خبر الخنافس
رجع الحديث إلى حديث سيف. كتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد بإسنادهم، قالوا: ومخر المثنى السواد وخلف بالحيرة بشير بن الخصاصية، وأرسل جريرًا إلى ميسان، وهلال بن علفة التيمي إلى دست ميسان، وأذكى المسالح بعصمة بن فلان الضبي وبالكلج الضبي وبعرفجة البارقي؛ وأمثالهم في قواد المسلمين؛ فبدأ فنزل أليس - قرية من قرى الأنبار - وهذه الغزاة تدعى غزاة الأنبار الآخر؛ وغزاة أليس الآخر، وألز رجلان بالمثنى: أحدهما أنباري والآخر حيري يدله كل واحد منهما على سوق، فأما الأنباري فدله على الخنافس، وأما الحيري فدله على بغداد. فقال المثنى: أيتهما قبل صاحبتها؟ فقالوا: بينهما أيام، قال: أيهما أعجل؟ قالوا: الخنافس سوق يتوافى إليها الناس، ويجتمع بها ربيعة وقضاعة يخفرونهم. فاستعد لها المثنى؛ حتى إذا ظن أنه موافيها يوم سوقها ركب نحوهم، فأغار على الخنافس يوم سوقها، وبها خيلان من ربيعة وقضاعة، وعلى قضاعة رومانس بن وبرة، وعلى ربيعة السليل بن قيس وهم الخفراء، فانتسف السوق وما فيها، وسلب الخفراء، ثم رجع عوده على بدئه حتى يطرق داهاقين الأنبار طروقًا في أول النهار يومه، فتحصنوا منه، فلما عرفوه نزلوا إليه فأتوه بالأعلاف والزاد؛ وأتوه بالأدلاء على بغداد؛ فكان وجهه إلى سوق بغداد، فصبحهم والمسلمون يمخرون السواد والمثنى والأنبار، ويشنون الغارات فيما بين أسفل كسكر وأسفل الفرات وجسور مثقف إلى عين التمر وما والاها من الأرض في أرض الفلاليج والعال.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبيد الله بن مخفر، عن أبيه، قال: قال رجل من أهل الحيرة للمثنى: ألا ندلك على قرية يأتيها تجار مدائن كسرى والسواد، وتجتمع بها في كل سنة مرة ومعهم فيها الأموال؛ كبيت المال؛ وهذه أيام سوقهم، فإن أنت قدرت أن تغير عليهم وهم لا يشعرون أصبت فيها مالًا يكون غناء للمسلمين؛ وقووا به على عدوهم دهرهم، قال: وكم بين كسرى وبينها؟ قال بعض يوم أو عامة يوم، قال: فكيف لي بها؟ قالوا: نأمرك إن أردتها أن تأخذ طريق البر، حتى تنتهي إلى الخنافس، فإن الأنبار سيضربون إليها، ويخبرون عنك فيأمنون، ثم تعوج على أهل الأنبار فتأخذ الدهاقين بالأدلاء، فتسير سواد ليلتك من الأنبار حتى تأتيهم صبحًا فتصبحهم غارة.
فخرج من أليس حتى أتى الخنافس، ثم عاج حتى رجع على الأنبار، فلما أحسه صاحبها تحصن وهو لا يدري من هو؛ وذلك ليلًا؛ فلما عرفه نزل إليه فأطعمه المثنى، وخوفه واستكتمه، وقال: إني أريد أن أغير فابعث معي الأدلاء إلى بغداد، حتى أغير منها إلى المدائن. قال: انا أجئ معك، قال: لا أريد أن تجئ معي، ولكن ابعث من هو أدل منك فزودهم الأطعمة والأعلاف وبعث معهم الأدلة، فساروا حتى إذا كانوا بالنصف، قال لهم المثنى: كم بيني وبين هذه القرية؟ قالوا: أربعة أو خمسة فراسخ. فقال لأصحابه: من ينتدب للحرس؟ فانتدب له قوم فقال لهم: أذكوا حرسكم، ونزل وقال: أيها الناس، أقيموا واطعموا وتوضئوا وتهيؤا. وبعث الطلائع فحسبوا الناس ليسبقوا الأخبار، فلما فرغوا أسرى إليهم آخر الليل، فعبر إليهم، فصبحهم في أسواقهم، فوضع فيهم السيف فقتل، وأخذوا ما شاءوا، وقال المثنى: لا تأخذوا إلا الذهب والفضة، ولا تأخذوا من المتاع إلا ما يقدر الرجل منكم على حمله على دابته. وهرب أهل الأسواق، وملأ السلمون أيديهم من الصفراء والبيضاء والحر من كل شئ، ثم خرج كارًا حتى نزل بنهر السيلحين بالأنبار؛ فنزل وخطب الناس، وقال: أيها الناس، انزلوا وقضوا أوطاركم، وتأهبوا للسير، واحمدوا لله وسلوه العافية، ثم انكشفوا