صفحة 24 من 32 الأولىالأولى ... 142223242526 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 93 إلى 96 من 125

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)


  1. #93
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    حجة خالد

    قال أبو جعفر: وخرج خالد حاجًا من الفراض لخمس بقين من ذي القعدة، مكتتمًا بحجة، ومعه عدة من أصحابه؛ يعتسف البلاد حتى أتى مكة بالسمت، فتأتى له من ذلك ما لم يتأت لدليل ولا رئبال، فسار طريقًا من طريق أهل الجزيرة، لم ير طريق أعجب منه؛ ولا أشد على صعوبته منه فكانت غيبته عن الجند يسيرة؛ فما توافى إلى الحيرة آخرهم حتى وافاهم مع صاحب الساقة الذي وضعه. فقدما معًا؛ وخالد وأصحابه محلقون؛ لم يعلم بحجة إلا من أفضى إليه بذلك من الساقة، ولم يعلم أبو بكر رحمه الله بذلك إلا بعد؛ فعتب عليه. وكانت عقوبته إياه أن صرفه إلى الشأم. وكان مسير خالد من الفراض أن استعرض البلاد متعسفًا متسمتًا، فقطع طريق الفراض ماء العنبري، ثم مثقبًا، ثم أنتهى إلى ذات عرق، فشرق منها، فأسلمه إلى عرفات من الفراض، وسمى ذلك الطريق الصد؛ ووافاه كتاب من أبي بكر منصرفه من حجة بالحيرة يأمره بالشأم؛ يقاربه ويباعده.
    قال أبو جعفر: قالوا: فوافى خالدًا كتاب أبي بكر بالحيرة، منصرفه من حجة: أن سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك، فإنهم قد شجوا وأشجوا؛ وإياك أن تعود لمثل ما فعلت؛ فإنه لم يشج الجموع من الناس بعون الله شجاك، ولم ينزع الشجي من الناس نزعك؛ فليهنئك أبا سليمان النية والحظوة؛ فأتمم يتمم الله لك، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل بعمل، فإن الله له المن وهو ولي الجزاء.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبد الملك بن عطاء بن البكائيي، عن المقطع بن الهيثم البكائي، عن أبيه قال: كان أهل الأيام من أهل الكوفة يوعدون معاوية عند بعض الذي يبلغهم، ويقولون: ما شاء معاوية! نحن أصحاب ذات السلاسل. ويسمون ما بينها وبين الفراض ما يذكرون ما كان بعد احتقارًا لما كان بعد فيما كان قبل.
    وحدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن محمد بالأسناد الذي قد مضى ذكره، أن خالد بن الوليد أتى الأنبار فصالحوه على الجلاء، ثم أعطوه شيئًا رضى به وأنه أغار على سوق بغداد من رستاق العال، وأنه وجه المثنى فأغار على سوق فيها جمع لقضاعه وبكر، فأصاب ما في السوق، ثم سار إلى عين التمر، ففتحها عنوة، فقتل وسبي، وبعث بالسبي إلى أبي بكر، فكان أول سبي قدم المدينة من العجم؛ وسار إلى دومة الجندل، فقتل أكيدر، وسبى ابنة الجودى، ورجع فأقام بالحيرة.
    هذا كله سنة اثني عشرة.
    وفيها تزوج عمر رحمه الله عاتكة بنت زيد.
    وفيها مات أبو مرثد الغنوي.
    وفيها مات أبو العاصى بن الربيع في ذي الحجة؛ وأوصى إلى الوبير، وتزوج على عليه السلام ابنته وفيها اشترى عمر أسلم مولاه.
    واختلف فيمن حج بالناس في هذه السنة، فقال بعضهم: حج بهم فيها أبو بكر رحمه الله ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، مولى الحرقة، عن رجل من بني سهم، عن ابن ماجدة السهمي، أنه قال: حج أبو بكر في خلافته سنة اثنتي عشرة وقد عارمت غلامًا من أهلي، فغص بأذني فقطع منها - أو غضضت بأذنه فقطعت منها - فرفع شأننا إلى أبي بكر، فقال: اذهبوا بهما إلى عمر فلينظر، فإن كان الجارح قد بلغ فليقد مكنه. ادعوا لي حجامًا. قال: فلما ذكر الحجام، قال: أما أني قد سمعت النبي الله لها فيه، وقد نهينتها أن تجعله حجامًا أو قصابا أو صانغًا؛ فاقتص منه.
