صفحة 23 من 33 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 89 إلى 92 من 131

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق. ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبًا، فقال: يا معشر قريش، إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدًا وأصحابه شيئًا؛ والله لئن أصبتموه لا يزال رجلٌ ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلًا من عشيرته؛ فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب؛ فإن أصابوه فذاك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون قال حكيم: فانطلقت أؤم أبا جهل؛ فوجدته قد نشل درعًا له من جرابها؛ فهو يهيئها. فقلت: يا أبا الحكم؛ إن عتببة قد أرسلني إليك بكذا وكذا - للذي قال - فقال: انتفخ والله سحره حين رأى محمدًا وأصحابه؛ كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد وأصحابه، وما بعتبة ما قال؛ ولكنه قد رأى محمدًا وأصحابه أكلة جزور؛ وفيهم ابنه فقد تخوفكم عليه ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي، فقال له: هذا حليفك، يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك. فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ: واعمراه! واعمراه! فحميت الحرب، وحقب أمر الناس، واستوسقوا على ما هم عليه من الشر وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة بن ربيعة.
    فلما بلغ عتبة بن ربيعة قول أبي جهل: انتفخ سحره، قال: سيعلم المصفر استه من انتفخ سحره، أنا أم هو! ثم التمس بيضة يدخلها في رأسه فما وجد في الجيش بيضة تسعه من عظم هامته، فلما رأى ذلك اعتجر على رأسه ببرد له.
    وقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي - وكان رجلًا شرسًا سيء الخلق - فقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم ولأهدمنه أو لأموتن دونه. فلما خرج خرج له حمزة بن عبد المطلب، فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه؛ وهو دون الحوض، فوقع على ظهره تشخب رجله دمًا نحو أصحابه، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه، يريد - زعم - أن يبر يمينه، واتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض.
    ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة؛ حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة نفر منهم: عوف ومعوذ ابنا الحارث - وأمهما عفراء - ورجل آخر يقال له عبد الله بن رواحة، فقال: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار. فقالوا: مالنا بكم حاجة! ثم نادى مناديهم: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله : قم يا حمزة بن عبد المطلب، قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا علي بن أبي طالب؛ فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم! قال عبيدة: عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال علي: علي، قالوا: نعم أكفاءٌ كرام! فبارز عبيدة بن الحارث - وكان أسن القوم - عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة، وبارز علي الوليد بن عتبة؛ فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما عليٌ فلم يمهل الوليد أن قتله؛ واختلف عبيدة وعتبة بينهما بضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة، فذففا عليه فقتلاه، واحتملا صاحبهما عبيدة فجاءا به إلى أصحابه؛ وقد قطعت رجله، فمخها يسيل فلما أتوا بعبيدة إلى رسول الله قال: ألست شهيدًا يا رسول الله! قال: بلى، فقال عبيدة لو كان أبو طالب حيًا لعلم أني أحق بما قال منه حيث يقول:
    ونسلمه حتى نصرع حوله ** ونذهل عن أبنائنا والحلائل
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة؛ أن عتبة بن ربيعة قال للفتية من الأنصار حين انتسبوا: أكفاءٌ كرامٌ، إنما نريد قومنا، ثم تزاحف الناس؛ ودنا بعضهم من بعض، وقد أمر رسول الله ص أصحابه ألا يحملوا حتى يأمرهم؛ وقال: إن أكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل؛ ورسول الله ص في العريش معه أبو بكر.
    قال أبو جعفر: وكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان، كما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق؛ كما حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين. وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: وحدثني حبان بن واسع بن حبان بن واسع، عن أشياخ من قومه، أن رسول الله ص عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدحٌ يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بن عدي بن النجار، وهو مستنتل من الصف، فطعن رسول الله ص في بطنه بالقدح، وقال: استو يا سواد بن غزية؛ قال: يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق فأقدني. قال: فكشف رسول الله ص عن بطنه ثم قال: استقد، قال: فاعتنقه وقبل بطنه، فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ فقال: يا رسول الله، حضر ما ترى فلم آمن القتل. فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك. فدعا له رسول الله ص بخير، وقال له خيرًا.
