صفحة 26 من 32 الأولىالأولى ... 162425262728 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 104 من 125

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)


  1. #101
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فيزعمون أن مغنيهم ذلك قتل تحت الغارة، فسال دمه في تلك الجفنة. ثم سار خالد على وجهه ذلك، حتى أغار على غسان بمرج راهط، ثم سار حتى نزل على قناة بصرى، وعليها عيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان؛ فاجتمعوا عليها، فرابطواها حتى صالحت بصرى على الجزية، وفتحها الله على المسلمين، فكانت أول مدينة من مدائن الشأم فتحت في خلافة أبي بكر. ثم ساروا جميعًا إلى فلسطين مددًا لعمرو العاص، وعمرو مقيم بالعربان من غور فلسطين، وسمعت الروم بهم، فانكشفوا عن جلق إلى أجنادين؛ وعليهم تذارق أخو هرقل لأبيه وأمه - وأجنادين بلد بين الرملة وبين جبرين من أرض فلسطين - وسار عمرو بن العاص حين سمع بأبي عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان حتى لقيهم، فاجتمعوا بأجنادين؛ حتى عسكروا عليهم.
    حدثنا بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، أنه قال: كان على الروم رجل منهم يقال له القبقلار؛ وكان هرقل استخلفه على أمراء الشأم حين سار إلى القسطنطينية، وإليه انصرف تذارق بمن معه من الروم. قأما علماء الشأم فيزعمون أنما كان على الروم تذارق. والله أعلم.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، قال: تدانى العسكران بعث القبقلا رجلًا عربيًا - قال: فحدثت أن ذلك الرجل رجل من قضاعة، من تزيد بن حيدان، يقال له ابم هزارف - فقال: ادخل في هؤلاء القوم فأقم فيهم يومًا وليلة، ثم ائتني بخبرهم. قال: فدخل في الناس رجل عربي لا ينكر؛ فأقام فيهم يومًا وليلة، ثن يأتاه فقال له: ما وراءك؟ قال: بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم؛ لإقامة الحق فيهم. فقال له القبقلار: لئن كنت صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها، ولوددت أن حظى من الله أن يخلى بيني وبينهم، فلا ينصرني عليهم، ولا ينصرهم على. قال: ثم تزحف الناس، فاقتتلوا، فلما رأى القبقلار ما رأى من قتال المسلمين؛ قال للروم: لفوا رأسي بثوب، قالوا له: لم؟ قال: يوم البئيس، لا أحب أن أراه! ما رأيت في الدنيا يومًا أشد من هذا! قال فاحتز المسلمون رأسه، وإنه لملفف.
    وكانت وقعة أجنادين في سنة ثلاث عشرة لليلتين بقيتا من جمادى الأولى. وقتل يومئذ من المسلمين جماعة؛ منهم سلمة بن هشام بن المغيرة، وهبار بن الأسود بن عبد الأسد، ونعيم بن عبد الله النحام، وهشام بن العاصي بم وائل، وجماعة أخر من قريش. قال: ولم يسم لنا من الأنصار أحد أصيب بها.
    وفيها توفي أبو بكر لثمان ليال بقين - أو سبع بقين - من جمادى الآخر.
    رجع الحديثإلى حديث أبي يزيد، عن علي بن محمد بإسناده الذي قد مضى ذكره. قال: وأني خالد دمشق فجمعله صاحب بصرى، حصنهم؛ وطلبوا الصلح، فصالحهم على كل رأس دينار في كل عام وجريب حنطة. ثم رجع العدو للمسلمين، فتوافت جنود المسلمين والروم بأجنادين، فالتقوا يوم السبت لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة؛ فظهر المسلمون، ثم رجع هرقل للمسلمين، فالتقوا بالواقوصة فقاتلوهم؛ وقاتلهم العدو، وجاءتهم وفاة أبي بكر وهم مصافون وولاية أبي عبيدة، وكانت هذه الوقعة في رجب.
    ذكر مرض أبي بكر ووفاته

