باب في المنطق
قال الذين فَضلوا المنطقَ: إنما بُعثَت الأنبياء بالكلام ولم يُبْعثوا بالسُّكوت. وبالكلام وُصِف فَضْل الصَّمت ولم يُوصف القولُ بالصمت وبالكلام يُؤْمر بالمعروف وينْهى عن المُنْكر ويُعظَّم اللهّ ويُسبَّحِ بحمده " والبيان من الكلام هو الذي مَنَّ الله به على عِباده فقال: " خَلَقَ الإنْسَان عَلَّمَهُ البَيَان ". والعِلْم كلُّه لا يُؤدِّيه إلى أَوْعية القُلوب إلا اللسان فنَفْع المنطق عام لقائله وسامعه " ومن بلّغه " ونَفْع الصمتِ خاص بفاعله. وأَعْدلُ شيء قِيل في الصمت والمَنْطق قولهم: الكلامُ في الخير كلِّه أفضلُ من الصمت والصمت في الشرِّ كلّه أفضلُ من الكلام. وقال عبد الله المُبارك صاحبُ الرقائق يَرْثي مالكَ بن أَنس المَدَنيّ: صَمُوتٌ إذا ما الصمتُ زَيَّنَ أَهلَه وفَتِّاق أبكار الكلام المُخَتَّم وَعَى ما وَعَى القرآنُ من كلِّ حِكْمَة وسِيطَت له الآدابُ باللحم والدَّم وقال عمرُ بن الخطّاب: ترْك الحركة غَفْلة. وقال بكرُ بن عبد الله المُزنيّ: طُول الصمت حبُسْة. وقالوا: الصمتُ نَوْم والكلام يَقَظة. وقالوا: ما شيء ثًني إلا قَصرُ إلا الكلام فإنه كلما ثُني طال. " وقال الشاعر: الصمت ُشيمته فإنْ أبْدَى مَقاَلاً كان فَصْلاَ أَبدَى السكوتَ فإن تك - لم لم يَدَعْ في القول فَضْلا " محمدُ بن سِيرين قال: ما رأيتُ عَلَى آمرأة أجملَ من شَحم ولا رأيتُ عَلَى رَجُل أجمل من فصاحة. وقال اللهّ تبارك وٍ تعالى فيما حكاه عنِ نبيّه موسى وآستيحاشه بعدم الفصاحة: " وَأخي هرُون هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناَ فَأرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءَا يُصَدِّقُني ". آفات المنطق تكلّمَ ابن السماك يوماً وجارية له تسمع كلامه فلما دخل قال لها: كيف سمعت كلامي قالت: ما أحسنه لولا أنك تردده قال: أردّده ليفهمه من لم يفهمه قالت: إلى أن يفهمه من لم يفهمه يملّه من فَهِمَه. " الأصمعي قال ": قال مُعاوية يوماً لجلسائه: أيّ الناس أفصح فقال رجلٌ من السِّماط: يا أميرَ المؤمنين قوم قد ارتفعوا عن رُتَّة العراق وتياسَرُوا عن كَشْكشة بكر وتيامَنُوا عن: شَنْشَنة تَغْلب ليس فيهم غَمْغمة قُضاعة ولا طمطمانيّة حِمْير. قال: مَن هم قال: قومُك يا أميرَ المؤمنين قُريش قال: صدقتَ فمن أنت قال: مِن جَرْم قال الأصمعيّ: جَرْم فُصْحَى الناس. قال أبو العباس محمد بن يزيد النَحويّ.
التَمتمة في المنطق
التردُّد في التاء والعُقْلة: هي التواء اللسان عند إرادة الكلام والحُبْسة: تعذُر الكلام عند إرادته واللفف: إدخالُ حَرْف في حَرْف والرُّتة: كالرتَج تمنُع أول الكلام فإِذا جاء منه شيء اتصل به". والغَمْغمة: أن تسمع الصوت ولا يَبِين لك تقطيعُ الحروف. وأما الرَتة: فإنها تكون غريزية وقال الراجز: يأيُها المُخلّط الأرَتّ ويقال إنها تكثر في الأشراف. وأما الغَمْغمة: فإنها قد تكون من الكلام وغيره. لأنها صَوتُ من لا يُفهم تقطيع حرُوفه. قال عنترة: " وصاحبِ ناديته فغَمْغما يُريدُ لَبيك وما تكلَّما قد صار من خوف الكلام أَعْجما " والطمْطمة: أن يكون الكلام مُشْبِهاً لكلام العجم والُّلكنة: أن تَعْترض في الكلام اللغةُ الأعجمية - وسنفسِّر هذا حرفاً حرفاً وما قيل فيه إن شاء الله - واللَّثغة: أن يُعدَل بحَرْف إلى حَرْف والغُنّة: أن يُشرب الحرفُ صوتَ الخَيْشوم والخُنَة: أشد منها والزخيم: حَذْف الكلام والفأفأة: التردد في الفاء: يقال: رجل فأفاء تقديره فاعال ونظيره من الكلام ساباط وخاتام يامَيُّ ذات الجَوْرب المنشَقّ أخذتِ خاتامِي بغَير حَقِّ وقال آخر: ليس بفأفاء ولا تَمتّام ولا مُحبٍّ سَقَطَ الكلام وأما كشْكشة تميم: فإن بني عمرو بن تميم إذا ذَكرتْ كاف المؤنّث فوقفتْ عليها أبدلت منها شينا لقُرب الشين من الكاف في المخرج وقال راجزُهم: هل لكِ أن تَنْتفعي وأنفعش فتُدْخلين الَلذْ معي في الَّلذْ مَعَش وأما كسكسة بكر. فقوم منهم يُبدلون من الكاف سينا كما فعل التميميون في الشين. وأما طمطمانية حِمْير: ففيها يقول عَنترة: تَأوي له قُلُص النَّعام كما أوَتْ حِزَقٌ يمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِم وكان صُهيب أبو يحيى رحمه الله يَرْتضخ لُكْنة روميّة. وقال رسول الله : صُهيب سابق الروم. وكان عبيد الله بن زياد يرتضخُ لكنة فارسية مِن قِبل زوج أُمه شيرويه الأسواريّ. وكان زياد الأعجم وهو رجل من بني عبد القيس. يَرْتضخ لكنة أعجمية وأنشد المُهلّبَ في مَدْحه إياه: بريد السلطان - وذلك أن بين التاء والطاء نسباً لأن التاء من مخرج الطاء. وأما الغُنة فتُستحسن من الجارية الحديثة السن. قال ابن الرّقاع " في الظبية ": تُزْجِي أَغَنّ كأن إبرةَ رَوْقه قلمٌ أصابَ من الدَّواة مِدَادها وقال ابن المُقَفّع: إذا كثر تَقْلِيب الِّلسان رقّت حواشيه ولانت عَذَبته. وقال العتّابي: إذا حُبس اللسانُ عن الاستعمال اشتدَّت عليه مخارج الحروف. وقال الراجز: كأن فيه لفَفَا إذا نطق من طُول تَحْبِيس وهمّ وأرَقْ
باب في الإعراب واللحن
