كم تمنيت لو أني سمعت كلام مالك منذ البداية قال لي الطبع غالب وهاهي تثبت لي أن الخيانة فيها طبع
يا بؤساً للقدر الذي رسم لنا هذه الصدف كي نلتقي , وألف بؤس للدنيا التي جمعتني بتلك الخائنة
لازمني مالك في محنتي تلك ولم يتركني لحظة ًواحدة ً لأبحث عن صدر حنون أغرق بدموعي عليه ويد صديق أضمد بها الجراحات النازفة بحرقة في قلبي
إلا أن صراعات الكبرياء كبريائي أنا مع حبي لها ومعارك العقل والقلب المعتوه لم تنتهي ولن تنتهي إلا بالمواجهة
فإن واجهت صاحبة المنديل مرة أخرى بعيداً عن ثورة الغضب سأقنع قلبي أنها لا تستحق حتى التفكير بها
هناك حيث ولدت أول شرارة للحب بيننا ,طلبت منها لقاءً فلبت النداء على اعتقاد منها أن ذكريات المكان ورومانسية تلك اللحظات ستكون عومل مساعدة لها في التأثير عليّ
أذكر ما حدث تماماً كأنه يمر على شريط سينمائي أمامي الآن
وصلت لأراها جالسة على هيئة أول لقاء وبنفس المكان تماماً , ودون مقدمات وقفت أنظر إلى وبصوت فيه قرار رخيم قلت:
"نون ..يا اسماً اخترعته وقصة حبٍ ابتدعتها والآن أراها تدنو من نهايتها أرى ذاك الدرب الذي حفرناه بنقر خطانا يبتعد الآن بنا عن بعضنا شيئاً فشئ
أرى الفراق لابد محتوم يوماً ما ولأني أحبك نعم وبكل ما أملك من كبرياء وقوة وبكل ما ولدت جراحات غدرك وخيانتك لعهودنا من ضعف في قلبي أقول أني ما أزال أحبك
علينا أن نفترق وفي قلوبنا مساحة من ودّ وفي ذاكرتنا حيّز من ذكريات حلوة "
تابعت نون التحديق بي ثم قالت بصوت رقيق:
ـ أنت تقول أنك تحبني ,وأنا أحــــــــــــــبـــــــك
أقسم بكل ما حوت الأرض من مقدسات أني أحبك فلماذا ــ أتوسل إليك أن تجيب ـ لماذا الفراق؟!!
" التفت برأسي نحوها قليلا ًثم عدت لمطالعة أنجم السماء قائلا ً:
ـ عندما أحببتك يا نون أحسست أنه حدث عظيم لو أضع رأسي على صدرك ِوأبكي ..
حبكِ ارتقى بي فوق مستوى شهوات الجسد ورغبات الروح مرتفعاً إلى أعلى قمة برج ٍعاجي ٍعالي
لأرى الدنيا كلها دوننا ..
عالم الأحلام الليلكي هذا عصب عيناي عن رؤية الحقائق كاملة ,غير منتبه إلى أن من يسمو نحو الأعلى سيجبر على التدقيق في أتفه التفاصيل ,التي لم يكن يراها وهو على الأرض
حبيبتي ..العشاق ..كبار العشاق ينتهون نهايات كبيرة ,نهاياتٍ لا تكتب على صفحات التاريخ فحسب ,بل يكتبوا هم وبأيديهم ومشاعرهم صفحات التاريخ ..
" قامت صاحبة المنديل لتقف إلى يميني واضعة ًيدها على كتفي " ثم قالت:
أ.كتب علينا أن ننهي قصة حبنا هكذا كي ترضي غرورك بكتابة إحدى صفحات التاريخ كما تقول .؟!
" أشرت بيدي إلى السماء باتجاه نجمتين متفردتين قائلا ?:"
أ.ترين هاتين النجمتين كان يجب أن تحملا اسمينا ليخلد حبنا سرمدّياً في سماء الفردوس
أنت لم ترتفعي معي إلى قمة ذاك البرج ..ربما كان ـ للأسف ـ خطأي أني لم أقدرك حق قدرك ..