    ثم عدل رسول الله ص الصفوف، ورجع إلى العريش ودخله، ومعه فيه أبو بكر ليس معه فيه غيره، ورسول الله ص يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول فيما يقول: اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة اليوم - يعني المسلمين - لا تعبد بعد اليوم، وأبو بكر يقول: يا نبي الله، بعض مناشدتك ربك!، فإن الله عز وجل منجزٌ لك ما وعدك.
    فحدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عكرمة بن عمار، قال: حدثني سماك الحنفي، قا ل: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما كان يوم بدر، ونظر رسول الله ص إلى المشركين وعدتهم، ونظر إلى أصحابه نيفًا على ثلثمائة، استقبل القبلة، فجعل يدعو، يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض؛ فلم يزل كذلك حتى سقط رداؤه، فأخذ أبو بكر فوضع ردائه عليه ثم التزمه من ورائه، ثم قال: كفاك يا نبي الله، بأبي وأنت وأمي، مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك! فأنزل الله تبارك وتعالى: " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألفٍ من الملائكة مردفين ".
    حدثنا ابن وكيع: قال: حدثنا الثقفي - يعني عبد الوهاب - عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي ص، قال: وهو في قبته يوم بدر: اللهم إني أسألك عهدك ووعدك؛ اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم! قال: فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك يا نبي الله، فقد ألححت على ربك - وهو في الدرع - فخرج وهو يقول: " سيهزم الجمع ويولون الدبر، بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ".
    رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق. قال: وقد خفق رسول الله ص خفقةً وهو في العريش؛ ثم انتبه، فقال: يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع. قال: وقد رمي مهجعٌ مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل، فكان أول قتيل من المسلمين ثم رمي حارثة بن سراقة، أحد بني عدي بن النجار وهو يشرب من الحوض فقتل. ثم خرج رسول الله ص إلى الناس فحرضهم، ونفل كل امرىء منهم ما أصاب، وقال: والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر؛ إلا أدخله الله الجنة. فقال عمير بن الحمام، أخو بني سلمة، وفي يده تمرات يأكلهن: بخ بخ، فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء! ثم قذف التمرات من يده، وأخذ سيفه، فقاتل القوم حتى قتل وهو يقول:
    ركضًا إلى الله بغير زاد ** إلا التقى وعمل المعاد
    والصبر في الله على الجهاد ** وكل زادٍ عرضه النفاد
    غير التقى والبر والرشاد
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق؛ عن عاصم بن عمر بن قتادة أن عوف بن الحارث - وهو ابن عفراء - قال: يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده؟ قال: غمسه يده في العدو حاسرًا. فنزع درعًا كانت عليه، فقذفها؛ ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق، وحدثني محمد بن مسلم الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري، حليف بني زهرة، قال: لما التقى الناس، ودنا بعضهم من بعض، قال أبو جهل: اللهم اقطعنا للرحم، وأتانا بما لا يعرف؛ فأحنه الغداة، فكان هو المستفتح على نفسه.
    ثم إن رسول الله ص أخذ حفنة من الحصباء، فاستقبل بها قريشًا، ثم قال: شاهت الوجوه! ثم نفحهم بها، وقال لأصحابه شدوا، فكانت الهزيمة، فقتل الله من قتل من صناديد قريش، وأسر من أسر منهم. فلما وضع القوم أيديهم يأسرون، ورسول الله ص في العريش، وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله ص متوشحًا السيف، في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله ص، يخافون عليه كرة العدو، ورأى رسول الله ص - فيما ذكر لي - في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس، فقال رسول الله ص: لكأنك يا سعد تكره ما يصنع الناس! قال: أجل والله يا رسول الله! كانت أول وقعة أوقعها الله بالمشركين؛ فكان الإثخان في القتل أعجب إلي من استبقاء الرجال.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثني سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس، أن رسول الله ص قال لأصحابه يومئذ: إني قد عرفت أن رجالًا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهًا، لا حاجة لهم لقتالنا، فمن لقى منكم أحدًا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقى أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله، ومن لقى العباس بن عبد المطلب عم رسول الله فلا يقتله؛ فإنه إنما أخرج مستكرهًا.
    قال: فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: أنقتل آبائنا وأبنائنا وإخواننا وعشيرتنا، ونترك العباس! والله لئن لقيته لألحمنه السيف. فبلغت رسول الله ص، فجعل يقول لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص، أما تسمع إلى قول أبي حذيفة، يقول: أضرب وجه عم رسول الله بالسيف! فقال عمر: يا رسول الله، دعني فلأضربن عنقه بالسيف؛ فوالله لقد نافق.
    - قال عمر: والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله ص بأبي حفص - قال: فكان أبو حذيفة يقول: ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ، ولا أزل منها خائفًا إلا أن تكفرها عني الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيدًا.
    قال: وإنما نهى رسول الله ص عن قتل أبي البختري؛ لأنه كان أكف القوم عن رسول الله ص وهو بمكة، كان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه؛ وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم وبني المطلب، فلقيه المجذر بن ذياد البلوي، حليف الأنصار من بني عدي، فقال المجذر بن ذياد لأبي البختري: إن رسول الله ص قد نهى عن قتلك - ومع أبي البختري زميلٌ له خرج معه من مكة، وهو جنادة بن مليحة بنت زهير بن الحارث بن أسد، وجنادة رجل من بني ليث. واسم أبي البختري العاص بن هشام ابن الحارث بن أسد - قال: وزميلي؟ فقال: المجذر: لا والله ما نحن بتاركي زميلك؛ ما أمرنا رسول الله ص إلا بك وحدك، قال: لا والله أذًا، لأموتن أنا وهو جميعًا؛ لا تحدث عني نساء قريش من أهل مكة أني تركت زميلي حرصًا على الحياة فقال أبو البختري حين نازله المجذر، وأبى إلا القتال، وهو يرتجز:
    لن يسلم ابن حرةٍ أكيله ** حتى يموت أو يرى سبيله
    فاقتتلا، فقتله المجذر بن ذياد.
    قال: ثم أتى المجذر بن ذياد رسول الله ص، فقال: والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا القتال، فقاتلته فقتلته.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال. وحدثني أيضًا عبد الله بن أبي بكر، وغيرهما، عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان أمية بن خلف لي صديقًا بمكة - وكان اسمي عبد عمرو، فسميت حين أسلمت: عبد الرحمن، ونحن بمكة - قال: فكان يلقاني ونحن بمكة، فيقول يا عبد عمرو، أرغبت عن اسم سماكه أبوك؟ فأقول: نعم، فيقول: فإني لا أعرف الرحمن؛ فاجعل بيني وبينك شيئًا أدعوك به؛ أما أنت فلا تجيبني بأسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف. قال: فكان إذا دعاني: يا عبد عمرو لم أجبه، فقلت: اجعل بيني وبينك يا أبا علي ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، فقلت: نعم، فكنت إذا مررت به قال: يا عبد الإله، فأجيبه، فأتحدث معه؛ حتى إذا كان يوم بدر، مررت به وهو واقف مع ابنه علي بن علبي بن أمية، آخذًا بيده، ومعي أدراعٌ قد استلبتها، فأنا أحملها. فلما رآني قال: يا عبد عمرو! فلم أجبه، فقال: يا عبد الإله، قلت: نعم، قال: هل لك في، فأنا خير لك من الأدراع التي معك؟ قلت: نعم، هلم إذًا. قال: فطرحت الأدراع من يدي وأخذت بيده ويد ابنه علي، وهو يقول: ما رأيت كاليوم قط! أما لكم حاجة في اللبن! قال: ثم خرجت أمشي بهما.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الواحد بن أبي عون، عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال لي أمية بن خلف وأنا بينه وبين ابنه، آخذٌ بأيديهما: يا عبد الإله، من الرجل منكم، المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قال: قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل! قال عبد الرحمن: فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي - وكان هو الذي يعذب بلالًا بمكة على أن يترك الإسلام فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت، فيضجعه على ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا حتى تفارق دين محمد، فيقول بلال: أحدٌ أحدٌ - فقال بلال حين رآه: رأس الكفر أمية ابن خلف، لا نجوت إن نجوت؛ قال: قلت: أي بلال، أسيري! قال: لا نجوت إن نجوا. قال: قلت: تسمع يابن السوداء! قال: لا نجوت إن نجوا، ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا! قال: فأحاطوا بنا، ثم جعلونا في مثل المسكة وأنا أذب عنه؛ قال: فضرب رجلٌ ابنه فوقع. قال: وصاح أمية صيحة ما سمعت بمثلها قط. قال: قلت: انج بنفسك، ولا نجاء؛ فوالله ما أغنى عنك شيئًا. قال: فبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما.