    وذكر الواقدي، عن عثمان بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبي وجزة يزيد بن عبيد، عن أبيه، أن أبا بكر حج في سنة اثنتي عشرة واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رحمه الله.
    وقال بعضهم: حج بالناس سنة اثنتي عشرة عمر بن الخطاب.
    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: بعض الناس يقول: لم يحج أبو بكر في خلافته، وإنه بعث سنة اثنتي عشرة على الموسم عمر بن الخطاب، أو عبد الرحمن بن عوف.
    ثم دخلت سنة ثلاث عشرة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    ففيها وجه أبو بكر رحمه الله الجيوش إلى الشأم بعد منصرفه من مكة إلى المدينة حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال لما قفل أبو بكر من الحج سنة اثنتي عشرة جهز الجيوش إلى اشأم، فبعث عمرو بن العاص قبل فلسين، فأخذ طريق المعرقة على أيلة، وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل ين حسنة - وهو أحد الغوث - وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على البلقاء من علياء الشأم.
    حدثني عمر بن شبة، عن علي بن حمد بالأسناد الذي ذكرت قبل، عن شيوخه الذين مضى ذكرهم، قال: ثم وجه أبو بكر الجنود إلى الشأم أول سنة ثلاث عشرة، فأول لواء عقده لواء خالد بن سعيد بن العاص، ثم عزله قبل أن يسير، وولى يزيد بن أبي سفيان، فكان أول الأمراء الذين خرجوا إلى الشأم، وخرجوا في سبعة آلاف.
    قال أبو جعفر: وكان سبب عزل أبي بكر خالد بن سعيد - فيما ذكر - ما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر؛ أن خالد بن سعيد لما قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله ؛ ثم تربص ببيعته شهرين، يقول: قد أمرني رسول الله ، ثم لم يعزلني حتى قبضه الله. وقد لقى علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان؛ فقال: يا بني عبد مناف؛ لقد طبتم نفسًا عن أمركم يليه غيركم! فأما أبو بكر فلم يحفلها عليه، وأما عمر فاضطغنها عليه. ثم بعث أبو بكر الجنود إلى الشأم، وكان أول من استعمل على ربع منها خالد بن سعيد، فأخذ عمر يقول: اتؤمره وقد صنع ما صنع وقال ما قال! فلم يزل بأبي بكر حتى عزله، وأمر يزيد بن أبي سفيان.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مبشر بن فضيل، عن جبير بن صخر حارس النبي ؛ عن أبيه، قال: كان خالد بن سعيد بن العاصى باليمن زمن النبي ، وتوفي النبي وهو بها، وقدم بعد وفاته بشهر، وعليه جبة ديباج عليه جبته! أيلبس الحرير وهو في رجلنا في السلم مهجور! فمزقوا جبته، فقال خالد: يا أبا الحسن، يا بني عبد مناف، أغلبتم عليها! فقال على عليه السلام: أمغالبة ترى أم خلافة؟ قال: لا يغالب على هذا الأمر أولى منكم يا بني عبد مناف. وقال عمر لخالد: فض الله فاك! والله لا يزال كاذب يخوض فيما قلت ثم لا يضر إلا نفسه. فأبلغ عمر أبا بكر مقالته؛ فلما عقد أبو بكر الألوية لقتال أهل الردة عقد له فيمن عقد، فنهاه عنه عمر الأرض مدل بها وخائض فيها، فلا تستنصر به. فلم يحتمل أبو بكر عليه، وجعله رداءًا بتيماء؛ أطاع عمر في بعض أمره وعصاه في بعض.