لم أدرك أنك لا تملك القدرة على استيعاب أن الحب يرتقي فوق شهوات الجسد أولا ً وعندما يصل إلى القمة يعود ليهتم بأدق التفاصيل بخصلة الشعر ورمشت العين والثوب الطويل و القصير......
كي لا يهوي أحدّ ٌمنا عن جبل الظروف ليهوي في وادي الواقع بعد يوم أو شهر أو حتى عشرة سنوات أنا متأكدٌ أن أحداً منا سوف لن يصدم فيهوي
سأتراجع الآن أنا وقبل أن تغوص أقدامنا في رمال الكذب المتحركة..
ـ أنا لا أفهمك ....فماذا تريد؟
ـ المهم أني أفهم نفسي وعلى علم ? ثقة بما أريد..
ـ امنحني فرصة
ـ لست أنا من يمنح الفرص الآن
ـ إذن من؟؟
ـ وداعاً
" كم كنت أتمنى لو أني أملك القدرة على تحدي كبريائي وواقعي وكل ما واجهتني من حقائق لأمنحها فرصة"}
لفت رأسه نحوي وهو يبكي بدموع حارقة ثم شرب زجاجة المشروب حتى أجهز على آخر قطرةٍ فيها
وسرعان ما أنطلق يشق عباب الريح كأنه لا يريد لي رؤيته ضعيفاً ,لكنه تعمد أن يريني دموعه ....
لم أكو أعرف إن كانت قصته قد انتهت أم لا أو إن كنت سأراه مرة ً أخرى يا ترى.
كم كنت أتمنى التعرف على صاحبة المنديل تلك
إلى حدّ راودتني فيه فكرة البحث عنها في سجلات النفوس على غرار ما فعل هو .
ولكن أين سأبحث لأبحث ؟
في أي مدينة وأي محافظة ثم ما أدراني أنها تحمل حرف النون في مقدمة اسمها إن كانت موجودة ً بالأصل..
ما الذي يدفع بي لتصديق تلك القصة بكامل حذافيرها
لعنه الله لقد سبب لي الصداع انتهت علبة السجائر سأعود الآن للمنزل
وهممت بالنهوض لألمح شريطاً مرميا أو موضعاً على الأرض تناولته فشممت رائحة الياسمين تفوح منه
يبدو أنه لمؤمن وقد نسيه هنا وضعته في جيب معطفي على نية إعادته لصاحبه إذ ما رأيته ثانية ً
عندما وصلت لمنزلي فوجئت وأنا أستمع للمكالمات التي جاءتني في ذاك اليوم أن زكريا قد هاتفني مرتين وأنه قد حصل على إجازة ولأني كنت متعباً جداً أجلت زيارته للغد
وبالفعل زرته في الصباح ورويت له كل ما جرى معي وما إن فرغت حتى قال بلهفة المتشوق :
وماذا بعد ذلك ? هل انتهت هكذا قصة مؤمن ?!
لم تكن أجوبتي على تساؤلات صديقي ألا زيادة ًفي حيرته وحيرتي
فأخذ نفساً من الأركيلة ثم قال : خذ لقد صارت جاهزة
ورحت أختفي خلف الدخان الذي سرعان ما ملئ الغرفة وأنا أسأل عن حال الأصدقاء تارة ً وأخرى عن أخباره هو وثالثة أحدثه عن نفسي ورحت أستشيره في أن أعرض مشروع الخطبة على نورا منتهزاً فرصة عيد ميلادها هذا المساء
كان الوقت يمضي مسرعاً دونما أدراكٌ منا لذلك إنها الثالثة عصراً استأذنت بالرحيل فعليّ تجهيز نفسي للذهاب لعيد ميلاد نورا .
