صفحة 24 من 28 الأولىالأولى ... 142223242526 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 93 إلى 96 من 110

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء التاسع)


  1. #93
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فانصرف بهبوذ والكرماني بما فارقهما عليه الخبيث، وكتبا به إلى محمد بن عبيد الله، فأصدر جوابه إلى كل ما أراده الخبيث، وجعل يراوغ عن الدعاء له على المنابر. وأقام علي بعد هذا مدة، ثم استعد لمتوث، وسار إليها؛ فرامها فلم يطقها لحصاتها وكثرة من يدافع عنها من أهلها، فرجع خائبًا، فاتخذ سلاليم وآلات ليرقى بها السور، وجمع أصحابه واستعد. وقد كان مسرور البلخي عرف قصد علي متوث، وهو يومئذ مقيمٌ بكور الأهواز. فلما عاود المسير إليها، وسار إليه مسرور، فوافاه قبيل غروب الشمس، وهو مقيم عليها؛ فلما عاين أصحاب علي أوائل خيل مسرور، انهزموا أقبح هزيمة. وتركوا جميع آلاتهم التي كانوا حملوها، وقتل منهم جمع كثير، وانصرف علي بن أبان مدحورًا، ولم يلبث بعد ذلك إلا يسيرًا حتى تتابعت الأخبار بإقبال أبي أحمد، ثم لم يكن لعلي بعد رجوعه من متوث وقعة حتى فتحت سوق الخميس وطهيثا على أبي أحمد، فانصرف بكتاب ورد عليه من الخبيث يحفزه فيه حفزًا شديدًا بالمصير إلى عسكره.
    وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى الهاشمي الكوفي.
    ثم دخلت سنة سبع وستين ومائتين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمما كان غيها من ذلك حبس السلطان محمد بن طاهر بن عبد الله وعدة من أهل بيته بعقب هزيمة أحمد بن عبد الله الخجستاني عمرو بن الليث وتهمة عمرو بن الليث محمد بن طاهر بمكاتبة الخجستاني والحسين بن طاهر، ودعا الحسين والخجستاني لمحمد بن طاهر على نابر خراسان.
    ذكر خبر غلبة أبي العباس بن الموفق على سليمان بن جامع

    وفيها غلب أبو العباس بن الموفق على عامة ما كان سليمان بن جامع صاحب قائد الزنج غلب عليه من قرى كور دجلة كعبدسي ونحوها.
    ذكر الخبر عن سبب غلبة أبي العباس على ذلك وما كان من أمره وأمر الزنج في تلك الناحية
    ذكر محمد بن الحسن أن محمد بن حماد حدثه أن الزنج لما دخلوا واسطًا وكان منهم بها ما قد ذكرناه قبل، واتصل الخبر بذلك إلى أبي أحمد بن المتوكل ندب ابنه أبا العباس للشخوص إلى ناحية واسط لحرب الزنج، فخف لذلك أبو العباس. فلما حضر خروج أبي العباس ركب أبو أحمد إلى بستان موسى الهادي في شهر ربيع الآخر سنة ست وستين ومائتين، فعرض أصحاب أبي العباس، ووقف على عدتهم؛ فكان جميع الفرسان والرجالة عشرة آلاف رجل في أحسن زي وأجمل هيئة وأكمل عدة، ومعهم الشذا والسميريات والمعابر للرجالة؛ كل ذلك قد أحكمت صنعته. فنهض أبو العباس من بستان الهادي، وركب أبو أحمد مشيعًا له حتى نزل الفرك، ثم انصرف. وأقام أبو العباس بالفرك أيامًا، حتى تكاملت عدده، وتلاحق أصحابه، ثم رحل إلى المدائن، وأقام بها أيضًا، ثم رحل إلى دير العاقول.
    قال محمد بن حماد: فحدثني أخي إسحاق بن حماد وإبراهيم بن محمد بن إسماعيل الهاشمي المعروف ببريه، ومحمد بن شعيب الاشتيام، في جماعة كثيرة ممن صحب أبا العباس في سفره - دخل حديث بعضهم في حديث بعض - قالوا: لما نزل أبو العباس دير العاقول، ورد عليه كتاب نصير المعروف بأبي حمزة صاحب الشذا والسميريات، وقد كان أمضاه على مقدمته، يعلمه فيه أن سليمان بن جامع قد وافى في خيل ورجالة وشذوات وسميريات، والجبائي يقدمه، حتى نزل الجزيرة التي بحضرة بردودا، وأن سليمان بن موسى الشعراني قد وافى نهر أبان برجالة وفرسان وسميريات فرحل أبو العباس حتى وافى جرجرايا، ثم فم الصلح، ثم ركب الظهر، فسار حتى وافى الصلح، ووجه طلائعه ليعرف الخبر، فأتاه منهم من أخبره بموافاة القوم وجمعهم وجيشهم، وأن أولهم بالصلح وآخرهم ببستان موسى بن بغا، أسفل واسط. فلما عرف ذلك عدل عن سنن الطريق، واعترض في مسيره، ولقى أصحابه أوائل القوم؛ فتطاردوا لهم حتى طمعوا واغتروا، فأمنعوا في إتباعهم، وجعلوا يقولون لهم: اطلبوا أميرًا للحرب؛ فإن أميركم قد شغل نفسه بالصيد. فلما قربوا من أبي العباس بالصلح، خرج عليهم فيمن معه من الخيل والرجل، وأمر فصيح بنصير: إلى أين تتأخر عن هؤلاء الأكلب! ارجع إليهم؛ فرجع نصير إليهم.
    وركب أبو العباس سميرية، ومعه محمد بن شعيب الاشتيام، وحف بهم أصحابه من جميع جهاتهم، فانهزموا، ومنح الله أبا العباس وأصحابه أكتافهم؛ يقتلونهم ويطردونهم؛ حتى وافوا قرية عبد الله؛ وهي على ستة فراسخ من الموضع الذي لقوهم فيه، وأخذوا منهم خمس شذوات وعدة سميريات، واستأمن منهم قوم، وأسر منهم أسرى، وغرق ما أدرك من سفنهم؛ فكان ذلك أول الفتح على العباس بن أبي أحمد.
    ولما انقضت الحرب في هذا اليوم، أشار على أبي العباس قواده وأولياؤه، أن يجعل معسكره بالموضع الذي كان انتهى إليه من الصلح؛ إشفاقًا عليه من مقاربة القوم، فأبى إلا نزول واسط.
