على جورجيت بدنا نروووح .. لا تكون خايف ؟؟ ازا خايف اتخبى ورا صقر ..
نتابع النهاية ..
ابدت ياسمين عدة ملاحظات ووعدها انه سيقوم فورا بتنفيذها واتفقت معه على عدة امور جديدة ومن ثم رافقها مدير القاعة حتى باب السيارة وبعد ان ودعها وسار عدة اقدام نادت عليه ياسمين من شباك السيارة ...فأقترب منها مهرولا وقالت له باللغة العبرية ..
اسمع يا رافي بكره الصبح لما تطلع الشمس اذا كنت حاب تقدر تشوفها بعينيك طلع الفكرة الي برأسك ولا تفكر باشي ما بخصك واستقلت ياسمين السيارة ..وبقي رافي مدير القاعة متجمدا مكانه وقد اصفر وجهه واعتراه خوف شديد نفذ الى اعماقه واخذ يتلو مجموعة من الصلوات ويدعوا الله ان تمر هذه الليلة على خير..وخاصة ان ياسمين استطاعت ان تعرف ما يفكر به.
وبعد ساعات وفي تمام الساعة السابعة مساءا وصل فارس الى الباب الخلفي للقاعة الذي تم اعداده وتزينه ليمر منه العروسين في طريقهم الى المكان المخصص بالقاعة..اقترب فارس من الستارة السوداء الاولى التي اعدت لتحجب النور المنبعث من خارج القاعة ..
فازاحه بيده ووجد نفسه امام ستارة سوداء اخرى حيث وجد نفسه بين ستارتين وقف هناك بناء على طلب ياسمين حتى تحضر اليه وما هي الا دقائق حتى سمع صوت ياسمين تناديه بأن يمر عبر الستارة ..
ازاح فارس الستارة السوداء لتنبعث عبر الممر روائح عطور وبخور ويرى نور
الشموع المصطفة على جانبي المدخل وما كادت عيون فارس تتأقلم مع نور الشموع الباهت ويستطيع الرؤيا حتى راى..ياسمين واقفة في نهاية المدخل وقد ارتسمت على شفتاها ابتسامة ..
وقف فارس مشدوها بما يرى وكأن عقله قد توقف عن التفكير ولم يعد قادرا على اصدار الاوامر لقدميه لتسيرا بإتجاه ياسمين التي فتحت ذراعيها لاستقباله ..وما بهت فارس هو رؤيته لياسمين بثوب الزفاف الابيض...كحورية من حوريات الجنة ..وقد ارتسمت على شفتاهها ابتسامة عريضة ناعمة .....
لم يتحرك فارس من مكانه خشية ان يرفع بصره عنها او انه يخشى ان يكون بحلم قد يصحو منه ..اخذ قلب فارس يدق بسرعة ولم يتحرك من مكانه برغم ان ياسمين اشارت اليه اكثر من مرة ان يتقدم نحوها ..
الا انه لا حياة لمن تنادي فما كان من ياسمين الا ان اقتربت هي منه وهزته من ذراعه..
وقالت له: مالك ..لا تنجن هلأ ولا تسطل
فنظر اليها وقال: ياسمين انا ما بحلم صحيح..
فقالت: لا انت ما بتحلم وهلأ لازم نتحرك ..لا تخربطلي النظام الّي انا "مجهزتو لهليوم ".
فقال: طيب حندخل هلأ الناس كلهم حيشوفوا وجهك والعجوز حذرتك انو ما حد يشوفك الا بعد ما تخلفي بنت..
فقالت :فارس حبيبي هاي مشكلتي مش مشكلتك وهلأ يالله قبل ما الترتيب يخرب.
امسك فارس بذراع ياسمين واستعد للدخول ..فمالت ياسمين برأسها على اذن فارس وهمست وكأنها لا تريد ان يسمعها احد وقالت :فارس خليك طبيعي ولا تهتم بوجود حد
اراد فارس التقدم نحو القاعة ولكن ياسمين قالت له: استنى اشوي بعد دقيقة بندخل.. دقيقة مرت ودقت موسيقى ترحيبية بدخولهم مصاحبة لاغنية بكلمات جميلة متناسقة بالكاد تكون مفهومة...وسار فارس يتأبط ذراع ياسمين على دقات الموسيقى حتى وصلا الى المكان المخصص لهما في وسط القاعة المليئة بآلاف الشموع المضاءة بكل مكان ووسط جو من البخور والعطور والاف الورود التي ملأت القاعة واصطفت على طريق مرورهم ..وفي هذه الاجواء لم يكن فارس يستطيع ان يرى الا ياسمين الذي ما زال لا يستطيع ان يبعد عينيه عنها ولو للحظة مبهورا بجمالها ...تحولت الموسيقى من دقة الزفة الى موسيقى هادئة اعدت لرقصة العرسان مسبقا ووضع فارس يده على خصر ياسمين وامسك بالاخرى وضمها اليه واخذ يتمايلان على انغام الموسيقى ليشعر فارس كلما دارت ياسمين ان الدنيا كلها تدور فيه.. همست ياسمين في اذن فارس فقام فارس بتناول كأسين أعدا على الطاولة امامهم مسبقا فتناولاهما معا ..