قبيضًا. ففعلوا، فسمع همسًا فيما بينهم: ما أسرع القوم في طلبنا! فقال: تناجوا بالبر والتقوى ولا تتناجوا بالإثم والعدوان، انظروا في الأمور وقد روها ثم تكلموا؛ إنه لم يبلغ النذير مدينتهم بعد؛ ولو بلغهم لحال الرعب بينهم وبين طلبكم. إن للغارات روعات تنتشر عليها؛ يومًا إلى الليل ولو طلبكم المحامون من رأى العين ما أدركوكم وأنتم على العراب حتى تنتهوا إلى عسكركم وجماعتكم، ولو أدركوكم لقاتلتهم لأثنتين: التماس الأجر ورجاء النصر؛ فثقوا بالله وأحسنوا به الظن، فقد نصركم الله في مواطن كثيرة وهم أعد منكم؛ وسأخبركم غنى وعن انكماشي والذي أريد بذلك؛ إن خليفة رسول الله أبا بكر أوصانا أن نقلل العرجة، ونسرع الكرة في الغارات، ونسرع في غير ذلك الأوبة. وأقبل بهم ومعهم أدلاؤهم يقطعون بهم الصحارى والأنهار؛ حتى انتهى بهم إلى الأنبار؛ فاستقبلهم دهاقين الأنبار بالكرامة، واستبشروا بسلامته، وكان موعده الإحسان إليهم إذا استقام لهم من أمرهم ما يحبون.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد، قالوا: لما رجع المثنى من بغداد إلى الأنبار سرح المضارب العجلي وزيدًا إلى الكباث، وعليه فارس العناب التغلبي، ثم خرج في آثارهم، فقدم الرجلان الكباث، وقد ارفضوا وأخلوا الكباث، وكان أهله كلهم من بني تغلب فركبوا آثارهم يتبعونهم، فأدركوا أخرياتهم وفارس العناب يحميهم، فحماهم ساعة ثم هرب، وقتلوا في أخرياتهم وأكثروا، ورجع المثنى إلى عسكره بالأنبار والخليفة عليهم فرات بن حيان فلما رجع إلى الأنبار سرح فرات بن حيان وعتيبة بن النهاس وأمرهما بالغارة على أحياء من تغلب والنمر بصفين، ثم اتبعهما وخلف على الناس عمرو بن أبي سلمى الهجيمي؛ فلما دنوا من صفين، افترق المثنى وفرات وعتيبة، وفر أهل صفين وعبروا الفرات إلى الجزيرة، وتحصنوا، وأرمل المثنى وأصحابه من الزاد، حتى أقبلوا على رواحلهم إلا مالا دياف وحوران، فقتلوا العلوج وأصابوا ثلاثة نفر من بني تغلب خفراء، بد منه فأكلوها حتى أخفافها وعظامها وجلودها ثم أدركوا عيرًا من أهل واخذوا العير وكان ظهيرًا فاضلًا وقال لهم: دلوني فقال أحدهم آمنوني على أهلي ومالي، وأدلكم على حتى من تغلب غ*** من عندهم اليوم؛ فآمنه المثنى وسار معه يومه، حتى إذا كان العشى هجم على القوم، فإذا النعم صادرة عن الماء، وإذا القوم جلوس بأفنية البيوت، فبث غارته، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الذرية؛ واستاقوا الأموال، وإذا هم بنو ذي الرويحلة؛ فاشترى من كان بين المسلمين من ربيعة السبايا بنصيبه من الفئ، وأعتقوا سبيهم؛ وكانت ربيعة لا تسبى إذ العرب يتسابون في جاهليتهم.
وأخبر المثنى أن جمهور من سلك البلاد قد انتجعوا الشط؛ شاطئ دجلة، فخرج المثنى، وعلى مقدمته في غزواته هذه بعد البويب كلها حذيفة بن محصن الغلفاني، وعلى مجنبتيه النعمان بن عوف بن النعمان ومطر الشيبانيات، فسرح في أدبارهم حذيفة واتبعه؛ فأدركوهم بتكريت دوينها من حيث طلبوهم يخوضون الماء، فأصابوا ما شاءوا من النعم، حتى أصاب الرجل خمسًا من النعم، وخمسًا من السبي، وخمس المال؛ وجاء به حتى ينزل على الناس بالأنبار؛ وقد مضى فرات وعتيبة في وجوههما؛ حتى أغاروا على صفين وبها النمر وتغلب متساندين، فأغاروا عليهم حتى رموا بطائفة منهم في الماء، فناشدوهم فلم يقلعوا عنهم، وجعلوا ينادونهم: الغرق الغرق! وجعل عتيبة وفرات يذمرون الناس، وينادونهم: تغريق بتحريق - يذكرونهم يومًا من أيامهم في الجاهلية أحرقوا فيه قومًا من بكر بن وائل في غيضة من الغياض - ثم انكفئوا راجعين إلى المثنى، وقد غرقوهم.