أبو عُبَيدة قال: مَرً الشِّعبيُّ بقَوْم من المَوالي يَتذاكرون النحوَ فقال لهم: لئن أَصْلحتموه إنكم لأوَّل من أفسده. قال أبو عُبيدة: ليته سَمِع لحنَ صَفْوان وخالد بن صَفْوان وخاقان والفتح بن خاقان والوليدِ بن عبد الملك. وقال عبد الملك بن مروان: اللحنُ في الكلام أقبح من التَّفتيق في الثوب والجُدَريّ في الوجه. وقيل له: لقد عَجِل عليك الشيبُ يا أميرَ المؤمنين قال: شَيَّبنى ارتقاءُ المنابر وتوقع اللحن. وقال الحجَّاج لابن يَعْمَر: أتَسمعني ألحن قال: لا إلاّ أنه ربما سَبَقكَ لسانُك ببعضه في آن وآن قال: فإذا كان ذلك فعَرِّفني. وقال المأمون لأبي عليّ المعروف بأبي يَعْلى المِنْقريّ: بلغني أنك أُمِّيّ وأنك لا تقيم الشِّعر وأنك تَلحن في كلامك فقال: يا أميرَ المؤمنين أمّا الَّلحن فربما سَبَقني لساني بالشيء منه وأما الأمِّيَّة وكَسْر الشعر فقد كان النبي أًمّياً وكان لا يُنشد الشعر قال المأمون: سألتُك عن ثلاثة عيوب فيك فزدْتني عَيباً رابعاً وهو الجهل ياجاهل إنّ ذلك
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
في النبي فضيلة وفيك وفي أمثالك نَقيصة وإنما مُنع ذلك النبي لنَفْي الظِّنَّة عنه لا لِعَيب في الشِّعر والكتاب وقد قال تبارك وتعالى: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذَا لارْتَابَ اْلمُبْطِلُونَ ". وقال عبدُ الملك بن مروانً: الإعراب جمالٌ للوَضِيع واللحن هُجْنة على الشَّرِيف. وقال: تَعلَّموا النحوَ كما تتعلّمون السًّنن والفرائض. وقال رجلٌ للحسن: إنَّ لنا إماماً يلحن قال: أمِيطوه " عنكم فإن الإعراب حِلْية الكلام ". وقال الشاعر: النَّحوُ يَبْسُط من لسان الأَلْكن والمرءُ تُكْرمه إذا لم يَلْحَنِ فإذا طلبتَ من العُلوم أَجلَّها فأَجلُّها منها مُقِيم الألسن وقال آخر: النَّحو صَعْب وطويل سُلًمه إذا ارتقى فيه الذي لا يَعْلمُهْ زَلَّتْ به إلى الحَضِيض قَدَمُه يُريدُ أن يُعْربه فَيُعْجِمه وقال رجل للحسن: يا أبو سَعِيد فقال: أحْسَبُ أنّ الدَّوانِق شَغَلتْك عن أن تقول: يا أبا سعيد. وكان عمرُ بنُ عبد العزيز جالساً عند الوليد بن عبد الملك وكان الوليد لَحَّاناً فقال: ياغلام ادعُ لي صالح فقال الغلام: ياصالحا قال له الوليد: انُقص ألفاً فقال عمر: وأنت يا أميرَ المؤمنين فزِدْ ألفاً. ودخل على الوليد بن عبد الملك رجلٌ من أشراف قُريش فقال له الوليد: من خَتَنَك قال له: فلانٌ اليهودي فقال: ما تقول ويحك! قال: لعلّك إنما تَسْأل عن خَتَني يا أمير المؤمنين هو فلان بن فلان. وقال عبدُ الملك بن مروان: أضرّ بنا في الوليد حُبُّنا له فلم نُلْزمه البادية. وقد يَستثقل الإعرابُ في بعض المواضع كما يستخفّ اللحنُ في بعضها. وقال مالك بن أسماء بن خارجة الفَزاريّ: منطقٌ بارعٌ وتَلحنُ أحيا ناً وخير الحديث ما كان لحنا وذلك أنه من حَكى