وبقي مشدوها مبهورا بياسمين...
وبلفتة عين جاءت عفوية بأتجاه الموائد من فارس تبعتها تحديقات والتفاتات وبحث في القاعة الواسعة الكبيرة رأى فارس ان كل الموائد مضاءة بشموع ومليئة بالمشروبات والحلويات والأطعمة ولكنه تفاجىء بعدم وجود اي شخص في القاعة ، حتى ان فارس ولهول المفاجأة انحنى لينظر تحت الموائد لعل المدعويين اختبأوا وايقن انه لا يوجد في هذه القاعة الكبيرة الواسعة سوى هو وياسمين واجهزة موسيقية تعمل اتوماتيكيا ...ضحكت ياسمين وتردد صدى ضحكتها في انحاء القاعة المغلقة بإحكام والخالية من البشر ووقف فارس ينظر اليها ولا يدري ايضحك معها ام يبكي..
وقال :شو بصير يا ياسمين شو بصير يا ياسمين ..
فقالت:شو يا حبيبي في اشي مش عاجبك ..!!
فقال: وين الناس وين..?
فقاطعته وقالت: شو يا حبي انت ما بتغار عليّ بدك حد غيرك يشوف وجهي معقول انت ما عندك دم ولا بدك البس خمار وعباي يوم عرسي علشان الناس يقولوا انه فارس متجوز قردة علشان هيك مخبيها...فقال فارس: وكل هالمصاريف وهالغلبة مش على شان يكون في ناس ومدعوين ..واهلي يحتفلوا معنا ..
فقالت ياسمين: فارس اطلع على كل الطاولات وشوف اذا امي موجودة على واحدة منهن ...اخذ فارس يتلفت ويبحث بعيونه وكأنه يتوقع رؤية ام ياسمين وقال لها: مش شايف ..
فقالت:طيب اطلع على كل الطاولات وشوف اذا كانت اختي وردة موجودة على واحدة منهن..!؟
فنظر فارس بسرعة وقال: لا مش شايفها .
فقالت:طيب يا حبيبي بتعرف ليش علشان امي واختي ما بقدروا يحضروا عرسي واذا امي واختي...مش موجودين مين حيهمني يكون موجود اذا كان واحد ولا الف حيهمني اهلك ولا اصحابك ولا اقاربك كلهم يا حبيبي ما بيسوا عندي بسمة صغيرة من امي في يوم مثل هذا وامي مش عم تقدر تبتسم .
فقال :طيب ليش كل هذا وليش داعينا الناس ..!؟
فقالت: ما حدا دعا حدا يا حبيبي ولا بتفكرني فاضية اشغل مخي بدعوة الناس ، واطمئن ما حد بعرف بهالحفلة الا اذا انت داعي حد من وراي فهاي مشكلتك..اما ليش هالغلبة ...يا حبي علشان اليوم عرسي ولا تقلبلي اياه نكد وخليني مبسوطة ومن حقي اشعر انك عملت لي اشي على مستوى بتحلم فيه أي بنت بتتجوز لاول مرة بعمرها وكمان علشان ما اشعر اني ناقصة عن الناس وبدك احلى من هيك عرس يا فارس والله ما حلمت فيه حتى بأحلامك وعمرك ما راح تنساه الا اذا قلبك وجعك على اللي دفعته وخسرتوا ..اطلع في حبيبي مليح وشوف اذا انا بستاهل ولا ما بستاهل..
نظر اليها فارس وابتسم وقال من كل قلبه: مجنونة والله العظيم مجنونة بس بحبك وبموت بجنونك..
اقتربت ياسمين وحضنت فارس وقبلته وهي تضحك سعيدة واستمر العناق لعدة دقائق وفجأة سالت عدة دمعات من عيني ياسمين وسارت عدة خطوات وحملت احدى الشموع بكلتا يديها ووضعتها في وسط القاعة وجلست على ركبتيها امام الشمعة واخرجت وثيقة الزواج ووضعتها بجانب الشمعة وبدا الحزن على وجهها وانهمرت الدموع من عينيها ..ولا مس شعرها الطويل الارض وكانت تمسح بكفيها الدموع وهي تنظر باتجاه الاف الشموع المضائة بارجاء القاعة .....وكان ما دفعها للبكاء انها لمحت عشرات الشموع قد اطفأت ..فقالت بصوت عالي تخاطب الشموع والدموع ما زالت تسيل من عيونها ..