ولما تراجع الناس إلى عسكرهم بالأنبار وتوافى بها البعوث والسرايا، انحدر بهم المثنى إلى الحيرة، فنزل بها. وكانت تكون لعمر رحمه الله العيون في كل جيش، فكتب إلى عمر بما كان في تلك الغزاة، وبلغه الذي قال عتيبة وفرات يوم بني تغلب والماء؛ فبعث إليهما فسألهما، فأخبراه أنهما قالا ذلك على وجه أنه مثل، فحلفا أنهما ما أرادا بذلك إلا المثل وإعزاز الإسلام، فصدقهما وردهما حتى قد ما على المثنى.
ذكر الخبر عما هيج أمر القادسية
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن عبد الله بن سواد بن نويرة، عن عزيز بن مكنف التميمي ثم الأسيدي، وطلحة بن الأعلم الحنفي، عن المغيرة بن عتيبة بن النهاس العجلي، وزياد بن سرجس الأحمري، عن عبد الرحمن بن ساباط الأحمري، قالوا جميعًا: قال أهل فارس لرستم والفيرزان - وهما على أهل فارس، أين يذهب بكما! لم يبرح الاختلاف حتى وهنتما أهل فارس واطعمتما فيهم عدوهم! وإنه لم يبلغ من خطركما أن يقركما فارس على هذا الرأي، وأن تعرضاها للهلكة؛ ما بعد بغداد وساباط وتكريت إلا المدائن؛ والله لتجتمعان أو لنبدأن بكما قبل أن يشمت بنا شامت.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبيد الله بن محفز، عن أبيه، قال: قال أهل فارس لرستم والمسلمون يمخرون السواد: ما تنتظرون والله إلا أن ينزل بنا ونهلك! والله ما جر هذا الوهن علينا غيركم يا معاشر القواد! لقد فرقتم بين أهل فارس وثبطتموهم عن عدوهم. والله لولا أن في قتلكم هلاكنا لعجلنا لكم القتل الساعة، ولئن لم تنتهوا لنهلكنكم ثم نهلك وقد اشتفينا منكم.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد، قالوا: فقال الفيرزان ورسم لبوران ابنة كسرى: اكتبي لنا نساء كسرى وسراريه ونساء آل كسرى وسراريهم. ففعلت، ثم أخرجت ذلك إليهم في كتاب، فأرسلوا في طلبهن فلم يبق منهن امرأة إلا أتوابها، فأخذوهن بالرجال ووضعوا عليهن العذاب يستدلونهن على ذكر من أبناء كسرى، فلم يوجد عندهن منهم أحد، وقلن - أو من قال منهن: لم يبق إلا غلام يدعى يزدجرد من ولد شهريار بن كسرى، وأمه من أهل بادوريا. فأرسلوا إليها فأخذوها به، وكانت قد أنزلته في أيام شيرى حين جمعهن في القصر الأبيض، فقتل الذكور، فواعدت أخواله، ثم دلته إليهم في زبيل فسألوها عنه وأخذوها به، فدلتهم عليه، فأرسلوا إليه فجاءوا به فملكوه وهو ابن إحدى وعشرين سنة، واجتمعوا عليه، واطمأنت فارس واستوثقوا وتبارى الرؤساء في طاعته ومعونته فسمى الجنود لكل مسلحة كانت لكسرى أو موضع ثغر، فسمى جند الحيرة والأنبار والمسالح والأبلة. وبلغ ذلك من أمرهم واجتماعهم على يزدجرد المثنى والمسلمين، فكتبوا إلى عمر بما ينتظرون ممن بين ظهرانيهم، فلم يصل الكتاب إلى عمر حتى كفر أهل السواد؛ من كان له منهم عهد ومن لم يكن له منهم عهد، فخرج المثنى على حاميته حتى نزل بذى قار، وتنزل الناس بالطف في عسكر واحد حتى جاءهم كتاب عمر: أما بعد؛ فاخرجوا من بين ظهري الأعاجم، وتفرقوا في المياه التي تلي الأعاجم على حدود أرضكم وأرضهم، ولا تدعوا في ربيعة أحدًا ولا مضر ولا حلفائهم أحدًا من أهل النجدات ولا فارسًا إلا اجتلبتموه؛ فإن جاء طائعًا وإلا حشرتموه، احملوا العرب على الجد إذ جد العجم؛ فلتلقوا جدهم بجدكم.