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي عثمان، قالوا: أمر أبو بكر خالدًا بأن ينزل تيماء، ففضل ردءًا حتى ينزل بتيماء؛ وقد أمره أبو بكر ألا يبرحها، وأن يدعو من حوله بالإنضمام إليه، وألا تقبل إلا ممن لم يرتد، ولا يقاتل إلا من قتله؛ حتى يأتيه أمره. فأقام فاجتمع إليه جموع كثيرة؛ وبلغ الروم عظم ذلك العسكر، فضربوا على العرب الضاحية البعوث بالشأم إليهم؛ فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك، وبنزول من استنفرت الروم؛ ونفر إليهم من بهراء وكلب وسليح وتنوخ ولخم وجذام وغسان من دون زيزاء بثلاث؛ فكتب إليه أبو بكر: أن أقدم ولا تحجم واستنصر الله؛ فسار خالد، فلما دنا منهم تفرقوا وأعروا منزلهم؛ فنزله ودخل عامة من كان تجمع له في الإسلام؛ وكتب خالد إلى أبي بكر بذلك فكتب إليه أبو بكر: أقدم ولاتقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك. فسار فيمن كان خرج معه من تيماء وفيمن لحق به من طرف الرمل؛ حتى نزلوا فيما بين آبل وزيزاء والقسطل؛ فسار إليه بطريق من بطارقة الروم، يدعى بدهان؛ فهزمه وقتل جنده، وكتب بذلك إلى أبي بكر واستمده. وقدم على أبي بكر أوائل مستنفري اليمن ومن بين مكة واليمن؛ وفيهم ذو الكلاع، وقدم عليه عكرمة قافلًا وغازيًا فيمن كان معه من تهامة وعمان والبحرين والسرو. فكتب لهم أبو بكر إلى أمراء الصدقات أن يبدلوا من استبدل؛ فكلهم استبدل؛ فسمى ذلك الجيش جيش البدال. فقدموا على خالد بن عسيد؛ وعند ذلك اهتاج أبو بكر الشأم، وعناه أمره. وقد كان أبو بكر رد عمرو بن العاص على عمالة كان رسول الله ولاها إياه م صدقات سعد هذيم، وعذرة ومن لفها من جذام، وحدس قبل ذهابه إلى عمان. فخرج إلى عمان وهو على عدة من عمله؛ إذا هو رجع. فأ، جز له ذلك أبو بكر.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #94
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فكتب أبو بكر عند اهتياجه للشأم إلى عمرو: إني كنت قد رددتك على العمل الذي كان رسول الله ولاكه مرة، وسماه لك أخرى؛ مبعثك إلى عمان إنجازًا لمواعيد رسول الله ؛ فقد وليته ثم وليته؛ وقد أحببت - أبا عبد الله أن أفرغك لما هو خير لك في حياتك ومعادك منه؛ إلا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك. فكتب إليه عمرو: إني سهم من سهام الإسلام، وأنت بعد الله الرامي بها، والجامع لها، فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها فارم به شيئًا إن جاءك من ناحية من النواحي. وكتب إلى الوليد بن عقبة بنحو ذلك، فأجابه بإيثار الجهاد.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سهل بن يوسف، عن القاسم بن محمد، قال: كتب أبو بكر إلى عمرو، وإلى الوليد بن عقبة - وكان على النصف من صدقات قضاعة - وقد كان أبو بكر شيعهما مبعثهما على الصدقة، وأوصى كل واحد منهما بوصية واحدة: اتق الله في السر والعلانية؛ فإنه من يتق الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب؛ ومن يتق الله بكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا. فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله؛ إنك في سبيل من سبيل الله؛ لا يسعك فيه الإذهان والتفريط والغفلة عما فيه قوام دينكم، وعصمة أمركم، فلا تن ولا تفتر. وكتب إليهما: استخلفا على أعمالكما، واندبا من يليكما.
    فولى عمرو على عليا قضاعة عمرو بن فلان العذري، وولى الوليد على ضاحية قضاعة مما يلي دومة امرأ القيس، وندبا الناس، فتتام إليهما بشر كثير، وانتظر أمر أبي بكر.
    وقام أبو بكر في الناس خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله، وقال: ألا إن لكل أمر جوامع، فمن بلغها فهي حسبة؛ ومن عمل لله كفاه اللهش. عليكم بالجد والقصد؛ فإن القصد أبلغ؛ ألا أنه لا دين لأحد لا إيمان له، ولا أجر لمن لا حسبة له، ولا عمل لمن لا نية له. ألا وإن في كتاب الله من الثواب على الجهاد في سبيل الله لما ينبغي للمسلم أن يحب أن يخص به؛ هي التجارة التي دل الله عليها، ونجى بها من الخزي؛ وألحق بها الكرامة في الدنيا والآخرة.