نورنا وعهدنا وطريقنا انت يا جورجيت
ضويت كل هالشموع لألك
ومش لألي كل شمعة
بتحكيلك انو ما نسينا
ولا راح ننسى عهدك
كل شمعة بتذكرنا
بدمعتك وبندري انو شموع
الدنيا ما بتضوي عتمتك
يا جورجيت وجهك
ما شفناه وآلمك اعرفناه
يا جورجيت انا حفيدتك وهذا حفيد عدوك والزمن رجع والوثيقة انكتبت باسمك واسم عدوك فيها ....والتاريخ نفس التاريخ واسمك فخر واسم عدوك عار ومشان اسمك الدهري دفع كل شيء وما عاد من نسلوا حدا بيملك شيء ..
دموعك وحسرتك ذاقوها..واسمك ظل وحيظل ..واسم عدوك ما ظل منو شيء ..عهدك لبنتي ححفظو..واسمك ححملو لبنتي ..واسمك الاول وعدوك الاخر ..وحفيد عدوك دخل عتمة القبر..وهرب من القبر لانك سمحتي ..كان بايدك تعتميه العمر كله ..بس انتي اللي تركتيه ..
يا ستي وين ما كنت اذا كنت بتسمعيني ساعديني ..ابن الدهري حبني من غير ما يشوفني والنذر اكتمل والعهد انصان..واثناء حديث ياسمين بدأت الشموع تنطفىء الواحدة بعد الاخرى بطريقة غريبة..حتى انطفأت نصف الشموع ..ايقنت ياسمين ان الشموع تنطفىء واحدة تلو الاخرى ..فأمتقع لونها ووضعت كفيها على وجهها واجهشت بالبكاء ..وبصوت مسموع وبألم وحسرة وضعت رأسها على الارض ولم تعد تنطق بكلمة ..
لم يحتمل فارس بكاء ياسمين بهذه الطريقة ولم يتمالك نفسه وأخذ يبكي معها واقترب منها وحاول ان يرفع رأسها عن الارض الا انها بقيت ملتصقة بالارض مجهشة بالبكاء بألم وحسرة ..حاول فارس وحاول وشعر ان ما يحدث لياسمين هو بسبب انطفاء الشموع الذي يشير بأن جورجيت غير راضية وقف فارس والدموع بعينيه متأثرا بشدة لما ألم بياسمين.
واخذ ينادي باتجاه ما تبقى مشتعلا من الشموع: يا جورجيت انا ما عرفتك صغيرا ولا عرفتك كبيرا وانا ما عرفت انو انكتب علّي احمل ذنب ابو.. وجد.. وقريب وما صدقت انو دمي من دمهم..ما عرفتك بس بكيتك..وكرهت اصلي وحبيتك وحبيت بنت بنتك وحبيت اسمك ..الدنيا كلها ..كلها ظلمة ان ما كانت فيها ..حبيتها من غير ما اشوفها ورضيت اظل العمر اشعر فيها وما اشوفها ولو خيروني معها لاعيش بقبر وبدونها كل حياتي قبر..هي طلعت من العتمة وكانت الّي النور وان كان حكمت علي اعيش بعتمة وهي معي فأنت حكمت علي اعيش بالنور ..دموعها نار بتحرقني ..ارحم الي اعيش عمري كلوا في القبور ...وما اشوف دموعها... يا جورجيت القبور والخوف والألم حتى الموت ما كان ممكن يعذبني وهلأ بحكيلك ان كنت بتسمعيني وبحكيلها انو فراقها لحظة هو اليّ كان يحرقني وتفكيري كل لحظة اني ممكن افقدها كان يعذبني..يا جورجيت ان نكتب علّي احمل ذنب سيدي انا جاهز اعمل الي بدك اياه ..انا جاهز ادفع ثمن ذنب مجرم ما عرفتو ..كل شيء ممكن احتملو الا الدموع "بعيونها" بشوفها بالليل والنهار نار بتحرقني...بكل لحظة عرفتها حبيتها...انا حبيتها وهي بتكرهني ...انا حبيتها وهي بتعذبني ..انا حبيتهاوهي بتحبني..يا جورجيت ان كنت بتسمعيني ...