فنزل المثنى بذي قار، ونزل الناس بالجل وشراف إلى غضى - وغضى حيال البصرة - فكان جرير بن عبد الله بغضى وسبرة بن عمرو والعنبرى ومن أخذ أخذهم فيمن معه إلى سلمان، فكانوا في أمواه الطف من أولها إلى آخرها مسالح بعضهم ينظر إلى بعض؛ ويغيث بعضهم بعضًا إن كان كون، وذلك في ذي العقدة سنة ثلاث عشرة.
حدثنا السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد بإسنادهم، قالوا: كان أول ما عمل به عمر حين بلغه أن فارس قد ملكوا يزدجرد، أن كتب إلى عمال العرب على الكور والقبائل، وذلك في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة مخرجة إلى الحج، وحج سنواته كلها: لا تدعا أحدًا له سلاح، أو فرس، أو نجدة، أو أرى إلا انتخبتموه، ثم وجهتموه إلى، والعجل العجل! فمضت الرسل إلى من أرسلهم إليهم مخرجة إلى الحج، ووافاه أهل هذا الضرب من القبائل التي طرقها على مكة والمدينة، فأما من كان من أهل المدينة على النصف ما بينه وبين العراق فوافاه بالمدينة مرجعه من الحج، وأما من كان أسفل من ذلك فانضموا إلى المثنى، فأما من وافى عمر فإنهم أخبروه عمن وراءهم بالحث.
وقال أبو معشر، فيما حدثنى الحارث، عن ابن سعد، عنه. وقال ابن إسحاق - فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عنه: الذي حج بالناس سنة ثلاث عشرة عبد الرحمن بن عوف.
وقد حدثني المقدمى، عن إسحاق الفروى، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: استعمل عمر على الحج عبد الرحمن بن عوف في السنة التي ولى فيها، فحج بالناس، ثم حج سنية كلها بعد ذلك بنفسه.
وكان عامل عمر في هذه السنة - على ما ذكر - على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص، وعلى اليمن يعلى بن منية، وعلى عمان واليمامة حذيفة بن محصن على البحرين العلاء بن الخضرمي الشأم أبو عبيدة بن الجراح، وعلى فرج الكوفة وما فتح من أرضها المثنى بن حارثة.
وكان على القضاء - فيما ذكر - علي بن أبي طالب. وقيل: لم يكن لعمر في أيامه قاض.
ثم دخلت سنة أربع عشرة
ذكر ابتداء أمر القادسية
ففي أول يوم من المحرم سنة أربع عشرة - فيما كتب إلى به السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد يإسنادهم - خرج عمر حتى نزل على ماء يدعى صرارًا، فعسكر به ولا يدري الناس ما يريد؛ أيسير أم يقيم. وكانوا إذا ارادوا أن يسألوه عن شئ رموه بعثمان أو بعبد الرحمن بن عوف؛ وكان عثمان يدعى في إمارة عمر رديفًا - قالوا: والرديف بلسان العرب الرجل الذي بعد الرجل، والعرب تقول ذلك للرجل الذي يرجونه بعد رئيسهم - وكانوا إذا لم يقدر هذان على علم شئ مما يريدون، ثلثوا بالعباس، فقال عثمان لعمر: ما بلغك؟ ما الذي تريد؟ فنادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إليه، فأخبرهم الخبر. ثم نظر ما يقول الناس، فقال العامة: سر وسر بنا معك؛ فدخل معهم في رأيهم، وكره أن يدعهم حتى يخرجهم منه في رفق، فقال: استعدوا وأعدوا فإني سائر إلا أن يجئ رأى هو أمثل من ذلك. ثم بعث إلى أهل الرأى، فاجتمع إليه وجوه أصحاب النبي وأعلام العرب، فقال: أحضروني الرأي فإني سائر. فاجتمعوا جميعًا، وأجمع ملؤهم على أن يبعث رجلًا من أصحاب رسول