    قال: فكان عبد الرحمن يقول: رحم الله بلالا! ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، أنه حدث عن ابن عباس، أن ابن عباس، قال: حدثني رجلٌ من بنى غفار، قال: أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر، ونحن مشركان، ننتظر الوقعة على من تكو الدبرة، فننتهب مع من ينتهب. قال: فبينا نحن في الجبل؛ إذ دنت منا سحابة، فسمعنا فيها حمحمة الخيال، فسمعت قائلًا: يقول: أقدم حيزوم. قال: فأما ابن عمي فانكشف قناع فلبه فمات مكانه؛ وأما أنا فكدت أهلك، ثم تماسكت.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: " وحدثني أبي إسحاق بن يسار، عن رجال من بنى مازن بن النجار، عن أبي داود المازني - وكان شهد بدرًا - قال: إنى لأتبع رجلًا من المشركين يوم بدر لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا محمد بن يحيى الإسكندراني عن العلاء بن كثير، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبي أمامة ابن سهبل بن حنيف، قال: قال لي أبي: يا بني، لقد رأيتنا يوم بدر؛ وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وحدثني الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتبية، عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن عباس، قال: كانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم بيضًا قد أرسلوها في ظهورهم، ويوم حنين عمائم حمرًا، ولم تقاتل الملائكة في يوم من الأيام سوى يوم بدر. وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددًا ومددًا لا يضربون.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد: وحدثني ثور بن زيد مولى بنى الديل، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، قالا: كان معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بنى سلمة يقول: لما فرغ رسول الله من عدوه، أمر بأبي جهل أن يلتمس بالقتلى، وقال: اللهم لا يعجزنك، قال: فكان أول من لقى أبا جهل معاذ بن عمرو بن الجموح، قال: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه.
    فلما سمعتها جعلته من شأني، فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه؛ فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا النواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها.
    قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي؛ فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني القتال عنه؛ فلقد قاتلت عامة يومي، وإني لأسحبها خلفى؛ فلما آدتني جعلت عليها رجلي، ثم تمطيت بها، حتى طرحتها.
    قال: ثم عاش معاذ بعد ذلك، حتى كان في زمن عثمان بن عفان. قال: ثم مر بأبي جهل - وهو عقير - معوذ بن عفراء، فضربه حتى أثبته؛ فتركه وبه رمق؛ وقاتل معوذ حتى قتل، فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله ص أن يلتمس في القتلى، وقد قال لهم رسول الله ص - فيما بلغني: انظروا إن خفى عليكم في القتلى إلى أثر جرح بركبته؛ فإنى ازدحمت أنا وهو يومًا على مأدبة لعبد الله ابن جدعان؛ ونحن غلامان؛ وكنت أشف منه بيسير؛ فدفعته، فوقع على ركبتيه، فجحش في إحداهما جحشًا لم يزل أثره فيه بعد. قال عبد الله بن مسعود: فوجدته بآخر رمق، فعرفته، فوضعت رجلي على عنقه. قال: وقد كان ضبث بي مرة بمكة، فآذاني ولكزني. ثم قلت: هل أخزاك الله يا عدو الله! قال: وبما ذا أخزانمي! أعمد من رجل قتلتموه! أخبرني لمن الدبرة؟ اليوم قال: قلت: لله ورسوله.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق: وزعم رجال من بنى مخزوم أن ابن مسعود، كان يقول: قال لي أبو جهل: لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبًا! ثم احتززت رأسه؛ ثم جئت به رسول الله ص، فقلت: يا رسول الله، هذا رأس عدو الله أبي جهل، قال: فقال رسول الله ص: آلله الذي لا إله غيره! - وكانت يمين رسول الله ص - قال: قلت: نعم؛ والله الذي لا إله غيره، ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله ص.