وتعب فارس من مخاطبة الشموع وجلس بجانب ياسمين محاولا ان يهدئها..واستطاع ان يرفع رأسها عن الارض ويضمها الى صدره بقوة لتمتزج دموعهما معا وكأنها دموع شخص واحد...وعيونهما بأتجاه الشموع ...عادت الشموع تشتعل بطريقة غريبة الواحدة تلو الاخرى وبسرعة كبيرة حتى عادت واشتعلت جيعها...وقفت ياسمين محدقة بالشموع وما زالت اثار الدموع تملأ عينيها ..ووقف فارس الى جوارها ومن بعيد ومن خلف الشموع ظهرت فتاة ترتدي الأبيض ويشع من وجهها النور وشعرها مسترسل على كتفيها..حتى لحظة ظهورها كان فارس يظن ان ياسمين هي اجمل من خلق الله ولكن ما رآه لا يمكن لعقل وفكر ان يوصفه وما بهر فارس وحتى ياسمين ان الشبه كبير بينها وبين ياسمين...ياسمين لم تكن اقل مفاجأة من فارس ..الا ان الفرحة الممزوجة بالخوف قد بدت على وجهها ..لم تتحرك ياسمين من مكانها الا حينما ارتسمت على شفاه الفتاة ابتسامة كأنها دعوة لياسمين ان تقترب منها ..سارت ياسمين بسرعة باتجاهها وانحنت ولمست بيدها قدمها وقبلت يدها حيث لمست ..وهمت ان تحضنها في لحظة الا انها عادت الى الخلف من جديد وكان احدا طلب منها ذلك او انها فهمت ان ذلك ليس بأمكانها وشبكت يديها ببعض وضمتهم الى صدرها بقوة وعادت ووقفت بجانب فارس ولم تزح نظرها ولو للحظة واحدة عنها وقالت ياسمين والدموع تترقرق في عينيها:
ستي جورجيت انا...لم تكمل كلمتها فقد اشارت جورجيت بيدها مع ابتسامة ففهمت ياسمين انها يجب ان تصمت ...خيم جو من الصمت لعدة دقائق لم يتكلم احد ولكن الابتسامة الممزوجة بدموع من طرف فارس وياسمين والابتسامة والنور المشع من وجه جورجيت اضاف الى الجو نوع من الدفيء ..ونظرت اليهم جورجيت نظرة مليئة بالمحبة والحنان مصحوبة بابتسامة دافئة وقالت لياسمين:
مبروك يا جورجيت
وسمي بنتك ياسمين
والنار انطفت والوثيقة احفظوها
والقديمة مع مولد ياسمين احرقوها
واحكوا للناس انو لعنة المظلوم نار
وقوة البشر ما بتطفيها
وتحرق جيل بعد جيل
لييجي جيل بالحب ينهيها
واستدارت جورجيت الجدة وسارت بخطى واثقة مبتعدة من حيث اتت وبقيت عيون فارس وياسمين تتبعها حتى توارت عن الانظار..وقفزت ياسمين باتجاه فارس وتعلقت به وهي تضحك وتبكي في نفس الوقت ..ومدت يدها الى وثيقة الزواج وحملتها وضمتها الى صدرها ...وامسكت بيد فارس كطفلة صغيرة وركضت باتجاه مدخل القاعة ثم توقفت للحظة وكأنها تتذكر شيء ثم ركضت باتجاه المدخل الخلفي وحملت بيدها حقيبة صغيرة وركضت مرة اخرى باتجاه فارس وامسكت بيده وركضت بسرعة باتجاه المدخل...خرجت منه عدة خطوات ونظرت للخارج فانهمرت الدموع من عيونها وعانقت فارس بقوة وسحبته بسرعة باتجاه السيارة ...لمحت بعينها مدير القاعة رافي ..يقف على بعد اكثر من ثلاثين مترا يحدق بها هو ومن حوله من العاملين في القاعة وكأنها ملاكا بثوب ابيض هبط من السماء ..ضحكت وتركت يد فارس واخرجت من الحقيبة مغلف وركضت باتجاه مدير القاعة وناولته اياه بسرعة وابتسمت له بخجل حينما شعرت انه يتسأل ...هي او ليست هي..وركضت وعادت الى فارس ..
صعدا السيارة واوقعت ياسمين المفاتيح على الارض اكثر من مرة من شدة الارتباك التي هي فيه...واسرعت بالسيارة تنظر الى فارس وهي تضحك وتبكي وتمسح دموعها فتضحك وتعود الدموع تنهمر من عيناها من جديد.