الله ويقيم، ويرميه بالجنود، فإن كان الذي يشتهي من الفتح، فهو الذي يريد ويريدون؛ وإلا أعاد رجلًا وندب جندًا آخر؛ وفي ذلك ما يغيظ العدو، ويرعوى المسلمون، ويجئ نصر الله بإنجاز موعود الله. فنادى عمر: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس إليه، وأرسل إلى على عليه السلام، وقد استخلفه على المدينة، فأتاه، وإلى طلحة وقد بعثه على المقدمة، فرجع إليه، وجعل على المجنبتين الزبير وعبد الرحمن بن عوف، فقام الناس فقال: إن الله عز وجل قد جمع على الإسلام أهله؛ فألف بين القلوب، وجعلهم فيه إخوانًا، والمسلمون فيما بينهم كالجسد لا يخلو منه شئ من شئ أصاب غيره؛ وكذلك يحق على المسلمين أن يكونوا أمرهم شورى بينهم وبين ذوى الرأى منهم؛ فالناس تبع لمن قام بهذا الأمر؛ ما اجتمعوا عليه ورضوا به لزم الناس وكانوا فيه تبعًا لهم، ومن أقام بهذا الأمر تبع لأولى رأيهم ما رأوا لهم ورضوا به لهم من مكيدة في حرب كانوا فيه تبعًا لهم. بأيها الناس، إني إنما كنت كرجل منكم حتى صرفني ذوو الرأي منكم عن الخروج، فقد رأيت أن أقيم وأبعث رجلًا، وقد أحضرت هذا الأمر؛ من قدمت ومن خلفت. وكان على عليه السلام خليفته على المدينة، وطلحة على مقدمته بالأعوص؛ فأحضرهما ذلك.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن كيسان، عن عمر بن عبد العزيز، قال: لما انتهى قتل أبي عبيد ابن مسعود إلى عمر، واجتماع أهل فارس على رجل من آل كسرى، ونادى في المهاجرين والأنصار؛ وخرج حتى أتى صرارًا، وقدم طلحة بن عبيد الله حتى بأتي الأعوص، وسمى لميمنته عبد الرحمن بن عوف، ولميسرته الزبير بن العوام، واستخلف عليًا رضي الله عنه على المدينة، واستشار الناس، فكلهم أشار عليه بالسير إلى فارس، ولم يكن استشار في الذي كان حتى نزل بصرار ورجع طلحة، فاستشار ذوى الرأي فكان طلحة ممن تابع الناس، وكان عبد الرحمن ممن نهاه، فقال عبد الرحمن: فما فديت أحدًا بأبي وأمي بعد النبي قبل يومئذ ولا بعده؛ فقلت: يا بأبي وأمي، اجعل عجزها بي وأقم وابعث جندًا، فقد رأيت قضاء الله لك في جنودك قبل وبعد، فإنه إن يهزم جيشك ليس كهزيمتك؛ وإنك إن تقتل أو تهزم في أنف الأمر خشيت ألا يكبر المسلمون وألا يشهدوا أن لا إله إلا الله أبدًا وهو في ارتياد من رجل؛ وأتى كتاب سعد على حفف كشورتهم؛ وهو على بعض صدقات نجد، فقال عمر: فأشيروا على برجل، فقال عبد الرحمن: وجدته، قال: من هو؟ قال: الأسد في براثنه؛ سعد بن مالك؛ ومالأه أولو الرأى.
كتب إلي السري عن شعيب، عن سيف، عن خليد بن ذفرة، عن أبيه، قال: كتب المثنى إلى عمر بإجتماع فارس على يزد جرد وببعوثهم، وبحال أهل الذمة. فكتب إليه عمر؛ أن تنح إلى البر، وادع من يليك، وأقم منهم قريبًا على حدود أرضك وأرضهم؛ حتى يأتيك أمري.
وعاجلتهم الأعاجم فزاحفتهم الزحوف، وثار بهم أهل الذمة؛ فخرج المثنى بالناس حتى ينزل الطف، ففرقهم فيه من أوله إلى آخره، فأقام ما بين غضى إلى القططقانة مسالحه، وعادت مسالح كسرى وثغوره، واستقر أمر فارس وهم في ذلك هائبون مشفقون، والمسلمون متدفقون قد ضروابهم كالأسد ينازع فريسته ثم يعادود الكر؛ وأمراؤهم يكفكفونهم بكتاب عمر وأمداد المسلمين.
