وأما الفريد فأفرده من كلّ خليل، وألبسه في الأبد برد الذّليل. وفي كنده حيَّ يعرفون بالحيّ الفريد، وهم بنو الحرث بن عديّ بن ربيعة بن معاوية الأكبر بن الحرث الأصغر ابن معاوية بن الحرث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتَّع بن معاوية ابن ثورٍ، وهر كندّة؛ وأصحاب النّسب يقولون: كنديّ بن غفير بن عديّ بن الحارث بن مرّة بن أددّ بن زيد بن يشجب ابن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ، وإنمّا قيل لهم الحيّ الفريد، لأنّ بني وهبٍ حالفوا بني أبي كربٍ وبني المثل ولم يدخل معهم بنو الحارث ولا مع بني عديّ، فقيل لهم الحي الفريد.
ومن انفرد بعزَّةٍ لوقارته، فإن فريد ذلك الجاحد ينفرد لحقارته، كأنّه الأجرب إذا طلي بالعنية، فرّ من دنوه من يرغب عن الدنيّة. وإذا جذلت الغانية بفريد النظّام، فهو قلادة مآثم عظام. وذكر أبو عبيدة أنَّ في ظهر الفرس فقارة يقال لها الفريدة، وهي أعظم الفقار. فلو حمل فريد ذلك المتمرَّد على جواد لحطم فريدته، أو زينّ به المحبُّ الغانية لأهلك خريدته.
وأما المرجان فإذا قيل إنّه صغار اللؤلؤ، فمعاذ الله أن يكون مرجانه صغار حصى، بل أخس من أن يذكر فينتصى. وإذا قيل إنّه هذا الشيء الأحمر الذي يجيء به من المغرب، فإن ذلك له قيمة وخسارة كتابه مقيمة، وإنمّا هو مرجان، من مرجت الخيل بعضها مع بعض، وتركتها كالمهملة في الأرض أو لعلّه مرجّان من جنى الشجّرة أو مرجانّ من الشياطين الفجرة، أو جان من الحيات المقتولة بأيسر الأمر، والمبغضة إلى المنفرد والعمر أي الجماعة من النّاس.
[عدل] ابن الرّومي
وأمّا ابن الرّومي فهو أحد من يقال: إنّ أدبه كان أكثر من عقله، وكان يتعاطى علم الفلسفة، واستعار من أبي بكر ابن السراج كتاباً فتقاضاه به أبو بكرٍ، فقال ابن الرّومي: لوّ كان المشتري حدثاً لكان عجولاً. والبغداديّون يدّعون انّه متشّيع، ويستشهدون على ذلك بقصيدته الجيميَّة، وما أراه إلاّ على مذهب غيره من الشعراء.
ومن أولع بالطيَّرة، لم ير فيها من خيرة، وإنمّا هو شر متعجل، وللأنفس أجل مؤجّل، وكلّ ذلك حذر من الموت الذي هو ربق في أعناق الحيوان، حكم لقاؤه في كلّ أوان. وفي النّاس من يظنّ أنّ الشيء إذا قيل جاز أن يقع، ولذلك قالت العامّة: الإرجاف أوّل الكون. ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، تمثل بهذا البيت ولم يتممه:
تفاءل بما تهوى يكن، فلقلمّا
يقال لشيء: كان إلاّ تحقّقا ومهما ذهب إليه اللّبيب، فالخير في هذه الدّنيا قليل جدّاً، والشرّ يزيد عليه بأجزاءٍ ليست بالمحصاة، وما أشبه ذوي التقى بالعصاة، كلّهم إلى التّلف يساقون، يلقون ما كره ولا يعاقبون، ولعلّ الله، جلّت قدرته، يميزهم في المنقلب، ويسعف بمراده أخا الطَّلب.وقال علقمة:
من تعرّض للغربان يزجرها
على سلامته لا بد مشؤوم وكان ابن الرّومي معروفاً بالتَّطير، ومن الذي أجري على التّخيّر؟ وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخبار كثيرة تدل على كراهة الاسم الذي ليس بحسنٍ، مثل مرّة وشهاب والحباب لأنّه يتأوله في معنى الحّية.
ونحو من حكاية ابن الرّومي التي حكاها النّاجم ما حكي عن امرأة من العرب أنّها قالت للأخرى: سمّاني أبي غاضبة، وإنمّا تلك نار ذات غضى، فالحمد لربيّ على ما قضى، وتزوجت من بني جمرة رجلاً أحرق، وما أمرق. أي لم يكثر مرقه وكان اسمه تورباً وإنمّا ذلك تراب، فشمتت بي الأتراب، وكان يدعى جندلة فمضضت عنده بالجندل، ولا شممت رائحة مندل، وكان اسم أمّه سوّارة فلم تزل تساورني في الخصام، ولا تنفعني بعصام.
فقالت الأخرى: لكن سّماني أبي صافية، فصفوت من كلِّ قذى، وجنّبت مواقع الأذى، وزوجّني في بني سعد بن بكر فبكرّ عليّ السعد، وأنجز لي الوعد. واسم زوجي مُحَاسِن، جزيَ الصّالحة، فقد حاسن وما لاسن، واسم أبيه وقاف، رعاه الله، فقد وقف عليَّ خيره، ولأكثر لديّ ميره، واسم أمّه راضية، رضيت أخلاقي، ولم تجنح إلى طلاقي.
وإذا كان الرّجل خثارماً، لم يزل في الكثكث آرما: إن رأى سمامةّ من الطير، حسبها من السّمام، أو حمامةّ فرق من الحمام، كما قال الطاّئي:
هنّ الحمام، فإن كسرت، عيافةًَ
من حائهنّ، فإنّهن حمام وإن عرضت له خنساء من البشر، فإنّه لا يأمن من البشر، يقول: أخاف من رفيقٍ يخنس، وأمرٍ يدنس. وإن كانت الخنساء من الوحوش، نفر قلبه من الحوش، إنّ رآها سانحةً، هزّت من رعبه جانحة. يقول: قد ذهب أهل عقلٍ وافر، من أرباب المناسم وصحب الحافر، يتطيرون بالسنّيح، ويرهبون معه المنيح. وإن أتته بقدرٍ بارحة، عاين بها النجَّلاء الجارحة، يقول: ألم يك ذوو خيلٍ وسروج، يخشون الغائلة من البروج؟ وإن لقي رجلاً يدعى أخنس، فكأنّما لقي هزبراً تبهنس. يقول: ما يؤمنني أن يكون كأخنس بني زهرةٍ فرّ بحلفائه عن وفر، وطرحت القتلى في الجفر؟! وإن استقبل من يولع بذلك أعفر، فإنّه ينتظر أن يعفرَّ، وإن بصر بالأدماء. أيقن بسفك الدّماء، وإنّ جبهه ذيّال، فكأنّه الهصور العيّال؛ يقول: ما أقربني من إذالةٍ، تبطل كلام العدّالة؟! وإن آنس نعامةً بقفرٍ، وهو مع الرّكب السّفر، فما يأخذها من النعيم، ويجعلها بالهلكة مثل الزّعيم. يقول، من الفند العيّ: أوّلها نعى وإنمّا ذلك من النعَّيّ. وإن عنّ له في الخرق ظليم، فذلك العذاب الأليم. يقول: ليت شعري من الذي يظلمني. أيأخذ نشبي أم يكلمني؟ وإن نظر إلى عصفورٍ، قال: عصف من الحوادث بوفورٍ، فهو طول أبده في عناء، ولا بد له من الفناء.