    ولما انهزم سليمان بن جامع ومن معه، وضرب الله وجوههم، انهزم سليمان بن موسى الشعراني عن نهر أبان؛ حتى وافى سوق الخميس، ولحق سليمان بن جامع بنهر الأمير؛ وقد كان القوم حين لقوا أبا العباس أجالوا الرأي بينهم، فقالوا: هذا فتىً حدثٌ؛ لم تطل ممارسته الحروب وتدربه بها، فالرأي لنا أن نرميه بحدنا كله، ونجتهد في أول لقية نلقاه في إزالته؛ فلعل ذلك أن يروعه، فيكون سببًا لانصرافه عنا. ففعلوا ذلك، وحشدوا واجتهدوا، فأوقع الله بهم بأسه ونقمته. وركب أبو العباس من غد يوم الوقعة، حتى دخل واسطًا في أحسن زي، وكان يوم جمعة، فأقام حتى صلى بها صلاة الجمعة، واستأمن إليه خلق كثير، ثم انحدر إلى العمر - وهو على فرسخ من واسط - فقدم فيه عسكره، وقال: اجعل معسكري أسفل واسط، ليأمن من فوقه الزنج. وكان نصير المعروف بأبي حمزة والشاه بن مكيال أشارا عليه أن يجعل مقامه فوق واسط، فامتنع من ذلك، وقال لهما: لست نازلًا إلا العمر؛ فانزلا أنتم في فوهة بردودًا. وأعرض أبو العباس عن مشاورة أصحابه واستماع شئ من آرائهم؛ فنزل العمر وأخذ في بناء الشذوات، وجعل يراوح القوم القتال ويغاديهم؛ وقد رتب خاصة غلمانه في سميريات فجعل في كل سميرية اثنين منهم، ثم إن سليمان استعد وحشد وجمع وفرق أصحابه فجعلهم في ثلاثة أوجه: فرقة أتت من نهر أبا، وفرقة من برتماتا، وفرقة من بردودا، فليهم أبو العباس؛ فلم يلبثوا أن انهزموا، فخلفت طائفة منهم بسوق الخميس وطائفة بمازروان، وأخذ قوم منهم في برتماتا وآخرون أخذوا الماديان، وقوم منهم اعتصموا للقوم الذين سلكوا الماديان؛ فلم يرجع عنهم حتى وافى نهر برمساور، ثم انصرف، فجعل يف على القرى والمسالك، ومعه الأدلاء؛ حتى وافى عسكره، فأم به مريحًا نفسه وأصحابه. ثم أتاه مخبرٌ فأخبره أن الزج قد جمعوا واستعدوا لكبس عسكره، وأهم على إتيان عسكره من ثلاثة أوجه، وأهم قالوا: إنه حدث غر يغر بنفسه، وأجمع رأيهم على تكمين الكماء والمصير إليه من الجهات الثلاثة التي ذكرنا، فحذر ذلك، واستعد له، وأقبلوا إليه وقد كمنوا زهاء عشرة آلاف في برتمرتا ونحوًا من هذه العدة في قس هثا. ودموا عشرين سميرية إلى العسكر ليغير بها أهله، ويجيزوا المواضع التي فيها كماؤهم؛ فمع أبو العباس الناس من اتباعهم؛ فلما علموا أن كيدهم لم ينفذ، خرج الجبائي وسليمان في الشذوات والسميريات، وقد كان أبو العباس أحسن تعبئة أصحابه، فأمر نصيرًا المعروف بأبي حمزة أن يبرز للقوم في شذواته، وزل أبو العباس عن فرس كان ركبه، ودعا بشذاة من شذواته وقد كان سماها الغزال، وأمر اشتيامه محمد بن شعيب باختيار الجذافي لهذه الشذاة، وركبها، واختار من خاصة أصحابه وغلمانه جماعة دفع إليهم الرماح، وأمر أصحاب الخيل بالمسير بإزائه على شاطئ النهر، وقال لهم: لا تدعوا المسير ما أمكنكم إلى أن تقطعكم الأنهار، وأمر بتعبير بعض الدواب التي كانت ببردودا، ونشبت الحرب بين الفريين؛ فكانت معركة القتال من حد قرية الرمل إلى الرصافة؛ فكانت الهزيمة على الزج، وحاز أصحاب أبي العباس أربع عشرة شذاة، وأفلت سليمان والجبائي في ذلك اليوم بعد أن أشفيا على الهلاك راجلين، وأخذت دوابهما بحلالهما وآلتها، ومضى الجيش أجمع لا يثنى أحد منهم حتى وافوا طهيثًا، وأسلموا ما كان معهم من أثاث وآلة، ورجع أبو العباس، وأقام بمعسكره في العمر، وأمر بإصلاح ما أخذ منهم من الشذا والسميريات وترتيب الرجال فيها، وأقام الزنج بعد ذلك عشرين يومًا، لا يظهر منهم أحد. وكان الجبائي يجئ في الطلائع في كل ثلاثة أيام وينصرف، وحفر آبارًا فوق نهر سنداد، وصير فيها سفافيد حديد، وغشاها باليواري، وأخفى مواضعها، وجعلها على سن مسير الخيل ليتهور فيها المجتازون بها؛ وكان يوافى طف العسكر متعرضًا لأهله، فتخرج الخيل طالبة له، فجاء في بعض أيامه وطلبته الخيل كما كانت تطلبه، فطر فرس رجل من واد الفراعنة في بعض تلك الآبار، فوقف أصحاب أبي العباس بما ناله من ذلك على ما دبر الجبائي، فحذر ذلك، وتنكبوا سلوك ذلك الطريق، وألح الزنج في مغاداة العسكر في كل يوم للحرب، وعسكر بنهر الأمير في جمع كثير؛ فلما لم يجد ذلك عليهم أمسكوا عن الحرب قدر شهر.


  • #94
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وكتب سليمان إلى صاحب الزنج يسأله إمداده بسميريات؛ لكل واحد منهن أربعون مجدافًا، فوافاه من ذلك في مقدار عشرين يومًا أربعون سميرية، في كل سميرية مقاتلان، ومع ملاحيها السيوف والرماح والتراس، وجعل الجبائي موقفه حيال عسكر أبي العباس، وعادوا التعرض للحرب في كل يوم؛ فإذا خرج إليهم أصحاب أبي العباس انهزموا عنهم، ولم يثبتوا لهم؛ وخلال ذلك ما تأتي طلائعهم، فتقطع القناطر، ترمى ما ظهر لها من الخيل بالنشاب، وتضرم ما وجدت في النوبة من المراكب التي مع نصير بالنار؛ فكانواكذلك قدر شهرين.
    ثم رأى أبو العباس أن يكمن لهم كمينًا في رية الرمل، ففعل ذلك، وقدم لهم السميريات أمام الجيش ليطمعوا فيها، وأمر أبو العباس فأعدت له سميرية ولزيرك سميرية وحمل جماعة من غلمانه الذين اختارهم، وعرفهم بالنجدة في السميريات، فحمل بدرًا ومؤنسًا في سميرية ورشيقًا الحجاجي ويمنًا في سميرية وخفيفًا ويسرًا في سميرية، ونذيرًا ووصيفًا في سميرية؛ وأعد خمس عشرة سميرية، وجعل في كل سميرية مقاتلين، وجعلها أمام الجيش.