كتب إلي السري بن يحيى، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر، عن سهل بن يوسف، عن القاسم بن محمد، قال: قد كان أبو بكر استعمل سعدًا على صدقات هوازن بنجد، فأقره عمر، وكتب إليه فيمن كتب إليه من العمال حين استنفر الناس أن ينتخب أهل الخيل والسلاح ممن له رأى ونجدة. فرجع إليه كتاب سعد بمن جمع الله له من ذلك الضرب؛ فوافق عمر وقد استشارهم في رجل، فشاروا عليه به عند ذكره.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة بإسنادهما، قالا: كان سعد بن أبي وقاص على صدقات هوزان، فكتب إليه عمر فيمن كتب غليه بانتخاب ذوى الرأى والنجدة ممن كان له سلاح أو فرس، فجاءه كتاب سعد: إني قد انتخبت لك ألف فارس مؤذ كلهم له نجدة ورأى، وصاحب حيطة يحوط حريم قومه، ويمنع ذمارهم، إليهم انتهت أحسابهم ورأيهم، فشأنك بهم. ووافق كتابه مشورتهم، فقالوا: قد وجدته، قال: فمن؟ قالوا: الأسد عاديًا، قال: من؟ قالوا: سعد، فانتهى إلى قولهم فأرسل إليه، فقدم عليه، فأمره على حرب العراق وأوصاه. فقال: يا سعد، سعد بنى وهيب؛ لا يغرنك من الله أن عز وجل لا يمحو السيئ؛ ولكنه يمحو السيئ بالحسن؛ فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته؛ فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء؛ الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عنده بالطاعة. فانظر الأمر الذي رأيت النبي منذ بعث إلى أن فارقنا فالزمة فإنه الأمر. هذه عظتى إياك إن تركتها ورغبت عنها حبط عملك؛ وكنت من الخاسرين.
ولما أراد أن يسرحه دعاه، فقال: إني قد وليتك حرب العراق فاحفظ وصيتى فإنك تقدم على أمر شديد كريه لا يخلص منه إلا الحق، فعود نفسك ومن معك الخير، واستفتح به. واعلم أن لكل عادة عتادًا، فعتاد الخير الصبر؛ فالصبر على ما أصابك أو نابك؛ يجتمع لك خشية الله. واعلم أن خشية الله تجتمع في أمرين: في طاعته واجتناب معصيته؛ وإنما أطاعه من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة، وعصاه من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة؛ وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاء؛ منها السر، ومنها العلانية؛ فأما العلانية فأن يكون حامده وذامه في الحق سواء، وأما السر فيعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه، وبمحبة الناس؛ فلا تزهد في التحبب فإن النبيين قد سألوا محبتهم؛ وإن الله إذا أحب عبدًا حببه؛ وإذا أبغض عبدًا بغضه. فاعتبر منزلتك عند الله تعالى بمنزلتك عند الناس، ممن بشرع معك في أمرك. ثم سرحه فيمن اجتمع إليه بالمدينة من نفير المسلمين. فخرج سعد بن أبي وقاص من المدينة قاصدًا العراق في أربعة آلاف؛ ثلاثة ممن قدم عليه من اليمن والسراة؛ وعلى أهل السروات حميضة بن النعمان بن حميضة البارقى؛ وهم بارق وألمع وغامد وسائر إخوانهم؛ وفي سبعمائة من أهل السراة، وأهل اليمن ألفان وثلاثمائة؛ منهم النخع بن عمرو، وجميعهم يومئذ أربعة آلاف؛ مقاتلهم وذرارتهم ونساؤهم؛ وأتاهم عمر في عسكرهم؛ فأرادهم جميعًا على العراق، فأبوا إلا الشأم، وأبى إلا العراق، فسمح نصفهم فأمضاهم نحو العراق، وأمضى النصف الآخر نحو الشأم.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن حنش النخعي، عن أبيه وغيره منهم، أن عمر أتاهم في عسكرهم؛ فقال: إن الشرف فيكم يا معشر النخع لمتربع، سيروا مع سعد. فنزعوا إلى الشأم، وأبى إلا العراق، وأبوا إلا الشأم؛ فسرح نصفهم إلى الشأم؛ فسرح نصفهم إلى الشأم ونصفهم إلى العراق.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة والمستنير وحنش؛ قالوا: وكان فيهم من حضرموت والصدف ستمائة؛ عليهم شداد بن ضمعج، وكان فيهم ألف وثلثمائة من مذحج، على ثلاثة رؤساء: عمرو بن معد يكرب على بني منبه، وأبو سبرة بن ذؤيب على جعفى ومن في حلف جعفى من إخوة جزء وزبيد وأنس الله ومن لفهم، ويزيد بن الحارث الصدائي على صداء وجنب ومسلية في ثلثمائة؛ هؤلاء شهدوا من مذحج فيمن خرج من المدينة مخرج سعد منها، وخرج معه من قيس عيلان ألف بشر بن عبد الله الهلالي.