    فأمد عمرًا ببعض من انتدب إلى من اجتمع إليه، وأمره على فلسطين، وأمره بطريق سماها له؛ وكتب إلى الوليد وأمره بالأردن، وأمد ببعضهم. ودعا يزيد بن أبي سفيان، فأمره على جند عظيم، هم جمهور من انتدب له، وفي جنده سهيل بن عمرو وأشباهه من أهل مكة، وأمره على حمص وخرج معه وهما ماشيان والناس معهما وخلفهما، وأوصى كل واحد منهما.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سهل، عن القاسم، ومبشر عن سالك، ويزيد بن أسيد الغساني عن خالد، وعبادة، قالوا: ولما قدم الوليد على خالد بن سعيد فسانده، وقدمت جنود المسلمين الذين كان أبو بكر أمده بهم وسموا جيش البدال، وبلغه عن الأمراء وتوجههم إليه، اقتحم على الروم طلب الحظوة، وأعرى ظهره، وبادر الأمراء بقتال الروم، واستطرد له باهان فأرز هو ومن منه إلى دمشق؛ واقتحم خالد في الجيش ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى ينزل مرج الصفر؛ من بين الواقوصة ودمشق؛ فانطوت مسالح باهان عليه، وأخذوا عليه الطريق ولا يشعر، وزحف له باهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمر في الناس، فقتلوهم. وأتى الخبر خالدًا، فخرج هاربًا في جريدة، فأفلت من أفلت من أصحابه على ظهور الخيل والإبل، وقد أجهضوا عن عسكرهم؛ ولم ينته بخالد بن سعيد الهزيمة عن ذي المروة، وأقام عكرمة في الناس ردءًا لهم، فرد عنهم باهان وجنوده أن يطلبوه، وأقام من الشأم على قريب، وقد قدم شرحبيل بن حسنة وافدًا من عند خالد بن الوليد، فندب معه الناس، ثم استعمله أبو بكر على عمل الوليد، وخرج معه يوصيه، فأتى شرحبيل على خالد، ففصل بأصحابه إلا القليل، واجتمع إلى أبي بكر أناس، فأمر عليهم معاوية، وأمره باللحاق بيزيد، فخرج معاوية حتى لحق بيزيد؛ فلما مر بخالد فصل ببقية أصحابه.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب لم يزل يكلم أبا بكر في خالد بن الوليد وفي خالد ابن سعيد؛ فأبى أن يعطيه في خالد بن الوليد، وقال: لا أشيم سيفًا سله الله على الكفار، وأطاعه في خالد بن سعيد بعد كا فعل فعلته. فأخذ عمرو طريق المعرفة، وسلك أبو عبيدة طريقه، وأخذ يزيد طريق التبوكية؛ وسلك شرحبيل طريقه، وسمى لهم أمصار الشأم، وعرف أن الروم ستشغلهم؛ فأحب أن يصعد المصوب ويصوب المصعد؛ لئلا يتوكلوا، فكان كما ظن وصاروا إلى ما أحب.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عمرو، عن الشعبي، قال: لما قدم خالد بن سعيد ذا المروة، وأتى أبا بكر الخبر كتب إلى خالد: أقم مكانك، فلعمري إنك مقدام محجام، نجاء من الغمرات، لا تخزوضها إلا إلى الحق، ولا تصبر عليه. ولما كان بعد؛ وأذن له في دخوله المدينة قال خالد: اعذرني، قال: كان عمر وعلى أعلم بخالد؛ ولو أطعتهما فيه اختشيته واتقيته!
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن مبشر وسهل وأبي عثمان، عن خالد وعبادة وأبي حارثة، قالوا: وأوعب القواد بالناس نحو الشأم وعكرمة ردء للناس، وبلغ الروم ذلك؛ فكتبوا إلى هرقل؛ وخرج هرقل حتى نزل بحمص، فاعد لهم الجنود، وعبى لهم العساكطر؛ وأراد اشتغال بعضهم عن بعض لكثرة حنده، وفضول رجاله؛ وأرسل إلى عمرو أخاه تذارق لأبيه وأمنه، فخرج نحوهم في تسعين ألفًا، وبعث من يسوقهم، حتى نزل صاحب الساقة ثنية جلق بأعلى فلسطين، وبعث جرحه بن توذار نحو يزيد بن أبي سفيان، فعسكر بإزائه، وبعث الدراقص فاستقبل شرحبيل بن حسنة، وبعث الفيقار بن نسطوس في ستين ألفًا نحو أبي عبيدة؛ فهاجم المسلمون وجميع فرق المسلمين واحد وعشرون ألفًا؛ سوى عكرمة في ستة آلاف؛ ففزعوا جميعًا بالكتب وبالرسل إلى عمرو: أن ما الرأي؟ فكاتبهم وراسلهم: إن الرأي الإجماع، وذلك أن مثلنا إذا اجتمع لم يغلب من قلة؛ وإذا نحن تفرقنا لم يبق الرجل منا في عدد يقرن فيه لأحد ممن استقبلنا وأعد لنا لكل طائفة منا. فاتعدوا اليرموك ليجتمعوا به. وقد كتب إلى أبي بكر بمثل كا كاتبوا به عمرًا؛ فطلع عليهم كتابه بمثل رأى عمرو، بأن اجتمعوا عسكرًا واحدًا، وألقوا زحوف المشركين بزحف المسلمين، فإنكم أعوان الله؛ والله ناصر من نصرهن، وخاذل من كفره، ولن يؤتى مثلكم من قلة؛ وإنما يؤتى العشرة آلاف والزيادة على العشرة آلاف إذا أتوا من تلقاء الذنوب؛ فاحترسوا من الذنوب، واجتمعوا باليرموك متساندين وليصل كل رجل منكم بأصحابه.