    حدثني أبو زيد؛ عن علي بن محمد، بإسناده الذي قد مضى ذكره؛ قالوا: توفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين سنة في جمادى الآخرة يوم الاثنين لثمان بقين منه. قالوا: وكان سبب وفاته أن اليهود سمته في أرزة، ويقال في جذيذة، وتناول معه الحارث بن كلدة منها، ثم كف وقال لأبي بكر: أكلت طعامًا مسموما سم سنة. فمات بعد سنة، ومرض خمسة عشر يومًا، فقيل له: لو أرسلت إلى الطبيب! فقال: قد رآني، قالوا فما قال لك؟ إني أفعل ما أشاء.
    قال أبو جعفر: ومات عتاب بن أسيد بمكة في اليوم الذي مات فيه أبو بكر - وكانا سما جميعًا - ثم مات عتاب بمكة.
    وقال غير من ذكرت في سبب مرض أبي بكر الذي توفي فيه، ما حدثني الحادث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أسامة بن يزيد الليثي، عن محمد بن حمزة، عن عمرو، عن أبيه قال. وأخبرنا محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عروة عن عائشة، قال. وأخبرنا عمر بن عمران بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن عمر بن الحسين مولى آل مظعون، عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي بكر، قالوا: كان أول ما بدأ مرض أبي بكر به باردًا فحم خمسة عشر يومًا لا يخرد إلى الصلاة؛ وكان يأمر عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس؛ ويدخل الناس يعودونه؛ وهو يثقل كل يوم، وهو نازل داره التي قطع رسول الله وجاه دار عثمان بن عفان اليوم، وكان عثمان ألزمهم في مرضه؛ وتوفي أبو بكر مسى ليلة الثلاثاء؛ لثمال ليال بقين من جمادى الآخر سنة ثلاث عشرة من الهجرة. وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال. قال: وكان أبو معشر يقول: كانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال، فتوفي سن النبي ، وكان أبو ولد بعد الفيل بثلاث سنين.
    حدثنا ابن حميد، قال حدثنا جرير، عن يحيى بن يعيد، قال: قال سعيد بن المسيب: استكمل أبو بكر بخلافته سن رسول الله ، فتوفي وهو بسن النبي .
    حدثنا أبو كريب، قال حدثنا أبو نعيم، عن يونس بن إسحاق، عن أبي السفر، عن عامر، عن جرير، قال كنت عند معاوية فقال: توفي النبي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وتوفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين سنة.
    وحدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن جرير، قال: قال معاوية: قبض رسول الله وهو ابن ثلاث وستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين، وتوفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين.
    وقال علي بن محمد في خبره الذي ذكرت عنه: كانت ولاية أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر وعشرين يومًا، ويقال: عشرة أيام.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #102
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر الخبر عمن غسله والكفن الذي كفن فيه أبو بكر ومن صلى عليه والوقت الذي صلي عليه فيه والوقت الذي توفي فيه

