بقلم /د.محمد بن عبد الرحمن العريفي20/4/1426هـ
في جزيرة الكنز لم تكن سارة تختلف كثيراً عن بنات جنسها .. وجه جميل .. وقوام رائع .. وطلعة بهية .. منذ صغرها كانت متميزة .. وكانت أمها حريصة على أن تتميز في كل شيء .. كانت غالية على قلبها .. تخاف عليها من نسمات الهواء .. ولم تكن الأوضاع في جزيرة الكنز تختلف كثيراً عن الأوضاع في كثير من بلاد المسلمين .. فإذا سرت في الشارع .. رأيت المساجد شاهقة المآذن .. ووجوه المسلمين المشرقة تملأ الشوارع بهجة وجمالاً .. كانت قلوب الرجال مليئة غيرة ومروءة .. فلم يكن أحد يجرؤ أن يلطخ سمعته بالتعرض لامرأة في طريق أو حافلة .. وكانت النساء كذلك يلفهن غطاء الحياء .. وينشأن عليه ..
كانت أكثر النساء يلتزمن الحجاب الشرعي .. يحمين أنفسهن من النظرات الزائغة .. والأيدي الطويلة .. والأرقام المشبوهة .. والكلمات الجارحة .. كان في الجزيرة عالم مشهور يحبه الناس كباراً وصغاراً .. يحبه الملوك والأمراء .. والكبراء والوزراء .. كان قد أوتي من القبول ما يجعل الجميع يصدرون عن رأيه .. ولا يخالفون قوله .. كان عالماً ورعاً جليلاً .. يمضي ليله ونهاره فيما يقربه إلى من في السماء جل جلاله .. في جزيرة الكنز .. لو قدر لك أن تفتح التلفاز .. لما رأيت مغنية تشدوا : يا ليل يا عين !! ولا رأيت فيديو كليب يتمايل فيها مطرب راقص قد أسدل شعرات ناعمة على عينيه ونمص حاجبيه وحَقَنَ " السيليكون " في شفتيه !! لا .. لا ترى ذلك في تلفاز جزيرة الكنز .. بل حتى الدعايات التلفازية لا تكاد ترى فيها امرأة !! لا متبرجة ولا غيرها .. كانت الحياة في جزيرة الكنز جميلة وادعة .. لم يكن الناس يختلفون في مسائل الدين .. كان العالم إذا أفتى قبل الناس فتواه وانساقوا إليها راضين .. وخطيب الجمعة إذا وجه .. تلقى المصلون توجيهه بالقبول .. والداعية إذا وعظ .. تأثر الناس وأصلحوا أحوالهم .. لم يكن يصل إلى هذه الصفوة من الناس أي تأثير خارجي .. إلا دعوات خافتة تنبعث من أفواه من تشربوا بأسلوب حياة آخر .. وفكر عدو !! نعم كانت بعض الوسائل الإعلامية تؤثر على استحياء لزرع الفساد .. من خلال مجلة فاسدة .. أو قنوات ماجنة .. لكن تأثيرها كان قليلاُ .. أو قل : كان سطحياً .. مرت السنوات .. وتطورت وسائل الاتصال .. وصار يصل إلى الناس في جزيرة الكنز بث فضائي مباشر .. ينقل إلى أهلها الوادعين العفيفين .. ثقافات أقوام لا يحكمهم دين ولا عرف ولا مروءة .. بدأ أصحاب الجزيرة يشاهدون قوماً يعيشون كالبهائم .. بل هم أضل !! أكل وشرب ونوم .. لا صلاة ولا صيام ولا غض بصر ولا حفظ فرج ..بدأت النساء العفيفات في جزيرة الكنز يرين نساءً لم يكتفين بالسفور عن وجوههن بل سفرن عن سوقهن وأفخاذهن .. بل وربما في بعض الأحيان سفرن عن غير ذلك .. كان ذاك العالم الجليل يصرخ بقومه : اتقوا الله .. غضوا أبصاركم عن هؤلاء .. احذروا من تقليدهم .. تمسكوا بدينكم .. كان يركز على النساء أكثر .. لا تهتكي حجابك .. هو والله عزك .. أنت جوهرة لا ينبغي لكل أحد أن ينظر إليك .. أنت ملكة .. أنت أمنا وأختنا وابنتنا .. أنت .. كان – رحمه الله – يمسك بحجزهم عن السقوط في الهاوية .. وكان غيره من العلماء يفعلون ذلك .. من خلال أحاديث إذاعية .. ولقاءات تلفازية .. وخطب جمعة .. وكتب وأشرطة .. يخافون أن تنخرق السفينة .. فتغرق .. كان الناس يتقبلون منهم .. ويحبونهم .. مرت السنوات .. ولحق ذاك العالم بربه .. ومات آخر .. وثالث .. ورابع .. وبقي العلماء الأحياء يكملون المسيرة المباركة .. ويحرسون السفينة من الغرق .. ظل الأعداء يصرخون .. أيها الناس التفتوا إلينا .. نحن في متعة وسرور .. الشاب بجانب الفتاة .. وهي تتمتع بتكشفها !! في كل مكان .. انظروا إليها بـ " البكيني " على شاطئ البحر !! تتمتع بالجو الجميل .. وأشعة الشمس تداعب جلد فخذيها !! انظروا إليها في الطائرة تتمتع بحريتها فتخدم المسافرين .. انظروا إليها في مطاعمنا .. تبرز مفاتنها .. وتخدم الزبائن .. انظروا إليها في .. كانت هذه الدعوات الماجنة تصل إلى النساء في جزيرة الكنز .. لكنها لا تلقى قبولاً .. لأن الذين أطلقوها أغبياء .. لا يعلمون من أين تؤكل الكتف .. فنساء عفيفات طاهرات محصنات .. تربت الواحدة منهن منذ أن كانت في مهدها على أن لا تبدي زينتها للرجال .. ولو خرج طرف أصبعها لرجل أجنبي عنها .. لضاق صدرها .. واضطرب مزاجها .. فكيف بالله تريدونها أن تخرج وجهها أو ترمي عنها عباءتها .. أووووه يا للهول
متـــــــــى
الزفاف ياعروس الربيع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)