    قال محمد بن شعيب الاشتيام: وكنت فيمن تقدم يومئذ، فأخذ الزنج من السميريات المتقدمة عدة؛ وأسروا أسرى، فانطلقت مسرعًا، فناديت بصوت عال: قد أخذ القوم سميرياتنا. فسمع أبو العباس صوتي وهو يتغدى، فنهض إلى سميرته التي كانت أعدت له؛ وتقدم العسكر، ولم ينتظر لحاق أصحابه، فتبعه منهم من خف لذلك.
    قال: فأدركنا الزنج رأونا ذف الله الرعب في قلوبهم، فألقوا أنفسهم في الماء، وانهزموا فتخلصنا أصحابنا، وحوينا يومئذ إحدى وثلاثين سميرية من سميريات الزنج، وأفلت الجبائي في ثلاث سميريات، ورمى أبو العباس يومئذ عن قوس كانت في يده حتى دميت إبهامه؛ فانصرف؛ شدة اللغوب. ورجع أبو العباس وأكثر أصحابه بمواضعهم من فوهة بردودا لم يرم أحد منهم؛ فلما وافى عسكره أمر لمن كان في صحبه بالأطواق والخلع والأسورة، وأمر بإصلاح السميريات المأخوذة من الزنج، وأمر أبا حمزة أن يجعل مقامه بما معه من الشذا في دجلة بحذاء خسرسابور.
    ثم إن العباس رأى يتوغل في مازروان حتى يصير إلى القرية المعروفة بالحجاجية، وينتهي إلى نهر الأمير، ويف على تلك المواضع، ويتعرف الطر التي تجتاز فيها سميريات الزنج، وأمر نصيرًا فقدمه بما معه من الشذا والسميريات، فسار نصير لذلك؛ فترك طريق مازروان، وقصد ناحية ناحية نهر الأمير، فدعا أبو العباس سميرته، فركبها ومعه محمد بن شعيب، ودخل مازروان وهو يرى أن نصيرًا أمامه، وقال لمحمد: قدمني في النهر لأعرف خبر نصير. وأمر الشذا والسميريات بالمصير خلفه.
    قال محمد بن شعيب: فمضينا حتى قاربنا الحجاجية، فعرضت لنا في النهر صلغة فيها عشرة زنوج؛ فأسرعنا إليها، فألقى الزنوج أنفسهم في الماء، وصارت الصلغة في أيدينا، فإذا هي مملوءة شعيرًا، وأدركنا فيها زنجيًا فأخذناه، فسألناه عن خبر نصير وشذواته فقال: ما دخل هذا النهر شئ من الشذا والسميريات، فأصابتنا حيرة، وذهب الزنج الذين أفلتوا من أيدينا فأعلموا أصحابهم بمكاننا، وعرض للملاحين الذين كانوا معنا غنم فخرجوا لانتهابها.
    قال محمد بن شعيب: وبقيت مع أبي العباس وحدي، فلم نلبث أن وافاناقائد من قواد الزنج، يقال له منتاب، في جماعة من الزنج من أحد جانبي النهر، ووافانا من الجانب الآخر عشرة من الزنج، فما رأينا ذلك خرج أبو العباس، ومعه قوسه وأسهمه، وخرجت برمح كان في يدي، وجعلت أحميه بالرمح وهو يرمي الزنج، فجرح منهم زنجيين، وجعلوا يثوبون ويكثرون، وأدركنا زيرك في الشذا ومعه الغلمان؛ وقد كان أحاط بنا زهاء ألفي زنجي من جانبي مازروان، وكفى الله أمرهم وردهم بذلة وصغار، ورجع أبو العباس إلى عسكره، وقد غنم أصحابه من الغنم والبقر والجواميس شئيئًا كثيرًا، وأمر أبو العباس بثلاثة من الملاحين الذين كانوا معه، فتركوه لانتهاب الغنم، فضربت أعنقاقهم، وأمر لمن بقى بالأرزاق لشهر وأمر بالنداء في الملاحين ألا يبرح أحدٌ من السميريات في وقت الحرب؛ فمن فعل ذلك فقد حل دمه.
    وانهزم الزنج أجمعون حتى لحقوا بطهيثًا وأقام أبو العباس بمعسكره في العمر، وقد بث طلائعه في جميع النواحي، فمكث بذلك حينًا، وجمع سليمان بن جامع عسكره وأصحابه، وتحصن بطهيثًا، وفعل الشعراني مثل ذلك بسوق الخميس؛ وكان بالصينية لهم جيش كثيف أيضًا، يقود أهله رجل منهم يقال له نصر السندي، وجعلوا يخربون كل ما وجدوا إلى خرابه سبيلًا، ويحملون ما قدروا على حمله من الغلات، ويعمرون مواضعهم التي هم مقيمون بها، فوجه أبو العباس جماعة من قواده، منهم الشاه وكمشحور والفضل بن موسى بن بغا، وأخوه محمد على الخيل إلى ناحية الصينية، وركب أبو العباس ومعه نصير وزيرك في الشذا والسميريات، وأمر بخيل فعبر بها من برمساور إلى طريق الظهر.
    وسار الجيش حتى صار إلى الهرث، فأمر أبو العباس بتغيير الدواب إلى الهرث، فعبرت، فصارت إلى الجانب الغربي من دجلة، وأمر بأن يسلك بها طريق دير العمال. فلما أبصر الزج الخيل دخلتهم منها رهبة شديدة، فلجئوا إلى الماء والسفن، ولم يلبثوا أن وافتهم الشذا والسميريات، فلم يجدوا ملجأ واستسلموا، فقتل منهم فريق، وأسر فريق، وألقى بعضهم نفسه في الماء، فأخذ أصحاب أبي العباس سفنهم؛ وهي مملوءة أرزًا، فصارت في أيديهم، وأخذوا سميرية رئيسهم المعروف بنصر السندي، وانهزم الباقون، فصارت طائفة منهم إلى طهيثا وطائفة إلى سوق الخميس، ورجع أبو العباس غانمًا إلى عسكره، وقد فتح الصينية وأجلى الزنج عنها.
    قال محمد بن شعيب: وبينا نحن في حرب الزنج بالصينية إذ عرض لأبي العباس كركي طائر، فرماه بسهم، فشكه فسقط بين أيدي الزنج، فأخذوه، فلما رأوا موضع السهم منه، وعلموا أنه سهم أبي العباس زاد ذلك في رعبهم؛ فكان سببًا لانهزامهم يومئذ.