    حدثني الحارث، عن ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني مالك بن أبي الرحال، عن أبيه، عن عائشة، قالت: توفي أبو بكر رحمه الله بين المغرب والعشاء.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، عن محمد بن عبد الله، عن غطاء وابن أبي نليكة، أن أسماء بنت عميس، قالت: قال لي أبو بكر: غسليني، قلت: لا أطيق ذلك، قال: يعينك عبد الرحمن ابن أبي بكر، يصب الماء.
    حدثني الحارث، عن محمد بن سعد، قال: أخبرنا معاذ بن معاذ ومحمد بن عبد الله الأنصاري، قالا: حدثنا الأشعث، عن عبد الواحد بن صبرة، عن القاسم بن محمد. قال ابن سعد: قال محمد بن عمر: وهذا الحديث وَهِل؛ وإنما كان لمحمد يوم توفي أبو بكر ثلاث سنين.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، سألها أبو بكر؛ كم كفن النبي ص؟ قالت: في ثلاثة أثواب، قال: اغسلوا ثوبي هذين - وكانا ممشقين - وابتاعوا لي ثوبًا آخر. قلت: يا أبه، إنا موسرون، قال: أي بنية، الحي أحق بالجديد من الميت، وإنما هما للمهلة والصديد.
    حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا الأوزاعي؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم؛ أن أبا بكر توفي عشاء بعد ما غابت الشمس ليلة الثلاثاء، ودفن ليلًا ليلة الثلاثاء.
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا غنام عن هشام، عن أبيه أن أبا بكر مات ليلة الثلاثاء ودفن ليلًا.
    حدثني أبو زيد، عن علي بن محمد بإسناده الذي قد مضى ذكريه، أن أبا بكر حمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله ص، وصلى عليه عمر في مسجد رسول الله ص، ودخل قبره عمر، وعثمان؛ وطلحة؛ وعبد الرحمن بن أبي بكر؛ وأراد عبد الله أن يدخل قبره، فقال له عمر: كفيت.
    قال أبو جعفر: وكان أوصى - فيما حدثني الحارث، عن ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عمر بن عبد الله - يعني ابن عروة - أنه سمع عروة والقاسم بن محمد يقولان: أوصى أبو بكر عائشة أن يدفن إلى جنب النبي ص، فلما توفي حفر له، وجعل رأسه عند كتفى رسول الله ، وألصقوا اللحد يلحد النبي فقير هنالك.
    قال الحارث: حدثني ابن سعد، قال: وأخبرنا محمد بن عمر، يقال: حدثني ابن عثمان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، جعل رأس أبي بكر عند كتفي رسول الله ص، ورأس عمر عند حقوى أبي بكر.
    حدثني علي بن مسلم الكوسي، قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: أخبرني عمرو بن عثمان بن هانئ، عن القاسم بن محمد، قال: دخلت على عائشة رضى الله تعالى عنها، فقلت: يا أمه، اكشفى لي عن قبر النبي ص وصاحبيه؛ فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء؛ قال: فرأيت قبر النبي ص مقدمًا وقبر أبي بكر عند رأسه، وعمر رأسه عند رجل النبي ص.
    حدثني الحارث، عن ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، قال: جعل قبر أبي بكر مثل قبر النبي مسطحًا؛ ورش عليه الماء، وأقامت عليه عائشة النوح.
    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب؛ قال: حدثني سعيد بن المسيب، قال: لما توفي أبو بكر رحمه الله أقامت عليه عائشة النوح، فأقبل عمر بن الخطاب حتى قام ببابها، فنهاهن عن البكاء على أبي بكر، فأبين أن ينتهين، فقال عمر لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج إلى ابنة أبي قحافة؛ أخت أبي بكر، فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر: إني أحرج عليك بيتي. فقال عمر لهشام: ادخل فقد أذنت لك، فدخل هشام فأخرج أم فروة أخت أبي بكر إلى عمر، فعلاها بالدرة، فضربها ضربات، فتفرق النوح حين سمعوا ذلك.
    وتمثل في مرضه - فيما حدثني أبو زيد، عن علي ابن محمد بإسناده - الذي توفي فيه:
    وكل ذي إبل موروث ** وكل ذي سلب مسلوب
    وكل ذي غيبة يئوب ** وغائب الموت لا يئوب
    وكان آخر ما تكلم به، رب (توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين).
    ذكر الخبر عن صفة جسم أبي بكر رحمه الله

    حدثني الحارث، عن ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال حدثنا شعيب بن طلحة بن عبد الله بم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أبيه، عن عائشة، رضى الله تعالى عنها، أنها نظرت إلى رجل من العرب مر وهي في هودجها، فقالت: ما رأيت رجلًا أشبه بأبي بكر من هذا، فقلنا لها: صفي أبا بكر، فقالت: رجل أبيض نفيف العارضين، أجنأ لا يستمسك إزاره، يسترخي عن حقويه، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ الجبهة، عاري الأشاجع.
    وأما علي بن محمد؛ فإنه قال في حديثه الذي ذكرت إسناده قبل: إنه كان أبيض يخالطه صفرة، حسن القامة، نحيفًا أجنأ، رقيقًا عتيقًا، أقنى، معروق الوجه، غائر العينين، حمش الساقين، ممحوص الفخذين، يخضب بالحناء والكتم.
    وكان أبو قحافة حين توفي حيًا بمكة، فلما نعي إليه قال: رزء جليل!
    ذكر نسب أبي بكر واسمه وما كان يعرف به