ولهذه الطوّية جعل ابن الرّومي جعفراً من الجوع والفرار ولو هدي صرفه إلى النهر الجرار، لأن الجعفر النّهر الكثير الماء، ولكنّ إخوان هذه الخليقة، لا يحملون الأشياء الواردة على الحقيقة.
وأراد بعضهم السَّفر في أولّ السنَّة فقال: إن سافرت في المحرم، كنت جديراً أن أحرم، وإن رحلت في صفر، خشيت على يدي أن تصفر، فأخّر سفره إلى شهر ربيعٍ، فلمّا سافر مرض ولم يحظ بطائل، فقال: ظننته من ربيع الرَّياض، فإذا هو من ربع الأمراض.
ولهذه الطوّية جعل ابن الرّومي جعفراً من الجوع والفرار ولو هدي صرفه إلى النهر الجرار، لأن الجعفر النّهر الكثير الماء، ولكنّ إخوان هذه الخليقة، لا يحملون الأشياء الواردة على الحقيقة. وأراد بعضهم السَّفر في أولّ السنَّة فقال: إن سافرت في المحرم، كنت جديراً أن أحرم، وإن رحلت في صفر، خشيت على يدي أن تصفر، فأخّر سفره إلى شهر ربيعٍ، فلمّا سافر مرض ولم يحظ بطائل، فقال: ظننته من ربيع الرَّياض، فإذا هو من ربع الأمراض.
وأمّا إعداده الماء المثلوج فتعلّة، وما ينفع بالحيل غلة، وتقريبه الخنجر تحرّر من جبان، وتنقض الأقضية وما بنى البان؛ ورب رجلٍ يحتفر له قبراً بالشام، ثمّ يجشمه القدر بعيد الإجشام، فيموت باليمن أو الهند، والحتف بالغائرة والفند: " ما تدري نفس بأي أرض تموت، إن الله عليم خبير " .
وكما أنَّ النفَّس جهلت مدفن عظامها، فهي الجاهلة بالقاطع لنظامها. كم ظاّن أنّه يهلك بسيف، فهلك بحجر من خيفٍ،وموقن أنّ شجبه يقدر على مهادٍ، فألقته الأسل ببعض الوهاد،والبيتان اللّذان رواهما النّاجم عن أبي الرّومي مقيدان، وما علمت انّه جاء عن الفصحاء هذا الوزن مقيداً، إلاّ في بيت واحدٍ يتداوله رواة اللّغة، والبيت:
كأن القوم عشُّوا لحم ضأن
فهم نعجون قد مالت طلاهم وهذا البيت مؤسس، والذي قال ابن الروميّ بغير تأسيسٍ.
وما يدري النّاجم، ولعّله بالفكر راجم، أفي الجّنة حصل ذلك الشيّخ أم في السّعير، وما اثقل وسوق العير.
وأما أبو تمّام، فما أمسك من الدّينّ بزمام، والحكاية عن ابن رجاءٍ مشهورة، والمهجة بعينها مبهورة. فإن قذف في النّار حبيب، فما يغني المديح ولا التشّبيب. ولو أنَّ القصائد لها علم، وتأسف لما يشكو الخلم، لأقامت عليه الممدودتان اللتّان في أوّل ديوانه، مأتماً يعجب لأسوانه. فسناحتا عليه كابنتي لبيد، وجرعتاهما من الثكل نظير الهبيد، وقالتا ما زعمّه الكلابيّ في قوله:
وقولا: هو الميت الذّي لا حريمه
أضاع، ولا خان الصديق ولا غدر إلى الحول، ثمّ اسم السلاّم عليكما
ومن بيك حولاً كاملاً، فقد اعتذر وكأنّي بهما لو قضي ذلك، لاجتمعت إليهما الممدودات، كما تجتمع نساء معدودات. فيجئن من كلّ اوب، ويتوعدون المحفل على نوب،ولو فعلن ذلك لبهارتهن الباثَّيات بمأتم أعظم زنيناً، وأشد في الحندس حنيناً، كما قال العبقسي:
يجاوبن الكلاب بكلّ فجر
فقد صحلت من النوح الحلوق. وإذا كان مأتم الممدودات في مائة ممّن يعدهن ويظاهر، وجب أن يكون مأتم البائيّات في الآفٍ تعلن وتجاهر لأنَّّ الباء طريق ركوب، والمد في القصائد سبيل منكوب،وما نظمه على التّاء، فإنه لا يعجز عن الإيتاء،وتجيء الثّائيتان وكلتاهما كابنة الجون، وتبتدر في حالك اللّون. ولو صوَّرتا من الآدميات، لزادنا على قينتي ابن خطلٍ في المرئيّات، وإنّ الثاء لقليلة في شعر العرب إلاّ أنهّمّا تستعينان كلمة كثيِّرٍ:
حبال سلامة أضحت رثاثا
فسقياً لها جدداً أو رماثا وبأراجيز رؤبة وما كان نحوها من القوافي المتكلفّة، والأشعار المتعسَّفة، ولهما فيما نظم ابن دريدٍ، أعوان بالعجل والرَّويد. فأمّا الدّاليات والرّائيّات وما بني على الحروف الذلل: كاليم والعين واللام وما جرى مجراهنُّ، فلو اجتمع كلّ حيّزٍ منهن وهو فراد، لضاق عنهنّ الصدرّ والإيراد، وزدن على ما ذكر أنّه اجتمع في جنازة أحمد بن حنبل من النسّاء والرجال، ويقال أنّه لم يجتمع في الجاهلية ولا الإسلام جمع أكثر ممّا اجتمع في موت أحمد، حزر الرّجال بألف ألفٍ، والنسّاء بستمّائة ألفٍ، والله العالم بيقين الأشياء.
وإن كان حبيب ضيَّع صلواته، فإنّه لضال بفلواته، لا يبلغ فيه كيد العداة، ما بلغ إهمال غداة. كم ضدٍّ نكص عنه ذا بهر، وليس كذلك صلاة الظّهر، إنّ تركها فإنّها شاهدة، وفي الشكايَّة له جاهدة. وكم من قصرٍ، يشيد في الجنة بصلاة العصر، ومسكٍ في الجنة متأرِّج لمصلِّي المغرب ليس بالحرج، وحور أنشئن ببديع الإنشاء، لمن حافظ على صلاة العشاء، وقد جاء في الحديث النهَّي أن تسمى العتمة. وروي: " لا تخدعوا عن اسم صلاتكم فإنمّا يعتم بحلاب الإبل " وفي حديثٍ آخر: " إنَّ العتمة اسم بنت الشيطان ".