    وقد ذكر عمن لا يتهم أن خبر السهم الذي رمى به أبو العباس الكركي في غير هذا اليوم، وانتهى إلى أبي العباس أن بعبد سي جيشًا عظيمًا يرأسهم ثابت بن أبي دلف ولؤلؤ الزنجيان، فصار أبو العباس إلى عبد سي قاصدًا للإيقاع بهما ومن معهما في خيا جريدة، قد انتخبت من غلمانه وحماة أصحابه، فوافى الموضع الذي فيه جمعهم في السحر، فأوقع بهم وقعة غليظة، قتل فيها من أبطالهم، وجلد من رجالهم خلق كثير، وانهزموا. وظفر أبو العباس برئيسهم ثابت بن أبي دلف، فم عليه واسبقاه، وضمه إلى بعض قواده، وأصاب لؤلؤًا سهم فهلك منه، واستنفذ يومئذ من النساء اللواتي كن في أيدي الزنج خلق كثير، فأمر أبو العباس بإطلاقهن ورد إلى أهلهن، وأخذ كل ما كان الزنج جمعوه.
    ثم رجع أبو العباس إلى معسكره، فأمر أصحابه أن يريحوا أنفسهم ليسير بهم إلى سوف الخميس، ودعا نصيرًا فأمره بتعبئة أصحابه للمسير إليها، فقال له نصير: إن نهر سوق الخميس ضيق، فأقم أنت وائذن لي في المسير إليه حتى أعاينه، فأبى أن يدعه حتى يعاينه، ويقف على علم ما يحتاج إليه منه قبل موافاة أبيه أبي أحمد؛ وذلك عند ورود كتاب أبي أحمد عليه بعزمه على الانحدار.
    قال محمد بن شعيب: فدعاني أبو العباس، فقال لي، إنه لابد لي من دخول سوق الخميس، فقلت: إن كنت لا بد فاعلًا ما تذكر فلا تكثر عدد من تحمل معك في الشذا، ولا تزد على ثلاثة عشر غلامًا عشرة رماة وثلاثة في أيديهم الرماح، فإني أكره الكثرة في الشذا مع ضيق النهر، فاستعد أبو العباس لذلك وسار إليه ونصير بين يديه حتى وافى فم برمساور، فقال له نصير: قدمني أمامك، ففعل ذلك، فدخل نصير في خمس عشرة شذاة.
    واستأذنه رجل من قواد الموالي يقال له موسى دالجويه في التقدم بين يديه، فأذن له، فسار وسار أبو العباس حتى انتهى به مسيرة إلى بسامي، ثم إلى فوهة براطق ونهر الرق النهر الذي ينفذ إلى رواطا وعبدسى، وهذه الأنهار الثلاثة تؤدي إلى ثلاث طرق مفترقة، فأخذ نصير في طريق نهر براطق وهو النهر المؤدي إلى مدينة سليمان بن موسى الشعراني التي سماها المنيعة بسوق الخميس. وأقام أبو العباس على فوهة هذا النهر، وغاب عنه نصير حتى خفي عنه خبره. وخرج علينا في ذلك الموضع من الزنج خلق كثير، فمنعونا من دخول النهر، وحالوا بينا وبين الانتهاء إلى السور - وبين هذا الموضع الذي انتهينا إليه والسور المحيط بمدينة الشعراني مقدار فرسخين - وأقاموا هناك يحاربوننا، واشتدت الرب بينا وبينهم وهم على الأرض؛ وحن في السفن من أول النهار إلى وقت الظهر، وخفي علينا خبر نصير، وجعل الزنج يهتفون بنا: قد أخذنا نصيرًا فماذا تصنعون؟ ونحن تابعوكم حيثما ذهبتم. فاغتنم أبو العباس لما سمع منهم هذا القول، فأستأذنه محمد بن شعيب فيالمسير ليتعرف خبر نصير، فأذن له، فمضى في سميرية بعشرين جذاقًا حتى وافى نصيرًا أبا حمزة، وقد قرب من سكر كان الفسقة سكروه، وحده قد أضرم النار فيه وفي مدينتهم، وحارب حربًا شديدًا ورزق الظفر بهم، وكان الزنج ظفروا ببعض شذوات أبي حمزة، فقاتل حتى انتزع ما كانوا أخذوا من بين أيديهم، فرجع محمد بن شعيب إلى أبي العباس، فبشره بسلامة نصير ومن معه، وأخبره خبره. فسر بذلك وأسر نصير يومئذ من الزنج جماعة كثيرة، ورجع حتى وافى أبا العباس بالموضع الذي كان واقفًا به. فلما رجع نصير قال أبو العباس: لست زائلًا عن موضعي هذا حتى أرواحهم القتال في عشي هذا اليوم؛ ففعل ذلك، وأمر بإظهار شذاة واحدة من الشذوات التي كانت معه لهم، وأخفى باقيها عنهم، فطمعوا في الشذاة التي رأوها، فتبعوها، وجعل من كان فيها يسيرو سيرًا ضعيفًا حتى أدركوها، فعلقوا بسكانها، وجعل الملاحون يسيرو حتى وافوا المكان الذي كانت فيه الشذوات المكمنة.


  • #95
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وقد كان أبو العباس ركب سميرية، وجعل الشذا خلفه، فسار نحو الشذاة التي علق بها الزنج لما أبصرها، فأدركها، والزج ممسكون بسكانها يحيطون بها من جوانبها، يرمون بالنشاب والآجر، وعلى أبي العباس كيز تحته درع.
    قال محمد: فنزعنا يومئذ من كيز أبي العباس خمسًا وعشرين نشابة، ونزعت من لبادةٍ كانت علي أربعين نشابة، ومن لبابيد سائر الملاحي الخمس والعشرين والثلاثين. وأظفر الله أبا العباس بست سميريات من سميريات الزنج، وتخلص الشذا من أيديهم، وانهزموا، ومال أبو العباس وأصحابه نحو الشط، وخرج من الزنج المقاتلة بالسيوف والتراس؛ فانهزموا لا يلوون على شيء للرهبة التي وصلت إلى قلوبهم، ورجع أبو العباس سالمًا غانمًا، فخلع على الملاحين ووصلهم، ثم صار إلى معسكره بالعمر، فأقام به إلى أن وافى الموفق.