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبيدة، عن إبراهيم، قال: خرج أهل القادسية من المدينة، وكانوا أربعة آلاف؛ ثلاثة آلاف منهم من أهل اليمن وألف من سائر الناس.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وسهل، عن القاسم، قالوا: وشيعهم عمر من صرار إلى الأعوص، ثم قام في الناس خطيبًا، فقال: إن الله تعالى إنما ضرب لكم الأمثال، وصرف لكم القول، ليحيى به القلوب؛ فإن القلوب ميتة في صدورها حتى يحييها الله؛ من علم شيئًا فلينتفع به؛ وإن للعدل أمارات وتباشير؛ فأما الأمارات فالحياء والسخاء والهين واللين، وأما التباشير فالرحمة وقد جعل الله لكل أمر بابًا ويسر لكل باب مفتاحًا، فباب العدل الإعتبار ومفتاحه الزهد. والإعتبار. ذكر الموت بتذكر الأموات، والاستعداد له بتقديم الأعمال، والزهد أخذ الحق من كل أحد قبله حق، وتأديه الحق إلى كل أحد له حق. ولا تصانع في ذلك أحدًا، واكتف بما يكفيك من الكفاف؛ فإن من لم يكفه الكفاف لم يغنه شئ. إني بينكم وبين الله؛ وليس بيني وبينه أحد؛ وإن الله قد ألزمني دفع الدعاء عنه، فأنهوا شكاتكم إلينا؛ فمن لم يستطع فإلى من يبلغناها نأخذ له الحق غير متعتع. وأمر سعدًا بالسير، وقال: إذا انتهت إلى زرود فانزل بها؛ وتفرقوا فيما حولها، واندب من حولك منهم، وانتخب أهل النجدة والرأى والقوة والعدة.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن سوقة، عن رجل، قال: مرت السكون مع أول كندة مع حصين بن نمير السكوني ومعاوية بن حديج في أربعمائة؛ فاعترضهم؛ فإذا فيهم فتية دلم سباط مع معاوية بن حديج، فأعرض عنهم، ثم أعرض، ثم أعرض؛ حتى قبل له: مالك ولهؤلاء! قال: إني عنهم لمتردد، وما مر بي قوم من العرب أكره إلى منهم. ثم أمضاهم، فكان بعد يكثر أن يتذكرهم بالكراهية، وتعجب الناس من رأى عمر. وكان منهم رجل يقال له سودان بن حمران، قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ وإذا منهم حليف لهم يقال له خالد بن ملجم، قتل علي بن أبي طالب رحمه الله؛ وإذا منهم معاوية بن حديج؛ فنهض في قوم منهم يتبع قتلة عثمان يقتلهم؛ وإذا منهم قوم يقرون قتلة عثمان.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، عن ماهان، وزياد بإسناده، قالوا: وأمد عمر سعدًا بعد خروجه بألفى يماني وألفى نجدي مؤد من غطفان وسائر قيس، فقدم سعد زرود في أول الشتاء، فنزلها وتفرقت الجنود فيما حولها من أمواه بني تميم وأسد، وانتظر اجتماع الناس، وأمر عمر، وانتخب من بني تميم والرباب أربعة آلاف؛ ثلاثة آلاف تميمي وألف ربي؛ وانتخب من بني أسد ثلاثة آلاف، وأمرهم أن ينزلوا على حد أرضهم بين الحزن والبسيطة، فأقاموا هنالك بين سعد بن أبي وقاص وبين المثنى بن حارثة، وكان المثنى في ثمانية آلاف؛ من ربيعة ستة آلاف من بكر بن وائل، وألفان من سائر ربيعة أربعة آلاف ممن كان النحت بعد فصول خالد زأربعة آلاف كانوا معه ممن بقي يوم الجسر وكان معه من أهل اليمن ألفان من بحيلة، وألفان من قضاعة وطيئ ممن النتخبوا إلى ما كان قبل ذلك، على طيئ عدي بن حاتم، وعلى قضاعة عمرو بن وبرة، وعلى بجيلة جرير بن عبد الله، فبينا الناس لذلك سند يرجو أن عليه عليه المثنى، والمثى يرجو أن يقدم عليه سعد، مات المثنى من جراحته التي كان جرحها يوم الجسر، انتفضت به؛ فاستخلف المثنى على الناس بشير بن الخصاصية، وسعد يومئذ بزرود، ومع بشير يومئذ وجوه أهل العراق، ومع سعد وفود أهل العراق الذين كانوا قدموا على عمر، منهم فرات بن حيان العجلي وعتيبة، فردهم مع سعد.