نادرةً مُضحكة وأراد أن يُوفِّي حروفها حظَّها من الإعرِاب طَمس حُسنها وأَخرجها عن مِقدارها ألا ترى أن مُزَبِّدا المَدِينيّ أكل طَعاماَ فكظَّه فقيل له: أَلا تَقِي قال: وما أَقي خبز نقي ولحم طَرِي مَرَتي طالق لو وَجدت هذا فيئاً لأكلته. قال: وكذلك يُستقبح الإعراب في غير موضعه كما استُقبح من عيسى بن عمر إذ قال وابن هُبيرة وحُكي عن بعض المغربين في الَّلحن أن جارية له غنّته: إذا ما سَمعتُ اللومَ فيها رفضته فَيَدْخل من أُذْنٍ ويَخرج مِن أُخرَى فقال لها: مِن أُخرِى يا فاعلة أما علّمتِكٍ أن " من " تَخفض. وقال رجل لشُرَيح: ما تقول في رجل توفي وترك أباه وأخيه فقال له: أباه وأخاه فقال: كم لأباه وأخاه قال لأبيه وأخيه قال: أنت علّمتني فما أصْنَع وقال بعضُ الشعراء وأَدرك عليه رجل من المُتفصّحين يقال له حَفْص لحناً في شِعْره وكان حَفْص به اختلاف في عَينيه وتَشويه في وجهه فقال فيه: لقد كان في عَينيك يا حَفْصً شاغلٌ وأنفٌ كمِثْل الطَّود عما تَتَبَّع تَتَبّع لحناً من كلامٍ مُرَقَّش وخَلقْك مبْنيّ من اللَّحْن أَجمع فعينك إقواء وأنفك مكفأ ووجهك إبطاء فما فيك مرقع
باب في اللحن والتصحيف
وكان أبو حَنيفة لَحَّاناً على أنه كان في الفُتيا ولُطف النَظر واحدَ زمانه. وسأله رجل يوماً فقال له: ما تقول في رجل تناول صَخْرة فضرب بها رأسَ رجل فقَتله أتُقيده به قال: لا ولو وكان بِشْر المَرِيسيّ يقول لجلسائه: قَضى الله لكم الحوائج على أحسن الوجُوه وأهنؤها فسمع قاسم التَّمّار قوماً يَضْحكون فقال: هذا كما قال الشاعر: إنّ سليمى والله يَكْلؤها ضنَّت بشيء ما كان يَرْزَؤها وبِشر المَرِيسيّ رأْس في الرأْي وقاسم التَّمّار مُتقدم في أصحاب الكلام واحتجاجُه لبِشر أعجبُ من لَحْن بِشر. ودخل شَبِيب بن شَيبة على إسحاق بن عيسى يُعزِّيه عن طِفْل أُصِيب به فقال في بعض كلامه: أَصْلح الله الأمير إنّ الطفل لا يزال مُحْبنظيا على باب الجنة يقول: لا أدْخل حتى يَدخل أبواي قال إسحاق بن عيسى: سبحان الله! ماذا جئتَ به إنما هو مُحْبنطى أما سمعتَ قول الراجز: إني إذا أنشدتُ لا أَحبنطي ولا أُحِبُّ كثرةَ التمطِّي قال شَبيب: ألي يقال مثل هذا وما بين لا بتَيها أعلم مني بها فقال له إسحاق: وهذه أيضاً أللبصرةَ لابتان يالُكع فأبان بتَقريعه عَوَاره فأخجله فسكت. قوله المُحبنطي: المُمتنع امتناع طلب لا امتناع إباء وهو بالطاء غير معجمة ورواه شبيب بالظاء المعجمة. وقوله ما بين لا بتَيْها خطأ إذ ليس للبصرة لابتان وإنما اللابة للمدينة نوادر من الكلام يقال: ماء نُقاخ
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