    ولإحدى عشرة ليلةً خلت من صفر منها، عسكر أبو أحمد بن المتوكل بالفرك، وخرج من مدينة السلام يريد الشخوص إلى صاحب الزنج لحربه؛ وذلك أنه - فيما ذكر - كان اتصل به أن صاحب الزنج كتب إلى صاحبه علي بن أبان المهلبي يأمره بالمصير بجميع من معه إلى احية سليمان بن جامع، ليجتمعا على حرب أبي العباس بن أبي أحمد، وأقام أبو أحمد بالفرك أيامًا؛ حتى تلاحق به أصحابه ومن أراد النهوض به إليه، وقد أعد قبل ذلك الشذا والسميريات والمعابر والسفن، ثم رحل من الفرك - فيما ذكر - يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول في مواليه وغلمانه وفرسانه ورجالته فصار إلى رومية المدائن، ثم صار منها، فنزل السيب ثم دير العاقول ثم جرجرايا، ثم قني، ثم نزل جبل، ثم نزل الصلح، ثم نزل على فرسخ من واسط، فأقام هنالك يومه وليلته، فتلقاه ابنه أبو العباس به في جريدة خيل فيها وجوه قواده وجنده، فسأله أبو أحمد عن خبر أصحابه، فوصف له بلاءهم ونصحهم، فأمر أبو أحمد له ولهم بخلع فخلعت عليهم، وانصرف أبو العباس إلى معسكره بالعمر، فأقام يومه. فلما كانت صبيحة الغد رحل أبو أحمد منحدرًا في الماء، وتلقاه ابنه أبو العباس بجميع من معه من الجند في هيئة الحرب والزي الذي كانوا يلقون به أصحاب الخائن، فجعل يسير أمامه حتى وافى عسكره بالنهر المعروف بشيرزاد؛ فنزل أبو أحمد، ثم رحل منه يوم الخميس لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول؛ فنزل على النهر المعروف بسنداد بإزاء القرية المعروفة بعبد الله، وأمرا ابنه أبا العباس، فنزل شرقي دجلة بإزاء فوهة بردودا، وولاه مقدمته، ووضع العطاء فأعطى الجيش، ثم أمر ابنه بالمسير أمامه بما معه من آلة الحرب إلى فوهة برمساور. فرحل أبو العباس في المختارين من قواده ورجاله، منهم زيرك التركي صاحب مقدمته، ونصير المعروف بأبي حمزة صاحب الشذا والسميريات.
    ورحل أبو أحمد بعد ذلك في الفرسان والرجالة المتخبين، وخلف سواد عسكره وكثيرًا من الفرسان والرجالة بمعسكره؛ فتلقاه ابنه أبو العباس بأسرى ورءوس وقتلى من أصحاب الشعراني؛ وذلك أنه وافى عسكره الشعراني في ذلك اليوم قبل مجيء أبيه أبي أحمد؛ فأوقع به أصحابه؛ فقتل منهم مقتلةً عظيمة، وأسر منهم جماعة؛ فأمر أبو أحمد بضرب أعناق الأسرى فضربت، ونزل أبو أحمد فوهة برمساور، وأقام به يومين، ثم رحل يريد المدينة التي سماها صاحب الزنج المنيعة من سوق الخميس في يوم الثلاثاء لثماني ليال خلون من شهر ربيع الآخر من هذه السنة بمن معه من الجيش وما معه من آلة الحرب، وسلك في السفن في برمساور، وجعلت الخيل تسير بإزائه شرقي برمساور، حتى حاذى النهر المعروف ببراطق الذي يوصل إلى مدينة الشعراني.
    وإنما بدأ أبو أحمد بحرب سليمان بن موسى الشعراني قبل حرب سليمان بن جامع من أجل أن الشعراني كان واءه، فخاف إن بدأ بابن جامع أن يأتيه الشعراي من ورائه، ويشغله عمن هو أماه؛ فقصده من أجل ذلك؛ وأمر بتعبير الخيل وتصييرها على جانبي النهر المعروف ببراطق، وأمر انه أبا العباس بالتقدم في الشذا والسميريات، وأتبعه أبو أحمد في أحمد الشذا بعامة الجيش. فلما بصر سليمان ومن معه من الزنج وغيرهم بقصد الخيل والرجالة سائرين على جنبتي النهر ومسير الشذا والسميريات في النهر، وقد لقيهم أبو العباس قبل ذلك، فحاربوه حربًا ضعيفة، انهزموا وتفرقوا.
    وعلا أصحاب أبي العباس السور، ووضعوا السيوفغ فيمتن لقيهم وتفرق الزنج وأتباعهم، ودخل أصحاب أبي العباس المدينة، فقتلوا فيها خلقًا كثيرًا، وأسروا بشرًا كثيرًا، وحووا ما كا في المدينة، وهرب الشعراني ومن أفات منهم معه، وأتبعهم أصحاب أبي أحمد حتى وافوا بهم البطائح، فغرق منهم خلق كثير، ونجا الباقون إلى الآجام، وأمر أبو أحمد أصحابه بالرجوع إلى معسكرهم قبل غروب الشمس من يوم الثلاثاء، وانصرف وقد استنفذ من المسلمات زهاء خمسة آلاف امرأة؛ سوى من ظفر به من الزنجيات اللواتي كن في سوق الخميس. فأمر أبو أحمد بحياطة النساء جميعًا، وحملهن إلى واسط ليدفعن إلى أوليائهن. وبات أبو أحمد بحيال النهر المعروف ببراطق، ثم باكر المدينة من غد، فأذن للناس في حياطة ما فيها من أمتعة الزنج، وأخذا ما كان أجمع، وأمر بهدم سورها وطم خندقها وإحراق ما كان بقى فيها من السفن، ورحل إلى معسكره ببرمساور بالظفر بما بالرساتيق والقرى التي كانت في يد الشعراني وأصحابه من غلات الحطنة والشعير والأرز، فأمر ببيع ذلك، وصرف ثمنه في أعطيات مواليه وغلمانه وجنده وأهل عسكره وانهزم سليمان الشعراني وأخواه ومن أفلت، وسلب الشعراني ولده وما كان بيده من مال، ولحق بالمذار فكتب إلى الخائن بخبره وما نزل به واعتصامه بالمذار.
    فذكر محمد بن الحسن، أن محمد بن هشام المعروف بأبي واثلة الكرماني قال: كنت بين يدي الخائن وهو يتحدث، إذ ورد عليه كتاب سليمان الشعراني بخبر الوقعة ومانزل به، وانهزامه إلى المذار، فما كان إلا أن أفض الكتاب، فوقعت عينه على موضع الهزيمة حتى انحل وكاء بطنه، ثم نهض لحاجته، ثم عاد، فلما استوى به مجلسه أخذ الكتاب وعاد يقرؤه فلما انتهى إلى الموضع الذي أنهضه، نهض حتى فهل ذلك مرارًا. قال: فلم أشك في عظم المصيبة، وكرهت أن أسأله، فلما طال الأمر تجاسرت، فقلت: أليس هذا كتاب سليمان بن موسى؟ قال: نعم، ورد بقاصمة الظهر، أن الذين أناخوا عليه أوقعوا به وقعة لم تبق منه ولم تذر، فكتب كتابه هذا وهو بالمذار، ولم يسلم بشئ غير نفسه. قال: فأكبرت ذلك، والله يعلم مكروه ما أخفى من السرور الذي وصل إلى قلبي، وأمسك مبشرًا بدنو الفرج. وصبر الخائن على ما وصل إليه، وجعل بظهر الجلد، وكتب إلى سليمان بن جامع يحذره مثل الذي نزل بالشعراني، ويأمره بالتيقظ في أمره وحفظ ما قبله.