  • #95
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وبلغ ذلك هرقل، فكتب إلى بطاقته: أن اجتمعوا لهم، وانزلوا بالروم منزلًا واسع العطن، واسع المطرد، ضيق المهرب؛ وعلى الناس التذارق وعلى المقدمة جرجة، وعلى مجنبتيه باهان والد راقص، وعلى الحرب الفيقار؛ وأبشروا فإن باهان في الأثر مدد لكم. ففعلوا فنزلوا الواقوصة وهي على ضفة اليرموك، وصار الوادي خندقًا لهم؛ وهو لهب لا يدرك؛ وإنما أراد باهان وأصحابه أن تستفيق الروم ويأنسوا بالمسلمين؛ وترجع إليهم أفئتهم عن طيرتها.
    وانتقل المسلمون عن عسكرهم الذي اجتمعوا به فنزل عليهم بحذائهم على كريقهم؛ وليس للروم طريق إلا عليهم. فقال عمرو: أيها الناس، أبشروا، حصرت والله الروم، وقلما جاء محصور بخير؟ فأقاموا بإزائهم وعلى ريقهم؛ ومخرجهم صفر من سنة ثلاث عشرة وشهري ربيع، لا يقدون من الروم على شئ؛ ولا يخلصون إليهم؛ اللهب - وهو الواقصة - من ورائهم، والخندق من أمامهم، ولا يخرجون خرجه إلا أديل المسلمون منهم؛ حتى إذا سلخوا شهر ربيع الأول؛ وقد استمدوا أبا بكر وأعلموه الشأن في صفر؛ فكتب إلى خالد ليلحق بهم، وأمره أن يخلف على العراق المثنى؛ فوافهاهم في ربيع.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وعمرو والمهلب، قالوا: ولما نزل المسلمون اليرموك، واستمدوا أبا بكر، قال: خالد لها فبعث إليه وهو بالعراق، وعزم عليه واستحثه في السير، فنفذ خالد لذلك فطلع عليهم خالد؛ وطلع باهان على الروم، وقد قدامه الشمامسة والرهبان والقسيسين؛ يغرونهم ويخضضونهم على التقال؛ ووافق قدوم خالد قدوم باهان، فخرج بهم باهان كالمقتدر؛ فولى خالد قتاله، وقاتل الأمراء من بإزائهم؛ فهزم باهان، وتتابع الروم على الهزيمة، فاقتحموا خندقهم؛ وتيمنت الروم بباهان؛ وفرح المسلمون بخالد وحرد المسلمون. وحرب المشركون وهم أربعون ومائتا ألف؛ منهم ثمانون ألف مقيد، وأربعون ألفًا منهم مسلسل للموت، وأربعون ألفًا مربطوزن بالعمائم، وثمانون ألف فارس وثمانون ألف راجل، والمسلمون سبعة وعشرون ألفًا ممن كان مقيمًا؛ إلى أن قدم عليهم خالد في تسعة آلاف؛ فصاروا ستة وثلاثين ألفًا.
    ومرض أبو بكر رحمه الله في جمادى الأولى، وتوفي للنصف من جمادى الآخرة، قبل الفتح بعشر ليال.