وإنّ من يعجز عن اداء تلك الرّكعات، ليشتمل على نيَّة عات،فليت حبيباً قرن بين الصلاتين، فجعلها كهاتين، كما قال القائل: قرن الظّهر إلى العصر كما تقرن الحقَّة بالحق الذَّكر وإنَّي لأظن بتلك الأوصال أن يظل جسدها وهو بالموقدة صال، لأنه كان صاحب طريقةٍ مبتدعة، ومعان كاللّؤلؤ متتبعة، يستخرجها من غامض بحارٍ، ويغض عنها المستغلق من المحار،وإن ابتدرته مهنة مالك، فقد نبذ في المهالك، فليته كالجعديّ، أو سلك به مسلك عديّ، أو كان مذهبه مذهب حاتم فقد كان متألّهاً، ومن الخشية متولهَّاً، وقال:
وإنّي لمجزي بما أنا عامل
ويضطمني ماويّ بيت مسقَّف أو ليته لحق يزيد بن مهلهلٍ، قد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، و طرح عنه ثوب الغبي.
الإفشين
وأمّا المازيار، فحلاّل بالسَّفه سيار، وحسبه ما يتجرعّ من الحميم، ويحتمل من المقال الذميم، وقد خلد له في الكتب ما يوجب، لعنه إلى يوم الدّين، وأنَّي له أن يجعل كأديم ودينٍ ورحم الله ابن أبي داؤد، فلقد شفى الأنفس من الجواد، وكشف حال الأفشين، فعلم انّه آلف شينٍ، مخالف رشادٍ وزين.
[عدل] بابك
وبابك فتح باب الطغّيان، ووجد من شرار الرّعيان، واظن جهاده، عليه التبَّار، أفضل جهادٍ عرف، وذنبه أكبر ذنبٍ اقترف. ولعلهّ يود في الآخرة أنّه ذبح عن كلّ من قتل في عدّانه، مائة مرّة في نهل مدّانه، ثم خلص من العذاب المطبق، واستنفذ عنقه من الربّق.
والعجب لأبي مسلم، خبط في الجنان المظلم، وظنّ أنّه على شيء، فكان كالمعتمد على الفيء، حطب لنارٍ أكلته، وقتل في طاعة ولاةٍ قتلته. وليس بأول من دأب لسواه، وأغواه الطمّع فيمن أغواه. وإنمّا سهر لأمّ دفرٍ وتبع سراباً في قفرٍ، فوجد ذنبه غير المغتفر، عند صاحب الدولة أبي جعفر.
وكلّ ساعٍ للفانية لا بدّ له من الندّم، في أوان الفرقة وحين العدم، فذمنّا يحسب من الضّلال، كما تمنّى القنع أخو الإقلال، وهذه زيادة في النّضب، وفاز بالسبَّق حائز القصب. نذمهّا على غير جناية، ولم تخبر أحداً بالعناية، بل أبناؤها في المحن سواء، لا تاعفهم الأهواء، فرب حاملٍ حزمة عضيدٍ ليس رثده بالنضيد، يعجز ثمنها عن القوت، ويكابد شظف عيشٍ ممقوت، يلج سلاء في قدمه، ويخصبه الشائك بدمه، وهو أقل أشجاناً من الواثب على السرير، ينعم برشأ غرير، يجمع له الذهب من غير حلٍّ، بإعنات الأمم وإسخاط الإلّ، وإذا ملأ بطنه من طعام، وسبح في بحرٍ من الترف عامٍ، فتلك النعّم ولذاته، تحدث لأجلها أذاته، يختلجه القدر على غفولٍ، وغاية السّفر إلى قفول. وما يدري العاقل، إذا افتكر، أي الشخصين أفضل: أربيب عقد عليه إكليل، أم ارقش ظله في المك ظليل؟ كلاهما بلغ آراباً، وأحدهما يأكل تراباً، والآخر يعل بالراح، ويجتهد له في الأفراح.
وما علمنا النّسك موقياً، ولا في الأسباب الراّفعة مرقياّ، والعالم بقدرٍ عاملون، أخطأهم ما هم آملون، ما آمن أن تكون الآخرة بإرزاق، فتغدو الرّاجحة إلى المهراق، على أن السّر مغيب، وكلنا في الملتمس مخيب، والجاهل وفوق الجاهل، من ادّعى المعرفة بغبّ المناهل، واللّعنة على الكاذبين.
[عدل] الكيسانية
مّا الذين يدعون في عليّ، عليه السلام، ما يدعون، فتلك ضلالة قديمة، وديمة من الغواية تتّصل بها ديمة، وقد روي أنّه حرقّ عبد الله ابن سبأ لمّا هاجر بذلك النبإ. واعتقاد الكيسانية في محمد بن الحنفية عجيب، لا يصدق بمثله نجيب، وقد روي أنّ أبا جعفر المنصور رفعت له نارّ في طريق مكّة في اللَّيلة التي مات فيها، فقال: قاتل الله الحميريَّ، لو رأى هذه النّار لظن أنها نار محمد بن الحنفية!،وعلي له سابقة، ومحاسن كثيرة رائقة، وكذلك جعفر بن محمد ليس شرفه بالثمد.
وقد بلغني أنّ رجلاً بالبصرة يعرف بشاباس، تزعم جماعة كثيرة أنّه رب العزّة، وتجبى إليه الأموال الجمّة، ويحمل إلى السّلطان منها قسماً وافراً، ليكون بما طلب ظافراً، وهو إذا كشف ساقط لاقط، يبذه إلى الفضل الماقط، والماقط الذي يكرى من بلدٍ إلى بلد. وحدِّثت أنّ امرأة بالكوفة يدعى لها مثل ذلك.
[عدل] ابن الراوندي
وقد سمعت من يخبر أنّ لابن الرّاوندي معاشر تذكر إنّ اللاهّوت سكنه، وأنّه من علمٍ مكنه، ويخترصون له فضائل يشهد الخالق وأهل المعقول، أنّ كذبها غير مصقول، وهو في هذا أحد الكفرة، لا يحسب من الكرام البررة، وقد أنشد له منشد، وغيره التقي المرشد:
قسمت بين الورى معيشتهم
قسمة سكران بيّن الغلط لو قسم الرّزق هكذا رجل
قلنا له: قد جننت فاستعط ولو تمثل هذان البيتان لكانا في الإصر يطولان أرمي مصر، فلو مات الفطن كمداً لما عتب، فأين مهرب العاقل من شقاءٍ رتب؟! أكل ما خدم خادع، أرسلت من الكفر مصادع؟ والمصادع: السهام وما حسنت السوداء الغالبة بسفيهٍ دعواه، إلا وافق جهولاً عواه أي عطفه.