للماء العذب وماء فُرات وهو أعذب العذب وماء قُعَاع وهو شديد المُلوحة وماء حُراق وهو الذي يَحرق من مُلوحته وماء شرُوب وهو دون العَذب قليلاً وماء مَسُوس وهو دون الشَرُوب وماء شَريب وهو العذب. اجتمع المُفضَّل الضّبي وعبدُ الملك بن قرَيب الأصمعي فأنشد المُفضل: تُصْمت بالملك تَوْلباً جَذَعا فقال له الأسمعي: تولباً جَدِعاً والجَدِع: السيء الغذاء. فضَجَّ المفَضّل وأَكثر فقال له الأصمعي: لو نَفخت في الشَّبُّور ما نفعك تكلّم بكلام الئمل وأَصِب. وقال مروان بن أبي حَفْصة في قوم من رُواة الشعر لا يعَلمون ما هو على كثرة استكثارهم من روايته: زَوامل للأشعار لا عِلْم عندهم بجيِّدها إلاِّ كعِلْم الأباعرِ لَعمرك ما يَدْري البَعير إذا غدا بأوْساقه أو راح ما في الغرائر
باب نوادر من النحو
وإنَّ كِلاباً هذه عَشْر أَبطُنٍ وأنت بَرِىء من قَبائلها العَشْرِ قال: فجعلتُ أعجب من قوله عَشْرَ أَبطُن " حيث أنث لأنه عَنَى القبيلة " فلما رأَى عَجبي قال: أليس هكذا قولُ الآخر: وكان مِجَنّي دون من كنتُ أَتَّقي ثلاثُ شُخوص كاعبان ومُعْصرُ وقال أبو زيد قلتُ للخليل: لم قالوا في تَصْغير واصل: أو يصل ولم يقولوا وُوَيصل قال: كرهوا أن يُشبه كلامُهم بنبح الكلاب. وقال أبو الأسود الدُّؤَلي: من العرب من يقول: لولاى لكان كذا وكذا. وقال الشاعر: وكم مَوطنٍ لولاي طِحْتَ كما هَوي بأَجْرامه من قنّة النِّيق مُنْهوِي وكذلكَ لولا أنتم ولولاكم ابتداءٌ وخبره محذوف. وقال أبو زيد: وراء وقُدَّام لا يصرفان لأنهما مؤنثان وتَصغير قدَّام قُدَّيْدمة وتصغير وراء وُرَيِّئة وقدَّام خمسة أحرف لأن الدال مشدَّدة: فأسقطوا الألف لأنها زائدة ولئلا يُصغر اسم على خمسة أحرف. أبو حاتم قال: يقال أمٌّ بيِّنة الأمومة: وعمٌّ بين العُمومة. ويقال: مَأموم إِذ شُج أم رأسه. ورجل مَمُوم: إذأ أصابه المُوم. وقال المازنيّ. يقال في حَسب الرجل أُرْفة ووَصمة وابنة وكذلك يقال للعصا إذا كان فيها عيب. ويقال: قذِيَت عينهُ إذا أصاجها الرَّمد. وقد يقال في التقديم والتأخير مثلُ قول الشاعر: شَرَّ يوميها وأغواه لها رَكِبتْ عَنْز بحِدْج حَملاَ يريد: ركبت عَنْز " بحِدْج جملا في شرِّ يوميها: نصب لأنه ظرف. وقد يُسمى الشيء باسم الشيء إذا جاوره. قال الفرزدق: أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ قوله: لنا قَمراها: يريد الشمس والقمر. وكذلك قولُ الناس في العُمرين: أبي بكر وعمر. الرِّياشي: يقال أخذ قِضِّتها وكُعْبتها إذا أخذ عُذرتها. قال أبو عُبيدة: المَعيون الذي ليس له منظر ولا مخبر والمَعين - الذي قد أصيب بالعين. والمعين: الماء الظاهر. أبو عُبيدة قال: سمعت رُؤبة يقول: أباريق يريد على الريق. الأصمعي قال: لقي أبو عمرو بن العلاء عيسى بن عمر. فقال له: كيف