    حدثني أبو زيد، قال: حديثنا علي بن محمد بإسناده الذي قد مضى ذكره، أنهم أجمعوا على أن اسم أبي بكر عبد الله، وأنه إنما قيل له عتيق عن عتقه قال: قال بعضهم: قيل له ذلك؛ لأن النبي ، قال له: أنت عتيق من النار.
    حدثني الحارث، عن ابن سعد، عن محمد بن عمر، قال: حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن معاوية بن إسحاق، عن أبيه، عن عائشة، أنها سئلت: لم سمى أبو بكر عتيقًا؟ فقالت: نظر إليه النبي ص يومًا، فقال: هذا عتيق الله من النار.
    واسم أبيه عثمان، وكنيته أبو قحافة، قال: فأبو بكر عبد الله بن عثمان ابن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى ابن غالب بن فهر بن مالك، وأمه أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
    وقال الواقدي: اسمه عبد الله بن أبي قحافة - وإسمه عثمان - بن عامر. وأمه أم الخير، واسمها بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
    وأما هشام، فإنه قال - فيما حدثت عنه - إن اسم أبي بكر عتيق ابن عثمان بن عامر.


  • #103
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وحدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، قال: سألت عبد الرحمن بن القاسم عن اسم أبي بكر الصديق، فقال: عتيق؛ وكانوا إخوة ثلاثة بني أبي قحافة: عتيق ومعتق وعتيق.
    ذكر أسماء نساء أبي بكر الصديق رحمه الله

    حدث علي بن محمد، عمن حدثه ومن ذكرت من شيوخه، قال: تزوج أبو بكر في الجاهلية قتيلة - ووافقه على ذلك الواقدي زالكلبي - قالوا: وهي قتيلة ابنة عبد العزى بن عبد بن أسعد بن جابر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، فولدت له عبد الله أسماء. وتزوج أيضًا في الجاهلية أم رومان بنت عامر بن عمير بن ذهل بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة - وقال بعضهم: هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذنية بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة - فولدت له عبد الرحمن وعائشة فكل هؤلاء الأربعة من أولاده، ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية.
    وتزوج في الإسلام أسماء بنت عميس؛ وكانت قبله عندج جعفر بن أبي طالب؛ وهي أسماء بنت عميس بن معد بن تيم بن الحارث بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بم ربيعة بن عامر بن مالك بن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حلف بن أفتل - وهو خثعم - فولدت له محمد بن أبي بكر.
    وتزوج أيضًا فيالإسلام حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير؛ من بني الحارث بن الخروج؛ وكانت نشأ حين توفي أبو بكر؛ فولدت له بعد وفاته جارية سميت أم كلثوم.
    ذكر أسماء قضاته وكتابه وعماله على الصدقات

    حدثنا محمد بن عبد الله المخزمي، قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن المغيرة، قال قال سفيان - وذكره عم مسعر: لما ولى أبو بكر؛ قال أبو عبيدة: أنا أكفيك المال - يعني الجزاء - وقال عمر: أنا أكفيك القضاء: فمكث عمر سنة لا يأتيه رجلان.
    وقال علي بن محمد عن الذين سميت: قال بعضهم: جعل أبو بكر عمر قاضيًا في خلافته، فمكث سنة لم يخاصم إليه أحد.
    قال: قالوا: كان يكتب له زيد بن ثابت، ويكتب له الأخبار عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يكتب له من حضر.
    وقالوا: كان عامله على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاصي، وعلى صنعاء المهاجر بن أبي أمية، وعلى حضرموت زياد بن لبيد، وعلى خولان يعلى بن أمية؛ وعلى زبيد ورمع أبو موسى الأشعري، وعلى الجند معاذ بن جبل، وعلى البحرين العلاء بن الحضرمي. وبعث جرير بن عبد الله إلى نجران، وبعث بعبد الله بن ثمر؛ أحد بني الغوث إلى ناحية جرش، وبعث عياض بن غنم الفهري إلى دومة الجندل؛ وكان بالشأم أبو عبيدة وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص؛ كل رجل منهم على جند، وعليهم خالد بن الوليد.
    ذكر بعض مناقبه