وقد ظهر في الضيعة المعروفة بالنَّيرب المقاربة لسرمين رجل يعرف بأبي جوف، لا يستتر من الجهل بحوف، والحوف أزير من أدمٍ مشقق الأطراف السّافلة تتزر به الحارية وهي صغيرة وكان يدَّعي النّبرة، ويخبر بأخبار مضحكة، وتثبت نيته على ذلك ثبات المحكة، وكان له قطن في بيت فقال: إنّ قطني لا يحترق وأمر ابنه أن يدني سراجاً إليه، أخذ في العطب، وصرخت النّساء، واجتمعت الجيرة، وإنمّا الغرض إطفاء! وحدثّني من شاهد، أنّه كان يكثر الضّحك بغير موجب، ولا عند حدّثٍ معجب، فقيل له: ممّ تضحك؟ فقال كلاماً معناه: إنّ الإنسان ليفرح بهيّنٍ قليل، فكيف من وصل إلى العطاء الجليل؟ وكان بيّن الجنون، ليس خبله بالمكنون، فاتبعه الأغبياء، وكذب ما يقوله الأنبياء، حتى قتله والي حلب، حرسها الله، وذلك بعد مقتل البطريق المعروف بالدَّوقس في بلد أفامية، وكان الذي حثّ على قتله جيش بن محمد بن حمصامة لأنّ خبره رقي إليه، فأرسل إلى سلطان حلب، حرسها الله، يقول: أقتله وإلاّ أنفذت إليه من يقتله؛ وكان السّلطان يتهاون به لأنّه حقير، وربَّ شاةٍ نتج منها الوقير، أي قطيع الغنم.
وبعض الشّيعة يحدّث أنّ سلمان الفارسيّ في نفرّ معه جاؤوا يطلبون عليّ بن أبي طالبٍ، سلام الله عليه، فلم يجدوه في منزله، فبينما هم كذلك جاءت بارقة تتبعها راعدة، وإذا عليٌ قد نزل على إجاَّر البيت، في يده سيف مخضوب بالدّم، فقال: وقع بين فئتين من الملائكة، فصعدت إلى السماء لأصلح بينهما! والذين يقولون هذه المقالة يعتقدون أن الحسن والحسين ليسا من ولده، فحاق بهم العذاب الأليم.
أفلا يرى إلى هذه الأمّة كيف افتنت في الضّلالة، كافتنان الرّبيع في إخراج الأكلاء، والوحش الرّائعة الأطلاء!؟ وللكذب سوق ليست للصدّق، تجعل الأسدّ من أبناء الفرق. وأمّا الذي ذكره نم بلوغ السِّنِّ، فإن الله، سبحانه، خلق مقراً وشهداً، ورغبة في العاجلة وزهداً، وإذا اللّبيب أنعم النّظر، لم ير الحياة التي تجذبه إلى الضَّير، وتحث جسده على السيَّر؛ فالمقيم كأخي ارتحال، لا تثبت الأقضية به على حال: صبح يتبسّم وإمساء، لا يلبث معهما النَّساء، كأنّهما سيدا ضراء والعمر ثلّة في اقتراء، وهما على السّارح يغيران، فيفنيان السّائمة ويبيران.
وإن كان، مكنَّ الله وطأة الأدب ببقائه، قد أماط الشبيبة فإنما أنفقها في طلب علومٍ وآداب، صيرَّ طلابها ألزم دابٍ، ولو كان لها على الحيّ تلبث، كان لها بنفسه النفّيسة تشبث، ولكنها بعض الأعراض، لا تشعر بحياة وانقراض. وإذا كنّا على ذمِّ هذه المنزلة مجمعين، ولفراقها مزمعين، فلم نأسف على نأي الخوّانة؟ إن الأشاءة لمن العوانة، والأشاءة النخّلة الصغيرة، والعوانة النخّلة الطوّيلة ومتى اخلص قرين الغفلة توبةً، فإنّها لا تترك حوبةّ، تغسل ذنوبه غسل النّاسكة جزيز الفرار، في متدفق سحاب مدرار، كثر فيه القهل والدَّنس، فأحبَّ رحضه الأنس، وكان قد أخذ عن أثباج غنمٍ بيض، تفوق ما يرتع من الربيض، فعاد وكأنه كافور الطيّب، أو ما ضحك من كافورٍ رطيب، والكافور: الطّلع، وقيل هو وعاء الطَّلعة.
فأمّا الغانيات بعد السبّعين، فالأشيب لديهن كالعاسل يباكر العين، وقد حكي أنّ أبا عمرو بن العلاء كان يخضب، فاشتكى في بعض الأيام، فعاده بعض أصحابه، فال:تقوم إن شاء الله تعالى من علتّك. فقال: ما آمل بعد ستٍ وثمانين. وعاد إليه وقد تماثل فقال: لا تحدث بما قلت لك. وهذا من ظريف ماروي، رغب في تمويهّ بالخضاب، وكتم سنه عن كلّ الأصحاب.
وقد تحدّث بعض طلاّب الأدب انّه، أدام الله تزيين المحافل بحضوره، ذكر التزويج يريد الخدمة، فسرني ذلك، لأنّه دل على إقامة بالوطن، وفي قربه الفرحة لذوي الفطن. إذ كان كالشجّرة الوارف ظلالهما في الهواجر، والبارد هواؤها في ناجر، والطّيب ثمرها للذّائق، والأرج نسيمها للناشق.
وهو يعرف حكاية الخليل عن العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيّا الشوابّ؛ ولا خيرة عند التّواب، ولكن النّصف، ممنّ يوصف:
لاتنكحن عجوزاً إن أتيت بها
واخلع ثيابك عنها ممعناً هرباً وإن أتوك وقالوا: إنهّا نصف
فإنّ أطيب نصفيها الذي ذهبا لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون ولعله تقدر له كصاحبة أبي الأسود أمّ عمروٍ، ورب خيرٍ تحت الخمر:
كثوب اليماني قد تقادم عهده
ورقعته ماشئت في العين واليد أو كما قال الآخر:
ضناك على نيرين أمست لداتها
بلين بلى الريّطات وهي جديد وحكي عن أبي حاتمٍ سهل بن محمد أنّه قرأ على الأصمعي شعر حساّن بن ثابت، فلمّا انتهى إلى قوله:
لم تفتها شمس النّهار بشيء
غير أن الشباب ليس يدوم قال الأصمعي: وصفها والله بالكبر، وقد يجوز ما قال، والأشبه أن يكون قال هذا وهي شابَّة، على سبيل التأسف، أي أن الأشياء لا بقاء لها، كما قال الآخر:
أنت نعم المتاع، لو كنت تبقى
غير أن لا بقاء للإنسان ولو نشط لهذه المأربة، لتنافست فيه العجز والمكتهلات، وعلت خطبة المنهبلات، لأن العاقلة ذات الإحصاف، تجنب إلى معاشرة حليف الإنصاف. وهل هو كما قال الأوّل:
يا عز هل لك في شيخ فتى أبداً
وقد يكون شباب عير فتيان فليس بأوّل من طلب نجوزاً، فتزوج على السنِّ عجوزاً، كما قال:
إذا ما أعرض الفتيان عنّي
فمن لي أن تساعفني عجوز كأنّ مجامع الّلحيين منها
