الحُكماء: الجودُ بَذْل المَوْجود والبُخل بَطَر بالمَعْبود عزّ وجلّ. قالت أُمُّ جعفر زُبيدة بنت جعفر للمأمون حين دَخلت عليه بعد قتْل ابنها: الحمد لله الذي ادّخرك لي لمَّا أثكَلني وَلَدي ما ثكِلت ولداً كنتَ لي عوضاً منه. فلما خرجَت قال المأمون لأحمد بن أبي خالد: ما ظننتُ أن نِساءَ جُبلن على مِثل هذا الصَّبر". وقال أبو جَعفر لعمرو بن عُبيد: أعنِّي بأصحابك يا أبا عُثمان قال: ارفع عَلَم الحقّ يَتْبعك أهلُه.
آفات البلاغة
قال محمد بن منصور كاتبُ إبراهيم وكان شاعراً راوياً وطالباً للنحو عَلامة قال سمعتُ أبا دُواد " بن جرير الإيادي " وجَرى شيء من ذِكْر الخُطَب وتَمْييز الكلام فقال: تَلْخيصُ المَعاني رِفق والاستعانة بالغَريب عَجْز والتَّشادُق في غير أهل البادية نَقْص والنَّظر في عُيون الناس عِيّ ومَسُ اللِّحية هَلَع والخُروج عما بُني عليه الكلام إسْهاب. قال: وسمعتهُ يقول: رَأْسُ الخَطابة الطبْع وعَمُودها الدربة " وجناحاها رواية الكلام " وحَلْيُها الِإعراب وبَهاؤها تخيّر اللَفظ والمَحبَّة مَقرونة بقلّة الاستكراه. وأنشدني بيتاً في خُطباء إياد: يَرْمُون بالخُطب الطِّوال وتارةً وَحْي المَلاَحظ خِيفَةَ الرُّقباءِ وقال ابن الأعرابيّ: قلتُ للفَضْل: ما الايجاز عندك قال: حَذْف الفُضول وتَقْريب البَعيد. وتكلم ابن السمَّاك يوماً وجارية له تَسمعِ " كلامه " فلما دخل " إليها " قال لها: كيف سمعتِ كلامي " قالت: ما أَحسنه! لولا أنك تُكْثِر ترْدادَه! قال: أرِدده حتى يَفهمه مَن لم يفهمه " قالت: إلى أن تًفَهِّمه من لم يَفْهمه يكون " قد " مَلَّه من فَهمِه.
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
باب الحلم ودفع السيئة بالحسنة
قال الله تبارك وتعالى: " وَلاَ تَسْتَوِى الحسنةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَن فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَة كأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيم. وَمَا يُلَقَاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوَا وَمَا يُلًقّاهَا إِلا ذو حظٍّ عَظِيم ". وقال رجل لعمرو بن العاص: والله لأتفرَّغنَّ لك قال: هنالك وقعت في الشغل قال: كأنك تهددني والله لئن قلت لي كلمة لأقولنِّ لك عشراً قال: وانت والله لئن قلت لي عشراً لم اقل لك واحدة وقال رجل لأبي بكر رضي الله عنه: واللهّ لأَسُبَّنك سبًّا يَدْخل القبرَ معك قال: معك يَدْخل لا مَعي. وقيل لعمرو بن عُبيد: لقد وَقع فيك اليومَ أيّوب السِّخْتِياني حتى رَحِمناك قال: إياه فارحموا. وشَتم رجلٌ الشَعبَيّ فقال له: إن كنتَ صادقاً فغَفر اللهّ لي وإن كنتَ كاذباً فغفر الله لك. وشَتم رجلٌ أبا ذَرًّ فقال: يا هذا لا تُغْرق في شَتْمنا ودَعْ للصُّلح مَوْضعاً فإنا لا نًكافيء مَن عمى الله فينا بأكثر من أن نُطيع الله فيه. ومَرَّ المَسيح بن مَرْيم عليه الصلاةُ والسلام بقوم من اليهود