    وذكر محمد بن الحسن أن محمد بن حماد قال: أقام الموفق بعسكره ببرمساور يومين، لتعرف أخبار الشعراني وسليمان بن جامع والوقوف على مستقره، فأتاه بعض من كان وجهه لذلك، فأخبره أنه معسكر بالقرية المعروفة بالحوانيت. فأمر عند ذلك بتعبير الخيل إلى أرض كسكر في غربي دجلة، وسار على الظهر، وأمر بالشذا وسفن الرجالة فحدرت إلى الكثيثة، وخلف سواد عسكره وجمعًا كثيرًا من الرجال والكراع بفوهة برمساور، وأمر بغراج بالمقام هناك؛ فوافى أبو أحمد الصينية، وأمر أبا العباس بالمصير في الشذا والسميريات إلى الحوانيت مخفًا لتعرف حقيقة خبر سليمان بن جامع في مقامه بها، وإن وجد منه غرة أوقع به. فسار أبو العباس في عشى ذلك اليوم إلى الحوانيت، فلم يلف سليمان هنالك، وألفى من قواد السودان المشهورين بالبأس والنجدة شبلًا وأبا النداء وهما من قدماء أصحاب الفاسق الذين كان استتبعهم في بدء مخرجه. وكان سليمان بن جامع خلف هذين القائدين في موضعهما لحفظ غلات كثيرة كانت هناك، فحاربهما أبو العباس، وأدخل الشذا موضعًا ضيقًا من النهر، فقتل من رجالهما، وجرح بالسهام خلقًا كثيرًا - وكانوا أجلد رجال سليمان بن جامع ونخبتهم الذين يعتمد عليهم - ودامت الحرب بينهم إلى أن حجز الليل بين الفريقين.
    قال: وقال محمد بن حماد: في هذا اليوم كان من أمر أبي العباس في الكركي الذي ذكره محمد بن شعيب في يوم الصينية، وقد مر به سانحًا، قال: واستأم في هذا اليوم رجلٌ إلى أبي العباس، فسأله عن الموضع الذي فيه سليمان بن جامع، فأخبره أنه مقيم بطهيثا، فانصرف أبو العباس حينئذ إلى أبيه بحقيقة مقام سليمان بمدينته التي سماها المصورة، وهي في الموضع الذي يعرف بطهيثا، وأن معه هنالك جميع أصحابه غير شبل وأبي النداء؛ فإنهما بموضعهما من الحوانيت لما أمروا بحفظه. فلما عرف ذلك أبو أحمد، أمر بالرحيل إلى بردودا؛ إذ كان المسلك إلى طهيثا منه؛ وتقدم أبو العباس في الشذا والسميريات، وأمر من خلفه ببرمساور أن يصيروا جميعًا إلى بردودا. ورحل أبو أحمد في غد ذلك اليوم الذي أمر أبا العباس فيه بما أمره به إلى بردودا، وسار إليها يومين؛ فوافاها يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة سبع وستين ومائتين، فأقام بها يصلح ما يحتاج إلى إصلاحه من أمر عسكره، وأمر بوضع العطاء وإصلاح سفن الجسور ليحدرها معه، واستكثر من العمال والآلات التي تسد بها الأنهار، وتصلح بها الطرق للخيل، وخلف ببردودا بغراج التركي، وقد كان لما عزم على الرجوع إلى بردودا أرسل إلى غلام له يقال له جعلان وكان مخلفًا مع بغراج في عسكره، فأمر بقلع المضارب وتقديمها مع الدواب المخلفة قبله والسلاح إلى بردودا، فأظهر جعلان ما أمر به في وقت العشاء الآخرة، ونادى في العسكر والناس غارون، فألقى في قلوبهم أن ذلك لهزيمة كانت. فخرجوا على وجوههم، وترك الناس أسواقهم وأمتعتهم، ظنًا منهم أن العدو قد أظلهم، ولم يلو منهم أحد على أحد، وقصدوا قصد الرجوع إلى عسكرهم ببردودا، وساروا في سواد ليلتهم تلك، ثم ظهر لهم بعد ذلك حقيقة الخبر، فسكنوا واطمأنوا.


  • #96
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وفي صفر من هذه السنة كان بين أصحاب كيغلغ التركي وأصحاب أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف وقعة بناحية قرماسين، فهزمهم كيغلغ، وصار إلى همذان، فوافاه أحمد بن عبد العزيز فيمن قد اجتمع من أصحابه في صفر، فحاربه فانهزم كيغلغ، وانحاز إلى الصيمرة.
    وفي هذه السنة لثلاث بقين من شهر ربيع اخر دخل أبو أحمد وأصحابه طهيثما، وأخرجوا منها سليمان بن جامع، وقتل بها أحمد بن مهدي الجبائي.
    ذكر الخبر عن سبب دخول أبي أحمد وأصحابه طهيثما ومقتل الجبائي

    ذكر محمد بن الحسن أن محمد بن حماد حدثه أن أبا أحمد لما أعطى أصحابه ببردودا، فأصلح ما أراد إصلاحه من عدة حرب من قصد لحربه في مخرجه، سار متوجهًا إلى طهيثما؛ وذلك يوم الأحد لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وستين ومائتين، وكان مسيره على الظهر في خيله. وحدرت السفن بما فيها من الرجالة والسلاح والالآت، وحدرت المعابر والشذوات والسميريات، إلى أن وافى بها النهر المعروف بمهروذ بحضرة القرية المعروفة بقرية الجوزية، فنزل أبو أحمد هناك، وأمر بعقد الجسر على النهر المعروف بمهروذ، وأقام يومه وليلته. ثم غدا فعبّر الفرسان والأثقال بين يديه على الجسر، ثم عبر بعد ذلك، وأمر القواد والناس بالمسير إلى طهيثما، فصاروا إلى الموضع الذي ارتضاه أبو أحمد لفسه منزلًا على ميلين من مدينة سليمان بن جامع، فأقام هنالك بإزاء أصحاب الخائن يوم الاثنين والثلاثاء لثمان بقين من شهر ربيع الآخر، ومطر السماء مطرًا جودًا، واشتد البرد أيام مقامه هنالك، فشغل بالمطر والبرد عن الحرب، فلم يحارب هذه الأيام وبقية الجمعة. فلما كان عشية يوم الجمعة ركب أبو أحمد في نفر من قواده ومواليه لارتياد موضع لمجال الخيل، فانتهى إلى قريب من سور سليمان بن جامع، فتلقاه منهم جمع كثير، وخرج عليه كمناء من مواضع شتى، ونشبت الحرب واشتدت؛ فترجل جماعة من الفرسان، ودافعوا حتى خرجوا عن المضايق التي كانوا وغاوها، وأسر من غلمان أبي أحمد وقواده غلام يقال له وصيف علمدار وعدة من قواد زيرك، ورمى أبو العباس أحمد بن مهدي الجبائي بسهم في إحدى مخريه، فخرق كل شيء وصل إليه حتى خالط دماغه، فخر صريعًا، وحمل إلى عسكر الخائن وهو لمآبه، فعظمت المصيبة به عليه؛ إذ كان أعظم أصحابه غنىً عنه، وأشدهم بصيرةً في طاعته، فمكث الجبائي يعالج أيامًا، ثم هلك فاشتد جزع الخائن عليه، فصار إليه، فولي غسله وتكفينه والصلاة عليه والوقوف على قبره إلى أن دفن، ثم أقبل على أصحابه فوعظهم، وذكر موت الجبائي. وكانت وفاته في ليلة ذات رعود وبروق، وقال فيما ذكر: علمت وقت قبض روحه قبل وصول الخبر إليه بما سمع من زجل الملائكة بالدعاء له والترحم عليه.
