صفحة 4 من 19 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 13 إلى 16 من 73

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء السادس)


  1. #13
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    ذكر خبر قتل مصعب المختار بن أبي عبيد

    وفي هذه السنة سار مصعب بن الزبير إلى المختار فقتله.
    ذكر الخبر عن سبب مسير مصعب إليه والخبر عن مقتل المختار

    قال هشام بن محمد، عن أبي مخنف، حدثني حبيب بن بديل، قال: لما قدم شبث على مصعب بن الزبير البصرة وتحته بغله له قد قطع ذنبها، وقطع طرف أذنها وشق قباءه، وهو ينادي: ياغوثاه ياغوثاه! فأتى مصعب، فقيل له: إن بالباب رجلًا ينادي: ياغوثاه ياغوثاه! مشقوق القباء، من صفته كذا وكذا، فقال لهم: نعم، هذا شبث بن ربعي لم يكن ليفعل هذا غيره، فأدخلوه، فأدخل عليه، وجاءه أشراف الناس من أهل الكوفة فدخلوا عليه، فأخبروه بما اجتمعوا له، وبما أصيبوا به ووثوب عبيدهم ومواليهم عليهم، وشكوا إليه، وسألوه النصر لهم، والمسير إلى المختار معهم. وقدم عليهم محمد بن الأشعث بن قيس - ولم يكن شهد وقعة الكوفة، كان في قصر له مما يلي القادسية بطيزناباذ - فلما بلغه هزيمة الناس تهيأ للشخوص، وسأل عنه المختار، فأخبر بمكانه، فسرح إليه عبد الله بن قراد الخثعمي في ماء، فلما ساروا إليه، وبلغه أن قد دنوا منه، خرج في البرية نحو المصعب حتى لحق به، فلما قدم على المصعب استحثه بالخروج، وأدناه مصعب وأكرمه لشرفه. قال: وبعث المختار إلى دار محمد بن الأشعث فهدمها.
    قال أبو مخنف: فحدثني أبو يوسف بن يزيد أن المصعب لما أراد المسير إلى الكوفة حين أكثر الناس عليه، قال لمحمد بن الأشعث: إني لا أسير حتى يأتني المهلب بن أبي صفرة. فكتب المصعب إلى المهلب - وهو عامله على فارس: أن أقبل إلينا لتشهد أمرنا، فإنا نريد المسير إلى الكوفة. فأبطأ عليه المهلب وأصحابه، واعتل بشيء من الخراج، لكراهة الخروج، فأمر مصعب محمد بن الأشعث في بعض ما يستحثه أن يأتي المهلب فيقبل به، وأعلمه أنه لا يشخص دون أن يأتي المهلب؛ فذهب محمد بن الأشعث بكتاب المصعب إلى المهلب، فلما قرأه قال له: مثلك يا محمد من يأتي بريدًا! أما وجد المصعب بريدًا غيرك! قال محمد: إني والله ما أنا ببريد أحد، غير أن نساءنا وأبناءنا وحرمنا غلبنا عليهم عبداننا وموالينا. فخرج المهلب، وأقبل بجموع كثيرة وموال عظيمة معه في جموع وهيئة ليس بها أحد من أهل البصرة. ولما دخل المهلب البصرة أتى باب المصعب ليدخل عليه وقد أذن للناس، فحجبه الحاجب وهو لا يعرفه، فرفع المهلب يده فكسر أنفه، فدخل إلى المصعب وأنفه يسيل دمًا، فقال له: مالك؟ فقال: ضربني رجل ما أعرفه، ودخل المهلب فلما رآه الحاجب قال: هو ذا، قال له المصعب: عد إلى مكانك، وأمر المصعب الناس بالمعسكر عند الجسر الأكبر، ودعا عبد الرحمن بن مخنف فقال له: ائت الكوفة فأخرج إلى جميع من قدرت عليه أن تخرجه، وادعهم إلى بيعتي سرًا، وخذل أصحاب المختار، فانسل من عنده حتى جلس في بيته مسترًا لايظهر، وخرج المصعب فقدم أمامه عباد بن الحصين الحبطي من بني تميم على مقدمته، وبعث عمر بن عبيد الله بن معمر على ميمنته، وبعث المهلب بن أبي صفرة على ميسرته، وجعل مالك بن مسمع على خمس بكر بن وائل، ومالك بن المنذر على خمس عبد القيس، والأحنف بن قيس على خمس تميم وزياد بن عمرو الأزدي على خمس الأزد، وقيس الهيثم على خمس أهل العالية؛ وبلغ ذلك المختار، فقام في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
    يا أهل الكوفة، يا أهل الدين، وأعوان الحق، وأنصار الضعيف، وشيعة الرسول، وآل الرسول، إن فراركم الذين بغوا عليكم أتوا أشباههم من الفاسقين فاستغووهم عليكم ليمصح الحق، وينتعش الباطل، ويقتل أولياء الله، والله لو تهلكون ما عبد الله في الأرض إلا بالفرى على الله واللعن لأهل بيت نبيه. انتدبوا مع أحمر بن شميط فإنكم لو قد لقيتموه لقد قتلتموه إنا شاء الله قتل عاد وإرم.
    فخرج أحمر بن شميط، فعسكر بحمام أعين، ودعا المختار رءوس الأرباع الذين كانوا مع ابن الأشتر، فبعثهم مع أحمر بن شميط، كما كانوا مع أبي الأشتر، فإنهم إنما فارقوا بن الأشتر؛ لأنهم رأوه كالمتهاون بأمر المختار، فانصرفوا عنه، وبعثهم المختار مع ابن شميط، وبعث معه جيشًا كثيفًا، فخرج ابن شميط، فبعث على مقدمته ابن كامل الشاكري، وسار أحمر بن شميط حتى ورد المذار، وجاء المصعب حتى عسكر منه قريبًا.
    ثم إن كل واحد منهما عبى جنده. ثم تزاحقا، فجعل أحمر بن شميط على ميمنته عبد الله بن كامل الشاكري، وعلى ميسرته عبد الله ابن وهب بن نضلة الجشمي، وعلى الخيل رزين بن عبد السلولي. وعلى الرجالة كثير بن إسماعيل الكندي - وكان يوم خازر مع ابن الأشتر - وجعل كيسان أبا عمرة - وكان مولى لعرينة - على الموالي، فجاء عبد الله بن وهب بن أنس الجشمي إلى ابن شميط وقد جعله على ميسرته، فقال له: إن الموالي والعبيد آل خور عند المصدوقة، وإن معهم رجالًا كثيرًا على الخيل. وأنت تمشي. فمرهم فلينزلوا معك، فإن لهم بك أسوةً. فإني أتخوف إن طوردوا ساعةً وطوعنوا وضوربوا أن يطيروا على منزلها ويسلموك، وإنك إن أرجلتهم لم يجدوا من الصبر بدًا، وإنما كان هذا منه غشًا للموالي والعبيد، لما كانوا لقوا منهم بالكوفة، فأحب إن كانت عليهم الدبرة أن يكونوا رجالًا لا ينجو منهم أحد، ولم يتهمه ابن شميط، وظن أنه إنما أراد بذلك نصحه ليصبروا ويقاتلوا، فقال: يا معشر الموالي، انزلوا معي فقاتلو، فنزلوا معه، ثم مشوا بين يديه وبين يدي رايته، وجاء مصعب بن الزبير وقد جعل عباد ابن الحصين على الخيل، فجاء عباد حتى دنا من ابن شميط وأصحابه فقال: إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، وإلى بيعة أمير المؤمنين عبد الله ابن الزبير؛ وقال الآخرون: إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، وإلى بيعة الأمير المختار، وإلى أن نجعل هذا الأمر شورى في آل الرسول، فمن زعم من الناس أن أحدًا ينبغي له أن يتولى عليهم برئنا منه وجاهدناه فانصرف عباد إلى المصعب فأخبره، فقال له: ارجع فاحمل عليهم. فرجع فحمل على ابن شميط وأصحابه فلم يزل منهم أحد، ثم انصرف إلى موقفه وحمل المهلب على ابن كامل، فجال أصحابه بعضهم في بعض، فنزل ابن كامل، ثم انصرف عنه المهلب، فقام مكانه، فوقفوا ساعةً ثم قال المهلب لأصحابه: كروا كرة صادقة، فإن القوم قد أطعموكم، وذلك بجولتهم التي جالوا، فحمل عليهم حملة منكرة فولوا، وصبر ابن كامل في رجال من همدان، فأخذ المهلب يسمع شعار القوم: أنا الغلام الشاكري، أنا الغلام الشبامي، أنا الغلام الثوري، فما كان إلا ساعة حتى هزموا، وجعل عمر بن عبيد الله بن معمر على عبد الله بن أنس، فقاتل ساعة ثم انصرف، وحمل الناس جميعًا على ابن شميط، فقاتل حتى قتل، وتنادوا: يا معشر بجيلة وخشعم، الصبر الصبر! فناداهم المهلب: الفرار الفرار! اليوم أنجى لكم، علام تقتلون أنفسكم مع هذه العبدان، أضل الله سعيكم. ثم نظر إلى أصحابه فقال: والله ما أرى استحرار القتل اليوم إلا في قومي. ومالت الخيل على رجالة ابن شميط، فافترقت فانهزمت وأخذت الصحراء. فبعث المصعب عباد بن الحصين على الخيل، فقال: أيما أسير أخذته فاضرب عنقه. سرح محمد بن الأشعث في خيل عظيمة من خيل أهل الكوفة ممن كان المختار طردهم، فقال: دونك ثأركم! فكانوا حيث انهزموا أشد عليهم من أهل البصرة، لا يدركون منهزمًا إلا قتلوه. ولا يأخذون أسيرًا فيعفون عنه. قال: فلم ينج من ذلك الجيش إلا طائفة من أصحاب الخيل؛ وأما رجالتهم فأبيدوا إلا قليلا.