إذا حسرت عن العرنين كوز؟ ويروي للحادث بن حلزة، ولم أجده في ديوانه:
وقالوا مانكحت؟ فقلت: خيراً
عجوزاً من عرينة ذات مال نكحت كبيرة، وغرمت مالاً
كذاك البيع: مرتخص وغال وأعوذ بالله ممّا قال الآخر:
عجوزاً لو أن الماء يسقى بكفَّها
لما تركتنا بالمياه نجوز! وما زالت العرب تحمد الحيزبون والشهلة، ولا تكره مع الشرخ الكهلة. وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم، خديجة ابنة خويلدٍ وهو شاب، وهي طاعنة في السّن. وقالت له أم سلمة ابنة أبي أمية: يا رسول الله، إني امرأة قد كبرت وما أطيق الغيرة. فقال: أمّا قولك: قد كبرت، فإنا أكبر منك، وأمّا الغيرة، فإننّي سوف أدعو الله أن يزلها عنك. وقال الشاعر:
فما أنا ابن رهمٍ قد علمتم
ولا ابن العاملية فاحذروني
ولكني ولدت بنجمٍ شكسٍ
لشمطاء الذوائب حيزبون ولا أشك أنّه قد استخدم في مصر أصناف حوارٍ، وهن للمآرب موارٍ، ولولا أنّ أخا الكبرة يفتقر إلى معينٍ، لكانت الحزامة أن يقتنع بورد ألمعين، فهو بعرف قول القائل:
ما العيش إلا القفل والمفتاح
وغرفة تخرقها الرّياح لا صخب فيها ولا صياح
وحدَّثني ابن القنسري المقرئ، أنّه سمعه يسأل عن غلامٍ للخدمة، وربما كان استخدام الأحرار، يمنع من القرار، فقد قال أبو عبادة:
أنا من ياسر ويسر ونجح
لست من عامرٍ ولا عمّار! ما بأرض العراق يا قوم حرّ
يفتديني من خدمة الأحرار؟ وأن يخدم نفسه الوحيد، خير من أن يلج بيته العبيد؛ فطالما أحوجوا المالك إلى ضرب، وأن يتقَّيهم بالعرب. ورب نازلٍ من أهل الأدب في خان، ليس بالخائن ولا المستخان، بخدمه صبي من الرّق حرّ، وفي خدمته السرّق والضرّ. وإذا أرسله بالبتك، بنات الدرّهم ليأتيه بالطبيخة حين يكثر الطبيخ ويتيح، سعره المشتعل متيح، سرق في السّبيل القطع، وانتهى في الخيانة وتنطع، ثمّ وقف بالبائع، فغبنه غبن الرّائع، فأخذ صغيرة من بطيخ، لا تلقى النّاظر بمثل الورس اللطيخ. ثم انصرف بها لاعباً، كأنهّا نهد كاعباً، فلم يزل يتلقف بها في الطريق، حتى كسرها بين فريق؛ فاختلط حبُّها بالحصباء، وزهد في قربها كلّ الأرباء. ويجوز أن يحملها في حال السّلامة، ويمضي ليسبح مع الفتيان، فإذا نزل في الماء اختطفها بعض العرمة من الصبيان، فأكلها وهو يراه، لا يحفل بأديمها إذ فراه. وقد يرسله بالغضارة يلتمس لبناً، فيقال من سوء الّرأي غبناً، فإذا حصل فيها الهدبد، عثر فإذا هو على الصحّراء متلبدّ، وصارت الفخارة خزفاً لا يراد، يلغيه النسّكة والمرادّ، فإن كان صاحبه يذهب مذهب ابن الروميّ عدّ أن تحطم الغضارة، فناء عيشه ذي الغضارة؛ فدعا بالحرب، وشده عن فوات الأرب، وما يصنع بذلك المصمقرّ، وقد حان المرتحل إلى المقرِّ؟ وكان في بلدنا غلامٌ لبعض الجند يزعم، ويصدق فيما يزعم، أنَّه كان مملوكاً لأبي أسامة جنادة بن محمّد الهرويّ بمصر، وكان يأسف لفراقه، ويعجب من جميل أخلاقه، ويقول إنّه باعه من أجل العوم، فما أوقع غلاءً في السَّوم.
وإنّما ذكرت ذلك لأنّه، عرَّف الله الوقت بحياته أي طيِّبه، ممّن قد عرف جناده وجرّبه. وأمّا أهل بلدي، حرسهم الله، فإذا كان الحظُّ قد أعطاني حسن ظنِّ الغرباء، فلا يمتنع أن يعطيني تلك المنزلة من الرّهط القرباء،ولكنّهم كطلاّب الخطبة من الأخرس، وحرِّ ناجرٍ من شهر القرس.
وسيّدي الشّيخ أبو العبّاس الممتَّع: في السّنِّ ولدٌ، وفي المودّة أخٌ، وفي فضله جدٌّ أو أبٌ. وإنّه في أدبه، لكما قال تعالى: " وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تُجزى " .
وأمّا إشفاق الشّيخ - عمر الله خلده بالجذل، وأراح سمعه من كلِّ عذل - فتلك سجية الأنيس، لا يختص بها أخو الجبن عن الشّجاع البئيس. ومن القسوط، تعرُّض بالقنوط،" قل يا عبادي الَّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله " ،كم من أديبٍ شرب وطرب ثمّ تاب وأجاب العتَّاب. فقد يضلُّ الدّليل في ضوء القمر، ثمّ يهديه الله بأحد الأمر، وكم استنقذ من اللُّجِّ غريقٌ، فسلم وله تشريق.
وقد كان الفضيل بن عياضٍ، يسيم في أوبل رياض، ثمّ حسب في الزُّهَّاد، وجعل من أهل الاجتهاد.
وربّ خليعٍ وهو فتى، تصدَّر لمّا كبر وأفتى، ومغنٍّ بطنبور أو عود، قدر له تولِّي السُّعود، فرقي منبراً للعظات، من بعد إرسال اللَّحظات.
[عدل] عمر بن عبد العزيز
ولعلّه قد نظر في طبقات المغِّنين فرأى فيهم عمر بن عبد العزيز، ومالك بن أنسٍ، هكذا ذكر ابن خرداذبة، فإن يك كاذباً فعليه كذبه. والحكاية معروفةٌ أن أبا حنيفة كان يشارب حمَّاد عجرد وينادمه، فنسك أبو حنيفة وأقام حمّادٌ في الغيِّ، فبلغه أن أبا حنيفة يذمُّه ويعيبة، فكتب إليه حمّاد:
إن كان نسكك لا يتمّ
بغير شتمي وانتقاصي فاقعد وقم بي كيف شئ
ت مع الأداني والأقاصي فلطالما زكِّيتني
وأنا المقيم على المعاصي أيّام تعطيني وتأ
خذ في أباريق الرَّصاص [عدل] عمر بن الخطاب
أليس الصّحابة، عليهم رضوان الله، كلّهم كانوا على ضلالٍ، ثمَّ تداركهم المقتدر ذو الجلال؟ وفي بعض الرّوايات أن عمر بن الخطّاب خرج من بيته يريد مجمعاً كانوا يجتمعون فيها للقمار، فلم يجد فيه أحداً فقال: لأذهبنَّ إلى الخمَّار، لعلِّي أجد عنده خمراً. فلم يجد عنده شيئاً. فقال: لأذهبنّ ولأسلمنَّ.