    قال: فحمد الله.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وحدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لما أمر رسول الله ص بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه؛ إلا ما كان من أمية بن خلف؛ فإنه انتفخ في درعه حتى ملأها، فذهبوا ليحركوه، فتزايل فأقروه، وألقوا عليه ما غيبة من التراب والحجارة، فلما ألقاهم في القليب، وقف رسول الله ص، فقال: يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا! فإنى وجدت ما وعدني ربي حقًا. فقال له أصحابه: يا رسول الله، أتكلم قومًا موتى! قال: لقد علموا أن ما وعدتهم حق، قالت عائشة: والناس يقولون: لقد سمعوا ما قلت لهم، وإنما قال رسول الله ص: لقد علموا.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق.
    قال: وحدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: سمع أصحاب رسول الله ص رسول الله ص وهو يقول من جوف الليل: يا أهل القليب، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، يا أمية بن خلف، يا أبا جهل بن هشام - فعدد من كان معهم في القليب: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؛ فإنى قد وجدت ماو عدني ربي حقًا! قال: المسلمون: يا رسول الله؛ أتنادي قومًا قد جيفوا! فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم؛ ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم، أن رسول الله ص يوم قال هذه المقالة: يا أهل القليب، بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم! كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس.
    ثم قال: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ للمقالة التي قال: قال: ولما أمر بهم رسول الله ص أن يلقوا في القليب، أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب، فنظر رسول الله ص - فيما بلغني - في أبي حذيفة بن عتبة؛ فإذا هو كئيب قد تغير، فقال: يا أبا حذيفة؛ لعلك دخلك من شأن أبيك شيء! - أو كما قال رسول الله ص - فقال: لا والله يا نبي الله، ما شككت في أبي ولا في مصرعه؛ ولكني كنت أعرف من أبي رأيًا وحلمًا وفضلًا؛ فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام؛ فلما رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له، حزنني ذلك، قال: فدعا رسول الله ص له بخير، وقال له خيرًا.
    ثم إن رسول الله ص أمر بما في العسكر مما جمع الناس فجمع؛ فاختلف المسلمون فيه، فقال من جمعه: هو لنا؛ قد كان رسول الله ص نفل كل امرئ ما أصاب، فقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونهم: لولا نحن ما أصبتموه، لنحن شغلنا القوم عنكم حتى أصبتم ما أصبتم.
    فقال الذين يحرسون رسول الله ص مخافة أن يخالف إليه العدو: والله ما أنتم بأحق به منا؛ لقد رأينا أن نقتل العدو إذ ولانا الله، ومنحنا أكتافهم؛ ولقد رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن دونه من يمنعه؛ ولكن خفنا على رسول الله ص كرة العدو، فقمنا دونه؛ فما أنتم بأحق به منا.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: وحدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا، عن سليمان بن موسى الأشدق، عن مكحول، عن أبي أمامة الباهلي، قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال، فقال: فينا معشر أصحاب بدر نزلت؛ حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا، فجعله إلى رسوله، فقسمه رسول الله ص بين المسلمين عن بواء - يقول على السواء - فكان في ذلك تقوى الله، وطاعة رسوله، وصلاح ذات البين.
    قال: ثم بعث رسول الله ص عند الفتح عبد الله بن رواحة بشيرًا إلى أهل العالية بما فتح الله على رسوله ص وعلى المسلمين، وبعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة.
    قال أسامة بن زيد: فأتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية بنت رسول الله ص التي كانت عند عثمان بن عفان، كان رسوال الله ص خلفني عليها مع عثمان.
    قال: ثم قدم زيد بن حارثة فجئته وهو واقف بالمصلى قد غشيه الناس وهو يقول: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وزمعة بن الأسود وأبو البختري بن هشام، وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج.