    فال أبو مخنف: حدثني ابن عياش المنتوف، عن معاوية بن قرة المزني، قال: انهيت إلى رجل منهم، فأدخلت سنان الرمح في عينه، فأخذت أخضخض عينه بسنان رمحي، فقلت له: وفعلت به هذا؟ قال: نعم، إنهم كانوا أحل عندنا دماء من الترك والديلم؛ وكان معاوية بن قرة قاضيًا لأهل البصرة، ففي ذلك يقول الأعشى:
    ألا هل أتاك والأنباء تنمى ** بما لاقت بجلة بالمذار
    أتيح لهم بها ضرب طلحف ** وطعن صائب وجه النهار
    كأن سحابة صعقت عليهم ** فعمتهم هنالك بالدمار
    فبشر شيعة المختار إما ** مررت على الكويفة بالصغار
    أقر العين صرعاهم وفل ** لهم جم يقتل بالصحارى
    وما إن سرني إهلاك قومي ** وإن كانوا وجدك في خيار
    ولكني سررت بما يلاقي ** أبو إسحاق من خزي وعار
    وأقبل المصعب حتى قطع من تلقاء واسط القصب، ولم تك واسط هذه بنيت حينئذ بعد، فأخذ في كسكر، ثم حمل الرجال وأثقالهم وضعفاء الناس في السفن، فأخذوا في نهر يقال له: نهر خرشاذ، ثم خرجوا من ذلك النهر إلى نهر يقال له قوسان؛ ثم أخرجهم من ذلك النهر إلى الفرات. قال أبو مخنف: وحدثني فضيل بن خديج الكندي، أن أهل البصرة كانوا يخرجون فيجرون سفنهم ويقولون:
    عودنا المصعب جر القلس ** والزنبريات الطوال القعس
    قال: فلما بفغ من مع المختار من تلك الأعاجم مالقي إخوانهم مع ابن شميط قالوا بالفارسية: " ابن بارد روغ كفت " يقولون: هذا المرة كذب.
    قال أبو مخنف: وحدثني هشام بن عبد الرحمن الثقفي، عن عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي، قال: والله إني لجالس عند المختار حين أتاه هزيمة القوم ومالقوا، قال: فأصغى إلى، فقال: قتلت والله العبيد قتلةً ما سمعت بمثلها قط. ثم قال: وقتل ابن شميط وابن كامل وفلان وفلان، فسمى رجالًا من العرب أصيبوا، كان الرجل منهم في الحرب خيرًا من فئام من الناس. قال: فقلت له: فهذه والله مصيبة، فقال لي: ما من الموت بد، وما من ميتة أموتها أحب إلي من مثل ميتة ابن شميط، حبذامصارع الكرام! قال: فعلمت أن الرجل قد حدث نفسه إن لم يصب حاجته أن يقاتل حتى يموت.
    ولما بلغ المختار أنهم قد أقبلوا إليه في البحر، وعلى الظهر، سار حتى نزل بهم السيلحينن، ونظر إلى مجتمع الأنهار نهر الحيرة ونهر السيلحين ونهر القادسية، ونهر يوسف، فسكر الفرات على مجتمع الأنهار، فذهب ماء الفرات كله في هذه الأنهار، وبقيت سفن أهل البصرة في الطين، فلما رأوا ذلك خرجوا من السفن يمشون، وأقبلت خيلهم تركض حتى أتوا ذلك السكر، فكسروه وصمدوا صمد الكوفة، فلما رأى ذلك المختار أقبل إليهم حتى نزل حروراء، وحال بينهم وبين الكوفة. وقد كان حصن قصره والمسجد، وأدخل في قصره عدة الحصار، وجاء المصعب يسير إليه وهو بحروراء وقد استعمل على الكوفة عبد الله ابن شداد، وخرج إليه المختار وقد جعل على ميمنته سليم بن يزيد الكندي، وجعل على ميسرته سعيد بن منقذ الهمداني ثم الثوري، وكان على شرطته يومئذ عبد الله بن قراد الخشعمي، وبعث على الخيل عمر بن عبد الله النهدي، وعلى الرجال مالك بن عمرو النهدي. وجعل مصعب على ميمنته المهلب بن أبي صفرة، وعلى ميسرته عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وعلى الخيل عباد بن الحصين الحبطي، وعلى الرجال مقاتل بن مسمع البكري، ونزل هو يمشي متنكبًا قوسًا له.
    قال: وجعل على أهل الكوفة محمد بن الأشعث، فجاء محمد حتى نزل بين المصعب والمختار مغربًا ميامنا. قال: فلما رأى ذلك المختار بعث إلى كل خمس من أخماس أهل البصرة رجلا من أصحابه، فبعث إلى بكر ابن وائل سعيد بن منقذ صاحب ميسرته، وعليهم مالك بن مسمع البكري، وبعث إلى عبد القيس وعليهم مالك بن المنذر عبد الرحمن بن شريح الشبامي، وكان على بيت ماله، وبعث إلى أهل العالية وعليهم قيس ابن الهيثم السلمي عبد الله بن جعدة القرشي، ثم المخزومي، وبعث إلى الأزد وعليهم زياد بن عمرو العتكي مسافر بن سعيد بن نمران الناعطي، وبعث إلى بني تميم وعليهم الأحنف بن قيس سليم بن يزيد الكندي، وكان صاحب ميمنته، وبعث إلى محمد بن الأشعث السائب بن مالك الأشعري، ووقف في بقية أصحابه، وتزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض، ويحمل سعيد بن منقذ وعبد الرحمن بن شريح على بكر بن وائل، وعبد القيس، وهم في الميسرة وعليهم عمر بن عبيد الله بن معمر؛ فقاتلتهم ربيعة قتالًا شديدًا، وصبروا لهم، وأخذ سعيد بن منقذ وعبد الرحمن بن شريح لا يقلعان، إذا حمل واحد فانصرف حمل الآخر، وربما حملا جميعًا؛ قال: فبعث المصعب إلى المهلب: ما تنتظر أن تحمل على من بإزائك! ألا ترى ما يلقى هذان الخمسان منذ اليوم! احمل بأصحابك، فقال: إي لعمري ماكنت لأجزر الأزد وتميمًا خشية أهل الكوفة حتى أرى فرصتي. قال: وبعث المختار إلى عبد الله بن جعدة أن احمل على من بإزائك، فحمل على أهل العلية فكشفهم حتى انتهوا إلى المصعب، فبحثا المصعب على ركبتيه - ولم يكن فرارًا - فرمى بأسهمه. ونزل الناس عنده فقاتلوا ساعةً، ثم تحاجزوا. قال: وبعث المصعب إلى المهلب وهو في خمسين جامين كثيري العدد والفرسان: لا أبا لك! ما تنتظر أن تحمل على القوم! فمكث غير بعيد، ثم إنه قال لأصحابه: قد قاتل الناس منذ اليوم وأنتم وقوف، وقد أحسنوا، وقد بقى ما عليكم، احملوا واستعينوا بالله واصبروا، فحمل على من يليه حملةً منكرةً، فحطموا أصحاب المختار حطمةً منكرة، فكشوفهم. وقال عبد الله بن عمرو النهدي - وكان من أصحاب صفين: اللهم إني على ما كنت عليه ليلة الخميس بصفين، اللهم إني أبرأ إليك من فعل هؤلاء لأصحابه حين انهزموا، وأبرأ إليك من أنفس هؤلاء - يعني أصحاب المصعب - ثم جالد بسيفه حتى قتل، وأتى مالك بن عمرو أبو نمران النهدي وهو على الرجالة بفرسه فركبه، وانقصف أصحاب المختار انقصافةً شديدة كأنهم أجمة فيها حريق. فقال مالك حين ركب: ما أصنع بالركوب! والله لأن أقتل ها هنا أحب إلي من أن أقتل في بيتي؛ أين أهل البصائر؟ أين أهل الصبر؟ فئاب إليه نحو من خمسين رجلًا، وذلك عند المساء، فكر على أصحاب محمد بن الأشعث، فقتل محمد بن الأشعث إلى جانبه هو وعامة أصحابه، فبعض الناس يقول: هو قتل محمد بن الأشعث، ووجد أبو نمران قتيلًا إلى جانبه - وكندة تزعم أن عبد الملك بن أشاءة الكندي هو الذي قتله - فلما مر المختار في أصحابه على محمد بن الأشعث قتيلًا قال: يا معشر الأنصار، كروا على الثعالب الرواغة، فحملوا عليهم، فقتل؛ فخشعم تزعم أن عبد الله بن قراد هو الذي قتله.
