالد على الذين أرزوا إلى الحصن فقتلهم حتى سد بهم باب الحصن، ودعا خالد بالجودي فضرب عنقه؛ ودعا بالأسرى فضرب أعناقهم إلا أسارى كلب، فإن عاصمًا والأقرع وبني تميم قالوا: قد آمناهم؛ فأطلقهم لهم خالد، وقال: مالي ولكم! أتحفظون أمر الجاهلية وتضيعون أمر الإسلام! فقال له عاصم: لا تحسدوهم العافية؛ ولا يحوزهم الشيطان. ثم أطاف خالد بالباب، فلم يزل عنه حتى اقتلعه؛ واقتحموا عليهم، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الشرخ؛ فأقاموهم فيمن يزيد؛ فاشترى خالد ابنة الجودي وكانت موصوفة، وأقام خالد بدومة ورد الأقرع إلى الأنبار.
    ولما رجع خالد إلى الحيرة - وكان منها قريبًا حيث يصيبحها - أخذ القعقاع أهل الحيرة بالتقليس، فخرجوا يتلقونه وهم يقلسون؛ وجعل بعضهم يقول لبعض: مروا بنا فرج الشر!
    كتب إلي السري، عن شعيب عن سيف، عن محمد وطلحة والمهلب، قالوا: وقد كان خالد أقام بدومة، فظن الأعاجم به؛ وكاتبهم عرب الجزيرة غضبًا لعقة؛ فخرج، زرمهر من بغدادج ومعه روزيه يريدان الأنبار؛ واتعدا حصيدًا والخنافس، فكتب الزبرقان وهو على الأنبار إلى القعقاع بن عمرو وهو يومئذ خليفة خالد على الحيرة؛ فبعث القعقاع أعبد بن فدكي السعدي وأمره بالحصيد، وبعث عروة بن الجعد البارقي وأمره بالخنافس، وقال لهما: رأيتما مقدمًا فأقد ما. فخرجا فحالا بينهما وبين الريف، وأغلقاهما، وانتظر رزوبه وززرمهر بالمسلمين اجتماع من كاتبهما من ربيعة؛ وقد كانوا تكاتبوا واتعدوا؛ فلما رجع خالد من دومة إلى الحيرة على الظهر وبلغه ذلك وقد عزم على مصادقة أهل المدائن، كره خلاف أبي بكر، وأن يتعلق عليه بشئ، فعجل القعقاع ابن عمرو وأبو ليلى بن فدكي إلى رزوبه وزمهير، فسبقاه إلى عين التمر، وقدم على خالد كتاب امرئ القيس الكلبي، أن الهذيل بن عمران قد عسكر بالمصيخ، ونزل ربيعة بن بجير بالثنى وبالبشر في عسكر غضبًا لعقة، يريدان زرمهر وروزبه. فخرج خالد وعلى مقدمته الأقرع بن حابس، واستخلف على الحيرة عياضين غنم، وأخذ طريق القعقاع وأبى ليلى إلى الخنافس حتى قدم عليهما بالعين، فبعث القعقاع إلى حصيد، وأمره على الناس، وبعث أبا ليلى الخنافس، وقال: زجياهم ليجتمعوا ومن استأرهم؛ وغلا فواقعاهم. فأبيا إلا المقام.
    خبر حصيد

    فلما رأى القعقاع أن زرمهر وروزبه لا يتحركان سار نحو حصيد، وعلى من مر به من العرب والعجم روزبه. ولما رأى روزبه أن القعقاع قد قصد له استمد زرمهر، فأمده بنفسه، واستخلف على عسكره المهبوذان، فالتقوا بحصيد، فاقتتلوا، فقتل الله العجم مقتله عظيمة، وقتل القعقاع زرمهر، وقتل روزبه؛ قتله عصمة بن عبد الله أحد بني الحجارث بن كطريف، من بني ضبة، وكان عصمة من البررة - وكل فخذ هاجرت بأسرها تدعى البررة، وكل قوم هاججروا من بطن يدعون الخيرة - فكان المسلمون خيرة وبررة. وغنم المسلمون يوم حصيد عنائم كثيرة وأرز فلال حصيد إلى الخنافس فاجتمعوا بها.
    الخنافس