والتوفيق يجيء من الله سبحانه وتعالى بإجبار، وفيما خوطب به النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " ووجدك ضالاًّ فهدى ".
وذكر أبو معشر المدني في كتاب المبعث حديثاً معناه أنّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، ذبح ذبيحةً للأصنام فأخذ شيئاً منها فطبخ له،وحمله زيد بن حارثة ومضيا ليأكلاه في بعض الشِّعاب، فلقيهما زيد بن عمرو ابن نفيل، وكان من المتألِّهين في الجاهليّة، فدعاه النبي صلى لله عليه وسلم، ليأكل من الطعام، فسأله عنه فقال: هو من شيءٍ ذبحناه لآلهتنا. فقال زيد بن عمرو: انّي لا آكل شيءٍ ذُبح للأصنام، وإنِّي على دين إبراهيم صلى الله عليه،فأمر النبيُّ صل الله عليه وسلم، زيد بن حارثة بإلقاء ما معه.
وفي حديث آخر، وقد سمعته بإسنادٍ: أن تميم بن أوسٍ الدَّاريَّ، والدّار قبيلةٌ من لخم كان يهدي إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، في كلَّ سنةٍ روايةً من خمر، فجاء بها في بعض السّنين، وقد حرمت الخمر، فأراقها، وبعض أهل اللّغة يقول: فباعّها.
والمطبوخ وإن أسكر فهو جارٍ مجرى الخمر، على أنَّ كثيراً من الفقهاء قد شربوا الجمهوريَّ والبختج والمنصَّف، وذكر، عند أحمد بن يحيى ثعلبٍ، أحمد بن حنبل وإن كان شرب النّبيذ قطّ؟ والنّبيذ عند الفقهاء غير الخمر، فقال ثعلب: أنا سقيته بيدي في ختانةٍ كانت لخلف بن هشام البزَّاز.
فأمّا الطِّلاء فقد كان عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، جزَّأ منه على نصارى الشّام لجنود المسلمين، والمثل السّائر:
هي الخمر تكنى الطِّلاء
كما الذّئب يُكنى أبا جعدة وهذا البيت يُروى ناقصاً كما علم، وهو ينسب إلى عبيد ابن الأبرص وربّما وجد في النّسخة من ديوانه، وليس في كلِّ النُّسخ. والذي أذهب إليه أن هذا البيت قيل في الإسلام عدما حُرِّمت الخمر. وإنّما لذَّة الشّرب فيما يعرض لهم من السكر، ولولا ذلك لكان غيرها من الأشربة أعذب وأدفأ، وقال التغلبيُّ:
علِّلاني بشربةٍ من طلاءٍ
نعمت النِّيم في شبا الزّمهرير ويروى لدعبل:
علِّلاني بسماعٍ وطلا
ونصيفٍ جائعٍ يبغي القرى وهذا يدلُّ على أن الطِّلا يسكر ويروي للهذليّ:
إذا ما شئت باكرني غريضٌ
وزقٌّ فيه نيٌّ أو نضيج وقال آخر:
لا تسقني الخمر إلاّ نيئة قدمت
تحت الخام، فشرُّ لاخمر ما طبخا وإن كان، هيَّأ الله له المحابَّ، قد شرب نيًّا، وقال له الندمان: هنيّاً، فله أسوةٌ بشيخ الأزد محمد بن الحسن إذ قال:
بل ربّ ليلٍ جمعت قطريه لي
بنت ثمانين عروسٌ تجتلى ثمّ قال في آخر القصيدة:
فإن أمت فقد تناهت لذّتي
وكلّث شيءٍ بلغ الحدّ انتهى وما أختار له أن يأخذ بقول الحكمي:
قالوا كبرت فقلت ما كبرت يدي
عن أن تسير إلى فمي بالكاس وهو يعرف البيت:
وما طبخوها، غير أنَّ غلامهم
سعى ليلةً في كرمها بسراج وقول عبد الله بن المعتزِّ:
ذكر العلج أنَّهم طبخوها
فرضينا ولو بعود خلال وقدماً طلب النَّدامى مطبوخاً، شبَّاناً في العمر وشيوخاً، ينافقون بالصِّفة ويوارون، وعن الصّهباء العاتقة يدارون، وأبيات الحسين بن الضّحاك الخليع التي تنسب إلى أبي نواسٍ معروفةٌ:
وشاطريِّ اللّسان مختلق التّ
كريه، شاب المجون بالنُّسك بات بغمَّى يرتاد صالية ال
نّار ويكني عن ابنة الملك دسست حمراء كالشّهاب له
من كفِّ خمّار حانةٍ أفك يحلف عن طبخها بخالقه
وربَّ موسى ومنشىء الفلك كأنَّما نصب كأسها قمرٌ
يكرع في بعض أنجم الفلك ومن النِّفاق أن يظهر الإنسان شرب ما أجاز شربه بعض الفقهاء، ويعمد إلى ذات الإقهاء، فقد أحسن الحكميُّ في قوله:
فإذا نزعت عن الغواية، فليكن
لله ذاك النَّزع، لا النّاس وقد آن لمولاي الشّيخ أن يزهد في شيمة حميد، وينصرف عن مذهب أبي زبيدٍ وإنَّما عنيت حميداً الأمجيَّ قائل هذه الأبيات:
شربت المدام، فلم أقلع
وعوتبت فيها فلم أرجع حميد الّذي أمجٌ داره
أخو الخمر ذو الشَّيبة الأصلع علاه المشيب عى حبِّها
وكان كريماً فلم ينزع وقال آخر:
تعاتبني في الرَّاح أمٌ كبيرةٌ
وما قولها، فيما أراه، مصيب تقول، ألا تجفو المدام فعندنا
من الرّزق تمرٌ مكثبٌ وزبيبُ؟ فقلت: رويداً مالزّبيب مفرّحي
وليس لتمرٍ في العظام دبيب فإنّ حميداً علَّها في شبابه
ولم يصح منها حين لاح مشيب
وإذا تسامعت المحافل بتوبته، اجتمع عليه الشّبان المقتبلون، والأدباء المتكلمون، وكلُّ أشيب لم يبق من عمره إلاّ ظمء حمارٍ، كما اجتمع لسمر أصناف السُّمّار، فيقتبسون من آدابه، ويصغون المسامع لخطابه، وجلس لهم في بعض المساجد بحلب، حرسها الله، فإنَّها من بعد أبي عبد الله بن خالويه عطلت من خلخالس وسوار، ونارت من الأدب أشدّ النَّوار،وإذا كان لك بتفضلُّ الله، أعدَّ معه خنجراً كخنجر ابن الرّوميّ، أو الذي عناه ابن هرمة في قوله:
لا أمتع العوذ بالفصال ولا
أبتاع إلاّ قريبة الأجل لا غنمي في الحياة مدّ لها
إلاَّ دراك القرى، ولا إبلي كم ناقةٍ قد وجأت منحرها
بمستهلِّ الشُّؤبوب، أو جمل فإذ جلس في منزله، مجلسه الذي يلتقط أهله زهر أسحار، بل لؤلؤ بحار، فيكون ذلك الخنجر قريباً منه، فإذا قضي أن يمرَّ بباب المسجد الكهل المرقَّب الذي أراده القائل بقوله:
إذا الكهل المرقَّب غاض ألنا
إلى سيءّ له في القرو ثان كأنَّ الذّارع المغلول منها
سليبٌ من رجال الدَّيبلان وثب إليه وثبة نمرٍ، إلى متخلِّفة وقير أمرٍ، أو أمر بعض أصحابه بالوثوب إليه، فوجأه بذلك الخنجر وجأةً فانبعث بمثل الدّم، أو الخالص من العندم، وقرأ هذه الآية: " إنَّ الحسنات يذهبن السِّيئات، ذلك ذكرى للذّاكرين " . فإذا مضى صاحبه مستعدياً إلى السّلطان فقال: من فعل ذلك بك؟ فسمّاه له، قال السّلطان بمشيئة الله: لا حرَّ بوادي عوفٍ، ما أصنع بجنث الأدب وبقيّة أهله؟ ووطئها تحت قدمه، وحسبها من زعانف أدمه. ما يفعل ذلك مرّةً أو اثنتين، إلاّ وحمله الذّوارع قد اجتنبت تلك النّاحية، كما اجتنب أبو سفيان بن حربٍ طريقه من خوف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال حسّان:
إذا أخذت حوران من رمل عالجٍ
فقولا لها: ليس الطّريق هنالك ولا بأس إن كان المعدُّ مشملاً يشتمل عليه في الكمِّ، فإذا ضرب به ذارع الخمر، ذكر من نظر في كتاب المبتدإ حديث طالوت لمّا أمر ابنته وهي امرأة داود، صلّى الله عليه، أن تدخله عليه وهو نائمٌ ليقتله. فجعلت له في فراش داود زق!َ خمرٍ ودسته عليه، وضربه بالسيف وسالت الخمر، فظنَّ أنَّها الدّم، فأدركه الأسف والنّدم، فأومأ بالسيف ليقتل نفسه ومعه ابنته، فأمسكت يده، وحدَّثته ما فعلته، فشكرها على ذلك.