    قال أبو مخنف: وسمعت عوف بن عمرو الجشمي يزعم أن مولى لهم قتله، فادعى قتله أربعة نفر. كلهم يزعم أنه قتله، وانكشف أصحاب سعيد بن منقذ، فقاتل في عصابة من قومه نحو من سبعين رجلًا فقتلوا، وقاتل سليم بن يزيد الكندي في تسعين رجلًا من قومه، وغيرهم ضارب حتى قتل، وقاتل المختار على فم سكة شبث، ونزل وهو يريد ألا يبرح، فقاتل عامة ليلته حتى انصرف عنه القوم، وقتل معه ليلتئذ رجال من أصحابه من أهل الحفاظ، منهم عاصم بن عبد الله الأزدي، وعياش بن خازم الهمداني، ثم الثوري. وأحمر بن هديج الهمداني ثم الفايشي. قال أبو مخنف: حدثنا أبو الزبير أن همدان تنادوا ليلتئذ: يا معشر همدان، سيفوهم فقاتلوهم أشد القتال؛ فلما أن تفرقوا عن المختار قال له أصحابه: أيها الأمير، قد ذهب القوم فانصرف إلى منزلك إلى القصر، فقال المختار: أما والله ما نزلت وأنا أريد أن آتى القصر، فأما إذ انصرفوا فاركبوا بنا على اسم الله؛ فجاء حتى دخل القصر فقال الأعشى في قتل محمد بن الأشعث:
    تأوب عينك عوارها ** وعاد لنفسك تذكارها
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #14
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    وإحدى لياليك راجعتها ** أرقت ولوم سمارها
    وما ذاقت العين طعم الرقا ** د حتى تبلج إسفارها
    وقام نعاة أبي قاسم ** فأسبل بالدمع تحدارها
    فحق العيون على ابن الأشج ** ألا يفتر تقطارها
    وألا تزال تبكي له ** وتبتل بالدمع أشفاها
    عليك محمد لما ثوي ** ت تبكي البلاد وأشجارها
    وما يذكرونك إلا بكوا ** إذا ذمة خانها جارها
    وعارية من ليالي الشتا ** ء لا يتمنح أيسارها
    ولا ينبح الكلب فيها العقو ** ر إلا الهرير وتختارها
    ولا ينفع الثوب فيها الفتى ** ولا ربة الخدر تخدارها
    فأنت محمد في مثلها ** مهين الجزائر نحارها
    تظل جفانك موضوعة ** تسيل من الشحم أصبارها
    وما في سقائك مستنطف ** إذا الشول روح أغبارها
    فيا واهب الوصفاء الصبا ** ح إن شبرت تم إشبارها
    ويا واهب الجرد مثل القدا ** ح قد يعجب الصف شوارها
    ويا واهب البكرات الهجا ** ن عوذا تجاوب أبكارها
    وكنت كدجلة إذ ترتمي ** فيقذف في البحر تيارها
    وكنت جليدًا وذا مرة ** إذا يبتغي منك إمرارها
    وكنت إذا بلدة أصفقت ** وآذان بالحرب جبارها
    بعثت عليها ذواكي العيو ** ن حتى تواصل أخبارها
    بإذن من الله والخيل قد ** أعد لذلك مضمارها
    وقد تطعم الخيل منك الوجي ** ف حتى تنبذ أمهارها
    وقد تعلم البازل العيسجو ** ر أنك بالخبث حسارها
    فيا أسفي يوم لاقيتهم ** وخانت رجالك فرارها
    وأقبلت الخيل مهزومة ** عثارًا تضرب أدبارها
    بشط حروراء واستجمعت ** عليك الموالي وسحارها
    فأخطرت نفسك من دونهم ** قحاز الرزيئة أخطارها
    فلا تبعدان أبا قاسم ** فقد يبلغ النفس مقدارها
    وأفني الحوادث ساداتنا ** ومر الليالي وتكرارها
    قال هشام: قال أبي: كان السائب أتى مع مصعب بن الزبير، فقتله ورقاء النخعي من وهيبل، فقال ورقاء:
    من مبلغ عني عبيدًا بأنني ** علوت أخاه بالحسام المهند
    فإن كنت تبغي العلم عنه فإنه ** صريع لدى الديرين غير موسد
    وعمدًا علوت الرأس منه بصارم ** فأثكلته سفيان بعد محمد
    قال هشام عن أبي مخنف، قال: حدثني حصيرة بن عبد الله، أن هندًا بنت المتكلفة الناعطية كان يجتمع إليها كل غال من الشيعة فيتحدث في بيتها وفي بيت ليلى بنت قمامة المزنية، وكان أخوها رفاعة بن قمامة من شيعة علي، وكان مقتصدًا، فكانت لا تحبه، فكان أبو عبد الله الجدلي ويزيد بن شراحيل قد أخبرا ابن الحنفية خبر هاتين المرأتين وغلوهما وخبر أبي الأحراس المرادي والبطين الليثي وأبي الحارث الكندي.
    قال هشام عن أبي مخنف، قال: حدثني يحيى بن أبي عيسى، قال: فكان ابن الحنفية قد كتب مع يزيد بن شراحيل إلى الشيعة بالكوفة يحذرهم هؤلاء، فكتب إليهم:
    من محمد بن علي إلى من بالكوفة من شيعتنا أما بعد، فاخرجوا إلى المجالس والمساجد فاذكروا الله علانية وسرًا ولاتتخذوا من دون المؤمنين بطانة، فإن خشيتم على أنفسكم فاحذروا على دينكم الكذابين، وأكثروا الصلاة والصيام والدعاء، فإنه ليس أحد من الخلق يملك لأحد ضرًا ولا نفعًا إلا ما شاء الله، وكل نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزر أخرى، والله قائم على كل نفس بما كسبت؛ فاعملوا صالحًا، وقدموا لأنفسكم حسنًا، ولا تكونوا من الغافلين، والسلام عليكم.
    قال أبو مخنف: فحدثني حصيرة بن عبد الله، أن عبد الله بن نوف خرج من بيت هند بنت المتكلفة حين خرج الناس إلى حروراء وهو يقول: يوم الأربعاء، ترفعت السماء، ونزل القضاء، بهزيمة الأعداء، فاخرجوا على اسم الله إلى حروراء. فخرج، فلما التقى للقتال ضرب على وجهه ضربة، ورجع الناس منهزمين، ولقيه عبد الله بن شريك النهدي، وقد سمع مقالته، فقال له: ألم تزعم لنا يا بن نوف أن سنهزمهم! قال: أو ما قرأت في كتاب الله: " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب "! قال: فلما أصبح المصعب أقبل يسير بمن معه من أهل البصرة ومن خرج إليه من أهل الكوفة، فأخذ بهم نحو السبخة، فمر بالمهلب. فقال له المهلب: يا له فتحًا ما أهناه لو لم يكن محمد بن الأشعث قتل! قال: صدقت، فرحم الله محمدًا. ثم سار غير بعيد، ثم قال: يا مهلب، قال: لبيك أيها الأمير؛ قال: هل علمت أن عبيد الله بن علي بن أبي طالب قد قتل! قال: " إنا لله وإنا إليه راجعون " قال: المصعب: أما إنه كان ممن أحب أن يرى هذا الفتح، ثم لا نجعل أنفسنا أحق بشئ مما نحن فيه منه، أتدري من قتله؟ قال: لا؛ قال: إنما قتله من يزعم أنه لأبيه شيعة، أما إنهم قد قتلوه وهم يعرفونه.