رَحْلك قال: ما تزداد إلا مثَالة قال: فما هذه المَعيوراء التي تَرْكض يريد ما هذه الحمير التي تَركب. قال الأصمعي: إنما يُقال: اقرأ عليه السلام. وأنشد: اقرأ على عَصْر الشَّباب تحية وإذا لقيتَ دداً فَقطْنى من دَدِ وقال الفرزدق: وما سبق القيسيُّ من ضَعف عَقله ولكن طَفَت عَلْماء قُلْفة خالدِ " أراد: على الماء فحذف ". وهذا آخر كتاب سيبويه. وقال بعض الورَّاقين: رأيتُ يا حمَّاد في الصَّيد أرانباً تؤخذ بالأيْدِي إن ذَوي النَّحو لهم أنفسٌ مَعروفة بالمَكْر والكيد يَضرب عبد الله زيداً وما يُريد عبد الله من زيد وأنشد أبو زيد الأنصاري: يا قرطَ قُرْطَ حُيَيّ لا أبالكمُ ياقُرطُ إنّي عليكم خائفٌ حَذرُ قُلتُمٍ له اهجُ تَميماً لا أبا لكم في فَم قائِل هذا التُّرابُ والحَجَر فإن بيتَ تميم ذو سمعتَ به بيتٌ به رَأست في عِزِّها مُضر ذو هنا في مكان الذي لا يتغيّر عن حاله في جميع الإعراب. وهذه لغة طيء تجعل ذو في مكان الذي. حُبًّ المُدَامة ذو سمعتَ به لم يُبق فيّ لغيرها فَضلاَ وبعضُ العرب يقول: لا أباك في مكان لا أبا لك " ولأن أبا لك " مضاف. لذلك بقيت الألف ولو كانت غير مُعربة لقلت: لا أبَ لك بغير ألف: وليس في الإضافة شيء يُشبه هذا لأنه حالَ بين المُضاف والمضاف إليه وقال الشاعر: أبالموت الذي لا بدُ أني مًلاقٍ لا أباكِ تُخَوِّفينِي وقال آخر: وقد مات شَمَّاح ومات مُزَرِّد وأَيّ كريم لا أباكِ يُخلَّدُ وأنشد
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الفرَّاء لابن مالك العُقيليّ: إذا أنا لم أُومَن عليك ولم يَكُن لقاؤُك إلا من وراءُ وراءُ هذا مثل قولهم: بين بين. وقال محمود الوراق: مزَج للصدودُ وصالهنّ فكان أمراً بَيْنَ بَيْنَ وقال الفرزدق: وإذا الرّجال رأوا يزيدَ رأيتهم خُضُعَ الرِّقاب نواكسَ الأبصارِ قال أبو العبّاس محمد بن يزيد النَّحويّ: في هذا البيت شيء مُسْتطرف عند أهل النَّحو. وذلك أنه جمع فاعل على فواعل وإذا كان هكَذا لم يكن بين المُذكر والمُؤنث فَرْق لأنك تقول: ضاربة وضوارب ولا يقال في المذكر فواعل إلا في موضعين وذلك قولهم: فوارس وهوالك ولكنّه اضطر في الشّعر فأخرجه عن الأصل ولولا الضرورة ما جاز له. وقال أبو غَسَّان " رَفيع بن سَلَمة " تلميِذ أبي عُبيدة " المعروف بدَمَاذ يخاطب أبا عثمان النحويَّ المازنيّ ": تَفكَّرْتُ في النَّحو حتى مَلِل تُ وأَتعبتُ نفسي له والبَدنْ وأتعبْت بَكْراً وأصحابَه بكلّ المَسائل في كلّ فَن سِوَى أنَّ باباً عليه العَفا ءُ لِلْفاء ياليتَهُ لم يَكُن فكنتُ بظاهره عالماً وكنتُ بباطِنه ذا فَطَن وللواو بابٌ إلى جَنْبه من المَقْت أحسبُهُ قد لُعن إذا قلتُ هاتُوا لما يُقا ل لستُ بآتيك أو تَأتين " أَجِيبُوا لما قِيلَ هذا كذا على النَّصب قالُوا لإضمارِ أن وما إنْ رأيتُ لها مَوْضعاً فأَعْرفَ ما قِيلَ إلاّ بفن