    قال محمد بن الحسن: فانصرف إلى أبو واثلة - وكان فيم شهده - فعجل يعجبني مما سمع، وجاءني محمد بن سمعان فأخبرني بمثل خبر محمد ابن هاشم، وانصرف الخائن من دفن الجبائي منكسرًا عليه الكآبة.
    قال محمد بن الحسن: وحدثني محمد بن حماد أبا أحمد انصرف من الوقعة التي كانت عشية يوم الجمعة لأربع ليال بقين من شهر ربيع الآخر، وكان خبره قد انتهى إلى عسكره، فنهض إليه عامة الجيش، فتلقوه منصرفًا، فردهم إلى عسكره؛ وذلك في وقت المغرب؛ فلما اجتمع أهل العسكر أمروا بالتحارس ليلتهم والتأهب للحرب، فأصبحوا يوم السبت لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر؛ فعبأ أبو أحمد أصحابه، وجعلهم كتائب يتلو بعضها بعضًا؛ فرسانًا ورجالة، وأمر بالشذا والسميريات أن يسار بها معه في الهر الذي يشق مدينة طهيثا المعروف بنهر المنذر، وسار نحو الزنج حتى انتهى إلى سور المدينة، فرتب قواد غلمانه في المواضع التي يخاف خروج الزنج عليه منها، وقدم الرجالة أمام الفرسان، ووكل بالمواضع التي يخاف خروج الكمناء منها ونزل فصلى أربع ركعات، وابتهل إلى الله عز وجل في النصر له وللمسلمين. ثم عاد بسلاحه فلبسه، وأمر ابنه أبا العباس بالتقدم إلى السور وتخصيص الغلمان على الحرب، ففعل ذلك؛ وقد كان سليمان بن جامع أعد أمام سور مدينته التي سماها المنصورة خندقًا، فلما انتهى إليه الغلمان تهيبوا عبوره، وأحجموا عنه، فحرضهم قوادهم وترجلوا معهم، فاقتحموا متجاسرين عليه، فعبروه، واتهوا إلى الزنج وهم مشرفو من سور مدينتهم، فوضعوا السلاح فيهم، وعبرت شرذمة من الفرسان الخندق خوضًا.
    فلما رأى الزج خبر هؤلاء القوم الذين لقوهم وكرهم عليهم ولوا منهزمين، وأتبعهم أصحاب أبي أحمد، ودخلوا المدينة من جوانبها، وكان الزنج قد حصوها بخمسة خنادق، وجعلوا أمام كل خندق منها سورًا يمتنعون به، فجعلوا يقفون عند كل سور وخندق إذا انتهوا إليه، وجعل أصحاب أبي أحمد يكشفونهم في كل موقف وقفوه، ودخلت الشذا والسميريات مدينتهم من النهر المشقق لها بعد انهزامهم، فجعلت تغرق كل ما مرت لهم به من شذاة وسميرية، وأتبعوا من بحافتي النهر، يقتلون ويؤسرون، حتى أجلوا عن المدينة وعما اتصل بها، وكان زهاء ذلك فرسخًا، فحوى أبو أحمد ذلك كله، وأفلت سليمان بن جامع في نفر من أصحابه فاستحر القتال فيهم والأسر، واستنفذ أبو أحمد من نساء أهل واسط وصبياهم ومما اتصل بذلك من القرى ونواحي الكوفة زهاء عشرة آلاف. فأمر أبو أحمد بحياطتهم والإنفاق عليهم، وحملوا إلى واسط، ودفعوا إلى أهليهم، واحتوى أبو أحمد وأصحابه على كل ما كان في تلك المدينة من الذخائر والأموال والأطعمة والمواشي، وكان ذلك شيئًا جليل القدر، فأمر أبو أحمد ببيع ما أصاب من الغلات وغير ذلك، وحمله إلى بيت ماله، وصرفه في أعطيات من في عسكره من مواليه، وجنوده، فحملوا من ذلك ما تهيأ لهم حمله، وأسر من نساء سليمان وأولاده عدة، واستنفذ يومئذ وصيف علمدار ومن كان أسر معه عشية يوم الجمعة، فأخرجوا من الحبس، وكان الأمر أعجل الزنج عن قتلهم، ولجأ جمع كثير ممن أفلت إلى الآجام المحيطة بالمدينة، فأمر أبو أحمد فعقد جسر على هذا النهر المعروف بالمذر، فعبر الناس إلى غريبة، وأقام أبو أحمد بطهيثا سبعة عشر يومًا، وأمر بهدم سور المدينة وطم خنادقها، ففعل ذلك، وأمر بتتبع من لجأ إلى الآجام، وجعل لكل من أتاه برجل منهم جعلًا، فتسارع الناس إلى طلبهم؛ فكان إذا أتى بالواحد منهم عفا عنه، وخلع عليه وضمه إلى قواد غلمانه لما دبر من استمالتهم وصرفهم عن طاعة صاحبهم، وندب أبو أحمد نصيرًا في الشذا والسميريات لطلب سليمان بن جامع والهرب معه من الزنج وغيرهم، وأمره بالجد في اتباعهم حتى يجاوز البطائح، وحتى يلج دجلة المعروفة بالعوراء، وتقدم في فتح الكور التي كان الفاسق أحدثها، ليقطع بها الشذا عن دجلة فيما بينه وبين النهر المعروف بأبي الخصيب، وتقدم أهلها، وأمره بتتبع من بقي في الآجام من الزنج حتى يظفر بهم.