    قال: ثم مضى حتى نزل السبخة فقطع عنهم الماء والمادة، وبعث عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فنزل الكناسة، وبعث عبد الرحمن ابن مخنف بن سليم إلى جبانة السبيع، وقد كان قال لعبد الرحمن بن مخنف: ما كنت صنعت فيما كنت وكلتك به؟ قال: أصلحك الله! وجدت الناس صنفين؛ أما من كان له فيك هوى فخرج إليك. وأما من كان يرى رأى المخار، فلم يكن ليدعه، ولا ليؤثر أحدًا عليه، فلم أبرح بيتي حتى قدمت؛ قال: صدقت؛ وبعث عباد بن الحصين إلى جبانة كندة، فكل هؤلاء كان يقطع عن المختار وأصحابه الماء والمادة. وهم في قصر المختار، وبعث زحر بن قيس إلى جبانة مراد، وبعث عبيد الله بن الحر إلى جبانة الصائديين.
    قال أبو مخنف: وحدثني فضيل بن خديج، قال: لقد رأيت عبيد الله بن الحر؛ وإنه ليطارد أصحاب خيل المختار، يقاتلهم في جبانة الصائديين ولربما رأيت خيلهم تطرد خيله، وإنه لوراء خيله يحميها حتى ينتهي إلى دار عكرمة، ثم يكر راجعًا هو وخيله، فيطردهم حتى يلحقهم بجبانة الصائدين، ولربما رأيت خيل عبيد الله قد أخذت السقاء والسقاءين فيضربون، وإنما كانوا يأتونهم بالماء أنهم كانوا يعطونهم بالراوية الدينار والدينار من الجهد. وكان المختار ربما خرج هو وأصحابه فقاتلوا قتالًا ضعيفًا، ولا نكاية لهم، وكانت لا تخرج له خيل إلا رميت بالحجارة من فوق البيوت، ويصب عليهم الماء القذر. واجترأ عليهم الناس، فكانت معايشهم أفضلها من نسائهم، فكانت المرأة تخرج من منزلها معها الطعام واللطف والماء، قد التحقت عليه، فتخرج كأنما تريد المسجد الأعظم للصلاة، وكأنها تأتي أهلها وتزور ذات قرابة لها، فإذا دنت من القصر فتح لها، فدخلت على زوجها وحميمها بطعامه وشرابه ولطفه. وإن ذلك بلغ المصعب وأصحابه، فقال له المهلب - وكان مجربًا: اجعل عليهم دروبًا حتى تمنع من يأتيهم من أهليهم وأبنائهم، وتدعهم في حصنهم حتى يموتوا فيه. وكان القوم إذا اشتد عليهم العطش في قصرهم استقوا من ماء البئر. ثم أمر لهم المختار بعسل فصب فيه لغير طعمه فيشربوا منه، فكان ذلك أيضًا مما يروي أكثرهم. ثم إن مصعبًا أمر أصحابه فاقتربوا من القصر، فجاء عباد بن الحصين الحبطي حتى نزل عند مسجد جهينة، وكان ربما تقدم حتى ينتهي إلى مسجد بني مخزوم، وحتى يرمي أصحابه من أشرف عليهم من أصحاب المختار من القصر، وكان لا يلقى امرأة قريبًا من القصر إلا قال لها: من أنت؟ ومن أين جئت؟ وما تريدين؟ فأخذ في يوم ثلاث نسوة للشباميين وشاكر أتين أزواجهن في القصر، فبعث بهن إلى مصعب، وإن الطعام لمعهن، فردهن مصعب ولم يعرض لهن، وبعث زحر بن قيس، فنزل عند الحدادين حيث تكرى الدواب، وبعث عبيد الله بن الحر فكان موقفه عند دار بلال، وبعث محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس فكان موقفه عند دار أبيه، وبعث حوشب بن يزيد فوقف عند عند زقاق البصريين عند فم سكة بين جذيمة بن مالك من بني أسد بن خزيمة، وجاء المهلب يسير حتى نزل جهار سوج خنيس، وجاء عيد الرحمن بن مخنف من قبل دار السقاية، وابتدر السوق أناس من شباب أهل الكوفة وأهل البصرة، أغمارها ليس لهم علم بالحرب، فأخذوا يصيحون - وليس لهم أمير: يابن دومة، يابن دومة! فأشرف عليهم المختار فقال: أما والله لو أن الذي يعيرني بدومة كان من القريتين عظيمًا ما عيرني بها. وبصر بهم وبتفرقهم وهيئتهم وانتشارهم، فطمع فيهم، فقال لطائفة من أصحابه: اخرجوا معي، فخرج معه منهم نحو من مائتي رجل، فكر عليهم، فشدخ نحوًا من مائة، وهزمهم، فركب بعضهم بعضًا، وأخذوا على دار فرات بن حيان العجلي.
    ثم إن رجلا من بني ضبة من أهل البصرة يقال له يحيى بن ضمضم، كانت رجلاه تكادان تخطان الأرض إذا ركب من طوله، وكان أقتل شئ للرجال وأهيبه عندهم إذا رأوه، فأخذ يحمل على أصحاب المختار فلا يشبت له رجل صمد صمده، وبصر به المختار، فحمل عليه فضربه ضربة على جبهته فأطار جبهته وقحف رأسه، وخر ميتًا، ثم إن تلك الأمراء وتلك الرءوس أقبلوا من كل جانب، فلم تكن لأصحابه بهم طاقة، فدخلوا القصر، فكانوا فيه، فاشتد عليهم الحصار فقال لهم المختار: ويحكم! إن الحصار لا يزيدكم إلا ضعفًا، انزلوا بنا فلنقاتل حتى نقتل كرامًا إن نحن قتلنا، والله ما أنا بآيس إن صدقتموهم أن ينصركم الله، فضعفوا وعجزا، فقال لهم المختار: أما أنا فوالله لا أعطي بيدي ولا أحكمهم في نفسي، ولما رأى عبد الله بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب ما يريد المختار تدلى من القصر بحبل، فلحق بأناس من إخوانه، فاختبأ عندهم.
    ثم إن المختار أزمع بالخروج إلى القوم حين رأى من أصحابه الضعف، ورأى ما بأصحابه من الفشل، فأرسل إلى امرأته أم ثابت بنت سمرة بن نجيب الفزاري، فأرسلت إليه بطيب كثير، فاغتسل وتحنط، ثم وضع ذلك الطيب على رأسه ولحيته، ثم خرج في تسعة عشر رجلا، فيهم السائب بن مالك الأشعري -وكان خليفته على الكوفة إذا خرج إلى المدائن- وكانت تحته عمرة بنت أبي موسى الأشعري، فولدت له غلاما فسماه محمدا، فكان مع أبيه في القصر، فلما قتل أبوه وأخذ من في القصر وجد صبيا فترك، ولما خرج المختار من القصر قال للسائب: ماذا ترى؟ قال: الرأي لك، فماذا ترى؟ قال: أنا أرى أم الله يرى! قال: الله يرى، قال: ويحك! أحمق أنت! إنما أنا رجل من العرب رأيت ابن الزبير انتزى على الحجاز، ورأيت نجدة انتزى على اليمامة، ومروان على الشام، فلم أكن دون أحد من رجال العرب، وأخذت هذه البلاد، فكنت كأحدهم، إلا أني قد طلبت بثأر أهل بيت النبي إذ نامت عنه العرب، فقتلت من شرك في دمائهم، وبالغت في ذلك إلى يومي هذا، فقاتل على حسبك إن لم تكن لك نية، فقال: { إنا لله وإنا إليه راجعون }، وما كنت أصنع أن أقاتل على حسبي! فقال المختار عند ذلك يتمثل بقول غيلان بن سلمة بن معتب الثقفي:
    ولو يراني أبو غيلان إذ حسرت ** عني الهموم بأمر ما له طبق
    لقال رهبا ورعبا يجمعان معا ** غنم الحياة وهول النفس والشفق
    إما تسف على مجد ومكرمة ** أو إسوة لك فيمن تهلك الورق
    فخرج في تسعة عشر رجلا فقال لهم: أتؤمنوني وأخرج إليكم؟ فقالوا: لا، إلا على الحكم، فقال: لا أحكمكم في نفسي أبدا. فضارب بسيفه حتى قتل. وقد كان قال لأصحابه حين أبوا أن يتابعوه على الخروج معه: إذا أنا خرجت إليهم فقتلت لم تزدادوا إلا ضعفا وذلا، فإن نزلتم على حكمهم وثب أعداؤكم الذين وترتموهم، فقال كل رجل منهم لبعضكم: هذا عنده ثأري فيقتل وبعضكم ينظر إلى مصارع بعض فيقول: يا ليتنا أطعنا المختار وعملنا برأيه! ولو أنكم خرجتم معي كنتم إن أخطأتم الظفر مُتم كرامًا، وإن هرب منكم هارب فدخل في عشيرته اشتملت عليه عشيرته، أنتم غدا هذه الساعة أذل من على ظهر الأرض، فكان كما قال.