    وسار أبو ليلى بن فدكى بمن معه ومن قدم عليه نحو الخنافس؛ وقد أرزت فلال حصيد إلى المهبوذان، فلما أحس المهبوذان بقدومهم هرب ومن معه وأرزوا إلى المصيخ، وبه الهذيل بن عمران، ولم يلق بالخنافس كيدًا، وبعثوا إلى خالد بالخبر جميعًا.
    مصيخ بني البرشاء

    قالوا: ولما انتهى الخبر إلى خالد بمصاب أهل الحصيد وهرب أهل الخنافس كتب إليهم، ووعد القعقاع وأبا ليلى وأعبد وعروة ليلة وساعة يجتمعون فيها إلى المصيخ - وهو بين حوران والقلت - وخرج خالد من العين قاصدًا. للمصيخ على الإبل يجنب الخيل، فنزل الجناب فالبردان فالحنى، واستقل من الحنى؛ فلما كان تلك الساعة من لييلة الموعد اتفقوا جميعًا بالمصيخ، فأغاروا على الهذيل ومن معه ومن أوى إليه؛ وهم نائمون من ثلاثة أوجه، فقتلوهم. وأفلت الهذيل في أناس قليل؛ وامتلأ الفضاء قتلى، فما شبهوا بهم إلا غنما مصرعة؛ وقد كان حر قوص بن النعمان قد محضهم النصح وأجاد الرأي، فلم ينتفعوا بتحذيره، وقال حورقوص بن النعمان قبل الغارة:
    ألا سقياني قبل خيل أبي بكر
    الأبيات. وكان حرقوص معرسًا بأمرأة من بني هلال تدعى أم تغلب، فقتلت تلك الليلة، وعبادة بن البشر وامرؤ القيس بن بشر وقيس بن بشر؛ وهؤلاء بنو الثورية من بني خلال. وأصاب جرير بن عبد الله يوم المصيخ من النمر عبد العزى بن أبي رهم بن قرواش أخًا أوس مناة من النمر، وكان معه ومع لبيد بن جرير كتاب من أبي بكر بإسلامهما، وبلغ أبا بكر قول عبد العزى وقد سماه عبد الله ليلة الغارة، وقال:
    سبحانك اللهم رب محمد
    فوداه وودى لبيدًا - وكانا أصيبا في المعركة - وقال: أما إن ذلك ليس على إذ نازلً أهل الحرب؛ وأوصى بأولادهما، وكان عمر يعتد على خالد بقتلهما إلى قتل مالك - يعني ابن نزيرة - فيقول أبو بكر: كذلك يلقى من ساكن أهل الحرب في ديارهم. وقال عبد العزى:
    أقول إذ طريق الصباح بغارة: ** سبحانك اللهم رب محمد
    سبحان ربي لا غله غيره ** رب البلاد ورب من يتورد
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عطية، عن عدي بن حاتم، قال: أغرنا على أهل المصيخ، وإذا رجل يدعى بإسمه حروقوص ابن النعمان، من النمر، وإذا حوله بنوه وامرأته، وبينهم جفنة من خمر؛ وهم عليها عكوف يقولن له: ومن يشرب هذه الساعة وفي أعجاز الليل! فقال: اشربوا شرب وداع، فما أرى أن تشربوا خمرًا بعدها، هذا خالد بالعين وجنوده بحصيد، وقد بلغه جمعنا وليس بتاركنا؛ ثم قال:
    ألا فاشربوا من قبل قاصمه الظهر ** بعيد انتفاخ القوم بالعكر الدثر
    وقبل منايانا المصيبة بلقدر ** لحين لعمري لا يزيد ولا يحرى
    فسبق إليه وهو في ذلك في بعض الخيل، فضرب رأسه، فإذا هو في جفنته، وأخذنا بناته وقتلنا بنيه.
    الثني والزميل