    قال أبو جعفر: وكان رضي الله عنه سخيًا لينًا، عالمًا بأنساب العرب؛ وفيه يقول خفاف بن ندبة - وندبة أمه، وأبوه عمير بن الحارث - في مرثبته أبا بكر:
    أبلج ذو عرف وذو منكر ** مقسم المعروف رحب الفناء
    للمجد في منزله باديًا ** حوض رفيع لم يخنه الإزاء
    والله لا يدرك أيامه ** ذو مئزر حاف ولا ذو رداء
    من يسع كي يدرك ايامه ** يجتهد الشد بأرض فضاء
    وكان - فيما ذكر الحارث، عن ابن سعد، عن عمرو بن الهيثم أبي قطن؛ قال: حدثنا الربيع عن حيان الصائغ، قال: كان نقش خاتم أبي بكر رحمه الله: نعم القادر الله.
    قالوا: ولم يعش أبو قحافة بعد أبي بكر إلا ستة أشهر وأيامًا؛ وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة بمكة؛ وهو ابن سبع وتسعين سنة.
    ذكر استخلافه عمر بن الخطاب

    وعقد أبو بكر في مرضته التي توفي فيها لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده.
    وذكر أنه لما أراد العقد له دعا عبد الرحمن بن عوف؛ فيما ذكر ابن سعد، عن الواقدي، عن ابن سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ قال: لما نزل بأبي بكر رحمه الله الوفاة دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبرني عن عمر، فقال: يا خليفة رسول الله، هو والله أفضل من رأيك فيه من رجل؛ ولكن فيه غلطة. فقال أبو بكر: ذلك لأنه يراني رقيقًا، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرًا مما هو عليه. ويا أبا محمد قد رمقته، فرأيتني إذا غضبت على الرجل في الشئ أراني الرضا عنه، وإذا لنت له أراني الشدة عليه؛ لا تذكر يا أبا محمد مما قلت لك شيئًا، قال: نعم. ثم دعا عثمان بن عفان، قال: يا أبا عبد الله، أخبرني عن عمر، قال: أنت أخبر به، فقال أبو بكر: على ذاك يا أبا عبد الله! قال اللهم علمني به أن سريرته خير من علانيته؛ وأن يس فينا مثله. قال أبو بكر رحمه الله: رحمك الله يا أبا عبد الله، لا تذكر مما ذكرت لك شيئًا، قال أفعل، فقال له أبو بكر: لو تركته ما وعدتتك، وما أدري لعله تاركه، والخيرة له ألا يلي من أموركم شيئًا، ولوددت أني كنت خلوًا من أموركم؛ وأني كنت فيمن مضى من سلفكم؛ يا أبا عبد الله، لا تذكرون مما قلت لك من أمر عمر، ولا مما دعوتك له شيئًا.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا يونس بن عمرو، عن أبي السفر، قال: أشرف أبو بكر على الماس من كنيفه وأسماء ابنة عميس ممسكته، موشومة اليدين، وهو يقول: أترضون بمن أستخلف عليكم؟ فإني والله ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلف عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، فقالوا: سمعنا وأطعنا.
    حدثني عثمان بن يحيى، عن عثمان القرقساني، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل، عن قيس، قال: رأيت عمر بن الخطاب وهو يجلس والناس معه، وبيده جريدة، وهو يقول: أيها الناس، اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله ؛ إنه يقول: إني لم آلكم نصحًا. قال: ومعه مولى لأبي بكر يقال له: شديد، معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر.
    قال أبو جعفر: وقال الواقدي: حدثني إبراهيم بن أبي النضر، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، قال: دعا أبو بكر عثمان خاليًا، فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين؛ أما بعد. قال: ثم أغمى عليه، فذهب عنه، فكتب عثمان: أما بعد؛ إني قد استخلف عليكم عمر بن الخطاب، ولم آلكم خيرًا منه، ثم أفاق أبو بكر، فقال: اقرأ على، فقرأ عليه، فكبر أبو بكر، وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن افتلتت نفسي في غشيتى! قال: نعم، قال: جزاك الله خيرًا عن الإسلام وأهله، وأقرها أبو بكر رضي الله عنه من هذا الموضع.
    حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا علوان، عن صالح بن كيسان، عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، أنه دخل على أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه في مرضه الذي توفي فيه؛ فأصابه مهتمًا، فقال له عبد الرحمن: أصبحت والحمد لله بارئًا! فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتراه؟ قال: نعم، قال: إني وليت أمركم خيركم في نفسي؛ فكلكم ورم أنفه من ذلك، يريد أن يكون الأمر لخ دونه،؛ ورأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل، وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ومنضائد الديباج، وتألموا الإضطجاع على الصوف الأذري؛ كما يألم أحدكم أن ينام على حسك؛ والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يخوض في غمرة الدنيا وأنتم أول ضال بالناس غدًا، فتصدونهم عن الطريق يمينًا وشمالًا. يا هادي الطريق، إنما هو الفجر أو البجر، فقلت له: خفض عليك رحمك الله؛ فإن هذا يهيضك في أمرك. إنما الناس في أمرك بين رجلين: إما رجل رأى ما رأيت فهو معك، وإما رجل خالفك فهو مشير عليك وصاحبك كما تحب؛ ولا نعلمك أردت إلا خيرًا، ولم تزل صالحًا مصلحًا، وأنك لا تأسى على شئ من الدنيا. قال أبو بكر رضي الله عنه: أجل، إني لا آسى على شئ من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن؛ وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله . فأما الثلاث اللاتي وددت أني تركتهن؛ فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ. وإن كانوا قد غلقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي، وأني كنت قتلته سريحًا أو خليته نجيحًا. ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميرًا؛ وكنت وزيرًا. وأما اللاتي تركتهن؛ فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرًا كنت ضربت عنقه، فإنه تخيل إلى أنه لا يرى شرًا إلا أعان عليه. ووددت أني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة؛ كنت أقمت بذي القصة؛ فإن ظفر المسلمون ظفروا، وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مددًاز ووددت أني كنت إذا وجهت خالد بن الوليد إلى الشأم كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق؛ فكنت قد بسطت يدي كليتهما في سبيل الله - ومد يديه - ووددت أني كنت سألت رسول الله : لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد؛ ووددت أني كنت سألته: هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟ ووددت أني كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمة؛ فإن في نفسي منهما شيئًا.
    قال لي يونس: قال لنا يحيى: ثم قدم علينا علوان بعد وفاة الليث، فسألته عن هذا الحديث، فحدثني به كما حدثني الليث بن سعد، وسألته عن اسم أبيه، فأخبرني أنه علوان بن داود.
    وحدثني محمد بن إسماعيل المرادي، قال: حدثنا عبد الله بن صالح المصري، قال حدثني الليث، عن علوان بن صالح، عن صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، قال - ثم ذكر نحوه، ولم يقل فيه: عن أبيه.