    قال: وزعم الناس أن المختار قتل عند موضع الزياتين اليوم، قتله رجلان من بني حنيفة أخوان يدعى أحدهما طرفة والآخر طرافا، ابنا عبد الله بن دجاجة من بني حنيفة. ولما كان من الغد من قتل المختار قال بجير بن عبد الله المُسْلي: يا قوم، قد كان صاحبكم أمس أشار عليكم بالرأي لو أطعتموه. يا قوم، إنكم إن نزلتم على حكم القوم ذبحتم كما تذبح الغنم، اخرجوا باسيافكم فقاتلوا حتى تموتوا كراما. فعصوه وقالوا: لقد أمرنا بهذا من كان أطوع عندنا وأنصح لنا منك، فعصيناه، أفنحن نطيعك! فأمكن القوم من أنفسهم، ونزلوا على الحكم. فبعث إليهم مصعب عباد بن الحصين الحَبَطي فكان هو يخرجهم مكتفين، وأوصى عبد الله بن شداد الجُشَمي إلى عبّاد بن الحُصَين، وطلب عبد الله بن قراد عصاه أو حديدة أو شيئا يقاتل به فلم يجده، وذلك أن الندامة أدركته بعدما دخلوا عليه، فأخذوا سيفه وأخرجوه مكتوفا، فمر به عبد الرحمن وهر يقول:
    ما بت أخشى أن أرى أسيرا ** إن الذين خالفوا الأميرا
    قد رغموا وتبروا تتبيرا


  • #15
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    فقال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث: عليّ بذا، قدموه إلي أضرب عنقه، فقال له: أما إني على دين جدك الذي آمن ثم كفر، إن لم أكن ضربت أباك بسيفي حتى فاض. فنزل ثم قال: أدنوه مني، فأدنوه منه، فقتله فغضب عباد، فقال: قتلته ولم تؤمر بقتله!
    ومر بعبد الله بن شداد الجشمي وكان شريفا فطلب عبد الرحمن إلى عباد أن يحبسه حتى يكلم فيه الأمير، فأتى مصعبا، فقال: إني أحب أن تدفع إلي عبد الله بن شداد فأقتله، فإنه من النار، فأمر له به، فلما جاءه أخذه فضرب عنقه، فكان عباد يقول: أما والله لو علمت أنك إنما تريد قتله لدفعته إلى غيرك فقتله، ولكني حسبت أنك تكلمه فيه فتخلي سبيله. وأتي بابن عبد الله بن شداد، وإذا اسمه شدادا وهو رجل محتلم، وقد اطّلَى بنُورة، فقال: اكشفوا عنه هل أدرك! فقالوا: لا إنما هو غلام، فخلوا سبيله، وكان الأسود بن سعيد قد طلب إلى مصعب أن يفرض على أخيه الأمان، فإن نزل تركه له، فأتاه فعرض عليه الأمان، فأبى أن ينزل، وقال: أموت مع أصحابي أحب إلي من حياة معكم، وكان يقال له قيس، فأخرج فقتل فيمن قتل، وقال بجير بن عبد الله المسلي -ويقال: كان مولى لهم حين أتى به مصعب ومعه منهم ناس كثير- فقال له المسلي: الحمد لله الذي ابتلانا بالإسار، وابتلاك بأن تعفو عنا، وهما منزلتان إحداهما رضا الله، والأخرى سخطه، من عفا عفا الله عنه وزاده عزا، ومن عاقب لم يؤمن القصاص. يا ابن الزبير، نحن أهل قبلتكم، وعلى ملتكم، ولسنا تركا ولا ديلما، فإن خالفنا إخوانا من أهل مصرنا فإما أن نكون أصبنا وأخطئوا، وإما أن نكون أخطأنا وأصابوا، فاقتتلنا كما اقتتل أهل الشأم بينهم، فقد اختلفوا واقتتلوا ثم اجتمعوا، وكما اقتتل أهل البصرة بينهم فقد اختلفوا واقتلوا ثم اصطلحوا واجتمعوا، وقد ملكتم فاسجحوا، وقد قدرتم فاعفوا، فما زال بهذا القول ونحوه حتى رق لهم الناس، ورق لهم مصعب، وأراد أن يخلي سبيلهم، فقام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فقال: تخلي سبيلهما! اخترنا يا ابن الزبير أو اخترهم.
    ووثب محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني فقال: قتل أبي وخمسمائة من حمدان وأشراف العشيرة أهل المصر ثم تخلي سبيلهم، ودمماؤنا ترقرق في أجوافهم! اخترنا أو اخترهم. ووثب كل قوم وأهل بيت كان أصيب منهم رجل فقالوا نحوا من هذا الفول. فلما رأى مصعب بن الزبير ذلك أمر بقتلهم، فنادوه بأجمعهم: يا ابن الزبير، لا تقتلنا، اجعلنا مقدمتك إلى أهل الشام غدًا، فوالله ما بك ولا بأصحابك عنا غدا غنى، إذا لقيتم عدوكم فإن قتلنا لم نقتل حتى نرقهم لكم، وإن ظفرنا بهم كان ذلك لك ولمن معك. فأبى عليهم وتبع رضا العامة، فقال بجير المسلي: إن حاجتي إليك ألا أقتل مع هؤلاء القوم، إني أمرتهم أن يخرجرا بأسيافهم فيقاتلوا حتى يموتوا كراما فعصوني، فقدم فقتل.
    قال أبو مخنف: وحدثني أبي، قال: حدثني أبو روق أن مسافر بن سعيد بن نمران قال لمصعب بن الزبير: يا ابن الزبير، ما تقول لله إذا قدمت عليه وقد قتلت أمة من السلمين صبرا! حكموك في دمائهم، فكان الحق في دمائهم ألا تقتل نفسا مسلمة بغير نفس مسلمة، فإن كنا قتلنا عدة رجال منكم فاقتلوا عدة من قتلنا منكم، وخلوا سبيل بقيتنا، وفينا الآن رجال كثير لم يشهدوا موطنا من حربنا وحربكم يوما واحدا، كانوا في الجبال والسواد يجبون الخراج، ويؤمنون السبيل، فلم يستمع له، فقال: قبح الله قوما أمرتهم أن يخرجوا ليلا على حرس سكةٍ من هذه السكك فنطردهم، ثم نلحق بعشائرنا، فعصوني حتى حملوني على أن أعطيت التي هي أنقص وأدنى وأوضع، وأبو أن يموتوا إلا ميتة العبيد، فأنا أسألك ألا تخلط دمي بدمائهم. فقدم فقتل ناحية.
    ثم إن المصعب أمر بكف المختار فقطعت ثم سمرت بمسمار حديد إلى جنب المسجد، فلم يزل على ذلك حتى قدم الحجاج بن يوسف، فنظر إليه فقال: ما هذه؟ قالوا: كف المختار، فأمر بنزعها. وبعث مصعب عماله على الجبال والسواد، ثم إنه كتب إلى ابن الأشتر يدعوه إلى طاعته ويقول له: إن أنت أجبتني ودخلت في طاعتي فلك الشام وأعنة الخيل، وما غلبت عليه من أرض المغرب ما دام لآل الزبير سلطان.
    وكتب عبد الملك بن مروان من الشام إليه يدعوه إلى طاعته، ويقول: إن أنت أجبتني ودخلت في طاعتي فلك العراق. فدعا إبراهيم أصحابه فقال: ما ترون؟ فقال بعضهم: تدخل في طاعة عبد الملك، وقال بعضهم: تدخل مع ابن الزبير في طاعته، فقال ابن الاشتر: ذاك لو لم أكن أصبت عبيد الله بن زياد ولا رؤساء أهل الشام تبعت عبد الملك، مع أني لا أحب أن أختار على أهل مصري مصرا ولا على عشيرتي عشيرة. فكتب إلى مصعب، فكتب إليه مصعب أن أقبل، فأقبل إليه بالطاعة.
    قال أبو مخنف: حدثني أبو جناب الكلبي أن كتاب مصعب قدم على ابن الأشتر وفيه:
    أما بعد، فإن الله قد قتل المختار الكذاب وشيعته الذين دانوا بالكفر، وكادوا بالسحر، وإنا ندعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه، وإلى بيعة أمير المزمنين، فإن أجبت إلى ذلك فأقبل إلي، فإن لك أرض الجزيرة وأرض المغرب كلها ما بقيت وبقي سلطان آل الزبير، لك بذلك عهد الله وميثاقه وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد أو عقد، والسلام.
    وكتب إليه عبد الملك بن مروان:
    أما بعد، فإن آل الزبير انتزوا على أئمة الهدى، ونازعوا الأمر أهله وألحدوا في بيت الله الحرام، والله ممكن منهم، وجاعل دائرة السوء عليهم، وإني أدعوك إلى الله وإلى سنة نبيه، فإن قبلت وأجبت فلك سلطان العراق ما بقيتَ وبقيتُ، علي بالوفاء بذلك عهد الله وميثاقه.