فقال لي ذكريا و ابتسامة ٌ عريضة تحاكي مبسمه :هيا يا صاحبي أريدك أن تكون فارس الحفل الليلة
ـ لن تحضر أنت شادية ستكون هناك ..؟
ـ كف عن تلميحاتك يا عريس حسنٌ سأحضر
ودعته والفرح يملؤني ,عرجت على الحلاق قبل أن أخذ حماماً سريعاً ثم تممت أناقتي وارتديت معطفي وتوجهت لبيت نورا مصطحباً معي هديتها
هناك وسط مظاهر الفرح كانت حبيبتي نجمة الحفل الأولى بدون منازع
ولكن وقبل أن تطفئ الشموع وسط غنائنا جاء صوتٌ من بعيد صوتٌ أعرفه جيداً إنه مؤمن يقول بنبرة عتاب :
أ لم يكن من الواجب أن تدعني لعيد ميلاد خطيبتك يا صديقي .. أ ليست خطيبتك
" وبدأ يضحك ضحكته الساخرة المعهودة"
استغرب الجميع وجود هذا الدخيل واستغربوا تصرفاته أيضاً خصوصاً أن أحداً منهم لم يكو يعلم من هو
لكن مؤمن تدارك الموقف أو زاده تعقيداً لا أدري لقد فاجأني تماماً وهو يقف إلى جواري ,
وقبل أن أعرف عليه قال :
" أنا مؤمن صديق هذا الـ...,بالمناسبة ماذا كان اسمك .لا يهم المهم أني لم أنسى أن أحضر معي هدية ً لنجمة هذا الحفل المتألقة"
مدّى يده إلى جيب معطفي وأخرج شريط كاسيت ليضعه في آلة التسجيل ..
فما كان مني إلا وصرخت به محتدماً أن يتوقف عن تصرفاته الغريبة التي تعكر صفوه الحفل أخبرته أن وجوده غير مرغوبٍ به هنا
فقال وهو يخلع نظارته السوداء الأنيقة متقدماً نحو نورا بهدوء : لن أخرج إلا بأمر هذه الفاتنة
حاولت منعه لكنه دفع بي بقوة نحو الخلف صارخاً بوجهي تنحى جانباً فدورك قد انتهى
أمسك ذقن نورا ولفت برأسها نحوه ثم صرخ فيها : انظري إلي جيداً هل تذكرينني هل تذكري فارس الليل
هل يعرف هذا المسكين أنك نون المنديل الوردي
"لفت رأسه نحوي وأنا أحاول إبعاده عن نورا " آسفٌ يا صاحبي لقد نسيت إخبارك أن نانك هذه ما هي إلا نون المنيل الوردي
" دارت الدنيا بي وأنا أحس بقلبي وقد أنتزع من صدري لما أخرج مؤمن المنديل الوردي من جيبه"
عاد مؤمن ليمسكها من شعرها الطويل متابعاً هجومه :
هل قلت له كما قلت لي ولمن كانوا قبلي أن لا ماضي لك ، وأنك نسيتِ كل شيء مذ تعرفت عليه
أشك في صدقك فأريني بل أريه هو حقيبة يدك ..
وقفت نورا جامدة لا تؤتي بأية حركة سوى الاستسلام للدموع
سحبت الحقيبة من تحت يدها المرتعشة وما إن فتحتها حتى وجدت العلاقة التي حدثني عنها مؤمن فأخرجتها لأتأكد وصعقت لما رأيت حرف الميم المحفور عليها
فما كان مني إلا وصفعتها ثم رميت بالعلاقة بوجهها :
ميم فارس الليل ..كان علي أن أعرف من البداية أن الخيانة تجري في دمك..
وهممت بالرحيل لكن مؤمن أمسك بيدي مانعاً إياي
فصرخت بوجهه : اتركني فلا مكان لي هنا مادامت هذه العاهرة موجودة..
ـ اهدأ يا صاحبي لم ينتهي الحديث بعد ألا تريد سماع الفصل الأخير من قصتي
رفع مؤمن كلتا يديه جانباً وبدأ بالكلام :
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)