كتب إلى السسرى، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بإسناده، وزياد عن ماهان، قالا: فمن أجل ذلك اختلف الناس في عدد أهل القادسية، فمن قال: اربعة آلاف فلمخرجهم مع سعد من المدينة، ومن قال: ثمانية آلاف فلاجتماعهم يزرود، ومن قال: تسعة آلاف فللحاق القيسيين، ومن قال: اثنا عشر ألفًا فلدفوف بني أسد من فروع الحزن بثلاثة آلاف. وأمر سعدًا بالإقدام، فأقام ونهض إلى العراق وجموع الناس بشراف، وقدم عليه مع قومه شراف الأشعث بن قيس في ألف وسبعمائة من أهل؛ فجميع من شهد القادسية بضعة وثلاثون ألفًا، وجميع من قسم عليه فئ القادسية نحو من ثلاثين ألفًا.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبد الملك بن عمير، عن زياد، عن جرير، قال: كان أهل اليمن ينزعون إلى الشأم؛ وكانت مضر تنزع إلى العراق، فقال عمر: أرحامكم أرسخ من أرحامنا! ما بال مضر لا تذكر أسلافها من أهل الشأم! كتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي سعد بن المرزبان، عمن حدثه، عن محمد بن حذيفة بن اليمان، قال: لم يكن أحد من العرب أجرأ على فارس من ربيعة، فكان المسلمون يسمونهم ربيعة الأسد إلى ربيعة الفرس، وكانت العرب في جاهليتها تسمى فارس الأسد ولاروم الأسد.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن طلحة، عن ماهان، قال: قال عمر: والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب؛ فلم يدع رئيسًا، ولا ذا رأي، ولا ذا شرف، ولا ذا سطة ولا خطيبًا؛ ولا شاعرًا؛ إلا رماهم به، فرماهم بوجوه الناس وغررهم.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عمرو، عن الشعبي، قال: كان عمر قد كتب إلى سعد مرتحله من زرود؛ أن ابعث إلى فرج الهند رجلًا ترضاه يكون بحياله، ويكون ردءًا لك من شئ إن أتاك من تلك التخوم؛ فبعث المغيرة بن شعبة في خمسمائة؛ فكان بحيال الأبلة من أرض العرب؛ فأتى غضيًا، ونزل على جرير؛ وهو فيما هنالك يومئذ. فلما نزل سعد بشراف، كتب إلى عمر بمنزله وبمنازل الناس فيما بين غضى إلى الجبانة، فكتب إليه عمر: إذا جاءك كتابي هذا فعشر الناس وعرف عليهم، وأمر على أجنادهم، وعبهم، ومرو رؤساء المسلمين فليشهدوا، وقدر هم وهم شهود؛ ثم وجههم إلى اصحابهم، وواعدهم القادسية؛ واضمم إليك المغيرة بن شعبة في خيلة؛ والتب إلى بالذي يستقر عليه أمرهم.
فبعث سعد إلى المغيرة؛ فانضم إليه وغلى رؤساء القبائل، فأتوه، فقدر الناس وعباهم بشراف، وأمر أمراء الأجناد، وعرف العرفاء؛ فعرف على كل عشرة رجلًا، كما كانت العرافات أزمان النبي ، وكذلك كانت إلى أن فرض العطاء، وأمر على الرايات رجالًا من أهل السابقة، وعشر الناس، وأمر على الأعشار رجالًا من الناس لهم وسائل في الإسلام، وولى الحروب رجالًا، فولى على مقدماتها ومجنباتها وساقتها ومجرداتها وطلائعها ورجلها وركبانها، فلم بفصل إلا على تعبية، ولم بفصل منها إلا بكتاب عمر وإذنه؛ فأما أمراء التعبية، فاستعمل زهرة بن عبد الله بن قتادة بن الحوية بن مرثد بن معاوية بن معن بن مالك بن أرثم بن جشم بن الحارث الأعرج؛ وكان ملك هجر قد سوده في الجاهلية، ووفده على النبي ، فقدمه، ففصل بالمقدمات بعد الإذن من شراف؛ حتى انتهى إلى العذيب، واستعمل على الميمنة عبد الله بن المعتم، وكان من أصحاب النبي ، فتممهم طلحة بن عبيد الله عشرة؛ فكانوا عرافة، واستعمل على الميسرة شرحبيل بن السمط بن شرحبيل الكندي - وكان غلامًا شابًا، وكان قد قاتل أهل الردة، ووفى الله، فعرف ذلك له، وكان قد غلب الأشعث على الشرف فيما بين المدينة؛ إلى أن اختلطت الكوفة وكان أبوه ممن تقدم إلى الشأم مع أبي عبيدة بن الجراح - وجعل خليفة خالد ابن عرفطة، وجعل عاصم بن عمرو التيمي ثم العمري على الساقة، وسواد بن مالك التيمي على الطلائع، وسلمان بن ربيعة الباهلي على المجردة، وعلى الرجل حمال بن مالك الأسدي، وعلى الركبان عبد الله بن ذي السهمين الخثعمي، فكان أمراء التعبية يلون الأمير، والذين يلون أمراء الأعشار، والذين يلون أمراء الأعشار أصحاب الرايات، والذين يلون أصحاب الرايات والقواد رءوس القبائل وقالوا جميعًا: لا يستعين أبو بكر في الردة ولا على الأعاجم بمرتد، واستنفرهم عمر ولم يول منهم أحدًا.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)