    قال: فدعا أصحابه فاقرأهم الكتاب، واستثسارهم في الرأي، فقائل يقول: عبد الملك، وقائل يقوله: ابن الزبير، فقال لهم: ورأيي اتباع أهل الشام، ولكن كيف لي بذلك، وليس قبيلة تسكن الشام إلا وقد وترتها، ولست بتارك عشيرتي وأهل مصري! فاتصل إلى مصاب، فلما بلغ مصعبا إقباله بعث المهلب إلى عمله، وهي السنة التي نزل فيها المهلب على الفرات.
    قال أبو مخنف: حدثني أبو علقمة الخثعمي أن المصعب بعث إلى أم ثابت بنت سمرة بن جندب امرأة المختار وإلى عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري -وهي امرأة المختار- فقال لهما: ما تقولان في المختار؟ فقالت أم ثابت: ما عسينا أن نقول! ما نقول فيه إلا ما تقولون فيه أنتم، فقالوا لها: اذهبي، وأما عمرة فقالت: رحمة الله عليه، إنه كان عبدا من عباد الله الصالحين، فرفعها مصعب إلى السجن، وكاتب فيها إلى عبد الله بن الزبير إنها تزعم أنه نبي، فكاتب إليه أن أخرجها فاقتلها. فأخرجها بين الحيرة والكوفة بعد العتمة، فضربها مطر ثلاث ضربات بالسيف -ومطر تابع لآل قفل من بني تيم الله بن ثعلبة، كان يكون مع الشرط- فقالت: يا أبتاه، يا أهلاه، يا عشيرتاه! فسمع بها بعض الأنصار، وهو أبان بن النعمان بن بشير، فأتاه فلطمه وقال له: يا ابن الزانية، قطعت نفسها قطع الله يمينك! فلزمه حتى رفعه إلى مصعب، فقال: إن أمي مسلمة، وادعى شهادة بني قفل، فلم يشهد له أحد، فقال مصعب: خلو سبيل الفتى فإنه رأى أمرا فظيعًا. فقال عمر بن أبى ربيعة القرشي في قتل مصعب عمرة بنت النعمان بن بشير:
    إن من أعجب العجائب عندي ** قتل بيضاء حرة عطبول
    قتلت هكذا على غير جرم ** إن لله درها من قتيل
    كتب القتل والقتال علينا ** وعلى المحصنات جر الذيول
    قال أبو مخنف: حدثني عمد بن يوسف أن مصعبا لقي عبد الله بن عمر فسلم عليه، وقال له: أنا ابن أخيك مصعب، فقال له ابن عمر: نعم أنت القاتل سبعة آلاف من أهل القبلة في غداة واحدة، عش ما استطعت! فقال مصعب: إنهم كانوا كفرة سحرة، فقال ابن عمر: والله لو قتلت عددهم غنما من تراث أبيك لكان ذلك سرفا. فقال سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت في ذلك:
    أتى راكب بالأمر ذي النبأ العجب ** بقتل ابنة النعمان ذي الدين والحسب
    بقتل فتاة ذات دل ستيرة ** مهذبة المخلاف والخيم والنسب
    مطهرة من نسل قوم أكارم ** من المؤثرين الخير في سالف الحقب
    خليل النبي المصطفى ونصيره ** وصاحبه في الحرب والنكب والكرب
    أتاني بأن الملحدين توافقوا ** على قتلها لا جنبوا القتل والسلب
    فلا هنأت آل الزبير معيشة ** وذاقوا لباس الذل والخوف والحرب
    كأنهم إذ أبرزوها وقطعت ** بأسيافهم فازوا بمملكة العرب
    ألم تعجيب الأقوام من قتل حرة ** من المحصنات الدين محمودة الأدب
    من الغافلات المؤمنات، بريئة ** من الذم والبهتان والشك والكذب
    علينا كتاب القتل والبأس واجب ** وهن العفاف في الحجال وفي الحجب
    على دين أجداد لها وأبوة ** كرام مضت لم نخز أهلا ولم ترب
    من الخفرات لا خروج بذية ** ملائمة تبغي على جارها الجنب
    ولا الجار ذي القربى ولم تدر ما الخنا ** ولم تزدلف يوما بسوء ولم تحب
    عجبت لها إذ كفنت وهي حية ** ألا إن هذا الخطب من أعجب العجب
    حدثت عن علي بن حرب الموصلي، قال: حدثني إبراهيم بن سليمان الحنفي، ابن أخي أبي الأحوص، قال: حدثنا محمد بن أبان، عن علقمة بن مَرْثد، عن سُويد بن غَفْلة، قال: بينا أنا أسير بظهر النجف إذ لحقني رجل فطعنني بمخصرة من خلفي، فالتفت إليه، فقال: ما قولك في الشيخ؟ قلت: أي الشيوخ؟ قال: علي بن أبي طالب، قلت: إني أشهد أني أحبه بسمعي وبصري وقلبي ولساني، قال: وأنا أشهدك أني أبغضه بسمعي وبصري وقلبي ولساني. فسرنا حتى دخلوا الكوفة، فافترقنا، فمكث بعد ذلك سنين -أو قال: زمانا- قال: ثم إني لفي المسجد الأعظم إذ دخل رجل معتم يتصفح وجوه الخلق، فلم يزل ينظر فلم ير لحي أحمق من لحي حمدان، فجلس إليهم، فتحولت فجلست معهم، فقالوا: من أين أقبلت؟ قال: من عند أهل بيت نبيكم، قالوا: فماذا جئتنا به؟ قال: ليس هذا موضع ذلك، فوعدهم من الغد موعدا، فغدا وغ***، فإذا قد أخرج كتتابا معه في أسفله طابع من رصاص، فدفعه إلى غلام، فقال له: يا غلام، اقرأه -وكان أميا لا يكتب- فقال الغلام: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب للمختار بن أبي عبيد، كتبه له وصي آل محمد، أما بعد فكذا وكذا.
    فاستفرغ القوم البكاء، فقال: يا غلام، ارفع كتابك حتى يفيق القوم، قلت: معاشر همدان، أنا أشهد بالله لقد أدركني هذا بظهر النجف، فقصصت عليهم قصته، فقالوا: أبيت والله إلا تثبيطا عن آل محمد وتزيينا لنعثل شقاق المصاحف، قال: قلت: معاشر همدان، لا أحدثكم إلا ما سمعته أذناي ووعاه قلبي من علي بن أبي طالب عليه السلام، سمعته يقول: لا تسموا عثمان شقاق المصاحف، فوالله ما شققها إلا عن ملإ منا أصحاب محمد، ولو وليتها لعملت فيها مثل الذي عمل، قالوا: آلله أنت سمعت هذا من علي؟ قلت: والله لأنا سمعته منه، قال: فتفرقوا عنه، فعند ذلك مال إلى العبيد، واستعان بهم وصنع ما صنع.
    قال أبو جعفر: واقتص الواقدي من خبر المختار بن أبي عبيد بعض ما ذكرنا، فخالف فيه من ذكرنا خبره، فزعم أن المختار إنما أظهر الخلاف لابن الزبير عند قدوم مصعب البصرة، وأن مصعبا لما سار إليه فبلغه مسيره إليه بعث إليه أحمر بن شميط التجلي، وأمره أن يواقعه بالمذار، وقال: إن الفتح بالمذار، وإنما قال ذلك المختار لأنه قيل له إن رجلا من ثقيف يفتح عليه بالمذار فتح عظيم، فظن أنه هو، وإنما كان ذلك للحجاج بن يوسف في قتاله عبد الرحمن بن الأشعث. وأمر مصعب صاحب مقدمته عباد الحبطي أن يسير إلى جمع المختار فتقدم ويقدم معه عبيد الله بن علي بن أبي طالب، ونزل مصعب نهر البصريين على شط الفرات، وحفر هنالك نهرا فسمي نهر البصريين من أجل ذلك، قال: وخرج المختار في عشرين ألفا حتى وقف بإزائهم وزحف مصعب ومن معه، فوافوه مع الليل على تعبية، فأرسل إلى أصحابه حين أمسى: لا يبرحن أحد منكم موقفه حتى يسمع مناديا ينادي: يا محمد، فإذا سمعتموه فاحملوا. فقال رجل من القوم من أصحاب المختار: هذا والله كذاب على الله، وانحاز ومن معه إلى المصعب، فتمهل المختار حتى إذا طلع الفجر أمر مناديا فنادى: يا محمد، ثم حملوا على مصعب وأصحابه فهزموهم، فأدخلوه عسكره، فلم يزالوا يقاتلونهم حتى أصبحوا وأصبح المختار وليس عنده أحد، وإذا أصحابه قد وغلوا في أصحاب مصعب، فانصرف المختار منهزما حتى دخل قصر الكوفة، فجاء أصحاب المختار حين أصبحوا، فوقفوا مليًا فلم يروا المختار، فقالوا: قد قتل، فهرب منهم من أطاق الهرب، واختفوا في دور الكوفة، وتوجه منهم نحو القصر ثمانية آلاف لم يجدوا من يقاتل بهم، ووجدوا المختار في القصر، فدخلوا معه، وكان أصحاب المختار قتلوا في تلك الليلة من أصحاب مصعب بشرا كثيرا، فيهم عبد بن الأشعث، وأقبل مصعب حين أصبح حتى أحاط بالقصر، فأقام مصعب يحاصره أربعة أشهر يخرج إليهم في كل يوم فيقاتلهم في سوق الكوفة من وجه واحد، ولا يقدر عليه حتى قُتل المختار، فلما قتل المختار بعث من في القصر يطلب الأمان، فأبى مصعب حتى نزلوا على حكمه، فلما نزلوا على حكمه قتل من العرب سبعمائة أو نحو ذلك، وسائرهم من العجم، قال: فلما خرجوا أراد مصعب أن يقتل العجم ويترك العرب، فكلمه من معه فقالوا: أي دين هذا؟ وكيف ترجو النصر وأنت تقتل العجم وتترك العرب ودينهم واحد! فقدمهم فضرب أعناقهم.