فقالوا له شرًّا فقال خيراَ فقيل له: وقال الشاعر: ثَالَبني عَمْرٌو وثَالبته فأُثِّم المَثْلوب والثَّالبُ قلتُ له خيراً وقال الخنى كل على صاحبِه كاذِب وقال آخر. وذي رَحِمٍ قَلّمْت أَظفار ضغنه بِحِلْميَ عنه حين ليس له حِلْمُ إذا سُمْتهُ وَصْلَ القَرابة سامَني قطيعَتها تلك السّفاهة والِإُثم فداويتُه بالحِلْم والمَرْءُ قادرٌ على سَهْمه ما كان في كَفِّه السًهم " وعن النبي : ما تجرّع عَبد في الدنيا جرْعةً أحب إلى اللهّ من جَرْعة غيظ رَدّها بحِلْم أو جَرْعة مُصيبة ردها بصَبْر " وكتب رجل إلى صديق له وبلَغه أنه وَقع فيه: لئن ساءَني أن نِلْتِني بمَساءةٍ لقد سَرَّني أَنِّي خَطّرْتُ ببالك وأنشد طاهرُ بن عبد العزيز: إذا ما خَليلي أَسا مَرَّةً وقد كان فيما مضى مُجْمِلاَ ذكرتُ المقدم من فِعْلهِ فلم يفسد الآخرُ الأوّلا قيل للأحنف بن قيس: ممنِ تعلَّمت الحِلْم قال: من قيس بن عاصم المِنْقريّ رأيتهُ قاعداً بفِناء داره مُحْتبياَ بحمائل سَيْفه يُحَدِّث قَومه حتى أُتي برجُل مكتوف ورجُل مقتول فقيل له: هذا ابن أخيك قَتل ابنك فوالله ما حَل حَبْوته ولا قطَع كلامه ثم التفت إلى ابن أخيه فقال له: يا بن أخي أَثِمت برّبك ورَمَيت نفسَك بسَهْمك وقتلتَ ابن عمك. ثم قال لابن له آخر: قم يا بني فوارِ أخاك وحُلّ كِتاف ابن عمك وسُق إلى أُمِّه مائة ناقة ديةَ ابنها فإنها غَريبة ثم أنشأ يقول: إِنِّي امرؤ لا شائنٌ حَسَبي دَنَس يهجنه ولا أفْنُ من مِنْقرٍ في بيت مكْرُمة والغُصن يَنْبُت حولَه الغُصْن خطباء حي يقول قائلُهم بيضُ الوُجوه أعفّه لُسْن لا يفطنون لعَيْب جارهمُ وهمُ لحفْظ جِواره فُطْنُ وقال رجل للأحنف بن قَيْس: علِّمني الْحِلم يا أبا بَحْر قال: هو الذُّل يا بن أَخي أَفتصبر عليه وقال الأحنف: لستُ حليماً ولكنّي أتحالم. وقيل " له ": مَن أَحلمُ: أنت أم معاوية قال: تا لله ما رأيتُ أجهلَ منكم إنّ معاويةَ يَقْدِر فيَحْلُم وأنا أَحلُم ولا أقدِر فكيف أُقاس عليه أو أُدانيه! قال: إن شئتَ أخبرتُك بخَلَّة وإن شئت بخَلَّتين وإن شئت بثلاث قال: فما الخَلَّة قال: كان أَقوى الناس على نفسه قال: فما الخلتان قال: كان مُوَقّي الشر مُلَقّي الخَيْر قال: فما الثلاث قال: كان لا يجهل ولا يبْغي ولا يَبْخل. وقيل لقَيْس بن عاصم: ما الْحِلم قال: أن تَصِل مَن قطَعك وتُعْطي مَن حرَمَك وتعفو عَمَّن ظلَمك. وقالوا: ما قرن شيء إلى شيء أَزينُ من حِلْم إلى عِلْم ومن عَفْو إلى قُدْرة. وقال لُقمانُ الحكيم: ثلاثة لا تَعْرفهم إلا في ثلاثة: لا تعرف الحليم إلا عند الغضب ولا الشجاع إلا عند الحَرْب ولا تَعْرف أخاك إلا إذا احتجت إليه. وقال الشاعر: ليْست الأحلامُ في حي الرِّضا إنما الأحلامُ في حين الغَضَبْ وفي الحديث. أقرب ما يكون المَرْء من غَضَب الله إذا غَضِب. وقال الحسن: المؤْمن حَليم لا يَجهل وإن جُهل عليه وتلا قولَ الله عز وجلَّ: " وَإذَا خاطَبَهُمْ الجاهلونَ قَالُوا سَلاماً ". وقال معاوية: إني لأستحي من ربيِّ أن يكون ذَنْبٌ أعظمَ من عفوي أو جَهْل أكبرَ من حِلْمي وقال مُؤَرِّق العِجْليّ: ما تكلّمت في الغَضب بكلمة ندمتُ عليها في الرِّضا. وقال يزيدُ بن أبي حَبيب: إنما غَضَبي في نَعْليّ فإذا سمعت ما أكره أخذتُهما ومَضيت. وقالوا: إذا غَضِب الرجلُ فَلْيَسْتَلق على قفاه وإذا عَيِيَ فَليرَاوح بين رِجْلَيْهِ. وقيل للأحنف: ما الحِلْم فقال: قوْل إن لم يكنِ فعل وصَمْت إن ضَرَّ قوْل. وقال " أمير المؤمنين " علِيٌ بن أبي طالب رضي الله عنه: مَن لانَتْ كلمته وجبت مَحبَّتهُ. وقال: حِلْمك على السًفيه يكثر أنصارك عليه. وقال الأحنف: مَن لم يصبر على كلمة سَمِع كلمات. وقال: رب غَيْظ تجرعته مخافةَ ما هو أشدُّ منه وأنشد: رَضيتُ بِبَعْض الذُّلِّ خوفَ جميعه كذلك بعضُ الشر أهونُ من بَعْض وأسمع رجلٌ عمر بن عبد العَزيز بعضَ ما يَكْره فقال لا عليك إنّما أردتَ أن يَسْتِفزَّني الشيطانُ بعزة السلطان فأنال منك اليوم ما تنالُه مني غداً انصرفْ إذا شئت. وقال الشاعرُ في هذا المعنى: لَنْ يًدْرِك المجدَ أقوامٌ وإن كَرُموِا حتى يَذِلُوا وإن عَزُوا لأقوام ويُشْتَموا فترَى الألوانَ كَاسفةَ لا ذلَ عَجْزٍ ولكنْ ذُلِّ أحْلام إذا قِيلت العوراءُ أغضى كأنّه ذَلِيل بلا ذُلِّ ولو شاء لانتصرْ وأحسن بيْت في الحِلْم قولُ كَعْب بنِ زُهير: إذا أنت لم تُعْرِض عن الجهل والخَنَى أصبتَ حَليماً أو أصابك جاهلُ وقال الأحنفُ آفةُ الحِلْم الذّلّ. وقال لا حِلْم لمَن لا سَفِيه له. وقال: ما قلَّ سُفهاء قَوْم إلا ذَلْوا. وأنشد: لابدَّ للسًّودد من رِماح ومِن رِجالٍ مُصَّلَتي السِّلاح يُدَافعون دونه بالرَّاح ومِنْ سَفيهٍ دائم النباح وقال النَابغة الجعديّ: ولا خير في حِلْمٍ إذا لم تَكُنْ له بَوادرُ تَحُمِي صَفْوَه أن يُكَدَرَا " ولا خَير في جَهْل إذا لم يَكُن له حَلِيم إذا ما أَوْرد الأمر أصْدرا " ولمّا أنشدَ هذين البيتن للنبي قال: لا يَفْضُض اللهّ فاك " قال ": فعاش مائة وثلاثين سنةً لم تَنْغَضْ له ثَنيَّة. وقالوا: لا يَظهر الحِلْم إلاِّ مع الانتصار كما لا يَظهر العَفو إلاّ مع الاقْتدار. وقال الأصمعيّ: سمعتُ أعرابيَّاً يقول: كَان سِنانُ بن أبي حارثة أحلمَ من فَرْخ الطائر قلت: وما حِلْم فرخ الطائر قال: إنّه يخرج من بَيْضة في رأس نِيق ولا يتحوَل حتى يتوفّر ريشه ويَقْوى على الطيران. " وللأشْنَنْدانيّ: وفي اللّين ضَعْفٌ والشَّراسة هَيْبةٌ ومَن لا يُهَب يُحْمَل على مَرْكب وَعْرِ وللفقر خيرٌ من غِنى في دَنَاءَةً ولَلْمَوتُ خيرٌ من حياة على صُغر وما كُلَّ حين يَنْفع الْحِلْمُ أَهْلَه ولا كُلَّ حالٍ يَقْبُح الْجَهلُ بالصَّبر وما بي عَلى مَن لان لي مِنْ فَظَاظَةٍ ولكنّني فَظّ أَبيٌّ على القَسرْ وقَال آخر في مَدح اَلحِلْم: إني أرى الحِلْم مَحْمُوداً عواقبُه والجَهْلُ أفنَى من الأقوام أقوامَا ولسَابق: ألمِ تَرَ أنّ الحِلْم زَيْنٌ مُسَوِّدٌ لصاحبه والجَهْلَ لِلْمرء شائِنُ فكن دافناً للجهل بالحِلْم تَسْتَرح من الجهل إنّ الحِلم للجَهْل دافِنُ ولغيره: فيا ربِّ هَبْ لي منك حَلماً فإنني أرى الحِلْم لم يندم عليه حليم وقال بعضً الحُكماء: ما حَلا عِنْدي أفضل من غَيْظ أتجرّعه. وقال بعضهم: وفي الحِلم رَدْعٌ للسَّفِيه عن الأذى وفي الخُرْق إغراءٌ فَلا تَكُ أَخْرَقَا فَتَنْدَمَ إذ لا تَنْفَعَنْك ندامةٌ كما ندِم المَغْبُونُ لَمَا تَفَرَّقا وقال علي عليه السلام: أوّل عِوَض الحَليم عن حِلْمه أن الناسَ أنصارُه على الجاهل. سُئل كِسْرى أنو شرِوان: ما قَدْر الحِلْم فقال: وكيف تَعْرِفُ قَدْر ما لم يَرَ كَمَالَه أحد. وقال مُعاوية لخالد بن المُعَمَّر: كيف حُبُّك لعليّ بن أبي طالب عليه السلامُ قال: أُحِبّه لثلاثِ خِصال: على حِلمه إذا غَضِب وعلى صِدقة إذا قال وعلى وَفائه إذا وَعد. وكان يُقال: ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه استَكْمل الإيمان: من إذا غَضِب لم يُخْرِجْه غَضَبُه عن الحقّ ومَن إذا رَضيَ لَم يُخرِجه رِضاهُ إلى الظلم والباطل ومن إذا قَدَر لم يَتَناول ما ليس له. وقال عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه: إذا سَمعت الكلمةَ تُؤْذِيك فطَأْطِىء لها حتى تَتخطاك. وقال الحسنُ: إنما يُعْرف الحِلم عند الغَضَب. فإذا لم تَغْضب لم تَكن حِليماً وقال الشاعر: وليس يَتِمًّ الحِلْم لِلمَرْء راضِياً إذا هو عند السُّخط لم يَتَحِلَّم وقال بعضُ الحكماء: إنّ أفضلَ وادٍ تُرى به الحِلْمُ فإذا لم تكن حَلِيماً فتحلّم فإذا لم تكن عَلِيماً فتعلِّم فقلَّما تشبَّه رجلٌ بقَوْم إلا كان منهم. وقال بعضُهم: الحِلم عُدَّة على السّفيه لأنك لا تُقابل سفيهاً بالإعراض عنه والاستخفاف بفِعْله إلا أَذْللتَه. ويقال: ليس الحَلِيم مَن ظُلِم فَحَلُم حتى إذا قَدَر انْتَقم ولكنَّ الحَلِيم من ظُلِم فَحَلُم ثمّ قَدَر فَعَفا. وللأحنف أو غيره: ولربما ضحِك الحَليمُ من الأذىَ وفؤادهُ من حَرِّه يَتأَوَّهُ ولرًبَّما شَكَلَ الحليمُ لسانَهَ حَذَرَ الجواب وَإنّه لمُفَوَّه وقيل: ما استَبَ اثنان إلا غَلب ألأمُهما. وقال الأحنف: وجدتُ الحلم أنصرَ لي من اِلرِّجال. وقال بعضهم: إيّاك وعِزَّةَ الغَضب فإنها تصَيرك إلى ذلّ الاعتذار. وقيل: مَن حَلُم ساد ومَن تَفهَّم ازداد. وقال الأحنف: ما نازعني أحد قط إلا أخذتُ أمري بإحدى ثلاث: إن كان فوقي عرفتُ قدرَه وإن كان دُوني أكرمتُ نفسي عنه وإن كانَ مثلي تفَضَّلت عليه. ولقد أَحْسن الذي أخذ هذا المعنى فَنَظَمه فقال: إذا كان دُوني مَنْ بُليت بجَهْله أَبَيْتُ لِنَفْسي أن تُقَارع بالجَهْل وإن كان مثلي ثم جاء بِزَلَّة هَوِيتُ لصَفْحي أن يُضاف إلى العَدْل وان كنت أدنى منه قدراً ومَنْصِباً عَرفت له حَقَّ التقدم والفضل وفي مِثْله قال بعضُ الشعراء: سأُلزِم نَفسي الصَفحَ عن كل مُذْنبٍ وإن كَثُرت منه إليَّ الجرائمُ ولا الناسُ إلا واحدٌ من ثلاثةٍ شريفٌ ومشروفٌ ومثلٌ مُقاوم فأمًا الذي فَوقي فأَعْرِف فضلَه وأَتبع فيه الحقَّ والحقُّ قائم وأمّا الذي دوني فإن قال صُنت عن إجابته نَفْسي وإن لامَ لائِم وأمّا الذين مِثْلي فإنْ زلَّ أو هَفَا تفضلت إنّ الفَضل للحُرّ لازم ولأصْرم بن قَيْس ويُقال إنها لعليّ عليه السلامُ: أَصَمُّ عن الكَلِم المُحْفِظاتِ وأَحْلُمُ والحِلْمُ بي أَشْبَهُ فلا تَغْتِرر برُواء الرِّجال وما زَخْرَفوا لك أو مَوَّهوا فكم من فَتَى يُعْجِب الناظرين له أَلْسُنٌ وله أَوْجُه ينام إذا حَضَر المَكْرُمَاتِ وعند الدَّناءة يستنبه وللحَسن بن رجاء: أُحِبُّ مكارِم الأخلاق جَهْدِي وأَكْره أن أَعيب وأن أُعابَا وأَصْفَح عن سِباب النَّاس حِلْماً وشرُّ الناس مَن يَهْوَى السِّبابا ومَن هَاب الرِّجالَ تَهَيَّبُوه ومَن حَقَر الرِّجالَ فلن يُهَابا ومَن قَضَت الرجالُ له حُقوقاً ولم يَقْض الحُقوِق فما أصابَا وقال محمد بن عليّ رضوان الله عنهما: مَن حَلُمَ وَقَى عِرْضه ومَن جادت كفُّه حَسُن ثناؤه ومَن أَصْلح مالَه استَغْنى ومَن احتمل المَكْروه كثرت مَحاسنه ومَن صَبر حُمِد أمرُه ومَن كظَم غيظَه فشا إحسانُه ومَن عَفا عن الذُّنوب كثُرت أياديه ومَن اتَّقى الله كفاه ما أهمَّه. وسأل أميرُ المؤمنين عليٌّ عليه السلامُ كبيراً من كُبراء الفُرْس: أيُّ شيء لمُلوككمٍ كان أحمدَ عندكم قال: كان لأرْدَشير فضل السَّبْق في المملكة غير أنّ أحمدَهم سيرة أنو شروان. قال: فأيّ أخلاقِه كان أغلبَ عليه قال: الحلم والأناة. قال: هما توأمان يُنتجهما عُلوّ الهمَّة. إنّي وَهَبْت لظاِلمي ظُلْمِيِ وغفَرْتُ ذاك له على عِلم ورأيتُه أسدَى إليَّ يداَ لما أبان بجَهْله حِلْمي رَجَعَتْ إساءتُه عليه وإح ساني إليَّ مُضاعَف الغُنْم وغَدْوتُ ذا أَجْرٍ ومَحْمدةٍ وغداَ بكَسْب الظلم والإثمْ وكأنما الإحسانُ كان له وأنا المُسيء إليه في الحُكْم ما زال يَظْلمني وأَرْحَمه حتى رَثيتُ له من الظُّلم ولمحمد بن زياد يَصِف حُلماء: نَخالُهمُ في الناس صُمَّاً عن الْخَنَىِ وخُرْساً عن الفَحْشاء عند التَهاجُرِ ومَرضىَ إذا لُوقُوا حياءً وعِفّةَ وعند الحِفَاظ كاللُّيوث الخَوادِر كأن لهم وَصْماَ يخافون عارَه وما ذاك إلاّ لاتّقاء المَعاير وله أيضاً: وأَرْفع نفسي عنِ نًفوس وربما تَذلَلتُ في إكرامها لنُفوس وإنْ رامني يوماَ خَسيسٌ بجَهْله أَبى اللهُ أنْ أَرْضى بعِرْضِ خَسيس ولبعضهم: وإذا استشارك مَنْ تَوَدّ فُقل له أَطِع الحَلِيم إذا الحلِيمُ نَهَاكَا واعلم بأنَك لن تَسُود ولن ترَى سُبل الرًشادِ إذا أَطعتَ هَواكا وقال آخر: وكن مَعْدِناً للحِلم واصفَح عن الأذى فإنك راءِ ما عملتَ وسامِعُ وأَحْبِب إذا أجبتَ حُثا مُقارِباً فإنك لا تَدْري متى أَنْتَ نازع وأَبْغِض إذا أبغضتَ غيرَ مُباين فإنَك لا تَدْري متى أنت راجِع "
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)