    خبر اليرموك

    قال أبو جعفر: وكان أبو بكر قد سمى لكل أمير من أمراء الشأم كورة؛ فسمى لأبي عبيدة بن عبد الله بن الجراح حمص، وليزيد بن أبي سفيان دمشق؛ ولشرحبيل بن حسنة الأردن، ولعمرو بن العاص ولعلقمة بن مجزز فلسطن، فلما فرغا منها نزل علقمة وسار إلى مصر. فلما شارفوا الششأم، دهم كل أمير منهم قوم كثير، فأجمع رأيهم أن يجتمعوا بمكان واحد، وأن يلقوا جمع المشركين بجمع المسلمين.
    ولما رأى خالد أن المسلمين يقاتلون متساندين قال لهم: هل لكم يا معشر الرؤساء في أمر يعز الله به الدين، ولا يدخل عليكم معه ولا منه نقيصة ولا مكروه! كتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغساني، عن خالد وعبادة، قالا: توافى إليها مع الأمراء والجنود الأربعة سبعة وعشرون ألفًا وثلاثة آلاف من فلال خالد بن سعيد، أمر عليهم أبو بكر معاوية وشرحبيل، وعشرة آلف من أمداد أهل العراق مع خالد ابن الوليد سوى ستة آلاف ثبتوا مع عكرمة ردءا بعد خالد بن سعيد؛ فكانوا ستة وأربيعن ألفًا، وكل قتالهم كان على تساند، كل جند وأميره؛ لا يجمعهم أحد؛ حتى قدم عليهم خالد من العراق. وكان عسكر أبي عبيدة باليرموك مجاورًا لعسكر عمرو بن العاص، وعسكر شرجبيل مجاورًا لعسكر يزيد بن أبي سفيان؛ فكان أبو عبيدة ربما صلى مع عمرو، وشرحبيل، وقدم خالد بن الوليد وهم على حالهم تلك؛ فعسكر على حدة؛ فصلى بأهل العراق، ووافق خالد بن الوليدالمسلمين وهم متضايقون بمدد الروم؛ عليهم باهان ووافق الروم وهم نشاط بمددهم، فالتقوا فهزمهم الله حتى ألجأهم وأمدادهم إلى إلى الخنادق - والواقوصة أحد حدوده - فلزموا خندقهم عامة شهر يحضضهم القسيسون والشمامسة والرهبان وينعمون لهم النصرانية؛ حتى استبصروا. فخرجوا للقتال الذي لم يكن بعده قتال مثله، في جمادى الآخر.
    فلما أحس المسلمون خروجهم، وأرادوا الخروج متساندة، سار فيهم خالد بن الوليد؛ فحمد الله وأثنى عليه، وقال: إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي. أخلصوا جهادكم، وأريدوا الله بعملهم؛ فإن هذا يوم له ما بعده؛ ولا تقاتلوا قومًا على نظام وتعبية؛ على تساند وانتشار؛ فإن ذلك لا يحل ولا ينبغي. وإن من وراءكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا؛ فاعلموا فيما لم تؤمروا به بالذي ترون أنه الرأي من واليكم ومحبته، قالوا: فهات، فما الرأي؟ قال: إن أبا بكر لم يبعثنا إلا وهو يلاى أنا سنتياير، ولو علم بالذي كان ويكون؛ لقد جمعطم. إن الذي أنتم فيه أشد على المسلمين مما قد غشيهم، وأنفع للمشركين من أمدادهم؛ ولقد علمت أن الدنيا فرقت بينكم، فالله الله، فقد أفرد كل رجل منكم ببلد من البلدان لا ينتقصه منه أن دان لأحد من أمراء الجنود، ولا يزيده عليه آن دانوا له. إن تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله . هلموا فإن هؤلاء تهيئوا، وهذا يوم له ما بعده، إن رددناهم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لم نفلح بعدها. فهلموا فلنتعاور الإمارة، فليكن عليها بعضنا اليوم، والآخر غدًا، والآخر بعد غد؛ حتى يتأمر كلكم، ودعونني أليكم اليوم.