    قال أبو جعفر: وحدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: لما قتل المختار شاور مصعب أصحابه في المحصورين الذين نزلوا على حكمه، فقال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ومحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس وأشباههم ممن وترهم المختار: اقتلهم، وضجت ضبة، وقالوا: دم منذر بن حسان، فقال عبيد الله بن الحر: أيها الأمير، ادفع كل رجل في يديك إلى عشيرئه تمن عليهم بهم، فإنهم إن كانوا قتلونا فقد قتلناهم، ولا غنى بنا عنهم في ثغورنا، وادفع عبيدنا الذين في يديك إلى مواليهم فإنهم لأيتامنا وأراملنا وضعفائنا، يردونهم إلى أعمالهم، وأقتل هؤلاء الموالي، فإنهم قد بدا كفرهم، وعظم كبرهم، وقل شكرهم. فضحك مصعب وقال للأحنف: ما ترى يا أبا بحر؟ قال: قد أرادني زياد فعصيته -يعرض بهم- فأمر مصعب بالقوم جميعا فقتلوا، وكانوا ستة آلاف. فقال عقبة الأسدي:


  • #16
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 484
    Array

    قتلتم ستة الآلاف صبرا ** مع العهد الموثق مكتفينا
    جعلتم ذمة الحَبَطي جسرا ** ذلولا ظهره للواطئينا
    وما كانوا غداة دُعُوا فغُرّوا ** بعهدهم بأول حائنينا
    وكنت أمرتهم لو طاوعوني ** بضرب في الأزقة مُصْلتينا
    وقتل المختار-فيما قيل- وهو ابن ست وستين سنة، لأربع عشرة خلت من شهر رمضان في سنة سبع وستين.
    فلما فرغ مصعب من أمر المختار وأصحابه، وصار إليه إبراهيم ابن الأشتر، وجّه المهلب بن أبي صفرة على الموصل والجزيرة وآذَربيجان وأرمينية وأقام بالكوفة.
    خبر عزل عبد الله بن الزبير أخاه المصعب

    وفي هذه السنة عزل عبد الله بن الزبير أخاه مصعب بن الزبير عن البصرة، وبعث بابنه حمزة بن عبد الله إليها، فاختلف في سبب عزله إياه عنها، وكيف كان الأمر في ذلك.
    فقال بعضهم في ذلك ما حدثني به عمر، قال: حدثني علي بن محمد قال: لم يزل المصعب على البصرة حتى سار منها إلى الحصار، واستخلف على البصرة عبيد الله بن معمر، فقتل المختار، ثم وفد إلى عبد الله بن الزبير فعزله وحبسه عنده، واعتذر إليه من عزله وقال: والله إني لايعلم أنك أحرى وأكفى من حمزة، ولكني رأيت فيه رأي عثمان في عبد الله بن عامر حين عزل أبا موسى الأشعري وولاه.
    وحدثني عمر، قال حدثني علي بن محمد، قال: قدم حمزة البصرة وإليا، وكان جوادا سخيا مخلطا، يجود أحيانا حتى لا يدع شيئا يملكه، ويمنع أحيانا ما لا يمنع مثله، فظهرت منه بالبصرة خفة وضعف، فيقال: إنه ركب يوما إلى فيض البصرة، فلما رآه قال: إن هذا الغدير إن رفقوا به ليكفينهم صيفهم، فلما كان بعد ذلك ركب إليه فوافقه جازرا، فقال: قد رأيت هذا ذات بوم، وظننت أن لن يكفيهم، فقال له الأحنف: إن هذا ماء يأتينا ثم يغيض عنا، وشخص إلى الأهواز، فلما رأى جبلها قال: هذا قُعَيقِعان -لموضع بمكة- فسمي الجبل قعيقعان، وبعث إلى مَردانْشاه فاستحثه بالخراج، فأبطأ به، فقام إليه بسيفه فضربه فقتله، فقال الأحنف: ما أحدّ سيف الأمير!
    حدثني عمر، قال: حدثني علي بن محمد، قال: لما خطط حمزة بالبصرة وظهر منه ما ظهر، وهمّ بعبد العزيز بن بشر أن يضربه، كتب الأحنف إلى ابن الزبير بذلك، وسأله أن يعيد مصعبا. قال: وحمزة الذي عقد لعبد الله بن عمير الليثي على قتال النجدية بالبحرين.
    حدثني عمر قال: حدثنا علي بن محمد، قال: لما عزل ابن الزبير حمزة احتمل مالا كثيرا من مال البصرة، فعرض له مالك بن سمع، فقال: لا ندعك تخرج بأعطياتنا. فضمن له عبيد الله بن عبيد بن معمر العطاء، فكف، وشخص حمزة بالمال، فترك أباه وأتى المدينة، فأودع ذلك المال رجالا، فذهبوا به إلا يهوديا كان أودعه فوفى له، وعلم ابن الزبير بما صنع، فقال: أبعده الله، أردت أن أباهي به بني مروان فنكص.
    وأما هشام بن محمد فإنه ذكر عن أبي مخنف في أمر مصعب وعزل أخيه إياه عن البصرة ورده إياه إليها غير هذه القصة، والذي ذكر من ذلك عنه في سياق خبر حدثت به عنه، عن أبي المخارق الراسبي، أن مصعبا لما ظهر على الكوفة أقام بها سنة معزولا عن البصرة، عزله عنها عبد الله، وبعث ابنه حمزة، فمكث بذلك سنة، ثم إنه وفد على أخيه عبد الله بمكة، فرده على البصرة.
    وفيل: إن مصعبا لما فرغ من أمر المختار انصرف إلى البصرة وولى الكوفة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. قال: وقال محمد بن عمر: لما قتل مصعب المختار ملك الكوفة والبصر ة.
    أخبار متفرقة
    وحج بالناس في هذه السنة عبد الله بن الزبير. وكان عامله على الكوفة مصعبا. وقد ذكرت اختلاف أهل السير في العامل على البصرة.
    وكان على قضاء الكوفة عبد الله بن عقبة بن مسعود، وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة، وبالشام عبد الملك بن مروان.
    وكان على خراسان عبد الله بن خازم السلمي.
    ثم دخلت سنة ثمان وستين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأمور الجليلة

    فمن ذلك ما كان من رد عبد الله أخاه مصعبا إلى العراق أمير،ا وقد ذكرنا السبب في رد عبد الله أخاه مصعبا إلى العراق أميرا بعد عزله إياه، ولما رده عليها أميرا بعث مصعب الحارث بن أبي ربيعة على الكوفة أميرا، وذلك أنه بدأ بالبصرة مرجعه إلى العراق أميرا بعد العزل، فصار إليها.
    ذكر الخبر عن رجوع الأزارقة من فارس إلى العراق

    وفي هذه السنة كان مرجع الأزارقة من فارس إلى العراق حتى صاروا إلى قرب الكوفة، ودخلوا المدائن.
    ذكر الخبر عن أمرهم ومسيرهم ومرجعهم إلى العراق
    ذكر هشام عن أبي مخنف قال: حدثني أبو المخارق الراسبي، أن مصعبا وجه عمر بن عبيد الله بن معمر على فارس أميرا، وكانت الأزارقة لحقت بفارس وكرمان ونواحي أصبهان بعد ما أوقع بهم المهلب بالأهواز، فلما شخص المهلب عن ذلك الوجه ووجه إلى الوصل ونواحيها عاملا عليها، وعمر بن عبيد الله بن معمر على فارس، انحطت الأزارقة مع الزبير بن الماحوز على عمر بن عبيد الله بفارس، فلقيهم بسابور، فقاتلهم قتالا شديدا، ثم إنه ظفر بهم ظفرا بينا، غير أنه لم يكن بينهم كثير قتلى، وذهبوا كأنهم على حامية، وقد تركوا على ذلك المعركة.