ساعة وهي مرتبكة والصمت يخيم على الاجواء فلا احد يكلم الاخر واوقفت السيارة بجانب هضبة وامسكت بيد فارس واخذت تصعده بسرعة وهي تجر فارس خلفها ووقفت واخذت تنادي بأعلى صوتها وردة ..وردة..وردة..ويتردد صدى صوتها وتنظر بكل الاتجاهات ...وبعد عشرة دقائق عادت وصعدت الى السيارة وقادتها لمسافة مئات الامتار واوقفتها وخرجت منها ووقفت بجانبها ...وبعد خمس دقائق ظهرت امرأة مقنعة بالخمار والعباءة واقتربت من السيارة وركضت باتجاه ياسمين ...وياسمين ركضت بأتجاهها وكل منهما تنادي بأسم الاخرى"ياسمين...وردة".
99103.gif
King of Nothing
فقالت ياسمين لوردة: شفت ستي جورجيت يا وردة شفتها..!
فردت وردة :عرفت ...!!
وقالت ياسمين وكأنها تود ان تحكي لوردة عن كل شيء بكلمة واحدة وبسرعة:انا اول ما شفتها فكرتها انت بس لما اقتربت شوي عرفت انها ستي جورجيت وهي مثل ما امي حكتلنا عنها ...لو انت شفتيها مش راح تصدقي كيف هي..بتجنن يا وردة بتجنن..
انا ما توقعت اشوفها او اسمعها..انا كنت احكي الي بقلبي علشان اليوم الذكرى وكنت بعرف انو كلامي حيوصلها بس ما توقعت تيجي او اني اشوفها وبعدين فكرتها زعلانة مني ما بعرف يمكن كانت زعلانة وبعدين بطلت زعلانة ..لا لا مش ممكن تكون زعلانة عارفة ليش يا وردة؟
فقالت وردة بسرعة وكأنها شعرت ان لم تقل ذلك فلن تتوقف ياسمين عن الحديث..:بعرف مبروك عليك اسم جورجيت..
فقالت ياسمين بأستغراب:كيف عرفت يا وردة...!!
فقالت وردة:هو انت من اول ما شفتيني خلتيني احكي كلمة وحدة...!
فضحكت ياسمين وحضنت وردة بقوة وقالت:طيب يالا احكي لي يا اختي يا حبيبتي ...احكي بسرعة ..
فقالت وردة: وانا كمان اليوم شفتها مثلك لاول مرة...!!؟
فقاطعتها ياسمين مسرعة:مش زي ما حكيتلك ..(شفتيها تصورتني انها نكون هيك...)
ضحكت وردة بصوت عالي:فضكحت ياسمين وقالت طيب خلص انا مش راح احكي ولا كلمة ...احكي انت.
فقالت وردة: كنت مضوي الشموع علشان اليوم ذكراها ورحت احكيلها وانا عارفه انو كلامي حيوصلها ..وطلبت منها دير بالها عليك وتساعدك تتنجحي وصرت ابكي وما بعرف ليش شعرت انك حزينة كثير وما قدرت اتحمل ...شعرت اني لازم اطلع وادور عليك خفت كثير عليك يا ياسمين كنت راح اتجنن خفت كثير يكون صارلك شيء ما بتقدري ترديه وصرت احكي واترجى فيها انها تسمحلي اطلع واشوفك ونذرت على نفسي اني ما اطلع طول عمري بس اتأكد انك بخير وبعدين شفتها ...اول ما شفتها فكرت انها انت يا ياسمين ولما قربت اعرفت بسرعة انها ستي جورجيت قلتلها بسرعة ياسمين يا ستي..وقبل ما اكمل كلامي ضحكت وحكت لي انها كانت عندك ووافقت على زواجك ...وطلبت منك تسمي بنتك ياسمين واعرفت هيك انها اعطتك اسم جورجيت...
حضنت ياسمين وردة بقوة وأنتاب الاثنتين نوبة قوية من البكاء الذي استمر لدقائق طويلة وفارس يراقب ما يحدث بين الفينة والاخرى تسقط من عينيه دمعة رغما عن ارادته تأثرا لما يراه امامه..
ومن وسط الظلام ظهرت مقنعة اخرى تسير بخطى مترددة ..بأتجاه فارس وياسمين ووردة ..وما كادت تقترب حتى اجهشت ياسمين بالبكاء....واقتربت الام لعنة حيث خرجت من المكان الذي خرجت منه وردة وهي ترتدي الخمار وحضنت ابنتيها ياسمين ووردة ..
وردة التي ما زالت ترتدي الخمار وياسمين بثوب زفافها الابيض..
وبعد دقائق من الدموع والضحك ..
قالت ياسمين مخاطبة امها: ماما احنا هسه حنسكن مع بعض..؟!