باب في الغريب والتقعيب
دخل أبو عَلْقمة على أَعْينَ الطبيب فقال: أصلحك الله أَكلتُ من لحوم هذه الجَوازل وطَسِئْت طَسْأَة فأصابني وَجَعٌ بين الوابلة ودأية العُنق فلم يزل يَنْمو ويَرْبُو حتى خالَطَ الخِلْب والشَّراسيف فهل عندك دواء قال: نعم خذ خَرْبَقاً وسلفقاً وشِبْرقاً فزَهْزِقه " وزَقْزقه " و اغسله بماء ذَوْب واشربه فقال له أبو عَلقمة: لم أفهمكَ فقال: ما أفهمتُك إلاَّ كما أَفهمتني. وقال له مرّة أُخرى: إني أجد مَعْمعة وقَرْقرة فقال: أمّا معمعة فلا أعرفها وأما القرقرة: فضُراط لم يَنْضَج. وقال أبو الأسوَد الدّؤلي لأبي عَلْقمة: ما حال ابنك قال: أخذته الحمَّى فطَبَختْه طبخاً ورَضَخته رَضْخاً " وفَتَخته فَتْخاً " فتركته فَرْخاً قال: فما فعلت زوجتُه التي كانت تُشارّه وتُهارّه وُتمارّه وتزارّه قال: طَلَّقها. فتزوَّجت بعده فَحَظِيت وبظَيت فقال له: قد عَرفنا " حَظِيت " فما " بظَيت " قال: حرف من الغريب لم يَبْلغك فقال: يابن أخي كل حَرْف لا يعرفه عمُّك فاستره كما تَستر السِّنور خُرْأها. ودعا أبو عَلْقمة بحَجَّام يَحْجِمهُ فقال له: أنْقِ غَسْلَ المحاجم واشدُد قصب المَلازم وأرْهف ظُبات المشَارِط وأسْرع الوضْع وَعجِّل النَّزع ولْيكُن شَرْطُكم وَخْزا ومَصَّك نَهْزا ولا تَرُدَّن آتياَ ولا تُكْرِهن آبياً. فوضع الحجّام مَحاجمه في جُونته ومضى عنه. وسَمِع أعرابيّ أبا المَكْنون النَّحوي " في حَلْقته " وهو يقول في دعاء الاستسقاء: اللهم ربنا وإلهنا ومولانا فصلِّ على محمد نبيّنا " اللهم " ومن أراد بنا سُوءا فأحِطْ ذلك السوء به كإِحاطة القلائد بأعناق الولائد ثم أَرْسخه على هامَتِه كرسُوخ السِّجِّيل على هام أصحاب الفيل اللهم اسقنا غَيْثاً مُغيثا " مَرِيئا " مَرِيعا مُجلْجلا مُسْحَنفرا " هَزِجا " سَحَّا سفُوحا طَبَقا غَدقا مُثْعَنْجرا ناقعا لعامَّتنا وغيرَ ضار لخاصَّتنا. فقال الأعرابيّ: يا خليفة نوح هذا الطًّوفان وربِّ الكعبة دعني حتى آوي إلى جَبَل يَعْصمني من الماء. وسَمعه مرة أخرى يقول في يوم برد: إن هذا يوم بلّة عَصبْصب بارد هِلَّوْف فارتعد الأعرابي وقال: والله هذا مما يَزيدني بردا. وخطب أبو بكر المَنْكور فأغرب في خُطبته وتقَعَّر في كلامه وعند أصل المِنبر رجلٌ من أهل الكوفة يقال له حَنش فقال لرجل إلى جَنبه: إني لأبغض الخطيب يكون فَصيحاً بليغاً مًتَقعِّراً. وسمعه أبو بكر المنكور الخطيبُ. فقال له: ما أحوجك يا حنش إلى مُدَحْرج مَفْتول لي الجلاز لَدْن المَهزّة عظيم
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)