    قال أبو مخيف: فحدثني شيخ للحي بالبصرة، قال: إني لأسمع قراءة كتاب عمر بن عبيد الله:
    بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإني أخبر الأمير أصلحه الله أني لقيت الأزارقة التي مرقت من الدين واتبعت أهواءها بغير هدى من الله فقاتلتهم بالمسلمين ساعة من النهار أشد القتال. ثم إن الله ضرب وجوههم وأدبارهم، ومنحنا أكتافهم، فقتل الله منهم من خاب وخسر، وكلٌّ إلى خسران، فكتبت إلى الأمير كتابي هذا وأنا على ظهر فرسي في طلب القوم، أرجو أن يجُذَّهم الله إن شاء الله، والسلام.
    ثم إنه تبعهم ومضوا من فورهم ذلك حتى نزلوها إصطخر، فسار إليهم حتى لقيهم على قاطرة طَمَستان، فقاتلهم قتالا شديدا، وقُتل ابنه، ثم إنه ظفر بهم، فقطعوا قنطرة طمستان، وارتفعوا إلى نحو من أصفهان وكرمان، فأقاموا بها حتى اجتبروا وقووا، واستعدوا وكثروا، ثم أقبلوا حتى مرور بفارس وبها عمر بن عبيد الله بن معمر، فقطعوا أرضه من غير الوجه الذي كان فيه أخذوا على سابور، ثم خرجوا على أرجان، فلما رأى عمر بن عبيد الله أن قد قطعت الخوارج أرضه متوجهة إلى البصرة خشي ألا يحتملها له مصعب بن الزبير، فشمر في آثارهم مسرعا حتى أتى أرجان، فوجدهم حين خرجوا منها متوجهين قبل الأهواز، وبلغ مصعبا إقبالهم، فخرج فعسكر بالناس بالجسر الأكبر، وقال: والله ما أدري ما الذي أغنى عني أن وضعت عمر بن عبيد الله بفارس، وجعلت معه جندا أجري عليهم أرزاقهم في كل شهر، وأوفيهم أعطياتهم في كل سنة، وآمر لهم من المعاون في كل سنة بمثل الأعطيات، تقطع أرضه الخوارج إلي! وقد قطعت علته فأمددته بالرجال وقويتهم، والله لو قاتلهم ثم فر كان أعذر له عندي، وإن كان الفار غير مقبول العذر، ولا كريم الفعل.
    وأقبلت الخوارج وعليهم الزبير بن الماحوز حتى نزلوا الأهواز، فأتتهم عيونهم أن عمر بن عبيد الله في أثرهم، وأن مصعب بن الزبير قد خرج من البصرة إليهم، فقام فيهم الزبير فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن من سوء الرأي والحيرة وقوعكم فيما بين هاتين الشوكتين، ونهضوا بنا إلى عدونا نلقهم من وجه واحد. فسار بهم حتى قطع بهم أرض جوخى، ثم أخذ على النهروانات، ثم لزم شاطئ دجلة حتى خرج على المدائن وبها كردم بن مرشد بن نجبة الفزاري، فشنوا الغارة على أهل الدائن، يقتلون الولدان والنساء والرجال، ويبقرون الحبالى، وهرب كردم، فأقبلوا إلى سباط فوضعوا أسيافهم في الناس، فقتلوا أم ولد لربيعة بن ماجد، وقتلوا بُنانة ابنة أبي يزيد بن عاصم الأزدي، وكانت قد قرأت القرآن، وكانت من أجمل الناس، فلما غشوها بالسيوف قالت: ويحكم، هل سمعتم بأن الرجال كانوا يقتلون النساء! ويحكم، تقتلون من لا يبسط إليكم يدًا ولا يريد بكم شرا، ولا يملك لنفسه نفعا! أتقتلون من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين! فقال بعضهم: اقتلوها، وقال رجل منهم: لو أنكم تركتموها! فقال بعضهم: أعجبك جمالها يا عدو الله! قد كفرث وافتتنت، فانصرف الآخر عنهم وتركهم، فظننا أنه فارقهم، وحملوا عليها فقتلوها، فقالت رَيطة بنت يزيد: سبحان الله! أترون الله يرضى بما تصنعون! تقتلون النساء والصبيان ومن لم يذنب إليكم ذنبا! ثم انصرفت وحملوا عليها وبين يديها الرواغ بنت إياس بن شريح الهمداني، وهي ابنة أخيها لأمها، فحملوا عليها فضربوها على رأسها بالسيف، ويصيب ذباب السيف رأس الرواغ فسقطتا جميعا إلى الأرض، وقاتلهم إياس بن شريح ساعة، ثم صرع فوقع بين القتلى، فنزعوا عنه وهم يرون أنهم قد قتلوه، وصرع منهم رجل من بكر بن وائل يقال له: رزين بن المتوكل.
    فلما انصرفوا عنهم لم يمت غير بنانة بنت أبي يزيد، وأم ولد ربيعة بن ناجد، وأفاق سائرهم، فسقى بعضهم بعضا من الماء، وعصبوا جراحاتهم ثم استأجروا دواب، ثم أقبلوا نحو الكوفة.
    قال أبو مِخْنَف: فحدثني الرواع ابنة إياس، قالت: ما رأيت رجلا فط كان أجبن من رجل كان معنا وكانت معه ابنته، فلما غشينا ألقاها إلينا وهرب عنها وعنا، ولا رأينا رجلا قط كان أكرم من رجل كان معنا، ما نعرفة ولا يعرفنا، لما غُشينا قاتل دوننا حتى صرع بيننا، وهو رُزين بن المتوكل البَكري، وكان بعد ذلك يزورنا ويواصلنا. ثم إنه هلك في إمارة الحجاج، فكانت ورثته الأعراب، وكان من العباد الصالحين.
    قال هشام بن محمد -وذكره عن أبي مخنف- قال: حدثني أبي عن عمه أن مصعب بن الزبير كان بعث أبا بكر بن مخنف على إستان العال، فلما قدم الحارث بن أبي ربيعة أقصاه، ثم أقره بعد ذلك على عمله السنة الثانية، فلما قدمت الخوارج الدائن سرحوا إليه عصابة منهم، عليها صالح بن مِخراق، فلقيه بالكرخ فقاتله ساعة، ثم تنازلوا فنزل أبو بكر ونزلت الخوارج، فقُتل أبو بكر ويسار مولاه وعبد الرحمن بن أبي جِعال، ورجل من قومه، وانهزم سائر أصحابه، فقال سراقة بن مِرداس البارقي في بطن من الأزد:
    ألا يا لقومي للهموم الطوارق ** وللحدث الجاري بإحدى الصفائقِ
    ومقتل غِطريف كريم نِجارُهُ ** من المُقدِمين الذائدين الأصادق
    أتاني دوين الخف قتل ابن مخنف ** وقد غورت أولى النجوم الخوافق
    فقلت: تلقاك الإله برحمة ** وصلى عليك الله رب المشارق
    لحا الله قوما عَرَّدوا عنك بكرة ** ولم يصبروا للامعات البوارق
    تولوا فأجلوا بالضحى عن زعيمنا ** وسيدنا في المأزق المتضايق
    فأنت متى ما جئتنا في بيوتنا ** سمعت عويلا من عًوان وعاتق
    يبكين محمود الضريبة ماجدا ** صبورا لدى الهيجاء عند الحقائق
    لقد أصبحت نفسي لذاك حزينة ** وشابت لِما حمّلتُ في مفارقي
    قال أبو مخنف: فحدثني حدرة بن عبد الله الأزدي، والنضر بن صالح العبسي، وفضيل بن خديج، كلهم أخبرنيه أن الحارث بن أبي ربيعة الملقب بالقباع أتاه أهل الكوفة، فصاحوا إليه وقالوا له: اخرج فإن هذا عدو لنا قد أظل علينا ليست له تقية، فخرج وهو يكد كدا حمى نزل النخيلة، فأقام بها أباما، فوثب إليه إبراهيم بن الأشتر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإنه سار إلينا عدو ليست له تقية، يقتل الرجل والمرأة والمولود، ويخيف السبيل، ويخرب البلاد، فانهض بنا إليه، فأمر بالرحيل - فخرج فنزل دير عبد الرحمن، فأقام فيه حتى دخل إليه شبث بن ربعي، فكلمه بنحو مما كلمه به ابن الأشتر، فارتحل ولم يكد، فلما رأى الناس بطء سيره رجزوا به فقالوا:
    سار بنا القطاع سيراه نكرا ** يسير يوما ويقيم شهرا

  • صفحة 4 من 19 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 107
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 09:12 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(تكملة الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 50
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 06:18 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1