ابتسمت لعنة ام ياسمين ووردة وقالت: انا واختك حنطلع على الشام نزور قبر ستك جورجيت ولما نرجع ..اختك وردة بتقدر تخلع الخمار وبتقدروا تكونوا مع بعض على طول وتعيشوا وين ما بدكم ولا تخافوا من شيء ..ستك جورجيت مش راح تنساكم...وانتو عارفين محلي مليح وراح اجي ازوركم كل وقت ومش راح تقدروا تزوروني وان احتجتوني بتعرفوا كيف تنادوني وانتو بتعرفوا يا بنات عمر المسافة ما قدرت تبعدنا عن بعض ..وبوصيكميا بناتي ديروا بالكم من عيون الناس انتن احلى بنات الدنيا وعيون ونفوس الناس ما بترحم الخمار اكثر منوا نذر كان يحميكن من عيون الناس ولا تنسن انو جمال ستكن جورجيت كان سبب عذابها وبوصيكن كل وحدة قلادتها معها بترد عنكن كثيرولا تتركنها ليل ولا نهار وان واحدة ضاعت قلادتها بسرعة تظل مع اختها ولا تبعد عن عينها ..حبكن لبعض بيحميكن ..وان كانت بعيدة عنها تتخبى عن عيون الناس وان ما قدرت تشوف اختها ترجع بسرعة للخمار..لحد ما توفر قلادة غيرها..
استمرت لعنة ام ياسمين ووردة توصيهن وتحذرهن من عيون الناس ...والتفتت لعنة الى فارس واقتربت منه وقالت له: انا لا اكرهك وربما صعب على قلبك ان اتصور ان حفيد سالم الدهري اصبح زوج ابني وربما انا بحاجة لبعض الوقت لاتقبل هذه الحقيقة ...ياسمين واختها لم يعرفن جورجيت ولم يرونها الا هذا اليوماما انا فقد عشت معها وتجرعت الآمها وانا الوحيدة التي لا اعرف لي ابا وربما كان جدك سالم هو ابي وربما تكون انت ابن اخي كل ما عرفته يا فارس عن جرائم عائلتك هو القليل الذي تعرفه ياسمين ولكن هناك جرائم كثيرة ارتكبت بحقنا ...حتى ياسمين واختها لا يعلمون بها..لا ادري كيف استطاعت جورجيت ان تسامح ..لم اكن اظن انها يمكن ان ننسى ما دام ذكره واحد من عائلة الدهري على وجه الارض ..وربما ان دموع ياسمين ووردة اطفئن النار المشتعلة وربما سامحت من اجلهن وربما لانك احببت ياسمين فعلا ..ساحتاج الى وقت كثير حتى انسى ..نعم ان سامحت جورجيت فانا اسامح ولكن الوقت هو الكفيل على ازالة ما في قلبي ..اليوم انت زوج ابنتي وانا اتمنى من كل قلبي لكما السعادة والتوفيق يا فارس احرص على ياسمين ولا تنسى انك زوجها وانه يتوجب عليك حمايتها من كل شيء حتى من نفسها ...يا فارس ياسمين برغم عن كل ما عرفته عنها الا انها بحاجة الى من يحبها ويعتني بها ويحميها واحرص من نار الغضب المدفونة باعماقها والتي ترسبت طوال السنين الماضية ...
حتى لا تثور وحتى لا يعمل الوقت على اطفائها ...تعلم كيف تتعامل مع عنادها ...فعنادها جنون ان وقفت بوجه ثار وان تجاهلته تحول الى اعصار واكثر ما اوصيك به هو ان تحرق عليها ممن حولها وعلى من حولها منا فهي قادرة على حب الناس بجنون ولا يمكن ان نبدأ بأذية احد وان قابلها احد بأذي ...فلن ترتاح حتى تردها عليه..واذيه ياسمين ربما لاتكون بعدها اذيه...والمشكلة انك لن تستطيع ان تعرف ما هو الخطأ الذي (؟؟)
ومدت لعنة يدها وصافحت فارس مصافحة لم تخلو من الفتور وودعت ياسمين وكذلك فعلت وردة بعد ان اتفقت معها على الكثير من التفاصيل للمستقبل بعد عودتها من الشام.
.وعادت لعنه بصحبة ابنتها ورده من حيث أتت وحينما وصلن جلسن بجانب العجوز البيضاء واخذت العجوز تداعب بأصبعها شعر ورده وقد ارتسمت على شفاهها ابتسامة ناعمة وقالت لورده ممازحة اياها : ترى اية اصابع ستداعب هذا الشعر في الغد القريب ..