  • #104
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    حال أبي بكر قبل الخلافة وبعدها

    قال أبو جعفر: وكان أبو بكر قبل أن يشتغل بأمور المسلمين تاجرًا، وكان منزله بالسنخ، ثم تحول إلى المدينة. فحدثني الحارث، قال: حدثنا بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى، قال: سمعت سعيد بن المسيب قال، وأخبرنا موسى بن محمد بن أبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن صبيحة التيميمي، عن أبيه، قال. وأخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، قال، وأخبرنا محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قال: وأخبرنا أبو قدامة عثمان بن محمد، عن أبي وجزة، عن أبيه؛ قال. وغير هؤلاء أيضًا قد حدثني ببعضه، فدخل حديث بعضهم في حديث بعض، قالوا: قالت عائشة: كان منزل أبي بالسنح عند زوجته حبيبة ابنة خارجة بن زيد بن أبي زهير من بني الحارث ابن الخزرج، وكان قد حجر عليه حجرة من سعف؛ فما زاد على ذلك حتى تحول إلى منزلة بالمدينة؛ فأقام هنالك بالسنح بعدما بويع له ستة أشهر، يغدو على رجليه إلى المدينة فيصلى الصلوات بالناس، فإذا صلى العشاء؛ رجع إلى أهله بالسنح؛ فكان إذا حضر صلى بالناس وإذا لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب. قال: فكان يقيم يوم الجمعة صدر النهار بالسنح يصبغ رأسه ولحيته ثم يروح لقدر الجمعة، فيجمع بالناس. وكان رجلًا تاجرًا، فكان يغدو كل يوم إلى السوق، فيبيع ويبتاع؛ وكانت له قطعة غنم تروح عليه؛ وربما خرج هو بنفسه فيها؛ وربما كفيها فرعيت له، وكان يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا تحلب لنا منائح دارنا، فسمعها أبو بكر، فقال: بلى لعمري لأحلبنها لكم؛ وإني لأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه. فكان يحلب لهم، فربما قال للجارية من الحي: يا جارية أتحبينأن أرعى لك، أو أصرح؟ فربما قالت: ارع، وربما قالت: صرح؛ فأي ذلك قالته فعل؛ فمكث كذلك بالسنح ستة أشهر؛ ثم نزل إلى المدينة، فأقام بها، ونظر في أمره، فقال: لا والله، ما تصلح أمور الناس التجارة، وما يصلحهم. فترك التجارة واستنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يومًا بيوم، ويحج ويعتمر. وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم؛ فلما حضرته الوفاة، قال: ردوا ما عندنا من مال المسلمين؛ فإ، ي لا أصيب من هذا المال شيئًا، وإن أرضى التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصيب من أموالهم؛ فدفع ذلك إلى عمر، ولقوحًا وعبدًا صقيلًا، وقطيفة ما تساوى خمسة دراهم؛ فقال عمر: لقد أتعب من بعده.
    وقال علي بن محمد - فيما حدثني أبو زيد عنه في حديثه عن القوم الذين ذكرت روايته عنهم - قال أبو بكر: انظروا كم أنفقت منذ وليت من بيت المال فاقضوه عني. فوجدوا مبلغه ثمانية آلاف درهم في ولايته.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن أسماء ابنة عميس، قالت " دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر، فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه؛ فكيف به إذا خلا بهم! وأنت لاق ربك فسئلك عن رعيتك. فقال أبو بكر - وكان مضطجعًا: أجلسوني، فأجلسوه، فقال لطلحة: أبا لله تفرقني - أو أبالله تخوفني - إذا لقيت الله ربي فساءلني قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحصين بمثل ذلك.
    قال أبو جعفر: قد تقدم ذكرنا وقت عقد أبي بكر لعمر بن الخطاب الخلافة، ووقت وفاة أبي بكر، وأن عمر صلى عليه، وأنه دفن ليلة وفاته قبل أن يصبح الناس، فأصبح عمر صبيحة تلك الليلة، فكان أول ما عمل وقال - فيما ذكر - ما حدثنا أبة كريب، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن أبيه؛ قال: لما استخلف عمر صعد المنبر، فقال: إني فائل كلمات فأمنوا عليهن، فكان أول منطق نطق به حين استخلف - فيما حدثني أبو السائب، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ضرار، عن حصين المرى، قال: قال عمر: إنما مثل العرب مثل جمل أنف اتبع قائدة، فلينظر قائده حيث يقود؛ وأما أنا فورب الكعبة لأحملنهم على الطريق.
    حدثنا عمر، قال: حدثني على، عن عيسى بن يزيد، عن صالح بن كيسان، قال: كان أول كتاب كتبه عمر حين ولى إلى أبي عبيدة يوليه على جند خالد: أوصيك بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه؛ الذي هدانا من الضلالة، وأخرجنا من الظلمات إلى النور. وقد استعملتك على جند خالد بن الوليد، فقم بأمرهم الذي يحق عليك، لا تقدم المسلمين إلى هلكه رجاء غنيمة؛ ولا تنزلهم منزلًا قبل أن تستريده لهم؛ وتعلم كيف مأتاه؛ ولا تبعث سرية إلا في كثف من الناس؛ وإيامك وإلقاء المسلمين في الهلكة، وقد أبلاك الله بي وأبلاني بك؛ فغمض بصرك عن الدنيا، وأله قبلك عنها؛ وإياك أن تهلكك كما أهلكت من كان قبلك، فقد رأيت مصارعهم.
    ذكر غزوة فحل وفتح دمشق