ويكون السّكران إذا ألمَّ بذلك المسجد، ترتر ومزمز، كما في الحديث، واستنكه، فإن أوجبت الصورة أن يجلد جلد، ولا يقتصر له الشّيخ، أغراه الله، أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، على أربعين في الحدَّ على مذهب أهل الحجاز، ولكن يجلده ثمانين على مذهب أهل العراق، فإنَّها أوجع وأفجع. ويقال إن النبيّ صلى الله عليه وسلم، جلد أربعين، فلمّا صار الأمر إلى عمر بن الخطَّاب، رضي الله عنه، استقلَّها، فشاور علياً، رضي الله عنه، فجعلاها ثمانين.
وإذا صحّت الأخبار المنقولة بأنّ أهل الآخرة يعلمون أخبار أهل العاجلة، فلعلّ حواريَّه المعدَّات له في الخلد، يسألن عن أخباره من يرد عليهنّ من الصُّلحاء، فيسمعن مرّةً أنّه بالفسطاط، وتارةً أنّه بالبصرة، ومرّةً أنّه ببغداد، وخطرةً أنّه بحلب. فإذا شاع أمر التّوبة، ومات ناسكٌ من أهل حلب أخبرهن بذلك، فسررن وابتهجن، وهنّأهنَّ جاراتهنَّ. ولا ريب أنّه قد سمع حكاية البيتين الثابتين في كتاب الاعتبار:
أنعم الله بالخيالين عينا
وبمسراك يا أميم إلينا! عجباً ما جزعت من وحشة اللَّح
د ومن ظلمة القبور علينا! وأعوذ بالله من قومٍ يحثُّهم المشيب على أن يستكثروا من أمّ زنبقٍ، كأنّها المنجية من بنت طبق،كما قال حاتم:
وقد علم الأقوام لو أنَّ حاتماً
أراد ثراء المال، كان له وفر يفكُّ به العاني، ويؤكل طيِّباً
وليست تعرِّيه القداح ولا اليسر أماويّ إن يصبح صداي بقفرةٍ
من الأرض، لا ماءٌ لديَّ ولا خمر تري أنَّ ما أهلكت لم يك ضرَّني
وأنَّ يدي ممّا بخلت به صفر وقال طرفة:
فإن كنت لا تستطيع دفع منيَّتي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي وقال عبد الله بن المعتز:
لا تطل بالكؤوس مطلي وحبسي
ليس يومي، يا صاحبي، مثل أمسي لاتسلني وسل مشيبي عنّي
مذ عرفت الخمسين أنكرت نفسي فهذا حثتَّه كثرة سنيه على أن يستكثر من السُّلافة، وما حفظ حقَّ الخلافة، وإنّ العجب طمعه أن يبلي، كأنّه في العبادة شحب وبلي، ولكنّ القائل قال لمعاوية بن يزيد:
لقَّاها يزيدٌ عن أبيه
فخذها يا معاوي عن يزيدا! وقد كان محمّد بن يزيد المبرَّد ينادم البحتريَّ ثمّ تركه.وأنا أضنُّ به، ميزّ الله من الغيظ قلب عدوِّه، أن يكون كأبي عثمان المازني: عوتب في الشّراب فقال: إذا صار أكبر ذنوبي تركته.
وأمّا إبراهيم بن المهديّ فقد أساء في تعريضه بالكأس لمحمّد بن حازم، ولكن من عبث بالبمَّ والزِّير، لم يكن في الدّيانة أخا تعزير. وقد روي أنّ المعتصم دعا إبراهيم كعادته فغنَّاه البيتين اللذين يقال فيهما: غنّى صوت ابن شكلة، وبكى إبراهيم، فقال له المتعصم: ما يبكيك؟ فقال: كنت عاهدت الله إذا بلغت ستين سنةً أن أتوب، وقد بلغتها. فأعفاه المعتصم من الغناء وحضور الشراب.
والتّوبة إذا لم تكن نصوحاً، لم يلف خلقها منصوحاً. وكان في بلدنا رجلٌ مغرمٌ بالقهوة، فلمّا كبر رغب في المطبوخ، وكان يحضر مع نداماه وبين يديه خرداذيُّ فيه مطبخةٌ، وعندهم قدحٌ واحدٌ، فيشرب هو من المطبوخ ويشرب صحابه من النيء، فإذا جاء القدح إليه ليشرب، غسله من أثر الخمر وشرب فيه، فإذا فرغ خرداذيُّ المطبوخ رجع فشرب من شراب إخوانه.
وأمّا مخاطبته غيره وهو يعني نفسه، فهو كقولهم في المثل: إيّاك أعني واسمعي يا جارة. ولا عندد عن الجبلَّة، يريد المتنسِّك أن ينصرف حبُّه عن العاجلة، وليس يقدر على ذلك، كما لو لا تقدر الظبية أن تصير لبؤةً، ولا الحصاة أن تتصوَّر لؤلؤةً: يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنَّك كنت من الخاطئين. وقول القائل في الدّعاء: اللّهم اجعل وصعي بازياً، يكون للسّفه مواذياً.