    قال: قلت: يا أبه أحقٌ هذا! قال: نعم والله يا بنى. ثم أقبل رسول الله ص قافلًا إلى المدينة؛ فاحتمل معه النفل الذي أصيب من المشركين، وجعل على النفل عبد الله بن كعب بن زيد ابن عوف بن مبذول بن عمرو بن مازن بن النجار. ثم أقبل رسول الله ص حتى إذا خرج من مضيق الصفراء، نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية - يقال له سير - إلى سرحة به، فقسم هنالك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء، واستقى له من ماء به يقال له الأرواق.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ثم ارتحل رسول الله ص حتى إذا جاء بالروحاء، لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين، فقال سلمة بن سلامة بن وقش - كما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق، كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، ويزيد بن رومان: وما الذي تهنئون به! فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعًا كالبدن المعلقة، فنحرناها. فتبسم رسول الله ص، وقال: يا بن أخي، أولئك الملأ قال: ومع رسول الله ص الأسارى من المشركين وكانوا أربعة وأربعين أسيرًا، وكان من القتلى مثل ذلك - وفي الأسارى عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث بن كلدة - حتى إذا كان رسول الله ص بالصفراء، قتل النضر بن الحارث، قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    حدثنا ابن حميد، قتال: حدثنا سلمة قال: قال محمد بن إسحاق: كما حدثني بعض أهل العلم من أهل مكة؛ قال: ثم خرج رسول الله ص، حتى إذا كان بعرق الظبية، قتل عقبة بن أبي معيط، فقال حين أمر به رسول الله ص أن يقتل: فمن للصبية يا محمد! قال: النار، قال: فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، ثم أحد بنى عمرو بن عوف.
    قال: كما حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال: ولما انتهى رسول الله ص إلى عرق ظبية حين قتل عقبة لقيه أبو هند مولى فروة بن عمرو البياضي بحميت مملوء حيسًا، وكان قد تخلف عن بدر، ثم شهد المشاهد كلها مع رسول الله ص، وكان حجام رسول الله ص، فقال رسول الله ص: إنما أبو هند امرؤٌ من الأنصار، فأنكحوه وأنكحوا إليه، ففعلوا.
    ثم مضى رسول الله ص حتى قدم المدينة قبل الأسارى بيوم.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، قال: قدم بالأسارى حين قدم بهم وسودة بنت زمعة زوج النبي ص عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابنى عفراء - قال: وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب - قال: تقول سودة: والله إني لعندهم إذ أتينا، فقيل: هؤلاء الأسارى قد أتى بهم، قالت: فرحت إلى بيتي ورسول الله ص فيه، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قالت: فوالله ما ملكت نفسي حين رأت أبا يزيد كذلك أن قلت: يا أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم، ألا متم كرامًا! فوالله ما أنبهني إلا قول رسول الله ص من البيت: يا سودة، أعلى الله وعلى رسوله! قالت: قلت: يار سول الله؛ والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي حين رأيت أبا زيد مجموعةً يداه إلى عنقه بحبل أن قلت ما قلت.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني نبيه بن وهب، أخو بنى عبد الدار، أن رسول الله ص حين أقبل بالأسارى فرقهم في أصحابه، وقال: استوصوا بالأسارى خيرًا - قال: وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم، أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى - قال: فقال أبو عزيز: مر بي أخي مصعب بن عمير، ورجل من الأنصار يأسرني، فقال: شد يديك به؛ فإن أمه ذات متاع، لعلها أن تفتديه منك.
    قال: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر؛ فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر لوصية رسول الله إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة من الخبز إلا نفحني بها. قال: فأستحي، فأردها على أحدهم فيردها على ما يمسها.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: وكان أول من قدم مكة بمصاب قريش الحيسمان بن عبد الله بن إياس ابن ضبيعة بن مازن بن كعب بن عمرو الخزاعي - قال أبو جعفر: وقال الواقدي: الحيسمان بن حابس الخزاعي - قالوا: ما وراءك؟ قال: قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود، وأبو البختري بن هشام ونبيه ومنبه ابنا الحجاج.
    قال: فلما جعل يعدد أشراف قريش، قال صفوان بن أمية وهو قاعد في الحجر: والله إن يعقل هذا فسلوه عني، قالوا: ما فعل صفوان بن أمية؟ قال: هو ذاك جالسًا في الحجر، وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: قال أبو رافع مولى رسول الله : كنت غلامًا للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، وأسلمت أم الفضل وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه، ويكره أن يخالفهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر، وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة وكذلك صنعوا، لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلًا، فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش، كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزًا.
    قال: وكنت رجلًا ضعيفًا، وكنت أعمل القداح، أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إنى لجالس فيها أنحت القداح، وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه بشر، جتى جلس على طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري؛ فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم. قال: فقال أبو لهب: هلم إلي يا ابن أخي، فعندك الخبر.