    فأمروه، وهم يرون أنها كخرجاتهم، وأن المر أطول مما صاروا إليه؛ فخرجت الروم في تعبية لم ير الرءون مثلها قط، وخرج خالد في تعبية لم تعبها العرب قبل ذلك؛ فخرج في ستة وثلاثين كردوسًا إلى الأربعين، وقال: إن عدوكم قد كثر وطغى، وليس من التعبية تعبية أكثر في رأي العين من الكراديس. فجعل القلب كراديس، وأقام فيه أبا عبيدة، وجعل الميمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص وفيها شرحبيل بن حسنة. وجعل المسيرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان. وكان على كردوس من كراديس أهل العراق القعقاع بن عمرو، وعلى كردوس مذعور بن عدي، وعياض بن غنم على كردوس، وهاشم بن عتبة على كردوي، وزياد بن حنظلة على كردوس، وخالدفي كردوس؛ وعلى فالة خالد بن سعيد دحية بن خلفية على كردوس، وخالد في كردوس؛ وعلى فالة خالد بن سعيد دححية بن خليفة على كردوس، وأبو عبيدة على كردوس، وعكرمة على كردوس، وسهيل على كرودس وعبد الحمن بن خالد على كردوس - وهو يومئذ ابن ثماني عشرة سنة - وحبيب بن مسلمة على كردس، وصفوان بن أمية على كردوس، وسعيد بن خالد على كردوس، وأبو الأعور بن سفيان على كردوس، وابن ذي خالد على كردوس؛ وفي الميمنة عمارة بن مخشي ابن خويلد على كردوس؛ وشرحبيل على كردوس ومعه خالد بن سعيد، وعبد الله بن قيس على كردوس؛ وعمرو بن عبسة على كردوس، والسمط ب الأسود على كردوس، وذو الكلاع على كردوس، ومعاوية بن حديج على آخر؛ وجندب بن عمرو بن حممة على كردوس، وعمرو بن فلان على كردوس، وفي المسيرة يزيد بن أبي سفيان على كردوس، والزبير على كردوس، وحوشب ذو ظليم على كردوس، وقيس ين عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن مازن بن صعصعة من هوازن - حليف لبنى النجار - على كردوس، وعصمة بن عبد الله - حليف لبني النجار من بني أسد - على كردوس، وضرار بن الأزور على كردوس، ومسروق بن فلان على كردوس وعتبة بن ربيعة بن بهز - حليف لبني عصمة - على كردوس، وجارية بن عبد الله الأشجعي - حليف لبني سلمة - على كردوس، وقباث على كردوس.


  • #96
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وكان القاضي أبو الدراداء، وكان القاص أبو سفيان بن حرب، وكان على الطلائع قباث بن أشيم؛ وكان على الأقباض عبد الله بن مسعود.
    كتب إلي السري، عن شعيبن عن سيف، عن محمد وطلحة نحوًا من حديث أبي عثمان؛ وقالوا جميعًا: وكان القارئ المقداد. ومن السنة التي سن رسول الله بعد بدر أن تقرأ سورة الجهاد عند اللقاء؛ ولم يزل الناس بعد ذلك على ذلك.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عنسيف، عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغساني، عن عبادة وخالد؛ قالا: شهد اليرموك ألف من أصحاب رسول الله فيهم نحو من مائة من أهل بدر. قالا: وكان أبو سفيان يسير فيقف على الكراديس، فيقول: الله الله! إنكم ذادة العرب، وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم وأنصار الشرك! اللهم إن هذا يوم من أيامك؛ اللهم أنزل نصرك على عبادك! قالا: وقال رجل لخالد: ما أكثر الروم وأقل المسلمين! فقال خالد: وما أقل الروم وأكثر المسلمين! إنما الجنود بالنصر وتقل بالخذلان؛ لا بعدد الرجال؛ والله لوددت أن الأشقر براء من توجيه؛ وأنهم أضعفوا في العدد - وكان فرسه قد حفى في مسيره - قالا: فأمر خالد عكرمة والقعقاع، وكانا على مجنبتي القلب، فأنشبا القتال، وارتجز القعقاع وقال:
    يا ليتني ألقاك في الطراد ** قبل اعترام الجحفل الوراد
    وأنت في حلبتك الوارد
    وقال عكرمة:
    قد علمت بهنكة الجواري ** أني على مكرمة أحامي
    فنشب القتال، والتحم الناس، وتطارد الفرسان؛ فإنهم على ذلك إذ قدم البريد من المدينة؛ فأخذته الخيول؛ وسألوه الخبر؛ فلم يخبرهم إلا بسلامة؛ وأخبرهم عن أمداد؛ وإنما جاء بموت أبي بكر رحمه الله وتأمير أبي عبيدة؛ فأبلغوه خالدًا، فأخبره خبرًا أبي بكر؛ أسره إليه، وأخبره بالذي أخبر به الجند. قال: أحسنت فقف، وأخذ الكتاب وجعله في منانته؛ وخاف إن هو أظهر ذلك أن ينتشر له أمر الجند؛ فوقف محمية بن زنيم مع خالد وهو الرسول؛ وخرج جرجة حتى كان بين الصفين ونادي: ليخرج إلى خالد، فخرج إليه خالد وأقام أبا عبيدة مكانه، فوفقه بين الصفين؛ حتى اختلف أعناق دابتيهما، وقد أمن أحدهما صاحبه، فقال جرجة: يا خالد أصدقني ولا تكذبني فإن الحر لا يكذبني فإن الحر لا يكذب ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله؛ هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاكه. فلا تله على قوم إلا هزمتهم؟ قال: لا، قال: فبم سميت سيف الله؟ قال: إن الله عز وجل بعث فينا نبيه ، فدعانا فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعًا. ثم إن بعضنا صدقه وتابعه؛ وبعضنا باعده وكذبه؛ فكنت فيمن كذبة وباعده وقاتله. ثم أن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به، فتابعناه. فقال: أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين! ودعا لي بالنصر؛ فسميت سيف الله بذلك؛ فأنا من أشد المسلمين على المشركين. قال صدقني، ثم أعاد عليه جرجة: يا خالد، أخبرني إلام تدعوني؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله، قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية ونمنعهم، قال: فإن لم يعطيها، قال: نؤذبه بحرب، ثم نقاتله، قال: فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا المر اليوم؟ قال: منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا، شريفنا ووضيعنا، وأولنا وآخرنا. ثم أعاد عليه جرجة: هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل مالكم من الأجر والذخر؟ قال: نعم، وأفضل؛ قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟ قال " إنا دخلنا في هذا الأمر، وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا، تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتب، ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج؛ فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا. قال جرجة: بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تألفني! قال: بالله؛ لقد صدقتك وما بي إليك ولا إلى أحد منكم وحشة؛ وإن الله لولي ما سألت عنه. فقال: صدقني؛ وقلب الترس ومال مع خالد، وقال: علمني الإسلام، فمال به خالد إلى فسطاطه، فشن عليه قربة من ماء، ثم صلى ركعتين؛ وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد؛ وهم يرون أنها منه حملة، فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية، عليهم عكرمة والحارث بن هشام. وركب خالد ومعه جرجة والروم خلال المسلمين؛ فتنادى الناس، فثابوا، وتراجعت الروم إلى مواقفهم، فزحف بهم خالد حتى تصافحوا بالسيوف، فضربفيهم خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب، ثم أصيب جرجة ولم يصل صلاة سجد فيها إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما، وصلى الناس الأولى والعصر إيماء، وتضعضع الروم، ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجلهم، وكان مقاتلهم واسع المطرد، ضيق المهرب؛ فلما وجدت خيلهم مذهبًا ذهبت وتركوا رجلهم في مصافهم؛ وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء، وأخر الناس الصلاة حتى صلوا بعد الفتح. ولما رأى المسلمون خيل الروم توجهت للهرب، أفرحوا لها، ولم يحرجوها؛ فذهبت فتفرقت في البلاد، وأقبل خالد والمسلمون على الرجل ففضوهم؛ فكأنما هدم بهم حائط؛ فاقتحموا في خندقهم، فاقتحمه عليهم فعمدوا إلى الواقوصة، حتى هوى فيها المقترنون وغيرهم، فمن صبر من المقترنين للقتال هوى به من خشعت نفسه فيهوى الواحد بالعشرة لا يطيقونه؛ كلما هوى اثنان كانت البقية أضعف، فتهافت في الواقوصة عشرون ومائة ألف؛ ثمانون ألف مقترن وأربعون ألف مطلق؛ سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل؛ فكان سهم الفارس يومئذ ألفا وخمسمائة، وتجلل الفيقار وأشراف من أشراف الروم برانسهم، ثم جلسوا وقالوا: لا نحب أن نرى يوم السوء إذ لم نستطع أن نرى يوم السرور؛ وإذا لم نستطع أن نمنع النصرانية؛ فأصيبوا في تزملهم.

  • صفحة 24 من 32 الأولىالأولى ... 142223242526 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    2. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM
    3. معجم البلدان الجزء الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 74
      آخر مشاركة: 07-19-2010, 05:49 PM
    4. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    5. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1