ولقد علمت ولا أنهاك عن خلق
أن لا يكون امرؤ إلاّ كما خلقا وإنَّا لنجد الرّجل موقناً بالآخرة، مصدِّقاً بالقيامة، معترفاً بالوحدانية وهو يحجأ على النّابح بعظمٍ، وعلى الجارية بعارية نظمٍ، كأنّه في الأرض مخلدٌ، وإن فني سهلٌ وجلدٌ.
وكثير من الذين يتلون الآية: " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبّةٍ أنبتت سبع سنابل في كلِّ سنبلة مائة حبِّةٍ، والله يضاعف لمن يشاء، والله واسعٌ عليم " . وهم بها مصدِّقون، ومن خشية إلههم مشفقون، يضنُّون بالقليل التافه ولا يسمحون للسّائل ولا الوافه، فكيف تكون حال من ينكر حديث الجزاء، ولا يقبل عن الفانية حسن العزاء؟ وقد مرّ به حديث أبي طلحة، أو أبي قتادة ومعناه أنهّ خاصم يهوديّاً إلى النبيّ صلّى الله وسلّم، وكان لأبي طلحة حديقة نخلٍ، وبينه وبين اليهوديّ خلفٌ في نخلةٍ واحدةٍ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم، لليهوديّ: أتسمح له بالنخلة حتى أضمن لك نخلةً في لجنّة؟ ونعتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنعوت أشجار الجنّة. فقال اليهوديُّ: لا أبيع عاجلاً بآجل. فقال أبو طلحة: أتضمن لي يا رسول الله كما ضمنت له حتى أعطه الحديقة؟ فقال: نعم. فرضي أبو طلحة بذلك. وأخذ اليهوديّ وذهب إلى حديقته، فوجد فيها امرأته وأبناءه وهم يأكلون من جناها، فجعل يدخل إصبعه في أفواههم فيخرج ما فيها من التمر، فقالت امرأته: لِمَ تفعل هذا ببنيك؟ فقال: إنّي قد بعت الحديقة. فقالت: إن كنت بعتها بعاجلٍ فبئس ما فعلت! فقصَّ عليها الخبر، ففرحت بذلك.
ولو قيل لبعض عبَّاد هذا العصر: أعط لبنةً ذات قضَّةٍ، لتعطى في الآجلة لبنةً من فضَّة، لما أجاب. لو سئل أمةً عوراء، يعوَّض منها في الآخرة بحوراء، لما فعل. على أنّه من المصدِّقين، فكيف من غذي بالتكذيب، وجحد وقوع التّعذيب؟ وأمّا فاذوه فلقي طائر الحين، متكفياً من بين جناحين، فلا إله إلاَّ الله، ما أعدَّ المهراس، ليفضح به الرأس، ولكن لكلِّ أجل كتابٌ، والشرُّ يبكر وينتاب. منته نفسه التّوبة، فكانت كصاحبة امرىء القيس لمّا قال لها:
منَّيتنا بغدٍ وبعد غدٍ
حتى بخلت كأسوإ البخل [عدل] أبي الهذيل العلاف
ويحكى عن أبي الهذيل العلاَّف أنّه كان يمرُّ في الأسواق على حمارٍ ويقول: يا قوم احذروا توبة غلامي.وكان له غلامٌ يعد نفسه التّوبة، فسقطت عليه آجرةٌ فقتلته، والدّنيا الغرَّارة ختلته.
وأوّل ما سمعت بأخبار الشّيخ، أدام الله تأثيل لفضل ببقائه، من رجلٍ واسطيٍّ يتعرّض لعلم العروض، ذكر أنّه شاهده بنصيبين، وفيها رجلٌ يعرف بأبي الحسين البصري، معلماً لبعض العلويّة، وكان غلامٌ يختلف إليه يعرف بابن الدن، وقد اجتاز الشّيخ ببلدنا والواسطيُّ يومئذٍ فيه. وقد شاهدت عند أبي أحمد عبد السّلام بن الحسين المعروف بالواجكا رحمه الله، فلقد كان من أحرار النّاس كتباً عليها سماعٌ لرجلٍ من أهل حلب، وما أشكُّ أنّه الشّيخ، أيّد الله شخصه بالتّوفيق، وهو أشهر من الأبلق العقوق، لا يفتقر إلى تعريف بالقريض، بل يصدح شرفه بغير التّعريض. قال البكريُّ النَّسابة لرؤبة: من أنت؟ قال: أنا ابن العجَّاج. قال: قصَّرت وعرَّفت. وإنّما هو في الاشتهار، كما سطع من ضوء نهارٍ، وكما قال الطائيُّ:
تحميه لألاؤه أو لو ذعيتَّه
من أن يذال بمن أو ممَّن الرّجل؟ وإن تناسخت الأمم في العصور، فهو عليُّ بن منصور الذي مدحه الجعفيُّ، فقال والخالق وفيّ:
في رتبةٍ حجب الورى عن نيلها
وعلا، فسمّوه عليَّ الحاجبا حجب طلاب الأدب عن تلك الرّتبة، ونزل بالمشّامخة لا العتبة. وأمّا العلماء الذين لقيهم، فأولئك مصابيح النّاجية وكواكب الدّاجية، وإنَّ في النّظر إليهم لشرفاً، فكيف بمن اغترف من كلِّ بحرٍ وجد غرفاً؟ وإنّما أقول ذلك على الاقتصار، ولعلَّه قد نزف بحارهم بالقلم والفهم، وفتحوا له أغلاق البهم جمع بهمةٍ وهو الأمر الذي لا يهتدى له فأخذ عن الكتابيّ سور التنّزيل، وفاز بثواب جزيل،فكأنما لقنّه إيّاه الرّسول، وبدون تلك الدّرجة يبلغ السُّول. أو أخذها عن جبرئيل،فى غير ولا تبديل. وسهّلوا له ما صعب من جبال العربيّة، فصارت حزونة كتاب سيبويه عنده كالدِّمات، وغني في اللُّجج عن ركوب الأرماث.
وأمّا انحيازه إلى أبي الحسن، رحمه الله، فقد كان ذلك الرّجل سيَّداً، ولمن ضعف من أهل الأدب مؤيَّداً، ولمن قوي منهم وادّاً، ودونه لللنوب محاداً، وكان كما قال القائل:
وإذا رأيت صديقه وشقيقه
لم تدر أيهما ذوو الأرحام وكما قال الطّائيّ:
كلُّ شعبٍ كنتم به آل وهب
فهو عبي وشعب كل أديب والمثل السّائر: على أهلها تجني براقش. وذكر الصُّوليّ أنّه دخل على المتَّقي بعدما قتل بنو حمدان محمّد بن رائق، فسأله عن أبيات نهشل بن حرِّيّ:
ومولىّ عصاني واستبدَّ برأيه
كما لم يطع بالبفتين قصير فلما رأى ما غب أمري وأمره
وناءت بأعجاز الأمور صدور تمنَّى نئيشاً أن يكون أطاعني
وقد حدثت بعد الأمور أمور يقال: فعل كذا نئيشاً، أي بعدما فات، قال الشاعر:
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)