    قال: فجلس إليه، والناس قيام عليه، فقال يا بن أخي؛ أخبرني؛ كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء؛ والله إن كان إلا أن لقيناهم، فمنحناهم أكتافنا، يقتلوننا ويأسرون كيف شاءوا؛ وايم الله مع ذلك ما لمت الناس؛ لقينا رجالًا بيضًا على خيل بلقٍ بين السماء والأرض؛ ما تليق شيئًا ولا يقوم لها شيء.
    قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي، ثم قلت: تلك الملائكة. قال: فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة، قال: فثاورته، فاحتملني، فضرب بي الأرض ثم برك علي يضربني - وكنت رجلًا ضعيفًا - فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة، فأخذته فضربته به ضربة فشجت في رأسه شجة منكرة، وقالت: تستضعفه أن غاب عنه سيده! فقام موليًا ذليلًا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله عز وجل بالعدسة فقتلته، فلقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثًا ما يدفنانه حتى أنتن في بيته - وكانت قريش تتقي العدسة وع***ها كما يتقى الناس الطاعون - حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما! ألا تستحيان أن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه! فقالا: إنا نخشى هذه القرحة، قال: فانطلقا فأنا معكما، فما غسلوه إلا قذفًا بالماء عليه من بعيد، ما يمسونه، ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: قال محمد بن إسحاق: وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد، عن بعض أهله، عن عبد الله ابن عباس، قال: لما أمسى القوم من يوم بدر، والأسارى محبوسون في الوثاق، بات رسول الله ص ساهرًا أول ليلة، فقال له أصحابه: يا رسول الله، مالك لا تنام! فقال: سمعت تضور العباس في وثاقه، قال: فقاموا إلى العباس فأطلقوه، فنام رسوال الله ص.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: فحدثني الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتبية بن مقسم، عن ابن عباس، قال: كان الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو أخو بنى سلمة، وكان أبو اليسر رجلًا مجموعًا، وكان العباس رجلًا جسيمًا، فقال رسول الله ص لأبي اليسر: كيف أسرت العباس يا أبا اليسر؟ فقال: يا رسول الله؛ لقد أعانني عليه رجلٌ ما رأيته قبل ذلك ولا بعده؛ هيئته كذا وكذا، قال رسول الله ص: قد أعانك عليه ملك كريم.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: وحدثني يحيى بن عباد، عن أبيه عباد، قال: ناحت قريش على قتلاهم، ثم قالوا: لا تفعلوا فيبلغ ذلك محمدًا واصحابه، فيشمت بكم، ولا تبعثوا في فداء أسراكم حتى تستأنوا بهم؛ لا يتأرب عليكم محمد وأصحابه في الفداء.
    قال: وكان الأسود بن عبد المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده: زمعة بن الأسود؛ وعقيل بن الأسود، والحارث بن الأسود؛ وكان يجب أن يبكي على بنيه؛ فبينا هو كذلك؛ إذ سمع نائحة من الليل، فقال لغلام له وقد ذهب بصره: انظر هلى أحل النحب؟ هل بكت قريش على قتلاها؟ لعلى أبكي على أبي حكيمة - يعنى زمعة - فإن جوفي قد احترق! قال: فلما رجع إليه الغلام، قال: إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته. قال: فذلك حين يقول:
    أتبكي أن يضل لها بعيرٌ ** ويمنعها من النوم السهود
    فلا تبكي على بكرٍ ولكن ** على بدرٍ تقاصرت الجدود
    على بدرٍ سراة بنى هصيصٍ ** ومخزومٍ ورهط أبي الوليد
    وبكى إن بكيت على عقيلٍ ** وبكى حارثًا أسد الأسود
    وبكيهم ولا تسمى جميعًا ** فما لأبي حكيمة من نديد
    ألا قد ساد بعدهم رجالٌ ** ولولا يوم بدرٍ لم يسودوا

  • صفحة 23 من 33 الأولىالأولى ... 132122232425 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM
    2. معجم البلدان الجزء الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 110
      آخر مشاركة: 07-15-2010, 11:59 PM
    3. فن الرسم في الماء
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 07-03-2010, 10:24 PM
    4. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1