فقالت ورده :اولا تعلمين يا خاله من سيكون ..فردت العجوز : كلا يا ابنتي فلا اعلم الان ولكن ربما علمت في المستقبل بعد ان تقضي مدة في النور من سيكون زوجا لك
فقالت ورده والدموع تترقرق في عيونها : يا خاله لقد قالت امي انه بعد ان اخرج لاعيش مع اختي ياسمين لن استطيع الحضور الى هنا من جديد فكيف ساراكما يا خاله انا محتاره ..فلا اريد ان اترك اختي لوحدها ولا اريد ان افقدكما فانتما كل شيء لنا ..
فقالت بعد ان ضمت ورده اليها : نعم يا ابنتي حياتك اصبحت في الخارج وليست هنا ..
اللعنة انتهت وبعد مئة عام سامحت جورجيت ..ويجب ان تكوني سعيده لان جورجيت قد ارتاحت وفي الغد ستكتشفي يا ورده بانك لست بحاجه الى هذا المكان من جديد وامك لن تترككما وستحضر لزيارتكما بين الحين والاخر ..اما انا فسأكون لكما ذكرى ليس اكثر..يؤلمني فراقكن ولكن هذه هي الحياة ويجب ان تستمر.
فقالت لعنه بعد ان مسحت عدة دمعات سقطت على وجنتيها وهي تستمع للحديث الذي يدور بين ورده والعجوز : متى سنذهب يا خاله لزياره قبر "امي جورجيت" ...
فقالت العجوز : في الغد يا ابنتي سأصحبكن معي الى هناك والان اذهبن للراحة فغدا امامكن رحلة طويلة وشاقة.
وفي صباح اليوم التالي توجهت لعنة وابنتها ورده بصحبة العجوز الى الشام ومرت ساعات طويلة وهن يسرن بطرق كانت معظمها تحت الارض .. حتى وصلن في فجر اليوم التالي الى بقعة جرداء انتشرت فيها مجموعة من القبور القديمة مبعثرة بلا ترتيب..
ومن بعيد رأن على احد القبور شمعه مضاءة وتجلس بجانبها امرأة تبكي ..
فقالت لعنه للعجوز ..او ليس هذا قبر امي يا خاله ..فقالت العجوز نعم هو قبر جورجيت لقد طلبت هي ان يسمى هذا القبر على اسمها فهنا دفنت عائلة الشامي امها وابيها ولهذا طلبت جورجيت ان يسمى هذا القبر على اسمها.
فقالت ورده : لا افهم يا خاله ماذا تقصدين بأنها طلبت ان يسمى على اسمها او ليست هي من دفن هنا...
قاطعتها امها لعنه وقالت: لا تقولي ذلك ولا تسألي ..فقالت العجوز بعد ان امسكت بيد ورده : نعم يا ابنتي من الافضل ان لا تسألي فهناك امور كثيرة لن تفهميها..فقالت لعنه للعجوز:ومن هي هذه المرأة الجالسه بجانب القبر يا خاله .
فقالت العجوز : لا اعلم يا ابنتي فربما هي احد زوار هذا القبر ..
مرت نصف ساعه وهن ينتظرن ذهاب المرأة من جانب القبر ولكن هذا لم يحدث ..فتقدمت ورده ولعنه بأتجاهها ..
وسألت الام لعنه المرأة بهدوء:ماذا تفعلي في هذه الساعة المتأخره من الليل بجانب هذا القبر ولماذا تبكي ..
رفعت المرأة رأسها واثار الدموع ما زالت في عينيها..وبعد ان تفحصت لعنه وورده بعينيها قالت : جئت ارجو صاحب هذا القبر ان يساعدني في شفاء ابنتي الوحيده ..وانتن ماذا تفعلن هنا هل جئتن تسألن صاحب القبر شيئا
فقالت لعنه للمرأة بفضول : وهل تعلمين من يكون صاحب هذا القبر ..
فقالت المرأة: نعم انه احد الرجال الصالحين الذي دفن هنا منذ مدة
طويلة وكل من مر رأى الشموع مضاءة على قبره.
فقالت ورده غاضبه: ومن قال لك هذه الاكاذيب .
فردت عليها المرأة بغضب :استغفري الله يا ابنتي ولا تقولي اكاذيب فهذا القبر قد ساعد الكثيرين .
فقالت ورده : يا خاله انت صادقه وما تقولينه صحيح هل ذهبت وتركتينا بجانب هذا القبر قليلا ..
فقالت المرأة :كلا لن اذهب قبل ان يتحقق طلبي ..
فتأففت ورده وقبل ان تنطق بكلمه سحبتها امها لعنه وعادت بها حيث تجلس العجوز بعيدا..
وحينما وصلت لعنه للعجوز قالت لها : ان المرأة ترفض الذهاب من جانب القبر.
فقالت ورده: ويا خاله هذه المجنونه تقول ان هذا القبر لرجل .
فنهرتها العجوز وقالت : لا يا ورده لا تقولي عنها هكذا فهي جاءت تضيء الشموع على قبر جورجيت وتسأل شيئا ولا يهم ما تظنه ..
واناس كثيرون يزورون هذا القبر ولا يعلمون لمن هو ويتداولون القصص حول صاحبه.
فقالت ورده : والان يا خاله الى متى سنبقى ننتظر والشمس ستشرق قريبا والمرأة لا تذهب .
فقالت العجوز: حتى تذهب لوحدها فلا يجوز طرد زائر للقبر.
مرت دقائق وكأنها ساعات وهن ينتظرن ذهاب المرأة...فتنفست ورده وامها الصعداء حينما بدأت المرأة بلملمة حالها وتحركت بعيدا عن القبر حتى توارت عن الانظار..
فتوجهت ورده وامها بأتجاه القبر وبقية العجوز مكانها تنتظر ..وحينما وصلت ورده والام أضيئت الشموع ولم تتمالك لعنه الام الا ان
اجهشت بالبكاء وكذلك فعلت ورده ...
وقالت لعنه بكلمات ممزوجة بالدموع تخاطب بها القبر :
انا وبناتي صن عهدك يا جورجيت ..
انا وبناتي صن عهدك يا جورجيت ...الخ.واستمرت لعنه تخاطب القبر لأكثر من ساعه والدموع لا تفارق عينيها وعيني ابنتها ورده ..
اقتربت العجوز بأتجاه لعنه وابنتها ورده ووضعت يدها على كتف لعنه وقالت : هيا يا ابنتي يجب ان نعود ..
فقالت لعنه للعجوز : ولكن امي جورجيت لم تظهر
فقالت العجوز مخاطبة لعنه وورده:لم نحضر الى هنا لرؤية جورجيت،جئت بكن لزيارة القبر واضاءة الشموع على قبر جورجيت في الشام، للتأكيد على وفائكن بالنذر،لا اكثر من ذلك.
وعادت ورده وامها بصحبة العجوز وخيبة امل كبيره علت على وجوههن لعدم ظهور جورجيت..
فقالت العجوز لهن تحثهن على ان يسرعن اكثر:هيا يا بنات يجب ان نعود قبل ان تشرق الشمس .
فقالت ورده للعجوز : ليش ما أجت يا خاله ..انا نفسي اشوفها .
فقالت العجوز: سترينها يا ورده ..والان هيا نعد..
وعادت العجوز بصحبة ورده ولعنه من نفس الطريق حتى وصلن الى حيث كن بالسابق ..وبعد ان ارتحن قليلا..
ذهبت العجوز وعادت تحمل بيدها صندوق..وضعته امام لعنه الام
وقالت للعنه : افتحيه..
ففتحته لعنه ..فلمع نور من داخل الصندوق منبعث من قلادة صنعت من الذهب والفضة ومعادن اخرى مصنوعه بغاية من الدقة والاتقان وقالت العجوز للعنه : هذه القلاده قد تركتها لك امك جورجيت فيها سر وقوة العهد ترد عن حاملها الشرور...لا يملكها اثنان ..
لا تباع ولا تشترى ..
يرثها من استحقها وحافظ على عهدها..وجدت مع اهل هذا المكان منذ مئات السنين وانتقلت بينهم وخرجت خارج هذا المكان وعادت اليه...وحينما حضرت الينا جورجيت قبل عشرات السنين استلمت القلادة واقسمت امام صاحبتها ان تصونها وتحافظ عليها وان لا تورثها الا لمن يستحقها...
مدت لعنة يدها لتمسك بالقلادة ولكن يد ابنتها ورده سبقتها وامسكت بها واخذت تتفحصها مبهورة بجمالها...
نظرت لعنة الى ابنتها ورده مستأة من تصرفها واخذت القلادة منها واعادتها الى الصندوق واغلقته وقالت للعجوز لقد حلمت بهذه القلادة منذ صغري حينما كنت اراهاعلى عنق امي جورجيت وفي احد المرات بهرتني مثلما بهرت ابنتي ورده وطلبت من امي جورجيت ان ارتديها ..
فقالت لي اخشى يا ابنتي انه حينما ترتدينها ستخسري احد عيونك ..
فقلت لها :انه لا شيء مهم في حياتي لاخسره .
فقالت لي: وانا يا لعنة الست مهمة...
99314.jpg
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 14 (0 من الأعضاء و 14 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)