    حدثني عمر، عن علي بن محمد، بإسناده، عن النفر الذين ذكرت روايتهم عنهم في أول ذكرى أمر أبي بكر؛ أنهم قالوا: قدم بوفاة أبي بكر إلى الشأم شداد بن أوس بن ثابت الأنصارى ومحمية بن جزء، ويرفأ؛ فكتموا الخبر الناس حتى ظفر المسلمون - وكانوا بالياقوصة يقاتلون عدوهم من الروم؛ وذلك في رجب - فأخبروا أبا عبيدة بوفاة أبي بكر وولايته حرب الشأم، وضم عمر إليه الأمراء، وعزل خالد بن الوليد.
    فحدثنا ابن حميد، قال: حدثناي سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما فرغ المسلمون من أجنادين ساروا إلى يفحل من أرض الأردن؛ وقد اجتمعت فيها رافضة الروم، والمسلمون على أمرائهم وخالد على مقدمة الناس. فلما نزلت الروم بيسان بثقوا أنهارها؛ وهي أرض سبخة، فكانت وحلًا، ونزلوا فحلًا - وبيسان بين فلسطين وبين الأردن - فلما غشيها المسلمون ولم يعلمون بما صنعت الروم، وحلت خيولهم، ولقوا فيها عناء، ثم سلمهم الله - وسميت بيسان ذات الردغة لما لقى المسلمون فيها - ثم نهضوا إلى الروم وهم بفحل؛ فاقتتلوا فهزمت الروم، ودخل المسلمون فحلًا ولحقت وافضة الروم بدمشق؛ فكانت فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة، على ستة أشهر من خلافة عمر. وأقام تلك الحجة للناس عبد الرحمن بن عوف. ثم ساروا إلى دمشق وخالد على مقدمة الناس؛ وقد اجتمعت الروم إلى رجل منهم يقال له باهان بدمشق - وقد كان عمر عزل خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة على جميع الناس - فالتقى المسلمون والروم فيما حول دمشق، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثم هزم الله الروم، وأصاب منهم المسلمون، ودخلت الروم دكشق؛ فغلقوا أبوابها وجثم المسلمون عليها فرابطوها حتى فتحت دمشق، وأعطوا الجزية، وقد قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمارته وعزل خالد، فاستحيا أبو عبيدة أن يقرئ خالدًا الكتاب حتى فتحت دمشق لحق باهان - صاحب الروم الذي قاتل المسلمين - بهرقل. وكان فتح دمشق دمشق في سنة أربع عشرة في رجب، وأظهر أبو عبيدة إمارته وعزل خالد؛ وقد كان المسلمون، التقوا هم والروم ببلد يقال له عين فحل بين فلسطين والأردن، فاقتتلوا به قتالًا شديدًا، ثم لحقت الروم بدمشق.
    وأما سيف - فيما ذكر السري، عن شعيب، عنه عن أبي عثمان، عن خالد وعبادة - فإنه ذكر في خبره أن البريد قدم على المسلمين من المدينة بموت أبي بكر وتأمير أبي عبيدة؛ وهم باليرموك؛ وقد إلتحم القتال بينهم وبين الروم. وقص من خبر اليرموك وخبر اليرموك؛ وخبر دمشق غير الذي اقتصه ابن إسحاق؛ وأنا ذاكمر بعض الذي اقتص من ذلك: كتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد، عن أبي عثمان، عن أبي سعيد، قال: لما قام عمر رضى عن خالد بن سعيد والوليد بن عقبة فأذن لهما بدخول المدينة، وكان أبو بكر قد منعهما لفرتهما التي فراها وردهما إلى الشام، وقال: ليبلغني غناء أبلكما بلاء؛ فانضما إلى أي أمرائنا أحببتما؛ فلحقا بالناس فأبليا وأغنيا.

  • صفحة 26 من 32 الأولىالأولى ... 162425262728 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    2. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM
    3. معجم البلدان الجزء الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 74
      آخر مشاركة: 07-19-2010, 05:49 PM
    4. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    5. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1