    وفي شهر ربيع الآخر منها ماتت أم حبيب بت الرشيد. ورحل أبو أحمد بعد إحكامه ما أراد إحكامه إلى معسكره ببردودا، مزمعًا على التوجه نحو الأهواز ليصلحها؛ وقد كان اظطرب أمر المهلبي وإيقاعه بمن وقع عليه من الجيوش التي كانت بها وغلبته على أكثر كورها، وقد كان أبو العباس تقدمه في مسيره ذلك، فلما زافى بردودا أقام أيامًا، وأمر بإعداد ما يحتاج إليه من المسير على الظهر إلى كور الأهواز، وقدم من يصلح الطريق والمنازل ويعد فيها المير للجيوش التي معه، ووافاه قبل أن ترحل عن واسط زيرك منصرفًا عن طهيثا؛ بعد أن تراجع إلى النواحي التي كان بها الزنج أهلها، وخلفهم آمنين. فأمره أبو أحمد بالاستعداد والانحدار في الشذا والسميريات في نخبة أصحابه وأنجادهم، ليصير بهم إلى دجلة العوراء، فتجتمع يده ويدي أبي حمزة على نفض دجلة واتباع المنهزمين من الزنج والإيقاع بكل من لقوا من أصحاب الفاسق، إلى أن ينتهي بهم السير إلى مدينته بنهر أبي الخصيب، وأن رأوا موضع حرب حاربوه في مدينته، وكتبوا بما كان منهم إلى أبي أحمد ليرد عليهم من أمره ما يعلمون بحبسه، واستخلف أبو أحمد على من خلف في عسكره بواسط ابنه هارون، وأزمع على الشخوص فيمن خلف من رجاله وأصحابه، ففعل ذلك بعد أن تقدم إلى ابنه هارون في أن يحدر الجيش الذي خلفه معه في السفن إلى مستقره بدجلة إذا وافى كتابه بذلك.
    وفي يوم الجمعة لليلة خلت من جمادى الآخرة من هذه السنة - وهي سنة سبع وستين ومائتين، ارتحل أبو أحمد من واسط شاخصًا إلى الأهواز وكورها، فنزل باذبين ثم جوخى ثم الطيب ثم قرقوب ثم درستان ثم على وادي السوس، وقد كان عقد له عليه جسر، فأقام من أول النهار إلى آخر وقت الظهر، حتى عبر أهل عسكره أجمع، ثم سار حتى وافى السوس، فنزلها - وقد كان أمر مسرورًا - وهو عامله على الأهواز - بالقدوم عليه، فوافاه في جيشه وقواده من غد اليوم الذي نزل فيه السوس، فخلع عليه وعليهم، وأقام السوس ثلاثًا.
    وكان مم أسر بطهيثا من أصحاب الفاسق أحمد بن موسى بن سعيد البصري المعروف بالقلوص، وكان أحد عدده وقدماء أصحابه أسر بعد أن أثخن جراحًا كانت منها ميته، فلما هلك أمر أبو أحمد باحتراز رأسه ونصبه على جسر واسط.
    وكان ممن أسر يومئذ عبد الله بن محمد بن هشام الكرماني؛ وكان الخبيث اغتصبه أباه، فوجهه إلى طهيثا، وولاه القضاة والصلاة بها وأسر من السودان جماعة كان يعتمد عليهم، أهل نجدة وبأس وجلد، فلما اتصل به الخبر بما نال هؤلاء اتقض عليه تدبيره، وضلت حيله، فحلمه فرط الهلع على أن كتب إلى المهلبي وهو يومئذ مقيم بالأهواز في زهاء ثلاثين ألفًا مع رجل كان صحبه، يأمره بترك كل ما قبله من المير والأثاث، والإقبال إليه؛ فوصل الكتاب إلى المهلبي وقد أتاه الخبر بإقبال أبي أحمد إلى الأهواز وكورها، فهو لذلك طائر العقل، فترك جميع ما كان قبله، واستخلف عليه محمد بن يحيى ابن سعيد الكرنبائي، فدخل قلب الكرنبائي من الوحل، فأخلى ما استخلف عليه، وتبع المهلبي؛ وبجبى والأهواز ونواحيها يومئذ من أصناف الحبوب والتمر والمواشي شئ عظيم، فخرجوا عن ذلك كله.
    وكتب أيضًا الفاسق إلى بهبوذ بن عبد الوهاب. وإليه يومئذ عمل الفدم والباسيان وما اتصل بهما من القرى التي بين الأهواز وفارس، وهو مقيم بالفندم يأمره بالقدوم عليه؛ فترك بهبوذ ما كان قله من الطعام والتمر - وكان ذلك شيئًا عظيمًا - فحوى جميع ذلك أبو أحمد، فكان ذلك قوة له على الفاسق، وضعفًا للفاسق.
    ولما فصل المهلبي عن الأهواز تفرق أصحابه في القرى التي بينها وبين عسكر الخبيث فانتهبوها، وأجلوا عنها أهلها، وكانوا في سلمهم وتخلف خلق كثير ممن كان مع المهلبي من الفرسان والرجالة عن اللحاق به، فأقاموا بواحي الأهواز، وكتبوا يسألون أبا أحمد الأمان لما انتهى إليهم من عفوة عمن ظفر به من أصحاب الخبيث بطهيثا، ولحق المهلبي ومن اتبعه من أصحابه بنهر أبي الخصيب.
    وكان الذي دعا الفاسق إلى أمر المهلبي وبهبوذ بسرعة المصير إليه خوفه موافاة أبي أحمد وأصحابه إياه على الحال التي كانوا عليها من الوجل وشدة الرعب مع انقطاع المهلبي وبهبوذ فيمن كان معهما عنه، ولم يكن الأمر كما قدر.
    وأقام أبو أحمد حتى أحرز ما كان المهلبي وبهبوذ خلفاه، وفتحت السكور التي كان الخبيث أحدثها في دجلة، وأصلحت له طرقه ومسالكه ورحل أبو أحمد عن السوس إلى جند يسابور، فأقام بها ثلاثًا وقد كانت الأعلاف ضاقت على أهل العسكر، فوجه في طلبها، وحملها ورحل عن جند يسابور إلى تستر، وأمر بجباية الأموال من كور الأهواز، وأنفذ إلى كل كورة قائدًا ليروج بذلك حمل الأموال. ووجه أحمد بن أبي الأصبغ إلى محمد ابن عبيد الله الكردي، وقد كان خائفًا أن يأتيه صاحب الفاسق قبل موافاة أبي أحمد كور الأهواز، وأمره بإيناسه وإعلامه ما عليه رأيه من العفو عنه، والتغمد لزلته، وأ يتقدم إليه في تعجيل حمل الأموال والمسير إلى سوق الأهواز، وأمر مسرورًا البلخي عامله بالأهواز بإحضار من معه من الموالي والغلمان والجند ليعرضهم، ويأمر بإعطائهم الأرزاق وينهضهم معه لحرب الخبيث.

  • صفحة 24 من 28 الأولىالأولى ... 142223242526 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثامن)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 40
      آخر مشاركة: 09-01-2010, 05:38 AM
    2. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 80
      آخر مشاركة: 08-15-2010, 11:10 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السادس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 72
      آخر مشاركة: 08-14-2010, 11:05 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 107
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 09:12 PM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1