    وقد نزل ربيعة بن بجير التغلبي الثَّني والبِشْر غضبًا لعقة، وواعد روزبه وزرمهر والهذيل. فلما أصاب خالد أهل المصيخ بما أصابهم به، تقدم إلى القعقاع وإلى أبي ليلى، بأن يرتحلا أمامه، وواعدهما الليلة ليفتقروا فيها للغارة عليهم من ثلاثة أوجه؛ كما فعل بأهل المصيخ. ثم خرج خالد من المصيخ، فنزل حوران، ثم الرنق، ثم الحماة - وهي اليوم لبنى جنادة بن زهير من كلب - ثم الزميل؛ وهو البشر والثنى معه - وهما اليوم شرقي الرصافة - فبدأ بالثنى، واجتمع هو وأصحابه، فبيته من ثلاثة أوجه بياتًا ومن أجتمع له إليه، ومن تأشب لذلك من الشبان؛ فجرودوا فيهم السيوف، فلم يفلت من ذلك الجيش مخبر، واستبى الشرخ، وبعث بخمس الله إلى أبي بكر مع النعمان بن عوف بن النعمان الشيباني، وقسم النهب والسبايا، فاشترى علي بن أبي طالب عليه السلام بنت ربيعة ابن بجير التغلبي، فاتخذها؛ فولدت؛ له عمر ورقية، وكان الهذيل حين نجا أوى إلى الزميل، إلى عتاب بن فلان؛ وهو بالبشر في عسكر ضخم؛ فبيتهم بمثلها غارة شعواء من ثلاثة أوجه سبقت إليهم الخبر عن ربيعة، فقتل منهم مقتله عظيمة لم يقتلوا قبلها مثلها؛ وأصابوا منهم ما شاءوا وكانت على خالد يمين: ليبتغن تغلب في دارها؛ وقسم خالد فيئهم في الناس، وبعث بالأخماس إلى أبي بكر مع الصباح بن فلان المزني، وكانت في الأخماس ابنة مؤذن النمري؛ وليلى بنت خالد، وريحانة بنت الهذيل بن هبيرة. ثم عطف خالد من البشر إلى الرضاب؛ وبها هلال بن عقة، وقد ارفض عنه أصحابه حين سمعوا بدنو خالد؛ وانقشع عنها هلال فلم يلق كيدًا بها.
    حديث الفراض

    ثم قصد خالد بعد الرضاب وبغتته تغلب إلى الفِراض، والفراض: تخوم الشأم والعراق والجزيرة - فأفطر بها رمضان في تلك السفرة التي اتصلت له فيها الغزوات والأيام، ونظمن نظمًا أكثر فيهن الرجاز إلى ما كان قبل ذلك منهن.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة - وشاركهما عمرو بن محمد؛ عن رجل من بني سعد، عن ظفر بن دهي - والمهلب بن عقبة، قالوا فلما اجتمع المسلمون بالفراض، حميت الروم واغتاظت، واستعانوات بمن يليهم من مسالح أهل فارس، وقد حملوا واغتاظت، واستعانوات بمن يليهم من مسالح أهل فارس، وقد حموا واغتاظوا واستمدوا تغلب وإياد والنمر؛ فأمدوهم؛ ثم ناهدوا خالدًا؛ حتى إذا صار الفرات بينهم، قالوا: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم. قال: خالد: اعبروا أسفل منا. وذلك للنصف من ذي القعدة سنة اثني عشرة. فقالت الروم وفارس بعضهم لبعض: احتبوا ملككم؛ هذا رجل بقاتل على دين، وله عقل وعلم، والله لينصرن ولنخلن. ثم لم ينتفعوا بذلك؛ فعبروا أسفل من خالد؛ فلما تتاتموا قالت الروم: امتازوا حتى نعرف اليوم ما كان من حسن أو قبيح؛ من أينا يجئ! ففعلوا، فاقتتلوا قتالًا شديدًا طويلًا. ثم أن الله عز وجل هزمهم، وقال خالد للمسلمين: ألحوا علهيم ولا ترفهوا عنهم؛ فجعل صاحب الخيل يحشر منهم الزمرة برماح أصحابه، فإذا جمعوهم قتلوهم، فقتل يوم الفراض في المعركة وفي الطلب مائة ألف، وأقام خالد على الفراض بعد الوقعة عشرًا، ثم أذن في القفل إلى الحيرة لخمس بقين من ذي القعدة؛ وأمر عاصم بن عمرو أن يسير بهم؛ وأمر شجرة بن الأعز أن يسوقهم، وأظهر خالد أنه في الساقة.

  • صفحة 23 من 32 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    2. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM
    3. معجم البلدان الجزء الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 74
      آخر مشاركة: 07-19-2010, 05:49 PM
    4. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    5. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1